پوليزيانو

عودة للموسوعة

پوليزيانو

پوليزيانووپييروده مديتشي، بريشة دومنيكوگيرلاندايو، في مصلى ساسـِتي، سانتا ترينيتا، فلورنسا.

أنجلوأمبروجيني Angelo Ambrogini المشهور بكنيته، التي تؤنگل إلى پوليتيان Politian، الإيطالية پوليزيانو Poliziano، اللاتينية پوليتيانوس Politianus (من مسقط رأسه، مونته‌پولچيانو، باللاتينية مونز پوليتيانوس Mons Politianus) (عاش 14 يوليو1454 - 24 سبتمبر 1494) كان باحثاً كلاسيكياً وشاعراً فلورنسياً إيطالياً، وأحد محيي اللاتينية الإنسانية. وقد استخدم قصيدته التعليمية مانتوManto، المكتوبة في عقد 1480، كمقدمة لمحاضراته عن ڤرجيل.

السيرة

أفاد أدباء فلورنسا من عونه ومثلهن فأخذوا يزيدون في جميع يوم ما يخطونه باللغة الإيطالية، وأخرجوا على مهل اللغة التسكانية الأدبية التي أضحت نموذجاً ومثلاً تحتذيه شبه الجزيرة كلها. ويصفها فاركي Varchi المتحمس لوطنيته: » بأنها ليست أحلى واغنى لغات إيطاليا وأكثرها ثقافة فحسب، بل إنها تفوق في هذا كله جميع اللغات المعروفة في هذه الأيم(12)«.

وبنما كان لورنزويحيي الأدب الإيطالي، كان في الوقت عينه يواصل في جد وحماسة مشروعا جده فيجمع كا ما يستطيع من الخط الأدبية اليونانية والرومانية القديمة ليفيد منها الفهماء في فلورنس. من ذلك أنه بعث بوليتيان وجون لاسكارس John Lascaris إلى كثير من المدن في إيطاليا وخارجها لشراء المخطوطات القديمة، وقد اتى لاسكارس من دير واحد عند جبل آثوس بمائتي مخطوط، منها عشرون لم تكن معروفة حتى ذلك الوقت في أوربا الغربية. ويقول بوليتيان إذا لورندسوكان يود لوجاز له بأن ينفق جميع ثروته، بل ويرهن أثاث بيته ليبتاع الخط. وكان يستأجر النساخين لينسخوا له ما لا يستطيع شراءه من المخطوطات، ويجيز في نظره ذلك لغيره من المولعين بجمع الخط أمثال ماثياس كورڤينوس Matthias Corvinus ملك المجر وفد ريجوFederigo دوق أربينوحتى يرسلوا نساخين من عندهم ليعيدوا نسخ ما في مخطة آل ميديتشي من مخطوطات.. وقد ضمت هذه المجموعة بعد موت لورنزوإلى المجموعة الأخرى التي وضعها كوزيمومن قبل في دير سان ماركو، وكانت المجموعتان تضمان في عام 1495 تسعة وثلاثين والف مجلد منها ستون وأربعمائة باللغة اليونانية. وخطط ميكل أنجلوفيما بعد داراً فخمة لهذه الخط، وأطلق عليها الخلف أسم لورندسوفسماها المخطة اللورنتيانية Bibliotheca Laurentiana. ولما أنشأ برناردوتشينيني Bernardo Cennini مطبعة في فلورنس (1471)، لم يسخر لورندسومن الفن الجديد، كما سخر منه صديقه بوليتيان أوفد ريجودوق أربينو، بل يظهر حتى ما يفترض أن يتمخض عنه نظام الحروف المتنقلة من إمكانيات، واستخدم الفهماء للقاءة النصوص المتنوعة حتى تطبع الخط القديمة بأعظم الدقة المستطاعة في ذلك الوقت. وشجع ذلك بارتولوميودي لبري Bartolommeo di Libri فطبع النسخة الأصلية من مؤلفات هومر (1488) برعاية العالم المدقق دمتريوس كلكنديلس Demetrius Chalcondyles، وكذلك أصدر جون لاسكارس النسخة الأصلية من مؤلفات يوربديز (1494)، والمختارات الشعرية اليونانية، ومؤلفات لوتشيان Lucian، وطبع كرستوفورولندينوCristoforo Landino أشعار هوراس (1482)، وڤرجيل، وپلني الأكبر، ودانته، وكانت لغة هؤلاء الثلاثة وإشاراتهم بحاجة في هذا الوقت إلى شيء من الإيضاح. وفي وسعنا حتى نستشف روح ذلك العصر إذا عهدنا حتى فلورنس كافأت كرستوفوروعلى أعماله الفهمية بأن أهدت إليه بيتاً فخماً.

وهرع الفهماء إلى فلورنسا بعد حتى أغراهم بذلك اشتهار آل مديتشي وغيرهم من أهل فلورنسا بما يغدقونه عليهم من الهبات، واتخذوا هذه المدينة عاصمة الثقافة الأدبية. وكان من هؤلاء الفهماء ڤسپازيانودا بستتشي Vespasiano da Bisticci الذي كان يعمل بائعاً للخط وأميناً للمخطات في فلورنسا، وإربينو، وروما، ثم ألف سلسلة بليغة محكمة في سير أعيان الرجال خلد فيها أسماء كتاب ذلك العصر وأنصار الفهم فيه. وأراد لورنزوحتى ينمي التراث الذهني للوع البشري وينقله إلى الأجيال القادمة فأعاد إلى الوجود الجامعة القديمة في بيزا والمجمع الفهمي الأفلاطوني في فلورنسا ووسع نطاقهما. ولم يكن مجمع فلورنس الفهمي كلية رسمية بل كان هيئة من الفهماء المولعين بفلسفة أفلاطون، يجتمعون في فترات غير منتظمة في قصر لورنزوبمدينة فلورنسا أوفي قصر فتشينوالريفي في كارِگي Careggi، ويطعمون معاً، ويقرءون بصوت عال محاورة من محاورات أفلاطون أوأجزاء منها، ثم يتناقشون فيما تحتويه من آراء فلسفية. وكان المجمع يحتفل باليوم السابع من نوفمبر، وهوالذي يزعمون حتى أفلاطون ولد ومات فيه، احتفالا لا يكاد يقل روعة ومهابة عن الاحتفالات الدينية، فكانوا يتوجون بالأزهار تمثالا نصفياً يعتقدون أنه تمثال أفلاطون، ويوقدون أمامه مصباحاً كما توقد المصابيح أما صور الآلهة. وقد اتخذ كرستوفورومن هذه الاجتماعات أساساً للحديث الخيالي الذي سماه جدل الكملدولينين Disputationes Camaldulenses (1468) وذكر فيه كيف من الممكن أن زار هووأخوه دير الرهبان الكملدولينين، والتقى فيه بالشابين لورنزووجوليانوده مديتشي، وليون باتستا ألبرتي وستة آخرين من علية أهل فلورنس، وكيف كانوا يضطجعون على الكلأ قرب عين ماء جارية، ويوازنون بين حياة المدينة المسرعة القلقة، وسكنى الريف الصحي الجميل، وبين حياة النشاط وحياة التأمل والتفكير، وكيف كان ألبرتي يمتدح حياة التفكير الريفي، بينما كان لورندسويقول إذا العقل الناضج يؤدي أكمل وظيفته ويجد أعظم ما يرضيه في خدمة الدولة وفي تجارة العالم(13). وكان بين من يحضرون مناقشات المجمع الفهمي الأفلاطوني بوليتيان، وبيكودلا ميرندولا ومرسيليوفيتشينوMarsilio Ficino وقد بلغ من إخلاص مرسيليوللمهمة التي ندبه لها كوزيموحتى خصص حياته كلها تقريباً لترجمة أفلاطون إلى اللغة اللاتينية، ولدراسة الأفلاطونية، وتعليمها، والكتابة عنها. وكان في شبابه وسيم الخلق إلى درجة جعلت عذارى فلورنسا يشغفن به حباً. ولكن عنايته بهن كانت أقل من عنايته بخطه، وقد ضل عن دينه وقتاً ما، وخيل إليه حتى الأفلاطونية أسمى من الدين قدراً، وكان يلقب طلابه »بأحبائه في أفلاطون« بدل »أحبائه في المسيح«(14)، وكان يحرق الشموع أمام تمثال نصفي لهذا الفيلسوف، ويمجده كما يمجد القديسين(15)، ولم تكن المسيحية وهوفي هذه النشوة تبدوله إلا أنها أحد الأديان الكثيرة التي تخفي كثيراً من عناصر الحق في طيات عقائدها المجازية وطقوسها الرمزية، وظل كذلك حتى ردته كتابات القديس أوغسطين، وشكر الله على شفائه من سقم خطير، إلى الإيمان بالدين المسيحي، وبلغ من شدة إيمانه حتى أصبح قسيساً حين بلغ سن الأربعين، ولكنه ظل مع ذلك متحمساً للأفلاطونية، يقول إذا سقراط وأفلاطون قد اتىا بعقيدة للتوحيد لا تقل نبلا عما اتى به أنبياء بني إسرائيل، وأنهما هما أيضاً ق هبط عليهما الوحي نزولا مصغراً، كما هبط في الواقع على جميع الناس الذين يخضعون لحكم العقل. وحذا لورنزووبعض الكتاب الإنسانيين حذوه فسعوا إلى تفسير الدين المسيحي تفسيراً يقبله الفيلسوف دون حتى يعملوا على استبدال دين حديث بهذا الدين. وظلت الكنيسة جيلاً من الزمان أوجيلين (1447-1534) تبتسم لهذه المخاطرة وتتسامح مع القائمين بها حتى اتى ساڤونارولا وشنع بها ونطق إنها خداع وتضليل. وكانت الشخصية الساحرة الجذابة التي لا يعلوعليها إلا لورنزونفسه هي شخصية الكونت جوفاني بيكودلا ميراندولا. وكان بوليتيان يعجب ببيكوإعجابا نبيلا كريماً، ويصحح شعره بعد حتى يقدم لذلك أجمل اعتذار. على حتى نجمه لم يلمع بالقوة والسرعة اللتين لمع بهما نجم بيكو، وإن كان أكثر منه نفاذاً إلى بواطن الأمور، وأعظم منه ثقافة وتهذيباً.

واتخذ أنجيلس باسوس Angèlus Bassus كما كان يسمى نفسه أول الأمر-أوأنجلوأمبروجيني Angelo Ambrogini كما كان يسميه بعضهم-اتخذ اسمه الذي اشتهر به اكثر من غيره من الأسماء من مونتي بولدسيانوMonte Poliziano في مؤخرة مدينة فلورنسا. ودرس اللاتينية بعد حتى قدم إلى فلورنسا على كرستوفورولندينوCristoforo Landino كما تفهم اللغة اليونانية على أندرونيكوس سالونيكا Andronicus Salonica، والأفلاطونية على فتشينو، وفلسفة أرسطوعلى أرجيروپولوس Argyropoulos. وبدأ وهوفي السادسة عسرة من عمره يترجم هوميروس إلى لغة يونانية قوية مليئة بالمصطلحات اللغوية إلى حد بدت معه وكأنها من أعمال العهد الفضي للشعر الروماني إذا لم تكن من عهده المضىي. ولما أتم ترجمة الكتابين الأولين بعث بالترجمة إلى لورندسو، فشجعه هذا الأمير- أمير أنصار الأدب والفن، اليقظ لكل ما يجده من جودة وامتياز-على الاستمرار في عمله، وأقامه في بيته واتخذه مفهماً خاصاً لأبنه بيرو، وأمده بكل ما يحتاجه. ولما تحرر بوليتيان بفضل هذا العون من جميع عوز أحذ ينشر النصوص القديمة ومن بينها قوانين جسفتيان وأظهر فيها من غزارة الفهم واصالة الحكم ما أكسبه ثناء العالم الأدبي كله. ولما نشر لندينوأشعار هوراس قدم لها بوليتيان بقصيدة تضارع في لغتها اللاتينية، وهجريب جملها، وأوزانها الشعرية المعقدة قصائد هوراس نفسه. وكان يستمع إلى محاضراته في الأدب القديم آل ميديتشي، وبيكودلا مير ندولا، وطلبة من الأجانب- رويتشلن، وگروسين Grocyn وغيرهما- بعد حتى ترددت فيما وراء الألب أصداء شهرته في العالم، والشعر، والخطابة بلغات ثلاثة. وكان من عادته في كثير من الأحيان حتى يبدأ محاضرته بقصيدة لاتينية طويلة يقرضها لتلك المناسبة خاصة، وكان من هذه القصائد قصيدة جزلة جميلة النغم سداسية الأوتاد تروي تاريخ الشعر من هوميروس إلى بوكاتشيو. وكشفت هذه القصيدة هي وغيرها من القصائد التي نشرها بوليتيان بعنوان السلفيات عن اسلوب لاتيني سهل، سلس، فياض، قوي الخيال إلى حد جعل الكتاب الإنسانيين ينادون به أميراً عليهم على الرغم من صغر سنه، وسرهم حتى اللغة النبيلة التي كانوا يأملون إعادتها قد فهمها بوليتيان تعليما بعث فيها الحياة من جديد. وقد جعل بوليتيان من نفسه محرراً لاتينياً من طراز الكتاب اللاتين الأقدمين، غير أنه مع ذلك أصدر في يسر وخصب إنتاج طائفة متتابعة من القصائد باللغة الإيطالية لا نجد لها نظيرا في جميع ما خط بين بترارك وأريوستو، فلما حتى فاز جوليانوأخولورنزوفي مثاقفة أقيمت عام 1475 وصف بوليتيان هذه المثاقفة في قصيدة مثمنة الأوتاد، رخيمة النغم، رشيقة العبارة، ثم امتدح في قصيدته سيمونتا الحسناء جمال حبيبة جوليانوالأرستقراطي بشعر بليغ عذب جعل شعر الغزل الإيطالي من ذلك الوقت ينمونمواً جديداً في رقة اللفظ وقوة الشعور. ويصف بوليتيان على لسان جوليانوخروجه إلى الصيد والتقائه بسيمونتا وغيرها من الفتيات يرقصن في الحقل فيقول:

من قصيدة سيمونـِتا الحسناء
وجدت الحورية الحسناء التي ألهبت قلبي بنار الحب

ذات مزاج لطيف، نقي، فطين تقف وقفة رشيقة،

يشع منها الحب والأدب، والقداسة، والحكمة، والظرف،

وجهها القدسي حلورقيق.

تفيض منه البهجة وتتمثل في عينيها السماويتين جنات الخلد؛

وكل ما نتمناه نحن الخلائق الفانين المساكين من نعيم؛

وقد أوفدت من رأسها الملكي وجبينها الوضاء

غدائر مضىية تساقط مسترسلة في بهجة وحبور؛

وأخذت الحسناء تسير بين المغنيين،

وقد انتظمت خطاها ونسقت على سقط الأنغام الشجية

وأوفدت إلىَّ من عينيها خلسة،

وهما لا تكادان ترتفعان عن بساط الحقل،

شعاعاً قدسياً مختلساً

وكأن شعرها قد دبت فيه الغيرة مني،

فسد طريق هذا الشعاع الوضاء وحجبه عن ناظري

ولكنها، وهي التي ولدت ونشأت في السموات العالي لتثني عليها الملائكة الكرام،

لم تكد ترى هذا الظلم حتى حملت بأنقى يد وأنصعها

غدائرها العاصية، وتبدت لي بطلعتها الرقيقة الحلوة،

ثم أوفدت من عينيها نظرة حادة ملتهبة

من نظرات الحب القوية، سقطت على عيني فألهبتها،

حتى لم أدر كيف من الممكن أن نجوت من الاحتراق بذلك اللهيب

وانشأ بوليتيان في حب معشوقته إبوليتا ليونتشينا Ippolita Leoncina أغاني غرامية أوفت على الغاية في الرقة والحنان، ثم أطلق العنان للأنغام التي كان يفيض بها قلبه فأنشأ أغاني مثلها يتخذ منها أصدقاؤه رقى يتخلصون بها من حيائهم. ولم يفته حفظ أقاصيص الفلاحين الشعرية، فلما حفظها صاغها من حديث في صورة أدبية مصقولة، ثم انتقلت في صورتها الجديدة إلى الشعب وذاعت بين أفراده، ولا تزال لها أصداء تتردد في تسكانيا إلى يومنا هذا، وقد وصف في قصيدته حبيبتي السمراء فتاة ريفية حسناء تغسل وجهها وصدرها عند ماء، وتتوج شعرها بالأزهار»وكان ثدياها كورد الربيع، وشفتاها حمراوين كالورد«، وذلك بوصف قديم لا يمل الإنسان سماعه. وأراد بوليتيان حتى يؤلف من حديث بين التمثيل، والشعر، والموسيقى والغناء، كما وقع في مسرح اليونان الديونيسي، فوضع في يومين أثنين، كما يؤكد هوويقسم، مسرحية غنائية في 434 بيتاً غنيت للكردنال فرانتشسكوجنزاجا Francesco Gonzaga في منتوا (1472). وقد سماها سيرة أورفيوس وتحدث فيها عن موت يوريديس Eurydice زوج أورفيوس، وكيف ماتت من عضة ثعبان، حين كانت تحاول الهرب من راع هام بحبها، وكيف اتخذ أورفيوس البائس المسكين طريقه إلى الجحيم، وسحر بلوتوبقيثارته فلم يسمع إله العالم السفلي إلا حتى يعيد له يوريديس على شريطة ألا ينظر إليها حتى يخرج من الجحيم كله، فاختطفت منه وأعيدت من فورها إلى الجحيم، وحيل بينه وبين تعقب خطاها. وأثر ذلك في أورفيوس وتملكته نوبة من الجنون فكره النساء كلهن، وأوصى الرجال بأن يغفلوا النساء، ويشبعوا أنفسهم بالغلمان كما أشبعها زيوس بجانيميد. واستشاطت مينادات (أرواح) الغاب غضباً من احتقاره النساء، فانهلن عليه ضرباً حتى فارق الحياة، وسلخن جلده، ومزقن أطرافه من جسمه، وأخذن يغنين وهن مبتهجات لانتقامهن منه. وقد ضاعت الموسيقى التي كانت تصاحب الشعر، ولكن في وسعنا حتى نضع ونحن آمنون مسرحية أورفيوس بين أولى المسرحيات التي تبشر بظهور المسرحيات الغنائية الإيطالية.

وكاد بوليتيان حتى يصبح من الشعراء العظام، ولكنه لم يبلغ من هذه المرتبة لأنه تجنب مساقط العواطف الثائرة، ولم يتعمق أغوار الحياة أوالحب، فهوساحر على الدوام غير عميق على الإطلاق، وكان حبه للورنزوأقوى ما عهد من المشاعر، وكان يقف إلى جانب راعيه ونصيره عند مقتل جوليانوفي الكنيسة، وكان هوالذي أنقذ حياة لورندسوبإغلاق أبواب غرفة المقدسات وإحكام مزاليجها في وجه المتآمرين، ولما عاد لورندسومن رحلته الخطرة إلى نابلي حياه يوليتيان بأبيات من الشعر تشف عن حب يكاد يزري به وبسيده، ولما توفي لورندسوحزن عليه يوليتيان حزناً يجل عن العزاء، ثم أخذ غصنه يذبل شيئاً فشيئاً حتى توفي بعد عامين من وفاته في ذلك العام المشئوم الذي توفي فيه بيكوعام 1494 عندما كشف الفرنسيون إيطاليا.


إيطاليا ذاك الزمان

وإذا كانت جماعة لورنزوقد استطاعت حتى تنتج هذه الآداب المتنوعة في جيل واحد، فإن من حقنا حتى نظن-وسنجد في واقع الأمر- حتى يقظة مثل هذه اليقظة قد وجدت في مدن أخرى غير فلورنس-في ميلان، وفراراً، ونابلي، وروما. والحق حتى إيطاليا كانت قد أتمت الفترة الأولى من نهضتها وتجاوزتها إلى الفترة التالية، فقد أعادت كشف بلاد اليونان القديمة، ووضعت المبادئ الأساسية للدراسات القديمة، وجعلت اللاتينية مرة أخرى لغة ذات بهاء وجلال، وقوة وعنفوان. ثم عملت أكثر من هذا: فقد كشفت إيطاليا من حديث الذي بين موت كوزيموولورنزولغتها هي وروحها، وطبقت مقاييس اللفظ والأسلوب على اللغة القومية، وأنشأت شعراً قديماً في رومة، ولكنه أصيل و»حديث« في لغته وتفكيره، متأصل في شئونها ومشاكلها اليومية أوفي مناظر الريف وأشخاصه. يضاف إلى هذا حتى إيطاليا قد نهضت في جيل واحد، وبفضل بلتشي، بالمسلاة الفكهة فجعلتها أدباً راقياً، ومهدت الطريق إلى بوراردوBorardo وأريوستوAriosto، بل إنها قد استبقت بسمات سرڤانتس Cervantes من خيلاء الفروسية وتنطعها وانادىءاتها، وأخذ عهد الدراسة يختنق تدريجياً، وحل بالخلق والإبداع محل المحاكاة، وبعث الأدب الإيطالي بعثاً جديداً بعد حتى ذبل على أثر اختيار بترارك اللغة اللاتينية ليخط بها ملحمته. ولم يمض بعد هذا الوقت الذي نتحدث عنه زمن طويل حتى كاد إحياء الأدب القديم حتى ينسى في نضرة الثقافة الإيطالية وغزارتها، وهي الثقافة التي تزعمت العالم في الأدب وغمرته بفيض من الفن.

المصادر

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  1. ^ Kraye, Jill (1997), Cambridge Translations of Renaissance Philosophical Texts: Moral philosophy, Cambridge University Press, p. 192 
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:34:08
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, مواليد 1454, وفيات 1494, أشخاص من مقاطعة سيينا, مثليون من إيطاليا, إنسانيو النهضة الإيطالية, شعراء إيطاليون, كتاب إيطاليون, شعراء لاتينية ما بعد الامبراطورية, كتاب لاتينية النهضة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بيانات صينية واعدة تدعم ارتفاع الذهب

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:07
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 44%

رسميا.. إقامة مباريات كأس السوبر المصرى للأبطال من 24 إلى 29 ديسمبر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:19
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 39%

ارتفاع الإصابات بفيروس "نيباه" فى ولاية كيرالا الهندية لـ 6 حالات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:15
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 46%

الصين تطبّق إجراءات «كوفيد 19» لاحتواء «جدري القردة» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:35
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

الأمم المتحدة: حجم الكارثة في ليبيا لا يزال مجهولًا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:31
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 66%

الصليب الاحمر الألماني يلغي مساعداته المخصصة للمغرب ويكشف عن سبب ذلك

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:33
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 71%

مطالبات ليبية بمحاسبة المقصرين في كارثة الإعصار - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:35
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

خلفيات الغضب الفرنسي من قرار المغرب عدم قبول مساعداتها

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:29
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 84%

مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى ويؤدون طقوسًا تلمودية (فيديو)

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:22
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

نجل بايدن يواجه 3 تهم خطيرة تصل عقوبتها لـ25 عامًا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

الأهلى يواجه الإسماعيلى 8 أكتوبر فى الدورى باستاد برج العرب

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:13
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 37%

أوكرانيا تستعيد السيطرة على قرية أندرييفكا وتسقط 17 مُسيرة ر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:27
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

لماذا رفض قاضٍ في جورجيا محاكمة ترمب في أكتوبر؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:37
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

تقدم أوكراني قرب باخموت.. وروسيا تتصدى لـ8 هجمات - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:34
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

رأفت الهجان أبرزها.. دراما مصرية خلدت ذكرى نصر أكتوبر.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:17
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 37%

إعادة فتح معبر حدودي بين باكستان وأفغانستان بعد أسبوع من اشت

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:06
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

درنة تبكي قتلاها وتبحث عن مفقوديها بعد فيضانات شرقي ليبيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:47
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 66%

سيول جارفة تجتاح إقليم ميدلت شرقي المغرب (فيديو)

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:22:42
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 53%

منظمة يابانية تشرع في إغاثة منكوبي الزلزال بجهة مراكش

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-15 12:23:27
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 73%

تحميل تطبيق المنصة العربية