ابن سعيد الأندلسي
ابن سَعِيد الأندلسي (610-685 هـ) /(1214 - 1286م) أبوالحسن، نور الدين، علي بن موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد العَنْسي المُدلجي المغربي الأندلسي المالكي. من ذرية الصحابي الجليل عمار بن ياسر، ولذلك ينطق له أيضاً: العَمّاري. نحوي، لغوي، مؤرخ، رحالة، من الشعراء والأخباريين، والفهماء بالأدب.
ولد بغرناطة، وقيل: في قلعة «يَحْصُب» قرب غرناطة، وفي غرناطة نشأ ودرس واشتهر، حتى كان واسطة عقد بيته، ودرّة قومه.
قرأ النحوعلى أعلام إشبيلية كأبي علي الشَّلَوْبِين، وأبي الحسن الدبّـاج، وأبي الحسن بـن عصفـور، والأفهم البطَلْيَوْسي، وغيرهم.
وممن روى عن ابن سعيد: الشرف الدمياطي.
خرج ابن سعيد من بلدته غرناطة وقام برحلة فهمية طويلة، حيث جال في المغرب العربي، وأقام بتونس مدّة، ثم جاب أنحاء المشرق فزار مدن مصر، والعراق، وبلاد الشام ولاسيما دمشق وبغداد والقاهرة وحلب وغيرها من مراكز الحضارة والثقافة والفكر والأدب حتى لقب بالرحالة، ولقي لفيفاً من الفهماء في تلك البلاد، وكان يلقى الإكرام والإجلال حيثما حل وأقام. وفي خطه، التي صنفها، كثير من الإشارات إلى من اجتمع بهم من أهل الفهم والأدب، وفي أي مكان أوبلدة كان لقاؤه إياهم، وقد هيأت له هذه الرحلات في أراتى المشرق، مدة طويلة من حياته، شهرةً وفهم مباشرة، وأعجب به المشارقة، وزادت مكانته بتنوع مواهبه.
ففي مصر ـ وكان قدومه إليها مع والده سنة 639هـ ـ لقي لفيفاً من الفهماء والأدباء كالإمام زهير الحجازي، والشاعر أبي الحسين الجزار، وبهاء الدين زهير، وابن مطروح، والمؤرخ كمال الدين بن العديم رسول صاحب حلب. ولم يلبث والده موسى بن محمد حتى توفي بالاسكندرية سنة 640هـ، وكان على ابن سعيد حتى يتمم رحلته ورحلة حياته وحده.
وحين قدم إلى حلب اتصل بصاحبها الناصر صلاح الدين يوسف (634ـ658هـ)، وقامت بينهما صداقة قوية، «وانثالت عليه الدنيا والخِلَع الملوكية والتواقيع بالأرزاق، ما لا يوصف».
ثم تحول إلى دمشق، ودخل مجلس السلطان ابن الملك الصالح اسماعيل، كما ولج بغداد. ثم عاد أخيراً إلى تونس واتصل بخدمة صاحبها الأمير عبد الله المستنصر فنال الدرجة الرفيعة من الحظوة لديه.
كان من الذكاء والبراعة وحضور البديهة على قدر كبير، بحيث اجتذبته مجالس الكبراء والفهماء والأدباء، معززاً مكرّماً. وهذا ما أعطى له طولَ الإقامة في مدن المشرق كالقاهرة وحلب، وأفاد من ذلك فهماً كثيراً وثقافة واسعة ومالاً كثيراً.
وفي تونس ـ حيث حطّ رحاله أخيراً ـ كانت وفاته على أرجح الأقوال، وهوالذي عليه جمهرة من ترجموا له، وقيل كانت وفاته بدمشق في الحادي عشر من شعبان 673هـ.
وأخباره كثيرة، ولا سيما رحلاته.
شعره
وله شعر رقيق فيه جزالة وفصاحة، أورد مقطوعاتٍ منه ابن شاكر الخطي في «فوات الوفيات» ومنها قوله متغزلاً:
أتى عاطلَ الجيد يومَ النوى وقد حان موعـدُنا للفـراقِ فقلّـدتـه بلآلـي الدمـوع ووشّحتـه بنطـاق العنـاق
وقوله:
أسكانَ مصرٍ، جاور النيلُ أرضكم فأكسبكم تلك الحلاوة في الشعـر وكان بتلك الأرض سحرٌ، وما بقي سوى أثرٍ يظهر على النظم والنثر
وأخباره كثيرة وشعره رقيق جزل.
مؤلفاته
خط ابن سعيد المغربي فقد زادت على العشرين، طبع بعضها، وبعضها الآخر لا يزال مخطوطاً، كما فُقد بعضها الآخر.
فمن خطه المطبوعة: «المُغرب في حُلى المَغْرِب»، وهذا الكتاب يضم تراجم للأعلام من الأدباء والشعراء والكتّاب والفهماء والرؤساء، والحكّام والقضاة وغيرهم، ويذكر أطرافاً من أخبارهم ونقولاً من آثارهم، وقد اشهجر في تأليفه على مدى مئة وخمس عشرة سنة، ستة مصنفين أندلسيين، آخرهم ابن سعيد المغربي الذي ألّف أجزاءه لصديقه ابن العديم بحلب. ويضم كتاب «المغرب» كلّه خمسة عشر جزءاً، منها ستة للأندلس، وستة لمصر، وثلاثة لبلاد المغرب:
أما قسم الأندلس فقد نشر شوقي ضيف ما وصل إلينا منه في جزأين، وطبع مرتين (1955و1964م) وفقد باقي هذا القسم من الكتاب.
وأما أقسام مصر فقد نشر سفْر منها في القاهرة 1953م بتحقيق زكي محمد حسن وشوقي ضيف، وسيدة الكاشف، وعنوان هذا الجزء المنشور «الاغتباط في حُلى مدينة الفُسطاط».
ثم نشر حسين نصار سفراً آخر من أقسام مصر في القاهرة 1970م وعنوانه «النجوم الزاهرة في حُلى حضرة القاهرة».
أما الأجزاء الخاصة بالمغرب فلم يطبع منها شيء. ومن خطه أيضاً: «الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة»، وقد انتهى ابن سعيد من تأليفه سنة 657هـ وترجم فيه لمن عاشوا في القرن الهجري السابع، وقد حققه إبراهيم الأبياري، و«رايات المبرّزين وغايات المميّزين» ويتألف من قسمين كبيرين، أولهما في أهل الأندلس، والثاني في أهل المغرب، وجزيرة صقلية. وهواختيارات شعرية خالصة مع إلماعات يسيرة جداً توضح شيئاً من شخصية المختار له من الأعلام، رجـالاً ونسـاءً، في القرنيـن الخامس والسادس. وقد نشر ثلاث مرات (1942م، 1973م،1987م ).
ومن خطه الأخرى: «نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب»، و«ملوك الشعر»، و«الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد» (وهوفي تاريخ بيته وبلده)، و«الشهب الثاقبة في الإنصاف بين المشارقة والمغاربة»، و«النفحة المسكية في الرحلة المكّية»، و«الرّزمة»: وينطق إذا هذا الكتاب يشتمل على حِمْل بعير من رُزَم الكراريس، لا يفهم ما فيه من الفوائد الأدبية والأخبارية إلا الله عز وجل.
- المشرق في حلي المشرق.
- الغصون اليانعة في محاسن شعراء المئة السابعة.
- الأدب الغض.
- ريحانة الأدب.
- المقتطف من أزاهر الطرف.
- الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد، تاريخ بيته وبلده.
- ديوان شعره
- النفحة المسكية في الرحلة المكية
- نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب
- وصف الكون، في الجغرافيا
- بسط الأرض، في الجغرافيا.
- القدح المعلي، في تراجم بعض شعراء الأندلس.
مصادر
- معجم المطبوعات العربية - إليان سركيس
- الأعلام للزركلي
مراجع
للاستزادة
- السيوطي، بغية الوعاة، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم (القاهرة 1965).
- ابن فرحون اليعمري، الديباج الممضى (مصر 1351هـ).
- ابن سعيد المغربي، رايات المبرزين وغايات المميزين، تحقيق محمد رضوان الداية (دمشق 1987).
- ابن سعيد المغربي، المغرب في حلى المغرب، تحقيق شوقي ضيف (القاهرة 1964م).