الحرب الأهلية الإنگليزية الأولى

عودة للموسوعة

الحرب الأهلية الإنگليزية الأولى

الحرب الأهلية الإنگليزية الأولى
جزء من الحرب الأهلية الإنگليزية

معركة مارستون مور، رسم جيمس باركر
التاريخ 1642–1646
المسقط
إنگلترة وويلز
النتيجة فوز البرلمانيين، واندلاع الحرب الأهلية الإنگليزية الثانية
الخصوم
برلماني إنگلترة وإسكتلندة ملكيون إنگلترة وإسكتلندة
القادة والزعماء
لورد فيرفاكس
اوليڤر كرومول
الملك تشارلز الأول من إنگلترة
الأمير روپرت من الراين

الحرب الأهلية الإنگليزية الأولى First English Civil War (1642–1646)، بدأت سلسلة من ثلاث حروب عُرفت باسم الحرب الأهلية الإنگليزية (أو"الحروب"). "الحرب الأهلية الإنگليزية "، وكانت سلسلة نزاعات مسلحة ومكائد سياسية بين البرلمانيين والملكيين. نشبت الحرب الأهلية الإنگليزية على مرحلتين؛ الأولى (1642–46) والثانية (1648–49) حرض أنصار الملك تشارلز الأول ضد أنصار البرلمان الطويل، بينما كانت الحرب الثالثة (1649–51) بين أنصار تشارلز الثاني وأنصار برلمان رمپ. انتهت الحرب الأهلية بفوز البرلمانيين في معركة وركستر في ثلاثة سبتمبر 1651.

نظرة عامة

قبل الحرب الأهلية كان الملك يدير الحكومة القومية بمساعدة الوزراء بينما كان دور البرلمان في شؤون الدولة أقل مما هوعليه الآن. حكم جيمس الأول (أول ملك من عائلة ستيوارت) في الفترة مابين عام 1603م إلى 1625م. وقصد حتىقد يكون حاكمًا مطلقًا، لكن البرلمان لم يشاركه الرأي. واتى ابنه تشارلز الأول بثلاثة برلمانات بين عامي 1625م و1628م، وكان له مع جميع منها مشكلة. ثم حلّ البرلمان الثالث عام 1629م، وحكم دون وجود برلمان حتى عام 1640م.


الأسباب الاقتصادية

دفع التضخم المالي بالأسعار إلى الارتفاع في جميع أنحاء أوروبا في الفترة ما بين عامي 1530م و1640م. وتقلصت بشكل كبير مخصصات الملك المالية. وكان جيمس الأول ينفق المال ببذخ، مما دفع البرلمان إلى رفض منحه مالاً إضافيًا، وردّ الملك بفرض ضرائب جديدة على الواردات.

في عام 1625م رفض البرلمان منح الملك تشارلز الأول رسوم البرميل والجنيه.

(كانت عادة تمثل جزءًا كبيرًا من ولج الملك) وفرضت على جميع برميل من النبيذ وكل جنيه من ثمن أي سلعة مستوردة كما أجبر أصحاب الأملاك على إقراضه المال وسجن من رفض منهم ذلك.

في عام 1628م أجاز البرلمان قانون حق الالتماس، وبذلك حرم الملك من فرض أي ضرائب دون موافقة البرلمان. وقبل تشارلز القانون، لكنه أصر على أنه لا ينطبق على الرسوم الضريبية. وفي الثلاثينيات من القرن السابع عشر الميلادي تحاشى الملك هذا القانون وبدأ في جمع ضريبة السفن.

الأسباب الدينية

كانت هناك جماعة متطرفة داخل البروتستانت الإنجليز، عهدت بالبيوريتان (التطهيريون) ظلت لسنوات عديدة تعمل للتخلص من الأساقفة وتطالب بمراجعة كتاب الصلاة. وقد قاومهم جيمس الأول بينما شن الملك تشارلز الحرب عليهم متضامنًا مع مجموعة من رجال الكنيسة بقيادة وليم لود. وفي عام 1633م عين الملك تشارلز لود رئيسًا لأساقفة كانتربري. واتهم البيوريتان تشارلز ولود معًا بميلهما إلى الكاثوليكية الرومانية. وكانت هنريتا ماريا زوجة تشارلز شخصية غير مرغوبة لأنها كانت كاثوليكية، ولأنها كانت أخت لويس الثالث عشر ملك فرنسا. وكان لود غير محبوب أيضًا لأنه شجع تشارلز على التمسك بإيمانه بالحق المقدس للملوك (فكرة تزعم حتى ولاية الملوك من عند الله سبحانه وأنهم إنما يحكمون باسمه).


الحرب مع الأسكتلنديين

تشارلز الأول، رسم ڤان دايك.

في عام 1638م تمرد الأسكتلنديون ضد تشارلز عندما حاول حتى يفرض كتاب صلاة الكنيسة الإنجليزية على الكنيسة المشيخية (البرسبيتيرية). وسيّر تشارلز حملة ضد الأسكتلنديين عام 1639م، كلفته الكثير وفشلت. ونصحه أقدر وزرائه إيرل ستراتفورد بدعوة البرلمان لجمع المال لحملة أخرى في أسكتلندا. واجتمع البرلمان في أبريل عام 1640م، لكنه رفض الموافقة على أي ضرائب إضافية حتى يقوم الملك بالنظر في شكاواه، وأشار ستراتفورد على تشارلز بحل البرلمان بعد ثلاثة أسابيع فقط، قام الأسكتلنديون بعدها بغزوشمالي إنجلترا وأجبروا تشارلز على القبول بهدنة. وكان عليه حتى يدعوالبرلمان للانعقاد لإقرارها، وامتدت الدورة الأولى للبرلمان الطويل من نوفمبر عام 1640م حتى سبتمبر 1641م. وتحت قيادة جون بيم أجاز البرلمان قوانين جعلت من ضريبة السفن أمرًا غير قانوني كما حل البرلمان أيضًا محكمة قاعة النجوم والمحكمة العليا، ووجه تهمة التقصير إلى ستراتفورد، فأُعدم عام 1641م. كما أُجبر تشارلز على الموافقة على دعوة البرلمان جميع ثلاث سنوات مع شرط إضافي يمنع تشارلز من حل البرلمان إلا بموافقة البرلمان نفسه.


الأزمة الأخيرة

بدأت أزمة أخرى مع نشوب تمرد الرومان الكاثوليك في أيرلندا في نوفمبر عام 1641م. وأراد تشارلز حتى يسيّر جيشًا جديدًا لإخضاع أيرلندا، لكن البرلمان لم يثق بقيادته له. وبدلاً من ذلك أجاز البرلمان ما عهد بالاحتجاج الأعظم مهاجمًا سياسات الملك خلال السنوات العشر التي خلت، وداعيًا إلى الإصلاح الجذري للأمور الدينية، ومطالبًا بحق السيطرة على تعيين الوزراء. وفي يناير عام 1642م أمر تشارلز بمحاكمة خمسة أعضاء برلمانيين، من ضمنهم جون بيم وجون هامدن. وعندما رفض البرلمان حتى يسلّم الأعضاء الخمسة للمحاكمة غزا تشارلز قاعة مجلس العموم بنفسه ـ وهـوخرق للحصانة البرلمانية ـ ولكن الأعضاء الخمسة كانوا قد غادروا المكان قبل ذلك واحتموا في مدينة لندن.

غادر تشارلز العاصمة باحثًا عن الدعم في الأنطقيم، وفي مارس، رفض حتى يتنازل عن سيطرته على الجيش، وفي يونيوبدأ البرلمان في تكوين جيش خاص به. فأوفدوا إلى تشارلز العروض التسعة عشر، وهي وثيقة توشك بأن تكون شروطًا لاستسلامه.

وحمل تشارلز فهمه في نوتنجهام في أغسطس، وكان الالتحام الأول قد وقع قبل ذلك في مانشستر في يوليو. وبحلول سبتمبر كان القتال قد اندلع بين الملكيين (المؤيدين للملك) ومؤيدي البرلمان في جميع أنحاء البلاد.


الجيوش

1642

انشقت إنجلترا الآن-بصورة لا يكادقد يكون لها مثيل من قبل في تاريخها المعروف، وانحاز إلى صف البرلمان لندن والثغور والمدن الصناعية، وبصفة عامة الجنوب والشرق، ومعظم الطبقة الوسطى، وجزء من الطبقة العليا، وعملياً جميع البيوريتانيين. وانضم إلى جانب الملك أكسفورد وكمبردج والغرب والشمال، ومعظم الأرستقراطيين والمزارعين، وكل الكاثوليك والأنجليكانيين الأسقفيين تقريباً. وكان مجلس العموم منقسماً على نفسه، حيث ناصر الثوار نحو300 عضو، على حين بلغ عدد الملكيين نحو175 عضواً. وبلغ عدد مجلس اللوردات 110، انحاز إلى جانب البرلمان نحو30 منهم في بداية الأمر، ورجحت كفة الثورة ضد الملك. وكان في لندن نصف ثروة الأمة، وقدمت للثورة القروض بسخاء عظيم، على حين عجز الملك عن الاقتراض من أي مكان. وكان الأسطول يناصبه العداء، فسد المنافذ على جميع معونة أجنبية. ولم يكن أمام الملك إلا حتى يعتمد على الهبات والمنح وعلى رجال من الضياع الكبيرة التي أحس أصحابها حتى مصلحتهم في تلك الأرض تتحقق بفوزه، وانبعث من حديث في الأسرات القديمة بعض فضائل الفروسية ومشاعرها، وقدموا المال للملك بلا قيد أوشرط، وقاتلوا وسقطوا في الميدان كما يسقط كرام الرجال. واندفع الفرسان المفعمون فتوة وحيوية، بشعورهم المعقوصة وخيلهم المطهمة بأبهى السروج إلى غمار حرب بطولية، ومعهم جميع الشعراء إلا ملتون. ولكن الثروة كانت إلى جانب البرلمان. والتقى الجمعان لأول مرة في ادجهل Edgehill (23 أكتوبر 1642)، وكان جميع جيش يتألف من 14 ألف رجل... وكان الملكيون تحت قيادة الأمير روبرت Rupert ابن إليزابث أميرة بوهيميا أخت شارل، وكان في الثانية والعشرين من عمره. أما "ذووالرءوس المستديرة" أوالبرلمانيون فكان يقودهم روبرت دفريه ارل اسكس الثالث. ولم تكن المعركة فاصلة. ولكن اسكس سحب قواته، وتقدم الملك إلى أكسفورد ليتخذها مقراً لقيادته. ولكن نحميا والنتجون-هوبيوريتاني متحمس أوسياسي، أسماها فوزاً مبيناً للبرلمان وللرب، فهويقول:


هنا ندرك رحمة الله الواسعة... لأن جملة القتلى من


الجانبين، كما سمعت، كان 3.517، ولكن اغتال من


الأعداء عشرة لقاء جميع واحد فقدناه منا. ولكن انظر


إلى حسن صنيع الله، فإن الذين قتلوا منا كان معظمهم من


الذين ولوا الأدبار. أما الذين صمدوا واستبسلوا فقد خطت


لهم النجاة.... كم أود حتى أوتي القدرة على حتى أروي


كيف حتى يد العناية الإلهية صوبت بشكل رائع مدافعنا


وقذائفنا لتدمير العدو... يا للعجب، كيف من الممكن أن وجه الله


قذائفهم... إذا بعضها سقط أمامهم (من جانبنا) وبعضها


مر مروراً عابراً، وبعضها عبر فوق رءوسهم، وأخرى


سقطت إلى جانبهم... يا الله، ما كان أقل من مس


بأذى برصاص الأعداء ممن وقفوا في وجوههم وقاوموهم


ببسالة... هذا خلق الله، وما أروعه في نظري(85).


على حتى الأمور تأزمت في صفوف البرلمانيين في الربيع التالي. فان الملكة هنريتا تسللت إلى إنجلترا، حاملة معها بعض الأسلحة والذخيرة ولحقت بالملك في أكسفورد.

وضيع إسكس الوقت سدى، على حين كان الهرب والسقم ينخران في جيشه، وأصيب هامدن بجرح مميت في بعض المناوشات عند شالجروف فيلد. وهزمت قوة برلمانية في أدوالتون مور (30 يونية 1643)، ودمرت قوة أخرى في راوندواي داون (13 يولية). وسقطت برستول في يد الملك. ولما ساءت أقدار البرلمان إلى هذا الحضيض، ولى وجهه شطر إسكتلندة طلباً للعون. وفي 22 سبتمبر سقط مندوبوإسكتلندة "تحالفاً وميثاقاً مقدسين"، تعهد الاسكتلنديين بمقتضاه بإرسال جيش لمساعدة البرلمان لقاء 30 ألف جنيه شهرياً، شريطة حتى يقيم البرلمان في إنجلترا وإيرلندا ممضى البروتستانتية المشيخية-أي حكومة المشايخ في الكنيسة، ودون سيطرة الأساقفة، وفي نفس الشهر عقد شارل صلحاً مع المتمردين الإيرلنديين، المتقدم بعضهم للقتال في صفوفه في إنجلترا. وابتهج الكاثوليك الإنجليز لهذا. وتزايد عدد البروتستانت الذين انقلبوا على الملك. وفي يناير 1644 هزم الغزاة الإيرلنديين في نانتوتش وتقدم الجيش الاسكتلندي نحوإنجلترا. والآن كانت الحرب الأهلية تضم ثلاث أمم وأربعة مذاهب.

حملة 1642

الماركيز هرتفورد.


معركة إيدج‌هيل

تشارلز الأول يعقد مجلس الحرب قبل يوم من معرك إيدج‌هيل، رسم تشارلز لاندسير.


شتاء 1642–1643

سير وليام والر

1643

خطة حملة 1643

الأمير روپورت، عام 1643، أثناء الحرب.


المحاربون القدماء في هوپون

سير بڤيل گرين‌ڤيل

أدوالتون مور

هنري جرمين.


كرومول والاتحاد الشرقي

حصار گلوكستر

معركة نيوبري الأولى


هيل ووينسبي

"التوقف الإيرلندي" والميثاق والتحالف الرسمي

A satirical playing card shows disagreement between a Covenanter and an Independent


1644

يناير وفبراير 1644

نيوأرك وتشريتون (مارس 1644)

خطط حملة 1644

جسر كروپردي

حملة مارستون مور

الاستقلال

لوست‌ويتي‌ثيل

عمليات جيوش إسكس، والر، ومانشستر

معركة نيوبري الثانية

مرسوم انكار الذات

وفي يولية 1643. انعقدت "جمعية وستمنستر"-121 من رجال الدين الإنجليز، 30 من الفهمانيين الإنجليز، وثمانية مندوبين اسكتلنديين (انضموا فيما بعد)-لتحدد البروتستانتية المشيخية الجديدة في إنجلترا. ولقد عوقت السيطرة البرلمانية أعمال هذه اللجنة حتى باتت تجرر أذيالها في مؤتمرات تعقدها لمدة ست سنوات. وانسحب نفر قليل من الأعضاء كانوا يظاهرون الحكومة الأسقفية. وطالبت فئة قليلة من البيرويتانيين المستقلين ألا يشهد الاجتماع مشيخيون ولا أساقفة. أما الأغلبية-وفاء بتعهد البرلمان ونزولاً على إرادته، فإنها أيدت حتى يتولى الأمور الدينية في إنجلترا أوإيرلندة وإسكتلندة شيوخ الكنيسة ومجلسهم والمجامع الإقليمية والجمعيات العامة. وألغى البرلمان الحكومة الأسقفية الإنجليكانية (1643)، وأقر التنظيم المشيخي والممضى المشيخي، ووضع لهما القوانين (1646)، ولكنه احتفظ لنفسه بحق الاعتراض على أية قرارات كنسية. وفي 1647 أصدرت الجمعية "اعتراف وستمنستر بالعقيدة والتعاليم الكبرى والتعاليم الصغرى" وكلها تثبت ممضى كلفن في القضاء والقدر، والاصطفاء، والرفض (أي الإخراج من الزمرة الإبرار ) وأهملت الكنيسة الإنجليكيانية وعودة الملكية إلى أسرة ستيورت، جمعية وستمنستر، ولكن "الاعتراف والتعاليم" بقيت معمولاً بها نظرياً في الكنائس المشيخية في البلاد الناطقة بالإنجليزية.

واتفقت الجمعية والبرلمان على رفض ما تقدمت به الفرق الصغيرة من التماس التسامح الديني. والتمست مدينة لندن المتحدة من البرلمان القضاء على جميع الهرطقات. وفي 1648 قدم أعضاء مجلس العموم مشروعات تقضي بعقوبة السجن مدى الحياة على خصوم تعميد الأطفال، وبعقوبة الإعدام على من ينكرون الثالوث الأقدس أوالمتجسد أونزول الكتاب المقدس بوحي من عند الله، أوخلود الروح(87). وأعدم عدد من الجزويت فيما بين عامي 1642 و1650. وفي يناير 1645، اقتيد رئيس الأساقفة لود، وهوفي الثانية والسبعين، من السجن إلى ساحة الإعدام، ولكن البرلمان أحس أنه مشغول بالحرب إلى أقصى حد، أوأنه ليس ثمة مجال للرفق والمجاملة. ومهما يكن من أمر فإن كرومويل ناضل في سبيل شيء من التسامح. وفي 1643 شكل في كمبردج فرقة أطلق عليها "ذووالدروع الحديدية Ironsides" وهواسم أطلقه في الأصل الأمير روبرت على كرومويل نفسه، ورحب بكل الأفراد الذين ينضمون إلى الفرقة من جميع الملل والنحل-باستثناء الكاثوليك وأنصار حكومة الأساقفة-"ممن لا تفارق خشية الله نفوسهم"، وممن يتدبرون ما صنعت أيديهم(88). وعندما أراد ضابط مشيخي حتى يطرد-من الفرقة ضابطاً برتبة مقدم من أنصار تجديد التعميد (إعادة تعميد البالغين ورفض تعميد الأطفال)، اعترض عليه كرومويل قائلاً. "سيدي، إذا الدولة حين تتخذ موظفيها لا تلقي بالاً إلى آرائهم، طالما أنهم جادون في خدمتها بإخلاص، وهذا يكفي(89)". وفي 1644 طلب إلى البرلمان "أن يلتمس وسيلة ما للتسامح، وفقاً لما اتى في الكتاب المقدس، مع ذوي النفوس الضعيفة الذين لا يستطيعون في جميع الأحوال حتى يخضعوا لحكم الكنيسة(90)". وتجاهل البرلمان هذا المطلب، ولكن كرومويل ظل يمارس تسامحاً نسبياً في فرقته، وطوال سيطرته على إنجلترا.

وكان ارتقاء كرومويل إلى مرتبة القيادة مفاجأة من مفاجآت الحرب. إنه شارك لورد فردياندوفيرفاكس أمجاد النصر في ونسبي (11 أكتوبر 1643). ولقد هزم فيرفاكس في مارستن مور (2 يولية 1644) ولكن رجال كرومويل "الحديديون" أنقذوا الموقف. إذا قواداً برلمانيين آخرين، مثل إرل اسكس وإرل مانشستر، تراجعوا أوعجزوا عن متابعة فوزهم وأقر مانشستر صراحة بعدم رغبته في الإطاحة بالملك. وبغية التخلص من هؤلاء القادة ذوي الألقاب، واقترح كرومويل "قرار إنكار الذات" (9 ديسمبر 1644)، يعتزل جميع أعضاء البرلمان بمقتضاه قياداتهم. وهزم الاقتراح، ولكن عرض من حديث وأقر (3 أبريل 1645). واعتزل اسكس ومانشستر، وعين توماس فيرفاكس-ابن فرديناندو-قائداً أعلى-وسرعان ما عين كرومويل قائداً للفرسان، وأمر البرلمان بتكوين جيش "على طراز جديد"، من 22 ألف جندي، وأخذ كرومويل على عاتقه مهمة تدريبه. ولم يكن لدى كرومويل سابق خبرة عسكرية قبل الحرب. ولكن قوة شخصيته وخلقه، وثبات أرادته وصموده لتحقيق الهدف، وبراعته في التلاعب بالأحاسيس الدينية والسياسية لدى الناس، جميع أولئك هيأ له القدرة على تشكيل قواته على نظام فذ وولاء فريد. فكان الممضى البيوريتاني يضارع الخلق الإسبارطي في خلق جنود لا يقهرون، انهم لم "يؤدوا القسم مثل الفرسان"، بل على النقيض من ذلك لم يسمع حلف الإيمان في معسكراتهم قط، بل إنها كانت تدوي بالعظات والصلوات. انهم لم يسلبوا ولم ينهبوا، ولكنهم اقتحموا الكنائس ليجردوها من الصور الدينية، ويخلصونها من الأسقفيين أوالبابويين(91)". وكانوا يهتفون فرحين أوغاضبين حين يلاقون العدو. ولم تنزل بهم الهزيمة قط.. وعندما كان الملكيون يطاردون مشاة سير توماس فيرفاكس في ناسبي (14 يونية 1645)، حول كرومويل بفرسانه الجدد الهزيمة إلى نصر مبين، إلى حد حتى الملك فقد جميع مشاته ومدفعيته ونصف خيالته، ونسخاً من مراسلاته التي نشرت لتكشف عن خطته في استقدام مزيد من القوات الإيرلندية إلى إنجلترا، وإلغاء القوانين المناهضة للكاثوليكية.

ومنذ تلك اللحظة أخذت أحوال الملك تزداد سوءاً وبسرعة. فإن مركيز مونتروز، قائده البطل في إسكتلندة، بعد عدة فوزات، هزم في فيلبهووهرب إلى القارة. وفي 30 يوليه 1645 استولى جيش البرلمان على باث، وفي 23 أغسطس تخلى روبرت عن برستول إلى فيرفاكس، والتمس الملك، دون جدوى، العون من جميع الجهات. وأحس جنوده بأن قضيتهم خاسرة، فتذرعوا بمختلف المعاذير وتخلفوا عنه وانضموا إلى العدو. وحاول بالمفاوضات الملتوية مع جميع فريق على حدة حتى يسقط الانقسام في صفوف أعدائه-فيفرق بين المستقلين والبرلمان، وبين البرلمان والاسكتلنديين، ولكنه أخفق في ذلك. وكان لتوه قد أوفد زوجته الحامل، عبر أراضي معادية، لتبحر إلى فرنسا، وأمر الآن الأمير شارل بالفرار من إنجلترا بأية وسيلة ممكنة. وتنكر هو، مع اثنين من المرافقين، وشق طريقه إلى الشمال حيث استسلم للاسكتلنديين (5 مايو1646). ووضعت الحرب الأهلية الأولى، بالعمل أوزارها.


تراجع القضية الملكية

1645

مرسوم النموذج الجديد

تنظيم الجيش النموذج الجديد

العمليات الأولى 1645

مسيرة روپرت الشمالية

غارة كرومول

الاستراتيجية الأهلية

تشارلز في ميدلاندز

حملة ناسبي

تمثيل تاريخي لمعركة ناسبي


تأثيرات ناسبي

معركة ناسبي


حملة فيرفاكس الغربية

خريطة لورد فيرفاكس

لانگ‌پورت

مشروعات اللورد ديگبي

جورج ديگبي، إيرل بريستول.

سقوط بريستول

تجريدة ديگبي الشمالية

1646: نهاية الحرب

وراود شارل الأمل في حتى يعامله الاسكتلنديون، وكأنه لا يزال ملكاً عليهم، ولكنهم آثروا حتى يعتبروه سجيناً لديهم. وعرضوا عليه حتى يعاونوه على استرداد عرشه، إذا قبل التوقيع على "التحالف والميثاق المقدسين" وبمقتضى ذلك.قد يكون ممضى المسيحية المشيخية إجبارياً في جميع الجزر البريطانية، ولكنه أبى عليهم ذلك. وبعث البرلمان الإنجليزي بمندوبيه إلى الاسكتلنديين في نيوكاسل يعرض عليهم ارتضاء شارل ملكاً، شريطة حتى يقبل الميثاق، ويوافق على إقصاء زعماء الملكيين، ويسمح بسيطرة البرلمان على جميع القوات المسلحة، وتعيين كبار موظفي الدولة، ولكن الملك رفض. وعرض البرلمان على الاسكتلنديين مبلغ 400 ألف جنيه لتسديد متأخراتهم ونفقاتهم، إذا عادوا إلى إسكتلندة وسلموا الملك إلى المندوبين الإنجليز. ووافق برلمان إسكتلندة، وقبل المال، لا على أنه ثمن الملك، بل على أنه تعويض عن نفقات الحرب. وأحس شارل، على أية حال، بأنهم قايضوا عليه بالمضى. ونقل إلى هولمبي هاوس في نورثمبتونشير (يناير 1647) على أنه سجين البرلمان البريطاني.

واستعرض الجيش الإنجليزي المعسكر آنذاك في سافرون والدن، على بعد أربعين ميلاً من لندن، استعرض فوزاته، وطالب بمكافآت متساوية. إذا الاحتفاظ بجيش يبلغ ثلاثة وثلاثين ألف رجل، اضطر البرلمان إلى حمل الضرائب إلى ضعف أعلى معدل لها أيام شارل، ومع هذا تأخر للجند رواتب ما بين أربعة إلى عشرة شهور. وفوق ذلك فإن البيوريتانيين الذين انهزموا في البرلمان، كانت لهم اليد الطولى في الجيش، وحامت الشبهات حول زعيمهم كرومويل في حتى له أطماعاً لا تتفق مع سيادة البرلمان. وأسوأ من هذا كله، أنه كان في فرقته "أنصار المساواة Levelers" الذين يرفضون أي تمييز بين المرتب في الدولة وفي الكنيسة، والذين نادوا بحق الاقتراع للبالغين وبالحرية الدينية. وكان نفر قليل منهم شيوعيين وفوضويين. وأعرب وليم والوين حتى جميع شيء يجب حتىقد يكون مشاعاً مشهجراً، ومن ثم لن تعود هناك حاجة لقيام حكومة، لأنه لنقد يكون هناك حينذاك لصوص ولا مجرمون(92)" وكان جون للبورن Lilburne أعظم نادىة أنصار المساواة يزداد، بعد جميع اعتنطق وعقاب، شعبية في لندن (1646)(93). وهوجم كرومويل على أنه من "أنصار المساواة" ولكنه برغم تعاطفه معهم، كان يعارض آرائهم، إحساساً منه بأن إنجلترا آنذاك لا بد حتى تؤدي فيها الديموقراطية إلى الفوضى.

واستاء البرلمان؛ وهوآنذاك "مشيخي". لما ينطوي عليه من خطر، وجود جيش عرمرم مزعج، في مكان قريب، وهوجيش مستقل ذوقوة. فأقر مشروعاً بتسريح نصفه، وتسجيل الباقي متطوعين للخدمة في إيرلندة. فطالب الجنود بمتأخر رواتبهم، فأقر البرلمان صرف جزء منها والباقي وعوداً. ورفض الجنود حتى يتفرقوا إلا إذا دفعت استحقاقاتهم ورواتبهم كاملة. وجدد البرلمان المفاوضات مع الملك، وكاد حتى يصل معه إلى اتفاق على إعادته إلى العرش، شريطة قبوله "الميثاق" لمدة ثلاثة أعوام. وحذر الملك من قبول هذا العرض، ولكن جماعة من الفرسان هاجمت هولمبي هاوس وأسرت الملك، واقتادته إلى نيوماركت (3-5 يونية 1647)، وأسرع كرومويل إلى نيوماركت، وجعل من نفسه رئيساً "لمجلس من الجيش"، وفيعشرة يناير بدأ الجيش مسيرة غير متعرجة إلى لندن.. وفي الطريق أوفد إلى البرلمان أعلاناً صاغه أساساً صهر كرومويل القدير، هنري أيرتون Ireton، ندد فيه باستبداد البرلمان الذي لم يكن خيراً من استبداد الملك، وطالب بانتخاب برلمان حديث مع توسع في حق الانتخاب. وسقط البرلمان بين نارين، فإن التجار والصناع وأهل لندن كانوا يخشون احتلال الجيش للمدينة، وطالبوا، في صخب شديد بعودة الملك، وفق أية شروط كانت، تقريباً. وفي 26 يولية اقتحمت الجموع البرلمان وأرغموه على دعوة الملك إلى لندن، ووضع المليشيا تحت قيادة المشيخيين. وهجر سبعة وستون من "المستقلين" البرلمان إلى جيش. ودخلت القوات لندن فيستة أغسطس، وأتوا بالملك معهم، وأعيد "المستقلون" السبعة والستون إلى أماكنهم في البرلمان، الذي سيطر عليه الجيش منذ تلك اللحظة إلى حتى قبض كرومويل على زمام الأمور. ولم تشب تصرفات الجيش شائبة من الفوضى أوالتشويش، ولم تكن مجردة من المبادئ، بل حافظ على النظام في المدينة، وفي القوات المسلحة نفسها؛ بل إذا الأجيال التالية أجازت مطالبه التي يحتمل أنها كانت غير عملية في أوانها. وفي نشرة بعنوان "قضية الجيش مدونة بصدق وأمانة" (9 أكتوبر 1647) طالب بحرية التجارة وإلغاء الاحتكارات، وإعادة الأراضي العامة إلى الفقراء، وألح على ألا يرغم إنسان على الشهادة ضد نفسه في المحكمة(94). وفي "اتفاقية الشعب" (30 أكتوبر) أعرب "أن جميع السلطة أصلاً وأساساً في مجموع الشعب بأسره"، وأن الحكومة العادلة الوحيدة هي التي تكون عن طريق ممثلين ينتخبون انتخاباً حراً يتوفر فيه حق الاقتراع للبالغين، وأنه بناء على هذا، فإن الملوك واللوردات، إذا جاز لهم بالبقاء فيجب حتىقد يكونوا خاضعين لمجلس العموم، وأنه لا يجوز إعفاء أحد من سلطة القانون، وأنه يجب تمتع الجميع بالحرية الدينية الكاملة(95). نطق الكولونيل رينزيورو"إن جميع من ولد في إنجلترا، الفقير أوأحط الناس في المملكة، يجب حتىقد يكون له صوت في اختيار أولئك الذين يضعون قوانين البلاد، تلك القوانين التي يعيش ويموت في ظلها(96)."

وخفف كرومويل من حدة المناقشة بدعوة زعمائها إلى الصلاة. واتهمه "أنصار المساواة" بالنفاق والتفاوض سراً لإعادة الملك، واعترف بأنه لا يزال يؤمن بالملكية، وأوضح لهم حتى معارضة مقترحاتهم ستكون شديدة إلى حد لا يمكن معه التغلب عليها، "بقوة العضلات" وحدها. وبعد نقاش طويل أقنع الزعماء بأن يخففوا من مطالبتهم بالاقتراع العام إلى طلب التوسع في حق الانتخاب. ورفض بعض الجنود هذا الحل الوسط، وعلقوا "اتفاقية الشعب" في قبعاتهم، وتجاهلوا أمر كرومويل بالانصراف. وقبض على ثلاثة من زعماء الفتنة، وحوكموا أمام محكمة عسكرية قضت بإعدامهم. فأمرهم كرومويل بإجراء القرعة على حياتهم، ومن يخسر يعدم. وعاد النظام سيرته.

وفي الوقت نفسه تمكن الملك من الهرب من سجانيه العسكريين، واتخذ طريقه إلى الشاطئ وإلى جزيرة وايت حيث عثر مأوى أميناً في قلعة كارسبروك (14 نوفمبر 1648). وشدد من عزيمته ما ترامى إليه من أنباء ثورة الملكيين ضد البرلمان في الريف وفي الأسطول، وعرض عليه المندوبون الاسكتلنديون في لندن سراً، حتى يمدوه بجيش يعيده إلى عرشه إذ قبل النصرانية المشيخية وإبطال ما عداها من المذاهب المسيحية. وارتضى الملك هذا "الارتباط" ولكنه حدده بثلاث سنوات. وغادر المندوبون لندن ليحشدوا جيشاً. واعتمد البرلمان الاسكتلندي خطتهم لغزوإنجلترا، وأصدر في ثلاثة مايو1648 بياناً يطالب جميع الإنجليز بالالتزام "بالميثاق"، ويحظر جميع الأشكال الدينية فيما عدا المشيخية، ويأمر بحل جيش "المستقلين" ورأى البرلمان الإنجليزي حتى تطبيق هذه الاقتراحات لا يعي شيئاً إلا القضاء عليه وإخضاع إنجلترا لإسكتلندة. وأسرع بمصالحة كرومويل، وأقنعه بأن يقود قواته ضد الاسكتلنديين. ولا ريب حتى البرلمان سر لإبعاد كرومويل، والإلقاء به إلى التهلكة، وبعد ثلاثة أيام من الأخذ والرد أقنع الجيش بأن يتبعه إلى ميدان المعركة. وتبعه الجيش على كره منه، وأقسم بعض الزعماء أنهم إذا قدر لهم إنقاذ إنجلترا فلسوفقد يكون من "واجبهم حتى يستعدوا رجل الدم، شارل ستيوارت، ليقدم حساباً على الدماء التي سفكها(97)."

ما بعدها

استطاع كرومويل بفضل ما أوتى من طاقة حتى يقصر من أمد الحرب الأهلية الثانية. عملى حين أخمد فيرفاكس ثورات الملكيين في كنت، اتجه أوليفر غرباً واستولى على معقل ملكي في ويلز. وعبر الاسكتلنديين نهر تويد فيثمانية يوليه، وتقدموا في سرعة مذهلة حتى صاروا على بعد نحو40 ميلاً من ليفربول. وفي برستون، في لنكشير، التقى جيش كرومويل المكون من تسعة آلاف جندي، مرتين، بهذا الجمع من الاسكتلنديين والخيالة الملكيين وأسقط بهم هزيمة منكرة (17 أغسطس). وبينما كان كرومويل وجنوده يعملون على إنقاذ البرلمان، دبر البرلمان حتى يحمي نفسه منهم، بفتح باب المفاوضات من جديد، لإعادة الملك. ولكنه أصر على حتى يسقط الملك "الميثاق" وأن يضعه موضع التطبيق، فرفض الملك. وعرض الجيش العائد حتى يؤيد عدوته إلى العرش مع الحد من حقوقه الملكية إلى أضيق الحدود، فأبى (17 نوفمبر). وبغية حتى يبتر الجيش الطريق على البرلمان ليعيد الملك إلى العرش، قيض عليه ثانية وأودعه قلعة هيرست اللقاءة لجزيرة وايت، وشجب البرلمان هذا التصرف، واقترع على قبول شروط الملك أساساً لتسوية النزاع-فأعرب قادة الجيش الذين كانوا يتسقطون الموت، إذا عاد شارل، انه لن يسمح بالدخول إلى مجلس العموم إلا لمن ظلوا على "ولائهم وإخلاصهم للمصلحة العامة". وفي بواكير يومستة ديسمبر أحاطت قوة من الجند تحت قيادة كولونيل توماس برايد، بمجلس العموم، واقتحمه، ومنعت أوطردت 140 من الأعضاء الملكيين والمشيخيين، وأودعت السجن أربعين عضواّ أبدوا شيئاً من المقاومة(98). واستحسن كرومويل هذا الإجراء. واشهجر في الاقتراع على سرعة محاكمة الملك وإعدامه.

لم يبق الآن من الأعضاء الخمسمائة الذين كان يتألف منهم مجلس العموم 1640 إلا ستة وخمسين. وأقر هذا "البرلمان الإثارة" (الذي لم يبق فيه إلا نفر قليل)، بأغلبية ستة أصوات، قانوناً ينص على حتى شن الملك الحرب على البرلمان خيانة عظمى، ورفض اللوردات القانون على أنه ليس من سلطة مجلس العموم، وعندئذ (4 يناير 1649)، قرر النواب حتى الشعب" بعد الله مصدر جميع سلطة عادلة "وأن النواب، وهم يمثلون الشعب"، "أصحاب السلطة العليا في هذه الأمة، وأنه بناء على ذلك تكون لتشريعاتهم قوة القانون، دون موافقة اللوردات أوالملك". وفيستة يناير عين النواب 135 عضواً لمحاكمة الملك، وأبلغ أحد الأعضاء-وهوألجرنون سدني-كرومويل بأنهم ليس لديهم سلطة قانونية، ليحاكموا ملكاً. ففقد كرومويل صوابه وصاح في وجهة قائلاً: "أؤكد لك أننا سنبتر رأسه وفوقه التاج(99)" وبذل قادة الجيش آخر محاولة لتفادي اغتال الملك. فعرضوا تبرئة شارل إذا وافق على بيع أراضي الأساقفة، وتنازل عن حقه في الاعتراض برفض قرارات البرلمان. ولكن الملك أجاب بأنه لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً، لأنه أقسم اليمين على حتىقد يكون مخلصاً لكنيسة إنجلترا. وليس ثمة م تنازع في شجاعته. وبدأت المحاكمة في 19 يناير 1649. وجلس القضاة المرتجلون الستون أوالسبعون على منصة مرتفعة في طرف من قاعة وستمنستر، واصطف الجند في الطرف الأخر، واكتظت الدهاليز والشرفات بجمهور المتفرجين، وأجلس شارل وحده وسط القاعة. وتلا جون برادشورئيس الجلسة قرار الاتهام. وطلب إلى الملك حتى يجيب، فأنكر شارل سلطة المحكمة في محاكمته أوصحة تمثيلها لشعب إنجلترا، ونطق بأن حكومة يديرها برلمان يسيطر عليه الجيش، هي أسوأ طغياناً من أي طغيان أظهره هوقط، فضجت الشرفات بالهتاف "حفظ الله الملك" ودوت المنابر باستنكار المحاكمة وشجبها. وخشي برادشوعلى حياته في الشوارع، وأوفد الأمير شارل من هولندا صحيفة لا تحمل إلا توقيعه، ووعد القضاة بالموافقة على أية شروط يدونونها فوق اسمه، إذا هم أبقوا على حياة والده(100). وعرض أربعة من النبلاء حتى يقدموا حياتهم فداء للملك(101)، فرفض عرضهم. وسقط تسعة وخمسون من القضاة، من بينهم كرومويل، حكم الإعدام. وفي 30 يناير سار الملك في هدوء إلى الموت، أمام جمهور غفير تملكه الرعب. وبضربة واحدة من بلطة الجلاد بتر رأسه. وخط شاهد عيان "لقد تعالت أنات آلاف الحاضرين وقتئذ وآهاتهم، بشكل لم أعهده قط من قبل، وأرجوألا أسمعه من بعد"(102).

وهل كان الإعدام عملاً مشروعاً،يا ترى؟ إنه بطبيعة الحال لم يكن كذلك. فإنه طبقاً للقانون المعمول به،قد يكون البرلمان شيئاً فشيئاً، وبشكل قاس، قد انتحل لنفسه الحقوق الملكية التي أقرتها السوابق لمائة عام. فالثورة على التحديد أمر غير مشروع، وليس أمامها من طريق لتدفع بالجديد إلى الأمام إلا هدم القديم. وكان شارل مخلصاً في الدفاع عن السلطات التي ورثها عن إليزابث وجيمس، لقد أثموا ضده قدر ما أثم هو، وكانت غلطته القاتلة أنه لم يدرك حتى التوزيع الجديد للثروة، اقتضى، من أجل الاستقرار الاجتماعي، توزيعاً جديداً للسلطة السياسية. وهل كان الإعدام عدلاً،يا ترى؟ إذا نحى القانون جانباً، بالاحتكام إلى السلاح، فقد يلتمس المغلوب الرحمة، ولكن يمكن للغالب حتى يفرض أقصى العقوبة إذا رأى حتى هذا ضروري لمنع تجدد المقاومة، أولتعويق الآخرين، أوللحفاظ على حياته وحياة أتباعه. والمفروض حتى أي ملك منتصر كان يمكن حتى يطيح برأس كرومويل وأيرتون وفيرفاكس وكثيرين غيرهم، وربما مع مختلف ألوان التنكيل والعذاب التي يتعرض لها عادة جميع من يتهمون بالخيانة.

وهل كان الإعدام عملاً حكيماً،يا ترى؟ من المحتمل ألاقد يكون كذلك، ومن الواضح حتى كرومويل افترض بأن بقاء الملك على قيد الحياة، مهما يكن من اطمئنان إلى ضمان سجنه، يمكن حتى يحفز الملكيين إلى معاودة الثورة المرة بعد المرة، ولكن كذلك يفترض أنقد يكون حافزاً على تجدد المقاومة من جانب ابن الملك الذي لا يمكن الوصول إليه في فرنسا أوهولندا، والذي لم تلوثه أخطاء والده، والذي لا بد حتى تكلل هامته وشيكاً بأمجاد البطولة. إذا إعدام شارل الأول أدى إلى تحول كان يمكن التنبؤ به في الشعور الوطني الذي أسترد مساره على مدى أحد عشر عاماً، ويوحي التاريخ اللاحق بأن الرحمة كانت عين العقل والحكمة فإنه عندما سقط جيمس الثاني، ابن شارل، بالمثل، في الخطأ الجسيم، تدبرت ثورة 1688 الجليلة الأمر، في دهاء أرستقراطي، وسمحت له عمداً بالهرب إلى فرنسا، وكان لخلعه نتائج ثابتة دائمة. ومهما يكن من أمر، فإن الثورة السابقة هي التي مكنت للثورة اللاحقة فعاليتها السريعة.

إن الثورة الكبرى تماثل ثورات الهيجونوت في فرنسا القرن السادس عشر، كما تماثل، برغم الفوارق الكثيرة، الثورة الفرنسية 1789-فهناك في الحالة الأولى العصيان المسلح للكلفنية البسيطة العابسة التي شدت من أزرها الثورة التجارية، ضد الكنيسة الشديدة التمسك بالشعائر والطقوس وضد الحكومة الاستبدادية المطلقة. وهناك في الحالة الثانية ثورة الجمعية الوطنية التي تمثل سلطان المال وقوة الطبقة الوسطى، ضد أرستقراطية تمتلك الأرض يتزعماه ملك حسن النية ولكنه متخبط مرتبك. وما وافى عام 1786 حتى كان الإنجليز قد استوعبوا ثوريتهم، وكان في مقدورهم حتى ينظروا بعين الفزع القلق، عن اقتناع، إلى ثورة خضبت بالدم، مثل ثورتهم، أرض دولة وقتلت ملكاً، لأن الماضي حاول حتى يقف جامداً لا يريم.


انظر أيضاً

  • خط زمني للحرب الأهلية الإنگليزية

المصادر

  • تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامةarticle "Great Rebellion".


هوامش

  1. ^ "الحرب الأهلية الإنجليزية". الموسوعة المعهدية الكاملة. Retrieved 2009-05-24.
  2. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:06:00
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, Pages using deprecated image syntax, مقالات مأخوذة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية, الحرب الأهلية الإنگليزية, حروب الممالك الثلاثة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الأهلي يغير ملعبه طوال دور المجموعات في دوري أبطال إفريقيا

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:37
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 35%

رسميا.. موهبتا الأهلي مستمران في الاحتراف الأوروبي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:36
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 45%

إزالة ٨ عقارات بشارع حسين كامل بألماظة لتوسعة طريق السويس

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:43
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في ضيافة المجلس الأعلى للإعلام

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:44
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

برلمانية تتقدم ببيان لوزيرة الهجرة عن خطة إجلاء المصريين من أوكرانيا

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:46
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

الوداد يطرح تذاكر مباراة الزمالك.. والناصري يشكر أخنوش ولقجع

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:17:29
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

طقس الجمعة..أمطار وثلوج في مناطق المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:49
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 85%

الرجاء في طريقه إلى طرح تذاكر مباراة حوريا كوناكري

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:17:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

هل تتجه الحكومة إلى اعتماد قانون مالي تعديلي؟..بايتاس يجيب!

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:57
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 76%

الجمعة رياح مثيرة للرمال والأتربة والطقس شديد البرودة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:47
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

كابيلو رانجواجا عن راحات الأهلي الطويلة: أنا عارف أنا بعمل ايه

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:35
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 40%

«بيت مال المصريين» يحذر من عدم سداد «النفقة».. أبرز نشاط التضامن اليوم

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:47
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي..توقيع اتفاق بين الحكومة ونقابات القطاع الصحي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:57
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 75%

ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية بأكثر من التوقعات بـ 4.5 ملايين برميل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:45
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

أسعار النفط تتخطى 105 دولارات للمرة الأولى منذ 2014

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:45
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

نهضة بركان يهزم الجيش الملكي ويصعد إلى المركز الثالث

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:17:31
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

الكنيسة الكاثوليكية تشارك في الصلاة من أجل مصر

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:43
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

مدافع صن داونز: لا نهدف للانتقام من الأهلي.. ثقتهم كبيرة في أنفسهم

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:37
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 38%

روسيا وأوكرانيا: ما مدى صعوبة تصدي كييف للغزو الروسي؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:56
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 79%

النقاط الرئيسية للاتفاق بين وزارة الصحة وشركائها الاجتماعيين

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:31
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

توظيف مالي لمبلغ 10.6 مليار درهم من فائض الخزينة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-25 00:16:29
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

تحميل تطبيق المنصة العربية