علي التاجر

عودة للموسوعة

علي التاجر

علي التاجر ملف من اعداد جعفر الديري:

(1) من هوعلي التاجر؟*

يصادف 13 يونيو/ حزيران 2006 مرور 40 يوماً على وفاة الأديب البحراني علي التاجر الذي يعد أحد أبرز رموز حركة التنوير في البحرين في العصر الحديث وأحد أشهر رواد النقد الأدبي في البحرين ومنطقة الخليج العربي

ولد في البحرين في العام 1906 وينحدر من أسرة عهدت بالفهم والأدب وأنجبت الكثير من الشعراء والأدباء والفقهاء ورجال الفكر والاقتصاد وكان لها الفضل الكبير في تفعيل الحركة الثقافية والتعليمية في البلاد في النصف الأول من القرن العشرين ومن وجوه الأسرة الشيخ سلمان التاجر والمؤرخ الشيخ محمد علي التاجر وعبدالرسول التاجر الذي أسس مدرسة أهلية العام 1945.

بزغ نجمه في كتابة الموضوعات الصحافية في عقود الثلاثينات والأربعينات والخمسينات. وأصبح المحرر المفضل للنخب المثقفة إذ ركز جل اهتمامه في كتابة الموضوعات النقدية. وتعد المراسلات التي تمت بينه وبين إبراهيم العريض في الفترة من العام 1938 حتى العام 1939 أثناء وجوده في الخارج متنقلا بين أبوظبي ودبي، البدايات المبكرة للنقد الأدبي في البحرين.

ساهم، مع مجموعة من الشباب، في إصدار مجلة صوت البحرين التي استمرت حتى العام 1954، إذ شكلت أبرز المجلات التي صدرت في البحرين في الخمسينات. كان له دور فاعل في تأسيس نادي العروبة في العام،1939 إذ سعى إلى تحقيق أهداف النادي الرامية إلى الاهتمام بالفكر والثقافة والأدب، والعمل على تنمية روح الوحدة الوطنية وبث الوعي الاجتماعي والقومي بين أعضائه ومحاربة الطائفية بجميع أشكالها. انشغل بالنشاط السياسي الوطني مع الهيئة التطبيقية العليا 1954 1956 ثم مع هيئة الاتحاد الوطني بعد الاعتراف بها، وكان ضمن لجنة الثمانية الاستشارية للهيئة. تعرض للتوقيف بعد مداهمة منزله والاستيلاء على مخطته العامرة ومصادرها، وغادر البحرين واستقر في دبي. تم تعيينه مسئولاً في دائرة الوثائق والمخطوطات في أبوظبي. استنطق من عمله بدار المخطوطات والوثائق في أبوظبي وعاد إلى منزله في دبي واستقر عاكفا على مشروعاته وأبحاثه حتى وافاه الأجل في دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.


التاجر... الغريب في وطنه

لا نستطيع ونحن نطالع جميع تلك الوجوه المشرقة التي عبرت على تاريخ البحرين الحديث إلا حتى ننحني إكبارا لها.

إنها وجوه أعطت الكثير وساهمت بشكل جلي في حملة وتقدم هذا الوطن المعطاء وحاولت بكل ما وسعتها الحيلة حتى تساهم في زيادته. غير أنه تظل هناك وجوه اتصفت بسعة عطائها وإنتاجها، إذ حملت الوطن وهي فيه أوخارجه وكانت بحق تمثل في بلد الغربة عزفاً مفرداً لأنها ظلت تحمل الوطن بين جوانحها. وكانت لا تبرح تتذكر ماضيها وذكرياتها وتنسج من خلالها صورة ترسمها لهذا الوطن العظيم بتاريخه وبحاضره، والمرحوم علي التاجر أحد هؤلاء المخلصين الذين «شطت بهم غربة النوى» بإبعاد قسري إلى إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة ليموت غريباً وبعيداً عن أهله وأصحابه الذين شاطرهم عمره وذكرياته ورسالته في الحياة.

وكما أننا لم نكن ننتظر الاحتفاء بهذه الشخصية الكبيرة التي كان لها أثرها الواضح في تاريخ البحرين المعاصر من نقد وصحافة وتاريخ إذ كان أحد المشتغلين بحرفية على تلك الثيمات إلى جانب دوره الواضح في الشأن السياسي واستقلال البحرين. نقول؛ إننا لم نكن نتسقط الاحتفاء بهذا الرجل الكبير حين نعي إلينا من بلد الغربة من الإمارات العربية المتحدة لأنه ببساطة لم يكن إماراتيا لكن باللقاء ويا للسخرية المرة يموت التاجر وكأنه يوم موته ينعى نفسه التي يفهم أنها لن يحتفى بها بعد اليوم وكأنما لسان حاله يقول إذا من يموتون من رجالات البحرين في بلدهم لا يتم الاحتفاء بهم لا في حياتهم ولا في مماتهم فكيف بأديب يموت في دار غربة بعيداً عن الأهل الأصحاب.

المرحوم التاجر الذي يصفه من عاصره بأنه كان رجلاً أديباً موسوعياً مطلعاً على الأدب والفن ومؤرخاً وباحثاً لا يشق له غبار الذي كان أحد اللبنات الأساسية في بنية الريادة في البحرين يمضي على وفاته حتى الآن 40 يوماً من دون أي اهتمام رسمي أوأهلي ومن دون حتى يحرك فقده شيئاً ما علق في القلوب من عطائه وإسهاماته وكأن الرجل بموته طوى صفحته وتحول إلى التراب. مع حتى كتاباته لا تزال شاهدة على حضوره ومع حتى رفاق دربه يؤكدون جميل ما قدمه.

وكما أنا لا ننتظر من أحد حتى يعيد الاحتفاء بالمرحوم التاجر سعينا إلى تخصيص هذا الملف عن المرحوم التاجر، إذ تناولنا جانبا من علاماته المضيئة وتاريخه المشرق والتقينا بمجموعة ممن عاصروه واطلعوا عن كثب على تجربته الغنية كما ننشر هنا مجموعة من كتاباته الثمينة.


التاجر في عيون من عهده منح البحرين جميع ما يملك وبخلت عليه بشيء من التقدير

يتذكر من عاصر وجلس مع المرحوم علي التاجر تلك الغلالة الشفافة التي كانت تميز طبعه وسلوكه ويؤكدون حتى التاجر كان مفكراً من الطراز الأول وأديبا حاول ما وسعته الحيلة العمل على اثراء الفكر والثقافة وأنه كان موسوعيا يقرأ ويهضم الكثير من بطون الخط الأدبية والثقافية.

وأنه كان فهماً بارزاً في ميدان الأدب والنقد والفكر وعلى اطلاع واسع بأمهات الخط العربية والأجنبية. وأنه كان يتحرى الصدق فيما يخط بجهد وتعب. المرحوم التاجر الذي فقدناه مغتربا فهماً بارزاً جديراً بكل احترام وتقدير ومع ذلك لم يحظى بأدنى اهتمام يذكر فخبر رحيله مر دون حتى يحرك ساكنا في فضاء طالما شهد جولاته وحضوره الغني دافعا بكل طاقته من أجل حملة اسم البحرين. وكأن النسيان هومصير إنسان كان بمثابة عمود من أعمدة الفكر والثقافة والصحافة في البحرين.

تلك الحدثات التي تحدث بها مجموعة من الذين عاصروا أوجمعتهم الأيام مع المرحوم التاجر كانت حرية بالانتباه لأنها شهادات في حق المرحوم التاجر. وهي شهادات تطالب بأن يحظى التاجر بما يليق باسمه...

متعدد الاهتمامات:

يتحدث رئيس المخطات العامة بوزارة التربية والتعليم والباحث منصور سرحان بألم عن المرحوم التاجر حين يقول: «بالنسبة لي عهدت المرحوم علي التاجر صاحب قلم رصين يخط الموضوعة الأدبية والصحافية وخصوصاً في مجال النقد وله باع طويل في ترجمة الكثير من الأعمال الأدبية التي كان ينشرها في صحافة الخمسينات. وهويعتبر المؤسس لحركة النقد في البحرين مع إبراهيم العريض وقد ذكرت ذلك في المراسلات بينه وبين إبراهيم العريض التي كانت تبدأ بإرسال قصيدة من إبراهيم العريض إلى التاجر الذي يقوم بتقديم نقد عليها ومن ثم يعلق العريض على هذا النقد. إذ بدأت برسائل قصيرة وموجزة ثم تحولت بمرور الأيام إلى دراسات وأبحاث قد تستغرق منخمسة إلىستة صفحات إذ كان العريض يستقبل هذا النقد بروح رياضية ويرد عليه فأصبحت تلك المراسلات بداية النقد الأدبي في البحرين.

وكان له دوره في مجلة صوت البحرين التي كانت تصدر في الخمسينات والتي استمرت حتى العام 1954 وكان لها رقابلا في الخليج ويعاد نشرها في دار الكشاف في بيروت حيث توزع في الوطن العربي وكان التاجر يقوم بكتابة الكثير من الموضوعات والترجمات والموضوعات وخط الكثير من افتتاحيتها ما أثرى صفحات المجلة طيلة سنوات صدورها». ويضيف: «أيضا للتاجر عطاءه في المجال الأدبي الذي يعود إلى (جريدة البحرين) التي نشرت في الفترة من العام 1941 حتى العام،1942 35 منطقاً نقدياً عن السجال الذي دار بخصوص تجربة الشاعر عبدالرحمن المعاودة ونظم الرباعيات الشعرية على غرار رباعيات الخيام، إذ شارك التاجر بقلمه في تلك المعركة الأدبية النقدية، ورمز إلى اسمه بحرف (ت). وكانت منطقاته النقدية في غاية القوة والصلابة بسبب اطلاعه على أمهات الخط العربية في مجال الشعر والأدب، وحفظه أقوال الشعراء والأدباء العرب منذ العصر الجاهلي وحتى عصره. وجلست مع المرحوم التاجر قبل خمسة أعوام من وفاته في دبي وكان بحق رجلا قادرا على الحديث في أبواب عدة فعندما يتحدث عن السياسة تجده رجل سياسة وعندما يتحدث عن الأدب تفهم أنه أحد أعلام الأدب وكان دائم الاستشهاد بعبارات ومنطقات وبعض الآيات القرآنية».

إصدار كتاب توثيقي

واقترح بعض الأمور التي تجب في حق المرحوم التاجر نطق سرحان: «مقترحي الأول بهذا الشأن هوإصدار كتاب توثيقي لحياة التاجر الذي كان له عطاءه في العمل السياسي إلى جانب عطائه الفكري إذ كانت له مواقف المشرفة والمعروفة فهورجل سياسة وله آراء وطنية وقد رُحّل بسبب آرائه الوطنية. فهورجل ثري المواهب. لذلك أرى ضرورة إصدار كتاب توثيقي عن المرحوم التاجر. وقمت من جانبي بطرح تلك الفكرة على المهتمين الذين يحتفظون بأوراق تخص التاجر لم تنشر والذين أبدوا استعدادهم لذلك كما أرى انه من الأهمية بمكان طباعة كتابه الذي أشار إليه عند زيارتي له وهوكتاب يتحدث فيه عن البحرين وتاريخها الحضاري والثقافي. إضافة إلى احتفال يقوم به نادي العروبة الذي كان المرحوم التاجر من مؤسسيه الفاعلين فيه».

ذواطلاع واسع:

أما السفير السابق حسين راشد الصباغ الذي التقى بالمرحوم التاجر في صيف العام 1968 فيؤكد حتى التاجر لم يحظ بأدنى اهتمام أسوة بغيره من رجالات البحرين فما هوحاصل حتى عدم التكريم هوالرائج لدينا وليس التكريم. يقول الصباغ: «لقد التقيت المرحوم الأديب علي التاجر في صيف العام 1968 في المخطة العامة، ووجدته فهماً بارزاً في ميدان الأدب والنقد والفكر، وعلى اطلاع واسع بأمهات الخط العربية والأجنبية. كما ربطتني علاقة طيبة بنجل علي التاجر المرحوم أحمد التاجر، الذي كان محامياً نشطاً في دبي، وكان زميل دراسة في القاهرة. وأنا أتساءل حقيقة بألم عن عدم تكريم المرحوم التاجر وأن وفاته تمر هكذا من دون اهتمام يذكر، لكن ما الذي نستطيع قوله؟، حتى هذا هوحال البحرين بكل عام فأنا مثلا عملت سفيرا فيخمسة سفارات ولم ألق أدنى اهتمام حتى عندما أصدرت كتابي عن ذكرياتي في الصين لم يعط الكتاب أدنى اهتمام مع حتى السفارة الصينية طلبت الكتاب».

ويضيف في السياق نفسه: «وأعتقد حتى ما يحدث في البحرين ليس شأنا خاصا وإنما هووضع نعاني منه جميعا كعرب نعيش في بلاد عربية وسمعت شخصيا من الأديب المصري نجيب محفوظ في الستينات أيام المد الناصري حتى أحسن كتاب ألفه باع منه 3000 آلاف نسخة وكان العقاد يقول انه لولا حتى العبقريات كانت مقررة على طلاب المدارس لم يبع منها ألف نسخة. فهذه مأساة عربية تضم مأساتنا في البحرين.

أعطيك مثالاً آخر، محمد حسن صنقور الذي لا يزال حيا يرزق في دار الحكمة رجل موسوعي تعهدت عليه عند المرحوم التاجر في مخطه وكان من أبرز المحامين، عيسى الجودر الذي يعتبر أول مذيع في أرامكوفي السعودية في العام 1956 لم يحظ بأي تكريم. عبدالرسول التاجر الذي يذكر أخي أنه تفهم الكتابة على الآلة المحررة في مدرسته لم يحظوا جميعا بأي تكريم شأنهم شأن هذا الرجل العظيم وهوالتاجر الذي فقدناه من دون أدنى ضجة. وطالما حتى الوضع سيظل على ما عليه فلنقد يكون هناك اهتمام لا بالمرحوم التاجر ولا بغيره».

دور بارز مع نادي العروبة:

من جهته، يورد الباحث والمترجم محمد الخزاعي جانباً من الذكريات التي جمعته مع المرحوم التاجر حين يقول: «لقد كان المرحوم علي التاجر يمثل بالنسبة الي جيل الآباء بسبب فارق السن، فقد كنت في سن ابنه الثاني المرحوم كاظم وبفارق لا يزيد على عامين في سن ابنه الثالث محمد أطال الله في عمره إذ جمعتنا صداقة وعشرة حتى فرقت بيننا ظروف الحياة بهجرة البعض من آل التاجر إلى دبي. كنت في صباي أتردد على منزل علي التاجر الملاصق لبيت العائلة الكبير. وطبعاً كنا نادراً ما نراه إلا عن بعد لأننا نحن الصبية لا نجرؤ على المثول بين يديه. كان المرحوم علي واحداً من بين جيل «الأساتذة الذين ارتبطوا بمهنة التعليم كإبراهيم العريض وسالم العريض، وحسن الجشي، وميرزا عبدعلي الخزاعي الذين اكتسبوا اللقب بحكم امتهانهم التدريس». لهذا السبب لم يكن هذا اللقب يعطى إلا لنفر قليل من بين هؤلاء الرواد الذين عاصروا بدايات التعليم النظامي في البحرين.

في فترة الصبا فهمنا حتى إبراهيم العريض وعلي التاجر كانا يعملان لدى شركة امتيازات النفط البريطانية كمترجمين بسبب إجادتهما للغة الإنجليزية. وبسبب عمله في تلك الشركة فقد كان دائم السفر والتنقل. غير حتى التاجر اشتهر كأحد ثلاثة أشرفوا على تحرير مجلة «صوت البحرين» ذات الطابع الأدبي والسياسي والاجتماعي العام. كانت تصدر شهرياً وتطبع في بيروت. كنت أرى المجلة في بيتنا إذ كان أخي الأكبر يواظب على قراءتها. لم أكن مهتماً بتلك المجلة في ذلك الوقت بسبب صغر سني، ويتحدث عن العلاقة التي ربطته معه في نادي العروبة بقوله: «لقد عهدت الأستاذ علي من خلال نادي العروبة الذي التحقت به قبل تخرجي من المدرسة الثانوية بقليل. هناك كنا نلتقي في غرفة الألعاب ونتجمهر حول طاولات الشطرنج والطاولة والكيرم والدامة. كان المرحوم علي لاعبا ماهراً مولعاً بالطاولة وكنا نستمتع بمشاهدته وهويلعبها وكيف كان يرمي الزهر ويحرك البتر بعصبية واضحة عندما لم تكن رمية الزهر مواتية لتسقطاته. في النادي كانت تجري نقاشات سياسية واجتماعية وكان الأستاذ دائم المشاركة فيها، وكنا نحن صغار الأعضاء مشاركين سلبيين في هذه الحوارات ونكتفي بدور المستمع.

دراسة أعماله المنشورة:

كما يرى الخزاعي حتى خير تكريم لهذا الرائد من رواد النهضة الفكرية والأدبية في البحرين هوالقيام بإجراء دراسة تقييمية موضوعية لأعماله المنشورة في صوت البحرين، خصوصاً بعد حتى تم إعادة نشر أعداد المجلة من قبل مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث فهي الآن في متناول الباحثين

ويوضح الخزاعي: «فباستثناء كتاباته في صوت البحرين لم يكن لعلي التاجر إنتاج منشور. نفهم أنه كان شديد الاهتمام بتاريخ المنطقة وخصوصاً بصلة الفينيقيين وأصولهم، وكان يعكف على تأليف مجلد بشأن هذا الموضوع، لست أدري كم فصلاً تم إنجازه منه. يخيل لي حتى أفضل ما يمكن عمله هونشر ما متوافر من مخطوطة الكتاب».

من كتابات علي التاجر

الصراع العربي البرتغالي في المحيط الهندي:

كان لعودة «فاسكودي غاما» من رحلته الأولى إلى الهند، رنة فرح مدوية في البرتغال فما كادت سفينته تقترب من الساحل، حتى تسابق المبشرون بالنبأ إلى الملك الذي كان آنذاك في ضواحي العاصمة، فكاد يطير من الفرح، وأسرع إلى الشاطئ لاستقباله، وبقي ينتظر وصوله، بينما خرجت زائريق المرحبين إلى عرض البحر وقد تزينت بالأعلام. ولما أرست سفينته، أوفد الملك احد رجاله للترحيب به، وإبلاغه تحيات جلالته. وعند نزوله إلى الشاطئ، استقبله نبلاء القصر، وصحبوه إلى لقاءة الملك فتلقاه بالحفاوة والتكريم، ثم اصطحبه إلى القصر، وقدمه للملكة، وانعم عليه في اليوم التالي بلقب «دوم»[1]. وقدم فاسكوللملك الهدايا التي اتى بها من ملكي كنانور وملندي، فغمره بالمنح والهبات. كما انعم بسخاء على قادة الحملة ورجالها وورثة من لاقى حتفه منهم. وقدم إعانات مالية سخية للمؤسسات الدينية، ثم توجه والملكة، على رأس موكب حافل، إلى الكنيسة، إذ استمعا إلى موعظة عن الهند وعظمتها، وعن الانجاز العظيم الذي حققته البرتغال باكتشافها الطريق البحري إليها، وعما فيها من ثروات طائلة، تنتظر من يمد يده من البرتغاليين ليجني ثمارها. وأوفد بعد يومين من عودة فاسكو، رسالة تفيض بالفرح، إلى فرديناند وايزابيللا، ملكي اراغون وقسطيلية، يبلغهما فيها حتى رجاله تمكنوا من تحقيق هدفهم، وحصلوا على كميات وافرة من القرنفل والقرفة وغيرهما من التوابل، بالإضافة إلى ما حصلوا عليه من «ياقوت وأحجار كريمة من كافة الاصناف». ويقول لهما في مبالغة مكشوفة: «إن رجاله اكتشفوا أرضاً تكثر فيها معادن المضى»، وانه عازم على مواصلة رحلات الكشوف، وانتزاع السيطرة على تجارة التوابل في المحيط الهندي من أيدي المسلمين بالقوة، بمساعدة «المسيحيين» الهنود الذين تم التعهد عليهم أخيراً. ثم بعث بعد فترة وجيزة برسالة أخرى إلى الكردينال الموكل برعاية المصالح.

الربان أحمد بن ماجد:

كانت السواحل الشرقية من البحر الأبيض المتوسط، الملتقى الرئيسي للطرق التجارية ما بين الشرق والغرب منذ أقدم العصور، حين كانت المنتجات الشرقية من الحرير والعطور والتوابل والأحجار الكريمة وما أشبه ذلك تجد في أسواقها، خاتمة المطاف لرحلتها الطويلة من مصادرها الأولى في الهند والشرق الأقصى، لتبدأ بعد ذلك رحلة جديدة إلى أسواق الاستهلاك في أوروبا. ولذلك فقد كان التناحر بين القوى العالمية، شديدا متواصلاً من أجل السيادة على هذه المنطقة المهمة من العالم، نظرا إلى ما تدره تجارتها من أرباح خيالية، وما تضفيه من القوة والمنعة على من يسيطر عليها. استمر هذا التناحر متواصلاً من أقدم الأزمان، حتى ورثته دولتا الفرس والروم، ثم كانت الغلبة فيه للدولة البيزنطية، وريثة الدولة الرومانية، فاستقرت لها السيادة على تلك المنطقة قبيل الإسلام، ثم انتقلت إلى العرب بعد ظهوره، واكتفت بيزنطة باحتكار المتاجر الشرقية وتصريفها في الممالك التابعة لها في أوروبا، في حرص شديد، وأنانية بالغة، فكانت السلع الشرقية التي تصل إلى القسطنطينية، تنقل إلى أوروبا في سفن البيزنطيين ومن والاهم من الأوروبيين. مجلة الواحةتسعة /تسعة / 2008 العدد (42)

تاريخ النشر: 2020-06-04 11:20:23
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

وعكة صحية تلم بالدولي السابق البياز.. ومطالب بتدخل المسؤولين 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:28:50
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

زلزال بقوة 6.6 درجات يضرب جنوب الفلبين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:29:20
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

الداخلة.. ضبط موظف شرطة متلبسا بالحصول على رشوة من سيدة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:28:41
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

وعكة صحية تلم بالدولي السابق البياز.. ومطالب بتدخل المسؤولين 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:28:59
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

طنجة .. القوات المساعدة تتبرع بالدم تضامنا مع ضحايا زلزال الحوز

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:27:37
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 68%

الجزائر تعلن انسحابها من تنظيم كأس أمم إفريقيا دورتي2025 و2027

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:29:13
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 60%

زلزال بقوة 6.6 درجات يضرب جنوب الفلبين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:29:15
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

سوق الأسهم السعودية ينهي تعاملاته مرتفعا ويكسب 50 نقطة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:27:22
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

إطلاق مؤتمر الناشرين الدولي 4 أكتوبر السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:27:14
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

الجزائر تعلن انسحابها من تنظيم كأس أمم إفريقيا دورتي2025 و2027

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:29:08
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

الداخلة.. ضبط موظف شرطة متلبسا بالحصول على رشوة من سيدة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:28:48
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 66%

مواطن يفرح مرتين في اليوم الوطني السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:27:19
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

الشورى يطالب وزارة الصحة بسعودة وظائفها السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:27:17
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

السعودية تدين الهجوم عند حدودها مع اليمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-26 15:31:13
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية