الحيوانات الرامزة

عودة للموسوعة

الحيوانات الرامزة

"الفهد" من حكاية حيوانات رامزة من القرن 13، تُعهد بإسم "حكاية روتشستر للحيوانات الرامزة."
تفصيلة من القرن 12 من حكاية أبردين للحيوانات الرامزة
Monoceros والدب. مخطة بودليان, MS. Ashmole 1511, حكاية أشمول للحيوانات الرامزة, Folio 21r، إنگلترة (پيتربورو?)، مطلع القرن 13.
The Perindens Tree.

الحيوانات الرامزة Bestiaire تسمية لنوع من الخط التي ظهرت في العصور الوسطى وخطت بالفرنسية أواللاتينية، تضم مجموعات من الحيوانات الحقيقية أوالمتخيلة الرامزة لدلالات أخلاقية أودينية. وقد قلّدت هذه الأعمال التي خطت بين القرن الثاني عشر والرابع عشر مجموعة يونانية قديمة بعنوان «فيزيولوگوس (الطبيعي)» Physiologus ظهرت في الإسكندرية في القرن الثاني للميلاد. وقد حملت المثالية المستخلصة من الإنجيل والغرائبية التي تتصف بها الحيوانات الأسطورية الشرقية كالأفعوان الخرافي hydre وجنية البحر sirène والقنطورس centaure وطائر الفينيق (العنقاء) phénix وغيرها، إضافة إلى أنها تضم مجموعة من الحيوانات المعروفة كالذئب والقندس والتمساح.

عهد الإنسان استخدام الحيوانات كرموز في أدبه، في وقت مبكر جداً يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ويقصد بالأعمال التي تتستر وراء رموز الحيوانات الحقيقية أوالمتخيلة حتى تكون رموزاً للأخلاق والمثل الدينية. وقد شكلت هذه الأعمال وثائق مهمة لدراسة عقلية القرون الوسطى وأخلاقها، وقدمت نموذجاً للأساليب الأدبية التي تعتمد الاستعارات الرمزية.

حوت نصوص هذه الأعمال تعاليم دينية مترافقة مع توصيفات لنحوخمسين حيواناً، وقد عهد هذا النموذج نجاحاً واسعاً، أكدته الترجمات إلى اللغات المتنوعة وأولها الحبشية والسريانية والأرمنية. أما إلى اللغة اللاتينية فقد بدأت الترجمة منذ القرن الرابع الميلادي. ومعظم الحيوانات التي وردت في هذا التراث موجودة في الإنجيل، مع الإشارة إلى الخلط القائم في أسمائها والناتج عن الترجمة.

قام الفرنسي فيليپ ده تاون Philippe de Thaon في القرن الثاني عشر بكتابة أول نسخة من خط الحيوانات الرامزة، ثم تبعه في بداية القرن الثالث عشر جان بوش دور Jean Bouche d’Or وجرڤيز Gervaise الذي خط نسخة مختصرة جداً (1280 بيتاً) بأسلوب روائي. من أبرز الصور التي تتكرر في هذه الخط التي تتناول الحيوانات: الأسد الذي يزيل آثاره بذيله وتبقى عينه ساهرة عندما ينام؛ الفهد برائحته المغرية إلا للتنين الذي يختنق منها؛ الأفعوان الخرافي ذوالرؤوس السبعة الذي يدخل في مؤخرة التمساح ويقتله؛ حورية البحر التي تنيم أولئك الذين يصغون إليها؛ الأفاعي والأحناش تجدد شبابها بالصوم؛ والتنين يبصق سمّه قبل حتى يشرب؛ والثعلب يتظاهر بالموت ليطبق على العصافير؛ القندس يخصي نفسه كي لا يقتله البشر الذين يستخرجون من خصيتيه دواء؛ النملة تتمتع ببصيرة وبعد نظر إذ تخزن الحب بكيفية تمنعه من الإنتاش وتستطيع التمييز بين حبات القمح والشعير؛ الحجلة ترقد على بيض ليس لها مما يدفع بأفراخها إلى الابتعاد عنها؛ النعامة لا تهتم ببيضها؛ البومة العمياء تستطيع الرؤية بفضل أطفالها؛ العنقاء تحترق لتبُعَث من رمادها.

هذه نظرة مجزأة جداً لعالم الحيوان، ولا يخفى التفسير الديني لهذه الرموز، فمثلاً الأسد الذي يمحي آثاره يرمز إلى الحبل غير الدنس، والأفعوان الخرافي يذكر بالمسيح الذي يطفئ النيران، والنمل بالعذارى الحكيمات، والخصاء كتضحية يذكر بفضائل التقشف، واستقياء التنين بالاعتراف.

طوَّر گي‌يوم لوكلرك Guillaume le Clerc نسخة موسّعة جداً (نحو3426 بيتاً) تنطق بألسنة الحيوانات نفسها من نسخة فيليب دي تاون، لكن مع كثير من الإسهاب الكلامي. ويبدوأنه اقترح حتىقد يكون عالم الحيوان هوعالم الخوف والهدف هوالإرشاد.

ثمة عمل آخر وضعه پيير ده بوڤيه Pierre de Beauvais يتكون من 38 فصلاً يتبع إلى حد كبير ترتيب نسخة لوكليرك لكن مع تغيير أسماء الحيوانات، مما يوحي بفرض وجود مصادر أخرى، كما أضاف إليها أسماء الذئب والكلب. أما النسخة الطويلة فقد أضيفت إليها مصادر مختلفة، وخاصة أنواع الطيور.

يستخدم ريشارد ده فورنيڤال Richard de Fournival في كتابه «حكايات الحيوان الغزلية» Bestiaires d’amours (منتصف القرن الثالث عشر) 57 نموذجاً من الحيوانات اعتمد في معظمها على موروث قريب من بوفيه، لكنه يدخل فيه عقيدة الحب العذري L’amour courtois. ويؤكد هذا التغير حتى العلاقة القائمة في ذلك الوقت بين العلامة الرمزية وتفسيرها لم تكن ثابتة. فهذه الحيوانات نفسها ستتحول إلى الكشف عن أسرار سلوكيات الغزل بدل القيم الدينية والأخلاقية. وسيدعم المثال من طبيعة الحيوان فكرة الحب التي يريد المحرر تقديمها، مما يوصل إلى مقارنات جميلة، فصورة الذئب الذي يفقد قوته حين تثبيت النظر إليه يجسد صورة المرأة العاشقة التي تفقد قوتها باستسلامها لحبها.

شهد القرن الرابع عشر حلول خط الحيوان المهتمة بالصيد محل تلك التي تروي التاريخ الأسطوري في الأدب المجازي، لكن دون استغناء عن الحكم الأخلاقية. وفي هذا الإطار ألف هنري ده فريير Henri de Ferrières عام 1350 كتاباً عنوانه «خط الملك مودوس والملكة راسيو» Les Livres du roy Mudus et de la royne Ratio يصف فيه الملك حياة الحيوانات التي كان يصطادها الناس في فرنسا آنذاك وعاداتها، وتقوم الملكة راسيوباستخلاص العبر الأخلاقية من هذه الأوصاف. ويُلاحظ حتى المؤلف ينتقل من التصوير الخيالي والغرائبي إلى التصوير الواقعي والأليف. وتأخذ هذه الاهتمامات العملية (الصيد) باحتلال مسقط الصدارة في عمل گاس دلا بويني Gace de la Buigne «رواية اللهو» Roman des deduis (نحوعام1360). فبعد صراع بين الرذائل والفضائل تنشب معركة بين مربي الصقور وصياد يستخدم الكلاب: المهم في هذا الأمر هوتناول موضوعة الصيد كحقيقة واقعية تتفوق بالنهاية على المجازية. ومع ذلك ساعد موضوع الصيد في تجديد الاستعارات عند الشعراء، كما لدى اوكتاڤيان ده سان-جليه Octovien de Saint-Gelais الذي قدّم مختارات من هذه القصائد تحت عنوان «الصيد ورحيل الحب» La Chasse et le départ d’amours، وأصبحت الحيوانات الرامزة كالكلب والصقر والطرائد المتنوعة جزءاً من الحياة اليومية. أما الحيوانات الغريبة والعجيبة (كالأيل ذي الأجنحة) لم تظهر إلا عند كبار الشعراء في القرن الخامس عشر.

السلمندر، "صورة من 30 صورة سحرية"، ستراسبورگ 1616

استطاع النحت تأمين استمرارية بعض الصور الأسطورية، كما دفعت قراءة ڤرجيليوس وأوڤيد إلى الحلم بجنية البحر وبالقنطورس وبوحوش أخرى. وقد رسخ الكتاب المقدس خاصة فكرة الحيوانات التي تنتمي إلى عالم مليء بالدلالات الغامضة، ولا يزال الفصل بين الخير والشر عند الحيوانات فارضاً نفسه في جميع الخط.

إلى غير ذلك تنتهي معظم صور الحيوانات بالتعبير عن إيديولوجية مختلفة كثيراً عن فكرتها الرمزية الأولية التي جسدتها، وربما تصل إلى حد التناقض معها. إذا الحكايات الخرافية التي تحاط بها صور هذه الحيوانات والدروس التي تستخلص منها تعكس في الواقع رعباً غريزياً أمام قوى الحياة عاشه الإنسان قديماً ولا يزال. ولابد من الإشارة إلى تطور استخدام الحيوانات الرامزة في الأعمال الفنية المتنوعة، وخاصة في العصور الحديثة. فقد أدت دوراً مهماً في أدب الأطفال حينما احتل الحيوان أدوار البطولة في كثير من الحكايات والقصص والأعمال التلفزيونية الموجهة للأطفال، وقام بدور الوسيط بين الطفل والعالم المحيط به.

انظر أيضاً

  • كليلة ودمنة
  • Allegory in the Middle Ages
  • قائمة قصص الحيوانات الرامزة القروسطية
  • Marine counterparts of land creatures
  • الأدب الشعبي
  • الحكاية الخرافية
  • الحكاية الشعبية
  • أدب العصر العباسي
  • ابن المقفع


المصادر

  • وائل بركات. "الحيوانات الرامزة". الموسوعة العربية.

المراجع

  • "The Medieval Bestiary", by James Grout, part of the Encyclopædia Romana.
  • Payne, Ann. (1990) "Mediaeval Beasts.
  • Hassig, Debra (1995) Medieval Bestiaries: Text, Image, Ideology.
  • Hassig, Debra, ed. (1999) The Mark of the Beast: The Medieval Bestiary in Art, Life, and Literature.
  • Benton, Janetta Rebold. (1992) The Medieval Menagerie: Animals in the Art of the Middle Ages.
  • George, Wilma and Brunsdon Yapp. (1991) The Naming of the Beasts: Natural History in the Medieval Bestiary.
  • Clark, Willene B. and Meradith T. McMunn. (1989) The Bestiary and its Legacy.

الهامش

نطقب:ثبت المراحع

وصلات خارجية

  • The Bestiary: The Book of Beasts, T.H. White's translation of a medieval bestiary في مخطة جامعة كمبردج؛ التي رقـّمتها مخطات جامعة وسكنسن-ماديسون.
  • The Medieval Bestiary online, edited by David Badke.
  • The Bestiaire of Philippe de Thaon at the National Library of Denmark.
  • The Bestiary of Anne Walshe في مخطة الدنمارك الوطنية.
  • The Aberdeen Bestiary at the University of Aberdeen.
  • عرض (بالإنگليزية، ولكن النسخة الفرنسية أكبر) في المخطة الوطنية لفرنسا
  • Christian Symbolology Animals and their meanings in Christian texts.
  • Bestiairy - Monsters & Fabulous Creatures of Greek Myth & Legend with pictures
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:38:19
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, Commons category link is locally defined, أنواع المخطوطات المصورة, مخلوقات أسطورية اوروبية قروسطية, أدب العصور الوسطى, علم الحيوان, الحيوانات الرامزة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:21:50
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

حوافز حكومية غير مسبوقة.. طفرة فى المشروعات الخضراء بمصر.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:08
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 50%

قمة المناخ "Cop27".. شرم الشيخ 2022 مدينة خضراء ذكية صديقة للبيئة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:17
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 46%

انتهي‏ ‏المؤتمر‏ ‏الاقتصادي‏.. ‏ويبقي‏ ‏التطبيق

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:21:51
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

مرصد للتربية والتكوين يدخل على خط ملف أستاذ "جافيل وسانيكروا" وحُفر قسمه

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:23:38
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 83%

إيلون ماسك يحذر من إفلاس "تويتر" ويطالب الموظفين بـ80 ساعة عمل أسبوعيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:06
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 37%

وزارة الأوقاف تفتتح اليوم 18 مسجدًا في المحافظات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:16
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 47%

محيي الدين: تحقيق أهداف المناخ يتطلب تغيير سلوك المجتمعات

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:21:49
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

أوكرانيا: مقتل 50 جنديا روسيا وتدمير 3 دبابات و11 عربة مصفحة جنوب البلاد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:10
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 41%

النشرة المرورية.. انتظام حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:09
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 43%

واشنطن تجري محادثات لشراء ذخيرة كورية جنوبية لأوكرانيا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:23:21
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 99%

بالأرقام.. المُخصصات المالية لرصف الطرق والتنمية المحلية بصعيد مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:19
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 44%

الصحة: فحص 400 ألف طالب بالصف الأول الإعدادي للكشف عن فيروس سى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-11 09:22:11
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 43%

تحميل تطبيق المنصة العربية