فوزي رشيد
فوزي رشيد محمد العزاوي، (1930-2011)، مؤرخ وأثاري واكاديمي عراقي
سيرته
اسم مِن الأسماء اللامعة في الحياة العِلمية الآثارية في العراق، إنه الدُّكتور العالم فوزي رشيد (1930-2011)، إذا كانت سنوات الحصار التي جعلت العقل العراقي الجماعي سهلاً للخرافة والشَّعوذة، والسُّلطة الغاشمة التي لا تملك سوى التَّدمير، فإن عمرت يوماً خربت عاماً، دفعا قمةً مثل فوزي رشيد إلى هجر بلاده ومادة فهمه ودراساته، فإن ما سمَّي بالرَّبيع العربي عاد به ثانية إلى بلاده ليموت بعد أُسبوع مِن وصله، بعدما اغترب في ليبيا وتونس. هذا ما خطه الوفي جعفر عبد المهدي صاحب في رحيل العلامة رشيد.
اعماله
خط فوزي رشيد عن ظهور القوانين في هذه البلاد قبل غيرها قائلاً: «لا شيء ظهر أوسيظهر في هذا الكون الفسيح، أوفي حياتنا نحن البشر، ما لم يكن له سبب، ولذلك لابد لنا، قبل حتى نتحدث عن القوانين العِراقية القديمة، حتى نبين أولاً السَّبب المباشر الذي أدى إلى ظهور المجتمع الكبير، ومِن ثم القانون في حياة سكان بلاد وادي الرَّافدين» (القوانين في العِراق القديم). أما السَّبب المباشر الذي يراه علامتنا وكان وراء ظهور القانون في بلاد العِراق فيحدده بالسَّفينة الشَّراعية، يعتقد حتى هذه السَّفينة قد أحدثت انقلاباً كبيراً في الحياة الاقتصادية، وأن باختراع هذه الواسطة توسعت الأسواق وتعددت المواد المتبادلة، ومنها توسع مفهوم الربح والكسب في تبادل مواد ما كانت الحيوانات قادرة على نقلها بين البلدان. فهي واسعة الحجم وقليلة التكاليف وتصل إلى مسافات أبعد، ولما ازداد عدد السُّفن الشِّراعية وتوسعت صناعتها صارت لها موانئ ترسوفيها، وأماكن لتصلحيها، وبهذا تحولت القرية إلى مدينة. بلا شك بحاجة حياة المدينة إلى قوانين تُنظم حياة أهلها وتضبط تبادلهم التِّجاري. وبذلكقد يكون القانون، مثلما خط فوزي رشيد، هو«الوليد الذي أنجبته المدينة عند ظهورها ونموها في النِّصف الثَّاني مِن الألف الرَّابع قبل الميلاد. وبهذا التشبيه للقانون، أي أنه وليد المدينة» (القوانين في العِراق القديم). نطق جعفر عبد المهدي صاحب كشاهد عيان في عِلم فوزي رشيد: «الذي ادهشني بهذا العالم أنه يصحح أرقام مواد شريعة حمورابي عن ظهر قلب، ففي يوم مِن الأيام كنت أقرأ عليه نصا من شريعة حمورابي فأخطأت في رقم المادة فنهض من كرسيه مصححا الرقم» (جعفر عبد المهدي صاحب، رحيل العلامة فوزي رشيد، مسقط الحوار المتمدن).
ذكراه
يبقى نُذكر بوفاء فوزي رشيد، وهومثلما تقدم كان قامة في تراث العراق القديم، لعالم آخر وهوطه باقر (ت 1984)، يُريك كيف من الممكن أن التَّواضع يسمَّوبالفهماء، صنف في رحيله كتاباً، ولوعملها اليوم لتساءل المغرضون، أبطال الإسلام السِّياسي، سقمى الجذام الطَّائفي، عن ممضى كلٍّ منهما! نطق: «في ما يخص الأستاذ طه باقر فإن احترامي له يجب حتىقد يكون أكبر مِن احترام بقية الطَّلبة، الذين درسوا على يديه، لأنه لم يك أستاذي في كلية الآداب فقط، بل كان مديري في الوقت نفسه، وعلاوة على ذلك فقد كان له الفضل الكبير في حصولي على البعثة لدراسة اللغات القديمة في جامعة هايدلبرغ في ألمانيا الغربية، ولهذا فإن مكانة الأستاذ طه باقر بالنِّسبة إلي لا يكفيها حتى يحل اسمه محل اسم والدي» (فوزي رشيد، طه باقر حياته وآثاره).