سلطان القلوب الشيخ عبد الرحيم البرعي (كتاب)
سلطان القلوب الشيخ عبد الرحيم البرعي (2005) كتاب من تأليف محمد خالد ثابت حول واحد من أولياء الله في السودان في زماننا هذا, وصفه في مقدمة الكتاب بأنه "قابل فتن العصر الحديث بقلب مطمئن, واثق بالله, متبع خطا حبيبه ومصطفاه، فشق للأمة طريقاً سهلاً منيرا وسط الخرابات وأكوام النفايات المتراكمة."
سيرة هذا الكتاب
يقول المؤلف -تحت هذا العنوان- إنه في يوم اتصل به صديق وأبلغه أنه قد عاد من السودان لتوه ومعه شريط كاسيت عليه مدائح نبوية لأحد كبار المادحين, وحكى له ما شوقه إليه, فنادىه إلى بيته وجلسا معاً يستمعان لما كان في الشريط الذي كان عنوانه "مصر المؤمنة".. ثم يقول: "وإن كانت اللغة الدارجة التي خطت بها القصائد قد احتاجت حتى استفسر من صديقى عن المعنى هنا وهناك إلا حتى تيار الحب المتدفق من قصيدة إلى أخرى قد علا فوق معانى الحدثات وسائر المحسوسات".
وفهم من صديقه حتى ناظم القصائد -الشيخ عبد الرحيم البرعي- كان قد سقم سقما شديداً فسعى إلى أولياء الله بمصر من أهل البيت وغيرهم, وتوسل بهم إلى الله في الشفاء,فلما تم له الشفاء نظم هذه القصيدة وجعل عنوانها "مصر المؤمنة بأهل الله" يذكر فيها قصته ويذكر أسماء الأولياء وبعض من مناقبهم..
منذ ذلك الوقت- أصبح المؤلف يسأل عن الشيخ البرعى ويستقصى أخباره حتى وفق -بعد مدة- للقاء رجل من السودان -صاحب مخطة بأم درمان- فوعده حتى يمده ببعض دواوين الشيخ.. ثم مضت شهور طويلة, وفي يوم تلقى مكالمة تليفونية من حفيد الشيخ وكان بالقاهرة, وقد أحضر معه خطا عن الشيخ ودواوين له.. يقول: "فأضاءت لى الصورة, وكشفت عن عظم المشهد وثرائه الفريد.. وعزمت -مستعينا بالله- حتى أخط عن هذا الطود الشامخ والبستان المونق المتضوع عطراً وبهاء.."
يتكون الكتاب -بعد المقدمة- من ثلاثة فصول هي:
الفصل الأول: الآباء والأجداد
يتحدث هذا الفصل عن أصول عائلة الشيخ التي استقرت في شمال ولاية كردفان والتي كانت تعيش كغيرها من القبائل على رعى المواشى وقليل من الزراعة في تلك المنطقة الشاسعة المترامية الأطراف, ثم يبين كيف من الممكن أن كانت نشأة قرية "الزريبة" التي اتخدتها اسرة "وقيع الله" -جد الشيخ- مقر لها.
ارتبط هذه الأسرة بالمصاهرة مع قبائل وأسر تشتهر بالصلاح والفهم.. بين المحرر بعض هذه العلاقات ذاكرا أسماء عدد ممن عهدوا بالولاية.. ثم نطق:"لذلك ستلاحظ -أيها القارئ الكريم- حتى هذا الكتاب ستمتلئ بذكر أسماء الأولياء والصالحين الذين ارتبطوا بصاحب السيرة الشيخ البرعى من قريب أومن بعيد".
الفصل الثانى: الوالد الشيخ محمد وقيع الله (1364 هـ-1944 م)
يتحدث هذا الفصل عن والد الشيخ البرعى: الشيخ محمد وقيع الله، وكيف نشأ في بيت صالح وصفه المؤلف بأنه: "مهوى أفئدة الصالحين, وملاذ المكروبين, وعونا للمحتاجين, وموئلا لطلاب الفهم وسالكى طريق الحق.."
يبين كيف من الممكن أن كانت تربيته وتعليمه على أيدى كمل الرجال مثل الشيخ "اّدم التوم" والشيخ "منا أبوالبتول" و"الشريف الجزولى" والشيخ "برير بن الحسين" والشيخ "عمر الصافى".
ويتحدث عن أطوار التربية التي مر بها حتى كمل حاله وبلغ مبلغ الرجال, فأمره شيخه عمر الصافى حتى يرجع إلى أهله, وأن يشتغل بالدعوة والإرشاد.. "وأعطاه راية متوارثة عن القطب الشيخ أحمد البدوى وهى مازالت موجودة إلى الآن بالزريبة.
عاد الشيخ محمد وقيع الله إلى قريته "الزريبة" ليؤسس بها "المسيد" والمسيد عند أهل السودان تعبير عن مؤسسة صوفية تعنى بتحفيظ القراّن وتربية المريدين وبث علوم الدين, وإطعام الطعام, وإيواء الضيفان والمحتاجين, ولذلك يتكون "المسيد" عادة من المسجد والمطبخ وبيوت للخلوة, وأخرى للإيواء, وساحة للذكر وإحياء المناسبات.
يقول المؤلف - نقلاً عن كتاب "برعى السودان" لعبد الرحيم حاج أحمد حفيد الشيخ : كان الشيخ محمد كثير العبادة والمجاهد.. يأخذ بالعزائم في جميع الأمور, يكثر من ذكر الله.. يبتر الليل تسبيحا ولم يؤثر عنه أنه نام ليلا قط, وكان يكره الركون إلى الراحة نهارا وينهى عن ذلك ويقول الشيخ البرعى واصفا أباه: "ما كنت أفارق والدى أبدا وأنا في خدمته دائما, فأينما التفت والدى يمينا أويسارا يجدنى بجواره, فما رأيته قط طيلة حياته نائما لا ليلا ولا نهارا."
ويمضى المؤلف في الحديث عن علوم الشيخ وأدبه ومكارم أخلاقه ويده التي لا تكف عن الإنفاق وإطعام الطعام, وبعض كراماته التي اشتهرت عنه إلى غير ذلك.. ثم يورد أبياتا وصفه بها ولده الشيخ البرعى:
- أكرم بأستــاذ يحق مـــزاره... أرأيت كبف قميـــصه وإزاره
- أم كيف من الممكن أن هيئته ومشيـته على... ظهر الثرى هونا ونعم قراره
- كيف التواضع منه كيف من الممكن أن حديثه... كيف من الممكن أن الجلـــوس وحولـه زائريه
- أرأيت كيف من الممكن أن دقيقه وعجينـه... وإدامه أم كيف من الممكن أن توقد نــاره
يختم المؤلف هذا الفصل بقوله: "رضى الله عن الشيخ محمد وقيع الله. اتى إلى الدنيا فلم يلتفت إلى مغرياتها, ولم يطلب لنفسه حظا من حظوظها, أظمأ نهاره وأيقظ ليله في سقماة مولاه, وقام بواجباته خير قيام, ويوم توفي خلف ذرية صالحة, اختص من بينها ولده عبد الرحيم فأودعه سره, وأعده ليكمل من بعده المشوار, فكان بحق خير والد لخير ولد"
الفصل الثالث: الشيخ عبد الرحيم البرعى(1426 هـ-2005 م)
هذا الفصل هوالأكبر في الكتاب, يستغرق معظم صفحاته, وقد قسمه المؤلف إلى أكثر من عشرين موضوعا تناول في أولها حدثات قيلت عن الشيخ تبين مدى المحبة التي بسطها الله له في قلوب الناس..
ثم تحدث عن نشأته في كنف والده حتى شب وخلفه بعد وفاته في الطريق الصوفى (الطريقة السمانية) وتطرق إلى الحديث عن نشأة الطريقة السمانية في السودان على يد الشيخ أحمد الطيب بن البشير وكيف أخذ الطريق عن الشيخ المؤسس محمد بن عبد الكريم السمان.
تحدث هذا الفصل أيضا عن علوم الشيخ فنطق إنها "كسبية ووهبية" وعن أخلاقه وزهده وتواضعه وصبره وسعة صدره ويتطرق إلى الحديث عن كراماته. جميع ذلك من خلال كلام من عهدوه ورأوا أحواله. يقول المؤلف في افتتاح الفصل الخاص بكراماته: "ما أجمل الحديث عن كرامات الأولياء, إنه الحديث عن هدايا ربنا سبحانه وتعالى لأحبابه وأصفيائه لما اّثروا محبته وغلبوها على سائر المحاب".
ثم تحدث عن شعره الذي وظفه لمديح النبى ومديح الأولياء وبث مكارم الأخلاق إلى غير ذلك.. ويعرض لقصائد لشعراء سودانيين يثنون فيها على شعره ومدائحه.. أما قصائد الشيخ في مختلف الأغراض فتتخلل فصول الكتاب كله نماذج منها.
أما جهود الشيخ في الإصلاح فالحديث عنها يستغرق فصلاً طويلاً بدأه المحرر بهذه العبارة: "الإصلاح في زماننا هذا - وفى جميع زمان- يبدأ بربط الفروع التي جفت وحبس عنها الماء بأصولها المتدفقة بالحياة والنماء; بربط خلف الأمة التائه بسلفها العظيم الذي ارتبط بدوره بأصوله المتصلة بالله"
ويذكر من ضمن جهوده الكثيرة في مجال الإصلاح ما قام به من تسليم للعقائد ومن ذلك قوله في إحدى قصائده التي تناولت هذا الموضوع:
- ونحن اليوم في زمن ملئ... بأنــواع المصاــئب والمكائـد
- ولا يزالون مختلفين حقا... وقد ولج الفساد على العقائد
يقول المؤلف في بداية هذا الفصل: "ماذا تججدى العبادة مهما بلغت إذا كان صاحبها على عقيدة فاسدة في الله ورسوله وأوليائه الصالحين،يا ترى؟ ألم يكن الخوارج -بشهادة النبى- أعبد الناس, ومع ذلك أبلغ أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
ويلى ذلك فصل بعنوان"المربى والمفهم" يبين جهود الشيخ في هذا المجال, ويورد بعضا من كلام الشيخ المأثور مثل:
- ما في دين بلا عجين.
- لوحتى سابحين في البحر العظيم, وغرف أحدهما لأخيه غرفة ماء ليسقيه بها كان له أجر.
- كلكم يا فقراء داخلين الجنة بحب الله ورسوله إلا من أبى.
وتتوالى بقية الفصول:
- الداعى إلى الله
- هووالفن
- هووالسياسة
- هوورجال التصوف
- محبة الناس
- الرحيل
توفى الشيخ عبد الرحيم البرعى بن محمد وقيع الله يوم السبت العاشر من محرم سنة 1426 هـ الموافق التاسع عشر من فبراير سنة 2005 م وقد تسمى بالبرعى نسبة إلى المادح اليمنى الشهير عبد الرحيم البرعى ولأن أهل السودان -محبة في النبى ومادحيه- يطلقون اسم "البرعى" على جميع من اسمه عبد الرحيم كما ذكر المؤلف في فصل من الكتاب بعنوان "البرعى".
وصف الكتاب
يقع الكتاب في 184 صفحة من البتر المتوسسط (17×24) شاملة المراجع وفهرس الكتاب وقائمة بخط المؤلف.
الناشر دار المقطم للنشر والتوزيع- القاهرة.صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب سنة 2008