هانئ بن مسعود الشيباني
هانئ بن مسعود بن عمروالشيباني من سادات العرب وأبطالهم في الجاهلية، وكان كسرى قد أبتره «الأبلة»، ومنازله مع قومه بني شيبان في بادية «ذي قار».
وكان النعمان بن المنذر أميراً على الحيرة وما حولها من قبل كسـرى.
غضب كسرى على النعمان بعمل دسائس دسّها عليه أعداؤه عنده، وشعر النعمان بتغيّر كسرى عليه، ولاسيما حين استنادىه من الحيرة مقر إمارته للذهاب إلى فارس للقائه، فعهد أنه يريد به سوءاً؛ إذ كان بلغه شيء مما كاده له أعداؤه، ولكنه - وقبل رحيله إلى كسرى - راح يبحث عن قبيلة تحمي أهله وماله وسلاحه، فلم يجد أحداً يقبله حتى هبط بادية ذي قار في بني شيبان سرّاً، ولقي هانئ بن مسعود الشيباني، وكان سيداً منيعاً، فعاهده على حتى يمنع ودائعه مما يمنع منه أهله، فأودعه أهله وماله وسلاحه وفيه أربعمئة درع، وقيل: بل ثمانمئة درع، وتوجه النعمان إلى كسرى، فلما بلغه قبض عليه وقيّده، وبعث به إلى خانقين، فسجن فيها، ومات هناك بالطاعون، وكان موته قبل الإسلام.
واستخدم كسرى مكانه إياس بن قبيصة الطائي على الحيرة وما كان عليه النعمان، وأوفد إليه حتى يجمع ما خلّفه النعمان، ويرسله إليه، فأوفد إياس إلى هانئ يأمره بإرسال ودائع النعمان، فأبى هانئ حتى يسلم ما عنده.
وغضب كسرى عندما فهم بامتناع هانئ عن تسليم ودائع النعمان، ولكنه - وبناء على مشورات بعض حاشيته - صبر حتى اتى الصيف، واشتد القيظ، ونزلت بنوشيبان في بادية ذي قار قليلة الماء، فأوفد كسرى جيشاً بقيادة إياس ابن قبيصة ومعه «مرازبة» الفرس وبعض العرب من تغلب وإياد وغيرهما، بيد حتى إياداً اتصلت ببني شيبان سرّاً، ووعدتهم أنها لن تقاتلهم، وأنها ستنهزم عند اشتداد القتال.
ودارت المعارك بين الطرفين في بطحاء ذي قار، وأخرج هانئ ما عنده من سلاح النعمان ودروعه، فوزعه على جموع بكر بن وائل التي كانت قد أقبلت فوزاً لبني شيبان؛ وهم منهم، واستقى الناس ماء لنصف شهر تحسباً من العطش بناء على مشورة بعض سادات العرب الذين شاركوا في القتال، وكان لذلك دور في تحقيق النصر؛ إذ بعد القتال الشديد الذي دار بين الطرفين وبعدما انسحبت إياد مظهرة الهزيمة كما كانت واعدت بني شيبان؛ انهزم الفرس ومن معهم إلى الجبابات (موضع قريب من ذي قار) لشدة القتال وبحثاً عن الماء خوفاً من العطش.
وللشعراء قصائد كثيرة في يوم ذي قار، وهي معروفة، لا مجال لذكرها، ويرجح حتى يوم ذي قار كان بعد بعثة النبيّ ، ونقل الرواة من كلام هانئ يوم السقطة:
ـ يا قوم! مهلك مقدور خير من ناتى معرور.
ـ الحذر لا يدفع القدر، والصبر من مسببات الظفر.
ـ المنيّة ولا الدنيّة، واستقبال الموت خير من استدباره.
ـ جدّوا، فما من الموت بدّ.
ـ شدّوا، واستعدوا، وإلا تشدّوا تردوا.
المصادر
- عبدومحمد. "هانئ بن مسعود الشيباني". الموسوعة العربية.
انظر أيضا
- معركة ذي قار
- المناذرة
للاستزادة
- ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي، بيروت 1967).
- ابن البكري الأندلسي، معجم ما استعجم (لجنة التأليف والنشر، القاهرة 1949).
- الطبري، تاريخ الطبري (دار المعارف، مصر، د.ت).