السليك بن السلكة
السليك بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي (17 ق.هـ/606م) أحد شعراء العصر الجاهلي الصعاليك.
اختلف في اسم أبيه، فذكر ابن حبيب في (المحبَّر) حتى أباه (يثربي)، وذكر في كتاب (فيمن نُسب إلى غير أبيه) حتى أباه (سنان). أما أمه فلم يختلف الناس في اسمها، وإليها نُسب وهي: (السُّلكة) وكانت أَمَة سوداء زنجية، ورث منها قبح الوجه وضآلة الجسم والسواد، حتى عُدَّ من أَغربة العرب.
نشأ في كنف أمّه، التي أكسبته العبودية والهُجْنة، فرأى الذل والفقر والصَّغار على الرغم من حتى أباه حُرُّ، وإن انتمى إلى فرع ضعيف كثر فيه الفقراء من بني سَعْد، ولم تذكر المصادر شيئاً عن أسرته، بيد حتى شعره يشي بأن له ولداً يسمّى حرباً وبه يكنى.
ولقب السُّليك بالرِّئبال ـ وهوالأسد الهصور، أوالذِّئب الجريء ـ لأنه اتصف بالجرأة والفتك، كما لُقّب بسُليك المَقَانب، لأنه كان يطمح إلى حتى يصبح ذا خيل كثيرة، إذ كان يغزوعلى رجليه، وغالباً ما يسبق الخيل.
كان السليك فاتكاً شديد البطش بخصومه، حتى عُدَّ من شياطين الجاهلية، وكان خبيراً بالفلوات والمسالك حتى قيل: كان من أدلّ الناس بالأرض وأعهدهم بمسالكها. وتعددت الأخبار حول هذا كما تعددت في وصف سرعته وضرب به المثل فيها، فقيل: أَعْدى من السُّليك.
وهويرى حتى صعلكته حققت له مراده، فقد نطق:
ومـا نـلتها حتى تصعلكت حـِقْبةً وكـدت لأسباب المنيَّة أَعهدُ وحتى رأيت الجوع بالصيف ضَرَّني إذا قمت تغشاني ظِلال فأُسدِف
وقد عبَّر شعره عن صفاته ومبادئه وحياته أحسن تعبير، إذ كان يرى حتى جمال الفارس ليس بلونه ولا بجسمه، وإنما بفروسيته وشجاعته، والإلقاء بنفسه في المتالف.
وشعره، كما وصل، أكثره مُقَطَّعات، وأطول شعره نص واحدة تشير إلى غارة له في نفر من أصحابه بني سعد، ورجل من بني حرام ينطق له صُرَد، على بلاد خَثْعم بلغت أربعة عشر بيتاً. وشعره وجداني يرتبط أغلبه بحوادث واقعية، طرق موضوعها من دون مقدمات فنية، ما عدا بيتاً واحداً في ديوانه يذكر فيه طيف امرأة سميت نُشيبة، وقيل: أمية، ولعل هذا البيت مطلع قصيد ضاعت أبياتها، وهو:
ألمَّ خيال من نُشيبة بالرَّكْب وهُنَّ عِجالٌ، عن نيال وعن نَقْبِ
يعد شعره وثيقة تاريخية لغاراته ومواضعها والفرسان الذين لقيهم، وفد انصهر ذكر ذلك كله في فخره الذاتي. فأكثر شعره في الفخر الفردي، والحماسة، وليس فيه فخر جماعي أوقبلي. وله في الغزل بيت مفرد يصف فيه ثغر المحبوبة يشير على رهافة حسه.
ولعل السليك قد تفرَّد في الشعر الجاهلي بمدح المرأة، وكان قد أغار على بني عُوارة فتمكنوا منه، فاستجار بامرأة تسمّى (فُكيْهة) فأجارته وحمته، فمدحها وأوّل مدحه:
لَعْمــرُ أبيكَ والأنباءُ تنــــمي لنِعم الجـار أختُ بنـي عُوَارا مــن الخَفِرات لـم تفضح أخاها ولـم تـحمل لإخـوتها شَـنارا
وكذلك عُدَّ أحد من هجا المرأة الدميمة التي تسعى وراء الشهوات. وله هاتى في خَثْعم. أما في الرثاء فقد عُدَّ أول من رثى الحيوان في الشعر القديم عند كثير من الدارسين.
وشعر السليك يرسم صورة دقيقة للصعلوك النابه، الشديد الثبات، ويرسم حالته النفسية وتهالكها على اقتناص اللذات والمتع حتى أدت إلى مقتله، فقد لقي رجلاً من خثعم فأخذه ومعه امرأته(النَّوار) ففدى الرجل نفسه بامرأته وهجرها رهينة عند السليك، وحاولت حتى تخيفه بقومها فهزئ منهم وبلغهم ذلك فمضىوا إليه وقتلوه نحوسنة (17 ق.هـ/606م) قتلهُ أسد بن مدرك الخثعمي، وقيل: يزيد بن رويم الذهلي الشيباني؛ وقيل غير ذلك.
يتميز شعره بأنه دقيق الوصف، قوي التراكيب، خلا من التعقيد والتكلّف يعبر فيه عما يجول في نفسه بصور واقعية غالباً، ومجازية في بعض الأحيان.
وليس للسيلك ديوان مجموع عند القدماء، ويعد حميد آدم ثويني وكامل سعيد عواد في طليعة من جمع شعره من المحدثين. ثم توالت الإضافات عليه والشروح من الدارسين، فصدرت طبعات أخرى له في بيروت وغيرها.
واتى من أخباره في الأغاني «وكان السليك من أشد رجال العرب وأنكرهم وأشعرهم. وكانت العرب تدعوه سليك المقانب وكان أدل الناس بالأرض، وأفهمهم بمسالكها» وكان يقول: «اللهم إنك تهيئ ما شئت لما شئت إذا شئت، اللهم إني لوكنت ضعيفاً كنت عبداً، ولوكنت امرأة أمة، اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، فأما الهيبة فلا هيبة».
مصادر
- السليك بن السلكة - من مسقط الضويحي الأدبي.
- أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني (دار إحياء التراث العربي، بيروت).
- ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد محمد شاكر (دار المعارف بمصر 1966م).
- المبرد، الكامل، تحقيق محمد أحمد الدالي (مؤسسة الرسالة، بيروت 1986م).
روابط خارجية
- أشعار السليك بن السلكة - من مسقط الضويحي الأدبي.
هذه بذرة منطقة عن حياة شخصية بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها. |