القانون الروماني

عودة للموسوعة

القانون الروماني

روما القديمة

هذه الموضوعة هي جزء من سلسلة:
روما القديمة


الفترات الزمنية
المملكة الرومانية
753 ق.م. – 510 ق.م.

الجمهورية الرومانية
510 ق.م. – 27 ق.م
الإمبراطورية الرومانية
27 ق.م. – 480 م

الوظائف العامة الاعتيادية
الوظائف العامة فوق العادة
الألقاب والأوسمة
الامبراطور
المؤسسات السياسية والقانون

دول أخرى • أطلس
 بوابة السياسة
    

القانون الروماني

كان القانون أخص خصائص الروح الرومانية، وأبقى مظهر من مظاهرها وكانت رومة مضرب المثل في النظام كما كانت بلاد اليونان مضرب المثل في الحربة، ولقد أورثتنا رومة شرائعها، وتنطقيدها الإدارية لتكون هي أسس النظام الاجتماعي، كما أورثتنا بلاد اليونان الدمقراطية والفلسفة اللتين كانتا أساس الحرية الفردية. وأهم ما يجب على الساسة ورجال الحكم هوحتى يجمعوا بين هذين التراثين المختلفين المتنافرين ويوحدوا بينهما، ويؤلفوا من نغماتهما المتعارضة المنشطة نغماً مؤتلفاً منسجماً.

وإذ كان القانون هوأساس التاريخ الروماني وجوهره، فقد كان من المحال حتى نفضل هذا عن ذاك، ومن أجل هذا لنقد يكون هذا الباب من أبواب الكتاب إلا مكملاً لما سبقه وما سيعقبه من تفصيلات، ولن يزيد على لبنات متفرقة في صرح الحضارة الرومانية. والدستور الروماني يشبه الدستور البريطاني- فلم يكن هذا الدستور طائفة من القواعد المخلدة التي يتقيد بها الناس، بل كان سلسلة متتابعة من السوابق ترشد وتوجه، ولكنها لا تمنع التغيير. فحدثا زاد الثراء وتعقدت أساليب الحياة، أصدرت الجمعيات وأصدر الحكام والزعماء، قوانين جديدة، وسايرت الشرائع الإمبراطورية في نموها واتساع نطاقها، فكانت حدثا امتدت رقعة الإمبراطورية لاحقتها القوانين إلى الحدود الجديدة، وتطلب تعليم رجال القانون، وإرشاد القضاة، وحماية المواطن من الأحكام الظالمة غير المشروعة، تطلب هذا تنظيم الشرائع وصياغتها في صورة مرتبة يسهل معهدتها والوصول إليها. وبينما كانت الاضطرابات التي حدثت عقب ثورات ابني جراكس وماريوس على أشدها قام پبليوس موكيوس سكاڤولا Publius Mucius Scaevola (الذي ولي القنصلية في عام 133 ق. م) وابنه كوينتوس Quintus (وقد ولي القنصلية في 55 ق.م.) وبذلاً جهوداً كبيرة لصياغة قوانين رومة صياغة يسهل فهمها. وخط شيشرون، وكان من تلاميذ رجل آخر يدعى كوينتوس موسيوس سكاڤولا (وقد ولي القنصلية عام 117 ق.م.)، رسائل بليغة في فلسفة القوانين، ووضع مشروع قوانين مثالية يقصد بها الاحتفاظ بالثروة الطائلة التي جمعها وبالدين الذي خسره. وخلقت القوانين المتناقضة التي سنها ماريوس وصلاً، وسلطة بمبي المطلقة التي لم يكن لها مثيل من قبل، والشرائع الثورية التي وضعها قيصر، والدستور الجديد الذي وضعه أغسطس، خلقت هذه كلها مشاكل جديدة للعقول التي حاولت حتى تجعل الشرائع المتمشية مع المنطق السليم، وأخذ المشترع النابه أنتستيوس لابيوAntistius Labeo يندد بما في القوانين من اضطراب وفوضى، ويعلن حتى المراسيم التي أصدرها قيصر وأغسطس مراسيم باطلة لأنها مظهر لسلطة مغتصبة غير شرعية. ولم يكن في مقدور عقول الأفراد أوسلطة المحاكم حتى تقبل هذه القوانين الجديدة إلا بعد حتى وطدت الزعامة سلطتها باستخدام القوة أولاً وبسلطان العادة فيما بعد. ويعود الفضل إلى القرنين الثاني والثالث من التاريخ الميلادي في وضع القوانين الرومانية في الغرب في صورتها النهائية- وهوعملاً لا يقل خطراً عن صياغة الفهم والفلسفة في بلاد اليونان.

وفي هذا المجال أيضاً كان قيصر هوالذي حدد الهدف المقصود، ولكن الجهود الحقيقية التي بذلت لتحقيق هذا الهدف لم تبدأ بالعمل إلا في أيام هدريان (117 م)؛ فقد جمع هذا الإمبراطور- وهوأرقى الأباطرة كلهم تعليماً- حوله طائفة من فقهاء القانون وألف منهم مجلسه الخاص، وكلفهم حتى يستبدلوا بمراسيم البريتورين المتناقضة "مرسوما خالداً" يلتزمه في المستقبل جميع القضاة في إيطاليا. ولعل الذي أوحى إلى هدريان بإصلاح شرائع رومة وتنسيقها هوإطلاعه في أثناء رحلاته الكثيرة على دساتير المدن اليونانية في آسية وإيطاليا؛ ذلك حتى هذه المدن قد أنشأت على توالي الأيام طائفة راقية من القوانين التي تنظم شئونها البلدية، وإن كان اليونان بوجه عام لم يخرجوا بعد أيام صولون كتاباً في القانون يعد من الآيات الخالدة في هذا الموضوع. وواصل الأنطونيون خلفاء هدريان هذا التقنين، وكانت الشهرة النصف الرسمية التي تتمتع بها الفلسفة الرواقية مما جعل لليونان أثراً عميقاً في القوانين الرومانية. فقد أعرب الرواقيون جهرة حتى القوانين يجب حتى تتفق مع المبادئ الخلقية القويمة، وأن الجريمة كامنة في نية المرء لا في نتيجة عمله. وقد أمر أنطونيوس، وهوثمرة من ثمار المدرسة الرواقية، حتى يفسر الشك لمصلحة المتهم، وأن يظل الإنسان بريئاً حتى تثبت إدانته(1)- وهما مبدآن من أرقى المبادئ في قوانين البلاد المتحضرة.

وقد نبغ في فلسفة القانون عدد كبير من العباقرة اتى بعضهم في إثر بعض، وكان من أبرز العوامل في هذا النبوغ مناصرة الأباطرة وتشجيعهم. ومن هؤلاء العباقرة سلڤيوس يوليانوس Salvius Julianus وهوروماني أفريقي المولد أظهر من الجد وغزارة الفهم حين كان يعمل مستشاراً قانونياً للإمبراطور ما حمل مجلس الشيوخ على حتى يقرر حتىقد يكون مرتبه ضعفي المرتب المخصص لهذا المنصب عادة واشتهرت فتاواه بوضوحها وسلامة منطقها، و"خلاصته" تعبير عن مجموعة منظمة من القوانين المدنية. وكان هوالذي صاغ المرسوم البريتوري الدائم حين كان أشهر الأعضاء البارزين في مجلس هدريان. وهناك مشترع آخر يدعى گايوس Gaius لا نعهد عنه غير اسمه. وقد عثر نيبور Niebuhr عام 1816م على "أنظمة گايوس" مكتوبة على ورق وفوقها منطقات لجيروم Jerome، وهي الآن أكمل مرجع يعتمد عليه في دراسة القوانين التي سنت قبل عهد جستنيان. وقد صدرت هذه "الأنظمة" حوالي عام 161 م، ولم يكن يقصد بها حتى تكون عملاً إنشائياً جديداً، بل كانت كتاباً مدرسياً أولياً للطلاب والدارسين. فإذا رأينا نحن أنها آية من آيات العرض المنظم، ففي وسعنا حتى نتصور العقلية الجبارة التي كان يتمتع بها أولئك الرجال الذين تلخص هذه الرسالة خطهم. وبعد ستين سنة من ذلك العهد أوصل پاپنيان پولس Papinian Paulus وألپيان Alpian فقه القانون الروماني إلى ذروته؛ وبينما كان تطبيق القوانين يخر صريعاً للعنف والفوضى صاغه هذان العالمان صياغة منطقية متسقة خالية من التناقض، ولم يلبث هذا الفهم حتى هوي بعدهما في غمرة الخراب الكامل.


مصادر القانون

كما حتى مصطلحات الفهم والفلسفة مأخوذة في الأغلب الأعم من اللغة اليونانية فتكشف بذلك عن مصدر هذه العلوم، كذلك لغة القانون مأخوذة في معظمها من اللغة اللاتينية. وكان اللفظ الدال على القانون في هذه اللغة هوIus أي العدالة أوالحق، أما حدثة Lex فقد كان معناها القانون الخاص. وقد وصف فقه القانون في مختصر جستنيان (533 م) بأنه فهم وفن معاً "فهم العدل وغير العدل" و"فن تدبير ما صالح ومقسط" وكانت حدثة Ius تضم القانون غير المكتوب أوالعادات المرعية التي تحوي القانون المكتوب نفسه، وكان هذا القانون المكتوب يتكون من Ius Civilen- أي "قانون المواطنين (الرومان)، Ius Gentium- أي "قانون الأمة". وكان القانون المدني وقانون المواطنين يسمى "القانون العام" إذا كان يتعلق بشئون الدولة والعبادة الرسمية، و"القانون الخاص" إذا كان يبحث في العلاقات القانونية بين المواطنين بعضهم بعضاً.

والقانون الروماني بوجه عام مأخوذ من خمسة مصادر:

(1) ففي عهد الجمهورية كان المصدر النهائي للقانون هوإرادة المواطنين يعبرون عنها في الجمعيتين العشرية والمئوية بلفظ Leges وفي الجمعية القبلية بلفظ Plebisuta ("قررته العامة"). ولم يكن مجلس الشيوخ يقر اللجيس Leges إلا إذا عرضت على الجمعيتين مصحوبة بالمراسيم المقررة وعرضهما عليه موظف كبير في مرتبة أعضاء مجلس الشيوخ.وإذا ما اتفق مجلس الشيوخ والجمعية على إنفاذ قانون من القوانين أعرب باسم Senatus Populusque Romauns.

(2) ولم يكن لمجلس الشيوخ نفسه من الوجهة النظرية في عهد الجمهورية حق إصدار القوانين؛ أما قراراته المعروفة باسم "استشارات الشيوخ" Senayusconsulta فكانت من الناحية الرسمية توصيات إلى الحكام؛ ثم أضحت على مر الأيام توجيهات، ثم أوامر، ثم صار لها في عهد الجمهورية المتأخرة وفي عهد الإمبراطورية قوة القوانين. وكان مجموع القوانين التي أجازتها الجمعيتان ومجلس الشيوخ في خلال ستة قرون قليلاً إلى حد يدهش له من اعتاد السيل الجارف من الشرائع التي تصدرها الدول في الوقت الحاضر.

(3) وكانت الحاجة إلى القوانين الصغرى أوالخاصة تسدها الأوامر Edicta التي يصدرها موظفوالمجالس البلدية. ذلك حتى جميع حاكم حديث للمدينة كان يصدر في بدء قيامه بمهام منصبه أمراً بريتورياً Edictum Praetorium يذيعه مناد في السوق العامة وينقش على أحد الجدران، ويعلن فيه المبادئ القانونية التي ينثوي الحاكم العمل بها والحكم بين الناس بمقتضاها في خلال السنة التي يتولى فيها منصبه. وكان في وسع القضاة المتنقلين Praelores Peregarini وحكام الولايات حتى يصدروا أيضاً أمثال هذه القرارات. ولم يكن يسمح للبريتورين بمقتضى سلطة الحكم المخولة لهم حتى يسفروا القوانين القائمة فحسب، بل كان لهم فوق ذلك حتى يسنوا قوانين جديدة. وبهذه الطريقة كان القانون الروماني يجمع بين استقرار الشرائع الأساسية ومرونة الأحكام البريتورية. وإذا انتقل قانون أوانتقلت فقرة من فقراته من مرسوم بريتور إلى مرسوم البريتور الذي يليه مرات كثيرة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من القانون الأساسي المعروف باسم Ius Honorarium حتى حل "قانون المنصب" قبيل عهد شيشرون محل الجداول الاثني عشر، وأصبح هوالنص الرئيسي للأوامر القانونية في رومة. على حتى البريتور كثيراً ما كان يخالف المبادئ التي جرى عليها سابقه، ويصدر من الأحكام ما يناقضها جميع المناقضة في بعض الأحيان؛ وبهذا أضيف الغموض في القوانين والتعسف في الأحكام إلى المساوئ الطبيعية التي لا يخلومنها أي نظام قضائي يتبعه بنوالإنسان؛ وهذا هوالغموض الذي أراد هدريان حتى يقضي عليه حين عهد إلى يوليانس حتى يجمع القانون الأساسي Ius Honorarium كله في مرسوم دائم لا يستطيع تغييره إلا الإمبراطور نفسه.

(4) وأصبحت قوانين الزعماء Constitutiones Principum نفسها في القرن الثاني مصدراً آخر من مصادر القانون. واتخذت هذه القوانين أربعة أشكال مختلفة (أ) فقد كان الزعيم يصدر مراسيم بوصفه كونه صاحب منصب في المدينة، وكانت هذه المراسيم نافذة في الإمبراطورية كلها، ولكن يلوح أنها كان يبطل مفعولها بعد وفاته. (ب) وكان لأوامره Decreta بوصفه قاضياً ما كان لغيرها من الأوامر من قوة القانون. (3) وكانت ردوده الإمبراطورية Rescripta أجوبة لما يوجه إليه من الاستعلامات. وكانت هذه الأجوبة تتخذ في العادة شكل رسائل Epistulae أوإجابات قصيرة Subscriptiones" تخط تحت" سؤال أوملتمس. وقد ضمت الرسائل الحكيمة الجامعة التي رد بها هدريان على ما يطلبه موظفوالحكومة من إرشادات إلى قوانين الإمبراطورية، وظلت نافذة المفعول بعد وفاته بزمن طويل. (4) وكانت عهود الأباطرة Mandata هي التوجيهات التي يصدرونها للموظفين، وقد تكون من هذه العهود على مر الزمن كتاب كبير من القانون الإداري.

(5) وكان من المستطاع في بعض الظروف الخاصة حتى تسن القوانين الجامعة المعروفة باسم Responsa Prodentium. ولقد كان من أجمل المناظر بلا ريب حتى يجلس الفهماء الأعلام من المشترعين على كراسي في السوق العامة (أوفي بيوتهم كما كان يحدث في العهود المتأخرة) ويصدروا فتاوي قانونية لكل من يريد استفتاءهم، وكانوا ينالون في بعض الأحيان على عملهم مكافآت من طريق غير مباشر. فكثيراً ما كان المحامون أوقضاة البلديات يأتون إليهم ليستشيروهم في مشاكلهم القانونية. وكانوا يعملون ما يعمله كبار الحاخامات اليهود من التوفيق بين المتناقضات، ويحددون ما بين القوانين بعضها وبعض من فروق دقيقة، ويفسرون القانون القديم بما يلائم حاجات الحياة القائمة في وقتهم أويلائم ظروفها السياسية، أويوفقون بينه وبين هذه الحاجات والظروف. وقد أضحى لأجوبتهم المكتوبة بحكم العادة غير المكتوبة قوة لا تفوقها إلا قوة القوانين نفسها. وجعل أغسطس لهذه الفتاوي جميع ما للقوانين من قوة إذا توافر فيها شرطان: أولهما حتىقد يكون المشترعون قد تلقوا من الأمبراطور حق إصدار الفتاوي القانونية Ius Sespondenti وثانيهما حتى ترسل الإجابة مختومة إلى القاضي المعروضة عليه القضية الصادرة فيها الفتوى. ولم يحل عصر جستنيان حتى أضحت هذه الإجابات أوالفتاوي القانونية مصدراً واسعاً للشرائع وآدابها، ومعينا لا ينضب استمد منه مختصره وكتاب قوانينه وكان عماداً لهما.


قانون الأحوال الشخصية

يقول ماريوس المعروف بدقته إذا القانون كله يتعلق إما بالأشخاص، وإما بالملك، وإما بالمرافعات(3). وكانت لفظ Persona في أول الأمر تعني قناع الممثل، ثم صار معناها بعدئذ العمل الذي يقوم به الإنسان في الحياة، ثم بات معناها آخر الأمر الشخص نفسه- وكأنما قصد بهذا التطور أننا لا نستطيع حتى نعهد شخصاً ما، بل جميع الذي نعهده هوما يقوم به من أعمال، أوما يلبسه من قناع أوأقنعة.

وكان الشخص الأول في القانون الروماني هوالمواطن؛ وكان تعريفه عندهم هوأنه الشخص الذي ضم إلى إحدى القبائل الرومانية بحكم المولد أوالتبني، أوالعتق، أوالمنحة من قبل الحكومة. وكان الذي ينطبق عليهم هذا التعريف ينقسمون ثلاث درجات: (1) المواطنين الكاملين الذين يتمتعون بالحقوق الأربعة: حق الاقتراع (Ius Suffrag()، وحق التوظف (Ius Honorum)، وحق الزواج من حرة بمولدها Ius Conub(، وحق الدخول في تعاقد تجاري يحميه القانون الروماني (Ius Commerc(). (2) "المواطنين الذين لا حق لهم في الاقتراع" وهم الذين يتمتعون بحق الزواج والتعاقد، ولكنهم لا حق لهم في الاقتراع، ولا في تولي المناصب. (3) المعاتيق الذين يتمتعون بحقي الاقتراع والتعاقد ولكنهم لا حق لهم في الزواج بحرة أوفي تولي المناصب. وكان للمواطن الكامل المواطنية، فضلاً عن حقوقه السالفة الذكر، حقوق يضمنها له القانون الشخصي ولا يشاركه فيها سواه؛ كحق الأب على أبنائه (Patria Potestas)، والزوج على زوجته (Manus)، والمالك في ملكه ومنه عبيده (Dominium)، وحق الرجل الحر على غيره إذا تعاقد معه (Mancipium). وكان ثمة نوع آخر من الحقوق هوحق المواطنية الإمكانية أوحق الدخول في الحظيرة اللاتينية Latinitas أوIus Lat(، تمنحه رومة للأحرار سكان المدن أوالمستعمرات المفضلة ويعطيهم حق التعاقد ولكنه لا يعطيهم حق التزاوج بالروماتيات، وينال به كبار موظفيهم حقوق المواطنية الرومانية الكاملة حين تنتهي مدة توليهم مناصبهم. وكان لكل مدينة في الإمبراطورية مواطنوها وشروطها الخاصة لنيل حقوق المواطنية. وكان من المميزات الفذه لهذه الإمبراطورية حتى الشخص يستطيع حتىقد يكون مواطناً لعدة مدن في وقت واحد، وأن يستمتع فيها جميعاً بالحقوق المدنية. وكانت أثمن ميزة يستمتع بها المواطن الروماني هي حماية القانون لشخصه، وملكه، وحقوقه، وأمنه على نفسه من التعذيب أوالعنف في أثناء المحاكمة. وكان من مفاخر القانون الروماني أنه يحمي الفرد من الدولة.

ويلي الأب المواطن الأهمية في نظر القانون. لقد كان انتشار القانون في الأنطقيم التي كانت خاضعة في الأزمنة القديمة لسلطان العادة سبباً في إضعاف حقوق الآباء على الأبناء، ولكن في وسعنا حتى نحكم على ما بقي له من سلطان إذا ذكرنا أنه حين خرج أولس فلفيوس Aulus Fulvius لينضم إلى جيش كاتلين Catiline استعاده أبوه وقتله. على أننا نستطيع حتى نقول بوجه عام إذا سلطان الأب على أبنائه أخذ يضعف حدثا ازداد سلطان الحكومة على الأفراد؛ وإن المواطنية دخلت الأسرة حين غادرت الدولة. لقد كان الآباء هم الدولة في باكورة عهد الجمهورية، فكان رؤساء الأسر هم الذينقد يكونون الجمعية القبلية، وأكبر الظن حتى رؤساء القبائل هم الذين كانواقد يكونون مجلس الشيوخ. ثم ضعف نظام الحكم عن طريق الأسر والقبائل حين كثر عدد السكان واختلفت أصولهم، وأصبحت الحياة أكثر حركة وتعقيداً، وازدادت الصلات التجارية بين الناس فحل التعاقد والقانون محل القرابة والمكانة الاجتماعية والعادة(4). فنال الأبناء من آبائهم نصيباً أوفى من الحرية، كما ازدادت تحرر الزوجات من الأزواج والأفراد من الجماعات. وشاهد ذلك حتى تراجان أمر بفصل ابن عن أبيه لأنه أساء معاملته، وأن هدريان سلب من الأب حقه في اغتال أفراد أسرته ونقل هذا الحق إلى المحاكم، ومنع أنطونينس أباً من حتى يبيع أبناءه عبيداً(5). وكانت العادة قد قصرت من زمن بعيد استخدام هذه السلطات القديمة على حوادث فردية نادرة. ذلك حتى القانون ينزع على الدوام للسير ببطء خلف التطور الأخلاقي، لا لأن القانون عاجز عن التفهم بل لأن التجارب قد دلت على حتى من المحكمة حتى تجرب الأساليب الجديدة عملياً قبل حتى توضع في صورة الشرائع.

وكانت المرأة الرومانية تحصل على حقوق جديدة حدثا فقد الرجل حقوقاً قديمة، ولكنها كانت من المهارة بحيث تستطيع حتى تستر حريتها بستار من القيود القانونية المطردة الزيادة. لقد كانت شرائع الجمهورية تفترض أنها "لا حق لها على نفسها Sui Iuris" مطلقاً بل أنها على الدوام خاضعة لولي من الذكور. وفي ذلك يقول گايوس: "توجب عاداتنا على النساء الرشيدات أنفسهن حتى يبقين تحت الوصاية لخفة عقولهن"(6). ثم زال القسط الأكبر من هذه الوصاية في عهد الجمهورية المتأخر وفي عهد الإمبراطورية، وكان سبب زواله مفاتن النساء وقوة إرادتهن، واستجابة الرجال لهذه المفاتن وهيامهم بالنساء. فكان المجتمع الروماني من أيام كاتوالأكبر إلى أيام كمودس Commodus خاضعاً لسلطان النساء، وإن كان من الناحية القانونية مجتمعاً أبوياً، وكان يسوده جميع ما كانت تمتاز به سيادتهن على إيطاليا في عهد النهضة أوالندوات الفرنسية في عهد آل بربون من ظرف ورشاقة. وأقرت قوانين أغسطس هذه الحقيقة الواقعة بعض الإقرار بأن حملت الوصاية عن جميع امرأة ولدت ثلاثة أبناء شرعيين(7). وأصدر هدريان مرسوماً يجعل من حق النساء حتى يتصرفن في أملاكهن كيفما شئن بشرط حتى يحصلن قبل ذلك على موافقة أوليائهن، ولكن الإجراءات العملية لم تلبث حتى استغنت عن هذه الموافقة. ولم يكد يختتم القرن الثاني حتى كانت الولاية البشرية قد حملت من الوجهة القانونية عن الحرائر من النساء متى تجاوزن الخامسة والعشرين من العمر.

وظل رضاء الأبوين إلى الوقت الذي نتحدث عنه واجباً في الزواج الشرعي(8). وكان الزواج الذي يحتاج احتفالاً دينياً Con Farreatio وقتئذ (60 م) مقصوراً على عدد قليل من الأسر التي يتألف من آبائها مجلس الشيوخ. وبقي الزواج بالشراء (Coemptio قائماً من حيث الشكل، فكان العريس يؤدي ثمن العروس بأن يزن في ميزان آساً أوسبيكة من البرنز أمام خمسة شهود بعد موافقة أبيها أووليها(9). غير حتى معظم الزواج أضحى وقتئذ زواجاً بالمعاشرة (Usus). وكانت الزوجة تتجنب الخضوع لحق زوجها في تملكها (Manus) بأن تغيب عن بيتها ثلاث ليال في جميع عام، وبذلك تحتفظ بسيطرتها على أملاكها عدا بائنتها. بل إذا الزواج في واقع الأمر كثيراً ما كان يسجل أملاكه باسم زوجته تهرباً من قضايا التعويض عن الأضرار أوالعقاب على الإفلاس(10). وكان في وسع جميع من الطرفين فسخ هذا الزواج الذي يتسلم فيه الزوج زوجته أوأملاكها Sine Manu متى أراد، أما ما عداه من أنواع الزواج فكان الزوج وحده هوالذي يحق له فسخه. وظل الزنى من الجرائم الصغرى إذا ارتكبه الرجل، أما إذا ارتكبته المرأة فكان يعد من الجرائم الكبرى ضد أنظمة الملكية والميراث، ولكن الزوج لم يبق له وقتئذ حق اغتال زوجته إذا ضبطها متلبسة بجريمة الزنى، بل منح هذا الحق لأبيها اسماً وللمحاكم عملاً. وكان عقابها هوالنفي. وكان القانون يعترف بالتسري بدلاً من الزواج لا مصاحباً له، ولم يكن يجيز للرجل حتى تكون له خطبتان في وقت واحد، ولم يكن أبناء السراري يعدون أبناء شرعيين أويجعل لهم حق الإرث. ومن أجل ذلك كان اتخاذ السراري أمراً محبباً جميع الحب للرجال الذين يتكالب عليهم من يسعون لأن يوصي لهم بأملاكهم. فاتخذ فسبازيان، وأنطونينس بيوس، وماركس أورليوس لهم سراري يعيشون معهن بعد حتى ماتت أزقابلم(11).

وحاول القانون حتى يشجع الأبوة بين الأحرار، لكنه لم يفلح في ذلك إفلاحاً يستحق الذكر. وكان يحرم اغتال الأبناء إلا إذا كانوا مشوهين أومصابين بسقم مستعص على العلاج. وكان عقاب من يجهض حاملاً حتى ينفى من البلاد وأن تصادر أملاكه، فإذا ماتت الحامل نتيجة لهذا العمل عوقب بالإعدام(12). على أنه كان في الاستطاعة الإفلات من هذه القوانين في ذلك الوقت كما يفلت من يرتكب هذه الجرائم الآن. وكان الأبناء أياً كانت سنهم يبقون تحت سلطان أبيهم إلا إذا باعهم عبيداً ثلاث مرات، أوتحرروا من سيطرته بحكم القانون، أوشغل الابن منصباً عمومياً، أوصار كاهناً، أوأصبحت إحدى بناته زوجة استولى زوجها عليها وعلى مالها، أوأضحت عذراء فستية. وإذا تزوج ابن في حياة أبيه كانت ولاية أبنائه لجدهم(3). وقد أعفت شريعة أغسطس مكاسب الابن من الجندية أومن توليه منصباً عاماً، أوكهنوتياً، أومن الاشتغال بإحدى المهن الحرة أعفتها من الخضوع إلى القانون القديم الذي كان يجعل هذه المكاسب كلها من حق الأب. وكان لا يزال من حق الأب حتى يبيع ابنه (Mancipium)؛ ولكن حاله تلك كانت تختلف عن حال الرقيق فقد كان يحتفظ بما له من حقوق مدنية أما العبد فلم تكن له حقوق مدنية على الإطلاق، والحق حتى القانون الروماني كان يتردد في حتى يطلق عليه لفظ إنسان Person، ثم خرج أخيراً من هذه الورطة بأن سماه "إنساناً غير شخصي"(14). ولم يبحث جايوس في أمره تحت عنوان قانون الأشخاص إلا لخطأ سقط فيه أدى إلى هذا الإنصاف غير المقصود؛ أما منطق الحوادث فكان يعد العبد من قبيل المتاع Res، فلم يكن يحق له حتى يمتلك، أويرث، أويورث، ولم يكن يستطيع حتى يتزوج زواجاً شرعياً، وكان أبناؤه كلهم يعدون أبناء غير شرعيين، كما حتى أبناء الجارية كانوا يعدون كلهم عبيداً ولوكان أبوهم من الأحرار(15). وكان في وسع السيد حتى يرتكب الفحشاه مع عبيده وجواريه من غير حتى ينالوا منه تعويضاً قانونياً، ولم يكن في مقدور العبد حتى يقاضي من يؤذيه من المحاكم، وكان الذي يحق له حتى يقاضي من يتسبب في إيذاء العبد هوسيده. وكان لهذا السيد في عهد الجمهورية حتى يضربه، ويسجنه، ويحكم عليه حتى يقاتل الوحوش في المجتلد، ويعرضه للموت جوعاً، أويقتله لسبب أولغير سبب ومن غير حتى تكون عليه رقابة إلا رقابة الرأي العام المكون من ملاك العبيد. وإذا أبق عبد ثم قبض عليه كان في مقدور سيده حتى يكويه بالنار أويصلبه؛ وكان أغسطس يفخر بأنه قبض على ثلاثين ألفاً من العبيد الآبقين، وأنه صلب جميع من لم يكن له مالك يطلبه(16). وإذا ما استفز العبد عمل من هذه الأعمال أوغيرها فقتل سيده، قضى القانون بأن يقتل جميع عبيد القتيل؛ ولما حتى اغتال الوالي بدانيوس سكندس Pedanius Secundus في عام 61 وحكم على عبيده الأربعمائة بالإعدام، احتجت أقلية من أعضاء مجلس الشيوخ على هذا الحكم، وطلبت جماعة غاضبة في الشارع باستعمال الرأفة، ولكن المجلس أصر على تطبيق القانون اعتقاداً منه حتى السيد لاقد يكون آمناً على نفسه من عبيده إلا بمثل هذه القسوة(17).

ومما يذكر بالشكر للإمبراطورية أوللنقص في موارد العبيد- حتى أحوالهم أخذت تتحسن تحسناً مطرداً في عهد الأباطرة. ومن مظاهر هذا التحسن حتى كلوديوس حرم اغتال العبد الذي لا يرتجى منه نفع، وأمر حتى يصبح العبد المريض الطريد بعد شفائه حراً من تلقاء نفسه. وحرم قانون بترونيا Les Petronia، في عهد نيرون على الأرجح، على الأسياد حتى يحكموا على العبيد بأن يقاتلوا في المجتلد إلا إذا وافق على ذلك موظف كبير. وأجاز نيرون للعبد الذي أسيئت معاملته حتى يلجأ إلى تمثاله ويحتمي منه، وعين قاضياً لينظر في شكاوي أمثال هذا العبد- وكان ذلك تقدماً متواضعاً لرومة كأنه انقلاب ثوري، لأنه فتح أبواب المحاكم للعبيد. وقد جعل دومتيان خصي العبيد للأغراض الجنسية جناية، وحرم هدريان ملاك العبيد مما كان لهم من حق اغتال عبيدهم دون موافقة الحكام، وأجاز أنطونينس بيوس للعبد الذي أسيئت معاملته حتى يحتمي في أي معبد، وقرر حتى يباع مثل هذا العبد إلى سيد آخر إذا أثبت أنه لحقه ضرر. وشجع ماركس أورليوس الأسياد على حتى يعرضوا على المحاكم ما لحقهم من الأضرار على أيدي العبيد، بدل حتى يقتصوا منهم بأنفسهم. وكان يرجوحتى يحل القانون والحكمة بهذه الطريقة محل الوحشية والانتقام الفردي(18). وآخر ما نذكره من الإصلاحات حتى مشترعاً عظيماً في القرن الثالث هوأبليان Uplian جهر بما لم يجرؤ على الجهر به إلا عدد قليل من الفلاسفة، وهوحتى "الناس أكفاء بحكم قانون الطبيعة"(19). ونطق غيره من المشترعين إذا من القواعد المقررة أنه إذا كان ثمة شك في حتى رجلاً ما حر أوعبد كانت الشكوك كلها مؤيدة لحريته(20).

على حتى خضوع العبيد القانوني لسادتهم على هذا النحولهورغم هذه الملطفات كلها أسوأ وصمة يوصم بها القانون الروماني. وكانت آخر سوءات هذا القانون ما يفرضه من الضرائب والقيود على عتق العبيد حتى لقد كان كثيرون من الملاك يتملصون من قانون فوفيا كانينا Les Fufia Canina بأن يعتقوا عبيدهم من غير شهود رسميين أواحتفال قانوني، وإن كان هذا العتق لا يعطي المعتوق حقوق المواطنية بل جميع ما يمنحه إياه هوحتى يجعله لاتينياً. أما العبد الذي يعتق حسب الإجراءات القانونية فكان يصبح مواطناً يستمتع بالحقوق المدنية مقيدة ببعض القيود؛ لكن العادة كانت تتطلب منه حتى يؤدي واجب التعظيم لسيده السابق جميع صباح، وأن يقوم على خدمته إذا دعت الضرورة، وأن يعطيه صوته في جميع انتخاب، وأن يؤدي إليه في بعض الحالات قسطاً من جميع ما يكسبه من المال. وإذا توفي المعتوق دون حتى يوصي لأحد بماله، مضى هذا المال من تلقاء نفسه إلى سيده السابق إذا كان حياً؛ وإذا ما أوصي بماله وهوعلى قيد الحياة كان ينتظر منه حتى يخص هذا السيد ببعضه(11). وقصارى القول حتى المعتوق لم يكن يستنشق نسيم الحرية بحق إلا بعد حتى يموت سيده، وتقام جنازته، ويواري التراب بالطرق التي جرى بها العهد والتنطقيد المرعية.

ومن واجبنا حتى نضيف إلى الأقسام العامة من قانون لأحوال الشخصية السالف الذكر ذلك القسم الذي يطلق عليه في الشرائع الحديثة اسم خاص هوالقانون الجنائي. لقد كان التشريع الروماني يحسب حساباً للجرائم التي تقع على لأفراد والدولة والهيئات الاجتماعية والتجارية بوصفها أشخاصاً معنويين. فأما الدولة فقد كان الاعتداء عليها يضم خيانتها بالعمل أوبالقول، وعصيانها، والاعتداء على دينها الرسمي، والرشوة، وابتزاز الأموال أوالفساد في أعمالها الإدارية، أوسرقة أموالها؛ أوتقديم الرشا للقضاة أوالمحلفين. ونستطيع حتى نتبين من هذا الثبت لذي لا يحوي إلا عدداً قليلاً من الجرائم حتى الفساد تمتد جذوره إلى أبعد العهود وأن فروعه في أكبر الظن ستظل تورق حتى المستقبل البعيد. أما الجرائم التي تقع على الأفراد فكان منها الإيذاء البدني، والغش، والفحش، والقتل؛ ويشير شيشرون في بعض أقواله إلى قانون سكانتنيا Lex Scantinia الذي يعاقب على اللواط. وقاوم أغسطس هذه الجريمة بفرض غرامة على مرتكبها، وقاومها مارتيال بالهاتى، ودومتيان بالإعدام. ولم يعد الإيذاء البدني يعاقب عليه في ذلك الوقت بالقصاص كما هووارد في الجداول الاثني عشر، بل كان يعاقب عليه بالغرامة. ولم يكن الانتحار جريمة، بل إنه قبل دومتيان كان يكافأ عليه في بعض الأحيان، فكان في مقدور الرجل المحكوم عليه بالإعدام إذا لجأ إلى الانتحار حتى يضمن عادة تطبيق وصيته وانتنطق أملاكه لورثته دون حتى توضع في سبيل ذلك العقبات. وكان القانون يهجر له الحرية المطلقة في اختيار إحدى الطريقتين ليختم بها حياته.


قانون الملكية

وكان أكبر قسم في القانون الروماني هوالخاص بشئون الملكية، والالتزامات، والتبادل، والتعاقد، والديون، ذلك حتى الممتلكات العينية كانت هي حياة رومة، وكان ازدياد الثروة واتساع التجارة يتطلبان طائفة من القوانين أكثر تعقيداً إلى أبعد حد من قوانين العشرة الساذجة.

وكانت الملكية تجيء عن طريق الوراثة أووضع اليد. وإذا كان الوالد يمتلك بوصفه وكيلاً عن الأسرة أوولياً عليها، فقد كان الأولاد والأحفاد ملاكاً بالإمكانية أو"ورثة أنفسهم"(23) حسب النص الفذ الوارد في القانون. فإذا توفي الوالد من غير حتى يهجر وصية ورث أبناؤه أملاك الأسرة من تلقاء أنفسهم، وورث أكبر الآباء من هؤلاء الأبناء حق الولاية على الأسرة. وكان عمل الوصايا القانونية يحاط بمئات من القيود، وكانت صياغتها تتطلب كما تتطلب في هذه الأيام سيلاً من اللغووالتكرار والألفاظ الطنانة الرنانة. وكان جميع موص ملزماً بأن يهجر جزءاً من أملاكه إلى أبنائه، وجزءاً آخر للزوجة إذا رزقت منه بثلاثة أبناء، وأجزاء أخرى (في بعض الأحيان) إلى اخوته وأخواته، وآبائه إذا وجدوا. ولم يكن من حق أي وارث حتى يستولي على جزء من الهجرة إلا بعد حتى يتحمل نصيبه من جميع ديون المتوفي، وما عليه من الالتزامات القانونية. وكثيراً ما كان الروماني يجد نفسه متورطاً في وصية ملعونة على حد تعبيرهم، أووصية حمراء إذا جاز هذا التعبير. وإن امرؤ هلك ليس له ولد ولم يهجر وصية انتقلت أملاكه وديونه من تلقاء نفسها إلى أقرب "قريب ذكر من الصعب" أومن أولاد الظهور كما نقول نحن في هذه الأيام. ثم ألغى هذا التقييد بالعصب في عهد الإمبراطورية، وقبل حتى يجلس جستنيان على العرش كان لأبناء البطون مثل ما لأبناء الظهور من حق في الإرث. وقد كان قانون قديم سن بإيعاز كاتو(169 ق.م) يحرم على جميع روماني يملك 100.000 سسترس (أي ما قيمته 15.000 ريال أمريكي) أوأكثر حتى يوصي بأي جزء من ثروته لامرأة. وكان قانون فكونيا Lex Voconia هذا لا يزال مدونا في خط القوانين في أيام جايوس، ولكن الحب عثر له سبيلاً إلى التملص منه، فقد كان الموصي يوصي بأملاكه إلى وارث له حق الإرث، ثم يلزمه بأن ينقل هذه الأملاك قبل وقت معين إلى المرأة التي يريد حتى يهبها تلك الأملاك. وبهذه الطريقة وأمثالها انتقل جزء كبير من ثروة رومة إلى أيدي النساء. يضاف إلى هذا حتى الهبة كانت سبيلاً آخر إلى الفرار من قانون الوصية، غير حتى الهبات التي كانت توهب قرب الوفاة كانت عرضة لأن تبحث بحثاً قانونياً دقيقاً، وأضحت في عهد جستنيان خاضعة لنفس القيود التي كانت مفروضة على الوصايا.

وكان الاستحواذ يجيء عن طريق الأيلولة أوالانتنطق المترتب على قضية حكمت فيها بالمحاكم. فأما الأيلولة (Mancipatio أوالتسليم باليد) فكانت الوسيلة إليها هي الهبة القانونية أوالبيع أما شهود وبوجود كفتي ميزان يوضع فيهما سبيكة نحاسية رمزاً لهذا البيع. فإذا لم تصحبها هذه المراسم القديمة فإن القانون لا يقرأ أي انتنطق للملك. وكانت هناك ملكية وسطى أوإمكانية يعترف بها القانون وتسمى حق وضع اليد على الملك أواستخدامه: فكان الذين يفلحون أراضي الدولة مثلاً من هذا الصنف "الجالسين" لا المالكين، فإذا ما ظلوا عامين يشغلون هذه الأراضي ولا ينازعهم فيها منازع أصبحوا ملاكا لها لا ريب في ملكيتهم، وكانت لهم بحق الانتفاع أوبوضع اليد في لغة هذه الأيام. ولعل الحصول على الملك بعد شغله بهذه الوسيلة السهلة اللينة يرجع في أصله إلى عمل الأشراف الذين حصلوا به على الأراضي العامة(24). وبهذه الطريقة طريقة الملك بالانتفاع أووضع اليد كانت المرأة التي تعاشر رجلاً عاماً كاملاً لا تغيب عنه فيه ثلاث ليال تصبح ملكاً له.

وكان الإلزام هوما يفرضه القانون قسراً على إنسان ما بأن يقوم بعمل من الأعمال. وكان الشخص يلزم بعمل ما إذا ارتكب جنحة أوتعاقد على القيام بهذا العمل. فأما الجنح، وهي الذنوب البسيطة التي تضر بالشخص أوبملكه، فكان يعاقب عليها في كثير من الأحيان بغرامة تؤدي إلى من سقط عليه الأذى تعويضاً عنه عما لحقه من الضرر. وأما العقد فكان اتفاقاً ينفذه القانون. ولم يكن يفرض في هذا التعاقد حتىقد يكون مكتوباً؛ والحق حتى الاتفاق الشفوي الذي كان يتم بالنطق بلفظ "أعد Spondeo" أمام أحد الشهود قد ظل حتى القرن الثاني بعد الميلاد يعد أكثر قداسة من أي تعهد مكتوب. ولم تعد كثرة الشهود ولا المراسم الوقورة التي كان لا بد منها في العهود السابقة لإتمام التعاقد القانوني ضرورية في الوقت الذي نتحدث عنه. ونشطت الأعمال المالية والتجارية حين اعترف القانون بكل اتفاق واضح- وكان هذا التعاقد يتم عادة بأن يسجل الطرفان ما اتفقا عليه في دفاتر حساباتهما Tabulae. غير حتى القانون كان يحمي الأعمال المالية والتجارية أتم حماية، فكان يلفت نظر البائع والمشتري كليهما إلى آلاف الخدع التي تنشأ بطبيعتها في الحياة المتحضرة. من ذلك حتى القانون كان يحتم على جميع بائع ماشية أوعبيد مثلاً حتى يكشف للمشتري عما في أجسامها أوأجسامهم من عيوب، وكان يعتبر مسئولاً عن هذه العيوب وإن نطق إنه يجهلها(25).

وكان يعقد إما فلسفة، أورهناً، أووديعة، أوأمانة. وكان ما يعقد من قروض للاستهلاك يضمن عادة برهن بعض العقار أوالمنقولات. وكان العجز عن أداء الدين يجعل من حق الراهن قانوناً حتى يستولي على الملك المرهون. ولقد رأينا في الفصول السابقة حتى هذا العجز في عهد الجمهورية الباكر كان يجيز للدائن حتى يتخذ المدين عبداً له . وقد عدل قانون بوتليا Poetelia الذي صدر في عام 336 ق.م هذه القاعدة بأن أجاز للمدين حتى يعمل حتى يؤدي دينه وهومحتفظ بحريته. وفي عهد قيصر كانت الأملاك المرهونة التي يعجز أصحابها عن فك رهنها تباع لأداء ما عليها من الديون من غير حتى يضار المدين في شخصه. غير حتى حالات من استرقاق المدينين ظلت تحدث إلى أيام جستنيان. أما العجز عن الأداء في الأحوال التجارية فقد خفف من آثاره قانون الإفلاس، الذي كان يجيز بيع أملاك المفلس للوفاء بديونه، ولكنه يهجر له مما يحصل عليه بعدئذ ما يكفي لمعيشته. وكان أبرز الجرائم التي ترتكب على الأملاك هوالإتلاف، والسرقة، والنهب- أي السرقة بالإكراه. وكانت قوانين الجداول الاثني عشر تحكم على السارق الذي يضبط بالضرب، ثم يجعل بعدئذ عبداً لمن سرق منه؛ فإذا كان السارق عبداً، ضرب ثم ألقى به من فوق الصخرة التربية Tarpeian Rock. فلما زاد استقرار الأمن خفف القانون البريتوري هذه العقوبات القاسية بأن فرض عليه حتى يرد إلى المسروق منه ضعفي ما سرقه أوثلاثة أضعافه أوأربعة أضعافه(26) ولقد كان قانون الملكية في صورته الأخيرة أكمل جزء من الشريعة الرومانية.


قانون المرافعات

كان الرومان أكثر الشعوب القديمة ميلاً إلى التقاضي، على الرغم مما امتاز به قانون المرافعات عندهم من تعقيد فني وغموض محير مربك كان خليقاً بألا يشجعهم على الالتاتى إلى المحاكم. وما من شك في أنهم لوشهدوا إجراءاتنا القضائية لبدت لهم هي الأخرى طويلة مضللة؛ وحدثا رجعنا في الحضارة إلى الوراء زادت القضايا طولاً؛ ولقد كان في وسع أي روماني، كما تجاوز القول، حتى ينصب نفسه مدعياً في المحكمة الرومانية، وكان يطلب إلى المدعي والمدعى عليه والحاكم في عهد الجمهورية، حين كان يتولى الأشراف الحكم فيها، حتى يسيروا على نهج معين يسمى الإجراء القانوني، إذا حاد أحدهم عنه قيد شعرة بطلت المحاكمة. وفي ذلك يقول جايوس: فإذا قاضى إنسان آخر لأنه بتر كرمة ثم أطلق عليها في قضيته اسم "كروم" خسر القضية، فقد كان يجب عليه حتى يسميها "أشجاراً" لأن اللفظ الوارد في الجداول الاثني عشر هوالأشجار لا الكروم بصفة خاصة(27). وكان جميع من طرفي النزاع يودع لدى الحاكم مبلغاً من المال Sacramentum يضيع على من يخسر القضية، ويصبح من حق دين الدولة، وكان من الواجب على المدعي عليه حتى يقدم كفالة تضمن بها المحكمة حضوره أمامها فيما بعد. فإذا تم هذا أحال الحاكم النزاع إلى رجل يختاره من ثبت يحتوي أسماء الرجال الذين يصح لهم حتىقد يكونوا قضاة. وكان القاضي في بعض الأحيان يصدر حكماً تمهيدياً يوجب على أحد الطرفين المتقاضيين أوكليهما حتى يقوم بعمل من الأعمال أويمتنع عن القيام به، وإذا خسر المدعي عليه القضية كان من حق المدعي حتى يستولي على أملاكه أويقبض عليه حتى ينفذ الحكم.

وفي عام 150 ق.م ألغى قانون إيبوتيا الإجراءات المعقدة القديمة واستبدل بها إجراءات أخرى أقل منها تعقيداً؛ فلم يصبح من الضروري إتباع مراسم معينة أوالنطق بألفاظ خاصة؛ وصار من حق المتقاضين حتى يشهجروا مع الحاكم في تحديد الشكل الذي يعرض به النزاع على القاضي، ثم يصدر الحاكم بعدئذ إلى القاضي تعليمات بالحقائق الموضوعية والمسائل القانونية التي يتضمنها النزاع. وكانت هذه إحدى الوسائل التي وضع بها الحاكم أوالبريتور "القانون البريتوري" فيما بعد. وجدت في القرن الثاني بعد الميلاد طريقة ثالثة للحكم في القضايا غير العادية، كان للحاكم بمقتضاها حتى يفصل بنفسه في القضية. وقبل حتى يختتم القرن الثالث اختفت الإجراءات السالفة الذكر عن آخرها وأصبح الحاكم هوالذي يصدر الأحكام بطريقة عاجلة، وكان ذلك الحاكم مسئولاً أمام الإمبراطور وحده مديناً له بمنصبه، فكان هذا إيذاناً بقيام الملكية المطلقة.

وكان في وسع المتقاضين حتى يعرضوا بأنفسهم قضاياهم ثم يصدر البريتور أوالقاضي حكمه فيها دون معونة المحامين إذا شاء المتقاضيان هذا؛ غير أنه لما كان القاضي في كثير من الأحيان رجلاً غير مدرب تدريباً مهنياً ولم يفهم القانون دراسة خاصة، ولما كانت العقبات الفنية تعترض المتقاضين في جميع خطوة في القضية، فإن المتنازعين كانوا يلجئون في العادة إلى محامين ليترافعوا عنهم Avocati وإلى أخصائيين قانونيين Pragmatici وإلى مستشارين قانونيين Iurisconsulti وفقهاء قانونيين Iurisprudentes. ولم تكن المواهب القانونية تنقص الرومان، فقد كان جميع أب يعز أبناءه يتوق إلى حتى يرى ابنه محامياً، وكان القانون وقتئذ كما هوالآن الطريق الموصل إلى المناصب العامة. فنرى أحد الأشخاص في كتاب لبترونيوس يعطي ابنه طائفة من الخط ذات الظهور الحمراء "ليتفهم قليلاً من القوانين" لأن "القانون يأتي بالمال"(28). وكان طالب القانون يبدأ بدراسة المبادئ القانونية على مفهم خاص، ثم يشهد في الفترة الثانية الاستشارات التي تعرض على أعلام فقهاء القانون، ويتمرن بعدئذ عند محام يترافع في القضايا. وأنشأ بعض المستشارين القانونيين في أوائل القرن الثاني بعد الميلاد مدارس Stationes في أحياء مختلفة من مدينة رومة يفهمون فيها القانون أويصدرون فيها فتاوي قانونية. ويشكوأميانس Ammianus من ازدياد الأجور التي كان يفرضها هؤلاء الفقهاء، ويقول إنهم كانوا يتقاضون ثمن تثاؤبهم نفسه، ويحلون اغتال الأم إذا أدى العميل أجراً كافياً(29). وكان هؤلاء المفهمون يسمون "أساتذة القانون"؛ ويلوح حتى لفظ أستاذ Professor قد أطلق عليهم لأنه كان يطلب إليهم حتى يعلنوا Profiteri عزمهم على حتى يفهموا وأن يحصلوا بعدئذ من السلطات العامة على ترخيص بممارسة هذا العمل.(30).

صفحة العنوان من نسخ من القرن 16 من Digesta، وهي جزء من Corpus Juris Civilis للامبراطور جستنيان.

وكان لابد حتى يوجد بين المحامين الكثيرين الذين يمارسون مهنتهم عدد منهم لا يتورعون عن بيع فهمهم لأغراض صغيرة(31)، وعن قبول الرشا لكي يعرضوا قضايا موكليهم عرضاً ضعيفاً، وعن البحث عن ثغرات في القانون يبررون بها أية جريمة، وعن إثارة النزاع بين الأغنياء، وعن إطالة القضايا إلى أطول أجل يمكنهم من سلب أموال المتقاضين(33)، وأن يزلزلوا المحاكم أوالسوق العامة بأسئلتهم الإرهابية وعباراتهم الموجزة البذيئة. ومنهم من اضطرهم التنافس على القضايا إلى العمل على نيل الشهرة بالهرولة في الشوارع وبأيديهم أضابير من الوثائق وبأصابعهم خواتم مستعارة، ومن خلفهم خدم وأتباع، ومصفقون مأجورون ليصفقوا لهم وهم يخطبون(34). وقد بلغ من كثرة الأساليب التي اخترعت للتملص من قانون سنسيوس Cincius القديم الخاص بأجور المحامين حتى اضطر كلوديوس حتى يجعل الحد القانوني الأعلى لهذه الأجور عشرة آلاف سسترس لكل قضية، وأن يجعل من حق المتقاضيين قانوناً حتى يستردا ما زاد على هذا القدر(35). لكن هذا القيد كان يسهل الإفلات منه. فنحن نسمع حتى محامياً في أيام فسبازيان جمع ثروة تبلغ 300.000.000 سسترس (نحو30.000.000 ريال أمريكي)(36). غير أنه كان يوجد وقتئذ، كما يوجد في جميع عصر من العصور، محامون وقضاة يضعون مواهبهم الصافية المنظمة في خدمة الحق والعدالة من غير نظر إلى الأجور، وكانت شهرة فقهاء قانون العظام الذين لا يعلواسم على أسمائهم في تاريخ القانون، تطغى على نقائص أولئك المحامين الأدنياء.

وكانت المحاكم التي تنظر في قضايا المذنبين على درجات تختلف من المحاكم ذات القاضي أوالحاكم الواحد إلى الجمعيات الوطنية ومجلس الشيوخ والإمبراطور. وكان في وسع البريتور حتى يختار بطريق القرعة بدل القاضي الواحد محلفين لا حد لعددهم، ولكنهمقد يكونون في العادة 51 أو71 محلفاً ومن بين الثمانمائة والخمسين اسماً من أسماء طبقة الشيوخ أوالفرسان المدونة في ثبت المحلفين، وكان من حق المدعي والمدعى عليه حتى يقدما ما شاءا من الاعتراضات على هذا الاختيار. وكانت محكمتان خاصتان تعقدان بصفة دائمة، إحداهما محكمة العشرة رجال Decemviri وتنظر في أحوال الأفراد المدنية، والثانية محكمة المائة Centumviri وتنظر في قضايا الملك والميراث. وكانت المرافعات أمام هذين النوعين من المحاكم علنية يباح حضورها للجمهور، لأنا نرى بلني الأصغر يصف الجمهور الكبير الذي جاء ليستمع إليه وهويترافع أمام المحكمة الثانية(37). ويشكوجوڤنال وأپوليوس Apuleius من الارتشاء وكثرة التأجيل في هذه المحاكم، ولكن غضبهما نفسه يوحي بأن ما يشكوان منه كان من العيوب الاستثنائية القليلة.

وكانت المحاكمات تمتاز بنصيب من الحرية في القول والعمل قل حتى نجد له نظيراً في محاكم هذه الأيام. وكان في وسع عدد من المحامين حتى يحضروا مع جميع طرف من طرفي النزاع؛ منهم من تخصص في تحضير البينات، ومنهم من تخصص في عرضها على المحكمة. وكان خطة مختلفون Norarii، Actuarii، Scribea يسجلون المرافعات، وكان بعضها يسجل بطريقة الاختزال. ويصف مارتيال بعض أولئك الخطة بقوله: "ومهما تكن السرعة التي تنطق بها الألفاظ، فإن أيديهم أسرع منها"(41). ويصف أفلوطرخس الكيفية التي كان المختزلون يدونون بها خطب شيشرون، والتي كانت تضايقه في أكثر الأحيان. وكان الشهود يعاملون حسب السوابق التي خلع عليها طول العهد ثوباً من الوقار، والتي يصفها كونتليان بعبارته التي لا يعلوعليها وصف آخر فيقول:

"إذا أريد الفحص عن شهادة شاهد فإن أول ما تجب مراعاته هوصنف هذا الشاهد نفسه. ذلك حتى الشاهد الجبان يستطاع إرهابه، والشاهد الأبله يمكن التفوق عليه في الدهاء، والرجل الغضوب يمكن استثارته، والرجل المغرور يستطاع تملقه. أما الشاهد الذكي الأريب الرابط الجأش فيجب إبعاده على الفور لأنه خبيث عنيد أو... إذا كان في حياته الماضية ما يعاب عليه، فإن شهادته يستطاع نقضها بما يمكن مجابهته به من التهم الفاضحة"(42). وكان في وسع المحامي حتى يدلي بما شاء من الحجج. فكان يستطيع حتى يطلع المحكمة على ما لديه من صور خاصة بالجريمة المزعومة، مرسومة على القماش أوالخشب؛ وكان في مقدوره حتى يمسك طفلاً بين يديه وهويناقش نقطة من النقط؛ وكان يحق له حتى يكشف عما في جسم جندي متهم من ندوب وما في جسم عميله من جروح. وقد ابتدعت الدفوع لمقاومة مفعول هذه الأسلحة؛ فها هوذا كونتليان يحدثنا عن حيلة لجأ إليها محام اتى خصمه بأطفال موكله إلى المحكمة ليوضح بهم مرافعته، فما كان منه إلا حتى ألقى بينهم بنرد، فزحف الأطفال على أرض المحكمة، وأفسدوا بذلك على المحامي ختام قضيته(43). وكان من المستطاع تعذيب العبيد إذا كانوا أحد طرفي الخصومة لانتزاع الشهادة منهم، ولكن الشهادة المنتزعة بهذه الطريقة لم تكن تقبل ضد مالكيهم. وقد أصدر مرسوما يحرم فيها تعذيب العبيد لانتزاع إقرار منهم بجريمتهم، إلا إذا لم يفلح معهم جميع ما عدا ذلك من الوسائل، على حتى يتبع في هذا التعذيب أدق الإجراءات المرسومة له، ونبه المحاكم إلى حتى الشهادة المنتزعة بالتعذيب لا يستطاع الوثوق بها على الإطلاق. على حتى التعذيب القانوني ظل رغم هذا من الوسائل التي يلجأ إليها، واتسع نطاقه في القرن الثالث حتى ضم الأحرار(44). وكان المحلفون يعطون أصواتهم بإيداع ألواح ذات علامات خاصة في وعاء، وكانت أغلبيتهم المطلقة تكفي لإصدار القرار. وكان في وسع من يخسر القضية في كثير من الأحيان حتى يستأنف الحكم أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرته، وكان في مقدوره حتى يستأنفه أمام الإمبراطور نفسه إذا أمكنته موارده من ذلك.

وكان القانون هوالذي يحدد العقوبات فلم تكن تهجر لاختيار القضاة أنفسهم. وكانت هذه العقوبات تختلف باختلاف منزلة المحكوم عليه، وكان أقساها ما يسقط على العبيد، فقد كان بالاستطاعة حتى يحكم على العبد بالصلب، أما المواطن فلم يكن يستطاع صلبه؛ ولم يكن يستطاع جلد المواطن الروماني، أوتعذيبه، أوقتله دون حتى يستأنف حكم القتل أمام الإمبراطور، ويتضح ذلك لكل من يطلع على سفر أعمال الرسل. وكانت العقوبات تختلف في الجريمة الواحدة باختلاف منزلة المذنب وهل هومن "ذوي الشرف" Honestiores أومن "المنحطين Humiliores؛ كما كانت تختلف طالما الرجل الحر المولد والمحرر، والمفلس وغير المفلس، والجندي والمدني. ولما كانت قيمة العملة تتغير أسرع من تغير العقوبات المقررة في القانون فقد نشأ عن ذلك التغير السريع بعض الشذوذ والتناقض. من ذلك حتى الجداول الاثني عشر كانت تفرض غرامة مقدارها خمسة وعشرون آساً (وكانت في الأصل خمسة وعشرين رطلاً من النحاس) على من يضرب رجلاً حراً؛ فلما تقلصت قيمة الآس بسبب غلاء الأسعار إلى ما يعادل 6|100 من الريال الأمريكي أخذ لوسيوس ڤراتيوس Lucius Veratius يصفع الأحرار على وجوههم، ومن ورائه عبد يعد خمسة وعشرين آساً لكل من يتلقى الصفعة(45). وكانت بعض الجرائم يعاقب عليها بفرض "الصمت" على من يرتكبها. وكان يقصد بالصمت في الغالب منع المحكوم عليه من الحضور في القضايا بشخصه أوحتى ينيب عنه من يمثله؛ وأشد من هذا العقاب حتى يفقد المجرم حقوقه المدنية Capitis Drminutiso. وكان فقدان هذه الحقوق يتدرج من فقد الأهلية للميراث، إلى الطرد من البلاد، إلى الاسترقاق. وكان الطرد أقسى صورة من صور النفي: فقد كان المطرود يقيد بالأغلال، ويحجز في مكان حقير، وتنتزع منه جميع أملاكه. أما النفي Exilium فكان أخف من الطرد، فقد كان يسمح فيه للمنفى حتى يعيش حراً في أي مكان يشاء خارج إيطاليا؛ ويختلف الطرد والنفي عن الأبعاد، ذلك حتى الإبعاد- كما وقع لأوفد- لم يكن يتضمن مصادرة المال، وكل ما في الأمر حتى المبعد كان يرغم على الإقامة في بلدة معينة، بعيدة في العادة عن رومة. وقلما كان يلجأ إلى السجن ليكون عقوبة دائمة، ولكن كان في الاستطاعة حتى يحكم على الرجال بالاشتغال في الأعمال العامة، أوفي المناجم أوالمحاجر التي تستغلها الدولة. وكان في وسع الرجل الحر المحكوم عليه بالإعدام في عهد الجمهورية حتى ينجومن العقاب إذا أخرج من رومة أومن إيطاليا؛ وازدادت أحكام الإعدام في عهد الإمبراطورية في عددها وقسوتها، فكان أسرى الحرب، والمحكوم عليهم بالإعدام من غير الأسرى في بعض الأحيان، يلقون في جب تليان ليموتوا من الجوع وفتك الحشرات القارضة والقمل في السراديب المظلمة وسط الأقذار التي لا يستطيعون إزالتها(46). وفي مثل هذه الأماكن توفي جوگورتا وسيمون بن جيوڤا Simon Ben- Giova اليهودي الذي دافع عن أورشليم ضد تيتس، وفي مثلها كما تقول الرواية المتواترة: عذّب القديسان بطرس وبولس قبل حتى يصلبا، وخطا آخر رسائلهما إلى العالم المسيحي الناشئ.


قانون الأمم

شيشرون، مؤلف الكتاب الكلاسيكي القوانين يهاجم كاتيلينا، الذي خان الجمهورية، في مجلس الشيوخ الروماني

وكانت أعقد المشاكل التي قابلها القانون الروماني حتى يكيف نفسه، وهوقانون الدولة السيدة ذات العقلية الممتازة، بحيث لا يتعارض مع القوانين السائدة أوالعادات المرعية في الأراضي التي أخضعتها رومة لسلطانها بقوتها العسكرية أومهارتها السياسية. وكان عدد كبير من هذه الدول الخاضعة لرومة أقدم منها، وكان لها من تنطقيدها التي تفخر بها ومن أساليبها الخاصة التي تحرص عليها وتعتز بها ما يعوضها عما فقدته من قوتها العسكرية. وقد استطاعت رومة حتى تتغلب على هذه المشكلة بمهارة فائقة، فقد عينت في بادئ الأمر بريتوراً يختص بشئون الأجانب Praetor Peregrinus القاطنين في رومة ثم القاطنين في إيطاليا، ثم في الأنطقيم الخارجية، وجعل من حقه حتى يوفق بين القانون الروماني والقانون المحلي توفيقاً دائماً. ولقد نشأ من القرارات التي يصدرها البريتورون، وحكام الولايات، والإيديلون على مر الزمن قانون الأمم الذي كان يطبق على الإمبراطورية بأجمعها، والتي كانت تحكم بمقتضاه.

ولم يكن "قانون الأمم" قانوناً دولياً، أي أنه لم يكن طائفة من الالتزامات والأحكام ارتضه الدول بوجه عام لتحديد علاقاتها بعضها ببعض. لقد كان في العهد القديم قانون دولي إذا لم تفهم من هذا اللفظ بمعناه في الزمن القديم معنى أدق كثيراً مما نفهمه منه في هذه الأيام. فقد كانت بعض العادات العامة تراعى ويتقيد بها في السلم والحرب- كالحماية المتبادلة للتجار والدبلوماسيين الدوليين، ووقف القتال لدفن الموتى، والامتناع عن استخدام السهام المسمومة، وما إلى هذا. وكان فقهاء القانون الروماني يصفون قانون الأمم هذا ius gentium بأنه قانون عام يضم الأمم جميعها، ولكن هذا لم يكن إلا من قبيل التفاخر الوطني الكاذب. على أنه لمقد يكونوا يعزون إلى رومة أكبر من نصيبها الحق فيه. فقد كان في واقع الأمر قوانين محلية كيفت بحيث تتفق مع السيادة الرومانية، وكان الغرض منها حتى يستطاع بها حكم شعوب إيطاليا والولايات التابعة للدولة الرومانية من غير حتى يعطى لأهلها حق المواطنية الرومانية وغيرها من الحقوق المنصوص عليها في القانون المدني.

وبمثل هذه الدعوى الكاذبة حاول الفلاسفة حتى يقولوا إذا قانون الأمم هو"قانون الطبيعة". وكان الرواقيون يعهدون قانون الطبيعة بأنه قانون أخلاقي متأصل في الإنسان بعمل "العقل الفطري". وكانوا يعتقدون حتى الطبيعة نظام من نظم العقل، قوامه المنطق والترتيب المحكم الكامن في الأمور جميعها. وهذا الترتيب المحكم الذي ينموفي المجتمع من تلقاء نفسه، ثم يصل إلى مستوى الوعي في الإنسان، هوالقانون الطبيعي، وقد عبر شيشرون عن هذا الوهم بعبارة ذائعة الصيت فنطق:

"إن القانون السليم هوالعقل الحق المتفق مع الطبيعة، والذي يدخل في نطاقه العالم بأسره، والسرمدي الذي لا يتبدل... وليس من حقنا حتى نقاوم ذلك القانون حتى نبدله، وليس في مقدورنا حتى نلغيه، ولا نستطيع حتى نتحرر مما يفرضه علينا من التزامات بالتشريع أياً كان، ولسنا في حاجة إلى حتى ننظر في خارج أنفسنا لنبحث عن شرح له أوتوضيح. وهذا القانون لا يختلف في رومة عنه في أثينة، ولا في الحاضر عنه في المستقبل... وهوقانون سليم ثابت عند جميع الأمم وفي جميع الأحقاب... ومن عصاه فقد أنكر نفسه وأنكر طبيعته"(47).

ذلك وصف تام لمثل أعلى أخذ يزداد قوة حين جلست الرواقية على العرش في عهد الأنطونيين. وما زال البيان يحمل من شأنه حتى بلغ على يديه ذلك المبدأ الواسع المدى القائل بأن ما بين الطبقات من فروق ومميزات أمور عارضة اصطناعية. ولم يكن ثمة إلا خطوة واحدة بين هذا المبدأ وبين الفكرة المسيحية القائلة بأن الناس في حقيقة أمرهم أكفاء. غير حتى جايوس عهد قانون الأمم بأنه ليس أكثر من "القانون الذي شرعه العقل الفطري بين البشر جميعاً" كان يعتقد خطأ حتى الأسلحة الرومانية هي الإرادة الإلهية، ذلك حتى القانون الروماني كان هومنطق القوة وهدفها الاقتصادي؛ ولم تكن القوانين العظمى المدنية والأممية إلا القواعد التي يخلع بها الفاتح الحكيم النظام، والاطراد، والقداسة الزمنية على تلك السيادة القائمة على قوة الفيالق. نعم إذا هذه القوانين كانت طبيعية، بمعنى أنه كان من الطبيعي حتى يستخدم الأقوياء الضعفاء وأن يسيئوا استخدامهم.

لكن هذا الصرح المهيب من أداة الحكم التي يطلق عليها اسم القانون الروماني كان فيه شيء من النبل. وإذا كان لا بد حتىقد يكون الحكام هم الأقوياء فإن من الخير حتى تكون القواعد التي يفرض بها سلطانه واضحة صريحة، وبهذا المعنىقد يكون القانون هواستقرار القوة واستقامتها. ولقد كان من الطبيعي حتى ينشئ الرومان أعظم نظام قانوني في التاريخ كله. ذلك أنهم كانوا يحبون النظام وأنهم كانت لديهم الوسائل التي تمكنهم من فرضه على الناس، وقد فرضوا على مئات من الأمم المتنوعة المشارب والأجناس التي كانت تتخبط في دياجير الفوضى والاضطراب سلطاناً وسلاماً، لا ننكر أنهما لم يبلغا حد الكمال ولكنهما كانا في واقع الأمر جليلي القدر عظيمي الأثر. ولقد كان لغير رومة من الدول التي قامت قبلها قوانين، ونشأ فيها مشترعون أمثال حمورابي وصولون سنوا طائفة مكتملة من التشريعات الإنسانية الرحيمة، غير أنه لم يوجد قط شعب غير الرومان أفلح فيما أفلحوا هم فيه من تنسيق الشرائع وتوحيدها وتقنينها، وهي أعمال كانت الشغل الشاغل لأصحاب العقول الجبارة في رومة من عهد أبناء اسكافولا Scaavola إلى جستنيان.

وقد يسرت مرونة قانون الأمم انتنطق القانون الروماني إلى الدول الأخرى في العصور الوسطى وفي عصرنا الحاضر. وكان من محاسن الصدف أنه بينما كانت الفوضى التي أعقبت غارات البرابرة تقضي على التراث القانوني في غربي أوربا، كان قانون جستنيان، وموجزه، ونظمه تجمع وتصاغ في القسطنطينية في ظل الاستقرار والثبات النسبيين السائدين في شرقيها. وبفضل هذه الجهود، وعشرات الوسائل الأقل منها شأناً، وأساليب الحياة الصامتة الدائبة، ولج القانون الروماني في الشرائع الدينية التي سنتها الكنيسة في العصور الوسطى، وكانت هي الوحي الملهم لعقول المفكرين في عصر النهضة، وأضحت هي الأساس التي قامت عليه قوانين إيطاليا، وأسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، وبلاد المجر، وبوهيميا، وبولندة، بل واسكتلندة، وكوبك، وسيلان، وأفريقية الجنوبية من بلاد الإمبراطورية البريطانية. ولقد استمد القانون الإنجليزي نفسه، وهوالصرح القانوني الوحيد الذي يضارع القانون الروماني في اتساع المدى، قواعد العدالة، والقوانين البحرية، والولاية، والإرث من القانون الروماني. وإذا أحصينا أثمن ما ورثناه من العالم القديم قلنا إنه هوالعلوم والفلسفة اليونانية، والمسيحية اليهودية اليونانية، والديموقراطية اليونانية الرومانية، والقانون الروماني.

انظر أيضاً

  • Auctoritas (power of the sovereign)
  • باسيليوس (المرادف لعاهل ذي سيادة الحالية)
  • Certiorari
  • Corpus Iuris Civilis
  • Homo sacer
  • Justitium (akin to modern state of exception)
  • Imperium (Archons - magistrates - power)
  • Interregnum
  • قانون
  • Lex Duodecim Tabularum
  • قائمة القوانين الرومانية
  • دستور الجمهورية الرومانية
  • Res extra commercium
  • مجلس الشيوخ الروماني
  • القانون الروماني-الهولندي
  • Stipulatio

المصادر

قراءات للاستزادة

  • W. W. Buckland, A Textbook of Roman Law from Augustus to Justinian, Cambridge: University Press, 1921.
  • Fritz Schulz, History of Roman Legal Science, Oxford: Clarendon Press, 1946.
  • Peter Stein, Roman Law in European History. Cambridge University Press, 1999 (ISBN 0-521-64372-4).
  • Andrew Borkowski and Paul Du Plessis, Textbook on Roman law. Oxford University Press, 3rd Ed. (ISBN 0-19-927607-2).
  • Barry Nicholas, An Introduction to Roman Law. Rev. ed. Ernest Metzger. Clarendon Press, 2008 (ISBN 978-0-19-876063-4).
  • Jill Harries, "Law and Empire in Late Antiquity" Cambridge, 1999 (ISBN 0-521-41087-8).

وصلات خارجية

  • A very good collection of resources maintained by professor Ernest Metzger.
  • by Professor Yves Lassard and Alexandr Koptev
  • The Roman Law Articles of Smith's Dictionary
  • Roman Legal Tradition: open access journal devoted to Roman law
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:47:02
التصنيفات: Missing redirects, قانون روماني

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حرس الحدود يهزم الداخلية ويتأهل إلى دور الـ16 بكأس الرابطة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:50
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 56%

مصرع شخص سقط بسيارته فى ترعة الإبراهيمية ببنى سويف

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:56
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 55%

أنوشكا ومحمد الحلو يؤديان واجب العزاء لأسرة الراحل محمد سلطان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:02
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

النيابة تحيل مسجل خطر سرق المواطنين بالمعادي للجنايات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:58
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

روسيا تنشر فيديو لصب خرسانة المفاعل النووى الثانى بمحطة الضبعة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:12
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

الخميس والجمعة.. باسم سمرة ضيف برنامج «حبر سرى» على «القاهرة والناس»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:05
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

رفع 211 طن قمامة ومخلفات وتراكمات أتربة بالمحلة الكبرى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:55
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 68%

التحفظ على مدير بمطعم شهير لحيازته لحوم فاسدة بالجيزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:59
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 69%

عادل حمودة: مصر كانت أول دولة عربية تحاول التوصل للقنبلة النووية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:23
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

تعرف على حفلات نجوم الغناء والطرب بكأس العالم قطر 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:05
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

نجوم الفن في عزاء الموسيقار الراحل محمد سلطان (صور)

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:01
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

حفيدة الرئيس الأمريكي نعومي بايدن تعقد قرانها في البيت الأبيض

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:21:10
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

مصرع شخص وإصابة 2 آخرين في انقلاب سيارة بمطروح

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:55
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

«تمام يا فندم».. مصر تؤدى المهمة بنجاح فائق فى «COP 27»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:51
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

«المكتبات المتنقلة».. «حياة كريمة» تنقل الثقافة إلى القرى «دليفرى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-19 21:20:51
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية