العالم كإرادة وتصور (بالألمانية: Die Welt als Wille und Vorstellung؛ بالإنگليزية: The World as Will and Representation) هوالعمل المركزي للفيلسوف الألماني آرثر شوپنهاور. الطبعة الأولى نشرت في ديسمبر 1818, والطبعة الثانية المزيّدة في 1844. وفي 1948، طـُرحت طبعة مختصرة، حررها توماس مان.

«يبدوشوبنهاور غريباً بين الفلاسفة، في أنحاء عدة من شخصيته. فهومتشائم بينما يكاد الفلاسفة الآخرون حتىقد يكونوا كلهم، بمعنى ما، متفائلين. وهوليس أكاديمياً تماماً مثل كانط وهيغل، لكنه لا يقف خارج العهد الأكاديمي بالمرة. وهويؤثْر على المسيحية، أديان الهند الهندوكية والبوذية معاً. وهوذوثقافة واسعة، كما أنه يهتم اهتماماً كبيراً بالفن اهتمامه بالأخلاق. وهومتحرّر تحرّراً غير مألوف من النزعة القومية، فهويحس بأنه في وطنه مع الكتّاب الإنكليز والفرنسيين، إحساسه مع كتّاب بلده (...). وهويقر بثلاثة منابع لفلسفته (كانط وأفلاطون والأوبانيشاد) ولكني أظن أنه يدين لأفلاطون بالمقدار الذي يظنه هو».

بهذه العبارات تحدث برتراند رسل في فصل من كتابه «تاريخ الفلسفة الغربية» عن واحد من أكثر الفلاسفة ذاتية وغرابة أطوار في الأزمان الحديثة: آرثر شوبنهاور، فيلسوف الإرادة من دون منازع، وصاحب واحد من أبرز الخط الفلسفية التي عهدتها البشرية خلال مئتي عام «العالم كإرادة وتصوّر». واللافت هنا حتى أول من «اكتشف» أهمية هذا الكتاب في تاريخ الفكر الإنساني كان... شوبنهاور نفسه، هوالذي لم يكن ليكفّ وعلى الأقل خلال السنوات الأخيرة من حياته، عن التشديد على أهمية هذا الكتاب ذاهباً إلى حدّ القول إذا بعض فقراته قد أملاه عليه الروح القدس نفسه. ولئن كان القراء قد استنكفوا عن التجاوب مع هذا الكتاب حين ظهر في طبعته الأولى، ما جعل الناشر يتمنّع عن نشر طبعة ثانية منه، فإن هذا لم يضعف - من طبيعة الحال - من إرادة شوبنهاور الذي كان يعهد، على أي حال، ما يريد منه: كان يريد حتى يظهر الدور الأساس الذي تلعبه الإرادة في حياة الإنسان. وهذه الإرادة كما يراها شوبنهاور «واحدة ولا زمان لها وهي فضلاً عن ذلك تتحد مع إرادة العالم بأسره».

في تاريخ الكتابة الفلسفية العربية كان المفكر الراحل قبل سنوات، عبد الرحمن بدوي، من أكثر الباحثين العرب اهتماماً بشوبنهاور، كما كان متأثراً به وبما رأى عنده من نزعات «وجودية» مبكرة، ولهذا نجده منذ بداية سنوات الأربعين يفرد له كتاباً يعرض فيه فلسفته وحياته في لغة شاعرية لا يفوتها حتى تخلق نوعاً من التوحّد بين فكر شوبنهاور وفكر بدوي - أوتحاول ذلك على الأقلّ - حيث يصعب على القارئ فهم الحدود الفاصلة بين من يخط ومن يخط عنه. وكان هذا جلياً إلى درجة حتى بدوي بدا وهويخط عن شوبنهاور وكأنه يخط سيرته الذاتية هو، أوعما هومرغوب في سيرة ذاتية متخيلة له: «أما شوبنهاور، خط بدوي، فقد كان حراً كأوسع ما تكون الحرية بإزاء السلطات الثلاث، فلم يحفل بالسياسة على الإطلاق. وإن كان ظل نصير النظام ولهذا أبغض الثورة التي قامت في ألمانيا عام 1848 لأن فيها إخلالاً بالنظام». ويرى بدوي، استناداً إلى قراءة معمقة لكتاب «العالم كإرادة وتصوّر» (وإن كان هويستخدم تعبير امتثال، بدلاً من تصوّر، وهواستخدام يخلومن الدقة)، يرى حتى فلسفة شوبنهاور تقوم كلها على قاعدتي «الامتثال» و«الإرادة». فبالنسبة إلى الامتثال الذي يمثّل القاعدة الأولى من الواضح في رأي شوبنهاهور حتى «كل وجود خارجي مرده في الواقع إلى الذات» و«تبعاً لذلك فإن في أمكاني حتى أستنتج جميع قوانين العالم من الذات».

وإذ يتساءل شوبنهاور عما إذا كان العالم يسير أصلاً على نظام معيّن مرسوم منذ البدايات في معزل عن تدخله هو- أي الإنسان نفسه - يجيب قائلاً: إذا هذا الإنسان يسير تبعاً لقانون هو«مبدأ العلة الكافية»، ذلك حتى جميع امتثالاتنا (ويريد: تصوراتنا) مرتبة في ما بينها وبين بعض على نحومن شأنه حتى يجعل الواحد منها مرتبطاً بالآخر، ولا شيء منها يقوم مستقلاً بنفسه أومنفصلاً عن غيره. و«هذا الارتباط، لدى شوبنهاور، ارتباط منتظم تستطيع حتى تعينه قبلياً، أعني قبل التجربة بصفته مركوزاً في طبيعة الذات». أما بالنسبة إلى الإرادة، التي تشكل أساس القاعدة الثانية لوجود هذا العالم، فإن شوبنهاور من أجل الوصول إلى ربطها بالتصور (الامتثال) يقوم بقفزة أساسية من «الذات» - باعتبارها عقلاً يفكر ويتصور تبعاً لمبدأ العلة الكافية - إلى «الموضوع» باعتباره الإرادة التي هي - في نظره، وفق ما يوضح عبد الرحمن بدوي - الجوهر الباطن والسر الأعظم لهذا الوجود، وما الوجود في الواقع إلا التحقق الموضوعي للإرادة. وبالنسبة إلى شوبنهاور فإن «الإرادة تختلف، من حيث إنها شيء في ذاته، عن تجلياتها في الظواهر. ومن طريق «المكان والزمان» تميز الإرادة نفسها في موضوعات متنوعة في أماكن مختلفة وفي لحظات مختلفة، لكنها كلها ترتبط مع ذلك وفقاً لقوانين العلية».

وهنا يرى شوبنهاور حتى الإرادة تتجلى، من حيث إنها شيء في ذاته، في الفكرة (التصور أوالتمثل) قبل حتى تتجلى في كثرة من أشياء مفردة. من هنا، فإن الإرادة هي «جوهر وجود الإنسان. ففيها يجد الإنسان، بالتأمل الباطن المباشر، الجوهر الباطن الحقيقي للإنسان، والذي لا يمكن حتى يفنى. وفي هذا المعنى تكون الإرادة هي، وفق شوبنهاور، «الشيء في ذاته». غير حتى عبدالرحمن بدوي يلفت نظرنا هنا إلى حتى علينا حتى نفرّق، لدى الحديث عن مفهوم الإرادة كما تتجلى عند شوبنهاور، بين «الإرادة بالمعنى العام» و «الإرادة المحدودة بالبواعث والتي يسمونها الاختيار». فهذه الأخيرة هي وحدها العاقلة، حيث إذا الحركة التي يقوم بها الإنسان على «أساس هذه البواعث هي وحدها المنتسبة إلى الإرادة المختارة». ويرى بدوي حتى «شوبنهاور يؤكد أولوية الإرادة على العقل لأسباب عدة» يوردها بدوي على صفحات عدة من كتابه، الآنف الذكر، عن «شوبنهاور»، حيث يخلص إلى حتى في هذا «قلباً للوضع» الذي وضعنا فيه الفلاسفة حتى شوبنهاور، الذي يقول عن نفسه إنه أول من نطق بالنزعة الإرادية التي تجعل من الإرادة الجوهر الحقيقي، بينما كان جميع الفلاسفة، ومنذ أنكساگوراس وحتى هيگل ينظرون إلى العقل على أنه هوالجوهر.

وآرثر شوبنهاور، يمكن النظر إليه انطلاقاً من هذا كله باعتباره واحداً من الفلاسفة الذين تبدت لديهم الفلسفة شديدة الارتباط بحياتهم الخاصة، إذ إذا كتاباته الفلسفية كلها تبدووكأنها فصول في سيرته الذاتية معبرة عن حياته الخاصة وعن ردود عمله تجاه مجريات هذه الحياة.

أما السيرة المعروفة لآرثر شوبنهاور فتقول لنا إنه ولد عام 1788 في دانتزيغ لأب ثري كان كوزموبوليتي النزعة. وكانت حياة الأسرة مرتبطة بحرية تلك المدينة واستقلالها ومن هنا حين فقدت المدينة ذلك الاستقلال، انتقلت العائلة إلى هامبورغ. ولاحقاً حين توفي الأب كانت هناك نقلة ثانية إلى فايمار، حيث انخرطت أم شوبنهاور، كمحررة ثرية، في الحياة الثقافية، وارتبطت بصداقات ثقافية واجتماعية مع عدد من كبار كتاب وفناني تلك الحقبة ومفكريها ومنهم غوته، الذي حضن الولد أولاً، وأثّر فيه كثيراً، لكن شوبنهاور سرعان ما اختلف مع أمه وأخته وغادر البيت، وإن ظل على علاقة بغوته الذي ظل قارئه الأول. بعد ذلك تنقل شوبنهاور في الكثير من البلدان والمهن، لكنه لم يكن حقاً راغباً في أي عمل حقيقي، بل انصرف إلى الكتابة في الفلسفة والفن والفهم. وهونشر الكتاب الذي سيصير الأشهر بين أعماله، «العالم كإرادة وتصوّر» في عام 1819، ثم سافر إلى إيطاليا ومنها عاد إلى برلين. أما شهرته فبدأت في آخر سنوات الثلاثين، وراحت خطه ودراساته تنتشر وصار له معارضون يتهمونه بالرجعية والتشاؤم. أما أبرز مؤلفاته إلى جانب ما ذكرنا، فهي: «حول الجذر الرباعي لمبدأ العلة الكافية» و «حول الإرادة في الطبيعة» و «المشكلتان الرئيستان في الأخلاق»، وصدرت له بعد موته في عام 1860، خط عدة، منها: «حول النساء» و «حول الموت» و «ميتافيزيقا الحب الجنسي».

انظر أيضاً

• في الحرية والإرادة
• Schopenhauer's criticism of Kant's schemata
• Schopenhauer's criticism of the proofs of the parallel postulate
• (book)

المصادر

• ابراهيم العريس (2013-11-06). "«العالم كإرادة وتصوّر» لآرثر شوبنهاور: إنه جوهر المسألة". صحيفة الحياة اللبنانية.

الهامش

للاستزادة

• Magee, Bryan, The Philosophy of Schopenhauer, Oxford University Press, 1997 (reprint), ISBN 0-19-823722-7
• Schopenhauer, Arthur. The World as Will and Representation. Dover. Volume I, ISBN 0-486-21761-2. Volume II, ISBN 0-486-21762-0
• Susanne Möbuß, Schopenhauer für Anfänger: Die Welt als Wille und Vorstellung – eine Lese-Einführung (introduction in German to The World as Will and Representation), 1998

وصلات خارجية

• Works related to العالم كإرادة وتصور at Wikisource
• , complete text in German