أبو الطيب المتنبي

عودة للموسوعة

أبوالطيب المتنبي

أبوالطيب المتنبي
العراق، العالم العربي، العالم الإسلامي
العصور الوسطى (العصر المضىي الإسلامي)
الاسم الكامل أبوالطيب احمد بن الحسين المتنبّي
ولد 915
الكوفة، الخلافة العباسية (الكوفة، العراق حالياً)
توفي 23 سبتمبر 965 (ح. 50 عام)
النعمانية، العراق
الاهتمامات الرئيسية الشعر العربي

أبوالطيب أحمد بن الحسين المتنبي الكندي (و. 915 - ت. 23 سبتمبر 925)، هوشاعر عربي شهير. ويعتبر من أعظم شعراء العربية. ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وفهم العربية وأيام الناس.

نطق الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل حتى يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.

وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه حتى يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبوالطيب وانصرف يهجوه.

قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز. عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبوالطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد. وفاتك هذا هوخال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.

اسمه

ينطق أنها حادثة شهيرة في حياة المتنبي حيث إدعى النبوة في بداية شبابه، في بادية السماوة، ولئن كان قد جوزي على انادىئه بالسجن بأمر من والي حمص، إلا حتى حادثة تنبؤه تبدوحيلة سياسية ليس إلا، أوتدليساً من الحاكم ضد الثائر الشاب. ويرى أبوالعلاء المعري في كتابه معجز أحمد حتى المتنبي لُقب بهذا من النَبْوَة، وهي المكان المرتفع من الأرض، كناية عن حملته في الشعر. لا عن إنادىئه النُبُوَة.


حياته

السنوات المبكرة

هوأحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، أبوالطيب المتنبي. أحد أبرز شعراء العصر العباسي والشعر العربي على الإطلاق.

لا يتفق الفهماء في نسبه إلا على اسم أبيه فقط، وتتعدد الآراء فيما وراء هذا النسب، وينسبه بعضهم إلى قبيلة جعفى اليمنية. ومع ذلك كان المتنبي يكتم نسبه، وعندما سُئل عن سبب ذلك نطق: «إني أنزل دائماً على قبائل العرب، وأحب ألا يعهدوني خيفة حتىقد يكون لهم في قومي تِرَة».

ولد في الكوفة في محلة كِندة منها، ولذلك ينسبونه أحياناً فيقولون: «الكندي» نسبة إلى هذه المحلة لا إلى القبيلة العربية المعروفة «كندة». كان أبوه سقّاء يبيع الماء في الكوفة، وحاول خصوم أبي الطيب حتى ينالوا منه بتعييره بهذا المنبت الوضيع، ويبدوأنه كان يدرك هذا ويحاول حتى يتجنبه بالفخر بنفسه لا بنسبه، كقوله:

لا بقومي شَرُفتُ بل شَرُفُوا بي وبنفسي فَخَرْتُ لا بجدودي

انادىء النبوة

لا تذكر المصادر شيئاً عن طفولته ونشأته الأولى، وهذا أمر متسقط. توفيت أمه وهوصغير، فكفلته جدته وقامت على تربيته، وكان يذكرها في شعره، وعندما أصبح يافعاً ارتحل إلى البادية فأقام فيها سنتين، وبذلك نشأ نشأة بدوية، ثم عاد إلى الكوفة ولازم الفهماء والأدباء والورّاقين (ناسخي الخط) فأفاد منهم فهماً متنوعاً غزيراً. وارتحل مع أبيه إلى بلاد الشام ووصل إلى عدد من مدنها. وكان المتنبي كثير المشي، يسير سيراً شديداً، وكان خبيراً بطرق البوادي ومواقع المياه، مما أعانه على ذلك، وقدم إلى اللاذقية وهوفي نحوالعشرين من عمره، فأُعجب الناسُ بفصاحته وحُسنِ سمته، وينطق: إنه هبط على أبي عبد الله معاذ بن إسماعيل اللاذقي؛ وادّعى أمامه أنه نبي، ولما أنكر عليه ذلك نطق له:

مثلي تأخـذُ النكباتُ منـه ويجزعُ من ملاقـاةِ الحِمامِ
ولوبرز الزمانُ إليَّ شخصاً" لخضّبَ شعرَ مَفرِقه حسامي {{{2

وقدّم له بعض ما يزعم أنه من معجزاته، فتبعه هووأهله. ولما افتضح أمره قبض عليه والي حمص؛ وأودعه السجن، فأوفد إليه المتنبي أبياتاً يعلن توبته ويذكر أمه:

بِيَدي أيها الأميرُ الأريبُ لا لشيء إلا لأنـي غريـبُ
أولأمٍّ لهـا إذا ذكرتْنـي دمعُ قلبٍ بدمعِ عينٍ سـكوبُ
إن أكن قبلَ حتى رأيتك أخطأ تُ فإني عـلى يـديك أتـوبُ

وقيل في سبب ادّعائه النبوة أقوالٌ أخرى، من ذلك أنه نطق: لُقّبتُ بالمتنبي لقولي:

أنا تِربُ الندى وربُّ القوافي وسِـمامُ الـعِدا وغيظُ الحسودِ
أنا في أمةٍ تداركهـا اللــ ـهُ غـريبٌ كصالحٍ في ثمود

وبعد حتى أطلق سراحه، حاول الوصول إلى عدد من أمراء بلاد الشام ومدحهم، أمثال التنوخيين؛ الذين خلّدهم في قصائده، من ذلك ما نطقه في رثاء محمد بن إسحاق التنوخي:

وحفيفُ أجنحةِ الملائِك حولَهُ وعيونُ أهـلِ الـلاذقية صُوْرُ

المتنبي وسيف الدولة

كما لقي بدر بن عمار؛ وعبد الله ابن طُغج والي «الرملة»؛ وأبا العشائر ابن حمدان قريب سيف الدولة وواليه على مدينة أنطاكية، وقد مدحه بقصائد كثيرة، فقرّبه من سيف الدولة وقدّمه إليه، فدخل إلى مجلسه سنة 337هـ، وأقام عنده نحوتسع سنين، «وحسُن مسقطُه عنده، وقرّبه، وأجازه الجوائز السنية، ومالت نفسه إليه، وأحبه فسلّمه إلى الرُّوّاض، عملموه الفروسية والطراد والمثاقفة»، وصحبه في عدد من حروبه وغزواته ضد الروم، وأدام مديحه، وخلّد أعماله في شعره، كقوله في بناء «الحدث» من قبل سيف الدولة:

على قَدْرِ أهلِ العَزْمِ تأتي العزائِمُ وتأتي على قَدْرِ الكِرامِ المكـارمُ
وتَعْظُمُ في عَينِ الصغيرِ صغارُها وتَصْغُرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعهدُ لونَها وتَعْلَـمُ أيُّ الساقِيَيـْنِ الغَمَائـِمُ
بَنَاها فأعْلى وَالقَنـَا يَقْرَعُ القَنَـا ومَوْجُ المنايا حَوْلَهـا مُتَلاطِـمُ

وقوله يذكر جهاده وحروبه مع الروم:

أنتَ طولَ الحياةِ للـرومِ غـازٍ فمتى الـوعدُ حتىقد يكونَ القُفـُولُ
وسوى الرومِ خلفَ ظهركَ رومٌ فـعلى أي جـانِبَيـْـكَ تميـلُ

ويبدوحتى المنزلة العظيمة التي حظي بها المتنبي عند سيف الدولة قد أغاظت عدداً من روّاد مجلسه؛ وهيّجت حاسديه عليه كابن خالويه وأبي فراس الحمداني، وكان أبوالطيب المتنبي يدرك ذلك، فها هويخاطب سيفَ الدولة بقوله:

أزلْ حسَدَ الحُسّادِ عني بكَبتهِمِ فأنتَ الذي صَيـرتَهُم لي حُسّـدَا

وقد حاول حُسّادُه الإيقاع بينهما، ونجحوا في ذلك، وأدرك المتنبي ما يحاك له عند سيف الدولة، وأنهم استطاعوا حتى يوغروا صدر الأمير عليه، فقدِم إليه وأنشده القصيدة التي يقول فيها:

ألا ما لِسيفِ الدولةِ اليومَ عاتِبـا فَداهُ الوَرى أمْضَى السيوفِ مَضَارِبا
ومَالي إذا ما اشتقتُ أبصَرتُ دونَه تنائِـفَ لا أشتاقُهـا وَسَـباسِـبا
وقد كان يُدْني مَجلِسي من سَمائِه أُحادِثُ فيهـا بَدرَهـا والكَوَاكِبــا

إلا أنه لم يلق استجابة من سيف الدولة، فأدرك حتى القطيعة بينهما قادمة لا محالة، فخرج وهويفكر في قصيدة تكشف الحقائق وتبين زيف ما اتى به المغرضون، وعاد بعدها لينشد في المجلس أمام الجميع قصيدته:

وَا حرَّ قلباهُ ممنْ قلبُـهُ شَبِـمُ وَمَنْ بجسمي وحالي عِنـدهُ سَقَـمُ
مالي أُكتّمُ حُباً قد برى جسدي وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدولةِ الأمــمُ
يا أعدَلَ الناسِ إلا في مُعَامَلَتْي فيكَ الخصامُ وأنتَ الخصمُ والحَكَمُ
أُعِيذها نَظَراتٍ منكَ صادِقَـةً أنْ تحسَبَ الشحمَ فيمن شحمُه وَرَمُ

«وغضب سيف الدولة من كثرة مناقشته في هذه القصيدة وكثرة نادىويه فيها، وضربه بالدواة التي بين يديه، فنطق المتنبي في الحال»:

إنْ كانَ سَرّكمُ ما نطقَ حاسِدُنا فَمـا لـجُرْحٍ إذَا أَرْضـاكُمُ ألَـمُ


المتنبي وكافور الإخشيدي

فرضي سيف الدولة وقبّل رأسه وأجلسه إلى جانبه، وأعطاه مالا كثيراً. ويبدوأنه تعرض لحادثة اغتيال بعد خروجه من المجلس، إذ رماه أحدهم بسهم، إلا أنه لم يُصبه. وأيقن أبوالطيب حتى المقام في بلاط سيف الدولة أصبح شبه محال محفوفاً بالمخاطر، فغادره متوجهاً إلى مصر التي كان يحكمها كافور الإخشيدي، فمرّ بدمشق ثم بالرملة التي أكرمه واليها في ذلك الحين الحسين بن طغج، ثم توجه إلى كافور وأقام عنده قريباً من أربع سنين، وكان يسعى إلى حتى يلبي كافور رغبته في حتىقد يكون والياً على إحدى المناطق، وهذا واضح في قوله عندما وصل إليه:

وغيرُ كَثيـرٍ أنْ يَزُورَكَ راجِـلٌ فَيِّرْجعَ مَلْكاً للعَراقَيْنِ وَاليِــَـا
فقد تَهَبُ الجيشَ الذي اتىَ غازِياً لِسائـِلِكَ الفَرْدِ الذي اتى عَـافِياً

ومن مدائحه المشهورة في كافور:

كفى بكَ داءً حتى ترى الموتَ شَافِيَا وَحَسـْبُ المَنـَايَا حتى يـكُنَّ أمانِيَا
تَمَنّيْتََهَـا لمـا تَمنيتَ حتى تَرى صديـقاً فأعْيَـا أوْ عَدُواًً مداجِيـَا

وعلى الرغم مما نطقه من مدائح في كافور، إلا حتى المشهور من شعره هوأهاجيه فيه. وكان المتنبي قرر حتى يغادر مصر، فأعد لرحيله العدة سراً، وكان آخر ما أنشده في مصر قصيدته التي أنشدها قبل رحيله بيوم:

عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بـما مضى،يا ترى؟ أمْ لأمرٍ فيـكَ تجديـدُ

الهروب من مصر

ثم هرب عائداً إلى الكوفة فوصل إليها سنة 351هـ.

تنقل أبوالطيب بعد عودته من مصر بين الكوفة وبغداد، إلا حتى أخبار هذه الفترة نادرة، ولم تشر المصادر إلى تردده على ولاة بغداد وأمرائها، ويبدوأنهم لم يروقوا له فلم يمدحهم، ورغب بعض الولاة والأدباء كالصاحب بن عباد في استزارة المتنبي؛ إلا أنه أبى ذلك، وهذا مما زاد حقدهم عليه والتشهير به.

ويبدوأنه كان شديد الحنين إلى سيف الدولة، الذي أوفد إليه هدية ونادىه إلى العودة إلى مجلسه، فأوفد له قصيدة منها:

لَّما رحّبت بنا الرَّوضُ قُلْنا: حَلَبٌ قصَْدُنا وأنتِ السَّبيِـلُ
والمُسَمَّـوْنَ بالأميـر كثيـرٌ والأميرُ الذي بها المأمُـولُ
الذي زُلتُ عنه شَرْقاً وغَرْبـاً ونَدَاهُ مُقابلـِي مـا يَـزُولُ
مِنْ عَبيدي إنْ عِشتُ لي ألفُ كافو رٍ وَلِي مِنْ نَدَاكَ رِيفٌ ونِيلُ

وتشير المصادر إلى زيارة قام بها إلى ابن العميد في «أرّجان» من بلاد فارس سنة 354هـ، ومدحه بقصيدته:

بادٍ هواكَ صبْرتَ أم لم تصبِرَا وبُكاكَ إنْ لم يَجْرِ دَمعُكَ أوجَرَى

كما أنه توجه إلى الأمير عضد الدولة حاكم شيراز تلبية لطلبه، وأقام عنده مدة قصيرة، ومدحه في عدة قصائد منها قوله:

وقد رأيتُ الملوكَ قاطبةَ وسِـرتُ حتى رأيـتُ مـَوْلاها

ثم استأذنه بالعودة إلى وطنه، فأذن له، فأنشده قبل خروجه قصيدة فيها توقّعٌ لهلاكه، من ذلك قوله:

وأنّى شِئْتِ يا طُرُقي فَكُوني أذاةً، أونجـَاةً، أوهَـلاكـَا

مقتله

وخرج من أصفهان سنة 354هـ متجهاً إلى العراق، فكمن له في الطريق بعض أعدائه وهوفاتك الأسدي، وأغاروا عليه فقتلوه وقتلوا معه ابنه مُحَسّداً وغلامَه مُفلحاً قرب دير عاقول غربي بغداد. وقيل في مقتله أقوال أخرى.

كان المتنبي شديد الحافظة، حفظ شعر ابن الرومي، وكان لهذا الحفظ أثر كبير في تكوين الملكة الشعرية في نفس المتنبي. ويروى أنه حفظ رسالة وهويتصفحها عند الورّاق، كما كان داهيةً، مُرَّ النفس، شجاعاً حافظاً للأدب، عارفاً بأخلاق الملوك، ولم يكن فيه ما يشينُه ويسقطه إلا بخلُه وشرهه على المال.

شعره

تعددت الآراء في أخلاقه وصفاته بتعدد مواقف الناس منه، ولكنّ المجمع عليه أنه كان مستقيماً، سريع الحافظة، شديد الاعتداد بنفسه، فيه استقامة وغرور وكبرياء، وعنده طموح إلى تولي منصب وزيادة ماله، كما كان مُلحفاً في الطلب، متقلب الهوى، قليل مداراة الناس، قليل العفو، رقيق العقيدة، فاحش الهاتى، فارساً شجاعاً وربما أظهر أحياناً شيئاً من الجبن والخوف.

ويعدّ من أبرز شعراء العصر العباسي، بل من أبرز شعراء العربية؛ وإن اختلفت الآراء في منزلته الشعرية وفي شعره، حتى قيل عنه: «مالئ الدنيا وشاغل الناس». وإذا ذُكر المتنبي ذُكر معه أبوتمام والبحتري، وكثيراً ما فاضلوا بينهم فقدّموا أحدهم على الآخرَين، وكان ابن جني معجباً بشعره، وهوالذي قام على شرحه في كتابه الشهير «الفَسْر»، كما كان أبوالعلاء المعري شديد الافتتان بشعره، وقد شرح ديوانه وسمّاه «معجز أحمد»، بينما شرح ديوان أبي تمام وسماه «ذكرى حبيب»، وديوان البحتري وسماه «عبث الوليد».

وقد امتلك المتنبي زمام اللغة، لانت له فسهل عليه قيادها وتوجيهها، كما اقتدر على تفتيق المعاني فأبدع في ذلك أيما إبداع، وكثر في شعره الأمثال والحكم، وشُغِلت به الألسن، وسهرت في أشعاره الأعين، وكثر الناسخ لشعره والغائص في بحره والمفتش عن جُمانه ودُرّه، وقد طال فيه الخُلف وكثر عنه الكشف، وله شيعةٌ تغلوفي مدحه، وعليه خوارج تتعب في جرحه، ولذلك صح فيه القول: مالئ الدنيا وشاغل الناس.

كما كان المتنبي يزدري الشعراء الذين يحاولون بلوغ الشهرة من خلال التعرض له، فنطق فيهم:

أفي كلِّ يومٍ تحت ضِبْني شُوَيعِرٌ ضعيفٌ يُقاويني قصيـرٌ يُطاوِلُ
لسِانِي بنُطْقِي صَامتٌ عنه عادِلٌ وقلبي بصمتي ضاحكٌ منه هازِلُ

يعد المتنبي من الشعراء المكثرين، إذ بلغ مجموع شعره نحوستة آلاف بيت، وهويُذكَر مع شعراء الصنعة، كما أنه يُحسب مع شعراء الطبع، وتعددت أغراضه الشعرية، وموضوعات قصائده، وتكاد جميع الأغراض الشعرية تظهر في قصائده، منهاالغزل الذي تميز بالإكثار من الحديث عن مواقف الفراق والوداع، كقوله:

حُشاشةَ نفسٍ ودّعتْ يوم ودّعوا فلم أدرِ أيَّ الظاعِنَيْـن أودّعُ
أشاروا بتسليـمٍ فجُدْنـا بأنفُسٍ تسيلُ من الآماقِ والسمُّ أدْمُعُ

وبالتغزل بالنساء العربيات والبدويات، كقوله:

ما أوجُهُ الحَضَرِ المُسْتَحسَناتُِ بهِ كأوجـهِ البدوياتِ الـرعَابيبِ
حُسنُ الحضارة مجلوبٌ بتطريةِ وفي البداوةِ حُسْنٌ غيرُ مجلوبِ

وظهر الرثاء في شعره، إلا أنه كان قليلا، من ذلك رثاؤه لأخت سيف الدولة:

أرى العراقَ طويلَ الليَّل مُذْ نُعيَت فكيف ليلُ فتى الفتيان في حَلَبِ
يظـنُّ حتى فؤادي غيـرُ مُلْتَهـبِ وأن دَمْعَ جُفُوِني غيـرُ مُنْسَكِبِ

وتعددت موضوعات الوصف عنده، فوصف الطبيعة الصامتة، والحيوانات، والحرب وأسلحتها، وغير ذلك، ومن شعره الوصفي قوله يصف (شِعبَ بَوّان):

لها ثمـرٌ تُشيرُ إليكَ مـنه بأشْـــرِبَةٍ وقَفَـنَ بلا أوَان
وأمْواهٌ تَصِلُّ بها حَصَاهـا صليلَ الحَلي في أيدي الغَوَاني
إذا غَنَّى الحمامُ الوُرْقُ فيها أجابَتْــه أغانِـيُّ القِيــان

وبرز في شعره الجانب الفلسفي، فبدا من خلاله أثر ما أخذه عن أهل المنطق، وما اكتسبه من ثقافة عصره، كقوله في مسألة الروح وخلودها:

تَخالَفَ الناسُ حتى لا اتفاقَ لهم إلا على شَجَبٍ والخُلْفُ في الشَّجَب
فقيل: تخلُصُ نَفْسُ المَرْءَِ سالِمةً وقيلَ تَشْرَكُ جسمَ المرْءِ في العَطَبِ
وَمَنْ تَفَكّرَ في الدنيا ومُهْجَتِهِ أقـامَهُ الفِكْرُ بينَ العَجْزِ والتـَّعَبِ

وكثرت شكوى المتنبي من كثير من أمور الحياة، ومن الناس، حتى نطق:

ألا ليتَ شِعري هل أقولُ قصيدةً فـلا أشـتكي فيـها ولا أتـعتّبُ

ونطق شاكياً من الناس:

ولمّا صارَ وُدُّ الناس خِبّاً جـَزَيْتُ على ابتسـامٍ بابتِسـامِ
وصَِرتُ أشكُّ فيمنْ أصْطفيهِ لِعـِلْمي أنـَّه بـعضُ الأنـامِ

وله أشعار يظهر فيها النقد الاجتماعي، كقوله فيمن يتعلق بالمظاهر ويهجر الجوهر:

أغايةُ الدينِ حتى تُحفوا شوارِبَكم يا أمةً ضحكتْ من جهلِها الأُمَمُ

وكثر فخره الشخصي، كقوله:

أنا الذي نَظَرَ الأعمى إلى أدَبي وأسْمَعَتْ حدثاتي مَنْ بهِ صَمَـمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعهدُني والسَّيفُ والرُّمحُ والقرطاسُ والقَلَمُ
سَيَعلَمُ الجَمعُ ممن ضمَّ مجلِسُنا بأنَّني خَيـرُ من تَسْعى بهِ قَـدَمُ

ويُعدُّ المتنبي ممن أكثر من المدائح وتكسب في شعره، ومعظم مدائحه الصادقة في سيف الدولة، ومنها قوله:

لكلِّ امرئِ من دَهـرهِ ما تَعَـوَّدا وعاداتُ سيف الدولة الطعنُ في العِدا
هوَ البحرُ غُصْ فيهِ إذا كانَ ساكناً على الدَّرّ واحْذَرْهُ إذا كـانَ مُزْبِــدا
تظلُّ ملوكُ الأرضِ خاضعـةً لــه تُفـارِقُـهُ هَلْـكَى وتَلْقـاهُ سُجَّــدا

وغلب على هجائه التعريض بالآخرين وإن بدا فيه شيء من التهكم والفحش أحياناً، ومن هجائه:

إنِّـي نَزَلْتُ بكذّابيـن ضَيفُهــمُ عن القِرى وعن التَّرحالِ محدودُ
جودُ الرجالِ من الأيدي وجودُهُـمُ مِنَ اللسانِ فلا كانُوا ولا الجُـودُ
ما يقبِضُ الموتُ نفساً مِنْ نفوسِهِم إلا وفي كفـه من نَتْنِـها عُـود

ومن روائع المتنبي:

أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ

وشرحها:

ألم: من التألم للسقم
ألمً: أي أحاط بي
ألم: الهمزة للاستفهام ولم نافية
ألمً: أي أحيط به
إن: شرطية
أنً: من الأنين
آن: مريض
آن: بمعنى حان
لي بشفائه: حان وقت شفائه
والمعنى العام:

«لقد أحاط بي ألم لم أعهده من قبل إذا اتى وقت شفائه من الله فقد آن ذلك له.»


ديوانه

طُبع ديوان المتنبي عدة طبعات، واهتم به الفهماء والدارسون، وقاموا بشرحه والتعليق عليه ومقارنته بأشعار فحول الشعراء، فقد شرحه الواحدي، وهومطبوع، كما شرحه أبوالفتح بن جني شرحاً موسعاً أطلق عليه اسم «الفَسْر» طُبعت بعض أجزائه، كما طبع شرحٌ آخر يُنسبُ للعُكبَري، وشرح للبرقوقي وهومن المتأخرين، وثمة شروح أخرى بعضها مطبوع وبعضها مخطوط، وبعضها يتناول قضايا محددة في شعره.

وكثرت الخط والدراسات والموضوعات حول حياة المتنبي وشعره قديماً وحديثاً كثرة واضحة قلّ حتى يوجد مثيل لها في غيره من شعراء العربية، فممن تناول شعره من القدماء ابن جني في كتابه «الفتح الوهبي على مشكلات المتنبي»، وابن سيده الأندلسي في كتابه «شرح المشكل من شعر المتنبي»، والقاضي الجرجاني في «الوساطة بين المتنبي وخصومه»، والحاتمي في «الرسالة المشروحة في سرقات أبي الطيب المتنبي وساقط شعره»، ويوسف البديعي في «الصبح المنبي عن حيثية المتنبي»، وغيرهم كثير. أما الدراسات المعاصرة فهي كثيرة جداً.

قائمة قصائده

القائمة التالية لبعض قصائد المتنبي، للمزيد، طالع هنا:

  • واحر قلباه ممن قلبه شبم
  • هاتى الأخشيدي
  • أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
  • عذل العواذل حول قلبي التائه
  • ألقَلْبُ أعلَمُ يا عَذُولُ بدائِهِ
  • أتنكر يا ابن إسحق إخائي
  • أمن ازديارك في الدجى الرقباء
  • إنما التهنئات للأكفاء
  • أرى مرهفا مدهش الصيقلين
  • ألا جميع ماشية الخيزلى
  • لقد نسبوا الخيام إلى علاء
  • أسامري ضحكة جميع راء
  • لعيني جميع يوم منك حظ
  • فديناك أهدى الناس سهما إلى قلبي
  • فديناك من ربع وإن زدتنا كربا
  • ألا ما لسيف الدولة اليوم عاتبا
  • أحسن ما يخضب الحديد به
  • أيدري ما أرابك من يريب
  • بغيرك راعيا عبث الذئاب
  • يا أخت خير أخ يا بنت خير أب
  • فهمت الكتاب أبر الخط
  • أبا سعيد جنب العتابا
  • لأحبتي حتى يملأوا
  • لأي صروف الدهر فيه نعاتب
  • دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا
  • بأبي الشموس الجانحات غواربا
  • إنما بدر بن عمار سحاب
  • ألم تر أيها الملك المرجى
  • يا ذا المعالي ومعدن الأدب
  • ضروب الناس عشاق ضروبا
  • ألمجلسان على التمييز بينهما

مأثورات

«إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ... فأهون ما يمر به الوحو»
«إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا»
«إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَ يَبْتَسِمُ»
«إذا غامَرْتَ في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم»

المصادر

  1. ^ المتنبي، الموسوعة العالمية للشعر العربي
  2. ^ علي أبوزيد. "المتنبي". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-07-04.

Al-Mutanabbî, Le Livre des Sabres, choix de poèmes, présentation et traduction de Hoa Hoï Vuong & Patrick Mégarbané, Actes Sud, Sindbad, novembre 2012.

قراءات إضافية

  • يوسف البديعي، الصبح المنبي، تحقيق مصطفى السقا وآخرين (دار المعارف، القاهرة 1977).
  • محمد كمال حلمي بك، أبوالطيب المتنبي حياته وخلقه وشعره وأسلوبه (مخطة سعد الدين، دمشق 1986).
  • عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي (دار الفهم للملايين، بيروت 1968).

وصلات خارجية

Arabic Wikisource has original text related to this article:
Al-Mutanabbi
  • Al-Mutanabbi The Greatest Arabic Poet
  • Mutanabbi's poetry recited by Samar Traboulsi
  • Poetry Magic, UK
  • أبوالطيب المتنبي - ويكيبيديا
  • Almotanabbi.com - the complete collection of Mutanabbi's poems along with explanation


تاريخ النشر: 2020-06-04 14:02:32
التصنيفات: مواليد 915, وفيات 965, شعراء اللغة العربية, شعراء عرب, شعراء القرن العاشر, شعراء العصر العباسي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

انخفاض دولار السوق السوداء يتسبب فى هبوط الذهب لأدنى مستوى فى شهرين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:11
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 41%

"رأس الحكمة" مستقبل الاستثمار السياحى فى مصر.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:32
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 35%

الصحة بغزة: ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لـ 29514

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:52
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

القضية الفلسطينية.. تفاصيل مرافعة المغرب أمام محكمة العدل الدولية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:23:16
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 81%

الرئيس الأمريكي يفرض مئات العقوبات الجديدة على روسيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

إعلام عبري: وفد إسرائيلي يغادر إلى باريس لاستئناف المحادثات

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:23:04
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

بدء اجتماعات باريس للتهدئة فى غزة بمشاركة مصر وقطر وأمريكا وإسرائيل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:25
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 46%

طقس غد.. شبورة صباحا وأمطار بأغلب الأنحاء والصغرى بالقاهرة 13 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:19
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 43%

التعليم العالي :استمرار المواجهة الحاسمة للكيانات الوهمية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:21:35
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

العراق يعيد تشغيل أكبر مصفاة لتكرير النفط بعد تدميرها من جان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:40
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

الصين: من حق الفلسطينيين "اللجوء إلى الكفاح المسلح"

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:21:45
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

صحة غزة: إسرائيل تجوع مليون ونصف فلسطيني وتقتلهم بصمت

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:37
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

تراجع أسعار النفط بعد تصريحات مسؤول أمريكي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:23:14
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 85%

ممثل قطر بالعدل الدولية: تم استغلال الحرب بغزة لتغطية الأنشط

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-23 15:22:58
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية