ابن القوطية
ابن القوطية هوأبوبكر، محمد بن عمر بن عبد العزيز الأندلسي القرطبي النحوي (ت. 367هـ/8 نوفمبر 977م في قرطبة)، علامة في الأدب واللغة، حافظ للأخبار وأيام الناس، فقيه محدث متقن، كثير التصانيف. أصله من إشبيلية، ونشأته في قرطبة.
والقوطية: هي سارة بنت المنذر بن جطسية من بنات ملك القوط الغربيين، ويتيزا، الذي حكم إسبانيا قبل الفتح الإسلامي، وهي جدة لجده، وقد كانت سارت إلى الشام متظلمة من عمها أرطياس فتزوجها بالشام عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، ثم سافر معها إلى الأندلس، وهوجد عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى.
وُلِد ونشأ في إشبيلية. عائلته، التي كانت تُعهد بلقب "أبوبكر"، كانت تحت رعاية السادة القرشيين، وكان والده قاضياً في إشبيلية وإسيخا. كما كان بنوحجاج، أيضاً من إشبيلية، أقارب لصيقين لعائلته. بالاضافة لأنه سليل ملوك القوط الغربيين. ألـَّف تلميذ ابن القوطية، الفرضي سيرة قصيرة لمفهمه لمعجم سيَره، محفوظة في مخطوط قروسطي لاحق أُكتُشِف في تونس في 1887. وحسب الفرضي، فإن ابن القوطية تفهم في بادئ الأمر في إشبيلية، ثم في قرطبة. الفرضي يسميه أفهم نحاة عصره. فقد صنّف كتابين في النحو: كتاب في صرف الأفعال وكتاب في الألِف المقصورة والممدودة. ويحذر محرر سيرته من حتى تواريخه كـُتـِبت من الذاكرة، ولم تتبع الحديث والفقه، كما يفتقدون المصادر الأصيلة، والصدق الحرفي، والتمحيص. فقد سمع الكامل لمحمد بن يزيد المبرد عن سعيد بن قاهر ونقله من الذاكرة. وقد توفي في قرطبة.
كان ابن القوطية قد طلب الفقه والحديث والأدب، فسمع بإشبيلية من ابن القوق، وحسن الزبيدي، وابن جابر، وعلي بن أبي شيبة. وسمع بقرطبة من طاهر بن الوليد، ومحمد بن مغيث، وابن لبابة، وابن أبي تمام، وأسلم القاضي، وابن الأغبس، وابن يونس، وقاسم بن أصبغ، وأبي الوليد الأعرج ونظرائهم.
كان جليلاً، من أفهم أهل زمانه باللغة والعربية، حافظاً للفقه والحديث والخبر والنوادر والشعر، وله في الحديث قدم ثابت ورواية واسعة، وهوعلى ذلك من أهل النسك والعبادة والورع.
وكان صدراً في الأدب، بصيراً بالغريب والنادر والشاهد والمثل. كان عالماً بالخبر والأثر، حافظاً لأخبار الأندلس وسير أمرائها وأحوال رجالها، جيد الشعر، سليم الألفاظ ؛ إلاّ أنه هجره على الرغم من رقة نظمه، ورفضه مؤثراً ما أولى منه، ودافعه إلى هجره إنما هوورعه.
وهوإمام من أئمة الدين، تام العناية بالفقه والسنّة، مع مروءة ظاهرة، وكان عالماً بالنحو، حافظاً للعربية، مقدّماً فيها على أهل عصره، لا يشقّ غباره، ولا يلحق شأوه، وكان أبوعلي النطقي يبالغ في توقيره.
هذا ما قيل فيه، غير أنّ ابن الفرضي نطق عنه: «ولم يكن بالضابط لروايته في الحديث والفقه، ولا له أصول يرجع إليها، وطال عمره حتى سمع منه طبقة بعد طبقة من الشيوخ والكهل ممن ولي القضاء والشورى والخطط من أبناء الملوك وغيرهم، وسمعت منه، وكانت فيه غفلة وسلامة وتقشف في ملبسه وورع، وذكر أنه كان يدلس في حديثه».
ومن شعره في وصف الربيع:
- ضحك الثرى وبدا لك اسـتبشاره
- واخضرّ شــــاربه وطرّ عذارهُ
- ورنت حدائقه وآزر نبتـــــه
- وتفطرت أنواره وثمـــــارهُ
- واهتزّ ذابل كلّ ماء قــــرارةٍ
- لمّا أتى متطلّعـــــاً آذاره
- وتعمّمت صُلْع الرّبــا بنباتهــا
- وترنّمت من عجمةٍ أطيــــارهُ
ونطق أبويحيى بن هذيل التميمي: توجهت يوماً إلى ضيعتي بسفح جبل قرطبة فصادفت ابن القوطية صادراً عنها، فقلت له:
- من أين أقبلتَ يا من لا شبيه له ومن هوالشمس والدنيا له الفلكُ
فنطق:
- من منزل يعجب النساك خلوته وفيه ستر على الفتاك إذا فتكوا
تصانيفه
وعن تصانيفه فهوأول من صنّف في الأفعال وتصاريفها، ويعهد بكتاب «الأفعال الثلاثية والرباعية»، وهومطبوع، ومن الجدير ذكره أنّ لابن القطاع السعدي الصقلي (ت. 514هـ) كتاباً في الأفعال أيضاً، وتأليفه أجود من أفعال ابن القوطية؛ لأنه ذكر فيه ما أغفله ابن القوطية وزاد عليه بأن هذّبه، وكان ابن القوطية قد قصد الإيجاز حتى أخلّ في كثير من المواضع.
ومن خطه:
- «المقصور والممدود»،
- شرح رسالة أدب الكتّاب.
كتاب «تأريخ افتتاح الأندلس»
ويدافع الكتاب عن أهمية العهد المعقود بين الفاتحين والعائلة المالكة القوطية، في الفتح الإسلامي للأندلس عام 711 وما تلاه، وعهود شبيهة مع أعضاء الادارة المدنية والكنسية والأرستقراطية القوطية. وقد نصت تلك الاتفاقيات على سريانها على مسقطيها من السكان الأصليين ووكذلك على نسلهم ويجيء في مناصبهم، والحفاظ على أملاكهم الشاسعة التي كانوا يملكونها من قبل سنة 711.
فيعرض الكتاب حتى أصول الفتح العربي للأندلس، على عكس ما يقول به الرازي، لم تلعب فيها الحملات العسكرية الإسلامية دوراً رئيسياً. بل يصر المؤلف حتى الفتح قام على العلاقات الناشئة بين السكان الجدد المسلمين الذين أتوا إلى الأندلس وبين السكان الأصليين الهسپان والقوط. كما ينفي الكتاب حتى أمراء الأندلس كانوا يحتجزون ضريبة الخمس ليرسلوها للخليفة في دمشق. ليوضح ذلك، قام ابن القوطية في بعض المشاهد، بإيضاح حتى أبناء الملك القوطي ويتيزا لم يترددوا في تغيير بعض التفاصيل عن مشاركتهم في الأيام التالية مباشرة لمعركة وادي لكة.
وبالتأكيد فإن رواية ابن القوطية عن فوز المسلمين على الاسبان الأصليين تؤكد على أهمية الاتفاقيات المعقودة. ويختلف ذلك التأريخ بشكل كبير مع مؤرخي البلاط الأموي، الذين اِنصبـَّت رواياتهم على الأسلحة والتشكيلات القتالية لتبرير الهيمنة على الأندلس من قِبل أمويي قرطبة.
كتاب تأريخ افتتاح الأندلس بقي منه مخطوطة واحدة فقط، رقم 1867 في المخطة الوطنية الفرنسية. وقد يحدث هناك نسخة أخرى محفوظة في قسنطينة، الجزائر، ضمن المجموعة القيمة من "سي حمودة"، إلا حتى الأبحاث الأخيرة تجعل من ذلك أمراً غير محتمل.
انظر أيضاً
- تاريخ الأندلس
- الفتح الإسلامي للأندلس
- ابن البرذعي
المراجع
- Christys, Ann. 2002. Christians in Al-Andalus, 711-1000. Routledge.
- Collins, Roger. 1989. The Arab Conquest of Spain, 710-97. London: Blackwell Publishing.
- Ibn al-Qutiya, Muhammad, 2009. "Early Islamic Spain: The History of Ibn Al-Qutiya: A Study of the Unique Arabic Manuscript in the Bibliotheque Nationale de France, Paris," London: Routledge.
المصادر
- محمد موعد. "ابن القوطية (محمد بن عمر ـ)". الموسوعة العربية.
- ^ مفهموه هناك كانوا: محمد بن عبد الله بن القرن، حسن بن عبد الله الزباري، سعيد بن جبر، وعلي بن أبي شيبة.
- ^ مفهموه في قرطبة كانوا: طاهر بن عبد العزيز، ابن أبي الوليد الأعرج، محمد بن عبد الوهاب بن المغيث، محمد بن عمر بن لبابة، عمر بن حفص بن أبي تميم، أسلم بن عبد العزيز، أحمد بن جلد، محمد بن Masūr، محمد بن عبد الملك بن أيمن، عبد الله بن يونس، أحمد بن بشير بن الأغبس، والقاسم بن أصبغ.
للاستزادة
- المضىي، العبر في خبر من غبر (مطبعة حكومة الكويت، الكويت 1984).
- المضىي، سير أعلام النبلاء (طبعة مؤسسة الرسالة، بيروت 1985).
- جلال الدين السيوطي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم (المخطة العصرية، بيروت، د.ت).