البؤساء

عودة للموسوعة

البؤساء

هذه الموضوعة عن الرواية. لرؤية صفحة توضيحية بمنطقات ذات عناوين مشابهة، انظر البؤساء (توضيح).


البؤساء
لوحة فنية تصور كوزيت وهي احدى شخصيات سيرة البؤساء(Les Misérables) رسمت بواسطة إيميلي بايارد عام 1862
المؤلف فيكتور هوجو
الناشر A. Lacroix, Verboeckhoven & Ce. في بروكسل
الإصدار 1862
نوع الطباعة مطبوع

البؤساء (بالفرنسية: Les Misérables) رواية للمحرر الفرنسي فيكتور هوجوتعد من أشهر روايات القرن التاسع عشر، إنه يصف وينتقد في هذا الكتاب الظلم الإجتماعي في فرنسا بين سقوط نابليون في 1815 والثورة الفاشلة ضد الملك لويس فيليب في 1832. إنه يخط في مقدمته للكتاب: "تخلق العادات والقوانين في فرنسا ظرفا اجتماعيا هونوع من جحيم بشري. فطالما توجد لامبالاة وفقر على الأرض، خط كهذا الكتاب ستكون ضرورية دائما".

تصف البؤساء حياة عدد من الشخصيات الفرنسية على طول القرن التاسع عشر الذي يتضمن حروب نابليون. تعرض الرواية طبيعة الخير والشر والقانون في سيرة أخاذة تظهر فيها معالم باريس، اللأخلاق، الفلسفة، القانون، العدالة، الدين وطبيعة الرومانسية والحب العائلي. لقد ألهم فيكتور هوجومن شخصية المجرم/الشرطي فرانسوا فيدوك ولكنه قسم تلك الشخصية إلى شخصيتين في قصته.

رواية البؤساء ظهرت على المسرح والشاشة عبر المسرحية التي تحمل نفس الاسم.

شخصيات الرواية

  • جان فالجان (العمدة مادلين)
  • فانتين
  • كوزيت
  • تينيارديه
  • جافير
  • ماريوس
  • ايبونين
  • الأسقف ميريل


حدثة أولى

ما دام ثمة هلاك اجتماعي، بسبب من القانون أوالعهد ، يخلق ألوانا من الجحيم على الأرض ، ما دام مشكلات العصر الثلاث : الحط من قدر الرجل باستغلال جهده ، وتحطيم كرامة المرأة بالجوع ، وتقزيم الطفل بالجهل ، لم تحل بعد ، ما دام الاختناق الاجتماعي لا يزال ممكنا في بعض البقاع ، وبحدثة أعم ، ما دام على ظهر البسيطة جهل وبؤس ، تكون هناك حاجة إلى خط من هذا النوع .

- هوتفيل هاوس، 1862

ملخص الرواية

السيرة طويلة ولكنها تنتهي بالمبتر التالي: إنه يرقد، بارغم من غرابة قدره، لقد عاش. لكنه توفي عندما فقد ملاكه. الأمر يحدث ببساطة، من تلقاء نفسه، مثلما يأتي الليل عندما يولي النهار

تعبير "البؤساء" تعبير فرنسي لايمكن ترجمته بالضبط إلى الإنجليزية، فبالفرنسية له معنيان، إنه يعني: "ناس يعيشون في بؤس"; وهويعني أيضا: "ناس يعيشون خارج المجتمع وفي فقر مدقع". إذا اهتمام فيكتور هوجوبالعدالة الاجتماعية واهتمامه بهؤلاء البؤساء واضح، لكن لم تكن رغبة فيكتور هوجوفي تحسين الظروف للمواطنين العاديين في فرنسا التي جعلت هذه الرواية رواية عظيمة، إذا البؤساء رواية عظيمة لأن فيكتور هوجوكان رومانسيا في قلبه، والكتاب مليء بلحظات من الشعر العظيم والجمال. إذا فيه عمق الرؤية وحقيقة داخلية جعلت منه عملا كلاسيكيا لايحدده وقت، أحد الأعمال العظيمة في الأدب الغربي حتى اليوم بعد 150 سنة من كتابته، يظل كتاب البؤساء سيرة قوية.

أحداث الرواية

تبدأ الرواية بخروج جان فالجان من السجن عام 1815، وبعد حتى أمضى يوماً متعباً، مضى إلى فندق ليقضي ليلته هناك، فرفضه الفندق لأنه يحمل بطاقة صفراء، وهي البطاقات التي يحملها عادة السجناء، وتوجه إلى السجن لكي يمضي ليلته هناك فأجابوه بأنّ هذا المكان سجن وليس فندقاً مجانياً، فتوجه إلى المطرانية واستقبله المطران، ولكنه في الليل سرق صينية فضيّة من عند المطران وهرب. وقبض عليه رجال الشرطة وأعيد إلى المطران، الذي عفا عنه، وادعى أنّه نفسه أعطاه الصينية ولم يسرقها وأضاف أنّه أيضاً أعطاه شمعدانين من الفضة. وبذلك ساعده لكي يعود إلى الأخلاق الرفيعة، ويبتعد عن السرقة، ليس عن طريق السجن، ولكن عن طريق المعاملة الحسنة، وبالعمل بدأ يهتم بحسن سلوكه، وأخذ يصلي، وعاد بمخيلته إلى تاريخ سجنه، إذ سقط في السجن منذ تسعة عشر عاماً، أي عام 1790، إذ سرق بضعة أرغفة من الخبز من أحد الحوانيت، وألقي القبض عليه، وهرب من السجن، وألقي القبض عليه ثانية، وسجن مدة تسعة عشر عاماً، وهرب من السجن، وكانت البداية سرقة بضعة أرغفة من الخبز من أجل إطعام أطفال أخته الجياع اليتامى السبعة.‏

مضى بعد ذلك إلى مدينة لا يعهد أحداً فيها ولا يعهده أحد وهي مدينة مونتروي، وقد امتلأ قلبه بنور الدفاع عن الفقراء والبؤساء، ويعتبر واحد منهم، ولاسيما بعد تعهده على المطران الذي أشفق عليه وفتح له قلبه ومطرانيته، فلقد شوهد "جان فالجان" ... يجثوقرب منزل الأسقف، مصلياً،.... نادماً، في كثير من التقوى والإيمان...".(2).‏

وهناك، في مدينة مونتروي أطلق على نفسه اسم الأب مادلين، ولم يعهد أحد أنّه هونفسه جان فالجان الهارب من السجن، وعين عمدة للبلدة، بسبب إنقاذه طفلتين من الحريق، هما ابنتا قائد الشرطة، قبل جان فالجان منصب العمدة بعد إلحاح كبير من قبل أهالي بلدة مونتروي، وقدم خدمات كبيرة للبلدة التي تحسنت كثيراً بفضل إدارته لها. فبنى فيها المعامل، والمشافي، خلال خمس سنوات أمضاها الأب مادلين فيها مابين عام 1815 ـ 1820 ودهش جميع أهل البلدة لنزاهته ومحبته للآخرين ولأنّه يرفض المناصب، وظن البعض أنّه يرفض المناصب، لأنّه يطمع بمناصب أحمل، ولكنّه في حقيقة الأمر كان يرغب في خدمة الناس لتخليصهم من آلامهم، التي ذاق نفسه منها الأمرين.‏

وفي بلدة مونتروي كانت تعمل امرأة في ريعان شبابها اسمها فانتين، وهي بالأصل لقيطة، أغراها شاب غني وهجرها، وأنجبت طفلة اسمها كوزيت، واضطرت لبيع جسدها، ولكنّها كانت تسعى للتخلص من هذه المهنة القذرة، وهجرت فانتين ابنتها كوزيت عند أسرة تملك فندقاً صغيراً، واسم هذه الأسرة تيناردييه لقاء مبلغ من المال. وكانت أسرة تيناردييه تعامل كوزيت معاملة سيئة، وتبتز فانتين، عملت فانتين في معمل في بلدة مونتروي، كان يملكه الأب مادلين، الذي عهد بقوة جسدّية خارقة، واستغرب مفتش الشرطة جافير قوته، وذكرته قوة الأب مادلين بقوة إنسان هرب من السجن وهوجان فالجان، أمّا فانتين فلقد طردت من المصنع بعد حتى عهدت إدارة المصنع سر حياتها السابقة، أيّ أنّها كانت تبيع جسدها، وتم طردها دون فهم الأب مادلين، وعندما التقى بها، وعد بتقديم المساعدة لها لكي تصبح امرأة فاضلة، وطلب إعادة كوزيت إليها، إلا أنّ أسرة تيناردييه، ماطلت في التخلي عن كوزيت، لأنها وجدت فيها مصدراً للرزق.‏

أوفد مفتش الشرطة جافير إلى قيادته يستفسر عن الأب مادلين، إذ كان يظن أنّه نفسه جان فالجان لوجود شبه بينهما، ولكن جافير فهم أنّ جان فالجان سقط بيد العدالة، وهومن المحكوم عليهم بالأعمال الشاقة المؤبدة في سجن طولون. وبالتالي فإنّ الأب مادلين ليس جان فالجان. وأبلغ مفتش الشرطة الأب مادلين بحقيقة ما حدث، الأمر الذي أربك الأب مادلين، لأنّ شخصاً آخر بريئاً حكم عليه بدلاً عنه، ولذلك قرر الذهاب إلى المحكمة، ليعترف بالحقيقة، ومضى واعترف ومنح المحكمة عنوانه، وكان ينوي في اليوم ذاته تخليص كوزيت من براثن أسرة تيناردييه، وبذلك خلص رجلاً بريئاً شبيهاً به من ظلمات السجون، وقدّم الأب مادلين الدليل على أنّه جان فالجان، لأنّ المحكمة لم تصدّقه في البداية، وألقي القبض على الأب مادلين ـ جان فالجان، الذي طلب من جافير حتى يعطيه مهلة ثلاثة أيام ليأتي بكوزيت إلى أمها فانتين، إلا أنّ المفتش جافير رفض، وتوفيت فانتين وهرب جان فالجان من السجن، وهجر مبلغاً من المال للكاهن لكي يقوم بمراسم دفن فانتين ويغطي نفقات محاكمته ويوزع الباقي على الفقراء وهرب من البلدة وأنقذ في مدينة طولون وهي مرفأ فرنسي شخصاً كاد يموت غرقاً، وظن الناس أنّ جان فالجان أنقذ الغريق وأنّه غرق واختفى أثره.‏

إذ لم يعثروا على جثة الغريق، وحدث هذا عام 1823، إذ كان يعمل مع المحكوم عليهم بالأعمال الشاقة على ظهر السفينة، وكانت الحقيقة أنّ جان فالجان رمى نفسه في البحر لكي يتمكن من الهرب ولم يغرق، وتوجه إلى البلدة التي تقيم بها كوزيت بنت فانتين، وخلصها من براثن أسرة تيناردييه، بعد حتى دفع لهم مبلغ ألف وخمسمئة فرنك، وكانت الزوجة مستعدة لإعطائه كوزيت دون لقاء إلا أنّ الزوج المحتال النصاب شعر أنّه بالإمكان ابتزاز جان فالجان فطلب المبلغ المذكور وحصل عليه، وبعد حتى أعطاه كوزيت، فكر ورأى أنّه يمكن ابتزاز مبلغ آخر، ولحق بجان فالجان الذي أقنع تيناردييه أنّه دفع له أكثر مما يستحق، وكان مع جان فالجان وثيقة من فانتين أم كوزيت، حصل عليها قبل وفاتها لكي يتسلم ابنتها من أسرة تيناردييه، وكان تيناردييه ضابط صف، شارك في الحرب الأخيرة التي قادها نابليون بونابرت (1169 ـ 1821)، وكان يقوم بتفتيش القتلى لعله يجد معهم شيئاً ينفعه، أيّ أنّه إنسان تافه منذ بداية حياته.‏

مضى جان فالجان إلى باريس، واستأجر غرفة، وعهد أنّ المفتش جافير يلاحقه، فهرب إلى دير الراهبات، ووجد في حديقة الدير شخصاً، اسمه فوشلوفان، وكان جان فالجان عندما كان عمدة قد خلصه من الموت، ودبر له عملاً في هذا الدير.‏

ولذلك قرر فوشلوفان رد الجميل إلى جان فالجان فعده أخاه، ونطق لرئيسة الدير أنّه بحاجة إلى أخيه ولديه ابنة اسمها كوزيت، فوافقت الرئيسة وأخذ جان فالجان يعيش في الدير ويعمل في حديقته.‏

أمّا تيناردييه فلقد أفلس واتى إلى باريس باسم آخر وأخذ يسرق ويستعطي ويسخّر زوجته وابنتيه من أجل الاستعطاء، وأصبح تيناردييه رئيساً لعصابة قطاع طرق ولصوص في باريس ومن بين الذين تحسنوا عليه جان فالجان دون حتى يفهم أنّه يتحسن على تيناردييه، إذ كان تيناردييه يرسل رسائل يطلب فيها المعونة، وكانت هذه الرسائل إحدى طرقه في النصب والاحتيال، ووعد جان فالجان بأنّه سيأتي إليه في الساعة السادسة مساءً ليقدم إليه مساعدة، وعهد تيناردييه أنّ هذا المحسن هوجان فالجان، أمّا جان فالجان فلم يعهده، وكان كلاهما يعيش في باريس باسم مستعار والتقيا بعد فراق استمر ثمانية أعوام، تغيّر خلالها شكل جميع منهما.‏

فعندما وصل جان فالجان مساءً إلى الغرفة التي يعيش فيها المحتال تيناردييه، الذي عدّه أسيراً وقرر الإفراج عنه فقط بحال حتى يأتي جان فالجان بكوزيت التي ستبقى عنده رهينة إلى حتى يأتي جان فالجان بمبلغ كبير من المال، وقام تيناردييه بهذا العمل الإجرامي بمساعدة لصوص وقطاع طرق يتعاونون معه، ولكن جان فالجان حاول الهرب فلم يستطع، وأعطاهم عنواناً وهمياً لكوزيت ولكن جاراً لتيناردييه، لم يكن يعهد حقيقته واسم هذا الجار ماريوس، عهد بالمؤامرة وأبلغ مفتش الشرطة جافير، الذي طوق المكان وقبض على العصابة واستطاع جان فالجان الهرب، مستغلاً الفوضى في أثناء انشغال جافير بإلقاء القبض على العصابة.‏

كان ماريوس ابناً لأحد الأشخاص الذين حاربوا إلى جانب نابليون بونابرت (1769 ـ 1821)، ومات فيما بعد أبوه، ورباه جده من جهة أمّه، الذي يكره الثورة الفرنسيّة التي قامت عام 1789 ويكره الثوار، ومع هذا فكان يحاول مساعدة ماريوس، إلا أنّ ماريوس كان يحب الاعتماد على النفس.‏

رأى ماريوس أكثر من مرة جان فالجان وكوزيت في حديقة عامة في باريس، وأعجب بجمال كوزيت، واستغرب غدر تيناردييه.‏

وكان والد ماريوس قد أبلغه قبيل وفاته أنّ رقيباً في الجيش قد أنقذه من الموت عام 1815 في معركة واترلوالتي خسرها نابليون بونابرت وربحها الإنكليز، واسم هذا الشخص تيناردييه. ولكن والد ماريوس وهوضابط ومسماه بونميرسي، لم يعهد الحقيقة، إذ سقط جريحاً في المعركة، فلقد أصيب بضربة سيف بوجهه، وكان تيناردييه يفتش جيوب القتلى لعله يجد شيئاً،ومن بين الذين فتشهم والد ماريوس وسرق منه ساعة ومحفظة نقود، وتحرك الجريح في أثناء ذلك فعهد تيناردييه حتى الجريح ليس قتيلاً فسَحبه من بين الجثث، وعاد إلى وعيه، وطلب الجريح من تيناردييه حتى يأخذ محفظة نقوده وساعة في جيبه فتظاهر تيناردييه بالتفتيش عنهما فلم يجدهما، إذ كان قد سرقهما. فتعهد عليه الضابط، ونطقه له: لقد أعدت لي حياتي، وطلب بونميرسي من ابنه حتى يتعهد على تيناردييه لكي يرد له جميله، وشاءت الأقدار حتى يتعهد ماريوس على تيناردييه وهويحاول حتى يسرق وينهب ويبتز جان فالجان، فاهتزت الصورة التي رسمها له والده لتيناردييه.‏

وقرر ماريوس بتر علاقته بجماعة "أصدقاء الأمّة"، إذ أنّه يقدر ويحترم إنسان نابليون بونابرت أكثر من أعضاء هذه الجماعة، أحبّ ماريوس كوزيت وتعهد عليها وبادلته الحبّ، وطلب موافقة جدّه جيلنورمان، الذي يحّب حفيده كثيراً، ولم يره منذ أربع سنوات، ولكن محادثتهما انتهت بغيبوبة الجد، بعد حتى قدم لحفيده مساعدة مالية، وكان ماريوس، وهومحامٍ لا يجني من المحاماة شيئاً يذكر، يفكر بالسفر مع كوزيت وأبيها إلى بريطانيا، لأنّ والدها نطق لها بأنّه سيهرب إلى هناك.‏

وانتشر في فرنسا عام 1832 سقم الكوليرا بالإضافة إلى ذلك فلقد نشبت في الرابع من حزيران ثورة عام 1832، التي انطلقت من حي سان انطوان، وشارك في هذه الثورة كلّ من ماريوس وابن تيناردييه غافروش وابنة تيناردييه واسمها ايبونين، وكانت ترتدي ملابس الرجال، التي وضعت يدها على فوهة بندقية كانت مسددة إلى صدر ماريوس، فاخترقت الرصاصة يدها، وأنقذت بذلك ماريوس لأنها كانت تحبّه حباً عظيماً، وأبلغته ذلك وماتت قربه، بعد حتى نقلت له رسالة من كوزيت ورد على رسالة كوزيت، وأوفد الجواب مع غافروش، الذي عاد إلى المتراس وقتل هناك، إذ قاتل إلى جانب الثوار.‏

شارك جان فالجان في ثورة حزيران إلى جانب الثورة وكان المفتش جافير أسيراً لدى الثوار، فأطلق جان فالجان سراحه، وعهده المفتش جافير، قدّم جان فالجان خدمات جليلة للثوار، وجرح ماريوس في أثناء الاشتباكات، وحمله جان فالجان، الذي عثر نفسه ومعه ماريوس جريحاً في الأنفاق تحت الأرض وبعد ذلك في أنفاق مجاري باريس، وعندما حاول الخروج من نفق المجاري عثر أمامه تيناردييه الذي ساعده في الخروج، دون حتى يفهم أنّه يساعد جان فالجان لأنّ شكل جان فالجان كان قد تغير كثيراً، وما حتى تخلص من تيناردييه حتى سقط بين براثن المفتش جافير، الذي ساعده في نقل ماريوس إلى بيت جده جيلنورمان، وساعد جان فالجان في الوصول إلى بيته، وفكر في اعتنطقه ولكنه مدين لجان فالجان بحياته، وفكر بإطلاق سراحه ولكن هذا العمل خيانة لطبيعة عمله. ولذلك عاد إلى ضفة نهر السين ورمى نفسه فيه، وانتحر، بعد حتى هجر جان فالجان حراً، الذي وافق على زواج كوزيت من ماريوس بونميرسي، الذي ورث عن أبيه لقب بارون، الذي بدوره حصل عليه في معركة واترلو، وأعطاه اللقب نابليون بونابرت نفسه. ومنح جان فالجان ابنته بالتبني كوزيت مبلغ خمسمئة وأربعة وثمانين ألف فرنك وهومبلغ كبير جداً، وهي أموال جان فالجان عندما كان عمدة، سحبها من البنك في الوقت المناسب ووضعها في صندوق، وخبأ الصندوق في حديقة مهجورة، وأبلغ جان فالجان كوزيت أنها ليست ابنته، وإنّه تبناها لأنّه بحاجة إلى ابنة يعطف عليها، ويحبها وهي بحاجة لأب.‏

وأنقذ جان فالجان حياة ماريوس في أثناء القتال، وكان ماريوس في غيبوبة تامة، لم يعهد حتى جان فالجان هوالذي أنقذ حياته، وأبلغ جان فالجان حقيقة أمره لماريوس، بأنّه أمضى في السجن تسعة عشر عاماً لأنّه سرق رغيفاً أوأكثر من الخبز لإطعام الأطفال الصغار الجياع. حزن جان فالجان كثيراً لفراق كوزيت، لأنّه أحبّها حباً عظيماً، وانبتر عن الطعام بعد فترة من زقابلا، وسقم وذلك لأنّ ماريوس بدأ يبدي تضايقه منه فابتعد جان فالجان عن ماريوس وكوزيت، وخط لكوزيت أنّ النقود التي أعطاها إياها هي من حقها.‏

وعهد ماريوس من تيناردييه أنّ الذي أنقذه في المتراس وحمله عبر مجاري باريس هوجان فالجان، نطق له هذا لتيناردييه دون حتى يفهم أنّه يقدم خدمة لجان فالجان، إذ اتى يفسد عليه ويقول عنه لماريوس بأنّه رآه في يوم من الأيام يخرج من إحدى فوهات مجاري باريس ومعه جثة، أي أنّه قاتل، واتى يبيعه هذا الخبر، ولم يفهم تيناردييه أنّ الذي كان مع جان فالجان ليس جثة وإنّما هوماريوس، الذي نطق عنه مخاطباً كوزيت: "لقد أنقذ حياتي، لقد أعطاني إياك يا كوزيت، لقد ضحى بنفسه من أجلي أنا الكافر بالجميل، أنا العديم الرحمة، أنا المجرم"(3).‏

أما تيناردييه فأخذ من ماريوس مبلغاً من المال وهاجر إلى أمريكا، حيث تابع هناك خساسته، ومات جان فالجان الذي غرس الخير والمحبة في جميع مكان وعاش للآخرين ولم يعش لنفسه لحظة واحدةً، وكان عن قصد قد امتنع عن تناول الطعام لأنّه شعر أنّ رسالته في الحياة قد انتهت. إنّه شخصية إيجابية لا تعهد نفسه إلا الطهارة.‏

تقع أحداث الرواية في أكثر من مكان، ولكن الأحداث تجري كلّها في فرنسا، بعد الثورة، ومن حيث التسلسل الزمني للأحداث، تجري الأحداث عام 1815، ففي هذا التاريخ يهرب جان فالجان من السجن، ويعود بنا الروائي فيكتور هيجو(1802 ـ 1885) إلى الوراء، أيّ إلى عام 1796 وهوالعام الذي زج به بجان فالجان بالسجن.‏

تشبه رواية "البؤساء" (1862) رواية "سيرة مدينتين" (1859) لتشارلز ديكنز من حيث التسلسل الزمني. تبدأ الروايتان من خروج البطل من السجن، بعد حتى أمضى جان فالجان في الأعمال الشاقة تسعة عشر عاماً مظلماً، وهرب من السجن، أما الدكتور الكسندر مانيت بطل "سيرة مدينتين" فلقد أمضى في زنزانة منفردة في البرج الشمالي من سجن الباستيل ثمانية عشر عاماً مظلماً، ولكنه لم يهرب، وإنما أخلي سبيله.‏

ويعود بنا جميع من الروائيين إلى الوراء إلى تاريخ توقيفهما. كلّ من البطل طيب القلب، ولا يقوم بحياته إلا بالأعمال الطيبة. فهوشخصية طيبة، ولا يعهد الشر إلى قلبه سبيلاً، استغرقت أحداث رواية "البؤساء" 37 عاماً، بدأت عام 1796 وانتهت عام 1833، واستغرقت أحداث "سيرة مدينتين" 36 عاماً، بدأت عام 1757 وانتهت عام 1793، وبالتالي فإن الروايتين تستغرقان زمناً واحداً، وكأن أحداث رواية "البؤساء" هي استمرار لرواية "سيرة مدينتين"، إذ تجري الأحداث بدءاً من عام 1796.‏

كلّ من الروايتين تتحدث عن فترة تاريخية من حياة الثورة الفرنسية. كلاهما روايتان تاريخيتان واجتماعيتان، تدور الأحداث عن فقر مدقع في حي سان أنطوان في باريس وعن ظلم اجتماعي. تتحدث رواية "البؤساء" عن شخصية نابليون بونابرت (1769 ـ 1821)، وتوجد في الرواية شخصيات تؤيده، وأخرى تدينه، وهي بذلك تشبه رواية "الجريمة والعقاب" (1866)، إذ يشبّه بطلها راسكولينكوف نفسه بنابليون بونابرت، ويرى أنّ الفرق الأساسي بينهما أنّه أكثر وجداناً من نابليون بونابرت، ويرمي راسكولينكوف بنقوده المسروقة من عند العجوز المرابية، ومجوهراته تحت صخرة في حديقة مهجورة، ويرمي جان فالجان نقوده في صندوق ويضع الصندوق في حديقة مهجورة.‏

قابل جان فالجان خلال سبعة وثلاثين عاماً، وهي المدة التي تستغرقها الأحداث، قوتين، قوة القانون والدولة المتجسدة في شخصية المفتش جافير، وقوة الخارجين عن القانون والسلطة، ولكنهم بالوقت ذاته خارجون عن القانون الأخلاقي، وجسد هذه القوة تيناردييه وزوجته، وانتصر جان فالجان على القوتين بصبره وقوة إرادته وإيمانه بصوت الضمير والحق. أمّا جافير الذي طبق القانون بحرفيته، فلم يجد أمامه إلا طريقاً واحدةً وهي الانتحار، ورمى بنفسه في نهر السين. لم تستطع قوته الصمود أمام قوة الضمير والأخلاق الحقيقية. وكان جافير يحارب قوة خارجة عن الأخلاق وعن الضمير وعن قانون الدولة، وجسدها تيناردييه، الذي أمضى حياته في النصب والاحتيال والسرقة والنهب، عذب كوزيت في طفولتها وابتز أمها فانتين، وحاول ابتزاز جان فالجان ونهب الجنود في معركة واترلوعام 1815، وانتهت حياته بالهروب إلى أمريكا، أيّ كأنّه خرج من الحياة، كأنه انتحر، وقتل ابنه غافروش وابنته إيبونين عام 1832، التي كانت ترتدي ملابس الرجال، أي أنّ ابنه وابنته كانا يختلفان عنه.‏

كانت نهاية حياة جان فالجان غريبة، فلقد امتنع عن الطعام، وكاد يموت وحيداً، وكأنّه انتحر، ولكن في اليوم الأخير من حياته عاده ماريوس وكوزيت ومات عام 1833.‏

يخط أحمد أمين عن رواية "البؤساء": "فالبطل طرد من المجتمع’، لكنه يحمل بين جنبيه نفساً أبيّة، وكلّ صفحة من الكتاب تستوقف منك النظر والسمع والحواس جميعاً، فالمحرر يؤرخ لك مرةً، ويقص عليك مرةً، ويصف ثالثة،..."(4).‏


المصادر

انظر أيضاً

  • ڤيكتور هوگو

وصلات خارجية

  • رواية البؤساء ( Les Misérables ) لـ فيكتور هوجو- منتديات هاري بوتر
  • البؤساء (رواية عالمية) - منتديات العزوف
  • البؤساء
  • أحدب نوتردام
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:07:22
التصنيفات: بذرة أدب, روايات 1862, روايات فرنسية, روايات أنتجت سينمائيا, روايات ڤيكتور هوگو

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

السجن المشدد 10 أعوام لـ 3 أشخاص بتهمة قتل مزارع بقنا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:17
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

«ديشامب»: ما فعله المغرب ليس مفاجأة وهدفنا الفوز عليهم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:22:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

عمرو عبدالعزيز يكشف تفاصيل انضمامه لفرقة «أيامنا الحلوة»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:51
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

بالصور.. بنات الزمالك يهزمن الاهلي ٣-١

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:22:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

«بترمي إفيه بالفصحى».. عمرو عبدالعزيز يكشف مواقف مسرحية محرجة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:50
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

محافظ مطروح يشارك فى فعاليات الحوار الوطنى لحزب حماة وطن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:13
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

تقرير: مزراوي وأكرد جاهزان لمواجهة فرنسا في نصف النهائي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:04
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 59%

الأمن يسيطر على مشاجرة بين عائلتين بمنطقة بولاق الدكرور

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

«صحة الشيوخ» تستعرض ملخص الاستراتيجية الوطنية للغذاء والتغذية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:42
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

مصرع عنصر إجرامى عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بالدقهلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:16
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

مدرب المنتخب الفرنسي في مهمة مع الديوك حتى 2024

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:22:06
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

«بن شرقي» يوجه رسالة لدونجا بعد الظهور الأول بقميص الزمالك

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:22:04
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

صحة أسوان: تطعيم 90% من المستهدف ضمن حملة شلل الأطفال

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:22:05
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

الاستعلام عن فاتورة النت we برقم التليفون الأرضي 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:23
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 51%

إنريكى: المغرب تستحق الوصول لهذا الدور.. وسأعود لتدريب الأندية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-13 00:21:02
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

تحميل تطبيق المنصة العربية