اللفسة
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||
اللفسة (al-Idārisah، بالأمازيغية: Idrisiyen) ، كانت أسرة يزيدية شيعية في المغرب, حكمت من عام 788 حتى 974. سميت نسبة لإدريس الأول، من أحفاد الحسن بن علي، عادة ما يعتبر اللفسة هم مؤسسة الدولة المغربية.
التاريخ
تُعَدّ دولة اللفسة أول دولة علوية هاشمية تقوم في التاريخ الإسلامي. وتعود نسبتها إلى مؤسسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي هرب مع مولاه راشد إلى مصر ثم إلى المغرب الأقصى بعيدًا عن أيدي العباسيين؛ وذلك بعدما تمكّن العباسيون من القضاء على ثورة الحسين بن علي بن الحسن في معركة فخ.
وبعد حتى استقر إدريس في وَلِيلَى المغربية، اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة "أوربة" البربرية. وقد خلع إسحاق بن عبد الحميد طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم، وذلك بعد تعرُّفه على نسب إدريس وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه وفهمه.
استقرت الأمور لإدريس بن عبد الله، ودانت له معظم قبائل البربر، وبدأ يطمح إلى مدِّ نفوذه وسلطانه إلى القبائل التي تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على المجوسية أواليهودية أوالمسيحية، فدخل كثيرٌ من أهل هذه البلاد الإسلام.
وبعد وفاة إدريس بن عبد الله مسمومًا، تولى الحكم مولاه راشد وصيًّا على ابنه إدريس الثاني الذي كان جنينًا في بطن أمه، فلما قُتِلَ راشد كفل إدريسَ أبوخالد يزيد بن إلياس العبدي -أحد شيوخ البربر- حتى كَبُر إدريس، واستقل بالحكم بنفسه في سنة 192هـ/ 808م.
بنى إدريس بن إدريس عاصمة جديدة لدولته سميت (فاس)، وتوسع في فتوحاته، وضمالمغرب الأوسط (الجزائر)، وسعى للقضاء على نفوذ الخوارج، ووصلتالدولة إلى قمتها في عهده. وحكم بعده ثمانية من اللفسة، كان أعظمهم قوة وأعلاهم قدرًايحيى الرابع بنإدريس بن عمر، الذي امتد ملكه إلى جميع بلاد المغربالأقصى.
أخذ الضعف يتسرب إلى هذه الدولة في عهد خلفاء إدريس الثاني؛ وذلك بسبب تشرذم الدولة وتقسيمها بين الأبناء من ناحية، وبسبب القتال بين أبناء إدريس والخوارج من ناحية أخرى. ومن ثَمَّ عاشت دولة اللفسة في فوضى واضطراب، وساءت الحالة الاقتصادية والاجتماعية للدولة؛ مما أدى إلى استعادة الخوارج لنفوذهم، وعملوا على تقويض الدولة.
وأخيرًا اتىت الضربة القاضية على يد الدولة العبيدية (الفاطمية) والدولة الأموية الأندلسية، لتغلق الستار على دولة اللفسة التي استمرت نحوقرنين من الزمان.
وبالجملة فدولة اللفسة ساعدت في تعريب المغرب، وقامت بنشر الإسلام في غرب إفريقيا، وتثبيت الأمازيغ على الإسلام، وحاربت الخوارج وأفكارهم.
الأسرة
تأسيس الأسرة
سميت الدولة باللفسة نسبة إلى مؤسسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قامت بالمغرب الأقصى، وممضىها هوالزيدية أقرب مذاهب الشيعة إلى أهل السنة.
أما الدكتور حسين مؤنس فيرى أنها دولة سنية حيث يقول: "من الأخطاء الشائعة القول بأن دولة اللفسة دولة شيعية؛ لأن مؤسسيها وأمراءها كانوا من آل البيت، والحقيقة حتى اللفسة رغم علويتهم لمقد يكونوا شيعيين، بل لم يكن أحد من رجال دولة اللفسة أوأتباعهم شيعيًا فقد كانوا سنيين، لا يعهدون الآراء الشيعية التي شاعت على أيام الفاطميين، ولم يعهدوا في بلادهم غير الفقه السني المالكي، ومن البديهي حتى آل البيت لا يمكن حتىقد يكونوا شيعة لأحد، أما الشيعة فهم أنصارهم، والوصف السليم لهذه الدولة هوأنها كانت دولة علوية هاشمية، وهي أول تجربة نجح فيها أهل البيت في إقامة دولة لأنفسهم".
فلم تنبتر ثورات العلويين بعد تولي أبناء عمومتهم العباسيين الخلافة، وإعلانهم أنهم أحق بها منهم، وقابل العباسيون ثورات أبناء العمومة بكل شدة وقسوة، ونجح أبوجعفر المنصور في القضاء على ثورة "محمد النفس الزكية"، واستشهاده سنة (145هـ = 762م)، ولم تكن ثورة أخيه إبراهيم أفضل حالاً من ثورته، فلقي مصرعه في السنة نفسها، واطمأن أبوجعفر المنصور على سلطانه، واستتب له الأمر.
معركة فخ بالقرب من مكة
وبعد فشل هاتين الثورتين قامت حركات لبعض العلويين في اليمن وخراسان، لكنها لم تلقَ نجاحًا، وأصابها ما أصاب سالفاتها، وعاش من بقي من آل البيت العلوي في هدوء، وربما استخفوا حتى يتمكنوا من إعداد العُدَّة للخروج وهم مكتملوالقوة والعدد، وظلت الأمور على هذا النحومن التربص والانتظار حتى وقع نزاع صغير بين والي المدينة المنورة وبعض رجال من آل البيت أساء التعامل معهم، وأهانهم وأغلظ القول لهم، فحرك ذلك مكامن الثورة في نفوسهم، وأشعل الحمية في قلوبهم، فثار العلويون في المدينة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن، وانتقلت الثورة إلى مكة بعد حتى أعرب الحسين البيعة لنفسه، وأقبل الناس عليه يبايعونه.
ولما انتهى خبر هذه الثورة إلى الخليفة العباسي موسى الهادي، أوفد جيشًا على وجه السرعة للقضاء على الثورة، قبل حتى يمتد لهيبها إلى مناطق أخرى؛ فيعجز عن إيقافها، فتحرك الجيش العباسي إلى مكة، والتقى بالثائرين في (8 من ذي الحجة 169هـ =11 من يونيو786م) في معركة عند مكان يسمى "فخ" يبعد عن مكة بثلاثة أميال، وانتهت المعركة بهزيمة جيش الحسين، ومقتله هووجماعة من أصحابه.
نجاة إدريس بن عبد الله
وكان ممن نجا من قادة الثائرين في هذه المعركة "إدريس بن عبد الله بن الحسن"، الذي اتجه إلى مصر ومعه خادمه راشد، وظل أمرهما مجهولاً حتى بلغا مصر مستخفيْن في موكب الحجيج، ولم يكن اختفاؤهما أمرًا سهلاً؛ فعيون الخلافة العباسية تتبعهما وتقتفي أثرهما، ولم تكن لتهدأ وتطمئن قبل حتى تعثر على إدريس بن عبد الله حيًا أوميتًا، لكنهما نجحا في التحرك والتخفي؛ لا لمهارتهما في ذلك، ولكن لحب الناس آل البيت، وتقديم يد العون والمساعدة لهما.
ومن مصر خرج إدريس وخادمه "راشد" إلى بلاد المغرب، وينطق: إذا هذا الخادم كان بربريَّ الأصل، وساعدهما على الخروج من مصر عامل البريد بها؛ فقد كان متشيعًا لآل البيت، فلما فهم بوجودهما في مصر قدم إليهما في الموضع الذي يستخفيان به، وحملهما على البريد المتجه إلى المغرب. وتمضى روايات تاريخية إلى حتى الذي أعان إدريس على الفرار من مصر هو"علي بن سليمان الهاشمي" والي مصر، وأيًا ما كان الأمر فإن إدريس لقي دعمًا ومساعدة لتمكينه من الخروج من مصر، سواءً كان ذلك بعون من والي مصر أومن عامل البريد.
وبعد حتى وصل إدريس بن عبد الله إلى برقة تخفى في زي خشن، يظهر فيه بمظهر غلام يخدم سيده "راشد"، ثم سلكا طريقًا بعيدًا عن طريق إفريقية إمعانًا في التخفِّي، وخوفًا من حتى يلتقي بهما أحد من عيون الدولة العباسية التي اشتدت في طلبهما، حتى وصلا إلى تلمسان سنة (170هـ= 786م)، وأقاما بها عدة أيام طلبًا للراحة، ثم استأنفا سيرهما نحوالغرب، فعبرا "وادي ملوية"، ودخلا بلاد السوس الأدنى، حيث أقاما بعض الوقت في "طنجة" التي كانت يومئذ أعظم مدن المغرب الأقصى، ثم واصلا سيرهما إلى مدينة "وليلي"، وهي بالقرب من مدينة مكناس المغربية، واستقرا بها بعد رحلة شاقة استغرقت حوالي عامين.
وبعد حتى استقر إدريس في وليلي (قصر فرعون حاليًا) اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة "أوربة" البربرية، صاحبة النفوذ والسيطرة في "وليلي"؛ فلمَّا اطمأنَّ إليه إدريس عرَّفه بنسبه، وأفهمه بفراره من موطنه؛ نجاةً بنفسه من بطش العباسيين، وقد رحَّب إسحاق بضيفه الكبير، وأنزله معه داره، وتولَّى خدمته والقيام بشأنه شهورًا عديدة، حتى إذا حلَّ شهر رمضان من السنة نفسها جمع إسحاق بن محمد إخوته وزعماء قبيلة أوربة، وعرَّفهم بنسب إدريس وبفضله وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه وفهمه؛ فرحبوا جميعًا به، وأعربوا عن تقديرهم له، وبايعوه بالخلافة في (14 من رمضان 172هـ=15 من فبراير 788م)، وبعد ذلك خلع "إسحاق بن عبد الحميد" طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم.
وتبع ذلك الدعوة لإدريس بين القبائل المحيطة؛ فدخلت في دعوته قبائل: زناتة، وزواغة، وزائرية، ولماية، وسراته، وغياشة، ومكناسة، وغمارة، وبايعته على السمع والطاعة، واعترفت بسلطانه، وقصده الناس من جميع مكان.
استقرت الأمور لإدريس بن عبد الله، ورَسُخَت أقدامه بانضمام جميع هذه القبائل إلى دعوته، ودانت له معظم قبائل البربر، وبدأ يطمح إلى مدِّ نفوذه وسلطانه إلى القبائل التي تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على المجوسية أواليهودية أوالمسيحية، فأعدَّ جيشًا كبيرًا زحف به نحومدينة "شالة" قبالة مدينة الرباط، ففتحها، ثم تحول إلى جميع بلاد "تامسنا" فأخضعها، وأتبع ذلك بإخضاع إقليم "تاولا"، وفتح حصونه وقلاعه، ودخل كثيرٌ من أهل هذه البلاد الإسلام، ثم عاد إلى "وليلي" للراحة والاستجمام في (آخر ذي الحجة 172هـ= مايو789م)، ثم عاود حملته الظافرة عازمًا على دعوة من بقي من قبائل البربر إلى الإسلام، ونجح في إخضاع قبائل: قندلاوة ومديونة وبهلولة وغيرها من القبائل البربرية التي كانت متحصنة بالجبال والحصون المنيعة، ثم عاد إلى وليلي في (15 من جمادى الآخرة 173هـ=10 من أكتوبر 789م).
فتح تلمسان
أقام إدريس بن عبد الله شهرًا في وليلى، ثم عاود الفتح، واتجه ناحية الشرق هذه المرة، عازمًا على توسيع ملكه في المغرب الأوسط على حساب الدولة العباسية، فخرج في منتصف رجب 173هـ= نوفمبر 789م متجهًا نحوتلمسان، وفي أثناء زحفه استولى على مدينة "سبتة"، ولم يكد يصل إلى "تلمسان" حتى خرج إليه صاحبها "محمد بن خرز"، وأعرب خضوعه له دون قتال، وبايع إدريس بن عبد الله، وتبعته قبائل: مغراوة وبني يفرده.
ولما ولج الإمام إدريس تلمسان أقام بها مسجدًا جامعًا للمدينة، وصنع منبرًا جميلاً كان يحمل نقشًا يحدِّد تاريخ إنشائه، ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما أمر به إدريس بن عبد الله ابن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وذلك في شهر صفر 174هـ، وهذا يعني حتى إدريس أقام في تلمسان حتى هذا التاريخ، ثم كرَّ راجعًا إلى عاصمة ملكه.
نهاية الإمام إدريس
ولم تكد تصل هذه الفتوحات إلى عاصمة الخلافة العباسية حتى فزع الخليفة هارون الرشيد، وشعر بالقلق والذعر من النجاح الذي يحققه إدريس بن عبد الله، الذي نجح فيما فشل فيه غيره من أبناء البيت العلوي؛ فلأول مرة ينجحون في إقامة دولة لهم بعد إخفاقات عديدة ومآسٍ دامية، ثم اشتد خوف الخليفة العباسي حين اتىته الأخبار بعزم إدريس بن عبد الله على غزوإفريقية (تونس)، ففكَّر في إرسال جيش لمحاربة هذا العلوي المظفر، وبينما الرشيد على هذه الحال من القلق والاضطراب تدخَّلت الأقدار، وأراحته مما كان يفكر فيه، فتوفي إدريس بن عبد الله في (سنة 177هـ= 793م) على أرجح الروايات، بعد حتى نجح في تحدي الصعوبات، وأقام دولة عُرفت باسمه "دولة اللفسة" بعيدًا عن وطنه بين قبائل متطاحنة تعتز بعنصريتها، وتتخذ من قوتها وسيلة لفرض سيطرتها على من حولها، وهذه تُحسَب له، وتجعله واحدًا من كبار رجال التاريخ. ويضاف إليه حتى المغرب مدين له بنشر الإسلام في أماكن لم يكن قد وصل إليها من قبل.
إدريس الثاني
استمر إدريس الأول في حكمه حتى توفي عام 177هـ= 793 م؛ حيث توفي مسمومًا فخلفه ابنه إدريس الثاني الذي كان جنينًا في بطن أمه عندما توفي أبوه، وقام بشئون البربر مولى أبيه (راشد)، فلما قُتِلَ راشد كفل إدريسَ أبوخالد يزيد بن إلياس العبدي - أحد شيوخ البربر - حتى كَبُر إدريس فتولَّى الأمر بوصاية أبي خالد عام 188هـ= 804م. وفي سنة 192هـ= 808م بدأ إدريس الثاني يحكم مستقلاً بنفسه.
وعقب ذلك مباشرة نجد كثيرين من مهاجرة العرب يفدون على إدريس من القيروان خاصة ويدخلون في خدمته، ويتجه نظره إلى الخروج من وليلي، من الممكن لأنه كان يريد التحلُّل من سلطان قبيلة أوربة، فدلَّه أتباعه على وادٍ يصلح لمدينة على أحد فروع نهر (سبو) بين جبلين، يُسَمَّى وادي فاس فأنشأ فيه بلدة صغيرة، سميت "عدوة ربض القرويين"، ثم وفدت جماعة من مهاجرة قرطبة وأنشأوا قرية مجاورة عهدت باسم "عدوة الأندلسيين"، ومن العدوتين تكونت مدينة فاس، وابتنى إدريس لنفسه دارًا في عدوة القرويين وشرع في إنشاء مسجد فاس الجامع، وانتقل إلى فاس وأصبحت عاصمة دولة اللفسة من سنة 196هـ= 811م ، ودخلت دولة اللفسة في الدور الحاسم من تاريخها.
وابتداءً من سنة 197هـ= 812م بدأ إدريس سلسلة حملات ثبَّتت سلطان الدولة من تلمسان إلى ساحل المحيط الأطلسي، ونشط لحرب الخوارج في جبال أطلس، ودارت حروب طويلة بينه وبين البرغواطيين، وفي هذا الدور من تاريخ اللفسة حمل العبء رجال قبيلتي أوربة وغمارة بشكل خاص.
ثم توفي إدريس الثاني عام 213هـ= 828م بعد حتى ثبَّت نادىئم الدولة بعد حروب طويلة ومؤمرات خطيرة من جانب منافسيه من بني الأغلب خاصة.
وبعد وفاته نجد ابنه وخليفته محمد بن إدريس الثاني يتصرف تصرفًا غريبًا وغير معقول، فيقوم بناءً على نصيحة جدته (كنزة) بتقسيم الدولة بين إخوته الكثيرين، وكان المعقول حتى يقيمهم عمالاً أوممثلين للدولة، ولكنه أعطاهم نواحي الدولة إقطاعات ينفرد جميع منهم بناحية منها؛ فكان هذا سببًا في ضعف الدولة وهي بعدُ لم يكتمل نموها، ومع حتى محمد بن إدريس احتفظ لنفسه بالرياسة واعتبر إخوته أتباعًا له، إلا حتى بعض الإخوة اتجه إلى الاستقلال بناحيته ناسيًا حتى قوة الدولة الإدريسية تكمن في ترابط رؤسائها من أفراد البيت الإدريسي العلوي، الذي كان يتمتع في قلوب الناس بمكانة جليلة.
توفي محمد بن إدريس الثاني عام 221هـ= 836م فخلفه ابنه علي بن محمد، وكان عمره تسع سنوات عندما تولَّى الحكم، ولقب باسم حيدرة، وحيدرة لقب كان يطلق على الإمام علي بن أبي طالب ومعناه الأسد، واستمر في الحكم ثلاث عشرة سنة، ولم يحدث في أيامه ما يستحق الذكر، فقد حكم تحت وصاية أقاربه ورجال الدولة حتى توفي سنة 234هـ=848م.
وبعد وفاة علي بن محمد خَلَفَه أخوه يحيى الأول، وفي عهد يحيى هذا بلغت فاس أوجها أيام اللفسة، فقامت فيها المنشأت الكثيرة وامتدت على سفوح الجبال، وأُنشِئ جامع القرويين.
ولما توفي خَلَفَه ابن أخيه يحيى الثاني بن علي بن محمد وكان سيء السيرة فثارت عليه العامة، فاختفى بعُدوة الأندلس ريثما تخمد الفتنة، ومات من ليلته، واستولى عبد الرحمن بن أبي سهل -الذي تزعم الثورة على يحيى بن علي- على مدينة فاس؛ فأوفدت زوجة يحيى إلى أبيها والي بلاد الريف علي بن عمر بن إدريس، وطلبت منه الحضور لإخماد هذه الثورة فاتى وأخمدها، وسيطر على البلاد.
وبذلك انبتر الملك من عقب علي بن محمد بن إدريس الثاني، وأصبح في عقب عمر بن إدريس صاحب الريف تارة، وفي عقب القاسم بن إدريس الزاهد تارة أخرى.
ولم يلبث حتى ولج أهل فاس في طاعة علي بن عمر، وخُطِبَ له على منابر المغرب، واستقرت قدمه في هذه البلاد فترة من الزمن.
وكانت إمارة اللفسة تعيش خلافات شديدة؛ إذ كانت تخضع تارةً لحكم صاحب الريف علي بن عمر بن إدريس، وتارة لحكم أولاد القاسم بن إدريس إضافة إلى ثورة عبد الرازق الفهري أحد زعماء الخوارج الصفرية الذي أجبر علي بن عمر بن إدريس على الفرار إلى قبيلة أوربة، ولكن أهل فاس استدعوا ابن أخيه وهويحيى الثالث بن القاسم بن إدريس وبايعوه، وبقي طيلة وقته يقاتل الخوارج حتى قتله الربيع بن سليمان عام 292هـ= 905م.
وعاشت دولة اللفسة في فوضى واضطراب بسبب القتال بين أبناء إدريس والخوارج الصفرية، وبسبب هذه الحروب ساءت الحالة الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
نهاية الأسرة
برغم المصائب التي توالت على اللفسة منذ تصدى لهم موسى ابن أبي العافية ، فقد أمكنهم حتى يصمدوا وأن يحافظوا على وجودهم السياسي على يد بني القاسم بن إدريس. فقد اتفق اللفسة على تولية القاسم بن محمد بن القاسم ابن إدريس واستمر في إمارته إلى حتى توفي سنة 337 هـ. فتولى بعده ولده أبوالعيش أحمد. وتميز بالفهم والفقه والورع . وكان مواليا لبني أمية الذين ازداد نفوذهم توطدا بالمغرب . وفضل أبوالعيش حتى ينهي حياته مجاهدا ، إذ توجه للأندلس حيث استشهد في ساحة القتال سنة 343 هـ. فكان الذي خلفه بعد انصرافه إلى الجهاد أخوه الحسن بن گنون. وفي عهده سقط هجوم حديث للفاطميين على المغرب كان الهدف منه استرجاع سطوتهم على البلاد . فاضطر الحسن أمام قوة الهاجمين إلى التحول بولائه إلى جهة المهاجمين . لكنه لم يتخذ ذلك الموقف إلا تقية ، إذ عاد بولائه إلى الأمويين بمجرد انصراف جيوش الفاطميين عن المغرب .
وبعد مدة ، اتى جيش فاطمي آخر بقيادة بلكين بن زيري. فاضطر الحسن ، مرة أخرى، إلى نفض يده من بيعة الأمويين وتجديد بيعته للفاطميين . وفي هذه المرة انضم إلى معسكر الفاطميين بصورة فعالة وساهم في التنكيل بأنصار الأمويين في البلاد مما أحقد عليه الخليفة المرواني الحكم المستنصر الذي وجه جيشا كبيرا إلى المغرب للانتقام منه وبعد معارك ضارية ، اضطر الحسن للالتاتى إلى حجر النسر ثم للاستسلام والذهاب مع ذويه إلى قرطبة ( 363 هـ / 974 ) لكن ، ما لبث حتى حدثت نفرة بينه وبين الحكم بعد سنتين من إقامته بقرطبة . فنفاه الخليفة الأموي هووذويه عن الأندلس فالتجأوا إلى الفاطميين بمصر، حيث وجدوا استقبالا حسنا وظلوا هنالك إلى غاية 373. وحينئذ أمر الخليفة الفاطمي بتجهيز الحسن بجيش ليمضى إلى المغرب ويستعيد إمارته باسم الفاطميين . لكن المنصور بن أبي عامر بعث لقتاله جيشا قويا . فاضطر إلى طلب الأمان . لكن المنصور لم يف له وأمر باغتياله وهوفي الطريق إلى قرطبة (375 / 985) . وبذلك ´´انقرضت أيام اللفسة بالمغرب بموت الحسن بن كنون آخر ملوكهم. (القرطاس ص 94) .
الحكام
| البلد | المغرب |
|---|---|
| Ancestral house | الشريفي |
| الألقاب | أمير |
| المؤسس | إدريس بن عبد الله |
| Cadet branches |
اللفسة العسيريون بنوحمود الأسرة السنوسية |
- إدريس الأول - (788-791)
- إدريس الثاني - (791-828)
- محمد بن إدريس - (828-836)
- علي بن محمد، يعهد "بعلي الأول" - (836-848)
- يحيى بن محمد، يعهد "بيحيى الأول" - (848-864)
- يحيى بن يحيى، يعهد "بيحيى الثاني" - (864-874)
- علي بن عمر، يعهد "بعلي الثاني" - (874-883)
- يحيى بن القاسم، يعهد "بيحيى الثالث" - (883-904)
- يحيى بن إدريس بن عمر، يعهد "بيحيى الرابع" - (904-917)
الحكم الفاطمي - (917-925)
- الحسن الحجا - (925-927)
- القاسم كنون بن ابراهيم - (937-948)
- أبوالعيش أحمد بن القاسم كنون) - (948-954)
- الحسن بن كنون، يعهد "بالحسن الثاني" - (954-974) (يفضل عدم الخلط بينه وبين الحسن الثاني، وُلد 1929.)
خط زمني
الفروع
- بنوحمود في الأندلس - (1016–1058)
- لفسة المغرب (فرع Joutey) - (1465–1471)
- بنورشيد في شفشاون (فرع Alami) - (1471–1561)
- الأمراء اللفسة في عسير - (1906–1934)
- الأسرة السنوسية في ليبيا - (1918–1969)
النهضة الفهمية
ظهر عدد كبير من الفهماء بالمغرب زمن دولة اللفسة نذكر منهم: (أبوعمر البهلول بن راشد) وهومن أهل القيروان. نطق عنه محمد بن أحمد التميمي: كان ثقة مجتهدًا ورعًا مستجاب الدعوة لا ريب في ذلك، كان عنده فهم كثير. سمع من مالك والثوري وعبد الرحمن بن زياد ويونس بن زيد وحنظلة بن أبي سفيان وموسى بن علي بن رباح والليث بن سعد والحارث بن نبهان. وكان أولاً مشغولاً بالعبادة، فلما احتاج الناس إليه في الفهم، قام بفتياهم، وسمع من البهلول كثير من فهماء المغرب، وقد قيل عنه: هووتد من أوتاد المغرب.
نظر إليه مالك بن أنس فنطق: هذا عابد بلده، واتىت إلى مالك من عند ابن غانم أقضية فنطق: ما نطق فيها المصفر (يعني البهلول)،يا ترى؟ احترامًا وتقديرًا لفهمه.
ونطق سعيد بن الحداد: ما كان بهذا البلد أحد أقوم بالسنة من البهلول في وقته، وسحنون في وقته. ونطق سحنون: كان البهلول رجلاً صالحاً ولم يكن عنده من الفقه ما عند غيره، وإنما اقتديت به في هجر السلام على أهل الأهواء، توفي سنة 183هـ= 799م.
وأبوزكريا يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة البصري، صاحب التفسير، روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري عن الحسن بن دينار وغيره، وله اختيار في القراءة عن طريق الآثار، روى عن حماد بن سلمة وهمام بن يحيى وسعيد بن أبي عروبة.
نطق عنه الداني: وينطق: إنه استوعب من التابعين نحواً من عشرين رجلاً، وسمع منهم، وروى عنهم هبط المغرب وسكن أفريقية دهرًا وسمع الناس بها كتابه في تفسير القرآن وليس لأحد من المتقدمين مثله وكتابه الجامع، وكان ثقةً ثبتًا ذا فهم بالكتاب والسنة وفهم اللغة والعربية صاحب سُنَّة، وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب ومثله من الأئمة، توفي في صفر سنة 200هـ= 815م.
وشجرة بن عيسى المعافري أبوشجرة، أصله من المغرب سمع ابن زياد وابن أشرس ومن أبي كريمة، وأبوه عيسى ممن روى عن مالك والليث، وابن لهيعة. وأصله أندلسي هبط بتونس. وولي شجرة قضاء تونس أيام سحنون وقبله.
نطق عنه سحنون: ما رأيت من قضاة البلدان إلا شجرة وشرحبيل قاضي طرابلس.
كان شجرة من خير الفضلاء، وأفهمهم، ثقة عدلاً مأمونًا، وله كتاب في مسائله لسحنون، وعُمِّر حتى توفي سنة 232هـ= 846م.
وأحمد بن عبد الله بن صالح، أبوالحسن العجلي الكوفي الحافظ نزيل طرابلس المغرب، وصاحب التاريخ، والجرح والتعديل، نزح إلى المغرب أيام محنة القرآن وسكنها، روى عن حسين الجعفي وشبابة وطبقتهما، نطق عباس الدوري: إنا كنَّا نَعُدُّه مثل أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وقد توفي سنة 261هـ= 874م.
وعيسى بن مسكين قاضي القيروان وفقيه المغرب. أخذ عن سحنون، والحارث بن مسكين بمصر. وكان إمامًا ورعًا خاشعًا متمكنًا من الفقه والآثار، مستجاب الدعوة، يشبه بسحنون في سمته وهيبته، أكرهه ابن الأغلب الأمير على القضاء، فوَلِيَ ولم يقبلْ حتى يحصل على راتب، وكان يركب حمارًا ويستقي الماء لبيته توفي سنة 295هـ= 907م.
وإبراهيم بن عثمان أبوالقاسم بن الوزّان القيرواني، كان شيخ المغرب في النحوواللغة، حفظ كتاب سيبويه، والمصنّف الغريب، وكتاب العين، وإصلاح المنطق، وأشياء كثيرة، وتُوُفِّي سنة 346هـ= 957م.
وأبوميمونة الفاسي دراس بن إسماعيل، سمع ببلده وبإفريقية من ابن اللباد ورحل فسمع من ابن مطر كتاب ابن المواز، وابن مطر هوعلي بن عبد الله بن مطر الإسكندراني. وكان أبوميمونة فقيهًا عارفًا بنصوص مالك، أخذ عنه أبومحمد بن أبي زيد وأبوالحسن القابسي وأبوالفرج بن عبدوس وخلف بن أبي جعفر وأبوعبد الله ابن الشيخ السبتي، وكان رجلاً صالحًا توفي سنة 357هـ= 968م.
وهوأول من أدخل (مدونة سحنون) مدينة فاس، وبه اشتهر ممضى الإمام مالك.
حج وحدث في الإسكندرية والقيراوان ودخل الأندلس مجاهدًا عدة مرات، كان مولده ووفاته بمدينة بفاس.
وأبومحمد بن عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، شيخ المغرب، وإليه انتهت رئاسة الممضى نطق القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهوالذي لخّص الممضى، وملأ البلاد في تواليفه، حج وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره، وكان يسمى مالكًا الصغير، توفي للنصف من شعبان سنة 389هـ= 999م.
إنجازات دولة اللفسة
1- بنى إدريس الأول في المكان المعروف باسم جراوة مدينة فاس، واتخذها عاصمة له.
2- بنى إدريس الثاني مدينة العالية في المكان المعروف بدار القيطون، وهي لقاء مدينة فاس، وقد سكن في هاتين المدينتين الذين فروا من الأندلس بعد معركة الربض عام 181هـ= 797م.
3- ساعدت دولة اللفسة في تعريب المغرب، إذ استقدم إدريس الثاني خمسمائة أسرة عربية من الأندلس والمشرق وإفريقية إلى بلاده، وحارب الخوارج وأفكارهم.
4- كان مسجد القرويين أكبر مسجد لللفسة قامت بإنشائه أم البنين فاطمة بنت محمد الفهري سنة 243هـ= 857م، وظل هذا المسجد منارة للفهم فترات طويلة وكانت فيه مخطة ضخمة وينطق: إنه أقدم جامعة في تاريخ الإسلام.
حروب دولة اللفسة
في عام 300هـ= 912م غزا دولة اللفسة قائد العبيديين مصالة بن حبوس، والتقى به الأمير يحيى الرابع قرب مكناس فهُزم اللفسة وحاصر العبيديون فاس، واضطر يحيى إلى الصلح على حتى يدفع مبلغًا من المال، وأن يبايع لعبيد الله المهدي فتم ذلك عام 303هـ= 915م، وأصبح مصالة بن حبوس أمير فاس، وابن عمه موسى بن أبي العافية أمير بلاد المغرب الأقصى، ولما عاد مصالة بن حبوس عام 309هـ= 921م إلى فاس أوغر موسى بن أبي العافية صَدْرَه على يحيى بن إدريس فقبض عليه ونفاه إلى بلاد الريف، ثم سجنه موسى بن أبي العافية، ثم أطلق سراحه بعد عشرين سنة فقصد بلدة المهدية عاصمة العبيديين فمات بها عام 332هـ= 943م.
وعندما اعتقل يحيى بن إدريس ولى مصالة بن حبوس على فاس ريحان الكتامي، ولكن لم يلبث حتى ثار عليه الحسن بن محمد بن القاسم عام 310هـ= 922م واستولى على فاس وقتل ريحان، وأخذ البيعة من الناس، وبدأ في قتال موسى بن أبي العافية غير حتى الحسن قد توفي عام 312هـ= 924م، فاستولى موسى على دولة اللفسة الذين لجأ أكثرهم إلى بلاد الريف، وكانوا زعماء فيها، وتعد هذه الدولة قد انتهت.
إلى هنا انتهى الدور الأول من تاريخ اللفسة، ثم تحولت بعد ذلك إلى بلاد الريف، ولم تتمتع هناك بالاستقلال الذي تمتعت به في فاس، وأصبحت تحت نظر المتغلب على بلاد المغرب إما من الشيعة أصحاب إفريقية، وإما من المروانيين أصحاب الأندلس.
وعندما طارد ميسور الخصي -القائد العبيدي- موسى بن أبي العافية إلى الصحراء انتقلت السلطة في بلاد المغرب إلى القاسم وإبراهيم أخوي الحسن بن محمد بن إدريس آخر أمراء اللفسة بفاس، وبايع أهالي هذه البلاد القاسم بن الحسن، الذي ملك أكثر بلاد المغرب عدا فاس، واتخذ قلعة حجر النسر مقرًا لإمارته، وأخذ في نشر الدعوة الشيعية للعبيديين حتى توفي سنة 337هـ= 948م، وخلفه ابنه أحمد الملقب بأبي العيش يعمل للعبيديين، ثم لم يلبث حتى نادى إلى الأمويين بالأندلس، وبتر دعوة الفاطميين، وانتشر نفوذه في بلاد المغرب الأقصى كافة إلى سجلماسة، ثم طمع عبد الرحمن الثالث الأموي في امتلاك طنجة من أبي العيش وضمها إلى سبتة، فاضطر إلى الإذعان بعد حتى أوفد الخليفة الأموي جيشًا وأسطولاً حاصراه وضيقا عليه، وزاد نفوذ الأمويين ببلاد المغرب الأقصى حتى توفي أبوالعيش سنة 348هـ=959م، ثم قام أخوه محمد أبوالقاسم فكان آخر أمراء اللفسة في المغرب الأقصى التي زالت في عهده على أيدي العبيديين في عام 375هـ= 985م.
عندما حاول الحسين بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب الخروج في زمن خلافة موسى الهادي لم ينجح وذبح أكثر أتباعه في معركة فخ قرب مكة، ولم ينج منها من عشيرة الحسين إلا يحيى بن عبد الله وأخوه إدريس.
فر إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب من الحجاز وقد نجا من معركة فخ عام 169هـ= 785م، واتجه نحومصر ومنها إلى المغرب حيث استطاع حتى يؤسس بمساعدة السكان دولة اللفسة عام 172هـ= 788م، وبنى في المكان المعروف باسم جراوة مدينة فاس، واتخذها عاصمة له، واستمر في حكمه حتى توفي عام 177هـ= 793م حيث توفي مسمومًا فخلفه ابنه إدريس الثاني الذي كان جنينًا في بطن أمه عندما توفي أبوه، وقام بشئون البربر مولى أبيه وهوراشد، فلما اغتال راشد كفل إدريس أبوخالد العبدي حتى كبر فتولى الأمر عام 188هـ= 804م وبنى مدينة العالية في المكان المعروف بدار القيطون، وهي لقاء مدينة فاس، يفصل بينهما واد صغير، وهورافد من روافد نهر سبو، وقد سكن في هاتين المدينتين الذين فروا من الأندلس بعد معركة الربض عام 181هـ= 797م ، واستمر في الحكم حتى عام 213هـ= 828م حيث توفي بفاس.
في كتابات المؤرخين
أثار دولة اللفسةيقول ابن خلدون عن يحيى الرابع بن إدريس بن عمر صاحب الريف:" وكان أعلى بني إدريس ملكًًا وأعظمهم سلطانًا، وكان فقيهًا عارفًا بالحديث ولم يبلغ أحد من اللفسة مبلغه في السلطان والدولة".
ويقول صاحب جذوة الاقتباس عن دولة اللفسة: "كانت مدة ملك اللفسة من يوم بويع إدريس بن عبد الله بمدينة وليلى سنة 172هـ= 788م إلى حتى اغتال الحسن هذا - يعني الحسن بن القاسم كنون الإدريسي - مائتين وسنتين وخمسة أشهر، وكان عملهم بالمغرب من السوس الأقصى إلى مدينة وهران، وقاعدة ملكهم مدينة فاس ثم البصرة، وكان سلطانهم إذا قوي امتد إلى وهران وتلمسان، وإذا ضعف لا يجاوز البصرة وأصيلا وحجر قلعة النسر، وكان في أيامهم الرخاء بالمغرب متواليًا".
ويقول السلاوي عن يحيى الرابع: " ... واسطة عقد البيت الإدريسي أعلاهم قدرًا وأبعدهم ذكرًا، وأكثرهم عدلاً وأغزرهم فضلاً وأوسعهم ملكًا وكان فقيهًا حافظًا للحديث ذا فصاحة وبيان بطلاً شجاعًا حازمًا ذا صلاح ودين وورع".
ويقول الدكتور إبراهيم أيوب:" أسهم اللفسة في خدمة المسلمين عن طريق تثبيت البربر على الإسلام، فكان ظهور دولة اللفسة مقدمة لظهور دولة المرابطين الذين كملوا ما بدأه اللفسة في تثبيت إسلام البربر، ونشر الإسلام في غرب أفريقيا في عهدهم".
ويقول الزركلي عن إدريس بن إدريس بن عبد الله ثاني ملوك اللفسة بالمغرب الأقصى: " وكان جوادًا فصيحًا حازمًا، أحبته رعيته، واستمال أهل تونس وطرابلس الغرب والأندلس إليه (وكانت في يد العباسيين بالمشرق يحكمها ولاتهم) وغصت مدينة وليلي بالوفود والسكان فاختط مدينة فاس سنة 192 هـ= 808م وانتقل إليها".
ويقول الدكتور حسن إبراهيم حسن: "وقد امتد حكم اللفسة من السوس الأقصى إلى مدينة وهران، وكانت حاضرة ملكهم مدينة فاس ثم البصرة ببلاد المغرب الأقصى، وقد زال ملكهم بعد حتى حكموا قرنين وثلاث سنين (172 - 375هـ= 788م – 985م) لم تتمتع فيها البلاد بشيء من الاستقرار الذي يمكن القائمين بالحكم فيها من توجيه جهودهم إلى نشر العلوم والفنون والأخذ بأسباب الحضارة.
أما الدكتور حسين مؤنس فيقول: "ودولة اللفسة من الدول الطويلة العمر فقد قامت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، ولكنها لم تنته تمامًا إلا في أواخر القرن الرابع الهجري (1010م) وقد عمرت فوق القرنين ونصف، أي ضعف ما عمرته دولتا الأغالبة والرستميين، وثبتت لمحنة الفاطمية وجيوشها، وخاضت طوال تاريخها حرب بقاء أوموت مع الدولة الأموية الأندلسية حينًا وإلى جانبها حينًا آخر، ولكنها مع ذلك العمر الطويل والحيوية المتجددة، كانت من صغار الدول سواء في سعة مملكتها أوقوة أئمتها، ولكنها كانت من أهمها من الناحية الحضارية، فقد كان لها في تاريخ المغرب أثر حاسم في صياغة ممضى السنة من ناحية، وتعريب البلاد من ناحية أخرى، وقد مرت بفترات احتضار طويلة وانتعشت مرات كثيرة.
انظر أيضاً
- بنوحمود
-
مملكة ليبيا
- السنوسية
- محمد السنوسي، سليل اللفسة
- تاريخ الجزائر
- تاريخ مكة
- قائمة الأسرات الشيعية
المصادر والهوامش
- ^ Ibn Abī Zarʻ al-Fāsī, ʻAlī ibn ʻAbd Allāh (1340), Rawḍ al-Qirṭās: Anīs al-Muṭrib bi-Rawd al-Qirṭās fī Akhbār Mulūk al-Maghrib wa-Tārīkh Madīnat Fās, ar-Rabāṭ: Dār al-Manṣūr (published 1972), pp. 38
- ^ Introduction to Islamic theology and law, By Ignác Goldziher, Bernard Lewis, pg.218
- ^ Encyclopedia of Religion and Ethics, Part 24, By James Hastings, pg.844
- ^ The Idrisids
- ^ Shi'ah tenets concerning the question of the imamate
- ^ Hodgson, Marshall (1961), Venture of Islam, Chicago: University of Chicago Press, pp. 262
- ^ Mahjoob Zweiria & Christoph Königb, Are Shias rising in the western part of the Arab world? The case of Morocco, in The Journal of North African Studies, Volume 13, Issue 4, 2008, pages 513-529.
- ^ {{Cite web | url = http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89 | title = اللفسة في المغرب الأقصى | date = 2008-07-16 | publisher = [[سيرة الإسلام (مسقط إلكتروني)|سيرة الإسلام] | accessdate = 2013-12-08
المراجع
- Ibn Abi Zar, Rawd al-Qirtas (contains a chronicle of the dynasty).
- Charles-André Julien, Histoire de l'Afrique du Nord, des origines à 1830, Payot 1994.
 |
مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع Idrisid dynasty. |
قراءات إضافية
- الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي، تقديم د/ راغب السرجاني1/ 344.
- د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص123.
- أحمد تمام: منطق بمسقط إسلام أون لاين
- د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس، ص125 – 127. أحمد تمام: منطق بمسقط إسلام أون لاين.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 5/ 163. د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص 128.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 5/ 163. د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص 128، 129.
- ابن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب1/91. د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص 129. محمود شاكر: الدولة العباسية 5/196.
- د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص 130. محمود شاكر: الدولة العباسية 5/ 208.
- د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص130، 131. محمود شاكر: الدولة العباسية 5/222.
- ابن عذاري: البيان المغرب 1/91. محمود شاكر: الدولة العباسية 5/222. د/ حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام 3/ 170.
- د/ حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام 3/ 170. د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص131.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 6/ 51.
- القاضي عياض: ترتيب المدارك وتقريب المسالك 1/ 115. ابن حجر: لسان الميزان 1/ 233.
- ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 441.
- القاضي عياض: ترتيب المدارك وتقريب المسالك 1/ 242.
- المضىي: العبر 1/ 91.
- المضىي: العبر 1/ 106.
- المضىي: العبر 1/ 141.
- الصفدي: الوافي بالوفيات 4/ 423. المضىي: تاريخ الإسلام 6/ 177.
- الزركلي: الأعلام 2/ 337.
- المضىي: العبر 1/ 170، 171.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 5/ 163.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 5/ 163.
- الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي، تقديم د/ راغب السرجاني1/ 345. د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص131.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 6/ 112.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 6/ 112- 114. د/ حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام 3/ 173، 174.
- الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي، تقديم د/ راغب السرجاني، 1/ 344.
- محمود شاكر: الدولة العباسية 5/ 162، 163.
- ابن خلدون: تاريخه 4/16.
- الزركلي: الأعلام 2/ 210هامش (1).
- السلاوي: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى 1/ 29.
- د/ إبراهيم أيوب: التاريخ السياسي العباسي والحضاري ص166.
- الزركلي: الأعلام 1/ 278.
- د/ حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام 3/ 174.
- د/ حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص123.
- وستاف لوبون: حضارة العرب، ترجمة/ عادل زعيتر ص261.
وصلات خارجية
- (إنگليزية) (2008)
- (بالفرنسية) (Edisud 2001)
- (إنگليزية) (2007)
|
— بيت ملكي —
اللفسة
| ||
| سبقه - |
أمراء مكة 789 – 917 925 – 927 937 – 974 |
تبعه - الحكم الأموي |
| سبقه الأسرة الأموية |
خلفاء قرطبة فرع بنوحمود 1016 – 1023 1025 – 1027 |
تبعه الأسرة الأموية (عادت) |
| سبقه - تعيين خليفة قرطبة |
ملوك الطوائف في ملقة بنوحمود branch 1026 – 1057 |
تبعه - ضُمت إلى طائفة غرناطة |
| سبقه - تعيين خليفة قرطبة |
ملوك الطوائف في الجزيرة الخضراء فرع بنوحمود 1039 – 1058 |
تبعه - ضُمن إلى طائفة أشبيلية |
| سبقه الأسرة المرينية |
سلاطين المغرب Joutey branch 1465 – 1472 |
تبعه الوطاسيون |
تصنف:أسرات عربية
