حملات 1792 في الحروب الثورية الفرنسية

عودة للموسوعة

حملات 1792 في الحروب الثورية الفرنسية

الحروب الثورية الفرنسية بدأت في 1792.

التحضير

لقد كانت فترة عصيبة للثورة، فالمهاجرون (الذين هجروا فرنسا بسبب الثورة) كانوا قد جمعوا بحلول عام 1791 عشرين ألف فرقة في كوبلنز Coblenz وراحوا يتقدمون مع منجديهم لتقديم العون. واستجاب فريدريك ڤيلهلم الثاني Frederick William II فـي بروسيا لأنه عثر إمكانية انتهاز الفرصة لتوسيع مملكته على طول الراين، ويوزف الثاني، الامبراطور الروماني المقدس قد يحدث السبب الوجيه بالنسبة له لخوض حرب ضد فرنسا هومساعدة أخته لكن شعبه أيضا كان في حالة ثورة، وما لبث حتى توفي ولم يكن أخوه ليوبولد الثاني Leopold الذي خلفه على عرش الإمبراطورية في سنة 1790 ميالاً للحرب، ومع هذا فقد أصدر هووملك بروسيا "إعلان پيلنتس Pillnitz " التحذيري في 27 أغسطس سنة 1791 دعيا فيه حكام أوروبا الآخرين للانضمام إليهما في جهودهما ليعيدوا إلى فرنسا "الشكل الملكي لحكومتها لتكون مرة أخرى متمشية مع ما للملوك من حقوق ولتحسين أوضاع الأمة الفرنسية وازدهارها".

ومن الغريب حتى نقول إذا كلا من أنصار الملكية وأنصار الجمهورية كانوا يفضلون الحرب، فمملكة فرنسا طالما حثت إخوتها على القدوم لإنقاذها، وكان الملك قد طلب صراحة من حكام پروسيا وروسيا وإسبانيا والسويد والإمبراطورية الثنائية (النمسا المجر) جمع قوات مسلحة لإعادة السلطان الملكي إلى ملك فرنسا. وفيسبعة فبراير سنة 1792 سقطت النمسا وپروسيا حلفا عسكريا ضد فرنسا، فقد كانت النمسا في توق شديد للاستيلاء على الفلاندر Flanders ، وكانت پروسيا لا تقل عنها توقاً للاستيلاء على الألزاس Alsace.

وفي أول مارس توفي ليوپولد الثاني وخلفه ابنه فرانسيس الثاني Francis الذي كان متلهفاً لخوض الحرب بسبب تفويضه بخوضها، ولرغبته في تحقيق مجد شخصي. أما في فرنسا فقد كان لافاييت Lafayette يحبذ الحرب على أمل حتىقد يكون هوالقائد العام للقوات المسلحة الفرنسية وبذاقد يكون في وضع يمكنه من السيطرة على الجمعية والملك معا. أما الجنرال دومورييه Dumouriez وزير الشئون الخارجية فكان أيضا يفضل الحرب على أمل حتى ترحب الأراضي المنخفضة (نذرلاند Netherlands ) به باعتباره محررا لها من النمسا وقد تكافئه بتاج صغير، ولم يكن هناك حديث عن التجنيد الإلزامي لكن الفلاحين والبروليتاريا قبلوا الحرب باعتبارها شرا لا بد منه فإن عاد المهاجرون بلا عوائق فإن هذا قد يؤدي إلى عودة الظلم الذي كان سائداً في ظل الحكم القديم Old Regime وربما كانت عودتهم مصحوبة بالرغبة في الانتقام. وكان الجيرونديون يفضلون الحرب لأنهم تسقطوا حتى تهاجم النمسا وبروسيا معا فرنسا وبالتالي فإن الهجوم المضاد من قبل فرنسا هوخير طريق للدفاع. وعارض روبسپيير الحرب خوفا من إراقة دم البروليتاريا الذي لن يحصد ثمنه سوى الطبقة الوسطى، ورد عليه بريسوBrissot قائلا "لقد أتى الوقت المناسب لحرب(ü) جديدة حرب لتحقيق الحرية للعالم". وفي 20 أبريل سنة 1792 أعربت الجمعية التشريعية (ولم يعترض سوى سبعة) الحرب على النمسا وحدها أملاً في فك حلف الدولتين المتحالفتين ضد فرنسا. إلى غير ذلك بدأت الحرب الثورية والنابليونية التي استمرت ثلاثة وعشرين عاما. وفي 26 أبريل ألف روجيه ده ليل Rouget de Lisle في ستراسبورگ النشيد الوطني الفرنسي (المارسييز The Marseillaise ).

لكن الجيرونديين لمقد يكونوا قد حسبوا حساب أوضاع الجيش الفرنسي، فقد كان عدد أفراده في الجبهة الشرقية 100,000 رجل يقابلون 45,000 مقاتل نمساوي، لكن كان على رأس هذه القوات الفرنسية رجال تمرغوا في نعيم الحكم القديم Old Regime (العهد البائد)، فعندما أمر الجنرال دومورييه Dumouriez هؤلاء الضباط بقيادة جنودهم لخوض الحرب أجابوا بأن هؤلاء المتطوعين الغفل (غير المدربين) ليسوا مستعدين لخوض القتال ضد قوات مدربه، فأسلحتهم وتنظيمهم لا يؤهلانهم لذلك. ومع هذا فعندما تكرر صدور الأمر بالتقدم تخلى عدد من الضباط عن مناصبهم، واتخذت ثلاثة أفواج من الخيالة طريقها إلى العدو(لتكون في جانبه).

وأوفد لافاييت Lafayette للحاكم النمساوي في بروكسل Brussels عرضا بأن يقود حرسه الوطني إلى باريس ويعيد الصلاحيات للملك الفرنسي، إذا وافقت النمسا على عدم دخول الأراضي الفرنسية ولم ينتج عن اقتراح لافاييت هذا شيء سوى ما وقع بعد ذلك من اتهامه - أي لافاييت - بالخيانة (في 20 أغسطس 2971) وهروبه إلى العدو.

ووصلت الأمور إلى حد الأزمة عندما أوفدت الجمعية التشريعية لوزارة الجيرونديين المسيطرة طالبة توقيع الملك للموافقة على إنشاء معسكرات دفاعية مسلحة حول باريس ووقف الرواتب الحكومية للقسس والراهبات الذين لم يؤدوا اليمين للدستور. وفي قرار عجول غاضب لم يرفض الملك التوقيع فحسب بل وطرد الوزراء كلهم فيما عدا دومورييه Dumouriez الذي سرعان ما تخلى عن قيادة قوات الثورة على الجبهة البلجيكية. وعندما تناقل الناس في باريس أخبار هذا الاعتراض الملكي فسروا الأمر على أنه علامة على حتى لويس كان يتسقط وصول جيش من الفرنسيين أوالأجانب إلى باريس في وقت قريب لوضع نهاية للثورة. فجرى وضع خطط غير متأنية لإخلاء العاصمة وتكوين جيش ثوري حديث في الجانب الأبعد للوار of the Loire ، ونشر الجيرونديون في أنحاء باريس الدعوة إلى مظاهرات جماهيرية حاشدة أمام قصر التوليري Tuileries .

وعلى هذا ففي 20 يونية سنة 1792 تجمعت الجموع المستثارة رجالا ونساء وطنيين منعملين وغوغاء ومغامرين من الأتباع المتحمسين لروبيسبير، وبريسو، ومارا، وشقت هذه الجموع طريقها عنوة إلى ساحة قصر التوليري Tuileries وهي تصيح ساخرة مصرة على رؤية " السيد فيتوومدام فيتوMonsieur et Madame Veto أي رؤية الملك والملكة اللذين اعترضا ((Veto) . وأمر الملك حرسه بإدخال عدد منهم، فتم إدخال خمسين شخصا وهم يلوحون بأسلحتهم المتنوعة، وجلس لويس إزاء المنضدة وسمع التماسهم بسحب اعتراضاته، فأجاب أنه لا هذا المكان ولا هذه الظروف تسمح بالبت في هذه الأمور المعقدة، وظل طوال ساعات ثلاث يصغي إلى حجج وطلبات وتهديدات، وصاح واحد من الثوار قائلاً: "إنني أطالب بالتصديق على مرسوم ضد القسس.. إما حتى تصدق وإما ستموت!" ووجه آخر سيفه تجاه لويس الذي ظل ثابتا بشكل واضح ولم يتحرك، وقدم له بعضهم غطاء رأس أحمر red cap فوضعه الملك بسرور فوق رأسه، فصاح هؤلاء "الغزاة": تحيا الأمة! تحيا الحرية ! وأخيراً "يحيا الملك". وغادر الملتمسون وذكروا أنهم أعطوا الملك درساً مفزعاً، وانسلت الجموع عائدة إلى المدينة مرهقة لكنها غير راضية، وتم فرض مرسوم على الإكليروس (رجال الدين) الذين لم يقسموا يمين الولاء للدستور الجديد رغم الاعتراضات، لكن الجمعية التشريعية رغبة منها في ألا تبدومتعاطفة مع التمرد الجماهيري الآنف ذكره استقبلت الملك استقبالاً حماسيا عندما أتى بناء على دعوتها لتلقي عهدها باستمرار الولاء.

ولم يستطب الراديكاليون هذا التوافق الرسمي بين البرجوازية والملكية، فقد كانوا يشكون في إخلاص الملك وامتعضوا لاستعداد الجمعية التشريعية إيقاف الثورة الآن لأن الطبقة الوسطى قد ضمنت مكاسبها الاقتصادية والسياسية.

وتحول روبسپيير ومارا تدريجيا إلى نادي اليعاقبة تاركين مشاعرهم البورجوازية متعاطفين مع الجماهير العريضة. وتحركت البروليتاريا في المدن الصناعية لتتعاون مع عمال باريس. وعندما طلبت الجمعية التشريعية من جميع دائرة (محافظة) من الدوائر إرسال فصيل من حرسها الوطني، ليشارك في الاحتفال بالذكرى السنوية الثالثة لسقوط الباستيل، تم اختيار هؤلاء الممثلين الفدراليين Fe`deres في غالبهم من قبل بلديات المدن (الكومونات) ممن يفضلون السياسات الراديكالية. وكان هناك فوج ثوري على نحوخاص مكون من 615 جندياً، وهوذلك الفوج الذي خرج من مارســيليا فيخمسة يوليــو، وكان يطالب بعزل الملك، وراح هذا الفوج في أثناء مسيرته عبر فرنسا ينشد النشيد الجديد الذي وضعه روج دى ليسل Rouget de Lisle وقد أخذ هذا النشيد اسمه نسبة إلى أهل مارسيليا وهوأمر لم يكن مقصوداً عند تأليف النشيد الذي أصبح اسمه المارسييز (ü) The Marseilaise .

ووصل فوج مارسيليا وعدد آخر من أفواج الممثلين الفدراليين (الفيدير Fe`deres ) إلى باريس بعد 41 يوليولكن كومون باريس طلب منهم تأخير عودتهم إلى ديارهم فقد تتطلب مجريات الأمور وجودهم. وكان يسيطر على كومون باريس - وهوالمخط المركزي الذي يضم ممثلين من ثمانية وأربعين حيا Sections هي أحياء المدينة - زعماء راديكاليون - وكان يوما بعد يوم يحول الموظفين في دار البلدية إلى تشكيل حكومي لحكم المدينة، فجعل من دار البلدية تشكيلا حكوميا.

وفي 28 يوليوارتعدت المدينة خوفا وغضبا عندما فهمت بالبيان الرسمي الذي أصدره من كوبلنز دوق برونسفيك Duke of Brunswick:

عهد إليّ صاحبي الجلالة الإمبراطور وملك بروسيا بقيادة قواتهما المسلحة الموحدة التي جرى حشدها على حدود فرنسا. إنني راغب في حتى أعرب لسكان هذه المملكة (فرنسا) الدوافع الكامنة وراء تصميم هذين العاهلين والأغراض التي يضعانها نصب عيونهما.

بعد الافتئات الصارخ على حقوق الأمراء الألمان في الألزاس-لورين Alsace Loraine والإطاحة بنظام طيب وحكومة شرعية في داخل المملكة (فرنسا).... فإن أولئك الذين اغتصبوا صلاحيات الحكومة قد وصل بهم الأمر في النهاية إلى إعلان حرب غير عادلة على جلالة الإمبراطور وهاجموا محافظاته (مديرياته أودوائره) في الأراضي المنخفضة ....

وبالإضافة إلى هذه المصالح المهمة لا بد حتى نضيف أمراً آخر مهما يسبب القلق... وأعني به ضرورة وضع نهاية لهذا الحكم الفوضوي في داخل فرنسا لوقف الاعتداء على العرش والمذبح Altar (المقصود الكنيسة)... ولنعيد.... للملك أمنه وحريته اللذين سُلِبَهما ولجعله يمارس مرة أخرى سلطته الشرعية. واقتناعا منا بأن العقلاء في الأمة ا لفرنسية يمقتون الزمرة النزاعة للشقاق التي تسيطر عليها وأن أغلب الفرنسيين يتطلع بصبر نافد إلى الوقت الذي يستطيعون فيه حتى يعلنوا صراحة أنهم ضد المشروعات البغيضة التي يخطط لها أعداؤهم، فإن صاحب الجلالة الإمبراطور وصاحب الجلالة ملك بروسيا يدعوانهم إلى العودة بدون توانٍ إلى طريق العقل والعدل والسلام. وبناءً عليه فإنني أنا.... أعرب:

1- أن..... العاهلين المتحالفين ليس من هدفٍ لهما سوى ازدهار فرنسا، وهما - العاهلان المتحالفان - لا يبغيان الإثراء من وراء فتح البلاد الأخرى ....

7- جميع من يجسر من سكان المدن والقرى على الدفاع ضد قوا ت صاحب الجلالة الإمبراطور وصاحب الجلالة الملك أويطلق النار عليها.... سيعاقب على الفور وفقاً لأشد قوانين الحرب صرامة وسيتم تدمير بيته......

8- سيكون مطلوبا من مدينة باريس ـ وكل سكانها ـ حتى تذعن فوراً وبلا إبطاء للملك.... والعاهلان المتحالفان يعلنان... أنه إذا تم اقتحام قصر التوليري أومهاجمته أوجرى تعريض الملك والملكة والأسرة المالكة لأي إزعاج، وإذا لم يتم ضمان أمنهم على الفور، فسيتعرض أهل باريس لانتقام لا ينسى على مدى الدهر إذ سيتم إعدام أهلها على وفق القانون العسكري وسيتم تدميرها تماما.....

لكل هذه الأسباب فإنني أدعووأحض بإلحاح سكان المملكة كلهم ألا يقابلوا تحركات القوات التي أقودها ولا عملياتها بل الأدعى حتى يتيحوا لها مرورا آمنا وأن يساعدوها... بالنوايا الصادقة كلها.

خط في مركز القيادة في كوبلنز Coblenz في 25 يوليوسنة 2971.

شارلز وليم فرديناند
Charles William Ferdinand
دوق برونسفيك-لونبرگ
Duke of Brunswick - Luneburg

وكانت الفقرة الثامنة الكئيبة (ربما قدمها للدوق المعروف بدماثته أحد المهاجرين الحاقدين _ التاركين فرنسا بسبب أحداث الثورة)(71) مثار تحد للجمعية التشريعية والكومون (حكومة باريس) ولأهل باريس، فإما حتى يبطلوا الثورة أويقاوموا الغزاة بالوسائل كلها ومهما كانت التكاليف.

وفي 29 يوليوخطب روبسپيير في نادي اليعاقبة مطالبا - تحدّياً لدوق برونسفيك Brunswick - بسرعة الإطاحة بالملكية وتأسيس الجمهورية بإتاحة حق التصويت لجميع الرجال. وفي 30 يوليوانضم الممثلون الفدراليون القادمون من مارسيليا إلى وفود من دوائر (محافظات) أخرى لتقديم العون لعزل الملك. وفي أربعة أغسطس وما تلاه أوفدت أحياء باريس، الحي إثر الحي Section مذكرات للجمعية التشريعية تفيد أنهم لم يعودوا يعترفون بالملك، وفيستة أغسطس تم تقديم ملتمس لأعضاء الجمعية بضرورة عزل لويس عن العرش، لكن الجمعية التشريعية لم تتخذ إجراء ما، وفيتسعة أغسطس نشر مارا Marat مناشدة للشعب يطالبه باجتياح قصر التويلري Tuileries والقبض على الملك وأسرته والموظفين الملكيين الكبار كلهم باعتبارهم "خونة لا بد حتى تضحي بهم الأمة أولا لتحقيق رفاهية الجماهير" وفي تلك الليلة قام الكومون (المجلس البلدي أوحكومة باريس) وكذلك مسئولوالأحياء بدق ناقوس الخطر لدعوة الجماهير إلى التجمع حول قصر التوليري في صباح اليوم التالي.

وحضر بعض الجماهير مبكرا جدا في الساعة الثالثة صباحا، وقبل الساعة السابعة كان خمسة وعشرون حيا (قسما) قد أوفدت العدد الذي تجاوز تحديده لها من الرجال المسلحين بالبنادقيات (المسكت) والر ماح والسيوف، وأتى بعضهم بمدافع وانضم إليهم 800 من الممثلين الفدراليين Fédérés وسرعان ما وصل عدد المحتشدين إلى تسعة آلاف، وكان يدافع عن القصر تسعمائه سويسري ومائتين من الحراس الآخرين، ورغبة من لويس في تهدئة الهياج فإنه قاد أسرته من الغرف الملكية إلى مسرح القصر حيث كانت الجمعية التشريعية في دورة انعقاد مضطربة، ونطق الملك: "لقد أتيت إلى هنا لأمنع جريمة كبرى"(91).

وسمح للمتمردين بدخول ساحة القصر، وعند بداية الدرج المؤدي إلى غرف النوم الملكية منع الحرس السويسري المتمردين من التقدم إلا حتى الجماهير الحاشدة ضغطت، فأطلق السويسريون النار فقتلوا أكثر من مائة رجل وامرأة، فأوفد الملك أوامره إلى الحرس السويسري بوقف إطلاق النار والانسحاب، فنفذوا الأوامر لكن المحتشدين وعلى رأسهم الممثلون الفدراليون لمارسيليا اجتاحوهم وتم ذبح معظم أفراد هذا الحرس السويسري كما جرى القبض على كثيرين منهم تم اقتيادهم إلى دار البلدية حيث أعدموا.

وجرى ذبح الخدم - بمن فيهم العاملون في المطبخ - في مهرجان دموي مجنون. وأنشد أهل مرسيليا نشيد المرسييز بمصاحبة عزف على البيانوالقيثاري (الهاربسكورد) الخاص بالملكة، واستراحت العاهرات اللائي اعتراهن التعب فوق سرير الملكة، وأحرق المتمردون الأثاث وأراقوا النبيذ، وبالقرب من ساحة الفروسية أشعل الجمهور السعيد النار في تسعمائة مبنى وأطلقوا النار على رجال الإطفاء الذين أتوا لإخماد النيران. واستعرض بعض المنتصرين بأعلامهم التي صنعوها من السترات الحمراء لأفراد الحرس السويسري المقتول - وبذلك كانت هذه أول حالة معروفة لاستخدام الفهم الأحمر رمزاً للثورة (22).

وحاولت الجمعية التشريعية إنقاذ الأسرة المالكة، لكن مقتل عدد من أعضائها على أيدي الجماهير الغازية، أقنع الباقين بتسليم اللاجئين إليها من الأسرة المالكة لكومون باريس ليكونوا تحت تصرفه، فجرى التحفظ عليهم بعناية تحت حراسة صارمة في المعبد the Temple - وهودير قديم حصين لجماعة الفرسان الداويين (رهبان وجنود في الوقت نفسه) واستسلم لويس بلا مقاومة حزينا على زوجته التي وخط الشيب - الآن - مفرقها، وعلى ابنه المريض، وراح ينتظر النهاية بصبر.


الغزو

معركة ڤالمي.

في 21 سبتمبر سنة 1791 قاد الجنرال آن-پيير دي منتسكيو-فيزنساك Anne - Pierre - Montesquieu - Fezensac قواته محققا فتحا سهلا لساڤوا (كانت وقتها جزءاً من سردينيا) وذكر في تقرير له إلى المؤتمر الوطني حتى "تقدم جيشي إنما هونصر، فقد كان الناس في الريف والمدينة يخرجون لاستقبالنا وكان الناس في الأنحاء كلها يضعون الشارة الثلاثية ألوانها"(9) وفي 27 سبتمبر ولج قسم آخر من الجيش الفرنسي نيس بلا مقاومة، وفي 29 سبتمبر ڤيل‌فرانش Villefranche وفي 27 نوفمبر تم إدماج ساڤوا في فرنسا بناء على طلب زعمائها السياسيين المحليين.

أما فتح بلاد الراين Rhineland فكان أمراً أكثر صعوبة. ففي 25 سبتمبر قاد الجنرال آدم - فيليب دى كوستين Adam - Philippe de Custine المتطوعين التابعين له للاستيلاء على سبير Speyer وأخذ ثلاثة آلاف أسير وفيخمسة أكتوبر ولج ڤورمز Worms وفي 19 أكتوبر ماينز Mainz وفي 21 أكتوبر فرانكفورت-آم-ماين. ولكسب بلجيكا (التابعة للنمسا) إلى صف الثورة حارب ديمورييه Dumouriez في جماپز Jemappes (6 نوفمبر) إحدى أكبر المعارك في الحرب، فقد تراجع النمساويون بعد مقاومة طويلة مخلفين وراءهم أربعة آلاف قتيل في ساحة المعركة، وسقطت بروكسل في 14 نوفمبر ولييج في 24 نوفمبر وأنتوِرپ في الثلاثين من الشهر نفسه، وفي هذه المدن كلها استقبل السكان الفرنسيين كمحررين. وقد تأخر ديمورييه في بلجيكا، وأثرى نفسه بالتعامل مع المضاربين في تمويل الجيش بالمؤن، بدلا من إطاعة أوامر المؤتمر الوطني بالتحرك جنوبا وضم قواته إلى قوات كوستين Custine، وعندما أُنب على ذلك هدد بالاستنطقه تمَّ إرسال دانتون لاسترضائه فنجح في مهمته، لكن عندما تراجع ديمورييه Dumouriez أمام العدوفيخمسة أبريل سنة 1793 عانى دانتون من الشعور بالذنب.

وقد تبنى المؤتمر الوطني اتجاهين سياسيين يكمل أحدهما الآخر بعد حتى انتشى أعضاؤه بسبب هذه الفوزات: الاتجاه الأول هوأعطى فرنسا إلى "حدودها الطبيعية" الراين والألپ والپرنيس (الپرانس) Pyrenees والبحار - والثاني هومساعدة سكان الحدود بتقديم مساعدات عسكرية لهم ليتمكنوا من تحقيق الحرية الاقتصادية والسياسية. ومن هنا كان هذا المرسوم الجسور الصادر في 15 ديسمبر سنة 1792.

"من هذه اللحظة تعلن الأمة الفرنسية سيادة الشعب [في المناطق المتعاونة كلها]، وقمع جميع السلطات العسكرية والمدنية التي حكمتكم حتى الآن كلها، وإبطال جميع الضرائب التي ينوء بها كاهلكم، وإلغاء العشور التي تتقاضاها الكنيسة وكذلك الرسوم الإقطاعية ... والغاء القنانة (رق الأرض).. وتعلن الأمة الفرنسية أيضا إبطال المؤسسات (التشكيلات) التي تضم النبلاء والإكليروس كلها، وإبطال الامتيازات كلها لتعارضها مع مبدء المساواة.

إنكم الآن منذ هذه اللحظة إخوة وأصدقاء، فالكل مواطنون متساوون في الحقوق ويمكن لأي منكم حتى يتولى أمور الحكم وأن يقدم الخدمات وأن يدافع عن بلاده".

وأدى هذا المرسوم "مرسوم الأخوة" إلى عدد من المشاكل للجمهورية الشابة. فعندما فرضت الضرائب على المناطق المفتوحة "أوالمحررة بتعبير رجال الثورة" لدعم الاحتلال الفرنسي جأر الناس بالشكوى قائلين إذا سيداً حل محل سيد آخر وإن ضريبة حلت محل أخرى. وعندما رأت الهيئة الكنسية في جميع من بلجيكا ولييج وبلاد الراين Rhineland التي ألفت حتى تسيطر على السلطات الحاكمة أوتشاركها - أنها مهددة في سلطانها وعقيدتها، مدت أيديها إلى ما وراء الحدود لمقاومة الثورة الفرنسية وتحطيمها إذا أمكن. وفي 16 نوفمبر 1792 أصدر المؤتمر الوطني مرسوما بفتح نهر شلت Scheldt للملاحة كلها.

وكان الهدف من هذا القرار هوجذب تجار أنتوِرپ إلى قضية الثورة الفرنسية - طالما حتى صلح وستفاليا (1648) كان قد منع الملاحة في هذا النهر إلا للهولنديين، (لأنها سحبت منها هذا الامتياز) وفسر ملوك أوروبا إعلان المؤتمر الوطني (السابق إيراد مقتطفات منه) بأنه إعلان للحرب عليهم جميعا وعلى السادة الإقطاعيين، فبدأ تشكيل أوتحالف ضد فرنسا.

جبهات أخرى

وفي نفس الوقت، قامت القوات الفرنسية في الجنوب بردع الپيدمونتيين واحتلت كلاً من ساڤوا ونيس.


المصادر

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
سبقه
الحروب الثورية الفرنسية
1792
تبعه
1793
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:54:09
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, Articles containing non-English-language text, حملات الحروب الثورية الفرنسية حسب السنة, نزاعات 1792, 1792 في فرنسا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

المغرب.. توقيف سارق بالوعات الصرف الصحي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:17:07
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 93%

رئيس البرازيل يرفض تزويد أوكرانيا بقذائف الدبابات والمدفعية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:17:05
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 88%

الدين العام في إسرائيل يتجاوز 60 % من حجم اقتصادها بنهاية عام 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:21:32
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

وسائل إعلام: إسرائيل تستعد للرد الإيراني على هجوم المسيّرات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:17:06
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 98%

هولندا تعلن استعدادها للنظر في طلب كييف تزويدها بمقاتلات "إف-16"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:17:15
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 93%

نتيجة تظلمات مسابقة 30 ألف معلم بوزارة التربية والتعليم 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:21:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

لمنعها من قتل نفسها.. مصرية تعيش مقيدة بسلاسل منذ 10 سنوات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:17:58
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 98%

جريمة بشعة تروّع ليبيا.. قتل عائلته حرقا أثناء نومهم

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:18:23
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 87%

وزير الخارجية يصل موسكو فى زيارة لمتابعة مسار العلاقات الثنائية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:20:59
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 59%

تعرف على تأشيرة الدخول إلى الأراضى السعودية بسعر التذكرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:20:57
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

السيطرة على حريق سيارة نقل مواد بترولية فى السويس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:21:16
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 53%

سقوط أمطار غزيرة.. الأرصاد تُحذر: 4 ظواهر جوية وحالة من عدم الاستقرار

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:19:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

سبيس إكس تتيح لنيجيريا الإنترنت عبر شبكة ستارلينك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-31 03:17:12
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 91%

تحميل تطبيق المنصة العربية