أبوإسحاق الشيرازي, هوأبواسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي, شيخ الشافعية الذي يعد من أبرز شيوخه، الإمام الفقيه, ولد بفيروزآباد في بلاد فارس أوما يسمى حالياً إيران سنة 393هـ، والمتوفى ببغداد سنة 476هـ.

تفقه ببلده، ثم أنتقل منها إلى البصرة، ثم إلى بغداد سنة 415هـ، وما زال بها حتى أنتهت إليه رئاسة ممضى الشافعية في زمانه، وبنى له نظام الملك المدرسة النظامية ببغداد فدرس بها، وكان مضرب المثل في الزهد والقناعة.

ترجمته نقلاً عن كتاب سير أعلام النبلاء

المؤلف : شمس الدين أبوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفى : 748 هـ): أبوإسحاق الشيرازي، الشيخ، الإمام، القدوة، المجتهد، شيخ الإسلام، أبوإسحاق، إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي، الشيرازي، الشافعي، نزيل بغداد، قيل: لقبه جمال الدين. مولده في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.

تفقه على: أبى عبد الله البيضاوي، وعبد الوهاب بن رامين في شيراز، وأخذ بالبصرة عن الخرزي.

وقدم بغداد سنة 514 هـ، فلزم أبا الطيب، وبرع، وصار معيده، وكان يضرب المثل بفصاحته وقوة مناظرته. وسمع من أبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، ومحمد بن عبيد الله الخرجوشي. حدث عنه: الخطيب، وأبوالوليد الباجي، والحميدي، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبوالبدر الكرخي، والزاهد يوسف بن أيوب، وأبونصر أحمد بن محمد الطوسي، وأبوالحسن بن عبد السلام، وأحمد بن نصر بن حمان الهمذاني خاتمة من روى عنه. نطق السمعاني: هوإمام الشافعية، ومدرس النظامية، وشيخ العصر. رحل الناس إليه من البلاد، وقصدوه، وتفرد بالفهم الوافر مع السيرة الجميلة، والطريقة السقمية. اتىته الدنيا صاغرة، فأباها، واقتصر على خشونة العيش أيام حياته. صنف في الأصول والفروع والخلاف والممضى، وكان زاهدا، ورعا، متواضعا، ظريفا، كريما، جوادا، طلق الوجه، دائم البشر، مليح المحاورة.

حدثنا عنه جماعة كثيرة. حكي عنه نطق: «"كنت نائما ببغداد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبوبكر وعمر، فقلت: يا رسول الله! بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار، فأريد حتى أسمع منك حديثا أتشرف به في الدنيا، وأجعله ذخرا للآخرة، فنطق لي: يا شيخ! - وسماني شيخا، وخاطبني به. وكان يفرح بهذا -: قل عني: من أراد السلامة، فليطلبها في سلامة غيره"». نطق السمعاني: سمعت هذا بمرومن أبي القاسم حيدر بن محمود الشيرازي، أنه سمع ذلك من أبي إسحاق. وعن أبي إسحاق: «"أن رجلا أخسأ كلبا، فنطق: مه! الطريق بينك وبينه"» وعنه: «"أنه اشتهى ثريدا بماء باقلاء"»، نطق: «"فما صح لي أكله لاشتغالي بالدرس وأخذي النوبة"» نطق السمعاني: نطق أصحابنا ببغداد: «"كان الشيخ أبوإسحاق إذا بقي مدة لا يأكل شيئا، صعد إلى النصرية وله بها صديق، فكان يثرد له رغيفا، ويشربه بماء الباقلاء، فربما صعد إليه وقد فرغ"» فيقول أبوإسحاق: من قوله تعالى :  قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ  ..

• نطق أبوبكر الشاشي: «"أبوإسحاق حجة الله على أئمة العصر"».
• نطق الموفق الحنفي: «"أبوإسحاق أمير المؤمنين في الفقهاء"».
• نطق القاضي ابن هانئ : إمامان ما اتفق لهما الحج، أبوإسحاق، وقاضي القضاة أبوعبد الله الدامغاني.

أما أبوإسحاق فكان فقيرا، ولوأراده لحملوه على الاعناق. والآخر لوأراده لامكنه على السندس والاستبرق.

• السمعاني: سمعت «"أبا بكر محمد بن القاسم الشهرزوري بالموصل"» يقول: «"كان شيخنا أبوإسحاق إذا أخطأ أحد بين يديه نطق: أي سكتة فاتتك."»

نطق: «"وكان يتوسوس (يعني في الماء)"» وسمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: «"كان أبوإسحاق يتوضأ في الشط، ويشك في غسل وجهه، حتى يغسله مرات"» فنطق له رجل: «"يا شيخ! ما هذا؟"» نطق: «"لوصحت لي الثلاث ما زدت عليها"». نطق السمعاني: «"دخل أبوإسحاق يوما مسجدا ليتغدى، فنسي دينارا، ثم ذكر، فرجع، فوجده، ففكر، ونطق: لعله سقط من غيري، فهجره"». قيل: «"إن ظاهرا النيسابوري خرج لابي إسحاق جزءا"»، فنطق: «"أبلغنا أبوعلي بن شاذان"». ومرة: أبلغنا الحسن بن أحمد البزاز. ومرة: أبلغنا الحسن ابن أبي بكر الفارسي، فنطق: من ذا،يا ترى؟ نطق: هوابن شاذان. فنطق: ما أريد هذا الجزء، التدليس أخوالكذب. نطق القاضي أبوبكر الانصاري: «"أتيت أبا إسحاق بفتيا في الطريق، فأخذ قلم خباز، وخط، ثم مسح القلم في ثوبه"». نطق السمعاني: سمعت جماعة يقولون: «"لما قدم أبوإسحاق نيسابور رسولا تلقوه، وحمل إمام الحرمين غاشيته، وسار بين يديه ونطق: أفتخر بهذا"».

وكان عامة المدرسين بالعراق والجبال تلامذته وأتباعه - وكفاهم بذلك فخرا - وكان ينشد الأشعار المليحة، ويوردها، ويحفظ منها الكثير. وعنه نطق: «"الفهم الذي لا ينتفع به صاحبه حتىقد يكون الرجل عالما ولاقد يكون عاملا"». ونطق: «"الجاهل بالعالم يقتدي، فإذا كان العالم لا يعمل، فالجاهل ما يرجومن نفسه،يا ترى؟ فالله الله يا أولادي! نعوذ بالله من فهم يصير حجة علينا."». قيل: إذا عبد الرحيم بن القشيري جلس بجنب الشيخ أبي إسحاق، فأحس بثقل في كمه، فنطق: «"ما هذا يا ،يا ترى؟ نطق: قرصي الملاح، وكان يحملهما في كمه للتكلف"». نطق السمعاني: رأيت بخط أبي إسحاق رقعة فيها نسخة ما رآه أبومحمد المزيدي : «"رأيت في سنة ثمان وستين ليلة جمعة أبا إسحاق الفيروزآبادي في منامي يطير مع أصحابه في السماء الثالثة أوالرابعة، فتحيرت، وقلت في نفسي: هذا هوالشيخ الإمام مع أصحابه يطير وأنا معهم، فكنت في هذه الفكرة إذ تلقى الشيخ ملك، وسلم عليه عن الرب تعالى، ونطق: إذا الله يقرأ عليك السلام، ويقول: ما تدرس لاصحابك،يا ترى؟ نطق: أدرس ما نقل عن صاحب الشرع. نطق له الملك: فاقرأ علي شيئا أسمعه. فقرأ عليه الشيخ مسألة لا أذكرها. ثم عاد الملك بعد ساعة إلى الشيخ، ونطق: إذا الله يقول: الحق ما أنت عليه وأصحابك، فادخل الجنة معهم"».

نطق الشيخ أبوإسحاق: «"كنت أعيد جميع قياس ألف مرة، فإذا فرغت، أخذت قياسا آخر على هذا، وكنت أعيد جميع تفهم ألف مرة، فإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت"». كان الوزير ابن جهير كثيرا ما يقول: «"الإمام أبوإسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدعوة"». نطق السمعاني: «"لما خرج أبوإسحاق إلى نيسابور، خرج معه جماعة من تلامذته كأبي بلشاشيكر ا، وأبي عبد الله الطبري، وأبي معاذ الأندلسي، والقاضي علي الميانجي، وقاضي البصرة ابن فتيان، وأبي الحسن الآمدي، وأبي القاسم الزنجاني، وأبي علي الفارقي، وأبي العباس بن الرطبي."»

نطق ابن النجار: ولد أبوإسحاق بفيروز اباذ - بليدة بفارس - ونشأ بها، وقرأ الفقه بشيراز على أبي القاسم الداركي، وعلى أبي الطيب الطبري صاحب الماسرجسي، وعلى الزجاجيّ صاحب ابن القاص، وقرأ الكلام على أبي حاتم القزويني صاحب ابن الباقلاني، وخطُّه في غاية الرداءة. نطق أبوالعباس الجرجاني القاضي: «"كان أبوإسحاق لا يملك شيئا، بلغ به الفقر، حتى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا، كنا نأتيه وهوساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قومة، كي لا يظهر منه شيء من العري، وكنت أمشي معه، فتعلق به باقلاني"» ونطق: «"يا شيخ! كسرتني وأفقرتني! فقلنا: وكم لك عنده،يا ترى؟ نطق: حبتان من مضى أوحبتان ونصف"».

ونطق ابن الخاضبة: كان ابن أبي عقيل يبعث من صور إلى الشيخ أبي إسحاق البدلة والعمامة المثمنة، فكان لا يلبس العمامة حتى يغسلها في دجلة، ويقصد طهارتها. وقيل: إذا أبا إسحاق نزع عمامته - وكانت بعشرين دينارا - وتوضأ في دجلة، فاتى لصٌّ، فأخذها، وهجر عمامة رديئة بدلها، فطلع الشيخ، فلبسها، وما شعر حتى سألوه وهويدرس، فنطق: لعل الذي أخذها محتاج. نطق أبوبكر بن الخاضبة: سمعت بعض أصحاب أبي إسحاق يقول: «"رأيت الشيخ كان يصلي عند فراغ جميع فصل من المهذب"» نطق نظام الملك - وأثنى على أبي إسحاق، ونطق -: «"كيف حالي مع رجل لا يفرق بيني وبين نهروز الفراش في المخاطبة،يا ترى؟ نطق لي: بارك الله فيك"». ونطق له لما صب عليه كذلك. نطق محمد بن عبد الملك الهمذاني: حكى أبي نطق: «"حضرت مع قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي عزاء، فتحدث الشيخ أبوإسحاق واجلا، فلما خرجنا"» نطق الماوردي: «"ما رأيت كأبي إسحاق! لورآه الشافعي لتجمل به"».

أبلغني الحسن بن علي، أبلغنا جعفر الهمداني، أبلغنا السلفي: سألت شجاعا الذهلي عن أبي إسحاق فنطق: إمام أصحاب الشافعي والمقدم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورعا، صالحا، عالما بالخلاف فهما لا يشاركه فيه أحد. نطق محمد بن عبد الملك الهمذاني: «"ندب المقتدي بالله أبا إسحاق للرسلية إلى المعسكر، فتوجه في آخر سنة خمس وسبعين، فكان يخرج إليه أهل البلد بنسائهم وأولادهم يمسحون أردانه، ويأخذون تراب نعليه يستشفون به، وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهوينهاهم، ولا ينتهون، وخرج أصحاب الفاكهة والحلواء، ونثروا على الأساكفة، وعملوا مداسات صغارا، ونثروها، وهي تقع على رؤوس الناس، والشيخ يعجب"» ونطق لنا: «"رأيتم النثار، ما وصل إليكم منه؟"» فنطقوا: «"يا سيدي! وأنت أي شيء كان حظك منه،يا ترى؟ نطق: أنا غطيت نفسي بالمحفة"».

نطق شيرويه الديلمي في " تاريخ همذان ": «"أبوإسحاق إمام عصره قدم علينا رسولا إلى السلطان ملكشاه، سمعت منه، وكان ثقة فقيها زاهدا في الدنيا على التحقيق، أوحد زمانه"». نطق خطيب الموصل أبوالفضل: حدثني أبي نطق: «"توجهت من الموصل سنة 459 إلى أبي إسحاق، فلما حضرت عنده رحب بي، ونطق: من أين أنت،يا ترى؟ [فقلت: من الموصل]، نطق: أهلا أنت بلديي"». قلت: يا !، أنت من فيروزأباد. نطق: «"أما جمعتنا سفينة نوح ؟"» فشاهدت من حسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبب إلي لزومه، فصحبته إلى حتى مات.

وفاته

توفي ليلة الحادي والعشرين من جمادى الآخرة، سنة 476 هـ في ببغداد، وأحضر إلى دار أمير المؤمنين المقتدي بالله، فصلى عليه، ودفن بمقبرة باب أبرز، وعمل العزاء بالنظامية، وصلى عليه صاحبه أبوعبد الله الطبري، ثم رتب المؤيد بن نظام الملك بعده في تدريس النظامية أبا سعد المتولي، فلما بلغ ذلك النظام، خط بإنكار ذلك، ونطق: كان من الواجب حتى تغلق المدرسة سنة من أجل الشيخ. وعاب على من تولى، وأمر حتى يفهم الإمام أبونصر عبد السيد بن الصباغ بها.

قلت: تفهم بها الشيخ أبوإسحاق بعد تمنع، ولم يتناول جامكية أصلا، وكان يقتصر على عمامة صغيرة وثوب قطني، ويقنع بالوقت، وكان الفقيه رافع الحمال رفيقه في الاشتغال، فيحمل شطر نهاره بالأجرة، وينفق على نفسه وعلى أبي إسحاق، ثم إذا رافعا حج وجاور، وصار فقيه الحرم في حدود 440 هـ. ومات أبوإسحاق، ولم يخلف درهما، ولا عليه درهم. وكذا فليكن الزهد، وما تزوج فيها أفهم، وبحسن نيته في الفهم.

المؤلفات

له مجموعة من المؤلفات أشهرها:

• (المهذب). في الفقه.
• (التنبيه) في الفقه.
• (اللمع) في أصول الفقه.
• طبقات الفقهاء.

بعض اقوال الفهماء في أبي إسحاق الشيرازي

قَالَ الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُوسَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فيه:

.

قَالَ أبوالوفاء علي بن عقيل (شيخ الحنابلة) في أبي إسحاق الشيرازي:

.

شعره

ونطق أيضاً :

ونطق عاصم بن الحسن فيه:

ونطق أبي القاسم بن ناقياء يرثيه :

وعن أبي إسحاق نطق: خرجت إلى خراسان، فما دخلت بلدة إلا كان قاضيها أوخطيبها أومفتيها من أصحابي. نطق أنوشتكين الرضواني: أنشدني أبوإسحاق الشيرازي لنفسه:

استغفارات الإمام الشيرازي

هذه أبيات مباركات مشهورة الفضل، مودوعة الرّحمة، للشَّيخ الإمام العامل العالم الوليّ الزّاهد أبي إسحاق الشيرازي، إبراهيم بن عليّ القرشي التّيمي البكريّ :

مصادر

• طبقات الشافعية الكبرى

• شرح المهذب, مقدمة الإمام النووي
• سير أعلام النّبلاء للذّهبيّ.
• أبواب الفرج، للسَّيِّد الدّكتور محمّد علوي المالكي الحسني.