إسماعيل باشا (ابن محمد علي)
وصل إسماعيل باشا إلى شندي في ديسمبر 1822 وأمر المك نمر والمك مساعد بالمثول أمامه وعند حضورهما بدأ الباشا بتأنيب المك نمر واتهامه بإثارة القلاقل ومن ثم عاقبه بأن أمره حتى يدفع غرامة فادحة، الغرض منها تعجيزه وتحقيره (1000 أوقية مضى، ألفي عبد ذكر، 4آلاف من النساء والأطفال، ألف جمل ومثلها من البقر والضأن) واختلفت المصادر في الأعداد لكن اتفقت في استحالة الطلب. رد المك باستحالة الطلب فأهانه الباشا وضربه بغليونه الهجري بإساءة بالغة أمام الحاضرين . حتى حتى المك حمل سيفه فأوقفه المك مساعد وتحدث إليه باللهجة الهدندوية (التي عهدوها عن طريق التجارة مع سكان البحر الأحمر) فأبدى المك رضوخه وأظهر خضوعه بأن نادى الباشا إلى العشاء وذبح له الضأن وهيأ له الحرس وأمعن في خدمته وأبلغه حتى الغرامة ستدفع في صباح اليوم التالي، أثناء ذلك كان الجعليون يطوقون الحفل بالقش من جميع مكان مخبرين رجال الباشا أنها للماشية التي ستحضر وقبيل انفضاض الحفل أطلق الجعليون النار في القش فمات إسماعيل ورجاله خنقاً وحرقاً. نتيجة لذلك ساءت معاملة المغتصبين أشد الإساءة حتى أنهم قتلوا في إحدى المرات 30,000 من الجعليين العزل، استمر المك نمر في إغارته على الدفتردار حتى بلغت خسائر رجاله عدداً عظيما فهاجر المك إلى حدود الحبشة حيث خطط مدينة أسماها المتمة أسوة بعاصمة الجعليين في الشمال ومكث هناك عدة سنين حتى مات.
استمر الحكم الدفتردار العسكري للسودان واستمرت المجازر البربرية كما حتى الجنود الذين لم يتسلموا مرتباتهم لمدة ثمانية أشهر بدءوا بالبطش والنهب ليجدوا متطلبات حياتهم، إلى حتى ثار الرأي العام الأوروبي ، فأمر محمد علي، الدفتردار بالعودة سنة 1824 محاولة منه إنهاء الحكم العسكري وإرساء نظام إداري أكثر إنسانية. عند الدخول الهجري عينت سنار عاصمة للسودان إلا حتى أمطارها الخريفية وكثرت الأمراض فيها اضطرتهم إلى تغييرها إلى ود مدني إلى حتى أتى عثمان باشا الذي خلف الدفتردار عقب عودته إلى مصر وأعجب بالمنطقة التي يقترن فيها النيل الأبيض بالأزرق فبنى قلعة ووضع فيها الجند سنة 1824 واتخذها عاصمة له. تلك كانت بداية مدينة الخرطوم التي ازدهرت وسكنها 60 ألف نصفهم من المصريين واليونان واللبنانيين والسوريين وأعداد من الأوروبيين.
اهتم خورشيد باشا أيام حكمه 26-1838 بتحسين الخرطوم وإنشاء المنشآت كما شهدت الخرطوم في عهده نوعا جديدا من الحكم إذ امتاز بإشراك السودانيين في الحكم كما عين الشيخ عبد القادر ود الزين مستشاراً له، الذي ساعده بدوره في حل الكثير من مشكلات السودان وأهمها هجرة السودانيين إلى المناطق المتاخمة للحبشة والبحر الأحمر هرباً من البطش والضرائب، فأعفى المتأخرات وأعفى الفقهاء ورجال الدين ورؤوس القبائل من الضرائب فبدأت الوفود بالعودة.
بعد استقرار الأحوال قليلا في السودان قسم محمد علي البلاد على النظام الإداري الهجري إلىستة مديريات: دنقلا ، بربر، الخرطوم، سنار، كردفان وفازوغلي (كما وردت في المرجع). ثم ضمت مديرية التاكا في الشرق فأصبحت السابعة. سنة 1834 أطلق محمد علي اسم الحكمدار لحاكم السودان وأعطيت له السلطات العليا الإدارية، التشريعية ، التطبيقية والعسكرية. لكنه غير النظام سنة 1843 لتخوفه من الحكمدار أحمد باشا شركس (أبوودان) الذي كان طموحا وأراد حتى يستقل بالسودان عن طريق فرمان من الباب العالي الهجري. واستبدل الحكمدار بالمنظم بعد وفاة أحمد باشا أبوودان المفاجئة. إلى حتى أعاد الحكمدارية للسودان بسبب ضعف المنظم الذي عينه.