سعيد بن عثمان بن عفان

سعيد بن عثمان بن عفان الأموي القرشي أبوعبد الله كان من فقهاء التابعين وفهمائهم، أمير المدينة. ضحابي جليل وقائد مسلم . وهوابن الخليفة عثمان (قائد مسلم كبير).

أمه هي فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية. مولده ووفاته في المدينة.

حياته

شارك في سقطة الجمل مع السيدة عائشة بنت أبي بكر - رضى الله عنهما -. وتقدم عند خلفاء بني أمية لنسبه فولي إمارة المدينة في عهد عبد الملك بن مروان سنة 76 هـ وأعفى في عهد يزيد بن عبد الملك 83 هـ, وكان من رواة الحديث الثقات، ومن فقهاء المدينة أهل الفتوى.

الصحابي سعيد بن عثمان بن عفان !

في تاريخ دمشق:21/223: (كان أهل المدينة عبيدهم ونساؤهم يقولون:

والله لا ينالها يزيدُ حتى ينالَ هامَه الحديدُ إذا الأمير بعدَهُ سعيدُ

يعنون لا ينال يزيد الخلافة ، والأمير بعد معاوية هوسعيد بن عثمان ، وكانت أمه أم عبد الله بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . فقدم سعيد على معاوية فنطق: يا ابن أخي ما شئ يقوله أهل المدينة؟نطق: وما يقولون،يا ترى؟ نطق: قولهم: والله لاينالها يزيد..الخ. ! نطق: ما تنكر من ذلك يا معاوية؟ ! والله إذا أبي لخير من أبي يزيد ، ولأمي خير خير من أم يزيد ، ولأنا خير منه ، وقد استخدمناك فما عزلناك بعد ، ووصلناك فما بترناك ، ثم صار في يديك ما قد ترى فحلأتنا عنه أجمع !

فنطق له معاوية: يا بُنَيَّ أما قولك إذا أبي خير من أبي يزيد فقد صدقت ، عثمان خير من معاوية . وأما قولك أمي خير من أم يزيد فقد صدقت ، امرأة من قريش خير من امرأة من كلب ، ولَحَسْبُ امرأة حتى تكون من صالح نساء قومها . وأما قولك إني خير من يزيد فوالله ما يسرني حتى حبلاً بيني وبين العراق ثم نُظم لي فيه أمثالك به ! ثم نطق معاوية لسعيد بن عثمان: إلحق بعمك زياد بن أبي سفيان فإني قد أمرته حتى يوليك خراسان ، وخط إلى زياد حتى وله ثغر خراسان ، وابعث على الخراج رجلاً جلداً حازماً ! فقدم عليه فولاه وتوجه سعيد إلى خراسان على ثغرها وبعث زياد أسلم بن غرسة الكلابي معه على الخراج !

ثم أورد ابن عساكر رواية اتى فيها: (فوالله ما يسرني حتى الغوطة ملئت رجالاً مثلك ! فنطق يزيد: يا أمير المؤمنين إنه ابن من تعهد وحقه الحق الواجب الذي لايدفع ، فانظر له وتعطف عليه وولِّهْ ! ). ونحوه تاريخ الطبري:4/220 ، والتذكرة الحمدونية/1497 ، والنهاية:8/87) ، يسمونه: (شيطان قريش ولسانها ) ! (الإمامة والسياسة:1/164) فقد اتى مطالباً بولاية العهد ، أمره معاوية (وخط إلى زياد حتى ولِّه ثغر خراسان ، وابعث على الخراج رجلاً جلداً حازماً) ! وفي الإمامة والسياسة لابن قتيبة:1/165:(فنطق معاوية: لك خراسان . نطق سعيد: وما خراسان،يا ترى؟ نطق: إنها لك طُعْمَة وصلة رحم ، فخرج راضياً ، وهويقول:

ذكرت أمير المؤمنين وفضله فقلت جزاه الله خيراً بما وصل)...الخ..

وفي تاريخ الطبري:4/227: (وأما فضلك عليه ، فوالله ما أحب حتى الغوطة دُحست بيزيد رجالاً مثلك ! فنطق له يزيد: يا أمير المؤمنين ابن عمك وأنت أحق من نظر في أمره ، وقد عتب عليك لي ، فأعتبه ! نطق: فولاه حرب خراسان ) ! !

وفي تاريخ دمشق:8/231: (فولاه حرب خراسان وولى إسحاق بن طلحة خراجها ، وكان إسحاق ابن خالة معاوية ، أمه أم أبان ابنة عتبة بن ربيعة ، فلما صار بالريّ توفي إسحاق بن طلحة فولي سعيد خراج خراسان وحربها ، وكان ذلك في سنة ست وخمسين على ما ذكر الطبري ) . (ومنتظم ابن الجوزي:5/287)

وتجهز سعيد من البصرة فجهزه ابن زياد بسخاء ! وساعده أخوه أبوبكرة بأربع مئة ألف فتعجب سعيد من هذا السخاء ! نطق ابن الأعثم في الفتوح:4/308: (فعرض عليه أهل السجون والدُّعَّار ومن يصلح للحرب ، فانتخب سعيد بن عثمان منهم أربعة آلاف رجل ، جميع رجل يعد برجال....وقوَّاه زياد بأربعة آلاف ألف درهم ، فقبضها سعيد وفرقها في أصحابه ) .

وتوجه سعيد بجيشه وقيل في اثني عشر ألفاً (تاريخ دمشق:23/475) وعبر نهر بلخ وحاصر مدينة بخارى(معجم البلدان:1/355) أشهراً فلم يستطع فتحها !

وفي فتوح ابن الأعثم:4/310: (وببخارا ملكة ينطق لها يومئذ خيل خاتون.... فأوفدت إليه فصالحته على ثلاثمائة ألف درهم ، وعلى أنها تسهل له الطريق إلى سمرقند ! نطق: فقبل سعيد ذلك منها وأخذ منها ما صالحته عليه وأخذ منها رهائن أيضاً عشرين غلاماً من أبناء ملوك بخارا كأن وجوههم الدنانير ، ثم بعثت إليه بالهدايا ووجهت معه الأدلاء يدلونه على طريق سمرقند . فسار سعيد بن عثمان من بخارا والأدلاء بن يديه يدلونه على الطريق الذي يوصله إلى سمرقند ، فنزل على سمرقند وبها يومئذ خلق كثير من السغد ) . انتهى.

مع مالك بن الريب

كان مالك شابا شجاع فاتكاً لا ينام الليل إلا متوشحاً سيفه ولكنه استغل قوته في بتر الطريق هووثلاثة من أصدقائه, لازم شظاظ الضبي الذي

نطقت عنه العرب ألص من شظاظ. وفي يوم مر عليه سعيد بن عثمان بن عفان -حفيد الصحابي عثمان بن عفان- وهومتوجه لإخماد فتنة في

تمرّد بأرض خُرسان فأغراه بالجهاد في سبيل الله بدلاّ من بتر الطريق، فاستجاب مالك لنصح سعيد فمضى معه وأبلى بلاءً حسناً وحسنت سيرته

وفي عودته بعد الغزووبينما هم في طريق العودة إلى وادي الغضا في حوطة بني تميم حيث تشتهر حوطة بني تميم بكثافة اشجار الغضا.سقم سقماً شديداًأوينطق أنه لسعته أفعى وهوفي القيلولة فسرى السم

في عروقه وأحس بالموت فنطق قصيدة يرثي فيها نفسه. وصارت قصيدته تعهد ببكائية مالك بن الريب التميمي.

أبيات من القصيدة:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا

فليت الغضا لم يبتر الركبُ عرضه

وليت الغضا ماشى الركاب لياليا

لقد كان في أهل الغضا لودنا الغضا

مزار ولكن الغضا ليس دانيا

ألم ترني بعت الضلالة بالهدى

وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا

وأصبحت في أرض الأعادي بعدما

أراني عن أرض الأعادي قاصيا

نادىني الهوى من أهل ودّي وصحبنتي

بذي الطبسين، فالتفت ورائيا

أجبت الهوى لما نادىني بزفرة

تقنعت، منها حتى ألام، ردائيا

أقول وقد حالت قرى الكرد بيننا

جزى الله عمرا خير ما كان جازيا

إنْ الله يرجعني من الغزولا أرى

وإن قلّ مـالي طالبا ما ورائيا

تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي

سفارك هذا تاركي لا أبا ليا

لعمري لئن غالت خراسان هامتي

لقد كنت عن بابي خراسان نائيا

فإن أنج من بابي خراسان لا أعد

إليها وإن منيتموني الأمانيا

فلله دري يوم أهجر طائعا

بنيَّ بأعلى الرقمتين، وماليا

ودرٌ الظباء السانحات عشية

يخبّرن أني هالك من ورائيا

ودر كبيريَّ الذين كلاهما

عليَّ شفيق ناصح لونهانيا

ودر الرجال الشاهدين تفتكي

بأمري ألا يقصروا من وثاقيا

ودر الهوى من حيث يدعوصحابه

ودر لجاجاتي ودر اتنهائيا

تذكرت من يبكي علي فلم أجد

سوى السيف والرمح الرديني باكيا

وأشـقرَ خنديداً يجـرُّ عِنانه

إلى الماء لم يهجر له الموت ساقيا

ولكنْ بأطرف (السُّمَيْنَةِ) نسوةٌ

عزيزٌ عليهنَّ العشيةَ ما بيا

صريعٌ على أيدي الرجال بقفزة

يُسّوُّون لحدي حيـث حُـمَّ قضائيا

ولما تراءت عند مروٌ منيّتي

وحلّ بها جسمي وحانت وفاتيا

أقولُ لأصحابي احملوني فإنني

يقرُّ بعيني حتى سهيل بدا ليا

فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا

برابية إني مقيم لياليا

أقيما علي اليوم أوبعض ليلةٍ

ولا تعُجلاني قد تبيّن مابيا

وقوما إذا ما استُل روحي فهيّئا

لي القبر والأكفان ثم ابكيا ليا

وخطا بأطراف الأسنة مضجعي

وردّا على عيني فضل ردائيا

ولا تحسُداني بارك الله فيكُما

من الأرض ذات العرض حتى توسعا ليا

خُذاني فجُرّاني ببردي إليكما

فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا

وقد كنت عطّافاً إذا الخيل أدبَرتْ

سريعاً لدي الهيجا إلى من نادىنيا

وقد كنت محموداً لدى الزاد والقرى

وعن شتم بن العم والجار وانياً

وقد كنت صبارا على القرن في الوغى

ثقيلاً على الأعداء عضبا لسانيا

فطورا تراني في ظلال ونعمة

وطورا تراني والعتاق ركابيا

وطورا تراني في رحى مستديرة

تخرق أطراف الرماح ثيابيا

وقوما على بئر الشبيكي فأسمعا

بها الوحش والبيض الحسان الروانيا

بأنكما خلفتماني بقفرة

تهيل عليّ الريح فيها السوافيا

ولا تنسيا عهدي خليلاي إنني

تبتر أوصالي وتبلى عظاميا

فلن يعدم الولدان بثا يصيبهم

ولن يعدم الميراث مني المواليا

يقولون لا تبعد وهم يدفنوني

وأين مكان البعد إلا مكانيا

غداة غدٍ يا لهف نفسي على غد

إذا أدلجوا عني وخلفت ثاويا

وأصبح مالي من طريف وتالد

لغيري وكان المال بالأمس ماليا

فيا ليت شعري هل تغيرت الرحى

رحى الحرب أوأضحت بفلج كما هيا

إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلوا

بها بَقراً حُمّ العيون سواجيا

رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّهـا

يَسُفْنَ الخُزامى مَرةً والأقاحيا

وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى

بِرُكبانِها تعلوالمِتان الفيافيا

إذا عُصَبُ الرُكبانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ)

و(بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا

فيا ليت شعري هل بكت أم مالك

كما كنت لوعالوا نَعِيَّـكِ باكيا

إذا مُتُّ فاعتادي القبور وسلمي

على الرمس أسقيتي السحاب الغواديا

تري جَدَثٍ قد جرت الريح فوقه

غبارا كلون القسطلان هابيا

رهينة أحجار وترب تضمنت

قرارتها مني العظام البواليا

فيا راكبا إما عرضت فبلغن

بني مالك والريب ألا تلاقيا

وبلغ أخي عمران بردي ومئزري

وبلغ عجوزي اليوم حتى لا تدانيا

وسلم على شيخيّ مني كليهما

وبلغ كثيرا وابن عمي وخاليا

وعطل قلوصي في الركاب فإنها

سَتَفلِقُ أكباداً وتبكي بواكيا

بعيد غريب الدار ثاوبقفرة

يد الدهر معروفا بأن لا تدانيا

أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى

به من عيون المؤنسات مراعيا

وبالرّمل مني نسوةًّ لوشهد نني

بكين وفدّين الطبيب المداويا

فمنهن أمّي وابنتاها وخالتي

وباكية أخرى تهيج البوا كيا

وما كان عهد الرّمل مني وأهلهِ

ذميماً ولا بالرّملِ ودّعت ُ نطقيا

نطقوا عنه

ذكره ابن الجوزي: في المنتظم فنطق : ولى معاوية سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان

وكان السبب حتى سعيدًا سأل ذلك نطق‏:‏ إذا بها عبيد الله بن زياد فنطق‏:‏ أما والله لقد اصطنعك أبي ورقاك حتى بلغت باصطناعه المدى الذي لا يجارى إليه ولا يسامى فما شكرت بلاءه ولا جازيته‏.‏ فولاه حرب خراسان وولى إسحاق بن طلحة خراجها‏.‏

وكان إسحاق ابن خالة معاوية أمه أم أبان بنت عتبة بن ربيعة فلما صار بالري توفي إسحاق بن طلحة فولي سعيد خراج خراسان وحربها فبتر سعيد الترمذ إلى سمرقند فخرج إليه أهل الصغد فواقفوه يومًا إلى الليل ثم انصرفوا من غير قتال فلما كان الغد خرج إليهم سعيد وناهضه أهل الصغد فقاتلهم فهزمهم وحصرهم في مدينتهم فصالحوه وأعطوه رهنًا منهم خمسين غلامًاقد يكونون في يده من أبناء عظمائهم وعبر فأقام بالترمذ‏.‏

وكان العامل في هذه السنة على المدينة مروان بن الحكم وعلى الكوفة الضحاك بن قيس وعلى البصرة عبد الله بن زياد وعلى خراسان سعيد بن عثمان بن عفان‏.‏.