الانشقاق العظيم

عودة للموسوعة

الانشقاق العظيم

المجمع المسكوني الثاني الذي كانت اضافاته للعقيدة النيقية الأصلية في صميم واحدة من الخلافات اللاهوتية المقترنة بالانشقاق الشرقي-الغربي. (تصوير، 879-882 م، من مخطوط، Homilies of Gregory Nazianzus, المخطة الوطنية لفرنسا)

الانشقاق العظيم East–West Schism وهوانشقاق كنائس الشرق والغرب الخلقيدونية عن بعضها البعض، معضلة بذلك فرع غربي لاتيني (كاثوليكي) وفرع شرقي بيزنطي (أرثوذوكسي)، وعادة يرجع تاريخ هذا الانشقاق إلى عام 1054م. والانقسام بين الشرق والغرب اتى في الواقع نتيجة فترة طويلة من الجفاء بين المسيحية اللاتينية واليونانية.

السبب الرئيسي للنزاعات التي أدت للانشقاق هوالخلاف حول قرار البابا ليوالتاسع، والذي طالب بأنقد يكون له سلطة على البطاركة اليونان الأربع في الشرق، وأيضا رغبة الغربيين بإضافة تعبير على قانون الإيمان النيقاوي حول انبثاق الروح القدس من الابن أيضا إضافة للآب.

رأى الشرقيون بأن سلطة بابا روما هي شرفية وهويملك سلطة روحية في نطاق رعيته فقط، وهولايملك الحق لتغيير قرارات المجامع المسكونية. بالإضافة لتلك الأسباب الجوهرية وجدت أيضا عوامل ومؤثرات أقل أهمية أدت لحدوث الانشقاق، كالممارسات الطقسية وغيرها.

الأسباب البعيدة

ظهرت المسيحية في فلسطين، في بيئة وثنية ويهودية، خاضعة لسيطرة الامبراطورية الرومانية. ومنها انتقلت إلى سورية، فآسيا الصغرى، فمصر فإلى أراتى الامبراطورية كلها. وقد عهدت من هذه الظروف مخاضاً ذاتياً على الصعيدين الديني والفكري. كما عهدت أزمات عقائدية وتنظيمية، في شرقي الامبراطورية وغربيها، تسببت أحيانا ًكثيرة في نشوء انقسامات، بعضها طارىء، وبعضها عميق. وقد وقع أبرز التوترات والانقسامات في القرون الرابع والخامس والسادس الميلادي. فظهرت بِدعٌ جديدة في رومة وشمالي إفريقية وآسيا الصغرى، في حين برزت كيانات كنسية مستقلة في جميع من سورية ومصر والحبشة وأرمينية. واتضح للمؤرخين حتى الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ظهور هذه الكيانات الكنسية المستقلة، أقرب إلى التباين الحضاري والثقافي والعرقي والسياسي، منه إلى الديني.

إلا حتى هذه الانقسامات، لم تلغ السمات المشهجرة بين معظم هذه الكنائس، من حيث المحافظة على أمور ثلاثة أساسية: الاعتراف بأهم العقائد المسيحية، وقيام اتصالات دائمة فيما بينها، ولاسيما إبان الأزمات الكبرى، والحفاظ على روح تبشيرية، داخل الامبراطورية وخارجها، إلى أقصى العالم المعروف. إلا حتى إجراءً إدارياً مهماً اتخذه الامبراطور ديوقليسيانوس عام 285م على صعيد الامبراطورية الرومانية كلها، بتقسيم الامبراطورية قسمين شرقي وغربي، وما أعقب ذلك من إجراءات إدارية أخرى أدت إلى شطر المسيحية، كما يرى المؤرخون، إلى مسيحية شرقية ومسيحية غربية. ومنذ ذلك الحين بدأت تبرز في الشرق والغرب، على نحومتزايد، ملامح التباين جلية، على صعيد اللغة والفكر والتنطقيد والسلطة. وفي عام 312م، حاول الامبراطور الروماني قسطنطين (312 - 337م) إعادة الإدارة الامبراطورية إلى وحدتها السابقة. فبدأ بتوحيدها دينياً، مما اضطره إلى محاربة شريكه في الحكم، الامبراطور مكسانس الذي كان يناصب المسيحية العداء وقتله في معركة شهيرة. وأصدر بعدها «إعلان ميلانو» الذي يقر فيه بشرعية المسيحية وحقها في الوجود.

من سلسلة منطقات عن
المسيحية

الأسس والعقائد
يسوع المسيح
الثالوث الأقدس (الأب ، الابن ، الروح القدس)
كرستولوجيا· الكتاب المقدس·
فهم اللاهوت المسيحي. قانون الإيمان
تلاميذ المسيح· الكنيسة· ملكوت الله· إنجيل
تاريخ المسيحية· الخط الزمني

الكتاب المقدس
العهد القديم· العهد الجديد
الوصايا· عظة الجبل
الولادة· قيامة يسوع· الإرسالية الكبرى
الوحي· الأسفار· القانون· أبوكريفا
التفسير· السبعينية· الترجمات

الثيولوجيا المسيحية
تاريخ الثيولوجيا· الدفاع
الخلق· سقوط الإنسان· الميثاق· الشريعة
النعم· الإيمان· الغفران· الخلاص
تقديس· تأله· العبادة
فهم الكنيسة· الأسرار المقدسة· الأخرويات

التاريخ
المبكرة· المجامع المسكونية· العقائد
الانشقاق· الحملات الصليبية· الإصلاح البروتستانتي

مسيحية شرقية
أرثوذكسية شرقية· أرثوذكسية مشرقية
مسيحية سريانية· كاثوليكية شرقية

مسيحية غربية
كاثوليكية غربية · بروتستانتية
كالفينية · معمدانية · لوثرية
أنگليكانية· تجديدية العماد
إنجيلية · ميثودية . مورمونية
أصولية · ليبرالية · خمسينية
كنيسة الوحدة · . شهود يهوه
فهم مسيحي . توحيدية . الأدفنتست
مواضيع مسيحية
الفرق· حركات· محاولات التوحيد المسيحية
موعظة· الصلاة· موسيقى
ليتورجيا· افخارستيا· الرهبنة· تقويم· الرموز· الفن

شخصيات مهمة
رسل المسيح الاثنا عشر. الرسول بولس
آباء الكنيسة. قسطنطين. أثناسيوس· أوغسطينوس
انسيلم· الأكويني· بالاماس· ويكليف
لوثر· كالفن· جون ويزلي

بوابة المسيحية

    


وفي عام 330م، وحد قسطنطين الامبراطورية كلها، وأقام لها عاصمة واحدة هي بيزنطة، التي أطلق عليها اسم «القسطنطينية». وكان في سعيه السابق لتوحيد البلاد، قد قابل هرطقة آريوس التي قسمت البلاد مدنيا،ً ودينياً، بين مؤيد ومعارض. فأمر بعقد مجمع مسكوني (يضم أساقفة المسكونة المعروفة آنذاك) عام 325، رَأَسه مناصفة مع مبعوثي بابا رومة. ومنذ ذلك الحين، نشأت لدى الأباطرة البيزنطيين، قناعة بأنهم يقتسمون مع رجال الكنيسة، مسؤولية اقتياد الناس والشعوب إلى الله. وقد أفضت بهم هذه القناعة إلى مداخلات ومبادرات لا حصر لها في شؤون الكنيسة والمسيحية. إلا حتى الامبراطور تيودوسيوس رأى، عام 395، حتى يقسم الامبراطورية من جديد، إلى شرقية وغربية، بين ابنيْه هونوريوس وأركاديوس. وفي حين أُعلنت مدينة رافينة بإيطالية، عاصمة للقسم الغربي، ظلت القسطنطينية عاصمة القسم الشرقي. ولما انهارت الامبراطورية الغربية تحت ضربات البرابرة (الهون)، عام 476، برزت القسطنطينية مجدداً عاصمة قوية استطاعت حتى تصمد في وجه هؤلاء البرابرة.

وقد نجم عن هذا الحدث السياسي الكبير، أمران كان لهما تأثير واضح وحاسم في العلاقات بين الشرق والغرب. كان الأمر الأول نموالشعور لدى المسؤولين الزمنيين والكنسيين في الشرق، بالقوة والثقة، وبالتعالي على الغرب. والحقيقة حتى الغربيين قابلوا ذلك بإعجاب مكرهين عليه، حيال تلك الامبراطورية التي نجحت في تثبيت سلطتها الزمنية والدينية حيث أخفقوا هم.

أما الأمر الثاني فكان بروز دور رومة والكنيسة الغربية، على ما في ذلك من مفارقة، بوصفها السلطة الوحيدة القادرة على حتى تحل محل الامبراطورية الغربية المنهارة. وكان ذلك يعود للكيفية التي تعاملت بها الكنيسة الغربية، وعلى رأسها البابا «لاون (ليون) الأول» الملقب بالكبير (440 - 461)، مع جحافل القبائل البربرية، من أجل احتوائها وتحضيرها. ومما ساعد في إبراز دور رومة هذا، حتى بيزنطة أخفقت في تقديم الحماية لشعوب إيطالية في لقاءة البرابرة، مع أنها استطاعت مجدداً، في عهد الامبراطور جوستنيانوس (527 - 565)، حتى تبسط نفوذها على شمالي إفريقية. هذا الواقع السياسي الجديد والخطير، اضطر البابا استفانوس الثاني، إزاء خطر اللومبارديين الغزاة، إلى التحالف مع ملك فرنسة بيبان القصير، عام 745، وكان منه حتى قدم إلى فرنسة ليتوجه ملكاً، وكان بيبان القصير هومؤسس الأسرة الكارولنجية التي قيض لها حتى تحكم الغرب ردحاً طويلاً.

وفي العام نفسه، قام الملك بيبان القصير بالزحف على رأس جيشه، لإنقاذ رومة من الغزاة اللومبارديين الذين ضربوا الحصار حولها. وقد طاردهم حتى انتزع منهم منطقة رافينة التي كانت ما تزال تابعة للامبراطورية البيزنطية اسمياً، وألحقها بالممتلكات البابوية. وقد بلغ هذا التحالف بين البابوية والأسرة الكارولنجية ذروته، حين توج البابا لاون الثالث، عام 800، شارل الكبير في عاصمته آخن، امبراطوراً على الغرب كله، فأغضب بذلك بيزنطة، فازدادت الهوة اتساعاً بين رومة وبيزنطة، أي بين الكنيسة في الغرب والكنيسة في الشرق.


الأسباب القريبة

في هذه الأجواء الممتدة على مدى قرون، المملوءة بالصراع والخوف والريبة، تبرز مسببات ألبست لبوساً لاهوتياً وتنظيمياً، وهي أقرب ما تكون، في حقيقتها، إلى امتداد للخلافات الحضارية والسياسية والثقافية. والخلافات اللاهوتية الكبرى في المسيحية، إنما حصلت في نطاق الكنيسة الشرقية أولاً. وهي كلها تدور حول الثالوث المقدس ولاهوت السيد المسيح. وأما الخلافات اللاهوتية بين الشرق والغرب، فقد حدثت نتيجة حتمية، في معظمها وأهمها، للخلاف العميق القائم بين سلطتين وحسب. وقد تنوعت كثيراً مسببات الخلاف بينهما، بدءاً بالقرن الخامس وانتهاء بالقرن التاسع. إلا حتى هناك قضيتين برزتا أكثر من سواهما، واحتلتا ساحة الخلافات بين الشرق والغرب، وهما قضية «انبثاق الروح القدس» وقضية «أولوية البابا».

انبثاق الروح القدس

اعترف المجمع المسكوني الذي انعقد في نيقية بجوار القسطنطينية في عام 352، بألوهية السيد المسيح. وفي عام 381، انعقد في القسطنطينية، مجمع مسكوني أقر بألوهية الروح القدس. وأضاف هذا المجمع إلى قانون الإيمان الذي أعرب في مجمع نيقية، تعبير تؤكد مساواة الروح القدس بالأب والابن، والعبارة هي «المنبثق من الأب». وقد أجمعت الكنيسة كلها على الإيمان بالثالوث في وحدانية الطبيعة الإلهية.

ومع ظهور الآريوسية في إسبانية، في القرن السادس، وهي بدعة تنكر ألوهية السيد المسيح، ارتأى بعضهم حتى تضاف إلى تعبير «المنبثق من الأب» تعبير «والابن»، لتؤكد، من جديد، المساواة الكاملة في الطبيعة الإلهية الواحدة، بين الأب والابن والروح القدس.

ولما أصبح شارل الكبير والمعروف بـ«شارلمان»، امبراطوراً على الغرب كله، وأخفق في انتزاع اعتراف بيزنطة (القسطنطينية) به، اتهمها بالهرطقة، آخذاً عليها تكريمها للأيقونات ورفضها للعبارة الجديدة «والابن». وكان شارل الكبير قد فرض هذه العبارة على كنيسة الغرب. وكان كثير من المسؤولين الكنسيين قد سايروا الإرادة الامبراطورية، وأخذوا بهذه العبارة «والابن» في تلاوة قانون الإيمان وبعض الصلوات. إلا حتى البابا لاون الثالث (795 - 816) رفض هذا المصطلح الجديد وعده اختلاقاً لاهوتياً غير مقبول. وأما بيزنطة فقد قابلت باستعلاء هذا الطموح اللاهوتي، الذي كان يخفي طموحاً سياسياً واضحاً. وبذلك اتسعت هوة التباعد بين الشرق والغرب. وقد مضى أحد الأباطرة البيزنطيين، وهوميخائيل الثالث، إلى وصف لغة الغرب، وهي اللاتينية، بأنها لغة البرابرة العاجزة عن ولوج عالم اللاهوت.

أولوية البابا

كان من الواضح، منذ زمن بعيد، حتى خلافاً أساسياً بين الشرق والغرب، يدور حول تصورين متباينين لمفهوم السلطة وممارستها. فالشرق يرى السلطة في إجماع لاهوتي وإداري وتنظيمي يضم البطاركة (وبابا رومة أحدهم وهوبطريرك الغرب وإن كان يعد «الأول بين متساوين») والأساقفة جميعاً. في حين ينطلق الغرب في فهمه للسلطة من ممارسة رومة وإحساسها بأنها السلطة الوحيدة والقوية والقادرة على لقاءة الأحداث وبت الخلافات القائمة - أوالآتية - بين السلطات الروحية. ومستند الغرب اللاهوتي في هذا الفهم هوكون البابا خليفة القديس بطرس الذي عده السيد المسيح «الصخرة – الأساس» لكنيسة المسيح، كما اتى في الإنجيل المقدس (إنجيل متى 16/17 - 20).

هذا التفاوت الصارخ في مفهوم السلطة، فجَّر كثيراً من الخلافات، أبرزها اثنان:

الأول: قضية البطريرك فوتيوس

ففي عام 858، أقيل بطريرك القسطنطينية أغناطيوس، واختير بدلاً منه رجل لم يكن من رجالات الكنيسة، إلا أنه كان عالماً ولاهوتياً وسياسياً معروفاً، هوفوتيوس. فخط البطريرك الجديد، كما درجت العادة منذ القديم، إلى سائر البطاركة، ومنهم بابا رومة، رسالة يفهمهم فيها بانتخابه وبوحدة الإيمان المشهجر بينهم. فأوفد البابا نقولاوس الأول (858 - 867)، وفداً إلى القسطنطينية، يحمل بطاقة شخصية للبطريرك الجديد، على درجة كبيرة من التحفظ، ورسالة مطولة إلى الامبراطور، فيها إشارات صريحة إلى حق البابوية في ممارسة السلطة العليا في الكنيسة جميعها، وإلى الإجراءات المشبوهة في اختيار البطريرك الجديد، وإلى حقوق البابوية على الأراضي التي كان قد استولى عليها منذ أكثر من مئة سنة، الامبراطور البيزنطي لاون الثالث الإيزوري (717 - 740). وكان حتى عقد في القسطنطينية، عام 861، مجمع كنسي بحضور الوفد البابوي، أقر فيه انتخاب البطريرك فوتيوس من جهة، كما أدين فيه البطريرك السابق أغناطيوس من جهة ثانية. ورد البابا على ذلك بأن عقد، مجمعاً كنسياً في رومة، عام 863، أعرب فيه بطلان انتخاب البطريرك فوتيوس. ثم مضى البابا إلى أبعد من ذلك، وأراد حتى يستغل الأزمة الناشبة بين فوتيوس وأغناطيوس، فطمح في بسط تنظيم موحد على الكنيسة جمعاء، شرقاً وغرباً، وذلك بكسر العقبة الكبرى في وجه سلطته، أي كسر سلطة بطريرك القسطنطينية. فتجاوز مقررات مجمع القسطنطينية الأخير واستدعى كلاً من «فوتيوس» و«أغناطيوس» إلى رومة، لينظر في قضيتهما، كما كان قد عمل من دون اعتراض، حيال أسقفين كبيرين من أساقفة الغرب، هما أسقفا مدينتي كولن وماينز بألمانية. فجابهه البطريركان - المختار والمخلوع - بالصمت التام.


الخلاف الثاني: قضية دخول الشعوب السلافية في المسيحية

ففي مطلع القرن التاسع كانت المسيحية قد بلغت بلغارية والمجر وسلوفاكية.

وفي عام 846، اعتلى عرش المجر الملك كاتسلاف، بدعم من الامبراطور الجرماني لودفيك. وسعى الملك كاتسلاف إلى التحرر من التأثير الجرماني الضاغط، فتوجه إلى رومة، سائلاً البابا حتى يرسل إلى بلاده مبشرين يتقنون اللغة السلافية المحكية، فتعذرت الاستجابة إلى طلبه.

وفي عام 862، أوفد كاتسلاف وفداً إلى القسطنطينية يطلب مبشرين بيزنطيين، يتقنون اللغة السلافية ويلقنون الشعب الشعائر البيزنطية. فرحب البطريرك فوتيوس بهذه المبادرة ورأى في الاستجابة لها فوزاً على سلطة البابا في رومة. وأقنع الامبراطور البيزنطي بإجابة ملك المجر إلى طلبه.

وكُلِّفَ الأخوان كيرلس وميتوديوس - وهما من مواليد مدينة تسالونيكي (سالونيك) باليونان - القيام بهذه المهمة. نهض المبشران البيزنطيان بالمهمة على نحومدهش، مع المقاومة التي جابههما بها المرسلون الجرمان. وكان من إنجازاتهما في هذا المجال، حتى كيرلس استطاع حتى يبدع للشعوب السلافية لغة جديدة باتت لغتهم القومية وقد استلهم أبرز عناصرها من اللغات اليونانية والعبرية والقبطية فهماً حتى اللغة المجرية ليست سلافية بل فينية هنغارية، وبقيت كما هي. وقد اقتبس الروس فيما بعد لغتهم القومية، من هذه اللغة السلافية. وفي عام 865، سعى ملك بلغارية بوريس إلى تحرير كنيسة بلاده من نفوذ بيزنطة. فطلب من الامبراطور البيزنطي الموافقة على تخصيص بلغارية بكرسي بطريركي فقوبل بالرفض. فتوجه الملك بوريس صوب رومة، حيث قوبل بوعود مغرية جداً، منها تعيين رئيس أساقفة، وليس بطريركاً على بلاده شريطة حتىقد يكون خاضعاً لرومة. وكان للبابا نقولاوس الأول ما أراد، وطرد الملك بوريس من بلاده المرسلين البيزنطيين، وظل المرسل البيزنطي ميتوديوس في بلغارية - بعد وفاة شقيقه كيرلس - مع قلة من تلاميذه، من دون حتى يزعجه أحد، لما كان يتمتع به في طول البلاد وعرضها، من نفوذ وتأييد. وبذلك خطت رومة خطوة واضحة في توسيع الهوة بينها وبين بيزنطة، ولاسيما أنها سمحت للكنيسة السلافية بإضافة تعبير «والابن» إلى قانون الإيمان.

الأسباب المباشرة

تواصل تردي الوضع بين رومة والقسطنطينية، طوال القرن العاشر حتى منتصف القرن الحادي عشر وبدت المرجعية الكنسية العليا كأنها قد فقدت. ذلك حتى خضوع رومة لسلطة الامبراطورية الجرمانية - وهي في نظر بيزنطة، عنوان البربرية - بلغ بها حد السماح للجرمان، في عهد الامبراطور هنري الثاني (1003 - 1024) باستخدام شعيرة خاصة بهم، وفيها تعبير «والابن» الشهيرة. في هذه الأثناء، اعتلى الكرسي البطريركي في القسطنطينية، رجل قوي الشكيمة اسمه ميخائيل كيرلاريوس. وقد طرأ في عهده (1043 - 1058)، تطور على العلاقات بين رومة والقسطنطينية، وأدى حسم الصراع بينهما إلى قطيعة. فقد أراد البطريرك كيرلاريوس، ضمن الإصلاحات التي ارتآها، حتى يخضع حتى الكنائس الغربية القائمة داخل ولايته وعاصمته، لإصلاحات في الصلوات والشعائر وبعض عادات رجال الكنيسة من لباس ومظهر، عدت تطاولاً على سلطة البابا. وجرى تبادل رسائل بين البابا والبطريرك، بلغت لهجة بعضها من الحدة، ما دفع البطريرك إلى إصدار الأمر بإغلاق الكنائس اللاتينية القائمة في القسطنطينية. عندها أوفد البابا لاون التاسع، في مطلع عام 1054 وفداً برئاسة الكردينال الألماني هومبرت، إلى القسطنطينية. وكان حتى استقبل الامبراطور الوفد بحفاوة في حين رفض البطريرك لقاءته. وطالت إقامة الوفد البابوي في القسطنطينية، وجرت في أثنائها أحاديث كثيرة، تحولت مع الوقت إلى مساجلات عنيفة، دارت حول توافه ضاعت في خضمها المسائل الكبرى المطروحة.

في هذه الأثناء، كان البابا لاون التاسع قد توفي في 19 نيسان من 1054 من دون حتىقد يكون نبأ وفاته قد بلغ القسطنطينية. وفي السادس عشر من شهر تموز عام 1054، أقيم احتفال كبير في كبرى كنائس القسطنطينية، وهي كنيسة «آيا صوفيا» (أي الحكمة المقدسة) حضره كبار رجالات الكنيسة والدولة، وعلى رأسهم الامبراطور البيزنطي. فدخل الوفد البابوي الكنيسة، وألقى الكردينال هومبرت خطاباً ندد فيه بتمرد البطريرك على سلطة البابا، ثم وضع على الهيكل الكبير صك الحرمان الخاص بالبطريرك، وانسحب. وبعد أيام قليلة، عقد البطريرك كيرلاريوس مجمعاً كنسياً في القسطنطينية، صدر عنه صك حرمان الغربيين جميعاً، وعلى رأسهم بابا رومة. بدت القطيعة إلى حين كأنها نهائية إلا أنها لم تكن كاملة، لا بين القسطنطينية ورومة، ولا بين رومة وسائر العالم البيزنطي. وكان من بطاركة القسطنطينية الذين خلفوا كيرلاريوس من عاود الاتصال برومة. كما جرت محاولات جادة وعامة، فيما بعد لإعادة الوحدة إلى أفضل مما كانت عليه الحال.

إلا حتى الصدع النفسي والثقافي من جهة، والصراع السياسي من جهة ثانية، كانا أمنع من جميع المحاولات. ويوم اتىت رابعة الحملات الصليبية، واحتلت القسطنطينية عام 1204، بدت كأنها حكمت بالموت منذ ذلك الحين، حتى اليوم على جميع محاولات التقارب بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية.

الأولوية البابوية وPentarchy

أيقونة تصور الامبراطور قسطنطين وآباء مجمع نيقيا الأول (325) as holding the العقيدة النيقية in the wording as modified in 381.

انقسمت الكنائس الخلقيدونية عقائديا ولغويا وسياسيا وجغرافيا، وقامت في القرون اللاحقة لقاءات ومحاولات للصلح والوحدة، كمجمع ليون الثاني عام 1274م، ومجمع بازل 1439 ولكنها باءت كلها بالفشل.


المحاولات الحالية لرأب الصدع

اليوم هناك اتصالات ولقاءات جادة تعقد بين الطرفين بعد قرون من القطيعة، كان أبرزها زيارة البابا بينيدكت السادس عشر للبطريرك المسكوني برثلماوس رئيس أساقفة القسطنطينية في استنبول (28 نوفمبر / تشرين الثاني 2006- 1 ديسمبر / كانون الأول ).

انظر أيضاً

  • المسحية الغربية
  • المسيحية الشرقية
  • أرثوذكسية الطقس الغربي
  • Sobornost (journal)
  • مخطة القسطنطينية دمرها الصليبيون الغربيون أثناء نهب القسطنطينية.

الهامش

المصادر

  • إلياس زحلاوي. "الانشقاق الكبير". الموسوعة العربية.
  • Joseph P. Farrell. God, History, & Dialectic: The Theological Foundations of the Two Europes and Their Cultural Consequences. Bound edition 1997. Electronic edition 2008.
  • Aidan Nichols. . 1992

وصلات خارجية

  • Byzantium: The Great Schism, by Bp. Kallistos Ware
  • Joint Catholic-Orthodox Declaration of Pope Paul VI and Ecumenical Patriarch Athenagoras I,سبعة December 1965
  • (16 October 2003) (audio)
  • The Great Schism from Orthodox SCOBA
پاپوات الانشقاق العظيم
Antipope John XXIII Antipope John XXIII Antipope Alexander V Pope Gregory XII Pope Innocent VII Pope Innocent VII Pope Boniface IX Pope Urban VI Avignon Pope Benedict XIII Avignon Pope Clement VII Pope Martin V Pope Gregory XI
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:20:46
التصنيفات: صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, صفحات تستخدم خطا زمنيا, صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, الدين في الامبراطورية البيزنطية, الانشقاق الشرقي الغربي, 1054, Christianity-related controversies, تاريخ مسيحي, انشقاقات في المسيحية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أخبار مصر: جو بايدن يلتقى الرئيس السيسي غدا فى السعودية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:55
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 40%

بوتين يقيل رئيس وكالة الفضاء الروسية دميتري روغوزين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:18
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

مراجعة ليلة الامتحان فى علم الاجتماع.. راجع معانا واضمن التفوق (فيديو)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:57
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 42%

محمد صلاح يرتدى شارة قيادة ليفربول فى مواجهة كريستال بالاس.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:59
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 41%

الرئيس الأمريكى جو بايدن يصل مطار الملك عبد العزيز فى جدة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:58
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 43%

بايدن يتجه إلى قصر السلام في جدة للقاء الملك سلمان وولي العه

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:09
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 55%

في زيارة تاريخية.. بايدن يصل إلى السعودية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:12
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

موريتانيا ترفع أسعار الوقود 30% بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:56
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 47%

محمد صلاح يقود ليفربول للفوز على كريستال بالاس بهدفين ودياً.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:05
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 39%

أغرب طرق تنفيذ ركلة ترجيح خلال مباراة كرة لقدم فى نيجيريا.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:00
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 46%

ولي العهد السعودي يستقبل بايدن في قصر السلام بجدة (فيديو)

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

الخطيب يستقبل رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة اليد

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:45
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

محافظ القليوبية يتفقد سير العمل في مواقف قرى مركز طوخ وبنها

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:21:44
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

حكم بالسجن على ضابط ألماني من اليمين المتطرف انتحل صفة لاجئ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

عمر كمال: أعتذر للفنان الكبير هانى شاكر وأتمنى عدوله عن الاستقالة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-15 18:22:03
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية