لور جونو، دوقة أبرانتس
هذا الموضوع مبني على منطقة لابراهيم العريس بعنوان . |
لور جونو، دوقة أبرانتس (وكان لقبها قبل الزواج: مارتان ده پرمون؛ عاشتستة نوفمبر 1784 -سبعة يونيو1838) هي زوجة الجنرال الفرنسي جان-أندوش جونو.
ولدت في مدينة مونبلييه الفرنسية الجنوبية لتلك العائلة ذات الأصول اليونانية - البيزنطية. ثم عاشت بعض مجد في أيام بونابرت قبل حتى ينتهي مجدها الاجتماعي مرة مع رحيل زوجها وتخلي الإمبراطور عنها، ومرة ثانية مع نهاية بونابرت. وهي عاشت فقراً مدقعاً خلال العقد الأخير من حياتها، ومع هذا وجدت عزاءها في وضع هذا الكتاب الذي حقق من النجاح الفوري عند صدوره ما جعل الدوقة تتبعه بجزء ثانٍ بدا مفتعلاً لأنه رسم تاريخ ما بعد نابوليون، ولكن من الخارج من دون أي قسط من روح راصدة حاضرة كانت وسمت الكتاب الأول.
مقدمة
هل يمكن أحداً حتى يقول كم عدد الخط والدراسات والموضوعات التي خطت عن نابوليون بونابرت وعصره،يا ترى؟ مهمة شديدة الصعوبة بالتأكيد. إذ منذ مئتي سنة وأكثر لم تمر سنة، وأحياناً لم يمر شهر، إلا ونشر فيه كتاب أوأكثر، دراسة أودرس عن ذلك الشاب الكورسيكي القصير القامة العالي الطموح الذي صار يوماً إمبراطوراً لفرنسا وغازياً لأنحاء عدة من العالم. في اختصار يمكن القول إذا نابوليون هوالشخصية التاريخية التي أغرت الكتّاب والمؤرخين ثم الروائيين بعد الرسامين وقبل السينمائيين أكثر من أي شخصية أخرى عبرت التاريخ. والأسباب واضحة، ذلك حتى الرجل شكّل جزءاً أساسياً من تاريخ البشرية ومن بدايات العصور الحديثة، كما حتى حياته نفسها كانت مفعمة بالدراما، بحيث جمعت البطولة والمأساة، الصعود والهبوط، النجاح والفشل، أكثر مما عملت أي شخصية أخرى في التاريخ. ولعل الغريب في أمر الإمبراطور الفرنسي حتى ما خط، تأييداً له وتعبيراً عن الإعجاب به، بعد سقوطه، كان أكثر كثيراً مما خط عنه، تمجيداً خلال حياته. وأحياناً بقلم أشخاص ناوؤوه حياً وشعروا دائماً حتى وجوده قد أضرهم. مهما يكن ومهما صدر من خط ودراسات حول نابوليون، لا ريب في حتى واحداً من أبرز وأطرف الخط التي صدرت عنه، كان كتاباً أصدرته سيدة عهدت الإمبراطور عن كثب بل رأت أنها تمتّ إليه بصلة نسب، وانتظرت عقداً ونصف العقد بعد موته لتصدر عنه كتاب مذكرات اعتبر في ذلك الحين صرخة وفاء للبطل الراحل، ومحاولة لإعادة الاعتبار إليه والى ذكراه. غير حتى الكتاب لم يكن لا هذا ولا ذاك فقط... بل كان أيضاً - وخصوصاً من الممكن - صورة قلمية رائعة لعصر نابوليون، وقبل ذلك لطفولته ونسبه العائلي ولمرتع صباه ومسقط رأسه كورسيكا. وهذا الكتاب الذي يكاد اليوم - للأسف -قد يكون منسياً هو«مذكرات تاريخية حول نابوليون» بقلم الدوقة آبرانتس.
مضمون الكتاب
«مذكرات تاريخية حول نابوليون» إضافة الى هذا العنوان، يحمل الكتاب عنواناً فرعياً هو«الثورة، الإدارة، القنصل، الإمبراطورية، وعودة الملكية»، ما يعني حتى المؤلفة حاولت فيه حتى تؤرخ لنحوربع قرن من التاريخ الفرنسي، هي الفترة الزمنية التي مضت بين اندلاع الثورة ونهاية نابوليون. وهي فترة عايشت الدوقة المذكورة معظمها. بل تمكنت من رصد معظم ما كان يحدث من داخل البلاط الإمبراطوري، حيث إذا زوجها جونو، كان مرافقاً لنابوليون، كما كان من أقرب أصدقائه إليه... حتى وإن كنا سنرى في بعض فصول الكتاب كيف من الممكن أن حتى الدوقة تشكومن سوء معاملة نابوليون زوجَها. بيد حتى هذا ليس هوالمهم، بل انه لم يخفف أبداً من إعجاب الدوقة بالإمبراطور ومن التحسّر عليه بعد رحيله، ومن الشكوى من غدر جميع أولئك الذين تخلوا عن البطل بعد سقوطه.
أصدرت الدوقة آبرانتس كتابها هذا بين عامي 1831 و1835. وهي لم تشأ له منذ البداية حتىقد يكون مجرد كتاب سياسي يحاول حتى يلقي أضواء كاشفة على الحقبة التي عاشتها هي في ظل حكم نابوليون، بل شاءت له انقد يكون تاريخاً شاملاً للإمبراطور وعصره... وأكثر من هذا: تاريخاً أيضاً لعائلتها - طالما حتى العائلة تنتمي الى الجذور نفسها التي كان ينتمي إليها الإمبراطور - ثم تاريخاً للحياة اليومية البسيطة في جزيرة كورسيكا. مهما يكن فإن الدوقة لم تكن من أصل كورسيكي أوفرنسي، بل من أصل يوناني، ومن عائلة تعهد بـ «كالوس ميروس»، كان جدودها بسبب أوضاع سياسية معينة في اليونان، هاجروا الى فلورنسا في إيطاليا ومنها الى كورسيكا. وهناك راح جدود العائلة الواصلون الى الجزيرة الصغيرة يكوّنون سلالة جديدة بعد حتى ترجموا اسمهم من اليونانية الى الإيطالية. فحدثتا كالوس ميروس في اليونانية تعنيان «الحصة الطيبة»، ما يعادل في الإيطالية: بونابارتي. وعلى هذا، تقول الدوقة، يصبح من المنطقي حتىقد يكون نابوليون بونابارتي يوناني الأصل، وينتمي معها الى السلالة نفسها. والدوقة بعد حتى تورد هذا الخبر الذي لم يكن يعهده أحد من قبل - ولن يأخذ به كثر من بعد على الأرجح - تروح واصفة تاريخ أسرتها المجيد ونضالاتها على مر العصور، ثم تاريخ كورسيكا قبل حتى تصل الى طفولة نابوليون فيها. وهي إذ تنتهي من هذا في فصول عدة لا يمكن أبداً إنكار أنها شيّقة للغاية وتبدومقنعة في معظم ما تقول وتؤكده، تبدأ في رسم الصور المعهودة لفتوّة نابوليون ثم إيمانه بالثورة ونضالاته شاباً وانتنطقه الى باريس، حيث تتخذ نضالاته هناك طابعاً أكثر خطورة ما يقوده الى الصفوف الأولى... ومن هذا إذا كان الكتاب يغوص في جميع ما كان معروفاً على نطاق واسع من دون حاجة الى قراءته في هذا الكتاب، فإن المهم والجميل هوحتى تاريخ الثورة ثم تاريخ نابوليون، في تدرجات حياته، مرسومان هنا من الداخل، عن قرب، بحيث لا يعود نابوليون الذي نراه أمامنا اسطورة أوحكاية خرافية، أوتاريخاً سياسياً، بل يصبح انساناً من لحم ودم، يصعد، يهبط، يتردد، يقلق، يقرر، ينفذ، يعمل جميع ما كان من شأن إنسان حقيقي حتى يعمله، في لحظات العظمة كما في لحظات الذل.
وفي هذا الإطار من الواضح حتى الكتاب يقدم لنا أقرب صورة الى الحقيقة صوّرت الإمبراطور الفرنسي على مدى التاريخ، خصوصاً حتى المحررة، على رغم إعجابها الشديد بنابوليون وعلى رغم إيمانها الأعمى به وبسياسته، لا يفوتها حتى تذكّر بكم حتى زوجها والكثيير من أقاربه وأقاربها، تضرروا من جراء إهمال نابوليون لهم، بل دفعوا غالياً - بعد رحيله - ثمن صداقتهم معه وقرابتهم منه. فالحال حتى هذا البعد أضفى على النص صدقية مدهشة... ولا ننسينّ هنا حتى الدوقة آبرانتس خطت نصوص كتابها بعد زمن طويل من زوال نابوليون، أي في وقت لم يكن لأحد حتى يجبرها على حتى تكون موضوعية، أوحتى على حتى تظهر جميع هذا القسط من الوفاء والود لرجل لم يكن طيباً معها أومع زوجها حين كان في قمة مجده. بل ان الدوقة آبرانتس تواصل حديثها الوفي عن الإمبراطور حتى بعد حتى تخبرنا بأن هذا الأخير رمى بها، هي شخصياً، في مهاوي النسيان بعد موت زوجها، من دون حتى يسمعها ولوحدثة طيبة. تخبرنا الدوقة حتى الإمبراطور لم يكن وفياً معها... أما هي فإنها ستظل وفية تجاهه حتى النهاية. وهذا الوفاء هوالذي يهيمن على الكتاب، لكنه في الوقت نفسه، لا ينزع عنه موضوعيته... لا سيما حين تسرد المحررة سيرة نابوليون نفسه، منذ كان طفلاً شقياً إنما مفعماً بالذكاء، حتى صار امبراطوراً متحملاً، مروراً بدراسته العسكرية ثم الفرص التي مكنته تباعاً من حتى يتقدم في صفوف القيادة حتى أصبح القائد الفرد والمطلق، قبل حتى ينتهي مجده. جميع هذه السيرة رسمتها المحررة، لكنها رسمت أيضاً أسبابها ونتائجها في لعبة تحليلية قد يدهش القارئ إزاءها، لأنها في أسلوبها وعمقها لا تنتمي الى ذلك الزمن بل تبدوشديدة الحداثة.
المصادر
- ابراهيم العريس (2010-10-12). "«مذكرات» الدوقة آبرانتس عن نابوليون: البطل عن قرب". جريدة الحياة اللبنانية.
وصلات خارجية
- by Laure Junot, duchess d'Abrantès, 1832, (J.& J. Harper, NY)