ما هو الفن؟

عودة للموسوعة

ما هوالفن؟

هذا الموضوع مبني على
منطقة لابراهيم العريس
بعنوان .

ما هوالفن (بالروسية: Что такое искусство? 1897 ه منطقة خطها ليوتولستوي، التي يحاجج ضد الكثير من النظريات الجمالية التي تحدد الفن من حيث الحقيقة والخير والجمال على وجه الخصوص. وفي رأي تولستوي، كان الفن في ذلك الوقت فساد وانحلال، قد ضلل الكثير من الفنانين.

هل يمكن حتى تقاس قيمة الغذاء الذي نتناوله بالاستناد الى ما يبعثه لدينا من متعة أولذة،يا ترى؟ مِن هذا السؤال، تقريباً، ينطلق المحرر الروسي الكبير ليوتولستوي، في مجال بحثه عن ماهية الفن، في كتابه الذي يكادقد يكون الأقل شهرة بين أعماله الغزيرة «ما هوالفن؟». هذا الكتاب وضعه تولستوي في العام 1896، في وقت كان فيه العالم، عند تلك الآونة الانعطافية في تاريخ البشرية، يشهد الكثير من المتغيرات. وكانت التغيرات من التسارع الى درجة لم يعد من الممكن معها للفنان، بوصفه ابن زمنه، حتى يقف متأملاً، راكضاً وراء مفاهيم مثل: اللذة والمتعة والجمال واللهوواللعب... وما إلى ذلك من مفاهيم كانت ربطت بالفن، أوهذا ما كان قد بدأ يراه وينادي به عدد كبير من المفكرين الذين يبحثون عن أسلحة يقابلون بها التفاوت بين البشر وتطلعات الناس نحوالعدل والتغيير، فوجدوا في الإبداع خير سلاح.

بالنسبة الى تولستوي لم يعد السكوت ولا البقاء في ما كان يسمّى بالأبراج العاجية ممكناً، فالمحرر/ المفكر العجوز، الذي كان قد مضى زمن طويل منذ وضع أعماله الكبيرة، مثل «الحرب والسلام» و«أنا كارينينا»، وهي أعمال يفترض أن نرى أنه من الصعب جداً حتى نطبق عليها تلك النظريات الاجتماعية و«الوظائفية» التي عالج تولستوي الفن بها، في خريف عمره، هذا المحرر، على ضوء أحداث زمنه، ما كان في وسعه أكثر، حتى يوافق على حيادية الفن أوانزوائه بعيداً من هموم الناس. ومن هنا نراه في كتابه الذي نتحدث عنه، يُكثِر من إيراد فقرات مثل هذه التي ننقلها هنا، عن ترجمة للدكتورة أميرة حلمي مطر: «عندما نقول إذا عملاً فنياً ما جيد ولكنه غير مفهوم لأغلبية الناس، فإنما يشبه قولنا ان نوعاً من الطعام شهي جداً، ولكن أكثرية الناس لا يمكنها حتى تتذوقه. إذا العمل الفني الأصيل لا يحتاج الى تربية عقلية على نحوأنه لا ينبغي حتى يتفهم الإنسان الهندسة قبل حتى يفهم حساب المثلثات، وإنما يمكن للفلاح البسيط حتى يفهم العمل الفني الجيد وقد لا يفهمه المثقف المنحرف عن الدين. وفضلاً عن ذلك لا يمكن حتىقد يكون العمل الفني موضع تفسير، لأنه لوكان من الممكن تفسيره باللغة العادية لعبّر عنه الفنان باللغة والحدثات. العمل الفني الأصيل يلغي الفواصل بين الفنان والمتذوق. في التقارب والاتصال تكون قوة الفن».

إذاً، بتأكيدات مثل هذه، يمكن بكل بساطة مجادلتها اليوم، حمل تولستوي - بحسب ما يفيدنا الدكتور زكريا إبراهيم في كتابه القيم «مشكلة الفن» - على المذاهب الجمالية السابقة. ولكي يتمكن صاحب «الحرب والسلام» من هذا، ويجعل أفكاره عملية و«في متناول الناس»، بدأ دراسته النقدية هذه باستعراض تاريخ المذاهب الجمالية، قبل حتى يعرّج على موضوع الفن نفسه، مقرراً حتى «الفلاسفة دأبوا على تعريف النشاط الفني بالرجوع الى مفاهيم الجمال واللذة (...)، في حين حتى المهم هوفهم الدور الذي يلعبه الفن في حياة الإنسان أوالإنسانية بصفة عامة». وهنا يقول لنا تولستوي إننا «إذا أردنا حتى نعرّف الفن تعريفا سليماً، وجب علينا أولاً وقبل جميع شيء، حتى نكف عن اعتباره مصدر لذة، لكي ننظر اليه بصفته مظهراً من مظاهر الحياة البشرية. ولن نجد أدنى صعوبة عندئذ في حتى نتحقق من حتى الفن هوإحدى وسائل الاتصال بين الناس». وهنا يستطرد تولستوي قائلاً: «كما ان الإنسان ينقل أفكاره الى الآخرين من طريق الكلام، فإنه ينقل الى الآخرين عواطفه من طريق الفن». ومعنى هذا - في رأي تولستوي - ان الفن لا يخرج عن كونه أداة تواصل بين الأفراد، يتحقق من طريقها «حزب من الاتحاد العاطفي أوالتناغم الوجداني بينهم».

إزاء أفكار مثل هذه، لن يدهشنا هنا حتى نرى كيف من الممكن أن ان هذا الكتاب أحدث دويّاً كبيراً في زمنه، ولا سيما في أوساط الأدباء، حيث ان تولستوي، وفي جميع بساطة، أبلغ أكثرهم أنهم يعملون عبثاً «فما كان ما يزعمون من أعمال فنية متصلاً بالفن، كما عرّفه، هو، لا من قريب ولا من بعيد». ومن أجل الوصول الى هذه التعريفات يقسم تولستوي الفن على مدى تاريخه الى ثلاثة أنواع: الفن الطيب، الفن الخبيث، والفن الباطل أوالزائف. وبما ان «قيمة الفن لا تقاس بمقياس مجرد كنظريات فهم الجمال مثلاً، بل بصلته بالناس والمبادئ السامية التي لا بد منها لحياتهم، لا يمكن تجريد الفن من مفهوم الفضيلة». بالنسبة الى تولستوي «الفن الحقيقي هوحتى تنقل الى غيرك ما تحس في نفسك مما تأثرت به تأثراً عميقاً، والفرق بينه وبين الزائف من الفن، حتى يحسّ الفنان حقاً في أعماق نفسه ما يريد حتى ينقله الى غيره، وأن يبلغ من قوة الأداء حتى يؤثر في غيره بحيث يجعله شريكاً له في إحساسه (...) وإنما تتجلى قوة الفنان حقاً في كمال هذا النقل، وحدثا كثر عدد من يشاركونه نفس احساسه كان إلى ذلك الكمال أقرب».

فماذا عن الفن في الزمن المعاصر - لمحررنا -،يا ترى؟ «لقد بَعُدَ الفن في المدنية الحديثة والثقافة الجديدة، عن ذلك الشعور الحكيم الذي أخذت به جميع الأديان (...) والذي اعتنقه أساطين الفكر في العالم، من أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو. وفقد الفن بذلك وظيفته في السموبالنفوس والعقول وأصبح ملهاة أشبه بلعبة لاعب، ولئن نطق قائل ان الفن في الأمم البدائية ضرب من اللعب، يُرَدّ على ذلك بأنه إذا وصل الى ذلك الوضع في الأمم المتمدنة، كان دليلاً على انحطاطها الى مستوى البدائيين. ويستطرد تولستوي هنا ليخبرنا انه قد أصبح في أوروبا منذ النهضة فنان: فن للعامة وفن للخاصة، و«بات فن الخاصة قاصراً على فئة معينة، وقد حيل بالضرورة بينه وبين العامة، لما يتطلبه من نفقات لا يطيقها العامة، وما زال يضيق ويبعد عن الروح الكونية حتى ليحسن تسميته بالفن الإقليمي، ثم ازداد ضيقاً فسماه أصحابه بالرمزية، وأحرى به حتى يسمى بالببغاوية». وبالنسبة الى تولستوي يقوم محك هدف العمل الفني على مدى انتشاره من طريق العدوى. وحدثا كانت هذه العدوى أقوى كان الفن أصدق، بغض النظر عن مضمونه، أوعن قيمة العواطف التي ينقلها الينا. ودرجة العدوى الفنية انما تتوقف لديه على شروط ثلاثة: أولها، الأصالة أوالفردية أوالجدة في العواطف المعبَّر عنها. ثانيها، درجة الوضوح في التعبير عن هذه العواطف. وثالثها، إخلاص الفنان أوشدة العواطف التي يعبر عنها. أما الفن الزائف فهو«ذلك الذي لا ينبعث عن شعور حقيقي في النفس، وإنما هووليد التقليد والرغبة في كسب المال والشهرة أوتملق عواطف الجمهور. وهويبدأ من حيث ينتهي الإلهام، وقوامه الكذب والطلاء الخادع». و«حسبك ان صاحبه يحاول حتى يؤثر في النفوس ونفسه فارغة، ويزعم انه ينقل إليهم احساسه وما يحس شيئاً...».

> عندما وضع ليون تولستوي (1828 - 1910) كتابه هذا كان في السبعين من عمره، وكان قد أنجز كتابة العدد الأكبر من أعماله الكبيرة منصرفاً الى المشاكسة (السياسية والاجتماعية) والى التأمل الروحي والفلسفي. ومن هنا لم يكن غريباً حتى يسعى في سنواته الأخيرة تلك الى رسم ما يشبه الوصية الفنية، التي من الصعب طبعاً القول إنها تتطابق في بُعدها الجمالي مع الأفكار الكامنة في خلفية معظم أعماله، غير انها تتطابق مع نظراته الفلسفية في الحين الذي خطها ودعواته الاجتماعية، بل حتى سعيه للوصول الى ما كان يعتبره ديناً جديداً يستند الى مبادئ فلسفية تجعل مصلحة الإنسان وأبعاد حياته الروحية مدارَ اهتمامه.

المصادر

  • دار الحياة

وصلات خارجية

  • What is Art? excerpts
  • Maude translation at Google Books
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:23:36
التصنيفات: Articles containing non-English-language text, 1890s essays, Books by Leo Tolstoy, 1897 works, Aesthetics literature

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

10 قتلى على الأقل في 4 حوادث إطلاق نار بالولايات المتحدة

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:18:38
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

من أسرار الوجود: الجمال

المصدر: الجماعة.نت - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:20:13
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

القوات المسلحة الملكية تبدأ التحضير لتمرين "الأسد الإفريقي 2022"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:18:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

فيضانات وعواصف شديدة في منطقة جبال الألب

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:18:39
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 53%

التموين: صرف 35% من مقررات يونيو.. وتوفير 25 سلعة ضمن قائمة المنظومة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:20:58
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

للتعاقد مع مهاجم المُنتخب المغربي.. جينت يطلب 10 ملايين أورو

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:18:40
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

«عبدالغفار» يؤكد استعداد مصر لاستقبال المرضى من مالاوى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:20:57
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

بنموسى: قطار الإصلاح لن ينتظر من أتيحت لهم فرصة المشاركة وانسحبوا

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-06 15:18:40
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية