في انتظار لفتي

عودة للموسوعة

في انتظار لفتي

ملصق لانتاج حديث لمسرحية "في انتظار لفتي".
هذا الموضوع مبني على
منطقة لابراهيم العريس
بعنوان .

في انتظار لفتي Waiting for Lefty هي مسرحية من سنة 1935 من تأليف المحرر المسرحي الأمريكي كليفورد اودتس. وتتكون من سلسلة من المَشاهد، ولكن جميع المسرحية تدور في اطار لقاء سائقي التاكسي الذين يخططون لاضراب. ويستخدم الموقف الاطاري المشاهدين كجزء من اللقاء.

وبينما لم تكن أولى مسرحيات اودتس، فقد كانت أول مسرحية ينتجها. وقد عرضتها جماعة المسرح، وهي فرقة مسرحية في نيويورك أسسها هارولد كرمان، شريل كروفورد ولي ستراسبرگ، وكان اودتس عضواً فيها. تأسست الفرقة كمكان لتدريب الممثلين وكذلك لدعم المسرحيات الجديدة، خصوصاً تلك التي تعبر عن المناخ السياسي لذلك الوقت. وكانت في انتظار لفتي أول نجاح نقدي وشعبي حقيقيين لجماعة المسرح، فعـُرضت في برودواي، وكذلك في مدن عديدة في الولايات المتحدة. وكان أول عروضها البريطانية في مسرح يونيتي، لندن في 1938، حيث بهر اخراجها مجموعة من جماعة المسرح الأمريكية حين زاروها، فمنحوا مسرح يونيتي حق عرض المسرحية في بريطانيا.

المناخ العام

في العام 1952، وفي ذروة الحملة المكارثية، استدعت لجنة النشاطات المناهضة لأمريكا، المحرر كليفورد أوديتس للاستماع الى شهادته وفهم ما إذا كان تجاوز له، أولا يزال حتى الآن، منتمياً الى الحزب الشيوعي. فاستجاب المحرر ليعلن بكل وضوح أنه بالعمل انتمى الى ذلك الحزب في العام 1934، ثم عاد وهجره بعد عام واحد إذ تبين له حتى مسؤولي الحزب يريدون منه حتى يخضع كتاباته لقواعد أيديولوجية محددة. وهوأمر ما كان في إمكانه حتى يتجاوب معه على الإطلاق. والحقيقة حتى ذلك العام الذي أمضاه أوديتس، بحسب إقراره، عضواً في الحزب الشيوعي الأميركي، يتطابق مع تاريخ كتابة مسرحيته الأشهر «في انتظار ليفتي» وتقديمها من قبل فرقة «گروپ ثييتر» التي اشتهرت في تاريخ الفنون الأميركية بكونها مهد الفن المسرحي اليساري الذي ابتكر عدداً كبيراً من الممثلين والمخرجين والكتاب، الذين سيكونون لاحقاً هدفاً للجنة المكارثية. ومن أبرزهم، الى أوديتس، المخرج المسرحي ثم السينمائي إيليا كازان. أما مسرحية «في انتظار لفتي» فكانت وتظل العلامة الفارقة في ذلك النشاط المسرحي الذي اتى في زمن الركود الاقتصادي القاتل الذي طاول الولايات المتحدة طوال السنوات الأولى من ثلاثينات القرن العشرين، وتزامن مع وصول روزڤلت الى السلطة. ولعل اللافت في ذلك كله هوحتى الحركة المسرحية الأميركية - لا سيما في نيويورك - عهدت خلال تلك السنوات نشاطاً فكرياً يسارياً، لم يضاهه في يساريته أي نشاط فني آخر في العالم... وكان ذلك في وقت راح فيه الزعيم السوفياتي ستالين يحاكم اليساريين في موسكوويقتلهم وينفيهم أو- في أحس الأحوال - يكتفي بسجنهم. هي، على أية حال، فترة غامضة وغريبة في تاريخ الفن الأميركي، من اللافت انها لم تدرس حقاً، إلا على ضوء موقف المكارثيين منها لاحقاً، فهماً بأن ثمة فيلماً حققه تيم روبنز، قبل سنوات عنوانه «المهد يفترض أن يهتز» يدنوفي شكل رائع من تلك الفترة، وذلك من خلال الفرقة المسرحية نفسها تقريباً، وهي تحاول تقديم عمل مسرحي يحمل عنوان الفيلم.


الموضوع

كانت مسرحية «في انتظار ليفتي» ثاني مسرحية يخطها كليفورد أوديتس، بعد حتى كانت «انهض وغنِّ» أول أعماله في العام 1933. وتعتبر «في انتظار لفتي»، واحدة من أربع مسرحيات أولى خطها أوديتس معبراً فيها عن قضايا الطبقة العاملة ونضالاتها، من دون لف أودوران. بل إذا المسرحية تضع هويتها في القابلة منذ عنوانها، إذ نعهد حتى حدثة «لفتي Lefty» التي هي اسم «بطل» المسرحية، تعني في الوقت نفسه «اليساري». وفي هذا ما فيه من دلالة، بالطبع، حتى إذا اكتشفنا في نهاية الأمر، حتى لا وجود لـ «لفتي» على الخشبة مع انتظار الجميع له، بل إذا أخبار مقتله ستختتم المسرحية.

خط كليفورد أوديتس مسرحية «في انتظار ليفتي» خلال ثلاثة أيام في ذلك العام 1935، وذلك كي يفتتح بها «گروپ ثياتر» موسم عروضه في نيويورك، في وقت كان يفترض بأنقد يكون ذلك العرض الأول عرضاً احتجاجياً. ولم تكن المسرحية احتجاجية في الشكل فقط، أوفي المضمون... بل إذا موضوعها أصلاً كان موضوعاً احتجاجياً، وبأكثر مما يوحي عنوانها بكثير. ذلك حتى المسرحية أتت لتتحدث مباشرة، في فصلها الوحيد الذي قسم الىخمسة حلقات، عن اجتماع تعقده نقابة سائقي سيارات التاكسي، للتصويت عما إذا كان يتعين إعلان إضراب يشل حركة السير في المدينة أم لا. من الواضح هنا، منذ أول الأمر، حتى للاجتماع شكلاً ديموقراطياً. وأن السائقين المجتمعين هنا، مع قيادات اتحاداتهم النقابية، هم الذين سيقررون ما يسفر الاجتماع عنه. ولقد توزع الحضور بين الرسميين الذين احتلوا خشبة المسرح، وبين النقابيين العاديين الذين انتشروا في الصالة بين الجمهور. وكان من الواضح حتى هذا التوزيع كان يقصد انتماء السائقين العاديين الى أفراد الجمهور الذي يجلسون في جانبه، في الوقت الذي يظهر جلياً حتى القيادات النقابية تنتمي - في الحقيقة - الى عالم منفصل عن عالم الجمهور. ومن هذا التوزيع نفسه كان يمكن استخلاص موقف المحرر - وفرقته المسرحية - الذي ينحوالى إدانة القيادات النقابية على اعتبار انها، في نهاية الأمر، ليست أكثر من جزء من السلطة، كما هي حالها دائماً وأبداً!

الحبكة

منذ بداية المسرحية نعهد حتى المناضلين النقابيين جالسون في انتظار لفتي، ممثلهم، الذي لم يحضر بعد، والذي يظهر المخوّل بأن يفاوض القيادات النقابية باسمهم. ولما كان ليفتي قد تأخر حقاً، ها هو«فات» الأمين العام للاتحاد النقابي، مسنوداً بغيره من القيادات والنصابين والمخادعين باسم العمل النقابي، ها هويمضي في الكلام والالتفاف ساعياً جهده لتقليص كلام النقابيين المناضلين عن الإضراب. ومن هنا نراه بالكاد يهجر مجالاً لغيره لكي يتحدث... ثم، ما حتى يأتي في الحديث على ليفتي الذي لم يظهر بعد، لا يتورع عن التلميح بأن هذا الأخير قد هرب، لأنه غير قادر على الدفاع عن وجهة نظره، أووجهة نظر مؤيدي الإضراب. وهنا، من أجل التمهيد لحضور ليفتي ودعم قضيته، بالتأكيد على حتى الإضراب بات أمراً لا بد منه، ينهض من صفوف الجمهور عدد من السائقين ليتحدث جميع منهم عن أوضاعه وفقره ومشاكله الحياتية اليومية. إلى غير ذلك، إذ يروح جميع واحد متحدثاً عن معاناته، تظهر في خلفية المشهد، مناظر من الحياة اليومية التي يصفها. ومن الذين يتحدثون، مثلاً، السائق جو، الذي يمعن في الحديث عن زوجته ادنا، وعن صعوبات حياتهما، مستخلصاً النتيجة: لقد قرراً معاً مساندة الإضراب، لأن أعباء الحياة لا تهجر لهما أي خيار آخر، مع انهما يعهدان جميع ضروب الصعوبات التي تنتج من هذا. ويلي مشهد جو، مشهد سائق آخر يتحدث وخطيبته الحسناء، مفسرين كيف من الممكن أن حتى المرتب الذي يحصل عليه الخطيب كسائق، لا يمكنهما أبداً من الاقتران وبناء بيت أسري سعيد. وتبدودلالة هذا المشهد، من خلال لقطات تسبقه تصور صناعياً كسولاً يعيش حياة رغد ويسر. إلى غير ذلك، طوال الوقت الذي يمضي في انتظار «لفتي» تتوالى الحكايات التي تصب كلها في خانة الأوضاع البائسة التي يعيشها السائقون ويعانون منها. وفي نهاية الأمر يشتد حنق السائقين حين يكتشفون حتى ثمة جاسوساً في صفوفهم... ثم يتصاعد غضبهم حين تردهم أنباء عن مقتل ليفتي على يد مجهولين... ما يفسر عدم وصوله حتى الآن. وهنا يتصاعد ضجيج الصالة، ويقرر السائقون، من دون أدنى التفاتة الى مواقف القيادات النقابية المشبوهة، حتى يسيروا في إضرابهم، فيما تنتهي المسرحية على أولئك السائقين وهم يصرخون بصوت واحد «إضراب... إضراب... إضراب!».

الأثر

بصدد مسرحية أخرى لأوديتس، خط الناقد المسرحي الأميركي جون گانستر حتى هذا المحرر يظل دائماً «ذلك الرومانسي الذي يطرح بنفسه في لقاءة مشكلات ضخمة لا يحمل إلا قليلاً من الأمل في حتى يستجيب لها أويضع تعريفاً كاملاً لها. انه محرر شعبي بالفطرة قادر على خلق شخصيات حية لكنه عاجز عن استخلاص النتائج». مهما يكن فإن لكليفورد أوديتس (1906 - 1963) كان حدثاً مهماً في تاريخ المسرح الأميركي، ولا تزال «في انتظار لفتي» مسرحية مرجعية حتى اليوم، مع حتى كثراً يفضلون عليها أعمالاً أخرى لأوديتس مثل «الفتى المضىي» و«شجرة الخوخ المزهرة» أو«فتاة الريف»... ولا بد من حتى نذكر هنا حتى أوديتس - الروماني الأصل المولود في فيلادلفيا - كان واحداً من أولئك الكتاب الذين عهدت هوليوود كيف من الممكن أن تجتذبهم ذات فترة، لكنهم أخفقوا في حتى يتماهوا معها... فدمرتهم، وهوما عبر عنه في واحدة من آخر مسرحياته «السكين الكبيرة» (1949).


أعمال ذات صلة

  • في انتظار گودو بقلم صمويل بكت


الهامش

تاريخ النشر: 2020-06-04 15:23:40
التصنيفات: مسرحيات كليفورد اودتس, أدب عمالي, مسرحيات 1935, خيال الكساد الكبير, مسرحيات تدور أحداثها في الولايات المتحدة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الجيش البريطاني يحذر.."موسكو قد تنقل الحرب إلى الفضاء"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:51
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 88%

واشنطن تهدد بمعاقبة دول تدعم استفتاءات الانضمام لروسيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:33
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 97%

هكذا برَّد سوليفان همة كييف.. مؤجلاً حلم "الناتو"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:49
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 99%

بروفيسور أمريكي: زيلينسكي يشوه التاريخ والذاكرة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:32
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 93%

هبوط قياسي لخام برنت في الربع الثالث.. الأسعار تراجعت 23% إلى 87.9 دولارا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:17:41
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 88%

"آزوف" أصبح رسميا بحرا داخليا في روسيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:30
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 85%

شبح تظاهرات 2019 يطل.. خبراء دوليون يتهمون طهران

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:49
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 99%

توتر شديد يخيّم على البرازيل.. حيث يقيم 10 ملايين عربي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:50
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 97%

نائب روسي: عضوية أوكرانيا في الناتو ستكون كارثية على الحلف

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:34
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 95%

تحليل خطاب بوتين وآفاق الجهاد ضد الأنغلوساكسون

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:38
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 96%

إضرابات جديدة تشل شبكة السكك الحديدية في بريطانيا.. والتضخم السبب!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:17:40
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 99%

صحيفة: طلب أوكرانيا الانضمام للناتو فاجأ واشنطن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:30
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 96%

12 مليار دولار.. مساعدات أميركية جديدة لكييف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:17:20
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 99%

قصة تهز مصر.. أم تقيّد طفلتها بالحبال والأمن يتحرك

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:17:07
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 90%

بلجيكا توقف إماما مغربيا ملاحقا من قبل فرنسا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:16:28
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 97%

البنك الدولي يمنح أوكرانيا 530 مليون دولار كمساعدات إضافية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-01 09:17:43
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 98%

تحميل تطبيق المنصة العربية