لا جوكوندا (اوپرا)
اوپرات أميلكاره پونكييلي |
---|
(1863) |
هذا الموضوع مبني على منطقة لابراهيم العريس بعنوان . |
تقدم مسرحية ڤكتور هوگو«أنجلو، طاغية پادوڤا» مثالاً حياً على الفكرة القائلة بأن الأعمال الصغيرة والثانوية فقط للمبدعين الكبار يمكنها حتى تترجم بسهولة، ليس فقط من لغة الى أخرى، بل كذلك وخصوصاً من نوع فني أوأدبي الى نوع آخر. ومثال هذه المسرحية لهوغويأتي ليضاف الى عشرات الأمثلة الأخرى عن أعمال تبدو، منذ ولادتها، قادرة على حتى تمضى في اتجاهات غير تلك التي رسمها أصحابها لها، بينما نجد حتى أعمالاً كبرى، من «دون كيشوت» الى «يوليسيس» جيمس جويس، و«سفر الى آخر الليل» لسيلين، عصية على الانتنطق الى أي نوع آخر، بما في ذلك فن السينما الذي عجز، على رغم جميع إمكاناته ومرونته عن تقديم معادل فيلمي لمثل هذه الأعمال. وڤكتور هوگوقد يحدث، بحسب جميع الاستطلاعات، أكبر محرر فرنسي، وربما أوروبي أيضاً، ولكن كثراً من النقاد والدارسين يؤكدون دائماً حتى مجرد إمكان نقل أعماله الرئيسة من الفرنسية الى غيرها من اللغات، بسهولة، وكذلك نقل هذه الأعمال الى فنون أخرى (السينما، الأوبرا... والتلفزة... الخ) لا يعتبر شهادة تقويمية لمصلحة هذه الأعمال. فمعظم ما خطه هوغومن «البؤساء» الى «عمال البحر» ومن «هرناني» الى عشرات الأعمال الأخرى، صار مع مرور الزمن عماد الكثير من الفنون السينمائية والأوبرالية. ومن هنا، فإن «أنجلو، طاغية بادوفا» ليست إذ حوّلت، مرات عدة، الى أوبرا، سوى حلقة في سلسلة لا تنتهي. ولنذكر هنا ان النقاد، ومنذ صدور هذا العمل لهوغو، على شكل مسرحية للمرة الأولى في العام 1835 ثم تقديمها على الخشبة في العام نفسه، من دون حتى تحقق، كدراما، نجاحاً يذكر، أشاروا الى حتى إنقاذ هذا النص لنقد يكون إلا بالإسراع في تحويله الى أوبرا. إلى غير ذلك كان، إذ ما انقضى عامان، حتى بدأ اقتباسها في المسرح الغنائي، أولاً على يد سفيريومركا دانتي (1837)، ثم سيزار كوي في پطرسبورگ، وصولاً الى گايتانوروسي، الذي اقتبسها في أوبراه «القسم». ومع هذا يظل الاقتباس الأوبرالي الأشهر لـ «أنجلو، طاغية بادوفا» ذاك الذي أنجزه الإيطالي آميلكاره بونكييلي، في العام 1876، عن نص خطه غناءً آريگوبواتو، وقد قدمت هذه الاوبرا للمرة الأولى في «سكالا دي ميلانو»... حاملة عنواناً بالكاد يوحي بعمل فكتور هوغو(«لا جوكوندا»)، بقدر ما يوحي بأن العمل «مقتبس» عن لوحة دافنشي المشهورة.
تدور أحداث الأوبرا في البندقية خلال القرن السابع عشر (بعدما كانت أحداث مسرحية هوغوالأصلية تدور في بادوفا أواسط القرن الذي سبقه). أما الشخصية المحورية فهي جوكوندا، التي تعمل مغنية في فرقة مسرحية متجولة. وهذه الفرقة تحط رحالها في البندقية لتقديم عروضها، لنعهد على الفور حتى المغنية الحسناء واقعة في هوى نبيل من جنوى يدعى أنزوغريمالدو، كان قد منع من دخول البندقية أصلاً. وفي البندقية يقع في غرام جوكوندا، المدعوبارنابي، وهوجاسوس يعمل لحساب «مجلس العشرة» الحاكم... وإذ يتبين لبارنابي حتى جوكوندا لا تبادله الهوى، لأنها مغرمة بذلك النبيل، يحاول حتى ينتقم من الحسناء ويزعم حتى أمها ساحرة تمارس الشعوذة. وفي زمن محاكم التفتيش العنيفة ذاك، كانت هذه التهمة واحدة من أخطر التهم. والأم عدا عن هذا الظلم الذي تجابه به من جانب الجاسوس، عمياء، ما يجعل حتى قدرتها على التنقل والإفلات صعبة. ومن هنا تقع فريسة جنود محاكم التفتيش الذين يقبضون عليها حين يذاع أمرها في المدينة وتبدأ الجماهير، السائرة كالعادة خلف غريزتها لا خلف أي منطق، بمطاردتها. وخلال المطاردة يحاول النبيل انزوإنقاذها، لكنه لا يفلح في ذلك، إذ يتكالب الجمهور وجنود التفتيش لينتهي بها الأمر معتقلة، من قبل القوات التي يقودها آلفيزي بوديرو، أحد أكثر أعضاء محاكم التفتيش نفوذاً في البندقية في ذلك الحين. غير حتى الذي يحدث هنا هوحتى لاورا، زوجة بوديرو، والتي سرعان ما سنعهد حتى لها علاقة سرية بإنزو، تتمكن من الحصول على عفوخاص عن السيدة العجوز، إذ تتدخل لدى آلفيزي وهي تحصل في لقاء تلك الخدمة على مسبحة تسرّ بها. في تلك الأثناءقد يكون بارنابي المطلع على جميع ما يحصل، قد انتقل الى مستوى آخر من مؤامراته، إذ لكي ينتقم من انزوويبعده، نهائياً، عن حبيبته جوكوندا، رتب هرب انزوولاورا معاً، ثم على الفور بعث برسالة غفلة من التوقيع تفضح العلاقة بين «الزانيين»، ومن طريق تلك الرسالة تفهم جوكوندا جميع شيء عن العلاقة بين انزوولاورا. إلى غير ذلك تسرع نحوالسفينة التي يفترض حتى يستخدمها انزوولاورا للهرب... وهي سفينة كان انزوهوالذي أعدها. وهناك فوق السفينة إذ تشرع جوكوندا في محاولة اغتال منافستها على قلب الحبيب، تجد المسبحة بين يدي لاورا، وتفهم بسرعة، لأن هذه المسبحة هي الهدية التي تلقتها لاورا في لقاء إنقاذها الأم العجوز، تفهم حتى لاورا هي التي أنقذت أمها من القتل على يد محاكم التفتيش. وتقرر حتى ليس من حقها مبادلة لاورا بجميلها على هذه الشاكلة. غير حتى هذا الغفران لن يظهر الآن كافياً لإنقاذ لاورا من مصير مشؤوم، إذ في تلك اللحظةقد يكون آلفيزي قد وصل الى السفينة مع جنوده، وها هوذا يوجه الى زوجته تهمة الخيانة والزنى ويحلّ عليها العقاب مباشرة: انه يدعوها لأن تسمم نفسها، بالشراب، خلال عيد سيجرى الاحتفال به، وهوعيد «الكادورو». غير ان جوكوندا، التي كانت تسللت الى القصر، حيث يقام العيد، تتدخل مرة أخرى لإنقاذ لاورا، إذ تبدل السم الذي يفترض بهذه الأخيرة وضعه في شرابها، بسائل مخدر لا يقتل لكنه يعطي الانطباع بأن شاربه قد مات. وتتناول لاورا الشراب فتغيب عن الوعي في شكل تبدومعه كالميتة تماماً. إلى غير ذلك حين ينتهي الاحتفال بالعيد، يهرع آلفيزي الى جمع الضيوف ويجعلهم يشاهدون زوجته مسجاة على السرير ميتة من دون حراك. وفي الوقت نفسهقد يكون قد وصل بين الضيوف انزومتنكراً لئلا يعهده أحد. إلى غير ذلك، إذ يشاهد، كالباقين، جسد لاورا الممدد على السرير، ويعتقد -كالباقين أيضاً -انها ميتة، يحس باليأس والضياع، ما يجعله، من دون حتى ينتبه، يكشف عن هويته الحقيقية، ما يؤدي الى القبض عليه. وهنا -وكالعادة في هذا النوع من الميلودرامات التي تنفع منفعة كبيرة للأعمال الأوبرالية ذات الخبطات المسرحية التي لا تهدأ - تتدخل جوكوندا، منقذة من جديد، ولكن لحبيبها هذه المرة، فتعرض نفسها على بارنابي الذي لاقد يكون هواه بها قد نقص قيد أنملة، ولا شرّه كذلك، في لقاء حتى يعفوعن انزوولاورا فيعمل ما يجعل هذين قادرين على المغادرة والسعادة تغمرهما. أما جوكوندا، فإنها تراقب جميع هذا وعقم التضحية التي قامت بها لحبيب لم يبالِ بأمرها، فتغرق في حزنها. ولكن، كما لوحتى الحزن وحده لا يكفيها يصل بارنابي في اللحظة نفسها مطالباً إياها بالوفاء بما وعدته به... لكنها بدلاً من الوفاء تحس انها وصلت الى أعلى درجات اليأس، فتتناول خنجراً تطعن نفسها به! أما بارنابي الذي يسوءَه هذا كله، فإنه يقف غاضباً، صارخاً، كعمل انتقام أخير من تلك التي بعدما فضلت الخائن عليه، ها هي الآن تفضل الموت طعناً على غرامه، بأنه أصلاً قد اغتال والدتها منذ قليل إذ أغرقها في مياه البحر. وعلى هذا تنتهي هذه الأوبرا ذات المآسي المتعددة.
على عكس ما كان من أمر الجمهور الذي لم ترقه المسرحية كثيراً حين قدمت قبل ذلك بسنوات، أعجبت الأوبرا المأخوذة عنها هذه، جمهور ميلانو. ولكن من الواضح حتى الإعجاب كان بالموسيقى المتنوعة والمتراوحة بين النزعة المأسوية، وموسيقى الدراما الناعمة والعواطف الملتهبة -كتمهيد لموسيقى تعبيرية ستسود في فيينا لاحقاً -، التي خطها الموسيقي بونكييلي إذ تعتبر «جوكوندا» من أشهر أعماله، هوالذي عاش بين 1834 و1886، وكان خلال العقدين الأخيرين من حياته أحد أشهر سادة فن الأوبرا المازج بين النزعة الإيط```الية والنزعة الألمانية، في ميلانو. ومن أشهر أعمال بونكييلي إلى الجوكوندا: «ماريوديلورم» و«الابن الضائع» و«لينا» ورودريگوملك گوتي.
المراجع
- الهامش
- المصادر
- on impressario.ch, 2005 (In English) Retrievedعشرة July 2011
- Harewood, Earl of and Antony Peattie (Eds.), The New Kobbe's Opera Book London: Ebury Press, 1997. ISBN 0-09-181410-3
- Holden, Amanda (Ed.), The New Penguin Opera Guide, New York: Penguin Putnam, 2001. ISBN 0-140-29312-4
- Sadie, Stanley (Ed.), The New Grove Book of Operas, London: Macmillan Publishers Ltd, 1996. ISBN 0-333-65107-3
وصلات خارجية
- on oldandsold.com Retrieved 28 November 2009