پيپي له موكو
| ||||||||||||||||||||||||||||
|
پيپي له موكو (بالفرنسية: Pépé le Moko، وتعني "پيپي، الرجل من طولون") هوفيلم فرنسي من 1937 من اخراج جوليان دوڤيڤييه وقام ببطولته جان گابان. ويصور رجل عصابات ذائع الصيت، پيپي له موكو('موكو' هي حدثة دارجة تعني رجل من طولون) يحاول الهرب من الشرطة بالاختفاء في القصبة في مدينة الجزائر. الفيلم مبني على رواية هنري لا بارت بنفس العنوان؛ وقد ساهم لا بارت في كتابة السيناريوتحت الاسم المستعار "التحري آشلبه". پيپي له موكو هومثال على حركة فرنسية في عقد 1930 تُعهد بإسم الواقعية الشاعرية، التي تجمع الواقعية الصريحة مع ومضات عرَضية من الحيل السينمائية غير المعتادة. وكثيراً ما يُعتبر الفيلم كسابق مبكر لصنف فيلم نوار.
وقد أعيد عمل الفيلم في أمريكا في 1938 بإسم الجزائر، وقامت ببطولته هدي لامار وتشارلز بوير، ومرة أخرى في 1948 بإسم القصبة، وكان فيلماً موسيقياً بطولة توني مارتن، مارتا تورين، إيڤون ده كارلو، وپيتر لور. وقد نطق المؤلف الإنگليزي گراهام گرين مستعرضاً الفيلم: "أحد أكثر الأفلام إثارة وتحريكاً للمشاعر بين جميع الأفلام في ذاكرتي... يرتقي بالإثارة إلى مستوى شاعري!" وحسب فيلم تسجيلي من بي بي سي، فقد ألهم هذا الفيلم گرين في كتابة روايته الشهيرة الرجل الثالث.
بيبي لي موكو
ما الذي يفتن المتفرجين وبالتالي السينمائيين أكثر في فيلم «بيبي لي موكو» للسينمائي الفرنسي جوليان دوڤيڤييه Julien Duvivier، مناخ القصبة الجزائرية التي تدور فيها أحداث الفيلم، أم شخصية گان گابان، الذي يلعب دور زعيم العصابة «بيبي»، أوفكرة الإخفاق التي تسيطر على الفيلم كله، وتكاد تكون ترجمة بصرية لتلك المزاجية العامة التي كانت تهيمن في ذلك الحين على الشبيبة الأوروبية كلها، مع استتباب الأمر للنازية واليقين بأن الحرب العالمية المدمرة لا ريب آتية؟
يقيناً حتى هذا كله هوالذي صنع، معاً، قيمة هذا الفيلم الذي ما أراد في البداية حتىقد يكون سوى فيلم عصابات بوليسي يسير على نمط ذلك النوع الذي كان استشرى في السينما الأميركية عهد ذاك، وأراد عدد من عتاة السينمائيين الفرنسيين محاكاته. و«بيبي لي موكو» بالتحديد، يحاكي في شكل واضح فيلم «سكارفيس» للأميركي هوارد هوكس. غير انه سرعان ما انفصل عنه في مناخاته ودلالاته، ما أعطاه ذلك السحر الذي نعهد. السحر الذي جعل حكاية الفيلم نفسه تستعاد مرات عدة، بحذافيرها، في أفلام أميركية ما زالت تنتج حتى يومنا هذا، على رغم انقضاء نحوثلاثة أرباع القرن على تحقيق «بيبي لي موكو»، كما جعلها - أي حكايته - تقلد في شكل ساخر في غير فيلم ايطالي.
ومع هذا كله لا بد من القول منذ الآن ان القصبة (أي المدينة العتيقة) في الجزائر، لم تصور كما هي، بل ان ما نراه في الفيلم هوديكور للقصبة بُني في الاستديو. وأن الحكاية نفسها تبدوشديدة البعد عن التصديق، ناهيك بأن كثراً رأوا في أداء جان غابان في الفيلم أداء تقليدياً رتيباً، بخاصة ان هذا الفنان نفسه سرعان ما أغرق في النوع ذاته من الأدوار في أكثر من نصف دزينة من أفلام مماثلة حققت لاحقاً، ومن أبرزها «... ويبزغ الفجر» و«رصيف الضباب» و«الحيوان البشري»، وهي كلها أفلام بجّلت ما عهد لاحقاً بـ «البطل المضاد». غير ان هذا كله لم ينقص من قيمة «بيبي لي موكو» أومن قيمة مخرجه جوليان دوفيفييه، قيد أنملة. وبالتحديد لأن هذا الفيلم كرّس، في فرنسا خصوصاً وفي العالم الأوروبي عموماً، عشية الحرب «ذهان الإخفاق» الذي سيستشري في الفنون الأوروبية، جاعلاً من جان غابان الناطق باسم جيل الألم، ومن القصبة الجزائرية حيّز الحلم والكابوس في آن معاً. فإذا أضفنا الى هذا ما خطه الناقد الفرنسي جاك سيكلييه من حتى «هذا الفيلم انما سجّل التثبيت الرسمي في السينما الفرنسية الطليعية، لرومانسية الكائنات الهامشية، ولأسطورية الإخفاق «نجد أنفسنا أمام عمل ينتمي الى نوع من الشاعرية الشعبية عالمها عالم الفتيان الفاسدين، وبنات الهوى والخمر والحنين الى البعيد. و«بيبي لي موكو» يحمل هذا كله في شكله كما في مضمونه.
ودلالات هذا الفيلم كلها تنطلق، من حكاية بسيطة تستند الى واحدة من مغامرات تحر شعبي كان له بعض مكانة لدى قراء الروايات البوليسية في فرنسا ذلك الحين: «التحري اشيلبي». وهنري گانسون، المحرر الفرنسي الذي عهد بحواراته المتميزة وباستيعابه الكبير للغة السينمائية، كان هوالذي اقتبس تلك المغامرة، محوّلاً اياها الى عمل يحمل الكثير من الأبعاد.
سيرة الفيلم
تدور أحداث الفيلم، إذاً، في القصبة الجزائرية في سنوات الثلاثين، أي في زمن كانت فيه فرنسا تعيش ذروة احتلالها الجزائر وعاصمتها، إذ ان الجزائر كانت في نظر الفرنسيين في ذلك الحين، تشكل امتداداً لفرنسا، ويكاد أهلها ألاقد يكونوا سوى كومبارس واكسسوارات تملأ الشوارع، من دون وجود حقيقي. والطريف ان المخرج، حين شاء حتى يجعل التحري في الفيلم رجلاً من سكان البلاد الأصليين (سليمان) أسند الدور الى ممثل فرنسي! المهم ان هذه القصبة تبدوفي الفيلم مرتعاً للعصابات وأهل السوء، لا تجرؤ السلطات على الدنومنها. ومن هنا حين تشاء هذه السلطات حتى تقبض على واحد من اخطر زعماء العصابات هناك وهوبيبي، تستنكف عن السعي اليه داخل المنطقة التي تضم متاهة من الأزقة والفخاخ، فيستحيل التوغل فيها، بل تقرر حتى تجتذبه الى خارجها. ويبدأ التحري سليمان، المولج انجاز هذه المهمة، في رسم خطته التي يتعين عليها حتى تعوّض عجز رجال الشرطة. والخطة تكون في نهاية الأمر بسيطة وتقوم، كما أشرنا، على جرّ بيبي الى الخارج. أما الوسيلة فهي المرأة. إذ يحدث حتى بيبي يقع ذات يوم في هوى سائحة تدعى غابي، ما يستثير غيرة عشيقته الأولى آنياس. إلى غير ذلك ترتسم ملامح الأحداث: إذا بيبي يجد نفسه ذات يوم تواقاً الى الخروج بعيداً من ذلك المكان. انه يحن الى باريس، وحياة الانطلاق، ويجد انه لم يعد لديه شيء كثير يعمله في القصبة. وها هوالحب يناديه الى البعيد. وهولكي يصل الى ذلك البعيد، ليس عليه سوى حتى ينزل من القصبة مباشرة الى الميناء الذي تطلّ القصبة عليه، والذي سيوصل صاحبنا الى بر الأمان. غير ان ما لم يكن بيبي يعهده، كان ان جميع ذلك مبني بإحكام من حول فخ نصب له... إلى غير ذلك، إذ يتوجه الى الميناء راغباً في الوصول الى السفينة، يطبق الفخ عليه، ولا يجد أمامه سوى حتى ينتحر وأين،يا ترى؟ عند سياج الميناء نفسه... أي على قيد خطوات من انعتاقه وانطلاقه نحوالبعيد.
والحقيقة ان التوازن الذي أقامه مخرج الفيلم، بين توتر الأحداث وتفاعل بيبي معها، كان هومحرك عمل السحر في هذا الفيلم... وهوما منح شخصية غابان طابعها التراجيدي المرتبط مباشرة بمفهوم المصير في الأعمال اليونانية القديمة: بيبي هنا هوأشبه بأوديب معاصر، يعهد تماماً حتى مواصلة تحركه نحوهدفه انما هوتوجّه مباشر نحومصيره، ذلك المصير الذي كان مرسوماً له سلفاً ولا ريب فيه. ومع هذا ها هويواصل حتى لحظة النهاية... لأنه لم يعد قادراً على التراجع. وفي هذا الإطار يظهر بيبي أباً شرعياً لكل تلك الشخصيات التي ستعود السينما، سواء أكانت طليعية فرنسية («على آخر رمق» لغودار) أم حديثة أميركية (بوني وكلايد» لآرثر بن) أوغيرها، الى تقديمها: الشخصيات التي لا تعمل سوى اللحاق بمصيرها وصولاً حتى اللحظة النهائية.
وفي الطريق الى ذلك المصير، يعهد المخرج كيف من الممكن أن يرسم الأحداث وعلاقات الشخصيات، تاركاً لذاكرة السينما بعض اللحظات التي لا يمكن حتى تنسى: مثل تلك اللحظة التي يصار فيها الى «تطبيق حكم الإعدام من جانب العصابة في الواشي»، فيقع هذا فوق بيانوميكانيكي وتعزف الموسيقى مشكّلة خلفية مدهشة للحظة الإعدام. أوالمشهد الآخر حينما يتوجه بيبي الى البحر وهوينطلق كمن يقول لحاله: الموت أوالحرية...
المخرج
حينما حقق جوليان دوفيفييه هذا الفيلم، كان في أوج شهرته وقوته كسينمائي مستقل ذي لغة مميزة. ودوفيفييه الذي سيحقق أول أفلامه عام 1919 وآخرها عام 1967، أي قبل أسابيع من موته في حادث سيارة، كان ولد عام 1896 في مدينة ليل في الشمال الفرنسي ودرس فيها ثم في باريس. وهوبدأ حياته السينمائية عاملاً ثم مساعداً لعدد من المخرجين قبل حتى يتحول الى الإخراج، ليحقق طوال ما يصل الى نصف قرن بعض أشهر الأفلام الفرنسية في زمنه مثل «بوال دي كاروت» و«ماريا شابدالينا» و«الفريق الرائع» و«العربة - الشبح» كما حقق أفلاماً في الولايات المتحدة وبريطانيا. وكان «محسوبكم بكل شيطنة» آخر أفلامه.
المصادر
- دار الحياة
-
^ Greene, Graham (23). The Spectator. Unknown parameter
|month=
ignored (help); Check date values in:|date=, |year= / |date= mismatch
(help); Missing or empty|title=
(help)
وصلات خارجية
- at the Internet Movie Database
- at Allmovie
- Criterion Collection essay by Michael Atkinson
- Pépé le Moko at Metacritic
نطقب:Julien Duvivier
نطقب:1930s-France-film-stub