الأيام السعيدة (مسرحية)

عودة للموسوعة

الأيام السعيدة (مسرحية)

هذا الموضوع مبني على
منطقة لابراهيم العريس
بعنوان .


«لا... أنا لست آسفاً على شيء. جميع ما آسف عليه هوأنني ولدت يوماً... أواه كم حتى الموت لا يزال بعيداً!» هذه العبارة القاسية والحادة في نظرتها إلى الوجود نفسه نجدها في واحدة من صفحات نصّ للمحرر الإيرلندي صمويل بكت عنوانه «رؤوس - ميتة». هذا النصّ ليس الأشهر بين أعمال هذا المبدع الذي أطلق، بداية الخمسينات ما سمي بـ «مسرح اللامعقول» أو«مسرح العبث» وعاش حياته في باريس صامتاً هادئاً يتأمل العالم والشرط الإنساني غير قادر على القبول بهما، وغير قادر على رفضهما في الوقت نفسه. في أعماله الشهيرة مثل «في انتظار غودو» والأقل شهرة مثل «رؤوس - ميتة» عبّر بيكيت دائماً عن «بؤس الوضع الإنساني» كصورة من صور الموت واللاجدوى اللذين تكشفت عنهما سنوات الحرب العالمية الثانية، التي كانت سنوات اختمار فكر بيكيت وتكوّن سوداويته وسخريته الملتبسة... غير حتى ما لا بد من الإشارة إليه في هذا المجال هوحتى أعمال بيكيت، تكشف - أيضاً - في ثناياها وفي أبعادها الخفية، حتى الوضع الذي يعيشه إنسان القرن العشرين - وربما جميع إنسان آخر - لا ينتمي إلى ما يعاش انطلاقاً من حال وضعية معينة، بل إلى شرط عام يرتبط - أصلاً - بالوجود الملتبس للإنسان في هذا الكون. ومن هنا قد نجد حتى ما تعبّر عنه كتابات بيكيت في شكل عام إنما هوموقف ضد الوجود نفسه. وأكثر من هذا: ضد موقف الإنسان السلبي المتقاعس من هذا الوجود.

ولئن كان من بين أعمال بيكيت عمل يفصح أكثر من أي عمل آخر، عن هذا البعد «الخفي» في كتابات هذا المبدع - الذي حاز جائزة نوبل للآداب في عام 1969، ومع هذا حافظ إزاء ذلك على صمته وعزلته الأسطوريين رافضاً حتى التوجّه إلى استوكهولم لنيل الجائزة - فإن هذا العمل هومسرحية له خطها أوائل سنوات الستين من القرن العشرين، وقدمت للمرة الأولى في لندن، بالإنگليزية، على عكس معظم أعماله المسرحية الأخرى التي كان يخطها بالفرنسية وتقدم للمرة الأولى في باريس. وهذه المسرحية هي: «آه... للأيام السعيدة» التي تعتبر ثاني أشهر مسرحية له، من بعد «في انتظار غودو».

«إن الحدثات تتخلى عنك... هناك لحظات تجد فيها حتى الحدثات تتخلى عنك». هذه العبارة هي واحدة من العبارات/المفتاح، التي تتلفظ بها ويني، إحدى شخصيتي هذه المسرحية. بل الشخصية الوحيدة التي لا تتوقف عن الكلام في هذه المسرحية. وواضح هنا حتى لحسرة ويني على «الحدثات» التي تتخلى عنا، ما يبررها تماماً. ذلك حتى الحدثات هي العلاقة الوحيدة التي تقيمها ويني مع العالم ومع الكون كله، حتى وإن كان جلّ الكلام موجهاً إلى ويلي، زوجها الذي شاركها تلك اللحظات التي تصفها لنا المسرحية، والذكريات التي لا تفتأ ويني تتحدث عنها.

ويني وويلي، هما الشخصيتان الوحيدتان في مسرحية «آه... للأيام السعيدة». وهما شخصيتان لا تتحركان تقريباً، إنهما ثابتتان تعيشان معاً ما يفترض أنها لحظات النهاية. غير حتى المسرحية ستنتهي من دون حتى نعهد ما إذا كنا حقاً شاهدنا اللحظات الأخيرة من حياة هذين الزوجين العجوزين... ذلك حتى صمويل بكت تعمّد حتى يوقف المسرحية وينزل الستار في لحظة معينة يتحرك فيها ويلي لعمل شيء ما... في تحرك هوالوحيد في المسرحية.

> في «آه... للأيام السعيدة» تفتح الستارة في الفصل الأول على المشهد نفسه الذي سيظل أمام اعيننا حتى نهاية الفصل الثاني الأخير في المسرحية: ويني مدفونة حتى أواسط صدرها في الأرض، وسط مكان تغمره الشمس. وثمة منذ البداية جرس منبّه يدق لينبه ويني إلى حتى زمن واجباتها اليومية قد حل. وهذه الواجبات - أوالنشاطات - تبدأ بالصلاة ثم بتلك الطقوس التي سندرك حتى ويني قد جعلتها روتين حياتها اليومية وهي في ذلك الوضع. الروتين الذي تسعى من خلاله إلى تزجية الوقت الذي يظهر لديها من دون نهاية: تبدأ بعد الصلاة بإجراء جردة لممتلكاتها، خصوصاً تلك الحقيبة الموضوعة جانباً والتي لن نعهد أبداً ماذا في داخلها. ثم تتبرج بعض الشيء، وتبدأ إثر ذلك باستعادة ذكرياتها في حديث لا ينتهي. تتحدث وهي توجّه الحديث إلى زوجها ويلي الذي يكاد لا يجد جواباً طوال الوقت، هوالمدفون حتى نصفه بدوره في حفرة تنظر إليها ويني بين الحين والآخر. وخلال أحاديث ويني المتواصلة سنلاحظ أنها في وصفها ذاك إنما تستنتج دائماً، في استعادة ذكرياتها، إذا الحياة سعيدة بعد جميع شيء وجديرة بأن نعيشها ونتذكرها... وهذا ما يدفعها إلى الضحك بشدة عند نهاية ذلك الفصل الأول، دافعة ويلي إلى حتى يشاركها الضحك على مصير نملة مرت بينهما. وإذ ينتهي الفصل الأول نجدنا عند بداية الفصل الثاني أمام ويني وقد غرقت في حفرتها أكثر: إنها الآن مطمورة حتى عنقها، ما بات يحول بينها واستعادة الروتين اليومي الذي كانت قد بدأت تمارسه في الفصل الأول. ومع هذا، ها هي تواصل الحديث عن الذكريات... غير حتى ما يظهر واضحاً هنا هوحتى ذاكرة ويني بدأت تنضب وها هي تخلط الأمور في بعضها بعضاً. غير حتى خيالها في اللقاء لا ينضب، إذ ها هي تخترع الحكايات وتوجه الحديث في تواصل مدهش صوب ويلي الذي اختفى هذه المرة. إنه لم يعد هناك... ولكن لأن ويني باتت عاجزة عن الالتفات نحوه... ها هي تواصل التحدث إليه غير مدركة أنه قد اختفى. أما ويلي، فإنه بعد فترة اختفائه تلك، يعود نحوآخر المسرحية إلى الظهور، مرتدياً هذه المرة ثياب الخروج الصباحي متوجهاً نحوويني... وهذه ما حتى تدرك وجوده حتى يغمرها سرور كبير وتبدأ بإنشاد مقاطع من أوبريت «الأرملة الطروب» في إيقاعات فالس شديدة السعادة... وفيما يقترب ويلي منها أكثر وأكثر... يبدأ الستار بالهبوط من دون حتى نعهد - أوتعهد ويني - ما إذا كان يقترب لكي يقبلها، أولكي يتناول المسدس المرمي إلى جانبها ليرديها به، أويردي نفسه به.

Zeno’s heap
If a man were to take a bag of millet and tip half of the load and make a heap, and repeat this procedure day after day, then one day it would be completed if one assumes an infinite amount of time to complete the task (in pure math, the idea of the infinite will allow this). However, because man is limited, he will never be able to finish the task. In fact, the nearer the man gets to emptying the bag, the slower the progress is. The heap becomes "the impossible heap." Without its completion, there is no release.

[[ > عندما خط]] صمويل بكت (1906 - 1990) هذه المسرحية، كان الجزء الأكبر من سنوات نشاطه في مجال كتابة المسرحية والرواية والنصوص القصيرة الأخرى، أضحت وراءه. وإذا كان هوعهد دائماً، منذ تحوّله عن إيرلندا مسقط رأسه وعن لندن التي شهدت بداياته، للعيش في باريس، بأنه آثر حتى يخط نصوصه الروائية بالإنكليزية، ومسرحياته بالفرنسية، فإن «آه... الأيام السعيدة» خطها أصلاً بالإنگليزية، كما أشرنا، ثم تولى ترجمتها بنفسه إلى الفرنسية حيث قدمت في باريس ولا سيما لاحقاً من قبل «الكوميدي فرانسيز» وكان هذا فتحاً في مجال تعامل هذه المؤسسة الفرنسية العريقة مع النصوص الحديثة. و«آه... الأيام السعيدة» تحمل الرقم 29 بين إنتاج صمويل بكت المسرحي الذي لم يتجاوز عدده 15 مسرحية خلال نشاط دام نحواً من ربع قرن بدأ عام 1946 بمسرحية «أولوتريا» ليختتم في عام 1970 بمسرحية «نفس». ولقد خاض صمويل بكت أنواعاً أدبية وفنية عدة، بل إنه جرّب حظه في السينما، حيث حقق فيلماً عنوانه «فيلم» من بطولة باستر كيتون خلال ستينات القرن الماضي.

المصادر

  • دار الحياة


وصلات خارجية

  • Happy Days, SparkNotes
  • Beckett's Plays Still Speak to Edward Albee, NPR November 23, 2004. Page contains a link to an excerpt from the BBC radio production with Geraldine McEwan as Winnie
  • Happy Days Programme Notes, Channel 4
  • الأيام السعيدة (مسرحية) at the Internet Broadway Database
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:24:27
التصنيفات: 1961 plays, Plays by Samuel Beckett, Theatre of the Absurd

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بالصور.. «الشؤون الإسلامية» تحتفي بذكرى التأسيس بمسابقة أجمل رسم

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:26
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

فنانة مغربية تؤكد تعرضها لعملية سحر وشعوذة وهكذا اكتشفت الأمر

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:23
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 85%

محاولات الاتحاد لنقل الديربي تفشل السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:22:13
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

بالفيديو.. الكشف عن شركة لبيع الزيوت صححت وضعها من التستر

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:28
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 52%

شركة ترامواي الدار البيضاء تعلن حملة توظيف سائقين Conducteurs Tramway ذكور وإناث

المصدر: الوظيفة كلوب - المغرب التصنيف: وظائف وأعمال
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:22:30
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 76%

حجز 09غرام من الكوكايين وكمية من المهلوسات بالمسيلة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:40
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

دياز يثني على لاعبيه السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:22:12
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

أتربة وغبار على 9 مناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:22:13
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

التحول الرقمي في الجزائر: رهانات، آفاق وتأثيره على الصحافة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:37
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 63%

«اليوم» ترصد: إقبال كثيف على مركز «تأكد» لفحص كورونا بالدمام

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:29
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

"جمال بن صديق" يُزيح "بدر هاري" من عرش "الغلوري" والأخير يرد بهذه الطريقة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:25
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 83%

موجز العاشرة 23 فبراير 2022

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:30
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

الإسترليني ينخفض مقابل الدولار

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:31
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 55%

تبوك.. القبض على 5 أشخاص إثر مشاجرة جماعية بينهم

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:27
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

سيارتان تابعتان للقصر الملكي تنقلان أسرة الطفل ريان نحو العاصمة الرباط

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-23 21:23:24
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 79%

تحميل تطبيق المنصة العربية