صحراء التتار
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
صحراء التتار The Desert of the Tartars (بالايطالية: Il deserto dei Tartari) فيلم ايطالي حائز على جائزة الفيلم الايطالي عام 1967 . خلال الأعوام الأخيرة من اربعينات القرن العشرين كان المحرر الإيطالي دينوبوتزاتي يعمل صحافياً في قسم تحرير الأخبار الليلية في صحيفة «كورييري ديلاسيرا» التي كانت، ولا تزال، واحدة من كبريات الصحف الإيطالية والأوروبية. طوال سنوات وسنوات كان عمل بوتزاتي يقتصر على تلقّي الأخبار السياسية التي ترد ليلاً وضبطها وتحريرها كي يأتي صحافيوالصباح ويستخدموها في منطقاتهم. كان عملاً مملاً رتيباً غير موفق، لكن بوتزاتي لم يكن يملك أي عمل آخر بديل. لذلك امضى فترة طويلة من حياته، وهوفي انتظار خبر مفاجئ يأتيه ليلاً وينعشه. وكان أمله في ذلك ضئيلاً بالطبع، طالما ان الأخبار المهمة لا تأتي إلا خلال النهار والأحداث المهمة لا تحدث خلال الليل، وعن هذا كله سيقول بوتزاتي لاحقاً: «لقد ظل يخامرني على الدوام الانطباع بأن السنوات تمضي من دون ان يحدث شيء... ومن دون ان أعمل شيئاً».
غير ان هذا كله لم يكن، في نهاية الأمر، من دون فائدة... إذ، من رحم تلك الحال، ومن رحم الملل والخوف والإحباط والفراغ الذي عايشه بوتزاتي خلال تلك الفترة ولدت رواية «صحراء التتار» التي نشرت للمرة الأولى في عام 1940، وينظر إليها عدد كبير من النقاد، ولا سيما الأوروبيون منهم، بأنها هي، - لا «البحث عن الزمن الضائع» ولا «أوليس» ولا «سفر الى آخر الليل» -، اعظم روايات القرن العشرين. ذلك انه اذا كان للروايات الأخرى ان تزعم الحديث عن الزمن، وكل الأزمان، وعن الإنسان في جميع مكان، فإن «صحراء التتار» ما كان يمكنها ان تكون إلا ابنة القرن العشرين، وما كان يمكنها ان تخط لولا مرور فرانز كافكا شهاباً في سماء الحداثة الأدبية. ومن هنا ما نعهده ان «صحراء التتار» ترجمت منذ صدورها الى عشرات اللغات وقرئت بسرعة في طول العالم وعرضه. قبل ان تحوّل في الثمانينات فيلماً اشتهر في حينه وإن كان عجز عن ان يفي الرواية حقها. إذ كيف من الممكن أن يمكن فن السينما البصري ان يترجم ما لا يحدث، وتحديداً الانتظار والخوف الكامنين داخل شخصيات هذه الرواية ولا سيما داخل شخصيتها الرئيسة: الملازم جيوفاني دروغو؟
اجل... «صحراء التتار» رواية فكرية جوانية، تدور «أحداثها» كلها داخل النفس لا خارجها... ولكن ليس على طريقة جيمس جويس اومارسيل بروست. بل على طريقة الإنسان، جميع انسان، في قرن حكم فيه على هذا الإنسان ان يعيش خوفاً دائماً من مجهول ينتظره ولا يأتي أبداً. طبعاً هنا، أمام هذا البعد قد يخيّل الى القارئ انه الآن داخل عوالم صمويل بكت و«في انتظار غودو» التي اسّست بعد اكثر من عقد من ظهور «صحراء التتار» مسرح العبث - اومسرح اللامعقول -... مسرح الرعب الجوّاني لإنسان القرن العشرين. والحقيقة ان هذا الانطباع سليم وغير سليم في الوقت نفسه. سليم لأن هنا انتظاراً يقف حقاً بين الرعب الكافكاوي والخواء البيكيتي (نسبة الى كافكا وبيكيت على التوالي)، لكنه غير سليم لأن الحال لدى هذين المؤلفين حال فردية خاصة - حتى وإن كانت رمزية - اما لدى بوتزاتي فالحال جماعية.
المكان الذي تدور فيه «احداث» رواية بوتزاني هذه، هوحصن عسكري يدعى «حصن باستياتي»، وإلى هذا الحصن يصل، اول الرواية، الملازم الشاب دروغوالذي كان تخرّج حديثاً من الأكاديمية العسكرية، وها هوالآن قد عيّن في الحصن الذي يتجه إليه وقد تملكته جملة من المشاعر. فهوفي انتنطقه هذا، من حياته العادية الى مصيره العسكري، استوعب انه لم يخلّف وراءه أمه وحبيبته وطفولته فقط، بل كذلك تلك السعادة التي كان يعيش في أحضانها من دون ان يدرك للحظة انها سعادة حقيقية. أما الآن وقد انتقل الى الحصن، فها هوالشعور يتملكه بأنه فقد السعادة - أي جميع شيء - الى الأبد. غير ان هذا ليس الموضوع الرئيس للرواية. فالموضوع في مكان آخر: يبدأ هذه المرة مع وصول دروغوالى الحصن. فهومنذ وصوله يعيش قناعة تامة بأن العدوآت لا محالة... وهوآت من الصحراء ولكن من هوهذا العدو،يا ترى؟ ومتى يأتي،يا ترى؟ ومن اية ناحية من نواحي الصحراء يأتي،يا ترى؟ اسئلة لا جواب عليها. ذلك ان العدولا يأتي ابداً، مع ان جيوفاني دروغوكرّس حياته كلها لانتظار ذاك الذي لن يأتي ابداً. والسبب سهل وهوان هذه الصحراء التتارية تقع عند حدود ضائعة غامضة، من المؤكد ان أي عدولن يفكر ابداً في احتلالها اواجتيازها. الحصن يحمي منذ قرون ما يسمى في الرواية «بلاد الشمال»... وفي مكان قد لا يحتاج أي عدوالى عبوره. ومن هنا، صار هذا الحيّز من الأرض حيّزاً مغلقاً تماماً على ذاته، صار من المحال على احد ان يفكر بغزوه. لكن جيوفاني دروغوله رأي آخر تماماً. انه واثق بأن ثمة عدواً سيصل الى هنا يوماً. ويصبح الأمر هوساً بالنسبة إليه. يعيش في الانتظار. ويبدودائماً مستعداً للمجابهة... ومع ان هذا الرهان يظهر منذ البداية من دون معنى، فإن صاحبنا لا يأبه لذلك: وها هي السنون تمضي، والعدولا يأتي، والحياة تصبح اهتراء واضحاً. مشكلته انه اهتراء يتجدد جميع يوم.
وكان من الطبيعي لهذا كله وتحت وطأة ايمان الملازم بحتمية وصول العدو، وضرورة الاستعداد الدائم للتصدي له، كان من الطبيعي له ان يفرض نفسه على جميع الجنود داخل الحصن، وهم دائماً ينقسمون قسمين: اولئك الذين يتأقلمون مع الوضع تماماً في امتثال مذهل، ما يخلق نوعاً من الإخاء والتضامن بينهم. وذلك قبل ان ندرك ان ما يؤمّن هذا الأمر إنما هووجود تلك الصحراء، ذلك الخواء اللامتناهي، الذي يظهر من ناحية مثل فخ أُحكم عليهم، ومن ناحية ثانية، مثل إبهار يعتصر اعينهم وحياتهم. وأولئك الذين يتمردون على ذلك الإيمان ويشعرون بقلق دائم. وكل هذا الوضع يتفجر مثلاً، ذات يوم، حين يظهر بالعمل، من عمق الصحراء، حصان يخبّ، فيخيل الى الجنود ان ظهوره ما سوى علامة على وصول العدو. وستبدوالسعادة هنا طاغية مفرغة للخوف. ولكن سرعان ما تحل الخيبة حين يتبين ان ثمة حقاً مقاتلين مسلحين آتين. لكنهم ليسوا سوى فرقة عسكرية من جيشهم أُرسلت لتقيم خط دفاع حدودياً آخر. وفي النهاية، حينما تمضي السنوات ويصبح الانتظار حالاً عضوية والخوف مما لن يأتي ابداً، جزءاً من الحياة اليومية، كان لا بد لهذا كله من ان ينتهي به الأمر الى تدمير الكثر، وفي مقدمهم الملازم دروغو، من الداخل. ويقع هذا، في النهاية مريضاً، عجوزاً، منهكاً. لكنه يرفض مبارحة الحصن والخروج منه الى المدينة حيث يمكن ان يداوى. فهو، حتى اللحظات الأخيرة لا يزال يخشى لحظة المجد المنتظرة التي ستجعل منه بطلاً: أي لحظة وصول العدوومقاتلته والفوز عليه، اوحتى الانكفاء أمامه. وأخيراً: حين يصل جنود مملكة الشمال متدفقين على الحصن غازين له...قد يكون دروغومنهكاً الى درجة ان احداً لا يقاتله، بل ينقل الى غرفة في هبط في المدينة حيث يشعر ان دوامة الزمن قد توقفت نهائياً.
والحال ان هذه العلاقة مع الزمن كانت دائماً الشغل الشاغل لدينوبوتزاتي (1906 - 1972) في أدبه الذي بدأ يخطه خلال فراغه من عمله الصحافي. غالباً على شكل قصص قصيرة جمعت في مجموعات حملت عناوين صارت شهيرة مثل:
- الخاء
- الليالي الصعبة
- حلم السلم
وهذا الأدب هوالذي جعل من بوتزاتي واحداً من كبار الأدباء الإيطاليين في القرن العشرين.
فريق العمل
- Vittorio Gassman ... Filimore
- Giuliano Gemma ... Mattis
- Helmut Griem ... Lieutenant Simeon
- Jacques Perrin ... Drogo
- Fernando Rey ... Nathanson
- Francisco Rabal ... Tronk
- Max von Sydow ... Hortiz
جوائز
فوز
-
David di Donatello Awards 1977:
- David Award - Best Director: Valerio Zurlini
- Dacid Award - Best Film
- Special David Award - Best Actor: Giuliano Gemma
-
Italian National Syndicate of Film Journalists 1977:
- Silver Ribbon Award - Best Director: Valerio Zurlini
ترشيحات
-
Italian National Syndicate of Film Journalists 1977:
- Silver Ribbon Award - Best Supporting Actor: Giuliano Gemma
المصادر
- دار الحياة
وصلات خارجية
- في قاعدة بيانات الأفلام الإنترنتية
- Notes on Cinematograph
- Federica Capoferri (1998). I Tartari alle spalle. Dal romanzo di Dino Buzzati al film di Valerio Zurlini. Italica 75 (2), 226-241.
هذا 1970s drama film-related article هوبذرة. بإمكانك مساعدة الفهم بأن تنمـِّـيـه. |