توحيد الإلوهية

عودة للموسوعة

توحيد الإلوهية

نطقب:التوحيد في الإسلام توحيد الألوهية تكثر في العصر الحاضر البحوث والمؤلفات والمحاضرات في إثبات وجود الله وتقرير ربوبيته من غير الاستدلال بذلك على لازم ذلك ومقتضاه وهوتوحيد الإلهية، وقد ترتب على ذلك: الجهل بتوحيد الإلهية والتهاون بأمره، فحبذا لوألقيتم الضوء على أهمية توحيد الإلهية من حيث إنه أساس النجاة ومدارها ومفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام والأصل الذي يبنى عليه غيره.


لا ريب حتى الله سبحانه أوفد الرسل وأنزل الخط لبيان حقه على عباده ودعوتهم إلى إخلاص العبادة له سبحانه دون جميع ما سواه، وتخصيصه بجميع عباداتهم؛ لأن أكثر أهل الأرض قد عهدوا حتى الله ربهم وخالقهم ورازقهم، وإنما سقطوا في الشرك به سبحانه بصرف عباداتهم أوبعضها لغيره.. جهلا بذلك وتقليدا لآبائهم وأسلافهم، كما جرى لقوم نوح ومن بعدهم من الأمم، وكما جرى لأوائل هذه الأمة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نادىهم إلى توحيد الله استنكروا ذلك واستكبروا عن قبوله، ونطقوا كما ذكر الله ذلك عنهم: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[1] هكذا في سورة ص، ونطق عنهم سبحانه في سورة الصافات: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوآلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ[2]، ونطق عنهم سبحانه في سورة الزخرف: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[3] والآيات في هذا المعنى كثيرة.

فالواجب على فهماء المسلمين وعلى نادىة الهدى حتى يوضحوا للناس حقيقة توحيد الألوهية... والفرق بينه وبين توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن كثيرا من المسلمين يجهل ذلك فضلا عن غيرهم، وقد كان كفار قريش وغيرهم من العرب وغالب الأمم يعهدون حتى الله خالقهم ورازقهم، ولهذا احتج عليهم سبحانه بذلك؛ لأنه جل وعلا هوالمستحق لأن يعبدوه، لكونه خالقهم ورازقهم والقادر عليهم.. من جميع الوجوه، كما نطق سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[4]، ونطق عز وجل: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[5]، ونطق عز وجل آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم حتى يسألهم عمن يرزقهم: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ نطق الله سبحانه: فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ[6]، والآيات في هذا المعنى كثيرة يحتج عليهم سبحانه بما أقروا به من كونه ربهم، وخالقهم ورازقهم، وخالق السماء والأرض ومدبر الأمر، على ما أنكروه من توحيد العبادة، وبطلان عبادة الأصنام والأوثان وغيرها من جميع ما يعبدون من دون الله.

إلى غير ذلك أمر سبحانه عباده بأن يؤمنوا بأسمائه وصفاته، وأن ينزهوه عن مماثلة الخلق، فنطق سبحانه: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[7] ونطق في سورة الحشر: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[8] إلى آخر السورة، ونطق عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[9]، ونطق عز وجل: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[10]، ونطق سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[11]، والآيات في هذا المعنى كثيرة. وقد أوضح أهل الفهم رحمهم الله حتى توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية - وهو: إفراد الله بالعبادة - ويوجب ذلك ويقتضيه، ولهذا احتج الله عليهم بذلك.

إلى غير ذلك توحيد الأسماء والصفات يستلزم تخصيص الله بالعبادة وإفراده بها؛ لأنه سبحانه هوالكامل في ذاته وفي أسمائه وصفاته، وهوالمنعم على عباده، فهوالمستحق لأن يعبدوه ويطيعوا أوامره وينتهوا عن نواهيه.

وأما توحيد العبادة، فهويتضمن النوعين، ويشتمل عليها لمن حقق ذلك واستقام عليه فهما وعملا.. وقد بسط أهل الفهم بيان هذا المعنى في خط العقيدة والتفسير كـ[تفسير: ابن جرير، وابن كثير، والبغوي]، وغيرهم، و[كتاب السنة] لعبد الله بن الإمام أحمد، و[كتاب التوحيد] لابن خزيمة، ورد العلامة عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي وغيرهم من فهماء السلف - رحمهم الله - في خطهم وممن أجاد في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم - رحمة الله عليهما - في خطهما.

إلى غير ذلك أئمة الدعوة الإسلامية في القرن الثاني عشر وما بعده كالشيخ الإمام: محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وأبنائه وتلاميذه... وأتباعهم من أهل السنة. ومن أحسن ما ألف في ذلك: [فتح المجيد] وأصله [تيسير العزيز الحميد] الأول للشيخ: عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - والثاني للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ - رحمه الله -. ومن أحسن ما جمع في ذلك الأجزاء الأولى من الدرر السنية التي جمعها الشيخ العلامة عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله - فإنه جمع فيها فتاوى أئمة الدعوة من آل الشيخ وغيرهم من فهماء القرن الثاني عشر وما بعده في العقيدة والأحكام، فأنصح بقراءتها ومراجعتها وغيرها من خط فهماء السنة لما في ذلك من الفائدة العظيمة.

ومن ذلك مجموعة الرسائل الأولى لأئمة الدعوة من آل الشيخ وغيرهم - رحمهم الله - وردود المشايخ: الشيخ/ عبد الرحمن بن حسن والشيخ: عبد اللطيف بن عبد الرحمن، والشيخ عبد الله أبا بطين، والشيخ: سليمان بن سحمان، وغيرهم من أئمة الهدى وأنصار التوحيد لما فيها من الفائدة وإزالة الشبه الكثيرة، والرد على أهلها رحمهم الله جميعا رحمة واسعة، وأسكنهم فسيح جناته وجعلنا من أتباعهم بإحسان.

ومن ذلك أعداد مجلة البحوث الإسلامية التي تصدرها الرئاسة العامة لإدارات البحوث الفهمية والإفتاء والدعوة والإرشاد لما فيها من الموضوعات العظيمة والفوائد الكثيرة في العقيدة والأحكام. ومن ذلك المجلدات الأولى من الفتاوى والموضوعات الصادرة مني فيما يتعلق بالعقيدة وهي مطبوعة بحمد الله وموجودة بيد طلبة الفهم. نفع الله بها، وغير ذلك مما هوبحمد الله مبسوط في خط أهل السنة والجماعة، والله الموفق.


[1] سورة ص الآية 5. [2] سورة الصافات الآيتان 35 – 36. [3] سورة الزخرف الآية 23. [4] سورة الزخرف الآية 87. [5] سورة لقمان الآية 25. [6] سورة يونس الآية 31. [7] سورة الأعراف الآية 180. [8] سورة الحشر الآية 22. [9] سورة الإخلاص كاملة. [10] سورة البقرة الآية 22. [11] سورة الشورى الآية 11.


تاريخ النشر: 2020-06-04 15:53:34
التصنيفات: الله, دين, إسلام, عقيدة, قرآن

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تسيير أولى طلائع الجسر البحري الإغاثي السعودي لأهالي غزة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:30:18
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

محرك البحث “غوغل” يحتفي بالذكرى الـ68 لعيد استقلال المملكة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:28:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

مس عيون أدركتني فيه العناية والرعاية!!

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:28:16
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

فضيحة في فرنسا.. عضو في مجلس الشيوخ يخدر زميلته من أجل اغتصابها

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:30:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 51%

ترشح سودانية للقب ملكة جمال العالم يشغل مواقع التواصل الاجتماعي

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:28:06
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

الداخلة.. توقيف أحد العناصر الحاملة للفكر المتشدد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:28:45
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية لاتفيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:29:21
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

تقنية ثلاثية الأبعاد تُنهي الصلع السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:30:16
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

رفع مستوى الإنذار إلى اللون الأحمر في 6 محافظات بمنطقة مكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:30:20
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 60%

محرك البحث "غوغل" يحتفي بالذكرى الـ68 لعيد استقلال المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:29:39
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

مسؤول أممي يكشف: إسرائيل لن تسمح بعودة نازحي غزة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:29:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

محرك البحث "غوغل" يحتفي بالذكرى الـ68 لعيد استقلال المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:29:50
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

1 من كل 5 مراهقين استخدم Chat Gpt في حل الواجبات المدرسية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:30:15
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 64%

شبح بن لادن يعود ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:29:58
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

فضيحة في فرنسا.. عضو في مجلس الشيوخ يخدر زميلته من أجل اغتصابها

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-18 15:30:14
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية