حرق القرآن

عودة للموسوعة

حرق القرآن

حرق المصحف، هي حرق نسخ مطبوعة من القرآن، حدثت أول مرة عام 1530 وهي نفس السنة التي ترجم فيها أول نسخة قرآن من العربية إلى اللغة اللاتينية، وتكررت عدة مرات أثناء الحروب الصليبية. آخر من أقدم على حرق القرآن في العصر الحديث القس تيري جونز، ولكنه لم يعمل بعد تعرضه للنقض والهجوم من مختلف الهيئات الدينية والحكومية.

التاريخ

وحدث أول مرة عام 1530 ولم يكن القرآن قد ترجم إلى اللاتينية أوإلى أى من اللغات الأوروبية، عندما ظهرت في البندقية أول ترجمة لاتينية له. في العام نفسه أصدر البابا كليمنت السابع مرسوما بإحراق هذه الطبعة. وصدرت بعد ذلك مباشرة قرارات من محاكم التفتيش الإسبانية تحظر إصدار أى ترجمات لاتينية للقرآن. وبقيت هذه القرارات نافذة المفعول حتى عام 1790. لكن طابعا هويوهانز اوبورينوس في مدينة بال بسويسرا بدأ في عام 1541 طباعة ترجمة لاتينية كان قد انجزها روبرت كيتون في القرن الثانى عشر، ولكن سلطات المدينة صادرت هذه الطبعة بأكملها. هذا بالإضافة إلى مرات أخرى مورست فيها هذه الجريمة من قبل بعض المسيحيين أثناء الحرب الصليبية.

وأعرب زعيم الحركة الإصلاحية للكنيسة الكاثوليكية مارتن لوثر معارضته مصادرتها ونطق ان نشر ترجمة القرآن إلى اللاتينية وفهم محتواه «تفيد المسيحية وتمجد المسيح وتلحق الضرر بالمسلمين». إلى غير ذلك صدرت هذه الطبعة في عام 1542 وبها مقدمة خطها مارتن لوثر.

وبالتالى فإن الجريمة التى كان مقررا ان ترتكب وتأجلت مؤقتا لإحراق المصحف من قبل كنيسة بروتستانتية صغيرة في مدينة جينزفيل، فلوريدا الأمريكية هى أول جريمة من نوعها منذ القرن السادس عشر. وعلى حين ان التاريخ لا يقدم ادلة على أى استنكار لجريمة حرق المصحف في عام 1530 أولممارسات مماثلة ابان الحروب الصليبية إلا ان هذا النوع من السلوك المتعصب انبتر طوال الفترة التى تلت ذلك وحتى واقعة فلوريدا.


العصر الحديث

تيري جونز والدعوة لحرق القرآن.

يدل هذا على مدى خطورة ما ترغب الاقدام عليه كنيسة دوف وورلد اوتريتش سنتر والقس الذى يترأسها تيري جونز (يوم حرق القرآن)، بالقدر نفسه الذى تدل عليه الاستنكارات والاعتراضات الكثيرة التى صدرت عن هيئات رسمية أمريكية مدنية وكنسية، بل وعسكرية.

بل الواقع ان تلك استنكارات على الرغم من استخدامها لغة صريحة وواضحة تنبذ تدنيس مقدسات «الديانات الأخرى» إلا انها لا ترقى إلى مستوى الاعتراف بأن الهيئات الرسمية الأمريكية لعبت الدور الأكبر في خلق جوالتعصب الدينى والفكرى ضد الإسلام ومقدساته خاصة منذ ان أعرب الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليوبوش «حربا صليبية ضد الإرهاب الإسلامى» على إثر هجمات 11 سبتمبر 2001. وهوما أعقبه على الفور غزوأفغانستان ثم غزوالعراق بعد ذلك بعامين تحت ذرائع الإرهاب واحتمال تعرض الولايات المتحدة لهجمات بأسلحة دمار تام يمكن ان يوفرها العراق لتنظيمات إرهابية.

الواقع انه لا يمكن رؤية جريمة حرق المصحف معزولة عن السياسة الأمريكية في أفغانستان والعراق وبعد ذلك في باكستان وقبل ذلك في فلسطين. فليس من قبيل الصدفة ان هذه بلدان إسلامية. ولا يمكن ايضا انقد يكون معزولا عن التأييد الأمريكى لإسرائيل في لقاءة الوطن العربى برمته. بالمثل فإن القس جونز ومن وراءه ايا كان لا يستطيع الزعم بأن إقامة طقوس إحراق المصحف هى رد عمل على أحداث 11 سبتمبر. لقد انقضت تسع سنوات كاملة على هذه الهجمات ولم تقع غيرها مثلها. وفضلا عن ذلك فإن وقع ذلك اليوم الرهيب من عام 2001 لم يكن هجوما موجها ضد المسيحيين أومقدساتهم بأى معنى من المعانى. بل الواقع ان كثيرا من ضحايا هذه الهجمات كانوا من المسلمين الأمريكيين.

ان حرق المصحف الشريف الذى يظهر حتى ثمة إصرارا على إتمامه على أيدى القس جونز واتباعه يمثل نكسة خطيرة لمبدأ التسامح.. وهوأحد أبرز المبادئ اللاهوتية والأخلاقية للديانة المسيحية. هل يمكن تصور الديانة المسيحية وقد أفرغت من التسامح،يا ترى؟ وقد يصح ما وجه من اتهامات إلى القس جونز بأنه سعى دائما إلى الشهرة عن طريق شن حملات ضد الإسلام حتى أنه ألف كتابا بعنوان «الإسلام هوالشيطان» وعمد إلى إرسال قمصان طبع عليها عنوان كتابه إلى أطفال ابرشيته ليرتدوها لإبراز هذا العنوان حيثما مضىوا.

انما الأهم في هذه القضية ان الذين نددوا بهذه الجريمة حرصوا بالدرجة الأولى على ان يخفوا وراء هذا التنديد مسئوليتهم عن انتشار الكراهية ضد الإسلام كديانة لها مقدساتها وعلى رأسها القرآن، وليس فقط كراهية المسلمين في عالمهم الذى يعيشون فيه والمسلمين الأمريكيين الذين يعيشون بين المسيحيين واليهود الأمريكيين ويبذلون قصارى جهدهم من أجل إثبات ولائهم للولايات المتحدة ودستورها.

ولعل هذا ما دفع قادة الأديان الثلاثة في أمريكا لأن يعقدوا قمة لهم في واشنطن قبل ان ترتكب الجريمة ضد المصحف وأدانوا التعصب الصريح والانحدار الخلقى الموجه ضد الأمريكيين المسلمين وليعلنوا غضبهم إزاء انعدام الاحترام لنص مقدس شكل لقرون كثيرا من الثقافات العظيمة لهذا العالم. ولا يمكن ان نرى عيبا في انقد يكون القادة الدينيون قد نسقوا لقمتهم هذه مع الهيئات الرسمية في واشنطن.

إلا حتى هذا التنسيق لم ينجح أيضا في تبرئة السياسات الرسمية الأمريكية تجاه العالم الإسلامى من الإسهام في نشر جوالكراهية ضد الإسلام والمسلمين. وهنا يبرز دور الحزب الجمهورى خاصة المتطرفين يمينا في صفوفه الذين بذلوا اقصى جهودهم لتوقيت الحملة ضد الإسلام وتأييد دعوة القس جونز لإحراق المصاحف مع حملتهم السياسية ضد الرئيس الديمقراطى باراك أوباما والجذور الإسلامية التى انتمى إليها في طفولته وصباه.

ومن حيث التوقيت أيضا تزامنت الدعوة لإحراق المصاحف مع الحملة اليمينية التى يقودها الحزب الجمهورى أيضا ضد المهاجرين الأجانب إلى الولايات المتحدة، مسلمين وغير مسلمين. كما تزامنت مع السلوكيات البذيئة التى أبداها بعض الجنود الأمريكيين في أفغانستان وفى العراق الذين دنسوا المصحف واقتحموا المساجد بأحذيتهم وأسلحتهم. وهى سلوكيات مورست أيضا في محاولات لإذلال سجناء جوانتاناموالمسلمين. كما انها ليست بعيدة عن تصريحات مسيئة إلى الإسلام ومقدساته صدرت عن قادة دينيين أمريكيين أمثال الراحل جيرى فولويل مؤسس منظمة «الأغلبية الأخلاقية»، الذى وصف النبى بانه إرهابى وبات روبرتسون الذى وصل به طموحه في سنوات التسعينيات إلى حد ترشيح نفسه للرئاسة الأمريكية طبعا عن الحزب الجمهورى وهذا بدوره وصف القرآن بأنه يشبه كتاب هتلر «كفاحى».

لقد استغرق تاريخ اللقاءة بين المسيحية والإسلام قرونا بأكملها ليرى حدثا ببشاعة احراق المصاحف، ولكن اليمين الأمريكى والمؤسسات الرسمية الأمريكية لم تستغرق سوى سنوات معدودة لتصل إلى هذه الحافة الخطرة التى لا يأتى بعدها إلا الدمار والحرب والكراهية واندثار قيم التسامح الدينى.

ان شبح جورج بوش اليمينى الجمهورى لا يزال يحكم في البيت الأبيض على الرغم من صعود باراك أوباما ذى الجذور الإسلامية إلى سدة الرئاسة منذ عامين.

ولسوف بحاجة البشرية إلى جميع حكمة زعمائها الدينيين والسياسيين ومفكريها من جميع التيارات الإنسانية لكى تتغلب على الدعوة إلى هذه الجريمة المسئول الأول عنها مجرد قس يرعى كنيسة صغيرة في مدينة صغيرة في الولايات المتحدة.. الكبيرة.

انظر أيضا

  • يوم حرق القرآن

المصادر

  • جريدة الشروق المصرية، حرق المصحف جريمة بلا تاريخ، سمير كرم، 15 سبتمبر، 2010
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:57:59
التصنيفات: قرآن, مناهضة الإسلام, إسلام

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ترتيب هدافى دورى Nile اليوم السبت 28-10-2023.. مابولولو فى الصدارة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:22:45
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 44%

الإمارات تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولى بشأن غزة فى أقرب وقت

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:22:38
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 42%

سموحة يتعادل مع زد في الجولة الخامسة بالدوري ١/١

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:21:56
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

إجلاء 76 سائحاً كانوا على متن باخرة سياحية تعرضت للغرق

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:21:42
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

الآلاف يتظاهرون فى العاصمة الألمانية برلين تضامنا مع غزة.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:22:34
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 38%

جولة من داخل ملعب لوفتس معقل مباراة الأهلى وصن داونز غدا.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:22:43
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 40%

أولمبيك آسفي يتعادل مع ضيفه الرجاء الرياضي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-29 00:12:23
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 71%

تحميل تطبيق المنصة العربية