حادثة أربعة فبراير 1942
حادثة أربعة فبراير 1942 أوحصار قصر عابدين، في أربعة فبراير 1942 قامت القوات البريطانية بمحاصرة الملك فاروق بقصر عابدين، وأجبره السفير البريطاني في القاهرة السير مايلز لامبسون على التوقيع على قرار باستنادىء زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس لتشكيل الحكومة بمفرده أوحتى يتنازل عن العرش.
كانت تلك الحادثة قد حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت القوات الألمانية بقيادة إرفين رومل موجودة في الفهمين، وكان الموقف العسكري مشحونًا بالاحتمالات الخطيرة على مصر ولأتباع التقليد الدستوري الخاص بتشكيل وزارة ترضى عنها غالبية الشعب وتستطيع إحكام قبضة الموقف الداخلي. فطلب السفير البريطاني منه تأليف وزارة تحرص علي الولاء لمعاهدة 1936 نصًا وروحًا قادرة علي تطبيقها وتحظي بتأييد غالبية الرأي العام، وأن يتم ذلك في موعد أقصاه ثلاثة فبراير 1942. ولذلك قام الملك باستنادىء قادة الأحزاب السياسة في محاولة لتشكيل وزارة قومية أوائتلافية، وكانوا جميعا عدا مصطفى النحاس مؤيدين لفكرة الوزارة الائتلافية برئاسته فهي تحول دون إنفراد حزب الوفد بالحكم ولهم أغلبية بالبرلمان، فطلبت المملكة المتحدة من سفيرها السير مايلز لامبسون حتى يلوح باستخدام القوة أمام الملك، وفي صباح يوم أربعة فبراير 1942 طلب السفير لقاءة رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا وسلمه إنذارًا موجه للملك ههده فيه بإنه إذا لم يفهم قبل الساعة السادسة مساءً إنه قد تم تكليف مصطفى النحاس بتشكيل الحكومة فإنه يجب عليه حتى يتحمل تبعات ما يحدث، وكان السفير جادًا في هذا الإنذار، وكان يعد من يحتل العرش مكانه، وهوولي العهد الأمير محمد علي توفيق الذي ظل حلم اعتلائه للعرش يراوده لسنوات طويلة، كما إنه أكبر أفراد أسرة محمد علي سنًا، إلا حتى زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس رفض الإنذار. وعند مساء هذا اليوم أربعة فبراير 1942 توجه السفير ومعه قائد القوات البريطانية في مصر "الجنرال ستون" ومعهما عدد من الضباط البريطانيين المسلحين بمحاصرة ساحة قصر عابدين بالدبابات والجنود البريطانيين ودخلا إلى مخط الملك وكان معه رئيس الديوان أحمد حسنين باشا، ووضع أمامة وثيقة تنازله عن العرش، وقد خط بالوثيقة:
نحن فاروق الأول ملك مصر، تقديرًا منا لمصالح بلدنا فإننا هنا نتنازل عن العرش ونتخلى عن أي حق فيه لأنفسنا ولذريتنا، ونتنازل عن جميع الحقوق والامتيازات والصلاحيات التي كانت عندنا بحكم الجلوس على العرش، ونحن هنا أيضًا نحل رعايانا من يمين الولاء لشخصنا.
|
ويقول السير لامبسون إنه عندنا وضع وثيقة التنازل أمام الملك تردد لثوان، وإنه أحس للحظة إذا الملك يفترض أن يأخذ القلم ويسقط، لكن رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا تدخل باللغة العربية ونطق له شيئًا ثم توقف الملك وطلب من "لامبسون" فرصة أخرى أخيرة ليستدعي مصطفى النحاس على الفور وفي وجوده إذا أراد وأن يكلفه على مسمع منه بتشكيل الوزارة، وسأله "لامبسون" إذا كان يفهم وبوضوح إنه يجب حتى تكون الوزارة من اختيار النحاس وحده،يا ترى؟ فنطق أنه يفهم، فنطق له السير لامبسون إنه على استعداد لأن يعطيه فرصة أخيرة لأنه يريد حتى يجنب مصر تعقيدات قد لا تكون سهلة في هذه الظروف، ولكن عليه حتى يدرك حتى تصرفه لا بد حتىقد يكون فوريًا، فرد عليه مرة أخرى إنه يستوعب إذا ضرورات محافظته على شرفه وعلى مصلحة بلاده تقتضي حتى يستدعي النحاس فورًا.
خلفية
نية بريطانيا لإسناد الوزارة للنحاس
إتجهت نية الإنجليز خلال الحرب العالمية الثانية إلى إسناد الوزارة إلى مصطفى النحاس أوإشتراك حزبه (الوفد) في الوزارة، وأبلغوا هذه الرغبة إلى جلالة الملك فاروق الأول، ولم تكتم الحكومة البريطانية الجهر بها، فقد صرح اللورد هالفكس وزير خارجية بريطانيا عقب تأليف وزارة حسن صبرى بقوله: "وقد كان يسر الحكومة البريطانية لوكان في الإمكان إشتراك الوفد في الحكومة الجديدة".
وفى النصف الثانى من يناير 1942 وقع حتى قام حسين حسنى (السكرتير الخاص بالملك فاروق) بلقاءة الملك فاروق في جناحه الخاص بقصر عابدين وكان الجومشحونا بأنباء الأزمة الوزارية وتسقط حدوث التغيير في أى لحظة، ولذلك كان من الطبيعى جداً حتى يتطرق الحديث بينه وبين الملك إلى الأزمة السياسية، وإقترح حسين حسنى بأن خير حكومة يمكن حتى تتولى أمورها هى حكومة قومية، فالواجب الوطنى يحتم على زعماء الأحزاب حتى يتضامنوا ويقفوا صفاً واحداً, حتى يتم تخليص البلاد من عار الاحتلال الأجنبى، وفى حالتنا بالذات، أصبحنا أشد حاجة إلى حكومة قومية لأننا أصبحنا مهددين بخطر غزوأجنبى، فإذا انتصر الحلفاء تكون البلاد صوتاً واحداً في المطالبة بإصلاح عيوب المعاهدة وأولها الخلاص من الاحتلال الأجنبى, أما إذا كان مقدرا لمصر حتى يفرض عليها إحتلال أجنبى آخر، فإن وقوف البلاد صفا واحدا لا يصدر عنها إلا صوت واحد لهوالأمل الوحيد في تجنيب البلاد أقصى ما يمكن من ويلات الحرب، فأجاب الملك بأنه مقتنع تماماً بهذا الرأى ولكن يوجد صعاب كبيرة دون تحقيق ذلك، ثم سأله عمن يراه خير من يصلح لرئاسة الحكومة وأضاف قائلاً: وطبعا لا مجال للتفكير في على ماهر، وإقترح حسين حسين إسم بهى الدين بركات باشا فإنه مشهود له من الجميع بالنزاهة والكفاءة، ولذلك فإنه موضع الثقة والاحترام من الكل، وبعد خروج حسين حسنى من عند الملك مضى إلى مخط حسنين باشا وكان في طريقه إلى مخطه, فرأى من واجب الأمانة في خدمة الملك حتى يفضى إلى حسنين باشا بالحديث الذى جرى بينه وبين الملك, فشكره حسنين باشا وطلب منه موافاته بما يستجد إذا هيأت له الظروف معاودة الكلام في هذا الموضوع مع الملك.
مظاهرات جامعة القاهرة
حدثت في جامعة القاهرة مجموعة من المظاهرات، والإضطرابات والشعارات المعادية للقوات الإنجليزية، وكان الملك فاروق - على حد قول السفير لامبسون في مذكراته - على فهم بما يجرى في الساحة، ولذلك قام السفير مايلز لامبسون بإستنادىء أحمد حسنين باشا في الحال, ونطق له أحمد حسنين أنه مستعد تماماً لإخماد هذه المظاهرات في الجامعة بشرط حتى يتأكد من مساندة الملك له. وبعد الظهر عاد حسنين ليقول لسير لامبسون حتى هذا الأمر ليس له علاقة بالقصر, وأنه ينبغى على حسين سرى حتى يعمل ما يريده، ونطق سرى حتى هذا بلاغ رسمى واضح بأن الملك لم يعد يسانده وطبقاً لذلك فقد رأى سرى بأنه من المفروض حتى يقابل أحمد ماهر زعيم الحزب السعدى وهيكل زعيم حزب الأحرار كزعماء للحزبين في حكومته لكى يخبرهم بأنه في مثل هذه الظرف يرى أنه ليس هناك بديلاً ممكناً من الإستنطقة وفى الوقت الحاضر كانوا يضغطون عليه للإستمرار في الحكم أسبوعين آخرين وقد صرحوا بأنهم لا يستطيعون ضمان مساندة أعوانهم عند إنعقاد البرلمان، وقد أبلغهم رئيس الوزراء بأنه بات الأمر واضحاً, وأنه يؤكد بكل صراحة أنه اذا إستطاع هووزملاؤه حتى يجابهوا البرلمان فإنهم بالتأكيد يفترض أن يضعون رؤوسهم في الطين, وبناء على ذلك لا يرضى لنفسه أولهم بأنقد يكونوا في مثل هذا المأزق, وقرر حتى ينفض يده.
استنطقة حسين سري
وفى صباح يوم الأحد قام حسين سرى بإخبار حسنين باشا بأن موقفه غاية في الوضوح بالنسبة لتقديم إستنطقته بناء على إخطار الملك الصريح بأنه غير مسئول وسحب تأييده لحسين سرى. في تمام الساعة 9,15 مساء مضى السير مايلز لامبسون إلى لقاءة سرى باشا في منزله، وهناك إعتذر عن حضور حفل عشـاء بمنزل حسين سرى بالطابق العلوى, فنزل حسين سرى للقاءة السفير لامبسون وكان بادياً على حسين سرى أنه في أحسن حالته. وأخذ حسين سرى يشرح بإسهاب أنه كان يأمل في إجتياز الأزمات التى مر بها في الأسبوع الماضى, كان من المفروض حتى يقوم سرى باشا بدور الوسيط لإقرار أمانى البريطانيين المتبقية والتى تتعلق بعدم بقاء عبد الوهاب طلعت والإيطاليون في القصر. وقد طلب من سير لامبسون شخصياً عدم السعى بإلحاح لإثناؤه عن موقفه، وأدرك سير لامبسون للوهلة الأولى بأنه لافائدة من ترجى القيام بمثل هذا المسعى, وألزم نفسه بالتعبير عن شدة أسفه حتى أصبح مقتنعاً تماماً الآن لإطلاق يده والتصرف بكل حرية وتقديم إستنطقته.
وقام لامبسون بسؤال حسين سرى: من الذى قصدته ليتولى رئاسة الوزارة خلفاً لك؟
وأجابه حسين سرى بأنه لا يوجد رئيس وزارة يستقيل من منصبه ما لم تكن لديه أفكار بالنسبة لذلك. وقد إقترح على لامبسون ثلاثة من الأسماء لتولى رئاسة الوزارة: بهى الدين بركات, وهيكل, وأحمد ماهر.
فضحك لامبسون كثيراً ونطق له: لابد أنك تمزح.. إذا بركات يفى بالغرض, وهيكل لا قيمة له, وأحمد ماهر قدراته محدودة, وعاجز عن النهوض بمهام الحكم. فكرر لامبسون سؤاله على سرى عن حقيقة ما يفكر فيه؟
فأجاب حسين سرى بلا تردد: أوفد إلى الوفد وكلفه بهذه المهمة.
فنطق لامبسون: إذا هذا يعكس سلامة التفكير بحق.
ثم تناقش لامبسون وحسين سرى بعد ذلك في جدول بقية الموضوعات, وبناء على طلب لامبسون وافق حسين سرى على استمراره في مسقط المسئولية حتى ظهر يوم الثلاثاء.
ونطق لامبسون: يجب حتى أرى الملك قبل إتخاذ أى موقف.
ولكن حسين سرى طلب من لامبسون بإلحاح ألا يعمل ذلك مع الملك وإلا وضعه ذلك في مأزق حرج, إذا ما عمل هذا. وإقترح حسين سرى على لامبسون حتى يرى الملك فاروق في الساعة الواحدة دون إعتراض على ذلك مراعاة للصداقه بين لامبسون وحسين سرى.
وفي يوم الإثنين 2 فبراير 1942 إتصل حسين سرى تليفونياً بالسير مايلز لامبسون ليخبره بأنه أجبر على تقديم الإستنطقة في تمام الساعة 12,30 ظهر اليوم.
وحينئذ إتصل لامبسون تليفونياً بحسنين يطلب منه حتى يرتب له لقاءة بعد نصف ساعة مع الملك, وحينها شعر لامبسون حتى حسنين يحاول المراوغة معه مما جعل لامبسون يتحدث معه بشدة ثم أنهى معه الحوار. ثم طلبه حسنين تليفونياً بعد ذلك لكى يعتذر له, فأكد له لامبسون بأنه إذا لم أسمع بتغيير الموقف تماماً, فإنه يفترض أنقد يكون بالقصر في تمام الساعة الواحدة تماماً من بعد ظهر اليوم. وفى هذا الوقت الجنرال أوكلنك وبقية ضباط القيادة مع أوليفر ليتليتون في مخطه, فتحدث أوليفر ليتليتون تليفونياً بالسير مايلز لامبسون, وطلب منه عما إذا كان في مقدوره الحضور إليهم, فمضى إليهم لامبسون وبرفقته جميع من الجنرال تيرنس شون والجنرال سمارت, وجرى بينهم جدال طويل, وأظهر خلاله أوكلنك تردداً عميقاً.
ولقد كان الجنرال سمارت ممتازاً جداً, وكذلك الجنرال ستون Stone, وقام الجنرال أوليفر ليتيلتون بإتخاذ خطوة حاسمة لمساعدة مايلز لامبسون, وذلك بأن وضع القوات العسكرية على أهبة الإستعداد, وكان واضحاً - كعادة العسكريين - بأنه يريد ضمانات يتعذر على لامبسون منحها, مثل عدم حدوث إضطرابات, وردود أفعال سيئة قد تحدث في البلد.. إلخ. وعلى أى حال فإن أوليفر ليتيلتون كان مصمماً تماماً على موقفه, وحصلنا على جميع ما نريد من هذا الإجتماع, وقد إتخذ لامبسون جميع الترتيبات لكى يدبر اللقاءة مع الملك فاروق الساعة الواحدة, وأن يضع أمام جلالته بعض النقاط وكانت كالآتى: 1- يجب تشكيل حكومة تكون ملتزمة بتطبيق جميع بنود المعاهدة نصاً وروحاً, وخاصة المادة الخام من المعاهدة. 2- تشكيل حكومة قوية قادرة على إدارة شئون البلاد, ومسيطرة على الشعب وتنال ثقته وعونه. 3- المقصود من هذا هوحتى يبعث الملك إلى النحاس كزعيم لحزب الأغلبية في الدولة وتكليفه بتشكيل الوزارة. 4- التأكيد على حتى يتم جميع هذا قبل ظهر الغد. وكانت هناك نقطة خامسة بأن جلالته ينبغى حتىقد يكون مسئولاً مسئولية شخصية عن أى أحداث قد تحدث في خلال هذا الميعاد المحدد.
يقول حسين حسنى في مذكراته بأنه قبل أربعة فبراير بأيام قليلة رن التليفون الداخلى بمخطه, فإذا بحسنين باشا يبلغه حتى الأستاذ مصطفى أمين قادم إليه يحمل أخباراً مهمة ويطلب منه سرعة تبليغها إلى الملك.
وعندما ولج الأستاذ مصطفى أمين على حسين حسنى نطق له إنه فهم من مصدر يثق به جميع الثقة أنه وقع إجتماع مهم في السفارة البريطانية ضم القادة العسكريين وكبار المسئولين البريطانيين على أثر نبأ بلغ السفارة بأن الملك عازم على إنهاء الأزمة السياسية الحالية بإسناد رياسة الوزارة إلى على ماهر باشا، فأجمع الرأى في هذا الإجتماع على منع ذلك ولواحتاج الأمر إلى استخدام القوة وعزل الملك، فرأى مصطفى من واجبه إبلاغ ذلك إلى القصر لعرضه على الملك، فنطق له حسين حسنى إذا الأمر لا يستدعى عرضاً, وذلك لأنه منذ أيام قليلة قابل الملك، واتى ذكر الأزمة الوزارية وأن من الحلول التى يجرى التفكير فيها تأليف حكومة قومية، وأن الملك نطق له من تلقاء نفسه إنه لا مجال للتفكير في على ماهر، فأعاد مصطفى أمين إبلاغه ما طلبه حسنين باشا وهووجوب إبلاغ الملك في الحال، فدهش حسين حسنى لهذا الطلب, لأنه مادام مصطفى أمين قد أبلغ حسنين باشا الخبر مثلما أبلغه إياه فلماذا لا يتصرف حسنين باشا في الأمر بنفسه، فمضى إلى حسنين باشا في مخطه وسأله، لما لا يمضى بنفسه للقاءة الملك لإبلاغه ما اتى به مصطفى أمين،يا ترى؟ فأجابه حسنين بأنه يفضل حتىقد يكون ذلك على يديه لأنه تجاوز له حتى تحدث معه في موضوع التغيير الوزارى. وكسباً للوقت مضى حسين حسنى في الحال إلى جناح الملك وأبلغه بما حدث، فدهش الملك ونطق: أنت تفهم ما قلته لك حين اتى بيننا ذكر الوزارة القومية وأنه لا مجال للتفكير في على ماهر، فيمكنك التأكيد لمصطفى أمين أنه ليس هناك أى تفكير فيه على الإطلاق.
قام الملك بإستقبال مايلز لامبسون كما يجب في تمام الساعة الواحدة بعد الظهر, وكان الملك ودوداً للغاية في لقائه له كما يروى لامبسون في مذكراته.
وشرح لامبسون للملك على وجه السرعة سبب هذه الزيارة وكانت معه مذكرة قصيرة بخصوص إستنطقة سرى باشا من منصبه, وبصفته ممثلاً للحليفة بريطانيا في مصر, كان من الضرورى للامبسون حتى يخبر الملك أنه من الضرورى ألا يعين خلفاً لرئيس الوزراء ممن لم تكن لديه المؤهلات اللازمة للوفاء التام, وتطبيق نصوص المعاهدة.
ثم قدم لامبسون المذكرة المدون بها النقاط الأربعة إلى الملك, ثم قرأ عليه المادة الخامسة من المعاهدة, لكىقد يكون حديثه أكثر وضوحاً بعد ذلك.
وقد وافق جلالته بدون تردد, وفيما يتعلق بالنقطة 1 , 2 فهما مناسبتان وضروريتان, وبالنسبة للبند ثلاثة فقد كان على أتم إستعداد للقاءة النحاس, وقد أشار الملك إلى حتى ما يعمل من أجله هوحكومة قومية قوية يتولاها النحاس بإعتباره زعيماً للأغلبية, وقد صرح الملك أيضاً بأنه يعهد أنه لا يستطيع أحد تشكيل مثل هذه الحكومة سوى النحاس, وأن علاقته مع النحاس في الوقت الحاضر على خير ما يرام, وبالتالى فإن النحاس لن يرفض هذا العرض على أساس التحسن الذى كان قد بدأ في العلاقات بينه وبين الملك, كما حتى أحمد ماهر لديه الحكمة في حتى يقدر المسئولية في هذا الظرف, فالموقف الراهن لايناسبه فقد كان يتمتع بوجهة نظر معتدلة.
ورغم ذلك فلم يوضح جلالته ما إذا كان يفترض أن يستدعى النحاس للتشاور معه قبل ظهر غد, ويرى لامبسون أنه كان حريصاً على حتى يتجنب الإشارة إلى ذلك صراحة.
ثم أضاف لامبسون إلى البنود الأربعة السابقة ملاحظة على جانب من الأهمية, وهوألا تحدث أى إضطرابات أوشغب في خلال هذا الزمن المحدد. وقد أشار لامبسون بأنه ثمة بعض الإجراءات الوقائية يفترض أن تتخذ, والتى تؤمن نجاح هذا المخطط, وكما أكد لامبسون على المسئولية المترتبة على أى فشل من جراء ذلك, وقد أظهر الملك موافقته على عدم إحداث أى نوع من التظاهر.
وقد أجاب جلالته بأنه لن تحدث أى إضطرابات وأنه سيقوم بالتنبيه على هؤلاء الطلبة الذين حضروا في صباح هذا اليوم إلى القصر بأن يعودوا بكل هدوء إلى دروسهم وإلتزام الهدوء.
وقبل مغادرة لامبسون القصر حرص على لقاءة حسنين, وأبلغه بكل ما جرى في هذا اللقاء مع الملك, وأنه يجب عليه حتى يتأكد حتى جلالته قد قرر ضرورة إستنادىء النحاس قبل ظهر الغد, وقد إعترض حسنين بشدة على هذا الرأى, فقد إقترح أحمد حسنين ضرورة التمهيد لتأليف هذه الوزارة القومية بوزارة إنتنطقية على أساس حتى الوفد سيكتسح جميع الأحزاب الأخرى في الإنتخابات مما قد يترتب عليه عدم قيام معارضة لتكون بمثابة "فرملة" متى تشكلت الوزارة في آخر الأمر.
وفور عودة لامبسون إلى مخطه إتصل به الجنرال أوليفر ليتليتون وسأله عما تم في الموقف،يا ترى؟ فروى له لامبسون جميع ما وقع بإختصار, وحينما جاء أوليفر ليتليتون إليه في حوالى الساعة الخامسة مساء, جلسا سوياً ليتدبرا الأمر, وكان هناك إتفاق بينهم على ضرورة تمسكهم بقوة بإستنادىء النحاس ظهر باكر, ولذلك فقد رأوا بأن الحديث عن الحكومة المؤقتة, وما يفترض أن يليها من تشكيل حكومة إئتلافية فإن مثل هذا الحديث لنقد يكون ذوجدوى إذا لم يتم إستنادىء النحاس أولاً ثم يقبل ذلك. وبعد الظهر قام لامبسون بتكليف سمارت Smart بلقاءة أحمد حسنين لكى يستمع منه إلى ما تجاوز حتى نطقه له صباح اليوم مرة أخرى, وتحذيره من مغبة التغاضى عن مطالب بريطانيا بشأن النحاس, وألا تكون هناك أية مراوغات, إلا حتى سمارت كان قد مضى إلى فراشه لإصابته بالإنفلونزا أما تيرنس شون الذى طلب منه لامبسون حتى يقوم بتلك المهمة, فقد حالت ظروفه أيضاً دون لقاءة حسنين, فطلب لامبسون من تيرنس حتى يبعث بخطاب سرى وشخصى إلى حسنين بهذا المضمون. وبعد تناول طعام العشاء مضى لامبسون لحضور حفل الهلال الأحمر بإستوديومصر, وكان من بين الحضور الملكة فريدة, والملكة نازلى, وبرفقتهن بعض السيدات. عاد لامبسون بعد منتصف الليل بقليل إلى السفارة حيث عثر في إنتظاره برقية مطولة من الخارجية البريطانية, ويبدوا أنهم قد أوفدوها قبل حتى يعهدوا بإستنطقة سرى, وإقترحوا فيها النهج الذى يتعين إتباعه من جميع من الملك فاروق وسرى, والنحاس أيضاً. فقام لامبسون بإعداد مسودة برقية للرد على برقية الخارجية البريطانية, أوضح فيها بأن هذه البرقية قد وصلته بعد حتى قدم سرى إستنطقته بالعمل, وأوضح فيها أيضاً حتى قد فهم منذ قليل من حسنين, حتى الملك يفترض أن يقابله في الثالثة بعد ظهر غد, وبعد ذلك يقابل زعماء الأحزاب السياسية, وأشار لامبسون في مسودة الرد إلى أنه ليس من الحكمة حتى يقابل النحاس قبل ذلك, خاصة إذا ما حاول حتى يعهد منه شروطه المسبقة لتولى الوزارة. كما أوفد لامبسون برقية أخرى سرية وشخصية إلى أنتونى أيدن أوضح له فيها ذلك التردد الواضح الذى إتسم به موقف قادة بريطانيا العسكريين في مصر على نحوما أظهره أوكلنك في الإجتماع صباح أمس مع أوليفر ليتليتون, وقد إعتقد لامبسون بأنه لا بأس من حتى يحاط أنتونى أيدن بالمشاكل والمعوقات التى تقابلهم فى, خاصة وأنه كان يسارع دائماً إلى تقديم المعونة والتأييد الشخصى لهم.
أمين عثمان وزيارة السفير البريطاني
فى صباح الثلاثاء ثلاثة فبراير إتصل أمين عثمان باشا بالسفير البريطانى ليقول له أنه قادم إليه بصفة شخصية فحدد له لامبسون ميعاداً للقاءته في الساعة الحادية عشر, وأبلغه لامبسون بكل صراحة عن حقيقة الموقف. وعندما جاء أمين عثمان نطق أنه قادم بموافقة النحاس باشا وأن النحاس باشا مستعد تماماً لتولى الحكم إذا ساندته السفارة, فنطق له لامبسون بأنه يرى أنه يتعين على النحاس حتى يعهد بعض النقاط التى أثارتها وزراة الخارجية معه. وأن النحاس يجب حتى يدرك وجهات نظر وزراء الخارجية البريطانية والتى وردت في تقرير لها, وأنه يفترض أن يثير هذه النقاط مع النحاس هذه النقاط بشكل مباشر فيما بعد إذا ما ألف النحاس الوزارة بالشكل الذى يريده. وكان أمين عثمان يتسقط حتى النحاس لن يثير أية مأزق تجاه أى من هذه النقاط. ثم يسأل أمين عثمان باشا السفير البريطانى: ماذا تقترح حتى يعمل النحاس باشا بعد ظهر اليوم في القصر؟. وكان النحاس باشا قد دعى إلى القصر كغيره من الزعماء للقاءة الملك. فنطق له لامبسون: إذا على النحاس من طبيعة الحال حتى يبدى رأيه, ولكن الرأى القاطع في هذا الشأن هوحتى يرفض أى عروض بضرورة تشكيل حكومة إنتنطقية فهى ليست سوى لعبة من القصر حتى تمر العاصفة. وقد ذكر أمين عثمان أنه سيعود إلى النحاس باشا ليعرض عليه الموقف ويرى ماذا يقول. عاد أمين عثمان إلى السفير البريطانى في الساعة 2,15 بعد الظهر ومعه رد النحاس باشا الذى يتلخص في حتى النحاس باشا كان مستعداً في وقت سابق لقبول فكرة حكومة محايدة أما الآن فإنه ضد هذه الفكرة تماماً. وقد نطق أمين عثمان للسفير البريطانى حتى الوفد سيتعاون مع السفارة حتى لولم تكن هناك معاهدة وأنه إذا كان النحاس باشا قد تعاون مع السفارة في زمن السلم مرة فإنه مستعد حتى يتعاون معها في زمن الحرب عشرات المرات ولكن جميع ما يطلبه هوحتى تطلق يده وأنقد يكون حراً في إتخاذ قراراته وخصوصاً ما يتعلق بالقصر.
وفى نهاية الحوار بين لامبسون وأمين عثمان قام لامبسون بإملاء الآتى على أمين عثمان لينقله إلى النحاس: "على النحاس حتى يخبر الملك فاروق بأن الموقف سئ للغاية, حتى أنه ليس لديه أدنى ثقة في التعاون المخلص للأحزاب الأخرى والخوف من المكائد المحتملة حتى أنه يقترح حتى العلاج الوحيد (هوحكومة وفدية بالكامل) حتى يتمكن من حتى يتحمل مسئولياته ويستطيع القيام بالمهام المطلوبة منه, ومن ثم فإنه من المستحسن الأخذ في الإعتبار فيما بعد: 1- حصة معينة من المقاعد في إنتخابات عامة للأحزاب الأخرى. 2- ومن المستحسن - كرمز للإئتلاف - تكوين هيئة إستشارية من الأحزاب الأخرى". فيذكر أمين عثمان للسفير البريطانى حتى النحاس باشا على أتم إستعداد بعد حتى يؤلف حكومة وفدية حتى يخصص دوائر عينة للأحزاب الأخرى في الانتخابات وأنقد يكون مجلساً إستشارياً من زعماء الأحزاب كنوع من الرمز للائتلاف ويؤكد سير مايلز لامبسون ذلك بقوله: كان هذا هوما إتفقت عليه مع أمين عثمان باشا وكان هذا ما سيقوله النحاس باشا للملك عند لقاءته له في القصر. وبعد حتى غادر أمين عثمان دار السفارة, سرعان ما إتصل بالسفير لامبسون تليفونياً ليقول له: (إننى لم أتمكن من لقاءة النحاس باشا الذى مضى مباشرة إلى القصر قبل حتى أتمكن من حتى أبلغه مضمون الرسالة السابقة) وقبل حتى يحين الوقت المحدد في مساء هذا اليوم, فإذا برسالة تصل إلى لامبسون من وزارة الخارجية البريطانية, تقر فيها المراحل التى إتخذها والموافقة بدون حدود على جميع ما يفترض أن يتخذه من خطوات يرى أنها ضرورية. فى إجتماع القصر طلب الملك من النحاس بأن يشكل حكومة إئتلافية, ولكن النحاس رفض هذا الإقتراح مشروحاً الأسباب والدوافع لقراره هذا, ولكنه عرض البديل لذلك رغم جميع الصعوبات التى تكتنف الموقف بتشكيل حكومته الخاصة (وفدية). وهنا نجد أنه بينما كانت الإتصالات قائمة بين القصر والسفير البريطانى بخصوص عودة الوفد كانت نفس الإتصالات قائمة بين السفارة البريطانية والنحاس باشا بواسطة أمين عثمان لنفس الهدف مع فارق سهل وهوحتى الإنجليز عرضوا على النحاس تشكيل وزارة وفدية خالصة وأصبح الوفد أمام خيارين إما حتى يقبل حكومة قومية وفقاً لرغبة القصر أويقبل حكومة وفدية لحماً ودماً وفقاً لرغبة الإنجليز وإختار النحاس وجهة النظر البريطانية حيث دفع الوفد ثمناً باهظاً من شعبيته وتاريخه الوطنى الطويل.
وفي مساء الثلاثاء ثلاثة فبراير 1942 عاد أمين عثمان باشا للإتصال بالسفير البريطانى ليبلغه ما جرى في القصر وما نطقه النحاس باشا للملك. وقد كان أمين عثمان على إتصال مستمر في تلك الليلة مع السفير البريطانى. وفى تمام الساعةسبعة مساء أوفد لامبسون إلى حسنين لكى يحضر إلى دار السفارة, وأبلغه بأنه قد فهم بكل ما جرى مع النحاس في القصر وبأن النحاس رفض تأليف وزارة قومية, وطلب إليه حتى يحمل إلى جلالة الملك النصيحة بإنه من المحتم عليه حتى يطلب من الملك فاروق حتى يستدعى النحاس إلى القصر ويطلب منه تأليف وزارة وفدية, وفى نفس الوقت لا داعى للإنزعاج والإندهاش, إذ أنه يفترض أن يدعومجلس الدفاع للإجتماع في تمام الساعةعشرة من صباح الغد. وحاول حسنين - كعادته - حتى يتملص من الموقف ويراوغ! ولكن لامبسون أوضح له بكل حزم حتى الموقف يحتم عليه ذلك, وأن هذا من صميم عمله, وقبل حتى يغادر حسنين دار السفارة يردد له لامبسون القول: بأنه يجب حتى يخبر الملك فاروق بأن يستدعى النحاس, وأن يكلفه بتشكيل الوزارة. فرد عليه رئيس الديوان بأن المسألة بين الملك ورؤساء الأحزاب. ثم إتصل أمين عثمان تليفونياً بلامبسون, فأبلغه لامبسون بكل ما تجاوز حتى ذكره إلى حسنين. وبعد حتى تناول لامبسون طعام العشاء - في وقت متأخر بعض الوقت - وإستراح قليلاً حتى الساعة 12,15 طلبه أمين عثمان تليفونياً مرة أخرى ليسأله عما إذا كان هنا ثمة أخبار جديدة ولكن لامبسون أجابه بأنه لا يوجد حديث في الموقف.
وفي صباح الأربعاء أربعة فبراير 1942 إستيقظ لامبسون في الصباح بينما كانت عيناه منتفخة من النوم وبينما كان يفتح عيناه سمع هنرى هوبكنسون Henary Hopkinson من وزارة الحرب البريطانية وهوصديق قديم للامبسون قد وصل ويلح في طلب لقاءته على وجه السرعة, وصعد إلى غرفة نومه ليخبره بأن حسنين طلبه تليفونياً, وطلب من هوبكنسون ضرورة لقاءته على وجه السرعة ليناقش معه الخطة التى يفترض أن ينتهجها لامبسون للقاءة هذه الأزمة. فرد عليه لامبسون: إذا كنت قد وافقت على الذهاب إلى مخط حسنين باشا كما قلت لتتحدث في الأمر فأنا بصراحة لا أوافق على الذهاب إلى حسنين باشا أوحتى تراه خاصة بعد حتى وصلنا إلى إتفاق تام. لم يعارض هوبكنسون فالذى يقول هذا الكلام هوالذى يوجه شئون السياسة البريطانية في هذا الجزء من العالم بعد حتى يستأذن رؤساءه في لندن. ركب لامبسون وهوبكنسون السيارة لتنطلق بهم إلى مقر إجتماع مجلس دفاع الشرق الأوسط (M.E.W.C.) وفى الطريق إلى مقر المجلس نطق لامبسون لهنرى حتى هناك وسيلتين للقاءة مثل هذه الأزمة: - الأولى: حتى نكون حازمين إلى أبعد حد, وأن نرفض أية حلول وسط لتلك التى يعرضها حسنين باشا, وهذا ما عملته, وأن نحبط أى محاولة للتملص أوالمناورة معنا بأى صورة. - الأخرى: حتى تلتزم أنت وجميع المسؤلين البريطانيين المعنيين بحيث نتوخى جميعاً أعلى درجات الوضوح والصراحة, ولست مستعداً في الإستمرار في المساومة أوالتسويف, وأنى مصمم على خلعه من العرش. لدرجة حتى هنرى هوبكنسون إنزعج حين سماعه هذا القرار, ولكن أعتقد حتى هذا أمراً مطلوباً. ويقول لامبسون بصراحة إذا تدخل آخرون من العسكريين أومن وزارة الحرب في معضلة القصر فسوف أُنـَفِض يدى نهائياً منها. وحينما وصلوا إلى مقر مخط وزير الدولة حيث مقر مجلس دفاع الشرق الأوسط فيعشرة شارع الطلمبات وجدوا الأعضاء الآخرين مجتمعين وقبل حتى يبدأ الإجتماع قام لامبسون بإخبار أوليفر ليتليتون: إننى قد إعترضت بشدة على لقاءة هنرى لحسنين, ومناقشته في الأمر. فنطق أوليفر أنه يوافق تماماً على وجهة نظر لامبسون وكأن شيئاً لم يكن. أبلغ لامبسون ما دار بينه وما بين هوبكنسون إلى مجلس الحرب وأخذ المجلس بوجهة نظر لامبسون. ثم إجتمع مجلس دفاع الشرق الأوسط للنظر في جدول الأعمال, وعندما تعرضوا لموضوع الشئون الخارجية, شرح لامبسون إلى المجلس تطور الأحداث الجارية, رغبة منه في إستطلاع وجهات نظرهم في حالة إعطاء فرصة أخرى للنحاس ليقابل الملك, ولقد كانت المناقشة مفيدة للغاية. ووافق الجميع على حتى يقوم لامبسون بلقاءة حسنين فوراً فقام لامبسون بتحديد موعد بالتليفون لتلك اللقاءة وعندما جاء حسنين أبلغه لامبسون بهذه الرسالة الشفوية وهى:
"…Unless I hear byستة P.M.to day that Nahas has been asked to form Government, His Majesty King Farouk must accept the consequences".
»
فـَصًـل لامبسون الخطة التى سيجرى تطبيقها إذا أصر الملك على عدم تشكيل النحاس للوزارة ودارت مناقشات طويلة وحامية حول هذا الموضوع إنتهت بوضع خطة لمحاصرة القصر بالدبابات وإجبار الملك على التنازل إذا لم يذعن وينفذ هذا الإنذار قبل الساعةستة مساء. وعند هذا الحد من النقاش تم تكليف الجنرال ستون Ston بالتعليمات اللازمة ولكى يعطوا له فسحة كافية من الوقت فقد حددوا الساعةثمانية مساء لكى ينزل لامبسون وستون وبعض المراقبين متجهين إلى القصر, وعندئذ يخبروا الملك بأنه يجب حتى يقدم تنازله عن العرش. ومن أجل حتى نمنع أى اضطرابات أخرى تعوق تطبيق مهماتهم فقد تم تكليف بعض الحراس بمرافقتهم إلى داخل القصر, وقد ناقشوا جميع الإحتمالات والحيل التالية والمتسقط حدوثها, وكانت الخطة واضحة, وهى أنهم يفترض أن يأخذوا الملك معهم بعيداً, سواء تنازل عن العرش أولم يتنازل, مع ملاحظة حتى وثيقة التنازل عن العرش جاهزة مع لامبسون في جيبه. ولقد كان هناك نقاش طويل لإتخاذ الترتيبات اللازمة عما يمكن حتى يعملوه مع الملك, وكان الأدميرال قد إقترح بأن يضعوا الملك في مدمرة حربية كسجن والتحفظ عليه, وهوأنسب مكان له. ولأن هذه مهمة العسكريين فقد هجر لامبسون أمرها لهم. وبعد حتى تم درس جميع الترتيبات العسكرية المحتلمة للقاءة الموقف رأى لامبسون حتى ينصرف بعد حتى كلف قائد الشرطة فيتز باتريك Fitz Partick لكى يتخذ إستعدادات الشرطة للتدخل عندما يحدث أى إحتكاك مع الجنرال ستون, كما أوفد لامبسون أيضاً إلى الجنرال بيزلى Besly لكى يتعاون مع الجنرال والتر مونتكون Walter Monckton الذى أعد وثيقة التنازل التى ينبغى حتى يسقطها الملك فاروق متنازلاً عن العرش والتى راجعها لامبسون مراجعة دقيقة حتى لا تحتوى على أية ثغرة كما حتى والتر هونكتون هوالذى أعد وثيقة تنازل الملك إدوارد السابع عن عرش بريطانيا لرغبته في الزواج من مسز سمبسون. وعادوا إلى السفارة حيث قام لامبسون بإستنادىء حسنين في الساعة 12,30 بعد الظهر, وكانت اللقاءة لفترة قصيرة جداً, ونطق فيه لامبسون بأنه ليس لديه الكثير ليضيفه عدا أنه كان يأمل حتى يمارس حسنين باشا ضغطه على الملك فاروق بأن السفارة البريطانية هذه المرة تظهر الضوء الأحمر بكل جدية, وبكل التأكيد على طلبها, ورجاه لامبسون حتى يحذر الملك فاروق بأنه يتسقط رداً يتضمن معلومات, بأنه قد أستدعى قبل الساعةستة مساء, وإلا ستحدث أشياء ليست في الحسبان. وكان على لامبسون حتى يتأكد تماماً بأن النحاس الذى يصعب دائماً فهم خط سيره,قد يكون جاهزاً بعد ظهر هذا اليوم للإستنادىء إلى القصر. وفى الوقت الذى كان من الصعب فيه على لامبسون حتى يعثر على أمين عثمان, تمكن أخيراً من لقائه بدار السفارة في تمام الساعة الواحدة بعد الظهر, وقد أبلغه لامبسوه بما نطقه لحسنين, ونطق لامبسون لأمين عثمان أنه من المهم حتىقد يكون النحاس جاهزاً وأنه من الضرورى جداً حتى يقوم النحاس باشا بإبلاغ السفارة البريطانية بمكانه إذا إحتاج الأمر للإتصال وطلب لامبسون من أمين عثمان حتى يبلغ النحاس نص الحدثات التى نطقها لحسنين, ثم أضاف لامبسون قائلاً: آمل ألاقد يكون النحاس باشا قد تراجع عن موقفه. ونطق أمين عثمان: لن يحدث شيئاً من هذا القبيل, بل حتى النحاس يطلب ألا يحدث أى تراجع أومراوغة في موقفكم أنتم, وقد أكدت للنحاس بأنكم على أهبة الإستعداد لهذا الموقف. وأضاف أمين بقوله: إذا مكرم أستدعى إلى القصر. فنطق لامبسون: آمل بألا يلجأ مكرم إلى إتخاذ أى موقف ملتولا نرضاه نحن قبل لحظة الصفر بالنسبة لنا وهى الساعةستة مساء, وألا يحدث أى لبس في هذا الميعاد المحدد. ولقد غادر أمين دار السفارة على وعد منه بأن يمضى فوراً وعلى وجه السرعة إلى لقاءة النحاس, ويكون على إتصال به حتى الميعاد المحدد بعد الظهر, وهى الساعةستة مساء. وقبل حتى يتناول السفير البريطانى غداءه وصلته المعلومات التالية: "مظاهرات الطلبة في الجامعة, وهم يرددون هتافات معادية للإنجليز: "يعيش روميل.. يحيا فاروق.. ويسقط الإنجليز". وفى مساء هذا اليوم بينما كان القادة البريطانيين جميعاً مشغولين بكثير من التفصيلات لإتخاذ الترتيبات اللازمة تحسباً لما قد يحدث في حالة رفض الملك فاروق تطبيق الإنذار الذى ينتهى قبل الساعةستة مساء, وبينما كانت الإتصالات ما تزال جارية, إتصل أمين باشا عثمان بلامبسون ليقول له: المعلومات التى لدى النحاس باشا تقول حتى الملك يحزم حقائبه, وأنه تم إستنادىء النحاس إلى القصر مساء اليوم, ولقد سرت إشاعة عن الملك بأنه يفترض أن يقوم بالهروب. ويقول السفير البريطانى حتى أنباء أمين باشا أزعجته فتوجه مايلز لامبسون للإجتماع بالقادة العسكريين لإبلاغهم الموقف, وتم الإتفاق على مراقبة مطارات القاهرة ومداخل القاهرة حتى لا يهرب الملك وحتى إذا أفلت وهرب من القصر فإنه يفترض أن يعرض حياته للخطر.
إجتماع في القصر
فى الساعة الرابعة نادى الملك فاروق الزعماء وأصحاب الرأى في البلد لبحث هذا الإنذار حيث دُعى رؤساء الأحزاب وبعض الشخصيات البارزة كرؤساء الوزارات والبرلمان السابقين إلى الإجتماع في اليوم نفسه بقصر عابدين وهم (مع حفظ الألقاب): شريف صبرى. مصطفى النحاس. على ماهر. حسين سرى. محمد محمود خليل. أحمد ماهر. أحمد زيور. إسماعيل صدقى. عبد الفتاح يحيى. محمد حسين هيكل. محمد توفيق حملت. على الشمسى. حافظ عفيفى. حافظ رمضان. بهى الدين بركات. أحمد محمد حسنين. محمود حسن. فاجتمعوا في غرفة مجلس البلاط بالقصر في نحوالساعة الرابعة مساء, ورأس جلالة الملك الإجتماع, وأذن الملك لرئيس ديوانه وألقى علينا البيان التالى باسم الملك: (عندما قابلت البلاد هذه الساعات الخطيرة التى تجتازها ناديت ونادى الشعب معى بوجوب إتحاد الجميع للقاءة الصعوبات التى تقوم في طريقنا، وكنت أرى حتى أيام الشدة يجب حتى تفهمنا حتى ننسى أشخاصنا وندفن الماضى فنبدأ عهداً جديدا نكون فيه كتلة واحدة وحدثة واحدة، ذلك لأنه أفهم أنه ما من خير أصاب هذه الأمة إلا وهى متحدة، وما من شر أحاق بها إلا وهى متفرقة الحدثة, فبدأت منذ أمس أستدعى بعضكم وكنت عازما على حتى أستدعى البعض الأخر اليوم, لأشرح لكم وجهة نظرى لدعوة الجميع إلى تأليف وزارة قومية، وكنت أعتقد حتى كلاً منكم يضحى شيئا قليلاً ليكسب البلد شيئاً كثيراً، وكنت على ثقة من أنكم ستلبون دعوتى, ففى الساعات الخطيرة يجب حتى ننسى أشخاصنا ولا نذكر إلا بلادنا ولكن قبل حتى تبدأ المشاورات أمس (الثلاثاء) طلب إلى السفير البريطانى ظهر يوم الاثنين حتى أستدعى النحاس باشا وأعربه حتى يؤلف الوزارة، وأن أقبل من يقترحه النحاس باشا رئيساً للوزارة، وحدد السفير البريطانى الساعة الثانية عشرة ظهر الثلاثاء موعد استقبال النحاس باشا, فأجبت السفير على ذلك بأننى كنت قررت عملا وقبل وصول هذا الطلب حتى أستدعى النحاس باشا ورؤساء الأحزاب والزعماء لإستشارتهم في تأليف وزارة قومية تقابل صعوبات البلاد الداخلية والخارجية، وبذلك تحقق رغبة الشعب، وتجمع مصر في حدثة واحدة ووزارة واحدة، وانتهت مشاورات أمس... وعلى أثرها طلب السفير البريطانى لقاءة رئيس الديوان وأبلغه أنه فهم حتى النحاس باشا رفض فكرة الوزارة القومية، وطلب السفير من رئيس الديوان حتى يحمل إلى نصحه حتى أكلف النحاس باشا بتكاليف وزارة وفدية، فرد عليه رئيس الديوان قائلأ: "إن المسالة لا تزال تبحث مع النحاس باشا ورؤساء الأحزاب وإن المباحثات جارية لتأليف وزارة قومية, وأن الملك واثق من حتى وطنية الزعماء ستتغلب على جميع شئ وسيقبلون النزول على رغبة البلاد.. واليوم طلب السفير لقاءة رئيس الديوان وسلمه إنذاراً هذا نصه: "إذا لم أفهم قبل الساعة السادسة مساء حتى النحاس باشا قد دعى لتأليف وزارة، فإن الملك فاروق يجب حتى يتحمل تبعة ما يحدث" إننى دعوتكم اليوم لأستشيركم في هذا الوقف وإنى واثق من حتى رأيكم ستمليه عليكم الوطنية والحكمة - وإنكم ستجلسون هنا بصفتكم مصريين وترجون الخير والكرامة والسعادة لهذه البلاد..).
وبعد حتى فرغ رئيس الديوان من تلك الرسالة الباكية تحدث الملك الشاب الذى لم يكن يومئذ قد أتم السنة الثانية والعشرين من عمره فنطق: (لقد دعوتكم لتتداولوا في الموقف بعد حتى سمعتم الآن تفاصيل ما وقع وأطلب إليكم حتى تقصدوا بمداولاتكم إلى مصلحة مصر وحدها ولا تجعلوا لأى إعتبار آخر حساباً. إننى مستعد فيما يتعلق بشخصى حتى أضحى بكل شئ، فلا شئ يعنينى غير مصلحة مصر وكرامتها واستقلالها). وإنصرف جلالة الملك تاركاً لهم حرية التشاور في الأمر.
إحتجاج على الإنذار البريطانى
تشاور المجتمعون فيما ذاقد يكون الرد على الإنذار, وكانت الفكرة الغالبة حتى تؤلف وزارة قومية برئاسة النحاس, ولكن النحاس رفض فكرة الوزارة القومية, وكانت عاقبة هذا الرفض حتى سقط هذا الحادث الذى يعد من الأحداث الخطيرة في تاريخ مصر الحديث, وإنتهى المجتمعون إلى الإحتجاج على الإنذار, وكـُتِبَ الإحتجاج وسقطوا عليه جميعاً, وهذا نصه: "إن في توجيه التبليغ البريطانى إعتداء على إستقلال البلاد ومساساً بمعاهدة الصداقة, ولا يسع الملك حتى يقبل حتى يمس إستقلال البلاد ويخل بأحكام المعاهدة". إلى غير ذلك إنتهى إجتماع الزعماء في القصر بإدانة الإنذار البريطانى وإعتباره إنتهاكاً خطيراً للمعاهدة المصرية البريطانية والإستقلال وقد سقط على البيان جميع الزعماء بمن فيهم النحاس باشا. وعاد جلال الملك إلى الإجتماع, وفهم بما تم عليه الإتفاق من الإحتجاج, فأقره وأظهر إرتياحه, وسلم نص الإحتجاج إلى حسنين باشا ليوصله إلى السفير. وفى السفارة البريطانية وفى تمام الساعةستة مساء دق جرس التليفون في مخط لامبسون ليبلغه تيمور بك بأن حسنين يفترض أنقد يكون في السفارة الساعة 6,15 مساء. حضر حسنين إلى السفارة وسلم لامبسون نص البيان الذى سقط عليه الزعماء في إجتماع القصر.. ولقد نطق لامبسون لحسنين بأن هذا لايعتبر رداً وأن الأمر غاية في الخطورة وأنه ينبغى عليه حتى يصل إلى القصر في الساعةتسعة مساء للقاءة الملك ما لم يبلغه حسنين في ذلك الوقت بالعدول عن موقفه. فنطق حسنين قبل حتى يغادر القاعة: أليس في إمكانى, وإمكانك يا سير مايلز حتى نجد حلاً ما؟ وأضاف إلى قوله بأنه من أجل إنقاذ مهابة رؤساء الأحزاب جميعاً وتقديرهم, فإنه مستعد حالاً حتى يتولى بنفسه شئون حكومة إنتنطقية مؤقته, مع ضمانه للامبسون, بأنه يفترض أن يرتب إجراءات تولى حزب الوفد شئون الحكم خلال شهرين. ولكنى لامبسون أجابه: لقد فاض بى.. من خلال تعاملى معه (يقصد الملك) ولهذا فإنى أرفض إقتراحه, ولن أقبله. ثم أضاف لامبسون قائلاً: إننى على الأقل أقدر هذا, ومن المحتمل حتى أعطيه فرصه لكى يسمع قرارى النهائى. وعاد حسنين باشا إلى القصر وأبلغ المجتمعين بجواب السفير, فانصرفوا بعد حتى طـًلِبَ إليهم حتىقد يكونوا على أهبة الحضور لإحتمال دعوتهم إلى إجتماع ثان.
وبمجرد حتى إنصرف حسنين, طلب لامبسون من أوليفر ليتليتون بأن ينضم إلى الوفد المرافق له, مع الضباط ستون وكبار الضباط وأحاط لامبسون المجتمعين بإتصالات حسنين, وأن هذه الإتصالات في تصوره كانت مجرد محاولة, وأنه لن يتراجع عن موقفه حين لقائه بالملك في الساعةتسعة مساء, ولا عن العمل طبقاً للخطة الموضوعة. عند هذا الحد من تطور الإحداث, وصل إلى دار السفارة أمين عثمان, ولذلك قابله لامبسون على إنفراد في غرفة مجاورة (وبحضور أوليفر ليتليتون) وسأله: كيف من الممكن أن وضحت للنحاس وجهة نظرنا،يا ترى؟ وهوالذى ورد إسمه في القرار الذى اتى إلى في الرسالة التى حملها حسنين, وهوتكوين حكومة من جميع الأحزاب بما في ذلك حزب الوفد. ووجه لامبسون حديثه إلى أمين عثمان قائلاً: هل ما أزال أثق في النحاس إذا ما أقدمت على تطبيق ما عقدت العزم عليه،يا ترى؟ وهل في وسعنا (البريطانيين) الإعتماد على النحاس إذا إستمرت العملية؟ ولكن أمين عثمان أكد بما لا يدع مجال للشك بأن النحاس مازال وسيزال متمسكاً بموقفه لا يحيد عنه, وأنه إذا كان النحاس باشا عملاً قد سقط على مذكرة القصر فلأنه إضطر إلى ذلك. وعندما عاد لامبسون مرة أخرى إلى قاعة الإجتماعات وافق على إعداد مسودتين: الاولى: الإعلان الذى ينبغى حتى يقرأه لامبسون على الملك إذا ما ظل متمسكاً بموقفه. والثانية: نص وثيقة التنازل عنة العرش, والتى يتحتم حتى يضعها لامبسون أمام الملك لكى يسقطها مرغماً. إقترب الميعاد المحدد وأصبح الوقت متأخراً, وكانت الأحداث كلها تجرى بسرعة لصالح بريطانيا, ولهذا إقترح لامبسون على أوليفر ليليتون بأن يظل هوومدام مويرا Moira لتناول العشاء الساعة الثامنة مساء. وقد أثار أوليفر ليتليتون قضية هامة قائلاً: "إذا ما وافق فاروق - نزولاً لرغبتنا - على إستنادىء النحاس, عندئذ هل من العدل حتى نجبره على التنازل عن العرش؟ ونطق أوليفر ليتليتون أنه لم يكن مستريحاً كثيراً لهذا القرار إذا ما وضعوه موضع التطبيق لأنه في نهاية الأمرقد يكونوا قد قاموا بخلع فاروق عن عرشه لكون أنهم حددوا مسبقاً الساعةتسعة مساء موعداً نهائياً لأنه لم ينفذ مطالبنا في الساعةستة مساء, ومما لا ريب فيه حتى مثل هذا العمل لا يروق للرأى العام سواء في مصر أوفي لندن إذ من أجل ثلاث ساعات - هى الفارق الزمنى - يفقد بسببها هذا الغلام (الملك فاروق) عرشه, وأكثر من هذا فإن الفكرة ملأت جميع تفكيره بأنه أفضل للبريطانيين - كتصرف حضارى من جانبهم - حتى يمنعوا نشوب إضطرابات مؤسفة يمكن حدوثها في البلد, كرد عمل لخلع الملك عن عرشه.
حصار قصر عابدين
وفى الساعة الثامنة والدقيقة الأربعين مساء ركب لامبسون سيارته ومع الجنرال ستون وفى الطريق إلى قصر عابدين روى له تفاصيل الحوار الذى دار في السفارة وقراره بعد إجبار الملك على التنازل إذا خضع للمطالب البريطانية. فى الساعة 8,50 وصل لامبسون يصحبه الجنرال ستون قائد القوات البريطانية ومعهم خمسة من الضباط البريطانيين مسلحين بالمسدسات إلى قصر عابدين وكانا قد رأيا في طريقهما إلى عابدين صفوف متراصة من القوات المسلحة وهى تحيط بالطرق المؤدية إلى القصر وبالقصر ذاته. وقد قام مدير المراسيم بإستقبال لامبسون ومن معه عند مدخل القصر, وكانت دهشة موظفى القصر بالغة أشدها وهم يستقبلون السفير البريطانى وقائد القوات البريطانية في مصر. وبينما كان لامبسون وستون يصعدان سلم القصر إلى الطابق العلوى كانت الدبابات البريطانية المسلحة بالمدافع قد اتىت في الساعة 9,05 عن طريق شارع السلطان حسين وانعرج قسم منها الى ميدان عابدين الى حتى وصلت لتقاطع شارع حسن الأكبر واستمر القسم الآخر الى شارع باب باريز وسار به حتى وصل لتقاطع شارع حسن الأكبر كما حتى قسما آخر وصل عن طريق ميدان باب الخلق فشارع سامى باشا البارودى فحسن الأكبر حيث اتصل بباقى القوات وبذلك تم حصار القصر كما تم حصار مبانى قشلاق الحرس المشاة الملكى من بعض جهاته من جميع جهاته ورابطت أمام القصر بشكل تهديدى, وكانت تلك القوات من المشاه والمدافع الرشاشة في سيارات لورى وبعض الدبابات كانت محملة في سيارات كبيرة وكذلك سيارات مصفحة وقد وقفت السيارات جميعها خلف بعضها بدون فراغ في وسط الميدان والشوارع المحيطة بالقصر, ثم هبط الجنود من السيارات والدبابات وتقدموا بالسلاح حتى أصبحوا ملاصقين لأسوار القصر, فقامت قوات الحرس الملكى بغلق جميع الأبواب الخارجية والداخلية غلقا محكما, كما إجتمعت قوة عساكر البوليس والضباط بطبنجاتهم وقاموا بتعزيز جميع أبواب القصر, بينما كانت القوات البريطانية تمنع الدخول والخروج من القصر.
بين لامبسون والملك فاروق
أما داخل القصر فقد تأخر موعد مثول لامبسون وستون أمام الملك خمس دقائق وكان لامبسون على وشك حتى يصيح في رجال القصر أنه غير مستعد للإنتظار غير حتى الإذن قد اتى للقاء الملك مما جعل لامبسون يندفع إلى حجرة الملك, حاول رجال التشريفات الملكية بالقصر منع الجنرال ستون من الدخول مع لامبسون ولكن لامبسون نحى أولئك الموظفين جانباً ودخل هووالجنرال بينما بدت الدهشة على الملك. وقد إنزعج الملك فاروق وإقترح الملك حتى يبقى حسنين باشا فأذن لامبسون بذلك. دخل لامبسون في الموضوع مباشرة نطق للملك: لقد سلمت أحمد حسنين باشا هذا الصباح رسالة حول ضرورة حتى يكلف النحاس باشا بتأليف الوزارة, ولقد حددت الساعةستة مساء بالإجابة بـ "نعم" أو"لا" على رسالتى التى وصلت إليك في هذا الصباح وبدلاً من ذلك فإن حسنين باشا قد أبلغنى بأنه أحضر لى الساعة 6,15 مساء معلومات لم أوافق عليها بطبيعة الحال, وإنى أريد إجابة الآن, وهنا وبدون مراوغة أكثر من هذا. ويسأل لامبسون الملك هل جوابك: "نعم" أم "لا". وعندما حاول الملك الخروج عن الموضوع الخاص بالإجابة على السؤال نعم ام لا, قاطعه لامبسون بشئ من الغضب قائلاً: يا صاحب الجلالة إذا الموقف في غاية الخطورة وأنا أعتبر ذلك رداً بالنفى, وأعتقد أنك لا ترغب حتى تقول نعم وأنت المسئول عما يحدث, وإزاء هذا, أنى أرغب طبقاً لمسئولياتى الإستمرار في مهمتى. وتلا لامبسون الخطاب الذى كان قد أعد في السفارة البريطانية ونصه: "أنه منذ زمن طويل كان واضحاً حتى جلالتك قد تأثر بمجموعة المستشارين المحيطين بك, والذين لمقد يكونوا مخلصين فقط بالنسبة للتحالف مع بريطانيا بل أكثر من هذا أنهم يعملون ضد هذا التحالف, ومن ثم فإنهم يساعدون العدو, والموقف العام.. وكذلك مدى تعاون وتشجيع جلالتك لهم مما يناقض المادة الخامسة من معاهدة التحالف, والتى بمقتضاها تتعهد جميع الأحزاب المتعاهدة بألا يتخذوا موقفاً معادياً بالنسبة للبلاد الأجنبية, ويكون متعارضاً مع الحلف. وبالإضافة إلى ذلك فإن جلالتك قد أحدثت أزمة خطيرة بطريقة طائشة وغير ضرورية كرد عمل للقرار الذى إتخذته الحكومة المصرية السابقة إستجابة للطلب الذى تقدم به الحليف (إنجلترا) والذى نصت عليه المادة الخامسة من المعاهدة. وفى النهاية فإن جميع المحاولات التى جرت لتشكيل حكومة إئتلافية قد باءت بالفشل, إذ رفضتم حتى تعهدوا بأمر تشكيل الحكومة إلى زعيم حزب الأغلبية في البلاد (النحاس) على الرغم من أنه يتمتع بمكانة خاصة تجعله قادراً على ضمان إستمرار تطبيق المعاهدة بروح الصداقة كما يجب. ومثل هذا التهور والطيش, وعدم تقدير المسئولية يعرض أمن وأمان مصر للخطر وكذلك القوات الحليفة الموجودة بالعاصمة, ويؤكد الجميع حتى جلالتك لم تعد جديراً بإستمرارك على العرش..".
ويطلب لامبسون فور قراءته تلك المذكرة من الملك فاروق حتى يسقط على وثيقة التنازل التى صيغت كما يلى:
"نحن فاروق ملك مصر, تقديراً منا دوماً لمصالح دولتنا, فإنى بموجب هذا أتخلى وأتنازل بالنيابة عن أنفسنا وورثتى عن عرش مملكة مصر, وعن جميع حقوق السيادة والإمتيازات والصلاحيات في المملكة المذكورة وبشأن رعاياها, وأننا نعفى رعيانا من ولائهم لشخصنا". صدر في عابدين في الرابع من فبراير 1942"
تردد الملك قليلاً قبل التوقيع على التنازل, وأوشك حتى يسقط على تلك الوثيقة خاصة وكان لامبسون قد هدد الملك بإستخدام إجراءات غير سارة إذا لم يسقط على وثيقة التنازل, لولا حتى إعترض حسنين متداخلاً وتحدث إلى الملك باللغة العربية حديثاً لم يعيه لامبسون وبعد لحظات من التوتر والقلق الشديد نطق الملك لمايلز لامبسون وقد بدا على الملك التراجع: أما من فرصة أخرى تعطى لى؟ ولم يتراجع لامبسون بل نطق للملك: أولاً يجب حتى أعهد إقتراحك بالتفصيل. ونطق الملك: أنا مستعد حتى أستدعى النحاس باشا وفى حضورك الآن لتكليفه بتشكيل الوزارة وأننى مستعد حتى أقول للنحاس باشا حتى له الحرية كاملة في تشكيل حكومة وفدية يختارها بنفسه. تردد لامبسون في قبول عرض الملك ولكنه نطق أخيراً - تحت تأثير الرغبة في عدم حدوث أية تعقيدات أخرى: أوافق على حتى أمنحك فرصة أخرى بشرط حتى يتم التطبيق فوراً. ثم بعد ذلك حاول الملك فاروق برغم آلامه النفسية حتى يتظاهر بالود والبشاشة, ثم شكر لامبسون بصفة شخصية على أنه دائماً ما يحاول مساعدته. وغادر لامبسون وستون, القصر ومرا في ردهاته بكثير من الجنود الإنجليز الذين كانوا قد إتخذوا مواقعهم داخله وفى أيديهم مدافع من طراز "تومى جانز" وقد صوبوها إلى من يدخل القصر, كما كانت الدبابات والمصفحات خارج القصر في جميع مكان, وكان خدم القصر منتشرين مثل الدجاج المفزوع في القصر. صاح لامبسون في النهاية: "لقد نجحت العملية". وبعد خروج السفير البريطانى ومن معه من الضباط إنسحبت جميع القوات من داخل الحوش ثم انضمت للقوات الخارجية وظلت منتظرة هناك. وبعد دقائق يتصل حسنين باشا بمايلز لامبسون قائلاً بثورة: لا تزال الدبابات تحاصر القصر وتمنع أى قادم إليه من الدخول حتى النحاس لا يستطيع الدخول إلا إذا سحبت تلك الدبابات من حول القصر. وقد كان: صدرت التعليمات العسكرية البريطانية بعودة الدبابات إلى مواقعها الأصلية, فكان حتى غادرت القوات البريطانية بعد رحيل لامبسون وستون بحوالى نصف ساعة. لقد كان لامبسون لا يطيق فاروق وقد ظل نادماً لأنه لم يجبره على التنازل عن العرش في أربعة فبراير 1942م.
إجتماع الساعة العاشرة مساء
بعد حتى إنتهت لقاءة السفير لجلالة الملك عاد ومن معه إلى دار السفارة, وإستدعى رئيس الديوان الزعماء للإجتماع ثانية, فتكامل عددهم في نحوالساعة العاشرة مساء. وحضر جلالة الملك الإجتماع ونطق للمجتمعين: إعتبروا ما دار بينكم وما قررتموه اليوم كأن لم يكن, وأكلفك يا نحاس باشا بتشكيل الوزارة" فإعتذر النحاس لجلالة الملك وطلب إعفاؤه من هذه المهمة! ولكن جلالة الملك أصر على أمره بتأليف الوزارة. عندئذ نطق أحمد ماهر: "كنت أظن حتى النحاس باشا وهوكما يقول عن نفسه زعيم البلاد وصاحب معاهدة الشرف والإستقلال يرفض تشكيل الوزارة, أما وقد قبلها فإنى أعرب في حضرة مليك البلاد حتى النحاس باشا يتولى الحكم الليلة مستنداً إلى أسنَّة رماح الإنجليز". فنطق النحاس: "لست أنا الذى يستند إلى أسنَّة رماح الإنجليز!", فنطق إسماعيل صدقى: "أظن حتى حملتكم وصلتكم إلى هنا بعد إنصراف الدبابات!". فتدخل جلالة الملك في النقاش وأشار على المتحدثين بالسكوت, وكرر أمره إلى النحاس بتأليف الوزارة, وطلب إليه حتى يمضى إلى السفير البريطانى ويبلغه نبأ تأليف الوزارة.. وإنتهى الإجتماع على ذلك.
وبعد نصف ساعة من مغادرة القوات البريطانية عن القصر كان النحاس قد مضى إلى السفير البريطانى في دار السفارة البريطانية ليقول للسفير حتى الملك كلفه بتشكيل وزارة وفدية وأمره حتى يتجه فوراً من قصر عابدين إلى السفارة ليخبر السفير البريطانى بأنه أمر بتشكيل الوزارة الوفدية وأن الملك أوصى زعيم الأغلبية بأن يتفق مع السفير على أسماء الوزراء المصريين ونطق لامبسون وقد إمتلأ بنشوة الإنتصار. إننى أفضل حتى أهجر لك يا نحاس باشا حرية إختيار وزرائك. وبعد الإختيار نجلس ونناقش جميع الأمور. ونطق النحاس باشا حتى هناك عناصر شريرة داخل القصر الملكى المصرى وخارجه يجب إستئصالها فوراً. ويقول المنتصر الأول الفيلد مارشال مايلز لامبسون: رغبتى حتى أكون خلف الستار وأن أهجر لك يا نحاس باشا حرية إتخاذ القرارات التى تريدها. وعاد إلى القصر الملكى, وأدلى بحديثه مع السفير البريطانى وبالطبع لم يذكر أى شئ عن العناصر الشريرة داخل القصر وخارجه والتى يريد التخلص منهم, فكلفه جلالة الملك بتشكيل الوزارة عاجلاً.
الخميسخمسة فبراير 1942
كان أول شئ تلقاه لامبسون هذا الصباح, هوالرسالة الشخصية التى وردت إليه من أنتونى أيدن قائلاً فيها: ".. إننى أهنئك بكل حرارة, وأحيى فيك إصرارك وعزمك وحزمك وتطبيقك لتعليماتنا على الوجه الأكمل..". وقبل الساعةتسعة صباحاً قام لامبسون بالإتصال بحسين سرى تليفونياً, وسأله عن رأيه الشخصى عما وقع بالقصر ليلة أمس, ونطق حسين سرى بأنه كان يتسقط حتى يحدث هذا. وأنه كان قد وصل إلى القصر الساعة 9,30 مساء وشاهد القوات المسلحة البريطانية, وقد صدم من هول هذا المشهد وقد استوعب حتى فاروق قد تأثر كثيراً بهذه اللقاءة الحادة, وأنه يعتقد حتى ما وقع كان الدرس الأول لإصلاحه ووضعه على الطريق السليم, وأن الملك فاروق كان في أشد الإحتياج إلى مثل هذه الطريقة, وأنه لا ريب كان سعيداً بأنه مازال متربعاً على عرشه حتى الآن.
وقد بعث الدكتور أحمد ماهر في صباحخمسة فبراير رسالة إلى السفير البريطانى سير مايلز لامبسون بوصفه رئيساً لمجلس النواب يندد فيها - وبلهجة عنيفة - بما وقع في مساء أربعة فبراير بإصرار الحكومة الإنجليزية على تشكيل وزارة يتولاها إنسان بعينه إختاره الإنجليز. وصف أحمد ماهر هذا العمل من جانب بريطانيا بأنه عدوان صارخ على إستقلال مصر يتعارض مع نص المعاهدة ويعرض العلاقات المصرية البريطانية لخطر بالغ. لم يكتف أحمد ماهر بإرسال تلك الرسالة إلى سير مايلز لامبسون السفير البريطانى وإنما طبع الرسالة ووزع منها كميات كبيرة في أراتى البلاد وقد إنزعج مصطفى النحاس باشا من هذه المستوى.
مضى النحاس إلى دار صهره أحمد بك حسين بالجيزة حيث كان يقيم, وإجتمع ببعض أعضاء حزبه, فإتفقوا على حتى يخط النحاس إلى السفير بسحب الإنذار, فلما اتى الرد بسحبه شرع في تكليف الوزارة, وقبل الإنجليز هذا الحل, لأنه لا يعدوا حتىقد يكون حلاً شكلياً لا يحجب ما سقط عملاً من التدخل البريطانى السافر, وتبادل النحاس والسفير في هذا الصدد الكتابين الآتيين:
كتاب النحاس إلى السفير
"يا صاحب السعادة. "لقد كلفت بمهمة تأليف الوزارة وقبلت هذا التكليف الذى صدر من جلالة الملك بما له من الحقوق الدستورية وليكن مفهوماً حتى الأساس الذى قبلت عليه هذه المهمة هوأنه لا المعاهدة البريطانية المصرية ولا مركز مصر كدولة مستقلة ذات سيادة يسمحان للحليفة بالتدخل في شؤون مصر الداخلية وبخاصة في تأليف الوزارات أوتغييرها. "وإنى آمل يا صاحب السعادة حتى تتفضلوا بتأييد يتضمن ما في خطابى هذا من المعانى وبذلك تتوطد صلات المودة والإحترام المتبادلين وفقاً لنصوص المعاهدة. "وتفضلوا يا صاحب السعادة بقبول فائق إحترامى". 5 فبراير 1942.
جواب السفير
"يا صاحب المقام الرفيع. "لى الشرف حتى أؤيد وجهة النظر التى عبر عنها خطاب حملتكم المرسل منكم بتاريخ اليوم وإنى أؤكد لحملتكم حتى سياسة الحكومة البريطانية قائمة على تحقيق التعاون بإخلاص مع حكومة مصر كدولة مستقلة وحليفة في تطبيق المعاهدة البريطانية المصرية من غير أى تدخل منها في شئون مصر الداخلية ولا في تأليف الحكومات أوتغييرها. "وإننى لأنتهز هذه الفرصة لأؤكد لحملتكم فائق إحترامى"
ومن ثم ألف النحاس الوزارة.
إحتجاجات على أحداث أربعة فبراير
ويخط عبد العزيز فهمى باشا رئيس حزب الأحرار مذكرة عنيفة يقوم بتسليمها دسوقى باشا سكرتير عام الحزب يداً بيد إلى والتر سمارت. ويوفد السفير البريطانى مستر سمارت إلى الدكتور حسين هيكل ليشرح له موقف بريطانيا ويرفض هيكل الحديث كما نطق سمارت عن الماضى. ومن الأمور التى أثرت على نفوس المصريين تلك المظاهرات العنيفة والصاخبة التى إستقبل بها السفير مايلز لامبسون السفير البريطانى في مصر وكيف حمله المتظاهرون على الأعناق وكيف خرج لامبسون ومصطفى النحاس إلى المتظاهرين يداً بيد.
أثر أربعة فبراير 1942 في الجيش المصرى: كان تأثير أربعة فبراير في الجيش تأثيراً سيئاً للغاية وأن ستون قائد القوات البريطانية في مصر نطق للسفير لامبسون أنه - أى ستون - أثار في الجيش المصرى وبالذات لدى الضباط الذين ليست لهم مشاعر خاصة نحوالملك شعور الغضب وأنهم - الضباط المصريون - يعتبرون ما وقع إهانة للعرش بسبب إستخدام القوة, وفى نادى ضباط الجيش عقدت إجتماعات كثيرة تحدث فيها ضباط كثيرون ورأى بعضهم إرسال برقيات يعبرون فيها عن ولائهم للملك وإحتجاجهم على السفير البريطانى. وقد تلقى الضباط في أحد الإجتماعات رسالة من الملك فاروق يقدر فيها ولاء ضباطه له ويطلب إليهم الهدوء والعودة لعملهم. وكان بعض الضباط والشبان قد فكروا في تنظيم مظاهرة يعبرون فيها عن ولائهم للملك وسخطوا على السفير البريطانى. وكان بعض كبار الضباط قد أقنعوا الضباط السائرين بعدم إتخاذ مواقف عدائية تجاه بريطانيا. وقد قام حمدى سيف النصر باشا بنقل بعض أولئك الضباط الثائرين وقد إحتج إثنان منهم على هذا النقل وطلب آخر إحالته للمعاش لأنه لم يعط الفرصة للدفاع عن جلالة الملك ولأنه يخجل من إرتداء البدلة العسكرية.
يقول محمد نجيب في مذكراته: (وعندما رأيت جميع هذا, أحسست بإحتقار وقرف من بدلتى العسكرية, وخطت إستنطقتى, إحتجاجاً على ما حدث, وقلت للملك في الإستنطقة: "حيث أنى لم أستطع حتى أحمى مليكى وقت الخطر فإنى لأخجل من إرتداء بدلتى العسكرية والسير بها بين المواطنين, ولذا أقدم إستنطقتى". ولكن الملك أعاد الإستنطقة مع ياوره عبد الله النجومى, وإضطررت لسحبها نزولاً على رغبة زملائى.. نطق لى النجومى: - بما حتى الملك منع الحرس الملكى حتى يقاوم الإنجليز فهولن يسمح لك بالإستنطقة.)
وقد كان أعنف هؤلاء الضباط أحمد فؤاد صادق ومحمد تام الرحمانى وقد رحب فاروق بمحاكمتهما بل أصر على ذلك حتى يفضح وزارة الدفاع والحكومة في تلك المحاكمة غير حتى النحاس باشا ووزير الدفاع عارضا المحاكمة وأصرا على طردهما من الجيش. وإتخذت المسالة - مسألة طرد أحمد فؤاد صادق ومحمد تام الرحمانى - أبعاداً هامة وحاول لامبسون حتى يحقق رغبة النحاس باشا غير حتى الملك فاروق لم يستجب لتحقيق رغبة لامبسون. وكادت تحدث أزمة أخرى خطيرة خاصة وأن فؤاد صادق قد اتهم بأنه مناهض لبريطانيا منضم إلى منظمة سرية بالجيش مهمتها التخريب ونقل المعلومات إلى العدووانه من زعماء حركة تهدف إلى وضع العراقيل أمام القوات البريطانية في حالة حدوث نكسة. والجديد بالذكر حتى الجنرال نابيه رئيس البعثة العسكرية البريطانية في مصر كان يحذر من حدوث تذمر في الجيش المصرى: وأخيراً تم الإتفاق بين النحاس باشا والسفير البريطانى على إحالة أحمد فؤاد صادق ومحمد تام الرحمانى إلى الإستيداع وإعتنطقهما.
الصحافة وحادث أربعة فبراير
كان ذلك ما وقع بالضبط أوقريباً منه في السفارة البريطانية وفى قصر عابدين أما ما عهده الرأى العام عن ذلك الذى وقع فقد كان مختلفاً تمام الإختلاف بعيداً جميع البعد عن الحقيقة لم تشر أية صحيفة مؤيدة أومعارضة إلى قيام الدبابات البريطانية بمحاصرة قصر عابدين بل لم تشر أى صحيفة إلى نزول دبابة أومصفحة بريطانية إلى شوارع القاهرة مما يشير على وجود رقابة قوية على الصحف بخصوص هذا الموضوع على الأقل, فما إذا تولى النحاس باشا رئاسة الحكومة حتى قام بفرض الرقابة الشديدة على الصحف ونشر الأكاذيب على الناس وهوالذى كان قبل ذلك يصيح بين الفينة والفينة ويقدم نوابه وشيوخه الإستجوابات تلوالإستجوابات مطالباً بحرية النشر وحرية الصحافة. وأكثر من ذلك راحت صحيفة المصرى (التابعة لحزب الوفد) تؤكد على حتى تنشر ما وقع من إستنطقة وزارة حسين سرى باشا وتشكيل النحاس باشا للوزارة الجديدة على أنه إنتصار للشعب لا يعادله أى إنتصار.
جريدة المصرى يومستة فبراير 1942
راحت المصرى - كما نطقت - تنشر في اليوم السادس من فبراير في صفحتها الأولى "وثيقة رسمية تاريخية تزيد الموقف وضوحاً وجلاء: بإسم الشعب ومصر قبل مصطفى النحاس تأليف الوزارة بعد حتى إعتذر أولاً وبأوامر من الملك تقدم حملته, لإنقاذ الموقف من تطورات لم يكن له يد فيها: حل مجلس النواب الحاضر وتقصير المدد الإنتخابية: برنامج سياسة وزارة الشعب. كان وزراء الوفد إلى جانب مصطفى النحاس باشا, عثمان محرم باشا, مكرم عبيد باشا, أحمد نجيب الهلالى بك, حمدى سيف النصر باشا, عبد السلام جمعة باشا, على زكى العرابى باشا, محمد صبرى أبوفهم, عبد الفتاح الطويل, على حسين باشا, تام صدقى باشا. وفى الصفحة الأولى أيضاً نشرت المصرى جواب مصطفى النحاس باشا على خطاب تكليفه الوزارة: يا صاحب الجلالة تفضلتم فعهدتم إلى مهمة تأليف الوزارة في هذه الظروف الخطيرة وأبيتم ألا تزيدونى شرفاً فوق شرف بأن أعربتم بلسانكم الكريم المرة بعد المرة والكرة بعد الكرة عن ثقتكم في وطنية هذا الضعيف وإنكاره لذاته مؤكدين حتى هاتين الصفتين الكريمتين اللتين شاء فضلكم حتى تسدوها إلى تقضيان على بأن أتقدم لإنقاذ الموقف وأتحمل مسئولية تطورات فهم الله أنه لم يكن لى يد فيها بل جلبها على البلاد غيرى بأعماله أوبإهماله فأصبح من واجبى كمصرى وكوطنى إذا إتسعت لذلك جهودى حتى أنقذ البلد من نتائجها وأجنبها وزرها بعد حتى ظهرت بوادرها وتكررت نذرها. قدرت المسئولية ووزنت عبء أثنطقها فرجحت أمام عينى كفة ضعفى عن إحتمالها فإعتذرت عن قبول الوزراة فتفضلتم فأصررتم فزادنى إصراركم على الثقة بى خشية من الثقة بنفسى ولكن إزاء أمركم الصادر إلى بإسم العرش ومصر قبلت وعلى الله توكلت. وكان أول عهد ألزمت به نفسى حتى أحاول إنقاذ البلاد من خطورة الموقف الأخير فأخطوخطوة عملية في هذا السبيل قبل المضى في تأليف الوزارة بل كشرط أول إشترطته على نفسى قبل السير في تأليفها. وقد رأيت حتى خطورة الموقف لا تكفى في معالجتها حدثة أقولها أوصيحة أوفدها أووعود أبذلها بل يجب لوضع الأمور في نصابها حتى تؤتى البيوت من أبوابها فيصدر تصريح من الجانبين يحفظ للوطن إستقلاله وحقوقه وتبتر لنا الحليفة عهداً رسمياً بمحوما عكر أوما من شأنه حتى يعكر صفوالجوبين الحليفين. وتحقيقاً لذلك إجتمعت بسعادة السير مايلز لامبسون السفير البريطانى في مصر وأوضحت له وجهة نظرى التى بها تصان حقوق الوطن وتتوطد صلات المودة أوالتحالف بين مصر وبريطانيا فتلقيت من سعادته رغبة صادقة أكيدة في تطبيق المعاهدة بين بلدينا على أساس الإحترام والود المتبادلين ومعاملة مصر معاملة الند من غير مساس بإستقلالها وحقوق سيادتها أوتدخل في شئونها الداخلية وبخاصة تكوين أوتغيير وزراتها.
أحداث يومسبعة فبراير 1942
وفى يومسبعة فبراير يتجه والتر سمارت السكرتير الشرفى للسفارة البريطانية إلى أحمد ماهر ليبلغه أسف السفير لأنه لم يستطع حتى يتصل به في الأيام الماضية بسبب تتابع الأحداث بسرعة ونطق سمارت حتى بعض العناصر في القصر وبعض الوزراء يعرقلون التعاون المصرى البريطانى وأن الحكومة المصرية أبعدت عن الحكم لأنها إتخذت بناء على إقتراح بريطانى خطوة ببتر العلاقات مع حكومة فيشى وأن هؤلاء الذين يعملون (ضدنا) في القصر قد أغروا بعض الشباب على ترديد هتافات بحياة روميل ولا ينسى سمارت حتى يؤكد للدكتور أحمد ماهر حتى السفير البريطانى يقدر جهود أحمد ماهر من أجل التعاون المصرى البريطانى ويؤكد أحمد ماهر حتى موقفه لا يزال كما هورغم جميع ماحدث إلى جانب بريطانيا وأنه واثق من إنتصار بريطانيا وأن أحمد ماهر سيواصل إستخدام نفوذه لمساعدة بريطانيا على القيام بمجهودها في الحرب كما يؤكد أحمد ماهر حتى بريطانيا بعملتها تلك إرتكبت خطأ فاحشاً وأنه سيجد من العسير عليه إقناع رجاله بنظرته تلك. وذكر أحمد ماهر حتى النحاس باشا الذى أهان الإنجليز في خطبة العامة ووافق الزعماء الآخرين على إدانة ما وقع من بريطانيا هوالذى تعمل بريطانيا على التدخل في الشئون المصرية الداخلية لفرضه رئيساً للوزارة. ويخرج والتر سمارت من إجتماعه بأحمد ماهر بإنطباع مؤداه أنه أحمد ماهر مغتاظ من النحاس أكثر مما هومغتاظ من الإنجليز وأنه - أحمد ماهر - والهيئة السعدية يفترض أن يتخذان من الآن موقفاً عنيفاً للغاية ضد التدخل البريطانى في أربعة فبراير وضد النحاس باشا.
جريدة المصرى يومسبعة فبراير 1942
وتنشر المصرى في الصفحة الثانية من العدد الصادر فيسبعة فبراير تحت عنوان: يوم في التاريخ: أشرف موقف في أدق موقف فلتشهد الأمة, وليسجل التاريخ. وينشر المصرى تحت تلك العناوين حتى مصطفى النحاس لم يقبل من أجل الحكم إقتراف جريمة ولا دس على الأمة نكراً ولا إرتكب طمعاً في السلطان إثماً ولا وزراً ولكن صان مصر وأنقذ كرامتها وإستخلص سيادتها الذاتية من محنة يفهم الله وحده ما كان يعقبها لوحتى اللاعبين بالنار مضوا في لعبهم سادرين مستهترين. وتقول المصرى: حين دعى مصطفى النحاس باشا من لدن صاحب العرش المفدى وملك مصر العزيز لم يتردد في إنقاذ البلاد من الخراب التى غمرها والفاقة التى أضنتها والويلات التى إزدحمت عليها وويلات في الأقوات وويلات في المعايش والخيرات: ويلات في حقوق السيادة, ويلات في الحياة العامة من سائر النواحى والجهات. وينهى المصرى الموضوعة بقوله: إلى الأمام إذن مصطفى النحاس وإلى الوراء جميع آثم ودساس في عون المخلصين. وكان المصرى قد تجاوز له فيستة فبراير حتى ركز على فرحة الشعب بتأليف الوزارة الوفدية مشيراً إلى تحية الجموع الحاشدة بالنادى السعدى لمصطفى النحاس وإلى إستقبال المجاهد الكبير مكرم عبيد باشا بعاصفة مدوية من التصفيق, مجلجلة متدفقة من الهتاف بحياة البطل الباسل والمجاهد البار الذى يختلب الألباب. وكان المصرى قد أشار أيضاً في نفس اليوم إلى حتى روح الإغتباط بوزارة الأمة عمت البلاد وغمرت جميع الهيئات. نشرت المصرى - مثلاً - برقية للأستاذ محمد توفيق دياب إلى مصطفى النحاس يقول فيها: ندعوالله مخلصين بأن تنقذ بكم سفينة الوطن". كما ينشر المصرى نفس اليوم حتى وفوداً من طلبة دمنهور الزراعية حضروا إلى النادى السعدى لتحية مصطفى باشا وأن موجات من الفرح قد غمرت جميع طبقات الشعب في سمنود والمحلة والزقازيق وبنى سويف والإسكندرية وبورسعيد إلخ.
جريدة المصرى يومثمانية فبراير 1942
وفىثمانية من فبراير وفى الصفحة الأولى تنشر المصرى عناوين بارزة وكبيرة: عن مظاهرات شعبية رائعة في إستقبال وزارة الأمة: حدثة حملة الرئيس في جماهير المهنئين بدار الرئاسة. وعنوان آخر أيضاً هو: لن نعهد شئياً إسمه الفشل والدواء الناجح له هوالعمل "مكرم عبيد". وينشر المصرى صورة في الصفحة الأولى للرئيس وسير مايلز لامبسون يتحدثان أثناء زيارة الأخير لحملته بدار رئاسة مجلس الوزراء. وفى الصفحة الأولى من نفس العدد: مصطفى النحاس يقول للجمهور الذى إحتشد في فناء دار الرئاسة: الحدثة التى تنتظرونها لا أستطيع حتى أسمعكم إياها إلا إذا كنتم جميعاً في سكون تام ولا يمكن حتى تكون حدثتى إلا حدثة تسركم لأنى شعرت أنكم مسرورون من حتى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله قد عهد إلى بتأليف الوزارة لقاءة الأمور الخطيرة التى تحيط بالبلاد من جميع جانب سواء في ذلك ما يختص براحتكم ورفاهيتكم أوما يختص بتوفير شئون المعيشة لكم جميعاً أوما يتعلق بتجنيب مصر ويلات الحرب التى تناولت العالم بأسره. أما حدثات مكرم عبيد فقد اتى في واحدة منها: أيها السادة بل الأحرى حضرات الاخوة فلا سادة ولا مسودين في وزارة الشعب فكلنا إخوان". ومن حدثات مكرم باشا أيضاً: لقد أسميتمونى وزير الشباب وإنى لأرجوالله وقد حرمنى مظهر الشباب وعمر الشباب حتى يهبنى قوة الشباب وعزيمة الشباب, ومن حدثات مكرم عبيد أيضاً: كانت لنا أيام مجيدة من أيام العمر يوم نفينا مع الزعيم الخالد سعد ويوم توقيع معاهدة التحالف والصداقة مع بريطانيا العظمى ولكن أمجد يوم هويومنا هذا الذى عهدنا حتى نظفر فيه بحق ضاع أوكاد وهوحق مصر في السيادة والإستقلال في وقت تناضل فيه الأمم حرصاً على إستقلالها من حتى يضيع ويمضى مع الريح أومع العواصف الهواتى التى تهب على العالم: اليوم التاريخى العظيم الذى حصلنا فيه على الإعتراف الأخير بحق مصر وإستقلال مصر, وسيادة مصر.
بريطانيا تطالب بالثمن
والجدير بالذكر أنه فور إستبباب الأمور للنحاس باشا وحكومته بدأت بريطانيا تطالب بالثمن وكان الثمن:
- تطهير القصر من الإيطاليين.
- إلغاء البوليس الخاص الذى كان قد أنشئ لدعم القصر.
- تحديد إقامة على ماهر باشا في القصر الأخضر قرب الإسكندرية وعندما هرب من تحديد الإقامة وتمكن من دخول البرلمان إعتقل داخل مبنى البرلمان رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية, ورغم أنه لا يجوز أبداً إعتنطق أى نائب أوشيخ داخل مبنى البرلمان إذ حتى للمبنى أيضاً حصانة لا يجب الإعتداء عليها.
- كما تم تحديد إقامة صالح حرب باشا في أسوان وعندما هرب من أسوان واتى للقاهرة مطالباً بحمل قرار تحديد إقامته طلب منه حتى يعود إلى أسوان لتمكين درس طلب إعادة حريته إليه.
- كما تم إعتنطق عدد كبير من المعادين للوفد وعددهم يزيد عن خمسين شخصاً.
- وكذلك تم إعتنطق محمد طاهر باشا وعمر الفاروق وعباس حليم وغيرهم بناء على طلبات رسمية من السلطات البريطانية في القاهرة.
النحاس كان يعهد نية الإنجليز
إن الثابت عملاً حتى النحاس باشا كان يعهد الكثير من المعلومات عما تدبره السفارة البريطانية لا عن طريق سير مايلز لامبسون السفير البريطانى في القاهرة وإنما عن طريق أمين عثمان باشا. وقد فضلت السفارة البريطانية منذ بداية الأزمة ألا تجرى إتصالات بالنحاس باشا مباشرة حتى لا تحرجه أمام الملك وأمام الزعماء السياسيين. فضل السفير البريطانى حتى تتم الإتصالات بالنحاس باشا عن طريق أمين عثمان باشا. كل ما تجاوز يؤكد ان النحاس باشا كان على صلات وثيقة مستمرة بالسفارة البريطانية قبل وبعد حادث أربعة فبراير 1942 عن طريق أمين عثمان باشا. إن السفارة البريطانية ما كانت لتجازف بالتهديد بخلع الملك إذا لم يكلف مصطفى النحاس باشا بتشكيل الوزارة ما لم تكن السفارة على ثقة مطلقة من حتى النحاس باشا يفترض أن يقبل تشكيل الوزارة. وقد كان ذهاب مايلز لامبسون السفير البريطانى في مصر ومعه الجنرال ستون مسرحية سياسية هى الأولى من نوعها في التاريخ المعاصر وما قبل التاريخ المعاصر. ولم يكن لامبسون يميل كثيراً إلى النحاس باشا ولكنه كان مجبراً على حماية وزارته والحيلولة دون إنتصار الملك على النحاس باشا. وقد بذل لامبسون في سبيل حماية النحاس باشا ووزارته جهوداً شاقة ومضنية. وقد أخذ الناس في ذلك الوقت على النحاس باشا أنه أقام للسفير البريطانى حفل تكريم كبير في 12 يناير 1943 بمناسبة الإنعام عليه بلقب لورد نطق فيه كلاماً كنا ننزه مصطفى النحاس حتى يقوله.
المصادر
- ^ أشرف السيد الشربيني. "حصار قصر عابدين، حادث أربعة فبراير 1942". التاريخ. Retrieved 2010-12-17.
المراجع
- مذكرات اللورد كيلرن، اللورد كيلرن، عبد الرؤوف أحمد عمر
- الهيئة العامة المصرية للكتاب، مذكراتى في السجن، صبرى أبوالمجد
- الهيئة العامة المصرية للكتاب، في أعقاب الثورة المصرية، عبد الرحمن الرافعى
- دار المعارف، كنت رئيساً لمصر، محمد نجيب
- المخط المصرى الحديث، هجوم على القصر الملكى، محمد صابر عرب