أبوالمقدام راتى بن حيوة بن جرول الكندي (ت. 112 هـ/730م) واعظ ومعماري عربي من أهل الشام. شيخ أهل الشام في عصره من الوعاظ الفصحاء الفهماء.. ولد راتى بن حيوة في القرن الأول الهجرى. وكان قريبًا من خلفاء بني أمية ومستشارهم وكان يتوسط لديهم في العفوعن المظلومين ورعاية مصالح الرعية.

وكان يجالس عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وكان بمثابة مستشاره في جميع ما يعن له من أمور. وعند وفاة سليمان بن عبد الملك أحد خلفاء بنى أمية كادت تحدث فتنة بين بني أمية بسبب النزاع على من يتولى الخلافة بعده لولا تدخل راتى بن حيوة الذى عالج الموقف بطريقة حكيمة بأن جعل سليمان بن عبد الملك يخط له كتابًا يأمر فيه بتولية عمر بن عبد العزيز ثم جمع من بنى أمية البيعة على اسم من في الكتاب دون حتى يعهدوه فبايعوه.

ولد راتى في بيسان في فلسطين وعاش فيها وكان ملازما للخليفة عمر بن عبد العزيز ولم يصاحب خليفة بعد وفاته نطق أبونعيم الأصبهاني: "ومنهم الفقيه المفهم المطعام مشير الخلفاء والأمراء راتى بن حيوة أبوالمقدام عينه عبد الملك بن مروان وزيرا ومستشارا بعد حتى ذاع صيته بين الفهماء , وكان من مستشاري سليمان بن عبد الملك وممن أشار عليه بتولية عمر بن عبد العزيز من بعده

نشأته

ولد راتى في بيسان في فلسطين لعائلة مسيحية من نصارى فلسطين. شهد أبوه حيوة فتح فلسطين وخطبة عمر بن الخطاب في أهلها بعد تسلمه مفاتيح القدس وأسلم هووعائلته وكان وقتها ابن خمسة عشر عاما تتلمذ على يد الصحابي معاذ بن جبل

حدث عن

حدث راتى عن معاذ بن جبل ، وأبي الدرداء ، وعبادة بن الصامت ، وطائفة . أوفد عن هؤلاء ، وعن غيرهم .

وروى أيضا عن عبد الله بن عمرو، ومعاوية ، وأبي سعيد الخدري ، وجابر ، وأبي أمامة الباهلي ، ومحمود بن الربيع ، وأم الدرداء ، وعبد الملك بن مروان ، وأبيه حيوة ، وأبي إدريس ، وخلق كثير .

حدث عنه

حدث عنه مكحول ، والزهري ، وقتادة ، وعبد الملك بن عمير ، وإبراهيم بن أبي عبلة ، وابن عون ، وحميد الطويل ، وأشعث بن أبي الشعثاء ، ومحمد بن عجلان ، ومحمد بن جحادة ، وعروة بن رويم ، وراتى بن أبي سلمة ، وثور بن يزيد ، وآخرون .

مما خط عنه

نطق مطر الوراق : مارأيت شامياً أفضل من راتى بن حيوة، وكان ابن عون إذا ذكر من يعجبه ذكر راتى بن حيوة، ونطق أيضاً : ثلاث لم أر مثلهم كأنهم التقوا فتواصوا : ابن سيرين بالعراق، وقاسم بن محمد بالحجاز، وراتى بن حيوة بالشام.

ونطق عبيد بن أبي السائب ثنا أبي نطق : "ما رأيت أحدا أحسن اعتدالاً في الصلاة من راتى بن حيوة"

نطق ضمرة عن راتى بن أبي سلمة :" ما من رجل من أهل الشام أحب إلي حتى أقتدي به من راتى بن حيوة"

نطق ابن سعد  :" كان ثقة عالما فاضلا كثير"

من أقوال راتى بن حيوة

• "من لم يؤاخ إلا من لاعيب فيه قل صديقه، ومن لم يرض من صديقه إلا بالإخلاص له دام سخطه، ومن عاتب إخوانه على جميع ذنب كثر عدوه"

• "ما أحسن الإسلام ويزينه الإيمان وما أحسن الإيمان ويزينه التقوى وما أحسن التقوى ويزينه الفهم، وما أحسن الفهم ويزينه الحلم وما أحسن الحلم ويزينه الرفق"

دوره في بناء قبة الصخرة

نطق الإمام ابن كثير : ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال والعمال، ووكل بالعمل راتى بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه وجمع الصناع من أطراف البلاد وأوفدهم إلى بيت المقدس ،وأوفد إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة، وأمر راتى بن حيوة ويزيد حتى يفرغا الأموال إفراغاً، ولا يتوقفا فيه؛ فبثوا النفقات وأكثروا، فبنوا القبة فاتىت من أحسن البناء، وفرشاها بالرخام الملون، وعملا للقبة جلالين أحدهما: من اليود الأحمر للشتاء ،وآخر: من أدم للصيف وحفا القبة بأنواع الستور، وأقاما لها سدنة، وخداماً بأنواع الطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران، ويعملون منه غالية ويبخرون القبة والمسجد من الليل ،وجعل فيها من قناديل المضى والفضة والسلاسل المضى والفضة شيئاً كثيراً، وجعل فيها العود القمارى المغلف بالمسك وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة وكانوا إذا أطلقوا البخور شم من مسافة بعيدة.

وكان إذا عاد الرجل من بيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة المسك والطيب والبخور أياماً ويعهد أنه قد أقبل من بيت المقدس وأنه ولج الصخرة، وكان فيه من السدنة والقوم القائمين بأمره خلق كثير ،ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن ولا أبهى من قبة صخرة بيت المقدس بحيث إذا الناس التهوا بها عن الكعبة والحج وبحيث كانوا لا يلتفتون في موسم الحج وغيره إلى غير المسير إلى بيت المقدس.

وافتتن الناس بذلك افتناناً عظيماً، وأتوه من جميع مكان وقد عملوا فيه من الإشارات والعلامات المكذوبة شيئاً كثيراً مما في الآخرة فصوروا فيه صورة الصراط وباب الجنة وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووادى جهنم وكذلك في أبوابه ومواضع منه فاغتر الناس بذلك وإلى زماننا.

وبالجملة حتى صخرة بيت المقدس لما فرغ من بنائها لم يكن لها نظير على وجه الأرض، وقد كان فيها من الفصوص والجواهر والفسيفساء وغير ذلك شى ء كثير وأنواع باهرة، ولما فرغ راتى بن حيوة، ويزيد بن سلام من عمارتها على أكمل الوجوه فضل من المال الذي أنفقاه على ذلك ستمائة ألف مثنطق، وقيل ثلاثمائة ألف مثنطق، فخطا إلى عبد الملك يخبرانه بذلك، فخط إليهما قد وهبته منكما فخطا إليه إنا لواستطعنا لزدنا في عمارة هذا المسجد من حلى نسائنا، فخط إليهما إذ أبيتما حتى تقبلاه فأفرغاه على القبة والأبواب فما كان أحد يستطيع حتى يتأمل القبة مما عليها من المضى القديم والحديث، فلما كان في خلافة أبى جعفر المنصور قدم بيت المقدس في سنة أربعين ومائة فوجد المسجد خراباً فأمر حتى يقلع ذلك المضى والصفائح التي على القبة والأبواب وأن يعمروا بها ما تشعت في المسجد فعملوا ذلك وكان المسجد طويلاً فأمر حتى يؤخذ من طوله ويزداد في عرضه ولما أكمل البناء خط على القبة مما يلى الباب القبلى أمر ببنائه بعد تشعيثه أمير المؤمنين عبد الملك سنة اثنتين وستين من الهجرة النبوية وكان طول المسجد من القبلة إلى الشمال سبعمائة وخمسة وستون ذراعاً وعرضه أربعمائة وستون ذراعاً.

نصحه لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم

لولم يكن لراتى بن حيوة موقف غير موقفه الذي أشار به على سليمان بن عبد الملك بولاية عمر بن عبد العزيز لكفاه، فقد كان صادقًا في نصيحته له، يروى عن راتى بن حيوة أنه نطق: لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر في الدار أخرج وأدخل وأتردد فنادىني فنطق لي: يا راتى، أذكرك الله والإسلام حتى تذكرني لأمير المؤمنين أوتشير بي عليه إذا استشارك فوالله ما أقوى على هذا الأمر فأنشدك الله إلا صرفت أمير المؤمنين عني فانتهرته وقلت: إنك لحريص على الخلافة لتطمع حتى أشير عليه بك فاستحيا ودخلت فنطق لي سليمان: يا راتى من ترى لهذا الأمر وإلى من ترى حتى أعهد،يا ترى؟ قلت: يا أمير المؤمنين، اتق الله فإنك قادم على الله، وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه نطق: فمن ترى،يا ترى؟ فقلت: عمر بن عبد العزيز نطق: كيف من الممكن أن أصنع بعهد أمير المؤمنين عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي،يا ترى؟ قلت: تجعلهما من بعده نطق: أصبت ووفقت جئني بصحيفة فأتيته بصحيفة فخط عهد عمر ويزيد من بعده وختمها، ثم دعوت رجالاً فدخلوا عليه فنطق لهم: إني قد عهدت عهدي في هذه الصحيفة ودفعتها إلى راتى وأمرته أمري وهوفي الصحيفة اشهدوا واختموا الصحيفة؛ فختموا عليها وخرجوا فلم يلبث سليمان حتى مات؛ فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فنطقوا: يا راتى، كيف من الممكن أن أمير المؤمنين،يا ترى؟ قلت: تفهمون منذ اشتكى أسكن منه الساعة نطقوا: لله الحمد فقلت: ألستم تفهمون حتى هذا عهد أمير المؤمنين وتشهدون عليه،يا ترى؟ نطقوا: بلى قلت: أفترضون به،يا ترى؟ نطق هشام: إذا كان فيه رجل من ولد عبد الملك وإلا فلا، قلت: فإن فيه رجلا من ولد عبد الملك نطق: فنعم إذا، نطق: فدخلت فمكثت ساعة ثم قلت: للنساء اصرخن، وخرجت فقرأت الكتاب والناس مجتمعون.

وفاته

نطق ابن حبان في مشاهيره: كان (من عباد أهل الشام وزهادهم وفقهاء التابعين وفهمائهم توفي سنة اثنتي عشرة ومائةللهجرة

سيرة السراج

وذُكر أنه بات ليلة عند عمر بن عبد العزيز فهمّ السّراج حتى يخمد فقام ليصلحه فأقسم عليه عمر ليقعدن وقام هوإليه فأصلحه نطق: فقلت له تقوم أنت يا أمير المؤمنين،يا ترى؟ فنطق: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز.

وقد توفى راتى بن حيوة في سنة 112هـ/730م. وله مواقف عديدة منها:

• هادياً وليس جابياً...
• والعافين عن الناس...

المصادر

• موسوعة الحضارة الإسلامية

الهامش