قوانين الدواوين
المؤلف | الأسعد بن مماتي |
---|---|
اللغة | العربية |
الموضوع | تاريخ الدولة الأيوبية |
الناشر | |
الإصدار | 1209 |
قوانين الدوانين، هوكتاب من تأليف الأسعد بن مماتي سنة 1209، ويتحدث عن مصر في عصر الدولة الأيوبية.
محتوى الكتاب
مصر الأيوبية
يتحدث كتاب قوانين الدواوين، لمؤلفه الأسعد بن مماتي، والذي يعود إلى زمن الدولة الأيوبية (تحديداً القرن الـ12 ميلادياً)، عن مصر ومقوماتها وسماتها، من مختلف الجوانب، ففي الوصف الجغرافي للقطر المصري خلال الدولة الأيوبية، يقول المؤلف: "تقع في الإقليم الثاني والثالث من المعمورة (ويعني افريقيا وآسيا). وأما عن طولها وعرضها، فيوضح أنها، مسافة أربعين يوماً طولاً، وثلاثين يوماً عرضاً (ما بين مدن رفح والعريش حتى أسوان طولاً، ومن أيلة حتى برقة عرضاً).
كما يشير مماتي في كتابه إلى أنه تعود تسمية مصر إلى "مصر بن بيصر بن نوح عليه السلام"، كما اتى ذكر فضائلها في القرآن الكريم.
القرآن والحديث
ويعود المؤلف، عقبها، إلى تناول ما اتى من ذكر لفضائل مصر ضمن القرآن الكريم ومأثور الحديث الشريف. ليتوقف مع وصف نيلها ومبتدئه ومنتهاه وطوله، وأيضاً حالته عند نقصه وزيادته (يعنى فيضان النيل). كما وصف مماتي ما اجتمع في مصر من عجائب، وما انفردت به من غرائب. ولم يغفل الحديث عن تاريخ الفتح الإسلامي لها، وكيف فتحت، صلحاً أم عنوة وسبب الخلاف في ذلك.
أسماء البلدان
وينتقل المؤلف، اثرها، إلى سرد وصفي شيق لأسماء الضياع والكفور والجزر وغيرها من الأماكن لتجمع المصريين. وقد حقق هذا الباب تحديداً، الأستاذ محمد رمزي بك، وهوأحد الباحثين المصريين، قبل عام 1935م (سنة نشر الكتاب للمرة الأولى، بفهم الجمعية الزراعية المصرية). وأفاد محقق الكتاب، أنه وبالرجوع إلى النسخ المتنوعة من نسخ الكتاب في المخطات الأوروبية، عثر تنوعاً في تفاصيل هذا الفصل، وهوما برره باعتبار وصف تلك المدن والقرى، من الأسرار، حتى ان الباب بكامله اختفى في إحدى النسخ.
أنظمة الحكم
كما نجد حتى مؤلف الكتاب (الباحث الأيوبي مماتي)، تصدى إلى كثير من المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في فترة الحكم الأيوبي، حيث استعرض وظائف الدولة الهامة وتخصصاتها، وهوما نطلق عليه الآن مسمى الهيكل الوظيفي والإداري للدولة، وذلك سواء على مستوى الدواوين أوالوظائف المتنوعة للعاملين بها. ويدرج لنا تفاصيل حول أسماء المستخدمين من حملة الأقلام (ويعني الموظفين في الهيكل الإداري للديوان أوالوزارة).
وكذلك يطلعنا على مهمة ودور "الناظر"، مبيناً انه منقد يكون على رأس الديوان، أومدير ما."الناظر إنسان يستظهر به على متولي الديوان، أومشارف عمل، وليس لأحد مستخدميه حتى ينفرد عنه بشيء من فهم المنظور فيه، محفوظاً بخطه، وان كان ناظر مشارف، خط خطه على ما يحمل من الحساب، ويخرج من الوصلات، وهوالمخاطب على جميع ما يتم من معاملته من خلل". وهذا ما يعني عملياً، حتى والناظر هوالذي يرأس الجميع، وهوالذي يسقط على الحسابات ويعتمدها، وهوالمخاطب من الجهات الخارجية.. إلى غير ذلك.
الزراعة
وأما عن الشؤون الزراعية، فقد أفاض مماتي في توصيفها، إذ ذكر أنواع الأراضي المتنوعة، والفصول الزراعية، وأنظمة الري، وأنواع المزروعات وأوقات غرسها وحصادها، والبساتين وأوقات تقليم أشجارها.. وغيرها من المعلومات.
ملاحظات وتصويب
وبطبيعة الحال، يجد القارئ جملة ملاحظات حول الكتاب، ولكنها بالعموم لا تؤثر على قيمتها الجوهرية، وهي من قبيل: نشر دون تنقيح أوتصويب الأخطاء اللغوية أوالنحوية، أضيفت فيه أكثر من قراءة في بعض المواضع حرصاً على رصد مجمل ما تم تجميعه من النسخ المتنوعة من الكتاب (حيث تلاحظ بعض الزيادات أوالنقص في نسخة عن أخرى، وهي من مظاهر خط تلك الفترة التي كانت تعتمد على ناسخ محترف لكتابة جميع نسخة).
كما يلفت محقق الكتاب الى حتى النسخة الأصلية للكتاب، كان قد خطها المؤلف باختصار شديد، وبأسلوب تعبير هوبأقل عدد من الحدثات عن الفكرة المطروقة، مما جعله من أصعب الخط التي يمكن حتى يقرأها القارئ اليوم.
تحليل الكتاب
كتاب قوانين الدواوين هوكتاب فهمى صرف يتحدث فيه ابن مماتى عن مصر بصفة عامة ونهر النيل ومساحة الأرض وتحقيق أسماء ضياعها وكفورها وخلجانها، بالإضافة إلى تناوله الأراضى المتنوعة، والفصول الزراعية، وأنظمة الرى، وأنواع المزروعات وأوقات غرسها وحصادها وغير ذلك من الأمور الهامة.
كذلك يتصدى المحرر إلى كثير من المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في عصر بني أيوب. مثال ذلك "الباب الثامن" الذى استعرض فيه المؤلف وظائف الدولة وشرح اختصاص جميع منها، كما أنه أتى في الأجزاء الأخيرة من الكتاب على شذرات كثيرة طريفة عن بعض الدواوين ودور الحكومة وموارد الدولة.
ويقول العلامة الكبير الراحل عزيز سوريال الذى حقق الكتاب إذا قيمته ليست مقصورة على سعة اطلاع المؤلف وغزارة فهمه وحدة ذهنه، وإنما ترجع كذلك إلى مكانته الخاصة في المجتمع المصرى ومركزه السامى في حكومة البلاد، فابن مماتى - كما يظهر من تاريخ حياته فيما بعد - تقلب في كثير من دواوين الحكومة، وانتهى به الأمر إلى تقلد الوزارة نفسها، وبذلك أصبح جميع ما يخطه ذا صبغة تجعله وثيقة رسمية صدرت عن قلم أحد وزراء الدولة المسئولين.
كذلك يخبرنا الدكتور عزيز سوريال حتى ابن مماتى اعتذر عن تقديم بعض المعلومات لأنه اعتبرها من أسرار الأمن القومى أومن أسرار الدولة التى لا يجوز إذاعتها - هذه الشخصية التى تجمع بين الخيال الأدبى الساخر والدقة الفهمية المفرطة إلى جانب الحس الوطنى اليقظ كيف من الممكن أن نراها؟
لقد تساءل المستشرق الفرنسى الكبير كازانوفا، الذى حقق كتاب "الفاشوش"، وعلق عليه قائلاً : ""كيف نوفق بين صورة هذا المؤلف الذى يخوض في كتابات الفكاهة ويخط فيها كتاباً بالعامية، ثم يخط كتاباً آخر بالفصحى عن الأرض ومساحة المدن ويعزف عن إباحة أسرار الدولة، فيرتفع إحساسه بالمسئولية إلى هذا الحد المتعقل؟".
إن الصورتين تتكاملان لوفهمنا حتى ابن مماتى كان غاضباً حانقاً بلا شك على القائد قراقوش الذى يقربه صلاح الدين إليه. وهوحانق من وجهة نظر ممضىية كما يمضى كازانوفا، وهوحانق كذلك لأن أمور مصر ساءت على الرغم من الإنجازات التى حققها صلاح الدين في الخارج من صفحات وضاءة في الفتوحات وصد الصليبيين، ولكن هذه الصفحات كانت مصابة ببقع الحكم الاستبدادى في الداخل وإطلاق الشهوة "القراقوشية".
ولعل هذا الوضع يبرر من جانب الحكام عادة باسم المصلحة العامة (باستخدام أسلوب العصر) ولكنه لا يبرر من زاوية المحكومين أبداً. كما أننا نتصور حتى حنق هذا الاقتصادى أوهذا المالى ابن مماتى على قراقوش هوحنق له ما يبرره لأن الاقتصادى ينظر للأمور نظرة مخالفة لنظرة القائد العسكرى، مما يثير الفرقة في النظر دون شك.
وقد علق الدكتور عزيز سوريال على ما اتى في خط المؤرخين بملاحظات عدة نذكر منها:
أن مؤلف كتاب "قوانين الدواوين" لم يكن أول إنسان عظم شأنه في دواوين الحكومة من بين أفراد أسرته، إذ نجد حتى جده أبا المليح الذى عاش بمصر في العصر الفاطمى عمل في خدمة الوزير بدر الجمالى والخليفة المستنصر بالله حتى بلغ في سلم الترقى إلى وظيفة "مستوفى الديوان" وهى من الوظائف الرئيسية في الدولة الفاطمية، وبعد موته تولى ابنه ومسماه المهذب بن أبى المليح رئاسة "ديوان الجيش" والدولة الفاطمية تحتضر في وزارة أسد الدين شيركوه السنى ، وفى عهده أسلم هووأولاده لكى يفلت من التضييق الذى سقط على النصارى وقتئذ، ويحتفظ بمكانته السامية في دواوين الحكومة، وأما ابنه وهوحفيد أبى المليح ومسماه الأسعد فقد قضى الجزء الأول من حياته في عصر الانتنطق من الفاطميين للأيوبيين، وورث في بداية الأمر عن أبيه وجده "ديوان الجيش" الذى احتفظ به في عهد صلاح الدين الأيوبى (564 - 589 هـ / 1169 - 1193 م) وفى سلطنة ابنه العزيز عماد الدين عثمان (589 - 595 هـ / 1193 - 1198 م)، ويظهر مما ورد في رواية ياقوت الرومى أنه أضيف إليه أيضاً "ديوان المال" الذى يعتبر في جميع العصور أبرز الدواوين والوزارات، ويلوح أنه ظل محتفظاً بوزارته ودواوينه أيضاً خلال سلطنة المنصور محمد (595 - 596 هـ/ 1198 - 1199م) وشطر من سلطنة العادل سيف الدين أبى بكر (596 - 615 هـ / 1199 - 1218م) ، ولكن كثرت عليه المؤامرات في عهد هذا الأخير وأودت بمركزه وماله، وأدت إلى هروبه فقيراً ذليلاً إلى ما وراء الحدود المصرية في الشام حيث قضى بقية أيامه بمدينة حلب ومات بها في جمادى الأولى عام 606 هـ (نوفمبر 1209م) وعمره إذ ذاك اثنتان وستون عاماً.
ثانياً: يلاحظ حتى الوزارة لم تشغل الأسعد عن الأدب والتأليف، ونظرة واحدة في أسماء الخط التى صنفها والتى ذكر أكبر عدد منها ياقوت الرومى تكفى لإيضاح هذه الحقيقة، ولكن الغريب في ذلك هوأنه لم يتحدث عن "كتاب" قوانين الدواوين" من بين قدماء المؤرخين سوى المقريزى هوالوحيد الذى اهتم بمثل ما ورد في ذلك الكتاب من المحتويات، بينما اقتصر الآخرون على الناحية الأدبية البحته من تآليفه، ورواية المقريزى في هذا الصدد عظيمة الشأن، ويفهم منها حتى ابن مماتى ألف الكتاب للملك العزيز، ثم يزيد على ذلك حتى الكتاب المتداول في أيدينا إنما هونسخة مختصرة من الكتاب الأصلى الذى كان يقع في أربعة مجلدات ضخمة". فإذا صحت نظرية المقريزيى، وضح لنا السبب في الاختلافات الكبيرة بين مجموعة المخطوطات الصغرى التى اعتمد عليها ناشر نسخة مطبعة الوطن والمجموعة الكبرى التى اعتمدنا عليها فيما ننشره اليوم في المجلد الحاضر، وبالرغم من حتى "كتاب قوانين الدواوين" الذى يظهر في هذه الصفحات من أروع الوثائق التاريخية في عصر الدولة الأيوبية، فإنه لا يسعنا إلا إبداء أسفنا الشديد على ضياع الأصل المطول ذى المجلدات الأربعة والتى لم نعثر عليها في أى مكان توجد فيه مخطوطات عربية في أوربا من لندن وباريس إلى استانبول والقاهرة وغيرها من العواصم
المصادر
- ^ "كتاب قوانين الدواوين". جريدة البيان. 2012-06-26. Retrieved 2012-10-05.
- ^ نسيم مجلي (2010-05-07). "الأسعد بن مماتى...رائد أدب السخرية". الأقباط.com. Retrieved 2013-12-26.