محمد جعفر بن محمد ميران
هوالإمام العلامة المخدوما محمد جعفر بن محمد ميران المعروف بعبد الكريم بن محمد يعقوب بن نورالدين العباسي البوبكانى رحمه الله تعالى ، والبوبكاني فهونسبة إلى ( بوبكان ) إحدى مدن السند وفي تفسير معناها وجوه : منها حتى ’’ بوبك ‘‘ في اللغة السندية إسم حشيش مخصوص ينبت هنا دون غيرها ، ومنها أنه مركب من جزأين ’’ بو‘‘ بمعنى الرائحة و’’ بك ‘‘ بمعنى الهفوة في لغتنا السندية ، وسميت القرية به لأنها كانت مركزا لتجارة السمك ، والتحقيق الدقيق ما خطه العلامة المخدوم محمد جعفر في كتابه حيث نطق : بوبكان مدينة من مدن السند على فرسخين من سيوستان من الجانب الغربي منه . والبوبك كان إسم جد العائلة وأصله أبوبكر ، قصر تخفيفا . وعهدت به هذه المدينة التي صارت مركزا فهميا وقامت فيها مدرسة كبيرة في أوائل القرن العاشر الهجري ينهض بالتدريس فيها عدد كبير من الفهماء الأجلاء.
نشأته
ولد الإمام سنة 930هـ وقرأ أولا على والده العلامة الشيخ المخدوم محمد ميران المعروف بعبد الكريم رحمه الله بمدينة ’’بوبك ‘‘ ثم بعد وفاته ارتحل إلى الحرمين الشريفين واستفادا وقرأ على الفهماء المشهورين والمحدثين الموجودين آنذاك في الحرمين الشريفين ثم عاد إلى السند سنة 961هـ تقريبا وتولى مسند أبيه في مدرسته بمدينة بوبك ، فأفاد منه عامة الناس واتى إليه طلاب الفهم من جميع فج عميق . وبجانب التدريس بدأ يؤلف الخط والرسائل الفهمية ، وخاصة حول المسائل العارضة حينئذ. وقد تنقل الشيخ - رحمه الله – بين عدة مدن مثل ’’ تته ‘‘و’’هالا‘‘ في إقليم السند و’’كجرات في إقليم البنجاب. و’’شاهجهان ‘‘ من بلاد الهند ، فضلا عن سفره إلى الحرمين الشريفين واستفاد فهماء هناك كثير .
توفي الشيخ المخدوم محمد جعفر البوبكاني في سنة 1002هـ عن عمر ، يناهز الثانية والسبعين بعد جهاد فهمي يرحمه الله رحمة واسعة .
عصر الشيخ
كان الإمام رحمه الله من فهماء القرن العاشر الهجري ، وهذا القرن في تاريخ بلاد السند هوقرن ازدهار العلوم والآداب ، ولكن شهد هذا العصر بعض الحوادث السياسية الخطيرة الملئية بالبأس والشدة وسيطرة الأغيار على السند ؛ ظلت تعاني منها من قرنين من الزمان : ترسف وسيطروا في سلاسل السيطرة وأغلال العبودية وقد أضر سوء معاملة الأغيار لأهل السند بأذهان الناس وعقولهم وهممهم وأضعف عزائمهم وانعدم الأمن في السند بمجئ الأجنبيين ؛ حيث شن الأجانب من الأرغون والترخان الحروب على هذه البلاد وسيطروا عليها.
وأما من الناحية الفهمية فقد كان الحال جيدا لأهل الفهم ، ومع حتى كثيرا من فهماء السند قد ارتحلوا إلى الهند والحرمين الشريفين لوقوع الفسادات وعموم الاضطرابات ، فقد كان من الفهماء من أقام في السند وقاوم العدوووقف في وجهه وجاهدهم في الميدان الفهمي ونشروا جواهر فهمية وفجروا منابع الفهم فعاد الفهماء المهاجرون وأفادوا الناس ، فتقدمت الحياة الفهمية وارتقت النهضة الأدبية واستؤنف التأليف بعد مدة طويلة وترجم القرآن الكريم إلى الفارسية لأول مرة في شبه القارة الهندية على أيدي المخدوم نوح الهالائي .
وفي بداية هذا القرن ظهر محمد مهدي الجونفوري في السند وقد قويت حركته ولكن قابلته الحركة البلالية فمع حتى بعض الفهماء تأثر بهذه الحركة ، ولكن محمد الجونفوري غادر السند وهجرها وقويت الطريقة السهروردية والشطارية .
وقد كان الملوك الأجانب مع ظلمهم وطغيانهم من وراء تقدم الحياة الفهمية وازدهارها ؛ لحبهم الفهم والأدب ، وتشجيع الفهماء ، وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه .
المكانته الفهمية والاتجاه العقائدي للشيخ
خط مؤرخ السند السيد القانع : المخدوم محمد جعفر بن المخدوم كان جامع الكمالات وكان معاصرا للمخدوم نوح رحمه الله تعالى . يقولون :
كما كان أعجوبة دهره ؛ ولذا فإن فضله وكماله باق إلى الآن في أولاده : المخدوم عبد الغني والمخدوم نورالدين.
كان الشيخ مجتهدا في العلوم والفنون ، متمسكا بالأحكام القرآنية ، مخالفا التفسير بالرأى ، أما منهجه في الحديث فكان يقبل ما يوافق القرآن ويرد ما يخالفه. كان فهم الحديث في السِّند آنذاك منحصرا في " مشكوة المصابيح " فلما مضى الشيخ إلى الحرمين الشريفين أتى بالمزيد من خط الحديث وعلومه ، ثم صنف كتابا باسم ’’عجالة الطالبين‘‘ بين فيه الأحاديث المنتشرة بين أهل السند ، وألف ’’منهج العمال‘‘؛ لترويج الحديث السليم في السند ونشره بين الناس . وكان للشيخ منزلة عالية ومهارة كبيرة في الفقه والفتاوى على الممضى الحنفي الذي كان من المجتهدين فيه ، وما زال كتاب ’’المتانة‘‘ مرجعا لكل فقيه ، بل لعامة الناس وخاصتهم . وهوأول من صنف خطا حول الطلاق الرائج الشائع في السند وما يتفرع عليه من المسائل وله شغف كبير بالأدب العربي والفارسي والسندي ، ونظم أشعارا بالعربية. ونفعنا الله تعالى بفيوض هذا الحبر الجليل.
أما في مجال العقيدة الإسلامية فقد اعتمد الإمام محمد جعفر ـ رحمه الله ـ على الكتاب والسنة، لوقرأنا خط خاصة في العقيدة وجدناه اتاتىه . وعندما يتناول موضوع رؤية الله تعالى وغير ذلك من الموضوعات التي تتعلق بالعقائد استدل بالأحاديث والأقوال السلف ، كما يتحدث عن رؤية في المخطوط كشف الحق حيث ذكر : وعن أبي أمامة نطق: ’’ نطق رسول الله إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ‘‘. وقوله إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا فيما أخرج أحمد في مسنده وأبوداؤد في سننه عن عبادة بن الصامت عنه فيما نطقه في خروج الدجال وقوله ولا ترون ربكم حتى تموتوا فيما أخرج ابن ماجة في سننه .(2) وغير ذلك من الأدلة .
مؤلفات الشيخ
العقائد والكلام
- كشف الحق
- معاقد العقائد المعروف بالمكالمات
- الإشارات لحل المعاقد والمكالمات
- منهيات المكالمات والإشارات
- أقل وأعدل حدثات في فصوص الحكم والفتوحات
المنطق والجدل
- معيار النظر
- معونة المبتدي
- نهج المناظرة
الأخلاق والسلوك
- إرشاد الصادقين
- فتح الدارين
الفقه الإسلامي
- المتانة في مرمة عن الخزانة
- البصارة في العمل بالإشارة
- حل العقود في طلاق السنود
- مجموعة رسائل في الطلاق
- القول المبرم في قول السنود
- قرنه في حكم الحلف بالمرنة والبرنة
- التنميق في توقيت المرأة في التطليق
- كمية الواقع
- استفتاء في تعليق الطلاق
- الحجة القوية في جواب الرسالة الحلفية
فهم الحديث
- منهج العمال
- عجالة الراغبين في انتقاد الحافظين في بيان الأحاديث الموضوعات
- عجالة الوقت
فهم الصرف والنحووالعروض
- شرح ميزان الصرف
- العراضة في فهم العروض والقافية
- عرض العراضة
فهم البلاغة
- بنية البيان
- بيان البنية
مناهج التعليم
- نهج التعليم
- حاصل النهج
وقد ورد ذكر الخط التالية دون معلومات عنها
- بداية النحو
- أهم النحوالمعروف بالحدثاتية
- شرح الفوائد الضيائية
المراجع والمصادر
- ^ ’’ مقدمة المتانة في مرمة عن الخزانة ‘‘للعلامة محمد جعفر البوبكانى بتحقيق أبوسعيد غلام مصطفى القاسمى السندى ط : لجنة إحياء الأدب السندى بكراتشى الطبعة الأولى ، 1381هـ 1962 م
- ^ مؤرخ السند السيد القانع ( المتوفى 1203هـ) في تحفة الكرام
- ^ ) فقهاء الهند لمحمد إسحاق بهتي 3/144 ( باللغة الأردية ) ط : اداره الثقافة الإسلامية بلاهور
- ^ المخدوم محمد جعفر البوبكاني وجهوده الفهمية . إعداد دكتور عبدالله بلوش