لوّاتا

لوّاتا هم الليبيون القدماء.[بحاجة لمصدر]

أصل الاسم

إنّ اسم لوّاتا حُرِّفَ عند المصريين القدماء إلى اسم: ليبو، وكان هؤلاء اللّيبو(إيلواتن) يعيشون على حدود مصر الفرعونيّة، ثُمّ تغلغلوا في ما بعد في أراضيها، حتّى وصلوا إلى ضفاف نهر النّيل، وكانوا من حين لآخر يزعجون استقرارها وأمنها. واشتُهِرَ من زعماء هؤلاء اللّيبو، المدعو: مغياي Meghiey بن داد Ded، الذي عقد حلفاً مع القبائل اليونانية ضد الفرَاعِنَة، في ما عُرف في التّاريخ باسمِ: غزوات الشعوب البحرية. حيث هُزِمُوا فيما بعدَ شرَّ هزيمةٍ أمَامَ قُوّات الفرعَون منفتاح Mineptah (1224-1214 ق.م). وفي عهد الفرعون رمسيس الثالث Ramsès III (1198-1166 ق.م)، قامت قبائل الليبوبالتحالُفِ مَعَ إخوَتِهِمِ المشوَش Meshwesh، بقيادة مشّر Mesher بن كپّر Kaper، في غزومصر لكنهم هزموا أيضاً. وفي عام 945 ق.م صعد على عرش مصر الفرعونية أحد المشوَش الأمازيغ، تحت اسم شيشنوق الأول Shishnoq، بعد تغلبه على الفراعنة، وأسّس أسرة حاكمة في مصر، أعطت لها عدّة فراعنة. وقد عُثِرَ على نقوش، رُسِمَت على جدار معبد آمون في الكرنك، تمثل هزيمة المصريين أمام قوات شيشنوق. وشيشنوق هذا، هوابن نمرود بن شيشنوق بن بيتحوت بن نبتيشي بن موسين بن بويوارا.

قام شيشنق الأول وهُوَ: شيشَق Sesac في التوراة بغزوفلسطين، وحطم قوات الملك الإسرائيلي يربعام Roboam صاحب مملكة يهوذا، واستولى على كنوز الملك سليمان(عليه السلام) في أورشليم (القدس). ومما اتى في التوراة التي بينَ أيدي اليهود اليوم: إذا الرب غضب من بني إسرائيل، لأنهم فسقوا في الأَرض، ولأنهم هجروه .. وأنا أهجركم ليد شيشق ملك مصر على أورشليم، وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، أخذ الجميع وأخذ أتراس المضى التي صنعها سليمان. واتى في التوراة أيضا، حتى سليمان (عليه السلام) قام بطلب يد ابنة شيشنق للزّواج. واتى فيها أيضا: وصاهر سليمانُ فرعون ملك مصر، وأخذ بنت فرعون، وأتَى بها إلى مدينة داود، بعد حتى أكمل بناء بيته وبيتِ الرب وسور أورشليم حواليها.

ونذكر من الفراعنة المنحدرين من نسل شيشنوق: الفرعون أوصورقون Osorcon، الذي خلف شيشنوق (874-850 ق.م)، والذي كان عصره من أزهى العصور. كما نذكر: الأميرة الليبية كاروماما Karomama، التي يوجد لها تمثال من مضى، في متحف Louvre بباريس. دون حتى ننسى: نيتوقريص Nitocris ابنة الفرعون الپْصاميتي الأول Psammétique (664-610 ق.م)، التي حملت لقب: زوجة آمون. والفرعون المشهور: نِخاوNékhao، ذكرهُ المؤرخ اليوناني القديم ثوقيديدس، ونطق أنّه ليبي من سلالة شيشنُق. وكان نِخاوأول من حفر قناة بين البحر الأحمر ونهر النيل، ليصل البحر الأحمر بالأبيض. وذكر المحرر اليوناني آثيناوس في كتابه: مائدة الفلاسفة أنّ الفِرعَون الليبي نِخاوبعث حملة لاكتشاف أفريقيا. واتى في التوراة التي بينَ أيدي اليهود اليوم، أنّ الفرعون نخاوالثاني قام بعد تسلمه الحكم حوالي في نهاية (القرنسبعة ق.م) بحملة على يوشيا ملك إسرائيل. وورَدَ في النّصوص التّاريخيّة أنّهُ بعث سفينة عليها ملاحون من أهل فينيقيا[بحاجة لمصدر]، فطافت حول أفريقيا من البحر الأحمر، لتعود عن طريق جبل طارق، وكانت هذه أول دورة في التاريخ حول أفريقيا، ودامت ثلاث سنوات، وصلت بعد وفاةِ هذا الفِرعَون.

وبلغ تأثير الليبيين في الأقباط وهم المصريون الأصليون الذين يُسمّى ملوكهم: الفراعنة أنِ اقتَبَسَ المصريون عنهُم أيضاً بعض معبوداتهم، ولم يغيروا من أسماءها لتقارب لغتي الأمتين، ونذكر مثالا عن ذلك: الإله حاش Hash، وهوإنسان بِرأس صقر؛ والإلهة نيت Nit أونايث Neith إلهة الحرب؛ والإله آمون، وهوإنسان برأس كبش، ويُعتبر من أقدم ما عبَدَ المصريّون. وقد ذكر المؤرخ اليوناني القديم هسخيوس Héséchius، أنّ الليبيين (البربر) يُسمّون الكبش: آمون.

وقد تم التعهد على جميع ما ذَكَرنا من المعلومات، من خلال الوثائق المصرية القديمة، التي تقسم حسب مراحل تاريخ منطقة وادي النيل إلى:


وثائق ما قبل الأسرات وبداية الأسرات :

وهي تعبير عن مناظر منقوشة لا كتابة فيها، لعدم اكتمال عناصرالكتابة الهيروغليفية بعد، وهذه المصادر هي مقبض سكين جبل العرق، في نجع حمادي بالصحراء الشرقية؛ ولوحة الصيد، أوما يُعهد بلوحة الأُسود؛ ولوحة التحنوفي أپيدوس في الصعيد؛ ولوحة التوحيد، وفيها: حتى اسم التحنوظهر أول مرة خلال الأسرة الأولى (3400- 3200 ق.م)، وذلك في عهد الملك نعرمر (مينا)، الذي وحد منطقة وادي النيل، بعد حتى طرد منها الليبيين الذين كانوا يقيمون في الوجه البحري.

وثائق الدولة القديمة (2900-2280 ق.م):

دُوّنت بالخط الهيروغليفي، وهي: نص الملك سنفرومؤسس الأسرة الرابعة، الذي قاد حملة ضد التحنو، وأسر منهم ألفا ومائة، واستولى على ثلاث عشرة ألف ومائة رأس من الماشية والأغنام؛ ونصوص الملك سحورع من الأسرة الخامسة، والتي كُتِبَت على جُدران معبد الملك سحورع؛ ونصوص أوني حاكم الجنوب، الذي قاد جيشا ضد بدوآسيا، في عهد الملك بيبي الأول (الأسرة السادسة)، وكان في الجيش الكثير من سكان الجنوب، ومنهم سكان بلاد التمحو، وهوأول ذكر لقبائل التمحو؛ ونصوص حرخوف حاكم وقائد القوافل في الجنوب (الأسرة السادسة)، الذي وصف رحلاته إلى إقليم يام في النوبة، وأنه وصل بلاد التمحوالتي تقع في الجنوب الغربي من النيل.

وثائق الدولة الوسطى (2060 -1785 ق.م):

وهي حكاية سنوهي أحد رجال البلاط، وتذكر حتى سنوسرت ابن الملك منتوحتپ الأول، خاض حربا ضد التمحو؛ ومخلفات المجموعة السكانية التي يطلق عليها المجموعة (ج)، والتي عاصرت الدولة الوُسطى، ويرى بعض الفهماء في هذه المجموعة السّكانية بأنها فرع جنوبي للتمحو، أوأنهم ليبيون جنوبيون.

وثائق الدولة الحديثة (1580 -1085 ق.م):

وتم التعهد من خلالها على مجموعات كثيرة من الليبيين الذين عاشوا قبل زمن هيرودوت، أي خلال القرنين (13ق.م) و(12ق.م)، وهي: وثائق مقابر طيبة في عهد الملكة حتشپسوت والملك تحتمس الثالث، في الفترة ما بين عامي 1490 ق.م و1447 ق.م؛ ورسومات معبد الكرنك التي تعود إلى عهد الملك سيتي الأول، وتتحدث عن هجمات قبائل التحنو، وصدها من قِبَل ملوك سكان منطقة وادي النيل؛ ونقوش مِسَلاَّت رعمسيس الثاني، التي اكتُشفت في مدينة تانيس، والتي تُشير إلى استعانة رعمسيس الثاني بوحدات عسكرية ليبية تم ضمها للجيش المصري؛ ونقوش معبد الكرنك وعمود القاهرة ولوحة أتريب وأنشودة النصر، وكُلّها تتحدث عن فوز الملك مرنفتاح (من الأسرة التاسعة عشر) على التحالف الذي يضم: الليبووالقهق والمشوش، وشعوب البحر اليونانية التي تتمثل في خمسة أقوام، وهي: الأَقْوَش Eqwesh والتَّرَش Teresh والشَّردَن Sherden واللُّكَا Luka والشَّكَلَش Shekelesh، ويرى فيهم الباحثون على الترتيب أنهم: الآخيون Achiens والآتروريّون Etrusques والسردانيون Sardes واللُّكِيُّون Lukkas والصقليون Siculis، والذين توجهوا جميعا نحوالدلتا لاحتلالها لغرض الاستقرار بها، وكان يقودهم في هذا الهجوم زعيم قبيلة الليبومغياي بن داد؛ وورقة بردية هاريس الكبرى، وتتحدث عن هجوم قبائل الليبوعلى منطقة الدلتا، وسبب الهجوم حتى الفرعون أراد حتى يفرض على الليبيين ملكا منهم رباه في قصره، ولكن الليبيين رفضوه؛ ونقوش ولوحات معبد رعمسيس الثالث الجنائزي بمدينة هابوالواقعة في طيبة الغربية، وتتحدث عن هجوم قامت به قبيلة المشوش ضد منطقة وادي النيل، وقاد هذا الهجوم زعيم المشوش كپّر وابنه مشّر.

ومن خلال المصادر المصرية القديمة، يمكن تقسيم المجموعات الليبية القديمة التي وردت بهذه النصوص حسب تسلسلها التاريخي، إلى الجماعات الآتية:

التحنـوTehenu

تقع بلادهم غربي مجرى النيل، ويرى الدكتور أحمد فخري حتى بلادهم كانت تمثل الفيوم والواحات ووادي النطرون وبرقة. ويرى فرانسوا شاموبأن بلاد التحنوتضم جميع المناطق الواقعة غربي وادي النيل، بما في ذلك الأنطقيم الجنوبية. وابتداء من الأسرة الفرعونية الخامسة إلى الأسرة الثامنة عشرة، أصبحت حدثة تحنوتدل على ليبيا والليبيين القدماء عامة. ويرى العالم الألماني هولشر حتى التحنوكانوا يعيشون في دلتا النيل، ثم طردهم من هذا الإقليم ملوك منطقة الوجه البحري. وقد كان التّحنوسمر اللون مثل المصريين، كما كانوا يختتنون مثلهم.


التّمحـوTemehu

يرى گاردنر بأن بلاد التمحوتمتد من الحدود الغربية لمصر حتى طرابلس والنوبة جنوبا، في حين أنّ أحمد فخري يرى بأن التّمحوكانوا قد تمركزوا في نفس موطن التحنوبعد حتى سيطروا عليهم، بالإضافة إلى سيطرتهم على الواحات الخصبة غربي وادي النيل، ويرى أنّهم انتشروا جنوبا حتى دار فور. أما عن أصلهم فقد ظهرت في هذا الموضوع نظريتان: يرى أصحاب النظرية الأولى حتى التمحواتىوا مهاجرين من قارة أوروپا إلى شمال أفريقيا، ثم توغلوا إلى الجنوب، ويرون بأنهم ينحدرون من قبائل الوندال، أوأى جنس شمالي آخر، ويستدلون على ذلك بالسمات التي يمتاز بها التمحوعن بقية الليبيين، مثل: الشعر الأصفر والعيون الزرقاء والبشرة البيضاء، ولكنّه قد ثبت أنّ هذه المجموعة السكانية ذات الشعر الأصفر والبشرة البيضاء، متواجدة في الصحراء الكبرى منذ الألفستة ق.م، وتتعارض مع ما أكّدته البحوث الأثريّة عن عدم استعمال الإنسان للبحر قبل الألفخمسة ق.م، كما أنه ليست هناك أيّة قرائن تفيد بأن المجموعات السكانية الأوروپية وصلت منطقة الصحراء الكبرى كمهاجرين، في أي فترة من فترات التاريخ القديم، وأنّ أول اتصال أوروپي بمنطقة شمال أفريقيا كان في حدود نهاية الألف 2 ق.م، مع وصول المجموعات المعروفة باسم شعوب البحر، الذين حاولوا الاستيطان في منطقة وادي النيل. أما أصحاب النظرية الثانية، فيقولون حتى التّمحوهم مواطنون أفريقيون، سلكوا طريقهم، من الجنوب الغربي من الصحراء متجهين نحوالشمال والشمال الشرقي. ويرى بعض الفهماء بأن القوم الذين أطلق عليهم الفهماء اسم المجموعة (ج)، والذين عثر على آثارهم بمنطقة النوبة، وهم فرع من التمحو، وأنهم ليبيون. ويشر أوريك پيتس حتى مخلفاتهم تتفق ومخلفات الليبيين القدماء، حيث يذكر بعض الأدلة، والتي من بينها: الدّليل الأول: لا تختلف جماجم وشعور المجموعة (ج) عن جماجم جنس البحر المتوسط، الذين منهم الليبيون القدماء بصفة عامة ومجموعة التمحوبصفة خاصة؛ الدّليل الثّاني: لقد اتبع أصحاب المجموعة (ج) طريقة للدفن، ونمطاً لبناء المقابر الدائرية، هي نفسها التي عهدت لدى سكان الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا، والتي عهدت باسم الرجم؛ الدّليل الثّالث: تصور الرسومات المنقوشة رجال المجموعة (ج) وهم يرتدون ملابس، هي نفسها التي كانت تميز الليبيين القدماء، الذين تعرّفنا عليهم من خلال الوثائق المصرية القديمة في فترة ما قبل الأسرات وبداية الأسرات، وهي سمات عُرفَت قبل ذلك لدى سكان الصحراء الكبرى؛ الدّليل الرابع: يستعمل رجال المجموعة (ج) سلاح السهم والقوس، وهي من الأسلحة التي عهدت في الصحراء الكبرى قبل حتى تعهد لدى أهل النوبة؛ الدّليل الخامس: يؤيد انتماء سكان المجموعة (ج) للتمحو، ما عثر عليه من فخار وقبور في وادي هور، الذي يقع على بعد 400 وقع جنوب غربي الشلال الثالث، ومن خلال المقارنة اتضح حتى هذا الفخار يشبه فخار المجموعة (ج). والجدير بالذكر حتى هذا الفخار عثر عند طريق هجرة التمحومن موطنهم الأصلي، الذي يراه معظم الباحثين بأنه منطقة الصحراء الكبرى، قبل حتى يحل بها الجفاف. وبناء على جميع ذلك يمكن الاستنتاج، بأن التمحو، وسكان المجموعة (ج)، وسكان وادي هور كلهم اتىوا من الصحراء الكبرى بعد حتى حل بها الجفاف.

ويلاحظ التشابه بين اسم التمحوأوالتمهو، والأسم الذي يطلقه الطوارق اليوم على أنفسهم، وهوتاماهاق!

الليبـو(الريبو) Libu (Ribu):

يرى معظم الفهماء حتى الليبوأوالريبوكانوا يسكنون منطقة برقة الحالية، وربما كانت أراضيهم تمتد نحوالشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سِوَّة، ويرجح حتى مجموعتي القهق والإسپت كانتا تعيشان في نفس المنطقة التي تسيطر عليها مجموعات الليبوأوالريبو، وأقدم ذكر لمجموعات الليبوأوالريبوكان في عهد رعمسيس الثاني (فرعون موسى). ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام، في تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة، حيث اشهجروا كقادة في الحروب التي قامت ضد الملك مرنپتاح، واشهجروا أيضا في الحروب التي دارت ضد رعمسيس الثالث، ويعتقد حتى اسم الليبوأصبح منذ بداية الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديم، يطلق على جميع المنطقة التي تقع إلى الغرب من منطقة وادي النيل، وبالتّالي اختفت أسماء بقية المجموعات الأخرى، وبناء على جميع ذلك أصبح هذا الاسم يعني لدى الإغريق: تارة جميع المجموعات السكانية التي تقع إلى الغرب من مصر حتى خليج سرت، وتارة أخرى جميع سكان شمال أفريقيا، وفى بعض الأحيان القارة الأفريقية بكاملها. ومما يؤيد بروز اسم الليبوواختفاء بقية الأسماء، تلك اللوحة التي عثر عليها منذ مدة، والتي تعود لعهد الملك شيشنوق، وهي تتضمن أسماء الأقوام الليبية، وهى لوحة يطلق عليها اسم: لوحة الأقوام التسعة، ويبدومن خلال هذه اللوحة حتى الريبوأوالليبوحلت محل الاسم التقليدي السابق الذي عهدت به القبائل الليبية، وهوالتحنو، ونجد وثيقة أخرى تشير إلى الليبوكتسمية عامة لكل المنطقة التي تقع إلى الغرب من مصر، وهي وثيقة تعود لعهد الملك شيشنوق الرابع (763-757 ق.م)، وتشير إلى شخصية ليبية مرموقة تدعى حيتيحنكر، وقد وصفتها تلك الوثيقة بكبير الليبو. ويبدومن خلال هذه الوثائق حتى المنطقة ظلت تعهد باسم الليبوطيلة الفترة التي تلي الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم، ويعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغريق على المنطقة التي استعمروها بالجبل الأخضر، اسم ليبيا، وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المألوف لديهم من منطقة شمال أفريقيا.

المشـوش Meshwesh:

يرجح الباحثون حتى المشوش سكنوا المناطق الشمالية من الصحراء الليبية، ويرى البعض حتى ديارهم كانت تمتد غربا حتى المناطق التي تمثل تونس الحالية. وقد رأى بعض الفهماء بأن المشوش هم أنفسهم المكسيس (الأمازيغ) الذين أشار إليهم هيرودوت، بأنهم يقيمون إلى الغرب من بحيرة تريتونيس (خليج قابس بتونس). ولكن، مع بداية الأسرة الثامنة عشرة المصرية، بدأ المشوش يتجمعون حول حدود مصر الغربية طلباً للإقامة الدائمة حول دلتا وادي النيل، ومن خلال الرجوع إلى الوثائق التي تشير إلى الحروب التي دارت بينهم وبين المصريين، يتضح حتى المشوش كانوا يرغبون في الاستيطان في مصر، وقد صرحوا بذلك بأنفسهم، ورغم أنهم وحلفاءهم الليبوفشلوا في الوصول إلى دلتا النيل عن طريق الحرب، إلا أنهم استطاعوا الاستقرار في الكثير من مناطق مصر، سواء في حاميات الحدود، أوبانضمامهم إلى الجيش كجنود مرتزقة. وقد كان الجيش المصري ابتداءً من الأسرة العشرين يتكون من الليبيين دون سواهم، وقد كان ملوك مصر في ذلك الوقت يقدمون لهؤلاء الجنود هبات من الأرض كأجور لهم، مما أدى إلى تكون جاليات عسكرية، كانت القيادة فيها لليبيين دون سواهم، وقد وصل بعض العناصر من المشوش إلى مناصب هامة في البلاط الملكي، وإلى مراكز القيادة في الجيش، وأن بعضهم مثل شيشنوق استطاع حتى يتولى الحكم في بعض مناطق مصر، حيث جمع بين يديه السلطتين المدنية والدينية، إلى غير ذلك وبسهولة تامة استطاع شيشنوق حتى يستولى على الحكم في مصر بمجرد وفاة آخر ملوك الأسرة الواحدة والعشرين، وبالتالي استطاع المشوش تكوين الأسرة الثانية والعشرين التي حكمت مصر قرابة قرنين من الزمان.

لقد كانت قبائل التحنووالتمحووالليبووالمشوش من القبائل اللّيبية (الأمازيغية) الكبيرة الواسعة الانتشار، والتي لعبت دورا بارزا في تطورات الأحداث في ذلك الوقت، ولذلك نجدها ترد في النصوص المصرية القديمة بشيء من التفصيل، في حين وردت في هذه النّصوص أسماء قبائل أخرى ثانوية الدور، منها: الأسبت والقبت والثكتن والبقن والكيكش والسبد والقهق.


لواتا الليبيون والإغريق والبيزنط والرومان

وكما أثر الليبيون (وهواسم قبيلة لواتا، الذي أخذه اليونانيون عن المصريين، وعمموه على جميع البربر الأمازيغ تقريبا) في المصريين القدماء في الديانة، فقد أثروا في الإغريق كذلك وبشكل ملفت للانتباه. فشخصيات وأبطال الميثولوجيا (فهم الأساطير) اليونانية كلهم ذووأصول ليبية (أي أمازيغية)، مع تغير في أسماءها لتباعد لغتي الأمتين: فالإلهة اليونانية المشهورة آثيناAthéna ، أصلها من بحيرة تريتون في ليبيا القديمة، وبحيرة تريتون هي خليج قابس ومنطقة الشطوط (الجريد ومروانة والغرسة وملغيغ) الممتدّة في الجزائر وتونس حاليا. واسم آثينا الكامل هو: آثينا تريتوجينيّا Athéna Tritogénéia، وهي في الميثولوجيا ابنة زيوس Zeus وميتيسMétis ، وحليفة هرقلHércule وأوليسUlysse في رحلتهما. ويقول المؤرخ القديم ديودور Diodoreالصقلي حتى آثينا قبل حتى تصير إلهة كانت ملكة ليبية (بربرية) على مملكة التريتونيد، التي تمتد من الآهاگار إلى مصر. وذكر حتى ميرينا Myrinaملكة النساء الأمازونيات، بعثت جيشا قوامه خمسون ألف مقاتل ضد مملكة ليبيا، فقتلوا الرجال وحولوا النساء والأطفال إلى عبيد. ويقول المؤرخ اليوناني القديم، أبوالتاريخ، هيرودوت أن: آثينا ولدت في أفريقيا (بلاد الآفري: بني يفرن بتونس)، وأنّ ثقافة عبادة آثينا منتشرة عند نساء قبائل الماكيلMachyles والأوسAuses وتتمثل في طقوس تقام يوم العيد على ضفاف بحيرة تريتون في خليج السرت بقابس إهـ. وللفهم فإنّ آثينا هي نفسها تانيت، إلهة الغزل والنسيج عند البربر والقرطاجيين. ونذكر أيضا من شخصيّات الميثولوجيا: النساء الأمازونيات. ذكرهن المؤرخ ديودور الصقلي، ونطق أنهن كن يعشن في الأجزاءِ الغربية من ليبيا، حول جزيرة (هسبيرا) التي كانت تقع في سبخة تريتونس (شط الجريد)، وأنّهنّ كنّ يقمن بالخدمة العسكرية ويشهجرن في الحروب، بينما يبقى الرجال في المنازل يربون الأطفال، ونطق أنّهن سُمّين أمازونات، لأن حدثة Amazon تعني باللسان اليوناني: المنزوعة الثدي، وأنّهن كن يقمن بغارات على الأطلانطيين، القوم المتمدنين ذوي المدنٍ العظيمة والبلاد الزاهرة. ومن شخصيات الميثولوجيا أيضا: الإله أَنتي Antée، العملاق الأفريقي، الذي نصرت الإلهة أثينا هرقل ضده. وأَنتي هوابن پوسيدون Poséidon إله البحر والأرض، وكانت زوجته تدعى تينجي Tingi، وهي التي أطلق اسمها على مدينة طنجا المغربيّة، حيث يوجد في هذه المدينة إلى اليوم، ضريح يسمى: مصورةMçora، ومسقطه بينها وبين مدينة العرائش، ويعود للعملاق آنتي. وللفهم، فإنّ پوسيدون هوابن كرونوس Cronos وريا Rhéa وأخ زيوس، ويقول عنه المؤرخ هيرودوت: إذا الليبيين هم الذين عهدوا الإغريق بهذا الإله. ومن شخصيات الميثولوجيا أيضا: الإله آطلاس Atlas، وهوابن جاپت Japet وكليمني Clymené، وأخ مينوئيتيوس Ménoétios وپروميتي Prométhée وإيپيميتي Epimetée العمالقة، الذين يطلق عليهم اسم: الرجال الطائرون، والمنتمون لعرق الآلهة، أي هم بشر مؤلهون، معبودون من دون الله. وكان الإله آطلاس قد عوقب من طرف عمّه كبير الآلهة زيوس، بأن يحمل القبة السماوية على ظهره. وتقول رواية أخرى حتى آطلاس هوابن أورانوس Ouranos وأخ كرونوس Cronos، وأن پيرسي Persée بعد قتله گورگوGorgo، قام بتحويل آطلاس إلى جبل. وكان لآطلاس هذا أولاد، انحدرت منهم شعوب الپيليين Pléiades والهيويين Hyades، من زوجته پليّون Pléione، وشعب الهيسپيريين Hespérides، من زوجته هيسپيريس Hespéris. وللفهم فإن اسم آطلاس أطلقه اليونانيون منذ القديم على جبال شمال أفريقيا، وعن هذا الجبل يقول المؤرخ هيرودوت: إنه ضيق المسالك، وانحداري من جميع جهاته، وشاهق لدرجة أنه لا يمكن رؤية قممه، لأن السحب لا تنقشع عنها صيفا وشتاءا، ولهذا يسميه السكان المحليون بعمود السماء إهـ. ويقول المؤرخ پلين القديمPline l’encien ، في تاريخه حول شمال أفريقيا، عن جبال الأطلس: من وسط الرمال تمتد إلى السماء، شديدة الإنحدار، صخريّة من الجهة اللقاءة للمحيط الذي أخذ اسمها (أطلس)، ولكنها في نفس الوقت ظليلة ومكسوة بالأشجار من الجهة اللقاءة لأفريقيا. والسكان هنا مختفون عن الأنظار طول النهار، لكن هذه الجبال خلال الليل تتلألأ بآلاف النيران، وتمتلئ بألعاب قبائل الساتير Satyrs والإيگِيپان Egypans، وبصدى موسيقى النّايات والمزامير وقرع الطبول والصنج . إذا اسم أطلس له علاقة مع جزيرة أطلنطس الأسطورية التي غرقت في المحيط. ومن خلال پلاتون (أفلاطون)Platon ، فهي تقع خلف أعمدة هرقل (الإسم اليوناني لمضيق جبل طارق)، وقريبة من السواحل المغربية. واتى في الأسطورة، أنّ الآلهة قاموا باقتسام الأرض فيما بينهم، وأنّ جزيرة أطلنطس كانت من نصيب پوسيدون إله البحر، وكانت تعيش عليها فتاة رائعة الجمال، تدعى: كليتو، وكان پوسيدون شغوفا بها، ثم أخذها لنفسه، وقام ببناء سور حول الجزيرة، وأحاطه بحفر من الماء، وأنجبت له كليتوس خمسة توائم، كان آطلاس أكبرهم، وقد أعطاه أبوه پوسيدون الحكم على الجزيرة. وكانت هذه الجزيرة التي حملت اسمه، غنية جدا بالمواد الأولية، كالمضى والفضة ومادة أخرى تدعى: أوريكلاكoriclaque تلمع مثل النار، ولا توجد في أيّ مكان آخر من الأرض. وقد أسّس أحفاد أطلس مدنا جميلة وكبيرة، ذات قنوات ضخمة وقصور رائعة، وقرروا السيطرة على العالم، لكن الآثينيين هزموهم منذ تسعة آلاف عام قبل آفلاطون، ثم دمّرت الجزيرة نهائيا بكارثة أرضية. ومنذ عام 1545م منح الجغرافي ماركاتور اسم أطلس، لأول مصور خرائط حديث، ووضع على غلافه صورة لرجل حاملا القبة السماوية على ظهره. ويعتقد حتى اسم آطلاس قد حرّفه اليونانيون من اسم آذرار، ومعناه الجبل، ومن لغتهم ولج هذا المصطلح البربري الأصل إلى كافة لغات العالم. كما حتى المؤرخين المسلمين في القرون الوسطى مثل ابن خلدون، قد أطلقوا على جبال الأطلس اسم: دَرَن، والتي هي تحريف أيضا لحدثة: إِذرارن، أوإِدرارن، التي هي جمع أَذرار، أوأدرار، وتعني: الجبل.

تبتدئ مصادر الإغريق حول منطقة شمال إفريقيا من أول استقرارهم في إقليم سيرينايكا (برقة)، حتى الفتح العربي الإسلامي في (القرن 7م). وقد اهتم كثير من الكتاب والمؤرخين والجغرافيين والفلاسفة بهذا الموضوع. ومن أشهر هؤلاء: هيرودوت (484-424 ق.م)، وكتابه: التاريخ؛ وپلين الأكبر (القديم) (23-79م)، وكتابه: التاريخ الطبيعي؛ وديودوروس الصقلي (40م)، وكتابه: المخطة التاريخية؛ وپروكوپيوس القيصري (پروكوپ)، وكتاباه: العمائر، والحروب، وقد وُلد پروكوپ في قيصرية بفلسطين، في نهاية القرن 5م، وتوفي في عام 562م؛ وڤلاڤيوس كريسكونيوس كوريپوس (كوريب) (القرن 6م)، الذي تنسب إليه ملحمتان شعريتان: الأولى حول الحرب الليبية الرومانية التي دارت أحداثها في الفترة ما بين 546 -548م، والثانية في مدح الإمبراطور (جوستين الثاني) خلال عامي 566م و567م، وينتسب الشّاعر كوريپوس إلى منطقة المغرب القديم من حيث الأصل والمولد، ويفهم ذلك من خلال لقبه: الأفريقي. إن هذه المصادر الكتابية التى دونت من قبل كتاب إغريق ورومان وبيزنطيين، كـانت هى الأخرى من جانب واحد إلا حتى هذه المصادر دعمت أراء هؤلاء المؤرخين عن طريق المكتشفات الأثرية التى عثر عليها حديثاً، كالنقوش الكتابية، وبعض بقايا الإنسان خاصة البقايا الفنية كالعمارة والنحت والفخار.

وأهم التجمعات البشرية اللّيبيّة التي ذكرها هؤلاء المؤرخون هي:

الآديرماخيـد Adyrmakhides

ومعنى اسمهم باليونانية: أهل الجبل، وكان هيرودوت أول من ذكرهم، حيث ذكر أنهم يقيمون قريبا جدا من مصر. وقد أخذوا عن المصريين أغلب عاداتهم، باستثناء ملابسهم التي كانت لا تختلف عن بقية الليبيين. وذكر سكيلاكس الذي اتى بعد هيرودوت، حتى الصفة المصرية لا تزال غالبة عليهم. وفي (القرن 1م) و(القرن 2م) أشار جميع من سترابون وپلين الأكبر وبطلميوس إلى هذه القبيلة، ولكن باختصار شديد. المـاس Maces: ذكر هيرودوت أنهم يقيمون على الساحل الغربي لخليج لسرت الكبير.

الگيليگـام Ghiligammes:

يقول هيرودوت بأن أراضيهم تلي أراضي الآديرماخيد، وتمتد نحوالشرق حتى جزيرة إفروديسياس (جزيرة كرسة) إلى الغرب من مدينة درنة الحالية. وقد اختفى اسم هذه القبيلة عند جميع الكّتاب اللاحقين.

الأسبيسـت Asbystes:

أشار إليهم هيرودوت، وذكر بأن أراضيهم تقع غربي قبيلة الگيليگام إلى الداخل من مدينة قورينائيا (برقة)، لأن المناطق الساحلية يسيطر عليها السيرينايك Cyrénaiques (القورينائيّون: البرقيون)، وأشار إلى أنّهم يشتهرون بالعربات التي تجرها أربعة خيول. وقد ورد أسم هذه القبيلة أيضاً لدى سترابون وبطلميوس.

المارماريـد Marmarides:

أول إشارة لهم كانت عند سكيلاكس، الذي ذكر حتى أراضيهم تقع غربي أراضي الآديرماخيد، وأنها تضم جميع الأراضي الداخلية لمدينة برقة، وتمتد حتى خليج سرت. وقد ازدادت أراضيهم اتساعاً في العصر الروماني نحوالشرق، ووصلت إلى مرسى مطروح. ورغم حتى اسم المارماريد ظهر لأول مرة عند سكيلاكس، إلا أنه ظل حيا حتى قبيل الفتح الإسلامي للمنطقة، فقد ذكرت هذه القبيلة لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين مثل: سترابون وديودور الصقلي وپلين الأكبر وبطلميوس (پتوليميس)، ولشهرة هذه القبيلة سميت المنطقة فيما بعد باسم مارماريكا.

الأوسخيـس Auskhises:

أشار هيرودوت بأنّ أراضيهم تقع في المناطق الداخلية من مدينة برقة، وتمتد غربا حتى شاطئ مدينة يوسپيريدس (بنغازي)، وأنه عند منتصف أراضيهم تقع أراضي قبيلة الپكاليس الصغيرة، والتي تتصل أراضيها بالبحر عند مدينة توخيرا (توكرة). ولم يرد ذكر لهذه القبيلة لدى الكتاب الكلاسيكيين، ما عدا ديودور الصقلي.

الناسامـون Nasamons والپسيـل Psylles:

ذكر هيرودوت حتى مواطن الناسامون تقع غربي مواطن الأوسخيس، أي على الساحل الشرقي لخليج سرت، وذكر حتى جدهم يدعى: ناسامون بن گاراماس، أي أنهم ينحدرون مباشرة من شعب الگارامانت العريق، وأن اسمهم باليونانية يعني: وسط الرمال، وأنهم معتادون على هجر بترانهم في الصيف بجوار البحر، ويصعدون نحومسقط ينطق له أوجلة (ما زالت إلى اليوم) ليجنوا التمر من النخيل. وقد كانت قبيلة النسامون ما تزال موجودة بموطنها حول خليج سرت طوال العصور القديمة، حيث ورد ذكرها لدى هيرودوت وسكيلاكس وسترابون وديودور الصقلي وپلين الأكبر وبطلميوس وغيرهم. وكان الرومان يحسبون ألف حساب لهذه القبيلة القوية التي تتمركز حول خليج سرت، والتي كانت تضايقهم بالتعرض لطرق التجارة ومهاجمة السفن وإغراقها عند السواحل. أما قبيلة الپسيل فتجاور مواطنهم مواطن النّسامون من الغرب، وتمتد على خليج سرت، ثم دفعهم عنها النّاسامون، فتزحزح قسم منهم إلى ناحيّة الشرق، واندمج فيهم القسم الآخر. وتذكر الروايات رجلا من الپسيل، قام بانتزاع السم من جسد كليوپاترا ملكة مصر.

الماخـلي Makhlyes:

تقع أراضيهم غربي قبيلة النسامون، وتنتهي عند نهر كينيبس (وادي كعام)، وقد أغرت هذه المنطقة أحد المغامرين الإغريق، فقد قرّر تأسيس مستوطنة بها. وهذا المغامر هودوريوس ابن ملك أسبارطة. وذكر هيرودوت حتى القرطاجيين بعد ثلاث سنوات من تأسيس هذه المستعمرة، استطاعوا بمساعدة قبيلة الماخلي من طرد هذا المغامر الإغريقي.

الگيندان Gindanes:

ذكر هيرودوت أنّ مواطنهم تمتدّ غربي مواطن الماس، الآتي ذكرهم لاحقا.

آكلوزهر اللوتس (اللّوطوفـاگ Lotophages):

تقع أراضيهم غربي قبيلة الكيندان، وهم فرقة منهم، وتقع مواطنهم في جزيرة Ménix (جربة) وساحل قابس اللقاء لها، وكان أول ذكر لهذه القبيلة لدى الشّاعر اليوناني هوميروس، ثم وردت فيما بعد لدى هيرودوت وسكيلاكس وپلين الأكبر وبطلميوس. وذكر هيرودوت أنهم يصنعون من ثمار اللوتس خمرا يشربونها. وذكر Philistos le Syracusain حتى قبيلة الإيريبيين Érébides تنحدر منهم.

الگارامـانت Garamantes:

ويُسّمّون باسم آخر هو: گامفازانت Gamphazantes، واسمهم مشتق من مبترين: المبتر الأول، وهواسم موطنهم Phazanie، وهوحوض فزان في ليبيا حاليا، والمبتر الثّاني: اسم عاصمتهم Garama، وهي واحة جرمة إحدى واحات هذا الإقليم حالياً. وكان هيرودوت أول من أشار إليهم، وذكر أنّ مواطنهم تقع على مسيرة عشرة أيام غربي أوجلة، وعلى مسيرة ثلاثين يوما جنوبي مواطن آكلي اللوتس، وذكر أنهم يمتازون بكثرة أعدادهم، وأنهم كانوا يَمتلكون عربات تُجرّ بأربعة خيول، وأنّهُم كانوا يطاردون بها سكان الكهوف الإثيوپيين، وكانوا يضعون التراب على الملح ثم يغرسونه، وكانت لهم ثيران ترعى القهقرى، بسبب انحناء قرونها إلى الأمام. وقد ذكرهم أيضا سترابون وپلين الأكبر، وأشار الأخير بأن أراضيهم تقع على بعد اثني عشرة يوما من أوجلة، كما أشار إلى الصراع الذي كان يدور بينهم وبين الرومان، الذين أخضعوا فيما بعد عاصمتهم جرمة.

الزوفـون Zuphônes والأصفوديل Asphodélodes:

ذكرهم ديودور الصقلي، نقلا عن الرحالة Agathocle، وذكر أنهم سمر البشرة ويشبهون الإثيوبيين، وأنّ الأوّلين يقيمون في وسط تونس، بينما يقيم الأخيرون في شمال غرب تونس.

الأفريقيـون (النوميديون) Africains (Numides):

ذكر المؤرخ اليوناني Polybe، استناداً إلى نقش ثنائي اللغة، هجره القائد القرطاجي هنيبعل في إيطاليا، قائمة للقبائل الأفريقية التي شاركت في حصار روما المشهور، وهي: اللارجات Lergètes والماصيل Massyles والماصيصيل Masæsyles والماكوا Maccoiens والمور (الموروس) Maurusiens. وخلال ثورة المرتزقة والحروب البونية، وردت لائحة لأسماء شعوب أخرى من النوميد، مثل: الميكاتان Micatanes والأرياس Aréacides الذين كان قائدهم نائبا لهنيبعل على هادرومات (حضرموت)، المدينة القرطاجية القديمة، ومثل: الصوفاص Sophaces، ذكرهم المحرر Alexandre Polyhistor في (القرن 1ق.م)، خلال رحلة صحبته مع المؤرخ اليهودي Cléodème.

الجيتـول Gétules:

وهم إحدى المجموعات الليبية الكبرى التي ذكرها المؤرخون الكلاسيكيون، وهي تعبير عن مجموعة كبيرة من القبائل، كانت منتشرة جنوبي الممتلكات القرطاجية ومملكة نوميديا، وامتدّت مواطنها جنوبا حتى أطراف الصحراء. وكان المؤرخ اللاتيني سالوست، الذي عاش (القرن 1ق.م)، أول من أشار إليهم، ثم توالى ذكرهم فيما بعد لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين، مثل: سترابون وپلين الأكبر وپروكوپ القيصري. وربما قد ولج التحريف على اسمهم، عندما نقله العرب من اللغتين اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية، حيث كُتب مرة بصورة جيتول، وخط مرة أخرى بصورة عربية صرفة وهي جدالة. وكان الجيتول فرقتان، تمتدّ مواطن السّود منهم Mélano-Gétules إلى الجنوب، فلعلّهم هؤلاءقد يكونون من نتاج زواج الجيتول بالزنزج الإثيوبيين، السكان القدماء للصحراء.

الـمـور Maures:

تقع أراضيهم ما بين المحيط الأطلسي غربا ووادي مولوكا (ملوية) شرقا، وقد منح اليهودي Bochart فرضية مقبولة حول أصل هذه التسمية حيث نطق: إذا المور مشتقة من: Maouharïm، ومعناها باللغة القرطاجية الفينيقية: سكان المناطق الغربية. وهذه الحدثة قريبة من الحدثة العربية: مغرب. وقد اشتُقّ اسم موريتانيا أوموروسيا من اسم هذه القبيلة، ثم توالى ذكر المور منذ نهاية (القرن 5ق.م) وحتى نهاية العصور القديمة، حيث أشير إليهم خلال حملة القرطاجيين ضد الإغريق في صقلية عام 406 ق.م، وأثناء محاولة الغزوالروماني لشمال أفريقيا عام 256 ق.م، وأثناء الحرب البونية الثانية، حيث كانوا ضمن جيش هانيبال في معركة زاما، وأشار إليهم المؤرخ اللاتيني سالوست عند حديثه عن السكان الأوائل لأفريقيا، وظل اسم المور حيا حتى العهد البيزنطي، حيث أشار إليهم المؤرخ البيزنطي پروكوپ، عند حديثه عن تغلبهم على الوندال. والجدير بالذكر حتى پروكوپ كان يسميهم أحياناً باسم المور، وأحياناً أخرى باسم لواتا، وأشار إليهم عند كلامه عن القائد الليبي كاباون، الذي انتصر على الوندال، وأشار إلى أنّه كان يحكم مور طرابلس، التي كانت تعنى في ذلك الوقت إقليم المدن الثلاث (لبده وأويا وصبراثا).

الأستوريـونAsturiens :

وصلتنا أخبار هذه القبيلة أثناء عهد الإمبراطورية الرومانية المتأخرة، وذلك عند الإشارة إلى الهجمات التى كانت تقوم بها هذه القبيلة ضد المدن التى يسيطر عليها الرومان، سواء على المدن الثلاث ( لبدة وأويا وصبراتة)، أوعلى المدن الخمس (قورينا وبرقة وبطوليمايس وتوخيرا ويوسبيريدس)، أومن خلال التحالفات التى كانت تقيمها هذه القبيلة مع القبائل الليبية الأخرى، ضد القوات البيزنطية المتمركزة في قرطاجة والمدن التى تقع إلى الشرق والغرب من هذه المدينة. وليست لدينا الكثير من المعلومات عن أصل هذه القبيلة، ومصادرنا محدودة تحصلنا بعضها عن طريق أميانوس ماركيلينوس، الذي عاش في حدود الفترة ما بين 330م و400م، وتحصلنا على البعض الآخر عن طريق الشّاعر كوريپوس من خلال ملحمته الشعرية: الحرب الليبية الرومانية. ويرى البعض بأن هذه القبيلة قدمت من الواحات الشرقية، ثم استقرت خلال العهد الرومانى المتأخر بمنطقة خليج سرت، وتذكر المصادر الرومانية المتأخرة حتى قبيلة الأستوريين هاجمت مدينة لبدة ثلاث مرات متتالية، وهوالأمر الذى أدى إلى تدمير معظم منشآت المدينة، وكانت قوة هذه القبيلة، تكمن في استعمال هذه القبيلة للجمل في غاراتها، والجدير بالذكر حتى الرومان رفضوا أعطى العون إلى مدينة لبدة الكبرى، وحتى عندما وافقوا على نجدة المدينة، كان من أبرز شروطهم تزويدهم بكميات ضخمة من المؤن وأربعة آلاف جمل. ويُحدّثنا كوريپوس أنّ هذه القبيلة كانت كثيرة العدد والعدة، وأنّها معروفة بشجاعتها وتخطيطها للحروب، وأنّهم يقومون بتجميع اللإبل في صفوف متماسكة على شكل حواجز ويحفرون الخنادق، ثم يضعون مختلف بتران الماشية وسط حلقة، وذلك لكي يسقطوا بالأعداء في شراك هذه الحواجز، وبالتالي يمكن سحقهم.

التروگلوديـت Troglodytes:

تقع مواطنهم غربي الپسيل والنّاسامون في الجبال الممتدّة على طول ساحل طرابلس جنوبا، وكانوا في صراع دائم مع جيرانهم الگارامانت جنوبا.

الماكسيَـس Maxyes والآوس Aoeses والزاواكا Zaouekès والگيزانـت Ghizantes:

كانت مواطنهم تقع شمالي بحيرة تريتون، جنوبي أوراس، والسواحل اللقاءة لجزيرة قرقنة التونسية. فالزاواك هم Arzugues عند كوريپوس، والذين أعطوا اسمهم فيما بعد لمنطقة Zeugitane في تونس، ويشبه اسمهم كثيرا اسم زواغة، الذين ظهروا في مكانهم فيما بعد خلال الفتح الإسلامي. أما الگيزانت فهم نفسهم Byzante، الذين أعطوا اسمهم لمنطقة Byzacène جنوب تونس. في حين حتى ماكسيس هوالاسم اليوناني للأمازيغ.

الباكـوات Bacuates والمازيـك Maziques:

كانت مواطُنُهم في سهول ريف المغرب الأقصى، بين طنجة ووليلي (ڤوليبيليس). ويلاحظ التشابه بين اسم الباكوات، واسم قبيلة برغواطة، التي ذكرتها المصادر الإسلاميّة بعد ذلك، في حين أنّ طائفة من المؤرخين يمضىون إلى أنّ اسم: مازيك، هونفسه اسم: مازيغ.

تاريخ النشر: 2020-06-04 16:17:53
التصنيفات: مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر, أمازيغ, تاريخ ليبيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

10 عادات صباحية صحية اتبعها كل يوم في العام الجديد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:30
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 41%

العاصفة الثلجية تحاصر سكانا بنيويورك داخل سياراتهم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:23:10
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

حصاد تدريبات القوات المسلحة داخل وخارج الحدود .. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:31
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 47%

أشرف زكى: إطلاق اسم هشام سليم على إحدى قاعات دار رعاية فنانى مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:43
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 41%

تحويل غرفة ميسي فى كأس العالم 2022 إلى متحف صغير

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:37
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 40%

تمديد الخدمة العسكرية الالزامية في تايوان لمواجهة تهديدات ال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:47
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

أبو الغيط يستقبل المنفي ويبحثان تطورات الأزمة الليبية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:23:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

تعرف على القائمة الكاملة لهواتف لن تدعم واتس آب بداية من 2023

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:45
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 39%

روسيا: على أوكرانيا الاستسلام وإلا ستواجه حربا مستمرة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:58
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

مصرع 3 عمال وإصابة 5 إثر سقوطهم داخل بيارة للصرف الصحى بكفر الدوار

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:34
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 36%

السودان: مصرع 16 شخصاً و إصابة 19 آخرين في حادث سير بالقرب من أم درمان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:23:23
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

الأزمات المناخية والنووية تثير مخاوف من قرب نهاية العالم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:23:02
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

جيش سيول يعتذر على عدم إسقاط المسيّرات الكورية الشمالية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:54
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

رسميا.. فيفا يخطر اتحاد الكرة بتجديد إيقاف كهربا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:42
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 45%

البرلمان الإسرائيلي يقر قوانين تمهد لعرض الحكومة الجديدة أما

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:51
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

الرئيس السيسى يتابع تطوير منظومة الموانئ على مستوى الجمهورية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-27 15:22:39
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 48%

تحميل تطبيق المنصة العربية