الخليفة سي الشريف

عودة للموسوعة

الخليفة سي الشريف

الخليفة سي الشريف هوخليفة الأمير عبد القادر في منطقة الجلفة سمي على ذلك لأنه خليفته.

ولد الشيخ الشريف بن الأحرش في شهر جوان سنة 1803م، وذلك في أرجح الروايات، ونشأ نشأة دينية في حضن أهله وحجر والديه، ولما بلغ من العمر 18 عاما، بلغ به الظمأ الفهمي أقصاه، فانتقل إلى الزاوية المختارية بأولاد جلال طالبا للفهم ومريدا ينشد أعلى المقامات، وكان الشيخ المختار ابن عبد الرحمن حينذاك وفريد العصر والأوان في التقوى والصلاح، وعالما متمكنا من شتى العلوم الدينية، يحكي صاحب كتاب ( تعطير الأكوان بنشر شذا نفحات أهل العهدان ) عن تتلمذ الشيخ الشريف بن الأحرش عن الشيخ المختار ابن عبد الرحمن -رحمهم الله جميعا – قائلا : ( .. فأخذ عنه العهد، ولقنه الأسماء، وجعله في الخلوة خمسين يوما، فظهرت عليه الأسرار الربانية، والأحوال النورانية، فأحبه حبا ملأ ما بين جوانحه واغتبط به اغتباط الأم بوحيدها ..)


وقد أخذ الشيخ الشريف الفهم عن فهماء أجلة آخرين .. منهم الشيخ محمد بن السعيد بن بركات، والشيخ محمد الزين بن بركات، وقد كانا ذوي باع لا يلحق شأوه في علوم الفقه والتفسير، وقد أجاد الشيخ دراسة السليمين والموطأ والشفاء للقاضي عياض وشمائل الترميذي والمواهب اللدنية والجامع الصغير، وتمكن من النحووالبيان والمنطق والفلك والأصول وفهم التصريف وفهم التصوف .. وأظهر تفوقا كبيرا في جميع هذه العلوم .. ولما ظهرت للشيخ المختار المكانة الفهمية العالية التي وصلها في التحصيل تلميذه ومريده خط له بخط يده : ( .. انك مني كأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ من النبي صلى الله عليه وسلم ..) وأذن له في إعطاء العهد وتعمير زاوية ببلده .. وطار ذكر الشيخ في الآفاق .. وسمع به الخاص والعام وسارت باسمه الركبان .. وذكره الناس بسجاياه المصورة وخصاله الرفيعة ..


كيف لا وهومقدم الزاوية المختارية الأول؟! كيف من الممكن أن لا وهوسيغدوشيخ زاوية لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية الثقافية والفهمية للوطن وأمدت الأجيال المتعاقبة بفتيل يفترض أن يغدوشعلة تنفجر منها بعد ذلك وبعد حين من الزمن ثورة الفاتح نوفمبر الخالدة.

خليفة الأمير عبد القادر الجزائري

كانت قبائل أولاد نائل تتمتع بثراء واسع وعدد هائل، وتتميز بتمرس أبنائها على الفروسية، ولذا كانت محل تنافس بين المتمردين الذين كانوا يظهرون بين الفينة والأخرى، والفرنسيين والأمير الذي كان على ما يظهر يدخرهم كقوة احتياطية إلى ما بعد المعاهدة .. وندرك اعتناء الأمير عبد القادر بهم وحرصه على استمالتهم من خلال وصفه لخيولهم بأنها من أحسن الخيول.. ففي كتاب ( خيول الصحراء ) للجنرال " أوجان دوما " وردا على سؤال أجود الخيول، أجابه الأمير: خيول أولاد نائل، وأضاف :(لأنهم لا يتخذونها لشيء غير القتال).

ولعدة أسباب، سياسية واقتصادية وعسكرية، راح الأمير عبد القادر يراسل أولاد نايل عله يتمكن من إضافة دولة جديدة إلى دولته، وقوة عتيدة إلى قوته، وقد تأتي له ذلك بداية من سنة 1836م، وقد يكون ابن البوهالي، شيخ قبيلة سعد بن سالم، من الأوائل الذين راسلوا الأمير، وأبدوا رغبتهم في الانضمام إلى دولته .. وتتابعت بقية قبائل أولاد نايل التي قسمت إلى ستة فرق، لكل فرقة قائد، وكانت التالي : محمد بن زبدة قائد على أولاد عيسى، محمد بن عطية قائد على أولاد ضيا، تلي بلكحل قائد على أولاد سي أحمد، الشيخ حران قائد على أولاد أم هاني، الشيخ ابن البوهالي قائد على أولاد سعد بن سالم، وكان يقودها جميعا الشيخ عبد السلام بن القندوز شيخ أولاد لقويني، الذي تنازل عن مهامه تدريجيا لابن أخيه الشيخ الشريف بن الأحرش، الذي كان قد لفت انتباه الأمير، فعينه خليفته بعد ذلك .. وقد تمت مبايعة أولاد نايل للأمير سنة 1837م بالمكان المعروف بالكرمونية، أي الكرم والنية، وهي صفاتهم البارزة .. وقد كان الشريف بن الأحرش صاحب الوساطة بين الأمير وبقية شيوخ القبائل، والذي لعب الدور الأكبر في هذه البيعة .. بقي حتى نشير إلى حتى خلافة الشريف بن الأحرش بدأت سنة 1843م بعد حتى كان الأمير قد وضع قبائل أولاد نايل تحت سلطة سي الحاج العربي ولد الحاج عيسى خليفته على الأغواط .. ويقول الباحث عمر خضرون إذا جميع من " درمنغم " و" آرنو" و" ماري مونج " يثبتون الخلافة لسي الشريف بن الأحرش، إذ بعد مقتل خليفة الأغواط الذي لم يكن في مستوى المسؤولية، بل كان يقضي معظم وقته في الدفاع عن نفسه ضد المتمردين من بني قومهقد يكون الأمير قد رأى في سي الشريف الوحيد من بين الأعيان الذي يستحق حتىقد يكون خليفته المباشر على أولاد نائل.


لقد احبه الأمير عبد القادر حبا عظيما وخصه بمكانة خاصة .. وقد رافقه الشيخ الشريف بن الأحرش إلى عدة أماكن ليعهده بأعيانها..ففي شهر أوت 1837م قام الأمير برحلة كبيرة وذلك طبعا أثناء معاهدة التافنة، وقد قادته الرحلة إلى جبل عمور وقوروبآفلو. وهناك لقيه الشريف بن الأحرش مع جمع من الأعيان وأكدوا له بيعتهم. ويروي الباحث "فرانسوا دوفيلاري" حتى الشريف بن الأحرش سار مع الأمير بعد ذلك حتى وصلا مدينة بوسعادة وقد التقيا أثناء ذلك بأعيان مسعد والهامل وطاقين، أين افترقا حين تأكد الأمير من مساندة جميع القبائل وشيوخ الزوايا لمقاومته وكيف لاقد يكون الأمير قد احبه وقد جعله خليفة له ومن أقرب المقربين إليه، واصطحبه في معظم رحلاته ولجأ معه إلى المغرب وكيف لاقد يكون الأمير قد أحبه وقد زوجه من الإسبانية "ماريا دولوراس "، التي عثر عليها رجال الأمير في نواحي مليلية بالمغرب مع أختها، فأتوا بهما إلى الأمير الذي زوج الكبرى من الشريف بن الأحرش والصغرى أهداها لعبد السلام بن القندوز الذي زوجها بدوره لابنه محمد.


تزوج إذن الشريف بن الأحرش بماريا، التي عهدت فيما بعد بـ (فاطنة العلجة) ويقول "فرومنتان" عنها وعن أختها "وقد قبلت الفتاتان الملابس والتنطقيد العربية كما اتخذتا لسان زوجيهما، ومضيتا بذلك عن اقتناع حتى بعد انتهاء المقاومة " ونشير إلى حتى زوجته الأولى حفصة أوأسماء بنت الشيخ المختار قد توفيت قبل ذلك بزمن، مخلفة له أبنا ما لبث حتى فارق الحياة ولم يتجاوز 16 عاما بعد.


ونشير كذلك إلى حتى ذرية الشريف بن الأحرش تنحدر من العلجة، التى تعهد با سمها اليوم مقبرة بمدينة الجلفة، وهي (المجحودة ) وهي لم تمت مقتولة كما تشير بعض الروايات، بل ماتت بوفاة طبيعية، و(جحدت) لأنها ليست من الأعيان، فدفنت خارج المقبرة الرسمية التي بها زوجها، والتي هي تعبير عن مصلى بجانب الزاوية، لكن لما رأوا حتى قبرها أصبح مقبرة بسبب توافد بقية القبائل على الدفن هناك، قاموا بالتنازل عن نظريتهم الأولى، ودفنوا بقية أعيانهم بالمجحودة. هذه المقبرة التي بدأ اسمها يتغير بعد دفن ولي صالح بها، فأصبحت تعهد بمقبرة ((علي بن دنيدينة))..بقي حتى نشير إلى حتى مواصلة البحث في حياة الشيخ الشريف بن الأحرش قد تكشف لنا الكثير عنه، وهي مهمة ليست سهلة بعد الإقصاء الطويل الذي عهده هذا الرجل، ولا أدل على هذا الإقصاء من حتى الشيخ الشريف لم يرد ذكره ـ كما يؤكد الباحث عمر خضرون ـ في أي مرجع من المراجع التي تحدث عن خلفاء الأمير المهمين، مثل محمد بن علال، وأحمد بن سالم، ومحمد البركاني، وكذا عن خلفاء أقل أهمية بكثير، والذين ذكروا برغم تلك الأهمية الضئيلة، مثل خليفة الأغواط الآنف الذكر.. هذا إضافة إلى حتى الشيخ الشريف بن الأحرش بقي وفيا للأمير ولم يستسلم حتى طلب منه الأمير ذلك خوفا عليه، وحرصا على عائلته وأهله، فاستسلم الشيخ الشريف بن الأحرش سنة 1848م، وقد حبس وعائلته في بوغار بادئ الأمر، ثم وضع تحت الإقامة الجبرية بالمدية وقد أطلق سراحه 1850 م، ليواصل كفاحه ببنائه لزاويته وتعميرها، وليجعلها ساحة كفاح يتجدد جميع وقت وحين . وقد دفعت مواصفات الخليفة بن الأحرش وبسالته واستماتته الأستاذ عبد الباقي هزرشي إلى القول : (( إذا هذه المواصفات تؤهله في نظرنا إلى مرتبة بطولية، وتجعله إحدى الشخصيات المرموقة من تاريخنا المحلي والوطني، وتفرض على باحثينا ومؤرخينا وأحفاده مسؤولية جسمية في التنقيب عن مخفيات دوره وإسهامه التاريخي )).


ولم يفتر جهاد شيخنا الشريف بن الأحرش بالسيف حينا، وبالحدثة حينا، وبالرأي أحيانا أخرى إلى حتى اغتال خطأ سنة 1864م في شهر أكتوبر، لتبدأ حياته في أرواح خلفه ومحبيه.. ولم يمت حقا إلا يوم حتى أهملت زاويته وتاريخه وأشياؤه..وإنها إذا عادت كما كانت فتأكدوا أنه يفترض أن يعود.


الشريف بن الأحرش بعيون غربية

نطق عنه المؤلفان قوفيون في كتابهما ( أعيان المغاربة ) المطبوع سنة 1921م في الصفحة 98: (..المقدم الأكثر شهرة في الطريقة الرحمانية السائدة بين أولاد نائل، وبعد وفاة والده عاد سي الشريف ( من زاوية أولاد جلال ) إلى أهله من أولاد القويني وكرس معظم وقته للتدريس والأعمال الخيرية، فلما قامت مقاومة الأمير، كان سي الشريف مقتنعا بفكرة الجهاد، فوضع نفسه في خدمة الأمير بذكاء وقاد بشجاعة نادرة لفتت إليه انتباه عبد القادر فقربه إليه وجعله من نوابه المهمين..)

وكان يصفه الجنرال دي براي في ذكرياته التي طبعها بباريس سنة 1894م بالشخصية العظيمة. أما أوجين فرومنتان حينما اتى للجلفة سنة 1853م اندهش لشخصية هذا الرجل ففاضت عبقريته برسم ملامحه خطا وصورة .. إذ رسم البورتريه المشهور والمتداول للشيخ .. وخط عنه وعن ملامحه وصفاته وسجاياه في كتاب ( صيف في الصحراء ) المطبوع بباريس سنة 1912م ومن ذلك قوله : ( .. ألمح قبالتي في إنسان هذا السيد العظيم الماثل أمامي .. ذي السجايا الدمثة، أحد الأمراء الأكثر رخاء وبسالة .. إنه الأكثر اعتبارا .. ولعل الأمر في هذا عائد إلى سعة ثروته ومكانته السياسية العالية واستنادا إلى سوابقه العسكرية الباهرة .. ). ويصفه أيضا بالرجل العظيم والضخم ذي العينين البارزتين، والوجه الساكن والوديع والخالي من اللحية تقريبا .. ولا يفوته كذلك الحديث عن ثروة الشيخ فيقول حتى سي الشريف يملك بترانا ضخمة من الأغنام وما يقارب ستة آلاف (6000) من رؤوس الإبل وحدها.


زاوية سي الشريف بن الأحرش

  • بقلم : عبد القادر حميدة

عملا بالإذن الذي عهد إليه به شيخه المختار بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ بدأ الشيخ الشريف بن الأحرش بناء زاويته سنة 1853م ، واستمر البناء عامين ، وتجسد الحلم نهائيا سنة 1855م ، وأرخوا لذلك بالنقش الموجود أعلى المدخل الرئيسي .

بنيت الزاوية بطراز عربي أصيل ، لكن نلمح فيها حتى البناء لم يكن هدفا في حد ذاته ، بل كان حصن الثقافة الإسلامية هوالهدف .. تدخل إذا اجتزت الباب الخارجي ساحة كبيرة تطل عليها أجنحة ثلاثة ، مزدانة بالأقواس المعروفة في العهد الهجري .. بها غرف مخصصة للقراءة والتدريس .. إنه ذات المكان المثير للنقائض من حيث ذكريات الهلع والخوف أيام الهيمنة الفرنسية .. وذكريات الصفاء والطمأنينة في الجلسات الخلوتية .. هيبة الشيخ وأشياؤه .. مرقعات الدراويش .. سخاء الأثرياء .. مهرجان القراءة والتدريس .. قعقعات الآنية حاملة الوعد بطعام متجدد .. فالزاوية دار الشيخ .. مدينة الطلبة .. مأوى المحتاجين .. مقصد ابن السبيل .. وأمسيات الحديث الصوفي المبدع حول نار الوجد والحلول .. والمكتسي بأحلى غموض .. إليها يهرع الجمال .. ومنها ينفر القبح .. فهي بيت الله .

وقد كانت الزاوية تحوي عددا هائلا من الطلبة ، وتأوي عددا كبيرا من أبناء السبيل ، وكان ينادي في جميع مساء وعندما تغلق المدينة أبوابها .. حتى أيها المحتاجون اهرعوا إلى الزاوية .. أيها الجائعون هلموا إلى الزاوية .. أيها الخائفون فروا إلى الزاوية .. فإذا كانت المدينة تغلق أبوابها ، فإن للزاوية أبواب لا تغلق .


لكن ، لا يجب حتى ننسى المخلصين الذين مازالوا إلى يومنا هذا يحافظون على تاريخ الزاوية ، ويريدون لها حتى تعود إلى سالف عهدها .. أوعلى الأقل حتى تكون معروفة .. بها متحف يضم أشياء الشيخ الخليفة ووثائقه ، وبها قاعة للمحاضرات أولإنجاز البحوث .. هؤلاء المخلصون هم من عائلة الشيخ قد تبرعوا بأجنحة مما يملكون من الزاوية لفائدة التراث والثقافة والسياحة .. نذكر منهم الشيخ زين العابدين بن الأحرش ـ رحمه الله ـ الذي تطوع بغرفتين من الزواية .. وأفراد عائلة محي الدين بن الأحرش ، الذين تطوعوا كذلك بغرفتين .. هذه الغرف الأربع إذا استغلت أحسن استغلال ، فستكون كافية لبعث تاريخ الزاوية .. وتاريخ الشيخ .. وستكون عونا للباحثين والمؤرخين لكتابة التاريخ الحقيقي للمنطقة ، ومن ثم التاريخ الجزائري المعاصر .. لكن يؤسف هؤلاء جميعا حتى الهيئات الرسمية لا تلتفت إلى مثل هذه المبادرات الجادة .. ولا تعينها .. مكتفية بالمهرجانية والكرنفالية .. وإذا وعدت ، فإنها سرعان ما تنسى .. وما زيارة إدريس الجزائري عنا ببعيد .. وما إعانة محررة الدولة للثقافة للزاوية التيجانية ـ ومواقفها معروفة من مقاومة الأمير ـ وتخصيصها لأربعة عشر مليار لترميم تلك الزاوية عنا ببعيد كذلك .. إذا هؤلاء المخلصين ومحبي زاوية الجلفة لا يطلبون مبالغ ضخمة بقدر ما يطلبون اهتماما بهذا الرجل وزاويته المغمورة كذلك .. فإنه من لم يعهد قدر سلفه ، لن يعهد قدر ذاته وخلفه .. ومن لم يبر والديه ، لن يبره أبناؤه .


نبذة عن حياة الخليفة سي الشريف بن الأحرش


ولد سي الشريف بن الأحرش ببلد آبائه بزاغز في شهر ربيع الأول سنة 1213 هجرية الموافق لشهر جوان سنة 1803م نشأ في حجر والديه فلما ترعرع ونما وبلغ من العمر ثمانية عشر سنة وبعد ما حفظ كتاب الله العزيز في زاوية الشيخ سيدي عطية المدعو( بيض القول ) انتقل في طلب الفهم وسلوك الطريقة السوفية إلى مقام العارف بالله تعالى الشيخ سيدي المختار ببلد سيدي خالد أولاد جلال قرب مدينة بسكرة ، حيث أقام عند شيخه ثمانية عشر سنة جادا في الأعمال الصالحات وضروب الطاعات وقائما بالأذكار والصلوات مشتغلا بالتحصيل في العلوم الشرعية من فقه وتفسير وحديث وأحكامها عن الشيخ محمد الزين بن بركات والشيخ محمد بن السعيد بن بركات من الفهماء العظام في أولاد جلال وتفهم واستفاد وأفاد فبنى جميع أعماله على أساس متين من تقوى الله ورضوانه فكان مسلكه شمس هداية ، وحوى مفهوم العلوم ومنطوقه يجري على لسانه سمعا لفظا ومعنى ، وبالجملة لم يكد يشذ عنه حديث واحد في ذلك في موطأ مالك وشفاء القاضي عياض ، وشمائل الترميذي والمواهب اللدنية والجامع الصغير مما لم يكن في الحسبان وفي تفسير الكتاب كان المثال الماجد الخالد في ظاهره وباطنه فإنه لقن فيه من صاحب الشريعة الإسلامية عليه الصلاة والسلام والرحمة .


ثم ذلك في عدة فنون من الآداب والفلك والأصول وفهم القوم كالنحووالبيان والمنطق ، وفي سنة 1254 هجرية اتخذ زاوية بالجلفة فادخل بها من طلبة الفهم والقرآن أكثر من خمسمائة طالب زيادة عن الأخوان والفقراء والأرامل والأيتام ، فأطعم الكل واسداهم العافية والبلام فانتفع به الكثير وتخرج من التلامذة ما يزيد عن ثلاثمائة طالب فصار مسموع الحدثة مجاب الدعوة وجميع ليلة كان في حياته ينادي بأسواق البلد ( الجلفة ) وشوارعها على جميع جائع أوعار أوضمآن حتى يقصد زاوية سيدي الشريف بن الأحرش الخليفة فإنه مكفي المؤونة وكان مثالا في الدين والتقوى والحكم والحق وكثير الأعمال من جميع نوع فملأ حياته الأولى بكل ذلك هذا فيما يخص الجانب الروحي والاجتماعي لسي الشريف بن الأحرش أما فيما يخص حياته العسكرية دفاعا عن وطنه من الاحتلال الفرنسي فإنه التحق بجيش الأمير الحاج عبد القادر بن محي الدين سنة 1249 هجرية الموافق لسنة 1832م فعينة الأمير عبد القادر ـ الذي كان معجبا بذكائه وقيمته الشخصية ـ محررا له ثم مستشارا مقربا وفي سنة 1843م رقاه الأمير إلى رتبة خليفة لمنطقة الجنوب خلفا للحاج العربي الأغواطي ، كان سي الشريف وفيا للحاج عبد القادر وجاء بجانبه جميع المعارك الكبرى التي قام بها الأمير نذكر منها معركة جبل جرجرة في سنة 1845م ثم الغرب الجزائري كما أنه مضى معه إلى المغرب وهومطارد من طرف الجيش الفرنسي ثم عاد معه إلى منطقة أولاد نايل بالجلفة حيث قدم له إعانة مادية وبشرية كبيرة وتم الأمر نحوهذا الممر إلى حتى استسلم الأمير عبد القادر رفقة سي الشريف بن الأحرش في سنة 1847م إلى الجنرال دولاموريسيار .

وبعدها نفي ( سجن ) الأمير عبد القادر إلى فرنسا وسجن سي الشريف بن الأحرش في سجن المدية ثم سجن بوغار ( قصر البوخاري ) وأخيرا سجن بن يحي بن عيسى ، نضيف عما تجاوز ذكره حتى سي الشريف بن الأحرش كان متزوج من امرأة إسبانية الأصل تدعى ( مارية دولوراس ) وكانت قد أسرت هي وأختها قرب مدينة نمورس بالغرب الجزائري من طرف جيش الأمير عبد القادر الذي اعتنى بتربيتهن ضمن عائلته داخل الزمالة المتنقلة ثم أعطاها كزوجة لسي الشريف بن الأحرش مكافأة للخدمات الجليلة التي كان يقدمها هذا الأخير لاخلاص في سبيل الله ولوطنه ولأميره المجاهد ، فصارت هذه الزوجة بهدى من الله زوجة صالحة مسلمة ترتدي الزي العربي النائلي وتتحدث باللغة العربية السليمة كما كانت تعتني بشؤون الخيمة وحلب الحيوانات مثل الغنم والناقة ، كما أنها رفضت العودة إلى بلدها الأصلي بعد استسلام الأمير عبد القادر وسجن سي الشريف بن الأحرش بمدينة المدية واختارت هي وأختها البقاء مع رجالهن ( أختها كانت متزوجة لابن عم سي الشريف وهومحمد بن عبد السلام بن الأحرش).

أنجبت هذه الزوجة الصالحة لسي الشريف ولدا وهوالمرحوم سي الحاج أحمد بن سي الشريف الذي شيد من ماله الخاص قبل بداية هذا القرن أول مسجد في مدينة الجلفة وهومسجد سي أحمد بن سي الشريف والمعروف بجامع الجمعة سنة 1900م ، كما انه تبرع في إطار الحبوس الشرعي بأملاك كثيرة اتبعها لخدمة المسجد.

تاريخ النشر: 2020-06-04 16:25:46
التصنيفات: مواليد 1803, أشخاص من الجلفة, جزائريون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

المغرب يقطع صمته بخصوص اعتراض المنتوجات الفلاحية في أوروبا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:10:06
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 77%

الزمالك في بيان رسمي يعلن اسدال الستار على قضية كهربا

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:09:44
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 37%

طلبة الطب يردون على قرارات الحكومة بإنزال وطني أمام البرلمان

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:10:21
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 85%

مطالب بمحاسبة أسماء اغلالو بعد تنحيها عن عمودية الرباط

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:10:24
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 82%

الحكومة تغلق ملف قانون المالية لسنة 2022

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:11:17
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

الأهلي يرتدي الزي التقليدي أمام يانج أفريكانز

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:09:42
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 36%

انتهاء أزمة كهربا بشكل رسمي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:09:45
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 43%

مالي تنتفض من جديد في وجه الجزائر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:10:12
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 80%

20 سنة على إحداثها.. ماذا بعد هيئة الإنصاف والمصالحة؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:10:09
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 83%

El-Ahly.com يكشف موقف الأهلي من حكام مباراة نهائي كأس مصر أمام الزمالك

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:09:47
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 49%

مونديال 2030.. تكلفة الملاعب تثير الجدل بإسبانيا قبل زيارة "فيفا"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-29 18:11:22
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 55%

تحميل تطبيق المنصة العربية