گـِتو

جزء من سلسلة منطقات حول
الفصل العنصري
الفصل في الولايات المتحدة
  • قوانين السود
  • هروب السود
  • Blockbusting
  • Chinese Exclusion Act
  • Immigration Act of 1924
  • Indian Appropriations
  • Indian Removal Act
  • Japanese American internment
  • قوانين جيم كرو
  • Proposition 14
  • Racial segregation in Atlanta
  • Racial steering
  • Redlining
  • Segregation academies
  • Separate but equal
  • Sundown town
  • هروب البيض
أستراليا
White Australia policy
الأپارتهايد في جنوب أفريقيا
بانتوستان
روديسيا

الجيتوGhetto قطاع من مدينة أوروبية تسكنه أَقلية عرقية، أودينية، أومجموعة قومية. والمصطلح أصلاً يشير إلى قطاعات في المدن الأُوروبية، استوطن فيها اليهود، أوأُجبروا على العيش فيها. واليوم، يطلق المصطلح على المناطق الفقيرة حيث أُجبرت الأَقليات القومية على العيش فيها بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.

تاريخ الجيتو

«الجيتــو» هـوالحي المقصور على إحدى الأقليات الدينية أوالقوميـة. ولكن التسـمية أصبحت مرتبطـة أسـاساً بأحياء اليهود في أوربا. وللحدثة معنيان: عام وخاص. يعني الجيتوبالمعنى العام أي مكان يعيش فيه فقراء اليهود دون قسر من جانب الدولة، أوحي اليهود بشكل عام. ويعود تاريخ هذه الجيتوات إلى الإمبراطورية اليونانية والرومانية. أما الجيتوبالمعنى الخاص الذي أصبح شائعاً، فيعني المكان الذي يُفرَض على اليهود حتى يعيشوا فيه، وقد استُخدمت الحدثة بهذا المعنى للإشارة إلى جيتوالبندقية (عام 1516). وأصل الحدثة غير معروف على وجه الدقة، فيُنطق إنها حي اليهود في البندقية نسبة إلى «فلجيتوvillgetto» أو«مصنع المدافع» الذي أقيم بجواره. ويُنطق أيضاً إذا الحدثة مشتقة من الحدثة الألمانية «جهكتر أورت Geheckter Ort» التي تعني «المكان المحاط بالأسوار»، أوهي من الحدثة العبرية «جت» أو«جيط» بمعنى «الانفصال» أو«الطلاق» الواردة في التلمود. وربما كان أكثر الافتراضات قرباً من الواقع هوذلك الذي يعود بالحدثة إلى لفظة «بورجيتو» الإيطالية التي تعني القسم الصغير من المدينة، أي حتى حدثتي «جيتو» و«بورجوازية» مشتقتان من أصل واحد. ومن أسماء الجيتوالأخـرى في ألمانيـا: «يودين شـتراس Judenstrasse» أي «شـارع اليهود»، أو«يودين جاسي Judengasse» أو«جاسي Gasse» فقط، أي «حارة اليهود»، أو«يودين فيرتيل Judenviertel»، أي «حي اليهود». وفي البرتغال سُمِّي الجيتو«جوديا Judiaria» وفي فرنسا سُمِّي «جويفيري Juiverie»، وفي إيطاليا سُمِّي «جيديكا Guidecca»، وسُمِّي بالإنجليزية «جوري Jewry». وكلها حدثات تصف اليهود باعتبارهم كتلة. والشتتل (أي المدن اليهودية الصغيرة في أوكرانيا وغيرها من بلاد شرق أوربا) هوأحد أشكال الوجود الجيتوي وأهمها على الإطلاق من منظور تاريخ الصهيونية والمسألة اليهودية في شرق أوربا، وتورد بعض المراجع اسم «حارة اليهود» باعتباره شكلاً من أشكال الجيتوفي مصر. ولكن حارة اليهود لا تختلف عن أية حارة أخرى في مصر، مثل: حارة النحاسين وحارة النصارى وحارة الروم ودرب البرابرة، وغير ذلك كثير. ولعل ظاهرة الجيتولم تظهر في العالم الإسلامي، إلا في المغرب في أحياء «الملاح» التي كان اليهود يُعزَلون داخلها في مراحل تاريخية كانت تتسم بالتوتر. والواضح حتى عدم انتشار ظاهرة الجيتوفي المجتمع الإسلامي راجع للبنية التاريخية والدينية والاقتصادية لهذا المجتمع ولموقف الإسلام من الأقليات.

وفي العصور الحديثة، اكتسبت حدثة «جيتو» في اللغات الأوربية معنى قدحياً سلبياً (وحينما دخلت الحدثة العربية اتىت وهي تحمل الدلالات السلبية المرتبطة بها). ولكن الأمر لم يكن كذلك دائماً. ولفهم تَطوُّر معنى الحدثة، لابد حتى نضع الظاهرة في إطار تاريخي وإنساني عام. ولكن، قبل استعراض تاريخ الجيتوثم بنيته، يجب التنبيه إلى أنه لا يوجد مسار تاريخي واحد لمثل هذه الظاهرة، وخصوصاً بعد القرن الخامس عشر الميلادي مع بداية ظهور التشكيلات القومية الغربية المتنوعة ومع اختلاف معدلات الفهمنة والتحديث والثراء والفقر والصراع الطبقي فيها. ومع هذا، سنحاول حتى نقدم مخططاً عاماً آملين حتى نقدم بعض السمات العامة التي تساعد على فهم الظاهرة دون حتى نتجاهل قدر الإمكان عنـاصر التعاقب التاريخي أوالسـمات الخاصة للجيتوات المتنوعة.

ويمكن القول بأن المجتمع الإقطاعي عامة، وبالذات في الغرب، ذوطبيعة مغلقة، لكل فرد فيه مكانه ومكانته سواء كان فلاحاً أونبيلاً. وكان المجتمع مبنياً على الفصل بين الطبقات والاحتفاظ بمسافة اجتماعية واضحة بينها. وكان هذا الفصل من سمات التنظيم الاجتماعي المعمول به في مجتمعات العصور الوسطى الزراعية والإقطاعية في الغرب والمجتمعات التقليدية على وجه العموم. ويظهر هذا الفصل الواضح في عدم السماح للغرباء بالبقاء في المدن لأية مدة، حيث كان يتعيَّن عليهم دفع ضريبة كبيرة للحصول على حق البقاء المؤقت. وفي داخل المدينة نفسها، كان أعضاء جميع مهنة أوحرفة يعيشون في أحياء مقصورة عليهم. والفصل هنا شكل من أشكال تقسيم العمل، فهماً بأن معظم المهن والحرف كانت تورَّث في نفس العائلة. وهذا تأكيد للمسافة الاجتماعية اللازمة لأداء النسق وضمان حتى يظل الاحتكاك بين الطبقات والأقليات والجماعات الإثنية المتنوعة عند حد معقول يضمن تحاشي التفجرات بينها. كما كان وسيلة من وسائل الإدارة في غياب نظام إداري مركزي قوي. ولعل بعض هذه السمات هي التي سمحت باستمرار الجيتوحتى العصر الحديث في مدينة مثل نيويورك حيث يُوجَد حي للزنوج (هارلم) وحي للصينيين (تشاينا تاون) وحي للعرب في بروكلين وأحياء اليهود المتنوعة في بروكلين وغيرها. كما توجد مناطق يُطلَق عليها «ليتـل إيتـالي» أي «إيطاليـا الصغـيرة» و«ليتـل بولانـد» أي «بولنـدا الصغيرة»، إلى غير ذلك.

ولا يمكن حتى يشكل أعضاء الجماعات اليهودية استثناء من هذه القاعدة الاجتماعية الإنسانية إذ كانوا يشكلون جماعة وظيفية وسيطة في المجتمع الغربي تضطلع بمهنة التجارة والربا، كما كانوا يُعتبَرون بمنزلة اتحادات تجارية أوحرفية تابعة للملك أوالنبيل الإقطاعي الذي كان يمنحهم المواثيق التي تمدهم بالحماية والمزايا نظير ما يرتجيه من ورائهم من نفع، بل كان ينظر إليهم أساساً باعتبارهم مصدراً للربح أوأداة إنتاج وإدارة. وكان أعضاء الجماعة اليهودية غرباء بالنسبة إلى التجار المحليين، ولذا فإن وجودهم داخل المدينة نفسها كان يمثل خطورة على هؤلاء التجار. وحدثا كانت شوكة التجار المحليين (والمرابين الدوليين فيما بعد) تَقوى، كان الخطر يتعاظم. ولذا، كان الجيتوهوالطريقة المثلى لحماية أعضاء الجماعة اليهودية وضمان بقائهم، أي حتى الجيتوهوتعبير عن صراع بنيوي يدور في المجتمع الإقطاعي الغربي، وهوالصراع بين البورجوازية المحلية وحماة اليهود من ملوك وأساقفة ونبلاء.

واليهودي، علاوة على هذا، لم يكن وضعه محدداً داخل المجتمع الإقطاعي، إذ كان غريباً بمعنى الحدثة، غير مرتبط بالأرض ولا يقوم بالزراعة أوالقتال، وهما الحرفتان الأساسيتان في مجتمعات العصور الوسطى في الغرب. وكان المجتمع الإقطاعي الذي يستند إلى الشرعية المسيحية لا يعطيه أية شرعية. ومن هنا كان الجيتويشكل مسألة حيوية بالنسبة إليه لا يضمن بقاءه وحسب وإنما مكانته وهويته أيضاً. ومما دعم الحاجة إلى الجيتومجموعة الشعائر اليهودية الخاصة، مثل: قوانين الطعام، وتحريم الزواج المختلط، وعدم استهلك خمر صنعها واحد من الأغيار، والختان، والنصاب اللازم لصلاة الجماعة، وعادات الدفن والمدافن، وشعائر السبت.

لكل هذا، نجد حتى الجيتولم يكن قيداً يُفرَض على اليهود وإنما كان حقاً يسعون إليه ويشترونه. وكان عليهم في بعض الأحيان شراؤه مرة في العام بل أحياناً مرة جميع ثلاثة أشهر. ففي عام 1084، قام الأسقف هاوتسمان، أمير مدينة سبير، بكتابة وثيقة اتى فيها أنه أراد حتى يزيد عزة مدينته ومجدها فأحضر اليهود فيها وأسكنهم خارج المناطق التي يسكن فيها بقية المواطنين وأحاطهم بأسوار عالية حتى لا يضايقهم الآخرون. وحينما استعاد المسيحيون الأندلس، طالب اليهود بهذا الحق. ومن مآثر جيـمس الأول، ملك أراجــون، أنه منــح اليهود عام 1239 الحق في حتى يعيشوا في حي خاص بهم. وقد كان اليهود يعترفون بالجوانب الإيجابية للجيتوحتى حتى الصلوات كانت تُقام جميع عام في جيتوفيرونا احتفالاً بالذكرى السنوية لإنشائه.


بنيــــــة الجـيـتــــــو

«الجيتو» مكان داخل المدينة أوخارجها محاط بسور عال له بوابة (أوأكثر) تُغلَق عادةً في المساء. وكان من غير المصرح به لأعضاء الجماعات اليهودية، في بعض المراحل التاريخية ببعض الدول، حتى يظهروا خارج الجيتوفي يوم الأحد أوفي أيام أعياد المسيحيين. وكان الجيتوبأسواره العالية يهدف إلى عدة أشياء متناقضة، منها: حماية اليهود كجماعة وظيفية وسيطة، وسهولة تحصيل الضرائب منهم، ومراقبتهم وعزلهم وفصلهم عن الأغلبية المسيحية. كما كان يضمن ألا يهرب أعضاء الجماعة إلى بلد آخر، فقد كانوا مادة استعمالية وأداة إنتاج وإدارة يستفيد الإمبراطور أوالحاكم من وجودها.

ومن المعروف حتى ازدواج المعايير الأخلاقية من سمات الجماعات الوظيفية الوسيطة. فعضوهذه الجماعة يدخل في علاقة نفعية مادية رشيدة تعاقدية باردة مع أعضاء مجتمع الأغلبية، ويدخل في علاقة حميمة دافئة مع أعضاء جماعته. وهويرى مجتمع الأغلبية على أنه مجتمعاً مباحاً لا حرمة له. ولكن رؤيته هذه تُناقض تماماً رؤيته لأعضاء جماعته، إذ يراها جماعة لها قداستها وحرمتها. ولذا، فهويراعي حرمتها ويؤثرها على نفسه. ولكن هذا الازدواج في المعايير ينصرف فقط إلى الموقف الأخلاقي والعاطفي العام لأعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة إذ يظل قانون الدولة والأعراف السائدة هي الإطار المرجعي القانوني الذي يحتكم إليه الجميع، سواء أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة أم الأغلبية. والجيتولا يشكل استثناء القاعدة إذ كانت هناك مجموعتان من القوانين تنظم علاقته مع العالم الخارجي أولاهما: المواثيق التي كان يمنحها الأباطرة والأمراء لليهود وتنظم علاقتهم بمجتمع الأغلبية، وثانيتهما: مجموعة القوانين التي تنظم علاقة اليهود بعضهم ببعض كأعضاء داخل الجيتووكجماعات يهودية داخل التشكيل الحضاري نفسه. وكان القانون الداخلي الذي ينظم علاقات اليهود فيما بينهم (في الأمور الدينية والشخصية) هوالتلمود. أما علاقات الجماعات اليهودية بعضها بالبعض الآخر، فكان ينظمها قانون تحريم الاستيطان. وكان الجيتويتمتع بقسط وفير من الإدارة الذاتية، شأنه في هذا شأن كثير من المؤسسات في مجتمعات العصور الوسطى. فكانت تديره هيئة إدارية تصل أحياناً إلى اثني عشر شخصاً، منتخبة في بعض الأحيان ومعينة في البعض الآخر، وإن كانت القيادات المنتخبة تنتمي إلى مجموعة من الأسر المحدودة. وكانت لهذه المؤسسة (القهال بين الإشكناز، والماهاماد بين السفارد) قوة تطبيقية ضخمة، فكانت تقوم بإتمام عمليات الزواج والطلاق وتطبيق العقوبات مثل الجلد والسجن (بل الإعدام في حالات نادرة). وكان من حق هذه المجالس حتى تصدر قراراً بالطرد من حظيرة الدين (حيريم)، كما وقع مع إسبينوزا، وكان من حقها النظر في المنازعات بين اليهود والحكم في القضايا حسب الشريعة اليهودية. وكان أعضاء المجلس يعهدون جميع صغيرة وكبيرة عن سكان الجيتوبسـبب صغر حجمه وقلـة عددهم، ولذا كان من السـهل التحكم فيهم.

وكان يتبع المجلس مجموعة من الموظفين بعضهم لا يتقاضى أي مرتب، وبعضهم الآخر يعمل نظير أجر. وأهم وظائف القسم الأول البرناس وهورئيس الجماعة الذي كان يترأسها في جميع المناسبات كما كان يرأس اجتماعات الهيئة الإدارية التي كان يُشار إليها أيضاً بـ «البرناسيم»، وكان البرناس يراقب الموازين ويقرر المرتبات التي تُدفَع للموظفين التابعين للمجلس، وكان يُعَدُّ قائد الجماعة اليهودية على المستويين الديني والدنيوي، ولذا كان يُختار أكثر الناس تفقهاً في الدين لهذا المنصب. ولكن، مع بدايات الثورة الفهمانية في الغرب، بدأ المنصب يتحول إلى منصب دنيوي، وأصبحت مسئولية الحاخامات مقصورة على الأمور الدينية وحدها حيث تم فصلها عن الأمور الدنيوية، وهوشكل من أشكال فهمنة الجيتو. وكان يلي البرناس الجابي أوالمحصل، ووظيفته أبرز الوظائف بسبب طبيعة الجماعة اليهودية في العصورالوسطى في الغرب كعنصر نافع مالي. وكان الجابي هوالذي يحدد الضرائب ويقوم بجمعها لصالح السلطات الحاكمة. وفي معظم أنحاء أوربا، كان يتبع مؤسسة القهال حاخام لم يكن يُدفَع له راتب حتى القرن الثالث عشر الميلادي. وبعد حتى زاد عدد أعضاء الجماعة، تَفرَّغ هذا الحاخام لمهمته وأصبح موظفاً بأجر. وكان الحاخام يقوم أحياناً بدور القاضي الشرعي (ديان)، ولكن كان يوجد في أحيان أخرى قاض متفرغ. وكان للقهال أحياناً شرطته الخاصة التي كانت تتبعه.

ومن الوظائف التي كان يتقاضى صاحبها راتباً وظيفة الشوحيط وهوالذابح الشرعي، والموهيل وهوالذي يقوم بعمليات الختان، والمرتل (حزان) الذي يقوم بالقراءة والإشراف على أداء الصلاة والشعائر المرتبطة بها مثل إخراج لفائف الشريعة من سفينة العهد وإرجاعها. وكان يوجد أحياناً مرتل ثان أوبديل. ومن أبرز الشخصيات الأخرى داخل الجيتوالشماس أوحارس المعبد اليهودي الذي كان يقوم بوظائف متعددة إذ كان يشرف على المعبد وينفذ أحكام دار القضاء (بيت دين) أوالمحكمة اليهودية، وكانت واجباته هذه تجعله مسئولاً عن جمع معلومات تفصيلية عن اليهود فأصبح سيداً للجماعة التي كانت تخاف إرهابه وسيفه المصلت. وكانت الحلقات التلمودية (يشيفا) ترسل المشولاه (الوكيل) ليجمع التبرعات لها من الجماعات اليهودية المتنوعة.

ومن الوظائف الأخرى داخل الجيتو، الواعظ المتجول (مجيد) الذي كان يعيش على هبات المستمعين وينتقل من جيتوإلى آخر، والشادخان وهي الخاطبة التي ترتب الزيجات. وظهرت نماذج إنسانية أصبحت مألوفة لدى يهود الجيتومثل الشنورر أوالشحات الوقح المتسول والتساديك أوالرجل التقي والبتلانيم أوالعاطل الذي يعيش من لا شيء، ويتسكع بجوار المعبد ليبتز المصلين حين لا يكتمل النصاب اللازم للصلاة.

وقد يحدث من المفيد حتى ننظر إلى البناء الوظيفي للجيتومن الداخل ثم إلى علاقته بالعالم الخارجي. أما الأعمال التي كان يقوم بها يهود الجيتوفتنقسـم إلى قسـمين: الأعمال التي تفيـد الجماعة اليهودية وحدها، وتلك التي كانت تلبي حاجات خاصة بالجماعة اليهودية ولكنها يمكن حتى تفيد الأغيار في الوقت نفسه. وتضم المجموعة الأولى الحاخامات والمدرسين ومن يقومون بأعمال الذبح والشعائر وخطة لفائف الشريعة وموظفي الحمام الطقوسي وحراس المعابد والمدافن. أما المجموعة الثانية فتضم الجزارين وصانعي الشموع وتجار الخط وناسجي شال الصلاة (طاليت). وقد بلغت العمالة المخصصة للخدمات الداخلية لمجتمع الجيتونحو10% من مجموع العمالة اليهودية.

وكانت تُوجَد مؤسسات أخرى في الجيتوتتبع القهال، مثل: المقبرة لدفن موتى أعضاء الجماعة، وحمام عام، وحمام طقوسي، وأحياناً منزل للفقراء والعجزة ونظام تعليمي يضم المدارس الأولية الخيرية (تلمود تورا) والمدارس التلمودية العليا (يشيفاه). وكانت تُوجَد أحياناً فرق مسرحية للترفيه عن سكان الجيتو. ولكن أبرز المؤسسات على الإطلاق كان المعبد، فهوبيت العبادة والدراسة والاجتماع.

وكانت علاقة اليهودي بعالم الأغيار علاقة موضوعية مجردة، فهذا العالم كان يمثل بالنسبة إليه قيمة استعمالية وحسب، ومن ثم فهوعالم خال من الحب والعواطف والطمأنينة والأمن. أما في داخل الجيتو، فهويجد جميع ما كان يفتقده. كما أنه كان يمارس في الجيتوشعائر اليهودية بكل حرفيتها دون حرج، ويمتنع عن العمل يوم السبت، ويعيش داخل شبكة من العلاقات الإنسانية الدافئة القوية التي ازدادت قوة مع ازدياد حدة الصراع مع الأغيار. ويرى بعض دارسي الجيتوحتى الأشكال الثقافية التي كانت سائدة فيه، سواء كانت الثقافة شعبية متمثلة في الرقص والغناء أوكلاسيكية متمثلة في الدراسات الدينية والفقهية، كانت تتسم بكثير من الثراء، وأنها بطبيعة الحال كانت مستمدة من ثقافة عالم الأغيار. ولكن ما يهمنا تأكيده هنا هوحتى اليهودي داخل الجيتوكان يتصور حتى هذه الأشكال الثقافية يهودية خالصة وتتسم بخصوصية يهودية. ولذا، فقد كانت ثقته بنفسه تزداد ويزداد إحساسه بهويته الوهمية، وفي نهاية الأمر عزلته عن العالم.

الجيتوالقديمة

Plan of Jewish ghetto, Frankfurt, 1628.
"Southern side of the Jewish Lane", Frankfurt, 1868.

ظهرت في أوروبا قديمًا في حوالي سنة 70م، عندما غزا الرومانيون فلسطين مرة أُخرى بعد ثورة قام بها اليهود. واتجه معظم اليهود إلى أوروبا عندئذ. وفي البداية، استقروا طوعًا في جماعات منفصلة، حتى يستطيعوا مواصلة عاداتهم الثقافية بسهولة. وليسهل عليهم إعداد طعامهم وفقًا لقوانينهم التقليدية والعيش قريبًا من المعابد، والحفاظ على الحياة الجماعية.

وفيما بعد أُجبر اليهود على العيش في الجيتو. وطالب القادة الدينيُّون أوالسِّياسيُّون بفصل اليهود، وأصبحت الجيتوأَكثر شيوعًا. وفي 1555م أَصدر البابا بول الرَّابع مرسومًا يقضي بأن يعيش اليهود الموجودون في الولايات البابوية ـ وهي المنطقة حول روما التي تحكمها الكنيسة الرُّومانية الكاثوليكيَّة ـ في مراكز منفصلة. واتبعت السُّلطات في كلِّ العالم النصراني ماعمله البابا. وكانت الجيتوالتي تمَّ إِنشاؤها تُحاط بجدران، وتغلق بواباتها ليلاً.

خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين انتهى معظم الفصل الإِجباري لليهود.


الجيتوالآن

Chicago ghetto on the South Side, May 1974.

فكرة توطين مجموعة عِرقيَّة في منطقة سكنيَّة منفصلة تم إحياؤها في أَنحاء دولة جنوب إفريقيا بتطبيق نظام الأَبارتهايد أوالفصل العنصري بين عامي 1948 و1991م. ويستخدم المصطلح جيتوالآن غالبًا لوصف المستوطنات الضَّخمة للسُّود في مدن الولايات المتحدة. ويسكن الجيتوأَيضًا المكسيكيون والبورتوريكيون والأَمريكيون الناطقون بالأسبانية.

خلال الحربين العالميتين الأُولى والثانية جذبت الوظائف الصّناعية آلاف السُّود من المناطق الرِّيفية في الجنوب إلى مدن الشَّمال. واستقروا في الأحياء الفقيرة المزدحمة بالقرب من المصانع التي يعملون بها داخل المدن. بينما انتقل البيض ذووالدخول العالية والمتوسطة إلى الضواحي، وزادت أحوال الجيتوسوءًا. كما حتى التحيُّز والتمييز العنصري جعلا من الصَّعب على السُّود والأَقليات الأُخرى تحسين هذه الأَوضاع.


انظر أيضا

  • Ethnic enclave
  • Favela
  • Ghetto fabulous
  • Hooverville
  • Hyperghettoization
  • Poverty map
  • Rural ghetto
  • Shanghai ghetto
  • Shanty town
  • Skid row
  • Slum
  • Miramichi

المصادر

  • الموسوعة المعهدية الكاملة


وصلات خارجية

  • Ghetto Comedy
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:31:56
التصنيفات: جاليات يهودية, Urban decay

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«خطة محمد صلاح» تنجح مع النادي الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:10:16
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 39%

"التلغراف": نظام كييف يخشى من تفوق روسيا في إنتاج الأسلحة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:08:45
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 91%

بريطانيا خامس دولة تعلق مساعداتها للأونروا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:08:44
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 86%

إسبانيا تعتقل مغربيا يقود مافيا تهريب الحشيش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:10:58
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 74%

طاقم تحكيم مغربي يقود المواجهة الحارقة بين نيجيريا والكاميرون

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:11:19
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 77%

طهران تضغط على أنقرة لفرض عقوبات ضد إسرائيل

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:09:07
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 98%

بسبب “إسكوبار الصحراء”.. لطيفة رأفت تلجأ إلى القضاء

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:10:45
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 79%

نجم الكرة المصرية يهاجم محمد صلاح

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:10:51
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 83%

استثمارات إسبانية ضخمة تتدفق على الصحراء المغربية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:11:12
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 81%

تطورات واعدة في طريق المغرب نحو إنتاج “النفط والغاز”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:11:06
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 74%

الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة جديدة لجنوده المصابين في قطاع غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:08:47
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 89%

نوفاك يدعو مزيدا من الدول للانضمام إلى "أوبك+" لتنشيط سوق النفط

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:08:49
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

بيرسي تاو يكشف موقفه من الاستمرار مع الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:10:14
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 40%

برشلونة يعلن إصابة لاعبه بالدي وخضوعه للجراحة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:09:00
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 98%

المخدرات تقتل الجيش الأوكراني

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:09:05
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 87%

بوتين: روسيا تبذل قصارى جهدها للتصدي للنازية واجتثاثها بالكامل

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-27 18:08:31
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 90%

تحميل تطبيق المنصة العربية