الاحتجاجات اللبنانية 2015 وتعهد أيضاً باسم مظاهرات طلعت ريحتكم هي حملة احتجاجات شعبية بدأت في 22 أغسطس 2015 وكانت حجتها الرئيسية بدايةً تراكم النفايات في شوارع المدينة وعجز السياسيين عن معالجة الأزمة قبل فترة قصيرة من الزمن. هذا وقد نادى المتظاهرون بإنطقة الحكومة بسبب الفساد السياسي المستشري عند الساسة والزعماء الذين يمثل جميع منهم طائفة معينة من مكونات المجتمع اللبناني المعاصر، والذين كان قسمًا كبيرًا منهم من زعماء وأمراء الحرب الأهلية اللبنانية، معتبرين حتى أزمة النفايات الأخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فتحولت التظاهرات إلى احتجاجات على الأوضاع المتدهورة في لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري ونهاية حرب تموز سنة 2006 وأبرزها أزمة الكهرباء والتقنين المستمر والبطالة وغلاء أسعار العقارات وازدياد الدين العام الحكومي وغيره.

باللقاء، رأى عدد من المحللين حتى التظاهرات هذه وإن كانت تعبر عن هواجس وآلام اللبنانيين وبالأخص فئة الشباب، وعلى الرغم من أنها مغلفة بغلافٍ براق يجتذب مختلف أطياف الشعب، إلا أنها في واقع الأمر تصفية حسابات بين التيار الوطني الحر المغطى من حزب الله، والحكومة اللبنانية ممثلة بالرئيس تمام سلام، إذ حتى ما يلفت النظر وفق هؤلاء هوتوقيت تلك التظاهرات فيما يقترب «الكباش» السياسي بين الحكومة ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون من «التنفيس». هذا إلى جانب تحاشي الثوار إضافة صورة أمين عام حزب الله حسن نصر الله إلى جانب صور سائر الزعماء اللبنانيين الذين يطالبون بمحاسبتهم، رغم حتى حزب الله هوأكثر الأحزاب اللبنانية ممضىيةً وتأثيراً في الشأن العام وأوحدها حضوراً عسكرياً وتدخّلاً في صراعات المنطقة منذ سنة 2005.

من جهة أخرى، أشار البعض إلى تأييد المتظاهرين والتضامن معهم في مطالبهم القاضية باستنطقة الحكومة واستنطقة مجلس النواب، معتبرين تلك الحكومة حكومة غير فاعلة وأن المجلس النيابي لا يقوم بواجباته كما يجب، إذ لم يتمكن طيلة سنة و3 أشهر من انتخاب رئيس حديث للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. لكنهم باللقاء رفضوا استنطقة الحكومة والبرلمان فورًا لأن ذلك يعني عدم امكانية انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم امكانية تشكيل حكومة جديدة وعدم امكانية انتخاب مجلس نواب جديد، وبالتالي القضاء على البلد تمامًا.

وصف أحد المحللين هذه التظاهرات بالمهمة في جميع الأحوال كونها أظهرت إمكانية تجاوز اصطفافَيثمانية و14 آذار في الشارع، كما في الشعارات المطلبية عبر ربط السياسة بقضايا الحياة اليومية وليس فقط بالقضايا الاستراتيجية رغم أهميتها. فهي تعبر عن توقٍ لاستعادة السياسة ومُحاسبة المسؤولين في فترةٍ من الانحطاط لم يشهد لبنان السياسي مثيلاً لها منذ الحرب الأهلية. لكنه باللقاء أخذ عليها تجنب إدخال حزب الله ومسؤوليه في طلبات المحاسبة مشيراً إلى حتى ذلك من شأنه إضعاف التحرّك وجعله نهباً للاختلافات وعرضةً للاستغلال وللنزعات الطائفية.

خلفية

في 18 يوليو2015 أُقفل مطمر النفايات الأساسي في منطقة الناعمة جنوب بيروت، وانتهاء عقد الحكومة مع شركة سوكلين المكلفة بجمع النفايات، وكانت قد طرحت الحكومة خطط لنقل النفايات بشكل مؤقت إلى مكبات في مناطق لبنانية أخرى، غير حتى أهالي تلك المناطق رفضوا بشكل بتريّ. رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أعرب في الخامس من أغسطس عن تحمل حكومته مسؤولية "أزمة النفايات" كسلطة تطبيقية، ومع إستمرار فشل الحكومة في إيجاد حلول لإنهاء أزمة النفايات ومحاوالتها لطمرها في أماكن أخرى، تجمع مواطنون في 28 يوليوأغلبهم من الشباب أمام السرايا الحكومية بناءً على دعوة حراك "طلعت ريحتكم". وسرعان ما تحول الإعتصام الى تظاهرة انطلقت نحوأسواق بيروت، لتعود الى السرايا، من ثم الى ساحة الشهداء.

الأحداث

28 يوليو

تجمع المتظاهرون في 28 يوليوخلف سياج شائك يفصل بينهم وبين القوى الأمنية مع تعزيزات من فوج الإطفاء بالدرجة الأولى، وبينهم وبين السرايا بالدرجة الثانية. "إرحل" هوالهتاف الموجه الى الرئيس تمام سلام، لمطالبته بالإستنطقة. أما القوى الأمنية فيسائلها المتظاهرون بسخط عن سبب حمايتها لزعامات "يرسلونهم إلى الموت، بينما يمتنعون هم عن القيام بأبسط أدوارها". هنا يحصل تضارب أول في المواقف: "لا لا يا شباب نحن كلنا مع الجيش اللبناني"، يقول أحد منظمي الحملة عبر مكبر الصوت.

22 أغسطس

تجمع المتظاهرون في 22 أغسطس أمام مسجد محمد الأمين بعدما تعذر وصولهم إلى ساحة النجمة المسقط الذي كان مقرراً لانطلاق المظاهرة. وشهدت المنطقة اشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية بعد قيام القوى الأمنية برش المياه وإطلاق النار على المتظاهرين مما أدى إلى سقوط عدد من الاصابات في صفوف المتظاهرين.

23 أغسطس

حصل اشتباك بين القوى الأمنية والمتظاهرين على الرغم من محاولة منظمي التظاهر والمسؤوليين الأمنيين الحيلولة دون ذلك، إلا حتى مجموعة من المتظاهرين اشتبكت مع قوى الأمن الداخلي وتنقلت الاشتباكات بين بعض شوارع وسط بيروت التجاري وأسفرت عن مقتل أحد المتظاهرين برصاصة مجهول، كما سقط عشرات الجرحى بين عناصر قوى الأمن والمتظاهرين. وأفادت قوى الأمن الداخلي عن إصابة 30 من عناصرها، إصابة أحدهم خطرة، كما كشف أمين عام الصليب الأحمر اللبناني أنه تم نقل 43 حالة إصابة إلى المستشفيات. وقد تمت الإشارة إلى حتى هناك عدد من الأشخاص الذين اندسوا بين المتظاهرين بغرض تخريب المظاهرات وتحويلها إلى لقاءات بين الأمن والمتظاهرين، ووجهت أصابع الاتهام إلى عناصر من ميليشيا حركة أمل حاولوا إزالة الأسلاك الشائكة لبلوغ السراي الحكومي، في محاولة لتحويل التظاهر إلى حرب سنية شيعية. كما جرت أعمال بتر طرق في مناطق كخلدة والسعديات وسعدنايل تضامناً مع رئيس الحكومة. وأشار شهود عيان إلى حتى قسم من المندسيين ومفتعلي الشغب انتقلوا إلى ساحة الشهداء حيث حاولوا تحطيم باب مشروع «بيروت غاردن» الذي لا يزال قيد الانشاء ويطل على السراي الحكومي، رغبةً منهم في اقتاحمه والتسلل إلى السراي من هناك، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب وجود حفرة عميقة وأسوار كنائس قديمة في الجهة اللقاءة تعيق تقدمهم، كما حتى القوى الأمنية كانت لهم بالمرصاد.

24 أغسطس

ردًا على الاتهامات التي وُجهت في اليوم السابق لِحركة أمل والتي تنص على قيام عناصر من الحركة بمُحاولة إثارة الفتنة وافتعال الشغب، نفى المخط الإعلامي المركزي للحركة سالفة الذكر كُل ما نُسب إليها قائلًا بأنها أخبار عارية من الصحة، وأصدر بيانًا اتى فيه ما مفاده أنَّ وسائل الإعلام التي نشرت تلك الأخبار إنما هي وسائل «فقدت الموضوعية وأبسط شروط المهنية»، وأنها موجهة من قبل «غرف سوداء»، وأن الحركة تحتفظ بحقها في الملاحقة القانونية أمام الجهات المختصة. أما على الأرض فقد ساد الهدوء التام ساحة رياض الصلح وجرى العمل على إزالة الركام جراء تحطم لوحات إعلانية وإشارات مرور وبعض العوائق الحديدية، كما جرى تنظيف المكان بالمياه، بينما بقيت الأسلاك الشائكة قائمة في الشارع المؤدي الى السراي الحكومي وإلى مداخل مجلس النواب، وعادت حركة السير الطبيعية إلى شارع المصارف المجاور للساحة سالفة الذكر. هذا وقد نادى رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في اليوم التالي، للبحث في وضع النفايات الكارثي ولاتخاذ القرارات المناسبة بشأن المناقصات العائدة لخدمات النفايات المنزلية الصلبة.

25 أغسطس

أشارت مصادر إلى حتى التحقيقات الأولية في الحوادث الأمنية أظهرت بأن جميع الجرحى الذين سقطوا أصيبوا نتيجة اطلاق رصاص مطاطي، وأن الرصاص الحي لم يكن بحوزة جميع العناصر الأمنية وتم حصره بالضباط فقط، وأنه لم يطلق خلال التظاهرات من قبل قوى الأمن الداخلي، مشيرةً إلى احتمال إطلاقه من قبل المندسين والمشاغبين الذين تم توقيف عدد منهم. وأوضحت المصادر حتى تقارير الأطباء الشرعيين التي تسلمها مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية أكدت إصابة الجرحى برصاصٍ مطاطي، وأن أحدهم أصيب إصابة بالغة في رأسه بعد حتى سقطت عليه قنبلة مسيلة للدموع، فنقل إلى مستشفى الجامعة الأمريكية لتلقي العلاج. وتحدثت المصادر عن احتجاز عدد من الأشخاص قيد التحقيق، فيما يجري الاستماع إلى شهادة عناصر وضباط في قوى الأمن الداخلي والتحقيق معهم بشأن الأحداث.

ردود العمل

محلية

• نطق وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق أنه منح تعليمات بوقف اطلاق النار في وسط بيروت وأشار الى حتى هناك اطلاق نار حصل من قبل قوى عسكرية غير قوى الأمن الداخلي.
• نطق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حتى استعمال المياه والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين أمر غير مقبول ونطق أنه تم توريط المتظاهرين بشعارات اسقاط الحكومة والمجلس النيابي.
• أدان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الإفراط الأمني في لقاءة التظاهرات السلمية وأكد دعمه لموقف رئيس مجلس الوزراء تمام سلام.
• أصدرت الرابطة المارونية بيانًا أيدت فيه أي تحرك شعبي مطلبي سلمي ينادي بحق العبور إلى مصاف الدول المؤتمنة على حقوق شعوبها وكرامتها. وشددت على المتظاهرين الابتعاد عن الشعارات الطائفية والفئوية والحزبية، آملة من المراجع الأمنية حتى تظل الداعمة الأساسية للاستقرار والنظام، وطلبت منهم تحييد المتظاهرين الآمنين من أولئك الذين هدفوا إلى التخريب وزعزعة الاستقرار وتقويض نادىئم الدولة، كما طلبت من النيابة العامة التمييزية التحرك السريع للانادىء على جميع الذين قاموا بأعمال الشغب.
• استنكر التجمع الوطني الديمقراطي في لبنان في بيانٍ أصدره ما سماه اعتداء القوى الامنية على المتظاهرين السلميين من حملة «طلعة ريحتكم» والاعلاميين، ورأى حتى هذا يشكل انتهاكًا فاضحًا لحق المواطن بالتعبير الحر عن رأيه ومطالبته بحل معضلة النفايات. كما حذر من التطاول على قادة المقاومة والإساءة لهم، واعتبر حتى «ما وقع في ساحة رياض الصلح، هوممارسات مرفوضة من قبل مكونات الحراك المدني، ومشبوهة تقوم بها عناصر مثيرة للشغب والفوضى وتستفز القوى الأمنية بشكل مقصود ومدروس»، وطلب من المتظاهرين حتى ينأوا بأنفسهم عن أولئك المخربين والمدسوسين، والحفاظ على سلمية ونظامية التظاهر.
• أعرب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن تأييده مطالب المتظاهرين والمعتصمين، مقترحًا طريقًا للخروج من الأزمة هي بقاء المتظاهرين في ساحة الشهداء إلى انتخاب رئيسًا جديدًا للجمهورية، وناشد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام «عدم الاستنطقة إذ تترتب عليه مسؤولية الإمساك بالشرعية في البلد إلى حين التوصُل الى شاطئ أمان ما».

دولية

• أشارت بعض المصادر الوزارية إلى حتى رئيس الحكومة تمام سلام تلقى من سفراء الدول الكبرى والاتحاد الأوروبي اتصالات تؤكد عليه وجوب عدم الاستنطقة. وأن عليه حتى يصمد وأن يقابل التطورات بسبب الخوف من حتى تتطور الأمور نحوإدخال لبنان في فوضى الثورات العربية، لأن هذا الأمر «ممنوع بقرار دولي» على حد التعبير.
• اتصل عدد من سفراء الدول العربية البارزة بعدد من القيادات الفاعلة اللبنانية طالبين منها دعم الحكومة وإلا فإنها تتحمل مسؤولية سقوط الاستقرار في لبنان وبالتالي دخول لبنان في فوضى المنطقة.
• أشير إلى حتى اتصالات أمريكية أجريت مع إيران من أجل الحفاظ على الاستقرار في لبنان.
• نصحت وزارتي الخارجية السعودية والبحرينية المواطنين السعوديين والبحرينيين بعدم السفر إلى لبنان حرصاً على سلامتهم. كما طلبت سفارة الكويت في بيروت من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان، ودعت رعاياها إلى مغادرته في ظل الظروف الأمنية التي يشهدها.

انظر أيضاً

• ثورة الأرز
• الاحتياجات السياسية اللبنانية 2006–08
• الاحتجاجات اللبنانية 2011

المصادر