هنري پييرون
لوي شارل هنري پييرون Louis Charles Henri Piéron (عاش 18 يوليو1881 - سبتمبر 1964) عالم نفس فرنسي ولد في مدينة باريس وتوفي فيها عن عمر يناهز الثالثة والثمانين. نال شهادة التبريز Agrégation في الفلسفة ثم درجة الدكتوراه في العلوم، وقد شغل كرسي أستاذية فهم النفس في المعهد الفرنسي للعلوم Collége de France عام 1923.
ويعد هنري بييرون من رواد فهم النفس الموضوعي في فرنسة، إذ أسهم في إيجاد الأطر العامة للتعليم والبحث في هذا الميدان الفهمي. وقد أسس في عام 1920 معهد فهم النفس في كليات الآداب والعلوم في باريس، ثم أسس المعهد القومي للتوجيه المهني L’institut Nationall de L,orientation Professionnelle عام 1928. وإليه يعود الفضل في إحداث دبلوم فهم النفس الفيزيولوجي Certificat Psychophysiologie الذي يؤلف فترة أساسية من مراحل الحصول على الإجازة في فهم النفس، وأحدث أيضاً ما يسمى دبلوم الدولة في التوجيه المهني Diplome d,Etat de Conseiller d,Orientation Professionnelle، كما أحدث أيضاً دبلوم الدولة في مجال فهم النفس الميكانيكي Diplome d‘Etat de Psychotechnicien. وقد قدر لبييرون حتى يخلف ألفرد بينيه Alfred Binet في إدارة مخبر فهم النفس الفيزيولوجي Laboratoire de la Psychophysiologie في جامعة السوربون Sorbonne وذلك في عام 1912. وأسهم بييرون في تأسيس مخبر فهم النفس البيولوجي للأطفال Labiratoire de la Psychobiologie de l‘enfant وذلك في إطار المدرسة التطبيقية للدراسات العليا Ecole Pratique des Hautes Etudes عام 1927 وأسندت إدارته إلى والون H.Wallon. ويضاف إلى ذلك إسهاماته في تأسيس مخبر فهم النفس التطبيقي، الذي أسندت إدارته أيضاً إلى لاهي J.M.Lahy.
هذه الجهود الكبيرة التي بذلها بييرون برزت أهميتها الكبيرة في سياق العصر الذي تجسدت فيه وهوالعصر الذي كان فيه فهم النفس يعاني من تسلط الفلسفة وهيمنتها إذ لم يكن فهم النفس قد استقل بوضوح عن الفلسفة. وكان بييرون من أكثر معاصريه فوزاً لفهم النفس الموضوعي ومن المتحمسين جداً لإدخال المناهج التجريبية في هذا الميدان. ومع ذلك كله كان يناهض بعض المغالطات الفكرية التي حاولت حتى تقلص ميدان فهم النفس إلى مستوى الظاهرة الخارجية القابلة للملاحظة فحسب.
يعتقد بييرون حتى فهم النفس يجب حتى ينطلق من أسس علوم الفيزيولوجية، ومن ثم فإن العمليات العصبية تشكل الشروط الأساسية لكل عمل أوسلوك إنساني. ومن هذه الشروط العضوية، ينطلق بييرون ليؤكد في الوقت نفسه أهمية الشروط الاجتماعية في بناء الجانب السيكولوجي عند الإنسان.
وانطلاقاً من هذه التصورات السيكولوجية حول فهم النفس، انطلق بييرون ليجري أبحاثه في ميادين نفسية بالغة التنوع: في مجال فهم النفس وفي مجال الفيزيولوجية وفهم نفس الحيوان وفي فهم نفس الفروق الفردية. وهوينطلق دائماً في بحثه لمختلف هذه القضايا من مبدأ أساسي قوامه تحليل السلوك الإنساني والكشف عن العمليات البيولوجية الكامنة فيه والتي تشكل صورة تتجلى بوضوح في مجمل السلوكات التنظيمية الإنسانية والتي تتكامل مع العوامل الاجتماعية في بناء الصيرورة النفسية عند الكائن الإنساني. ويبدوحتى اتجاه بييرون يأخذ طابع الاتجاهات التطورية المقارنة إذ يتجلى هذا الاتجاه في عنوانات أعماله مثل «من الأكتيني إلى الإنسان» de L‘actinie à L‘homme عام (1958-1959)، وكتابه «الإنسان ليس إلا الإنسان» L’homme, rien que L‘homme عام 1967.
فالإنسان في نظره ليس معطى يندفع إلى الوجود بصورة نهائية، إنه كيان ينموويتطور في سياق تفاعلات عميقة وشاملة بين قطبي الوجود وهما الشروط البيولوجية والشروط الاجتماعية. وكان لهذه التصورات التطورية حتى تدفع بييرون إلى الاهتمام المتعاظم بالتربية والمشكلات التربوية وذلك على مدى مراحل حياته وفي مختلف فصولها. يقول في هذا الصدد: «إن الطفل مرشح لأنقد يكون إنساناً وهوليس أكثر من مرشح للارتقاء إلى هذا المستوى، وهولايعدوحتىقد يكون غير وجود بالقوة لإرث النوع الإنساني، ومن ثم فإن الانتنطق به من صورة القوة إلى صورة العمل من وجود إنساني بالقوة إلى وجود إنساني بالعمل أمر مرهون بالعمل التربوي».
واستناداً إلى منطلقاته التربوية هذه ناهض بييرون بقوة اللامساواة في مجال التربية والتعليم ونادى بديمقراطية التربية والتعليم في عصره، ولا يمكن أبداً تجاهل الجهود الكبيرة التي بذلها من أجل إصلاح التعليم، وذلك في عضويته في لجنة الإصلاح عام 1946 إذ وظف جميع طاقاته من أجل بناء مخطط، يسمح لكل الأطفال بتطوير طاقاتهم المعهدية والتربوية إلى الحدود القصوى.
تميز بييرون بغزارة إنتاجه الفهمي، ويمكن ذكر الأعمال التالية التي يمكنها حتى ترسم صورة صادقة لفهم النفس عند بييرون: «نموالذاكرة» (1910) L’évolution de la Mémoire. «الجوانب الفيزيولوجية لمشكلة النعاس» (1913) le Problème Physiologique du Sommeil. «الدماغ والتفكير» (1923) le Cerveau et la Pensée. «فهم النفس التجريبي» (1928) la Psychologie Expérimentale. النموالعقلي والذكاء (1930)le Développement Mentale et L‘intelligence. «المعارف السمعية البصرية ومشكلة الرؤية» (1936) les Connaisances Sensorielle et les Probbléme de la Vision.
«الإحساس» (1945) la Sensation. «المطول في فهم النفس التطبيقي» (1949-1959) Traité de Psychologie Appliquée في عشرة مجلدات. «فهم النفس الفيزيولوجي المقارن» (1958) Psychophysiologie Copmparée. «معجم فهم النفس» (1951) Vocabulaire de la Psychologie.
علي وطفة
