نقد نظرية الصراع في النظام التعليمي

عودة للموسوعة

نقد نظرية الصراع في النظام التعليمي

هجرز نظرية الصراع على الطرق التي تستخدمها الطبقات الاجتماعية العليا لاستخدام النظام التعليمي كمطية لتيسير مسك زمام السلطة، وكسب الثروة، وتحقيق الحملة الاجتماعية. فالتعليم عنصر مهم في وضع الفرد الطبقي، لان الفرد المتفهم يستطيع حتى يحتل مسقطاً أعلى في السلم الاجتماعي من خلال وظيفته التي بحاجة إلى كمية معينة من العلوم. فالطبيب والمهندس مثلاً، يحتلان مسقطاً اجتماعياً احمل من ذلك الذي يحتله العامل غير الماهر.

ولا شك حتى الآباء الأغنياء من الطبقة الرأسمالية ينظرون إلى مستقبل أبنائهم نظرة خاصة تضمن لهم الوصول إلى الطبقة المسيطرة. ولذلك، فإنهم يمهدون لهم طرقاً خاصة لتحقيق أحلامهم. ففي النظام التعليمي البريطاني مثلاً، يدخل أبناء الطبقة الرأسمالية المدارس الخاصة المعدودة التي تضمن لخريجيها مستقبلاً سياسياً مشرقاً وعضوية دائمة في الطبقة الثرية. وفي روسيا يدخل أبناء الوزراء وأعضاء الحزب الشيوعي المسيطرين على النظام السياسي لفترة قريبة، مدارس خاصة بأبناء الطبقة العليا. وفي النظام الرأسمالي الأمريكي يدخل أبناء الطبقة الرأسمالية المدارس الخاصة بالطبقة أولاً، بينما يدخل أبناء الطبقة الوسطى المدارس الحكومية المنتشرة في ضواحي المدن الكبيرة ثانياً. ويدخل أبناء الطبقة الفقيرة المدارس الحكومية المنتشرة داخل المحلات المتكظة بالسكان في مراكز المدن الكبيرة. ثالثا ولاشك حتى مستوى التعليم في المدارس الرأسمالية خصوصاً في القسم الثالث، يعتبر من أدنى المستويات من الناحية الفهمية، حيث لا يتمكن غالبية طلبتها من إكمال المراحل الدراسية المقررة، وبذلك يحرمون من التخرج من المدارس الإعدادية، ويحرمون لاحقاً من الدخول إلى الجامعات. وتتهم نظرية الصراع، الطبقة الرأسمالية بتكريس النظام التعليمي الطبقي للحفاظ على مصالحها الحيوية في السيطرة على مقدرات النظام الاجتماعي. وتقدم دليلاً على ذلك، وهوحتى الطبقة الرأسمالية تحصل دائماً على أعلى مستويات التعليم، لان الآباء يصرفون جزءاً كبيراً من أموالهم على وسائل التعليم الخاصة بالطبقة الغنية، وان الأبناء متفرغون للدرس والتحصيل ولا يشغلهم شاغل مادي أونفسي. ولكن الفقراء غالباً ما يفشلون في منتصف الطريق لان وضعهم الاقتصادي والنفسي لا يساعدهم على مواصلة التحصيل. إلى غير ذلك يمتص النظام الاجتماعي أبناء الطبقة الفقيرة كعمال، بينما يستوعب أبناء الطبقة الرأسمالية كأفراد يحظون بأهمية عظمى في السلم الاجتماعي. وأخيراً فان النظام التعليمي في المجتمع الرأسمالي لا يحافظ على الوضع الطبقي فحسب، بل يجعل الطبقية مسألة شرعية، لان النظرة الرأسمالية ترى حتى من حق الطبقة العليا السيطرة على النظام الاجتماعي لأنها تملك الثروة ووسائل الإنتاج الاقتصادي. وإذا نجحت المؤسسة التعليمية في إقناع الفقراء بان حقوق الطبقة الرأسمالية في الثراء وما يترتب عليها ، إنما هي حقوق عادلة لان أموالهم قد اتىت عن طريق الجهد وعرق الجبين، وان الفرص متاحة لكل من أراد الثراء، نجح عندئذ الرأسماليون في السيطرة على مقدرات النظام الاجتماعي بكل ما فيه من خيرات، إلى أمد غير محدود.

ولا شك حتى فكرة نظرية الصراع بخصوص ربط التعليم بالنظام الطبقي سليمة يثبتها الواقع العملي في الأنظمة الرأسمالية المعاصرة. ولكن النظرية لا تخلومن خلل واضح. فاهم نقد تتناوله نظرية الصراع في حقل التعليم، هواعتبار التعليم المهني في النظام الرأسمالي مرتبط بالنظام الطبقي، فأهل الخبرة من الأطباء والمهندسين يسعون إلى جعل مهنتهم محصورة ضمن عدد محدود من الأفراد حتى يتسنى لهم الحصول على اكبر كمية من الأجور. وهذا لا يتم حتماً، إلاّ عن طريقين، الأول: تحديد عدد الداخلين في كليات الطب والهندسة حتى يبقى نظام الأجور عالياً، والثاني: منح شهادات للاختصاصات المتنوعة حتى يتميز هؤلاء الخبراء عن غيرهم من أدعياء الفن مما يضمن لهؤلاء الخبراء منزلة اجتماعية عليا، واستقلالاً ذاتياً، وقوة نقدية يحسب لها حساب ومع حتى هذا التحليل سليم بطبيعته إلا انه يحاول تحليل المشكلة من طرف واحد ويهجر أطرافاً أخرى دون تفسير. ذلك حتى أزياد عدد الأطباء والمهندسين يوجب إيجاد رمز معين يثبت خبرة الخبير في الطب والهندسة ونحوها، بشكل رسمي. والشهادة الجامعية تمثل هذا الرمز، ولولاها لادعى الكثير من الأفراد خبرته في تلك العلوم. ومع حتى الشهادة لا تعكس الواقع الفهمي للخبير، إلا أنها تمثل الحد الأدنى من المعارف الواجب تحصيلها في مجال الاختصاص.أما انحصار عدد الأطباء والمهندسين بنسبة محددة من الأفراد في النظام الاجتماعي. فذلك ينسجم مع الفكرة الإسلامية القائلة بالتسخير، حيث تؤمن بان الأفراد مسخرون لخدمة بعضهم البعض، فإذا ازدادت نسبة الأطباء والمهندسين عن النسبة المقررة لنظام التسخير اختل النظام الاجتماعي، لان المجتمع لا يحتاج إلى فيض غير محدود من الأطباء والمهندسين. بل حتى تنويع الاختصاصات أمر حيوي لبقاء النظام الاجتماعي وديمومته. ولذلك فان الأفراد مسخرون بشكل من الأشكال لخدمة بعضهم البعض، ولا يتكامل هذا التسخير إلاّ بتوزيع الاختصاصات بين الأفراد جميعاً، حتى تتم إشباع حاجات النظام الاجتماعي المتنوعة. وعلى ضوء ذلك فان نظرية الصراع في تحليلها للنظام التعليمي الرأسمالي، أخذت بتفسير قضية الأجور، وما يتعلق بها من ظلم اجتماعي، وهجرت قضية التسخير دون تفسير ; وهوبلا شك خلل ملحوظ في منهجها الفلسفي المزعوم.

ويتميز النظام التعليمي في الرأسمالية الأمريكية عن غيره من الأنظمة الرأسمالية الغربية، بعدة عناصر مهمة، منها: إجبارية التعليم في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ومساهمة المؤسسة التعليمية في حل المشاكل الاجتماعية على قاعدة (أن التعليم شفاء لكل داء)، وإدارة المدرسة من قبل الإدارة المحلية لا الحكومية المركزية.

عملى صعيد التعليم الإجباري، تعتقد الفكرة الرأسمالية بان لكل فرد حق مشروع في التعليم. وعلى أساس ذلك، فقد ألزمت الحكومة المحلية والفيدرالية بتصميم نظام تعليمي مجاني للجميع ابتداء من الفترة الابتدائية وانتهاء بالفترة الإعدادية الثانوية. وهذه الفكرة الرأسمالية العظيمة التي نادت بمنح حق التعليم لكل فرد، لم تكن في الواقع إلا خدعة كبيرة من قبل أصحاب الرأسمال. لان الأصل فيها كان تعليم أفراد الطبقة العليا والمتوسطة فقط، وحرمان الطبقة الفقيرة. والدليل على ذلك حتى الزنوج حرموا من نعمة التعليم في المدارس العامة في أوروبا وأمريكا، خلال انتشار الرق في القرن الثامن عشر ولحد منتصف القرن العشرين، بل حتى الحكومة الرأسمالية لم تبذل دولاراً واحداً في تلك الفترة على تعليم هؤلاء الفقراء المستضعفين، مع أنهم كانوا يشكلون عصب الطبقة العاملة المنتجة في النظام الاجتماعي. ومع حتى النظام التعليمي اليوم قد تبدل عما كان عليه بالأمس، إلا حتى الأصل في التمييز العنصري والطبقي لا زال موجودا، لان التمييز في التعليم هوالأساس في تثبيت سيطرة الطبقة الرأسمالية على النظام الاجتماعي , ولا شك حتى برنامج التعليم الأمريكي، المتمثل في التعليم الإجباري العام دون النظر إلى قابليات الطلبة في استيعاب المناهج التعليمية، أدى إلى سلبيات تعليمية خطيرة، منها أولا: حرمان الطلبة من الدخول في المدرس المهنية مبكراً، وثانياً: انحدار المستوى الفهمي للمدارس الثانوية العامة عموماً. وهذا الفشل في تكامل النظام التعليمي في الولايات المتحدة، يعكس توجه النظام السياسي نحوالمحافظة على الفجوة التعليمية الكائنة بين الفقراء والأغنياء. وليس النظام التعليمي الأمريكي يتيما في هذا التوجه الطبقي، فالنظام البريطاني يشجع الطلبة الأقل فهما للمواد الفهمية بالدخول إلى المدارس الإعدادية المهنية، والتلاميذ ذوي القابليات الفهمية بالدخول إلى المدارس الإعدادية النظرية وأبناء الطبقة الثرية بالدخول إلى مدارس إعدادية راقية معدودة اسماها بمدارس «القواعد النحوية» التي تهيئ الطالب الدخول في الجامعات ذات المستوى الفهمي المشهود. وبالنتيجة، أصبح التعليم وسيلة مهمة من وسائل المحافظة على النظام الطبقي الرأسمالي.

وعلى صعيد الاعتقاد بان التعليم يساهم في حل المشاكل الاجتماعية على قاعدة انه شفاء لكل داء، فان رواد النظام الرأسمالي يزعمون بان التعليم يجب ان يخدم النظام السياسي الرأسمالي على أكمل وجه.

ومنذ القرن التاسع عشر سعى الرأسماليون إلى ربط المدرسة بعجلة النظام السياسي والاجتماعي لحل المشاكل الاجتماعية التي يقابلها الأفراد في القارة الجديدة. فسعت المدرسة إلى صهر الجاليات المهاجرة عن طريق هجريز أسس ومفاهيم القومية الجديدة للعالم الجديد، وهي اللغة والتاريخ، وهجرت تعليم الدين للكنيسة. وسعت أيضاً إلى تعليم أبناء الهنود الحمر اللغة الانكليزية ولكنها هجرت تنصيرهم للكنيسة أيضاً أما العبيد فقد تولت الكنيسة تنصيرهم لاحقاً، ولكن المدرسة لم تبذل جهداً في تعليمهم لان النظام الرأسمالي كان يستشعر خطرا كامناً في تعليم الزنوج باعتبار حتى الفهم قد يحرر الإنسان من قيود العبودية. وفي منتصف القرن العشرين بدأ النظام السياسي حملته ضد الفقر عن طريق المدارس، مدعياً ان تبديل نظرة الفقراء السلبية تجاه الدولة والمجتمع والثقافة ستحل معضلة الفقر في النظام الرأسمالي. ولكن بعد اقل من نصف قرن من الزمان، اقر النظام بفشل الحملة المدرسية لمكافحة الفقر، ملمّحاً إلى حتى قضية الفقر تتعلق بالعدالة الاجتماعية في النظام الرأسمالي اكثر من تعلقها بالنظام التعليمي.

وفي محاولة منها لربط المدرسة بالمشاكل الاجتماعية، قامت المؤسسة التعليمية الرأسمالية أيضاً بتغيير المناهج المدرسية بشكل مستمر ، بهدف المساهمة في حل المشاكل الاجتماعية. فعندما قابل المجتمع الرأسمالي ثورة الشباب للتعبير الصريح عن الشهوة الحيوانية بين الجنسين في العقد السادس من القرن العشرين، اضطر النظام التعليمي إلى تغيير مناهجه التعليمية وذلك بوضع دروس جديدة سميت بثقافة التغشي بين الذكور والإناث، كان هدفها التقليل من الآثار الاجتماعية الخطيرة التي سببها النظام الإباحي بين الطلبة. وبعدها بعقدين اضطر النظام إدخال دروس جديدة أخرى حول الإدمان على المخدرات والكحول وضررها على المجتمع.

وقد فشلت هذه الحملات الإصلاحية المتوالية، لتلك الفترة الطويلة، لأسباب مختلفة منها: حتى هذه الإجراءات لم يرد منها أصلا حل المشكلة الاجتماعية بل انما فرضت لأسباب انتخابية وسياسية بحتة، لان مجالس إدارات المدارس الحكومية، وهي الهيئات المسؤلة عن المناهج الدراسية، يتم تشكيلها عن طريق الانتخابات. ومنها: حتى معضلة التعليم مرتبطة بمشكلة انعدام العدالة الاجتماعية. فلوافترضنا جدلا صدق القائمين على حل معضلة التعليم، أليس من الواضح لكل ذي بصيرة حتى هذه الحلول الجزئية المفترضة، تعجز عن معالجة المشكلة الأساسية، فكيف ينفع الإصلاح اليسير لجدار متصدع ما لم يهدم وينشأ بدله جدار حديث قوي ،يا ترى؟ ومنها: حتى استقلال النظام التعليمي عن النظام الأخلاقي الديني، جعل المدرسة مسرحا لمختلف الاتجاهات الفكرية البعيدة عن الأعراف الخلقية المتفق عليها اجتماعيا وعلى صعيد سيطرة الإدارة المحلية على توجيه شؤون المدرسة فان النظام الرأسمالي الأمريكي تميز عن غيره من الأنظمة التعليمية بهذه الخصلة، باعتبار حتى المدرسة ومشاكلها تهمّ المحلة وأبنائها بشكل أساسي مباشر، وان المدرسة إنما أسست لخدمة أفراد المحلة وإدارتها.

وعلى هذا الأساس، فان مجلس إدارة المدرسة يجب حتى ينتخب من أبناء المحلة بالتصويت المباشر. وعند اكتمال تشكيل مجلس الإدارة، يقوم عندئذ بكل أمور التوجيه والإشراف على الحياة المدرسية والنشاط التعليمي، ابتداء من تعيين المفهمين وانتهاء بانتقاء وشراء الخط التي توضع في مخطة المدرسة. وتختلف المناهج الدراسية من مدرسة إلى أخرى حسب رأي وقرار مجلس الإدارة. ففي المناطق المحافظة، المتمسكة بالدين، يمنع مجلس إدارة المدرسة تدريس الثقافة الجنسية ونظرية التطور، بينما يسمح بتدريس هذه المواد الدراسية في مناطق أخرى، ويرجع تحديد جميع ذلك إلى مجلس إدارة المدرسة. وعلى المستوى المالي، فان المدارس مرتبطة بالإدارة المحلية وحكومة الولاية. فتدفع حكومة الولاية نصف مصاريف المدرسة وتدفع الإدارة المحلية النصف الآخر، مع نسبة ضئيلة تدفعها الحكومة الفدرالية.

وأقحام المحلة ومؤسستها المالية والسياسية في إدارة المدرسة ليس وليد صدفة، بل انه ينبع من صميم الفكرة الرأسمالية. فبدلا من قيام الحكومة الفيدرالية بالصرف المالي على المدارس المنتشرة في مختلف المناطق بشكل عادل، تقوم المحلة الغنية بدفع نسبة أعلى من الضرائب المخصصة للمدارس المتواجدة ضمن حدودها. وعندها تتمتع المدارس في المناطق الغنية بأكمل الخدمات، ويستفيد الطلبة الأغنياء من النظام التعليمي بأفضل وجه. إما المدارس في المناطق الفقيرة فان مجالس إداراتها لا تستطيع النهوض بمهام النظام التعليمي كما يحصل في المناطق الغنية لقلة المخصصات المالية الواردة من ضرائب الفقراء. وبذلك يتضرر الطلبة من العوائل الفقيرة. وهذا، كما ترى، ظلم واضح بحق الفقراء من الطلبة الذين يعيشون على نفس الأرض ويدافعون عن نفس الدولة ويحتمون بنفس النظام.

وكما حتى الاقتصاد الرأسمالي يشجع الأفراد على المنافسة الاقتصادية باعتبار حتى مردودها ينفع الفرد والمجتمع على حد سواء، كذلك يشجع على المنافسة في النظام التعليمي الرأسمالي. فاستخدام نظام الدرجات يشجع الطلبة على التنافس من اجل الحصول على أعلى المستويات الأكاديمية. حيث يفوز المنتصر في عملية التنافس بجائزته النهائية، وهي مسقط متميز في النظام الاجتماعي، بينما ينحرف الخاسر تدريجيا عن سير النظام التعليمي، ليلتحق بأقرانه من الخاسرين من أفراد الطبقة العاملة الفقيرة.

وإذا كانت المنافسة تساعد الطالب على نيل أعلى الدرجات في النظام التعليمي الرأسمالي، فان التعاون بين الطلبة لحل المسائل المعقدة يعتبر نوعاً من الغش، لان الطالب، حسب النظرة الرأسمالية، يجب ان يتحمل المسؤولية الفردية في التعليم والتحصيل وحل المشاكل وفهم مستعصيات العلوم، ومسؤولية المدرس تبيين وتوضيح وتحديد الخط الذي ينبغي حتى يسير عليه الطالب، وما وراء ذلك فهومسؤولية التلميذ الشخصية. وهذا الهجريز على المنافسة في النظام التعليمي الرأسمالي لم يأت اعتباطا، بل حتى رواد الفكرة الرأسمالية يرون حتى تعليم الأطفال وتدريبهم على المنافسة في المجال التعليمي سيؤهلهم لاحقاً للمنافسة الاقتصادية في المجتمع الرأسمالي. ولكن هذه المنافسة من اجل الحصول على درجات جيدة تدل على خلل أساسي في النظام التعليمي الرأسمالي، ذلك حتى المدرسة هدفها غرس الفهم في |أذهان التلاميذ، وليس الحصول على الدرجات، لان الدرجات لا تمثل إلا رمزاً متعارفاً لكمية فهم الموضوع. ولوكان الأصل من التعليم الحصول على درجات جيدة لانتفت موجبات التحصيل من الأصل، لان دوافع الحصول على مجرد الدرجات يؤدي بالطلبة إلى ارتكاب عملية الغش، وحفظ المواد الدراسية دون فهم، وقراءة المواد المحتمل ورودها في الامتحان فقط دون غيرها، ونسيان المواد الدراسية بعد انتهاء الامتحان، والبحث عن الجامعات الأقل من ناحية المستوى الفهمي ولكنها أيسر من ناحية الحصول على الدرجات، وتفضيل الدراسة عند أستاذ ضعيف من الناحية الفهمية ولكنه مبسوط اليد في الدرجات على أستاذ عالم متشدد في منح الدرجات. وهذا كله يؤدي إلى انخفاض المستوى الفهمي للطلبة، ناهيك عن التأثير النفسي الذي يهجره صراع من هذا النوع على نفسيات الخاسرين في عملية التنافس للحصول على أعلى الدرجات.

وتصبح نتيجة المنافسة المدرسية، فشلاً كانت أونجاحاً، جزءاً من الشهادة الفهمية للفرد، وعلى أساسها يُقيّم في المجتمع، وعلى ضوئها يحدد معاشه وراتبه وأسلوب حياته. فإذا كانت درجاته المدرسية المسجلة في الشهادة الجامعية مثلاً عالية، أصبح مؤهلا للدخول بقوة إلى مجال العمل الاجتماعي أوالبحث الفهمي، حتى لوكانت هذه الدرجات الرمزية لا تمثل فهمه الواقعي للفهم الذي درسه. وبالإجمال، فان تصنيف الطلبة تحت سقف وجود الذكاء أوعدمه استناداً على نسبة الدرجات في الشهادة المدرسية لا يساعد الطلبة بالمرة على التحصيل الفهمي الجاد.

ولما كان النظام التعليمي الرأسمالي يشجع الأغنياء على إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة التي لا يدخلها إلا الخواص، فان الكثرة الغالبة من الطلبة تشعر بان المردودات الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية يفترض أن تمضى حتما إلى القلة من الأفراد، وهذه القلة هي التي ستحوز على قصب السبق، وستقتطف النصيب الأكبر من الجوائز الاجتماعية، وبالتحديد: السلطة والثروة والمنزلة الاجتماعية. أما الجد، والجهد، والاجتهاد، والذكاء، فهي لا تضمن للطلبة الفقراء أومن الطبقة المتوسطة مقعدا في الطبقة الرأسمالية. أضف إلى ذلك حتى الاستسلام لهذا الواقع من قبل الفقراء والطبقة المتوسطة يخلق جوا يساعد الطبقة الرأسمالية على البقاء في مواقعها، والاحتفاظ بمصالحها الاجتماعية والاقتصادية المتميزة. واهم مساعدة يقدمها النظام التعليمي الرأسمالي للطبقة الرأسمالية العليا هوإلقاء مسؤولية الفشل الأكاديمي على الطالب وحده وليس على النظام الاجتماعي الذي وضع الغني في مسقط متميز منذ نعومة أظفاره، وهيأ له مسببات النجاح والتفوق دون الطالب الفقير. إلى غير ذلك تصبح الفكرة الرأسمالية القائلة بأن لكل فرد فرصة متساوية مع بقية الأفراد في النظام الاجتماعي نظرية خادعة، لا تحمل معها أي معنى تطبيقي في مفهوم العدالة الاجتماعية.

المصادر

  • الأعرجي , زهير (1415) . النظام التعليمي , مؤسسة محراب الفكر الثقافية , إيران .
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:24:54
التصنيفات: نظريات الصراع, التعليم

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إيطاليا توافق على استرجاع نفاياتها من تونس

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:35
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 100%

إيران تؤكد دفع تعويضات لعدد من عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:27
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 91%

تشكيل حكومة العراق على نار هادئة.. اجتماعات بمقر الصدر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:18:03
مستوى الصحة: 96% الأهمية: 91%

قرعة دور الـ16 من كأس ملك إسبانيا تسفر عن مواجهة ثأرية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:55
مستوى الصحة: 99% الأهمية: 90%

سيارات كهربائية جديدة.. إحداها تسير ألف كيلومتر بشحنة واحدة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:18:12
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 87%

الإمارات تباشر العمل يوم الجمعة لأول مرة في تاريخها

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:28
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 93%

بالصور: المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الميلاد

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:14
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 96%

وزير الخارجية الهندي يبحث مع سامح شكري تعزيز العلاقات بين البلدين

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:22:08
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

معهد إسرائيلي: ثقة المستوطنين بالجيش هي الأدنى منذ 2008

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:37
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 100%

كيف كان أداء أسواق الإمارات في أول يوم جمعة للتداول؟ | آخر الأخبار

المصدر: CNBC عربية - الإمارات التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:19:42
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 78%

"أريد التقرّب إلى الله".. آثار الحكيم تعلن اعتزالها

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:18:17
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 86%

تحركات البنوك المركزية تحدد توجهات الأسواق في 2022

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:18:15
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 93%

خطر قادم لجميع دول العالم تقريبا بحلول سنة 2030

المصدر: حوحو للمعلوميات - المغرب التصنيف: تقنية
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:12:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

مصرع 13 مدنيا في هجمات منفصلة في بوركينا فاسو

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:15:36
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 95%

بعد الحضرى وأبو جبل.. 4 حالات كورونا جديدة فى منتخب مصر

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:21:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

أنباء سارة للأهلي قبل مواجهة سبورتنج في دوري السوبر

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-01-07 15:20:41
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية