عبد القادر عيّاش باحث ومؤرخ وأديب وصحفي ومحامي وقاضي، نشر أكثر من 117 بحثاً وكتيباً عن وادي الفرات عامةً ودير الزور خاصةً، وتعتبر مؤلفاته مصدراً فهمياً ومرجعاً أساسياً لكل باحث أودارس، فلا يمكن حتى تقرأ كتاباً يتناول موضوعاً عن وادي الفرات واهله إلا وتجده مستشهداً بجزء أوفقرة من كتاباته.

نسبه

ولد عبد القادر عيّاش في مدينة دير الزور عام 1911 لآل العيّاش، من فخذ البوعبيد من قبيلة البقارة، والتي يرجع نسبها إلى الإمام محمد الباقر أحد أحفاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والده عيّاش الحاج حسين من كبار الزعماء والملاكين والتجار ووالدته السيدة قمرة عبود الحسن أخت حج فاضل العبود رئيس حكومة دير الزور في فترة الفلت عام 1918.

نشأته وحياته

نشأ عبد القادر عيّاش في أسرة عريقة في نسبها وثرائها، عمل والده عيّاش الحاج مع أخوته في التجارة والزراعة وتفرغ هوللدراسة، تفهم في البداية لدى الكتّاب ثم تابع تحصيله الفهمي في بيروت وحصل على الشهادة الابتدائية.

في أوائل عام 1925، تعرضت أسرته بكاملها لبطش السلطات العسكرية الفرنسية بعد حتى اتهمتهم بالتحضير لثورة وادي الفرات تزامناً مع اندلاع الثورة السورية الكبرى في جبل العرب وغوطة دمشق، حيث تعرضت القوات الفرنسية لعدة عمليات عسكرية من قبل مجموعات مسلحة من أهالي وادي الفرات أدت إلى مقتل الكثير من جنودها وضباطها وكان أخرها مقتل ضابطين فرنسيين برتبة مقدم هما (فاينير وفيسكوكي) مع سائقهم الفرنسي في عين البوجمعة.

وإمعاناً بالتشفي والانتقام وبعد حتى وجهت سلطات الاستعمار الفرنسي التهم إلى جميع من محمد العيّاش ومحمود العيّاش بتزعم هذ الجماعات وقيادتها، أصدر المفوض السامي الفرنسي في بيروت قراراً برقم 49 اس/خمسة آب 1925 بنفي جميع أفراد أسرة عيّاش الحاج إلى مدينة جبلة وحكم على محمود العيّاش مع ثلاثة عشر من رفاقه بالإعدام وتم تطبيق حكم الإعدام رمياً بالرصاص في 15 ايلول 1925 في مدينة حلب، كما حكم على محمد العيّاش بالسجن لمدة 20 عاماً في جزيرة أرواد في محافظة طرطوس.

غادر العيّاش مع افراد عائلته إلى منفاهم في مدينة جبلة، وكانت العائلة موضع احترام من قبل أهلي جبلة تقديراً لرجولتهم ونضالهم ومزاياهم الفاضلة، ولم تنته نوائب الأستاذ عبد القادر عيّاش فقد استغلت السلطات الفرنسية تردد والده عيّاش الحاج على مقهى خارج مدينة جبلة ودبرت من دس له السم في قهوته، ومانعت السلطات الفرنسية من نقل جثمانه إلى ديرالزور، لأسباب تتعلق بالأمن العام، ودفن في جبلة في مقبرة جامع السلطان إبراهيم الأدهم، ليتنفس الفرنسيون الصعداء بعد وفاته، لأن الحوادث التي كانت تقع في منطقة الفرات، كانت تجري برأيه وأمره وهوفي منفاه، وأقيمت صلاة الغائب على روح هذا المجاهد الشهيد في كافة البقاع السورية. بقيت عائلة عيّاش الحاج في مدينة جبلة حتى صدور قرار العفوالفرنسي عام 1929 وعادوا بعدها إلى مدينة دير الزور.

وبرغم الألم والمعاناة، أكمل عبد القادر عيّاش دراسته والتحق بالمدرسة الإنجيلية الوطنية في حمص وحصل منها على الشهادة المتوسطة ثم التحق بالمعهد العربي الفرنسي (اللاييك) بدمشق ونال الشهادة الثانوية عام 1932،‏ ثم تابع دراسته الجامعية في كلية الحقوق بجامعة دمشق ونال إجازة الحقوق عام 1935.

وفي عام 1936 تزوج من ابنة عمه السيدة مديحة ابنة الوزير محمد بك العايش وقد رزق بثلاثة أولاد ذكور هم: فاروق، غازي، عبد العزيز وأربع بنات هن: فرات، جلاء، سناء، وفاء وقد توفيت زوجته سنة 1963.

يتحدث عبد القادر عيّاش عن حياته فيقول:

عمله

عين عبد القادر عيّاش عام 1936 قاضياً عقارياً في حلب، ثم انتقل إلى معرة النعمان، ثم إلى دير الزور، ثم إلى دمشق قاضياً مفسراً، وفي عام 1941 عين مديراً لمنطقة الباب في حلب قضى فيها سنتين ثم انتقل إلى سلمية، استنطق من الوظيفة عام 1943، وعاد إلى ممارسة المحاماة في دير الزور وإلى جانب المحاماة عين محامياً لقضايا الدولة عدة سنوات، كما عين عضواً في المجلس البلدي في دير الزور عام 1944.

نشاطه الادبي والثقافي والتاريخي

كانت بداية النشاط الأدبي الثقافي والتاريخي للأستاذ عبد القادر عيّاش عام 1944 حيث أسس نادي البيت الثقافي في أحد بيوت العائلة وعلى نفقته وكان يلقي فيه محاضراته الأدبية والتاريخية ووجه دعوة لمعظم مثقفي الفرات آنذاك، وكان بين المدعوين الشاعر الكبير محمد الفراتي الذي ألقى قصيدة في المناسبة مطلعها:

في العام 1945 أسس على نفقته مجلة صوت الفرات وهي أول مجلة ثقافية شهرية تصدر في ديرالزور وكانت منطقاتها تعهد بحضارة وادي الفرات وتاريخ مدنه ووصف اقتصاده وتدوين تراثه الشعبي وابرازه، وفي زمن حسني الزعيم عام 1948 أغلقت السلطات السورية النادي الثقافي كما أغلقت المجلة لغترة من الزمن، ثم عادت للصدور مستمرة في نهجها الثقافي والاجتماعي وعرض واقع المحافظة من جميع جوانبه، واستطاعت حتى تكون المجلة الوحيدة التي تختص بوادي الفرات وقد استمرت المجلة في عطائها حتى عام 1967.

في عام 1957 أسس متحف التنطقيد الشعبية في دير الزور على نفقته الخاصة وكان أول متحف في المنطقة الشرقية في سورية، حيث كان يقوم بجمع وحفظ البتر التي تخص نمط الحياة التقليدية في مدينة دير الزور، ويحوي المتحف وثائق خطية وصوراً فوتوغرافية ومخطوطات أثرية ودراسة مخطوطة تتناول تاريخ المدينة وفنونها الشعبية ولهجتها وألعابها المحلية، كما يحوي مجموعة كبيرة من ساعات الجيب القديمة والأختام والسبحات ومصنوعات من الخرز ومجموعة كبيرة من الآنية النحاسية والخشبية والخزفية ومجموعة من أدوات التدفئة، ومجموعة من أدوات خلق القهوة وشربها، ومجموعة من السلاح القديم، وأدوات الصيد، وبتر النقود المعدنية والورقية، ومجموعة من الحلي التقليدية بالإضافة الى مخطة كبيرة.‏

كما أسس جمعية العاديات في دير الزور وترأسها عام 1958، وترأس المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في الجمهورية العربية المتحدة عام 1961 وبقي فيه يناضل من أجل تدوين حضارة وادي الفرات حيث يقول فيه: "في الوقت الذي توجد المؤلفات والمصنفات الكثيرة عن وادي النيل ومدنه وخططه لا يوجد أي كتاب عن وادي الفرات وطلبت الاهتمام بإخراج كتيب عن الفرات للتعريف بحضارته"، وكان عضواً في اتحاد الكتاب العرب، والجمعية الجغرافية وجمعية الأبحاث الفهمية في جامعة دمشق.

ولقد تجول عبد القادر عيّاش في أطراف وادي الفرات وقام بأبحاث ميدانية وعايش الأحداث، وتحسس روح العادات والتنطقيد والأمثال فيه، مكرساً لذلك الكثير من وقته وجهده وماله، ولهذا عندما خط ووصف فقد أحسن الكتابة والوصف، وعندما فسر واستنتج فقد أصاب وأفلح في التفسير والاستنتاج، وتمكن من الإحاطة بالأسباب والدوافع ومن الكشف عما قاسي على غيره الكشف عنه من بواطن الأمور.

وتناولت أبحاثه عدة مجالات ومنها:

• الآثار مثل (ماري عروس الفرات الاوسط، قلعة جعبر حصن الشام على الفرات).
• التاريخ مثل (الدولة العقيلية في وادي الفرات، لمحات تاريخية عن دير الزور، القرامطة في وادي الفرات).
• الشخصيات مثل (عبدالله بن طاهر، أبوفراس الحمداني، شخصيات من التاريخ الفراتي).
• الجغرافية العمرانية مثل (رأس العين مدينة الينابيع في الجزيرة الفراتية، الرقة كبرى المدن الفراتية القديمة من جزأين، دير الزور حاضرة وادي الفرات، حران مدينة الفهم والادب).
• الديموغرافية والسكان مثل (السكن في وادي الفرات، وسائل النقل في وادي الفرات، تأخر دير الزور معالمه اسبابه نتائجه).
• المعتقدات الشعبية والفلكلور مثل (خرافة الخرز في دير الزور، الغناء الشعبي في وادي الفرات، بقايا تقديس الماء في وادي الفرات).
• العادات والتنطقيد مثل (التحية والسلام في وادي الفرات، عبارات السلوك عند ابناء دير الزور، الدواوين والمقاهي والمجالس في دير الزور).
• الطبيعية مثل (غزال بادية الفرات، الازهار، طيور وادي الفرات، الموسوعة الفراتية البكر).

كما اصدر عبد القادر عيّاش عدداً من الدراسات والابحاث والموضوعات مثل (عشائر الفرات الاوسط، دراسة عن ترانيم الاطفال في دير الزور، اسماء الالعاب الشعبية في دير الزور) بالاضافة الى إخراجه حلقات في (سلسلة تحقيقات فلكلورية من وادي الفرات)، بالاضافة الى موضوع دراسة حضارة وادي الفرات عمد عبد القادر عيّاش الى تأليف "معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين" حيث وافته المنية قبل استكماله، وقد استطاع ان يحصي فيه 1871 ترجمة لمؤلف سوري ما بين عام 1902 و1974 تاريخ وفاته، بالإضافة الى أعماله في حوالي ألفي صفحة، وقد صدرت الطبعة الاولى من هذا المعجم عام 1982 عن دار الفكر في دمشق.‏

ويدل تنوع المواضيع والمجالات التي تناولها عبد القادر عيّاش على شخصيته الفريدة في عالم الفهم، فتارةقد يكون مهندساً في فهم الزراعة ومرةً خبيراً في أبواب الفلك ومرة أخرى مختصاً في فهم الجغرافية وأخرى ضليعاً في قضايا الفن وتاريخ الشعوب إلى غير ذلك، ففي حديثه عن التبغ يدرك القارئ السعة الفهمية الكبيرة للمحرر من خلال حديثه عن الخصائص الفهمية لهذا النبات حيث يقول: "التبغ نبات ينتمي إلى الفصيلة الباذنجانية ومعظم نباتات هذه الفصيلة استوائية وفي هذه الفصيلة 85 جنساً و1800 نوعاً، ومن بين نباتات هذه الفصيلة (الفليفلة والبطاطا والباذنجان والبندورة)، ومن أنواعه (الصناعي والتزييني والبري)، ومعظمها موسمي صيفي وبعضها موسمي ومعمر سوقه ليفية مخشوشنة منتصبة أوراقه كاملة بسيطة متعاقبة زغبية النصال لزجة ازهراره طرفي يكثر فيه الشكل العنقودي"، إلى آخر ما هنالك من حقائق فهمية تتعلق بهجريبه واستنباته واستعماله في قضايا لا يدركها إلا مختص. وفي حديثه عن الحيات يتطرق إلى تكوينها والحديث عن جلدها وسرعتها وطولها وأنواعها وطعامها وتلاقحها وأصنافها والمداواة بالسم وأعداء الحية ووسائل الدفاع عنها في سرد فهمي دقيق يعبر عن قدرته الفهمية وعمق معارفه ودقتها، وحديثه عن الماء ومشاكله والتلوث وأسبابه ما يعجز عن الوصف ويشهد بقدرته الفهمية وسعة إطلاعه وعمق نظرته إلى الحياة والكون.

كما أهتم الاستاذ عبد القادر عيّاش بالمعارض الثقافية وأقام عدداً منها في دير الزور ومنها:

1. معرض الصور عن البلاد العربية 1946، وذلك في نادي البيت الثقافي وقد افتتحه محافظ دير الزور آنذاك مكرم الأتاسي.
2. معرض الكتاب الفراتي 1960، وافتتحه محافظ دير الزور آنذاك عدنان عثمان.
3. معرض الطوابع 1962، محافظ دير الزور عاطف العجلاني.
   

وقد زار بلاداً كثيرة عربية وأجنبية، كالعراق والكويت والأردن ومصر وهجريا وأوروبا والاتحاد السوفياتي على نفقته الخاصة وكان صوتاً عالياً من أجل حمل شأن مدينته دير الزور حيث يقول: "ما فتئت من ربع قرن أطالب المسؤولين عن طريق منطقاتي في الصحف السورية وفي مجلة صوت الفرات بإنشاء المدارس ودور الخط وإشراك أبناء الفرات في البعثات التعليمية".

أحب عبد القادر عيّاش مدينته دير الزور وسعى إلى فهم تاريخها حيث يقول "لقد حزّ في نفسي حتى تظل دير الزور مسقط رأسي وذات الدور الكبير في تاريخ وادي الفرات وذات الأهمية في دنيا العرب بلا تاريخ مكتوب حتى اليوم وقد ضم التاريخ جميع شيء في حياة الأقوام لكن دير الزور اليوم في عصر ما قبل التاريخ"، كما نطق: "لوحتى دير الزور وعت جيداً مسقطها ودورها والظروف التاريخية التي عاشتها لكان تطورها أسرع وأوسع ولأصبحت حاضرة عربية بحق تستفيد وتفيد، وعندي حتى أبرز سبب في نقص إدراك دير الزور لأهمية دورها هوحتى ليس لأبنائها حس بتاريخهم وهم يزهدون به أشد الزهد لجهلهم إياه"، وهويؤكد باعتقاد العالم الحصيف حتى دير الزور ذات تاريخ عريق ويسعى من خلال مطالعته وتنقيبه المستمر لتأكيد هذا الرأي ويقول واثقاً "ليست دير الزور بلا تاريخ كما يتوهم أبناؤها والآخرون إذا لها تاريخاً طويلاً حافلاً بالكفاح والبطولات جديراً بأن يخط ويستفاد منه إنه لم يخط بعد وقد آن وقت كتابته".

وكان عبد القادر عيّاش يحترم ويجلّ جميع من يخط عن وادي الفرات إذ وصف صديقه أحمد وصفي زكريا بألطف العبارات لأنه كان قد خط عن وادي الفرات إذ يقول: "ستعهد الأجيال العربية الآتية فضل أحمد وصفي زكريا وتذكره بما يليق به حين تخلص تلك الأجيال للفهم والبحث وتجدّ للتعهد على تاريخها"، كما بعث يشكر الأديب الياس غالي الذي ترجم كتاب مسامرات الأموات للمحرر الفراتي لوقيانوس السميساطي المتوفى سنة 190 ميلادية، وكان يجمع جميع ما خط عن دير الزور حاضرة وادي الفرات وقد نقل ما خطه أحمد وصفي زكريا بدير الزور عام 1916 وما خطه المهندس وجيه الجزار عام 1922 وما خطه غسان الشريف وفريد جحا وخليل هنداوي.

لقد أحب دير الزور وكل ما هجره شاهد لهذا الحب وهوالقائل: "لقد ارتبطت بقضايا هذا الوادي أشد الارتباط وأوثقه لقد محضته جميع حبي إنه وطني الأصغر على أديمه ولدت ودرجت"، وكان يحض على التعليم وفتح دور النشر والثقافة وكل ما ينعكس على تنمية مدينته حيث يقول: "إنه لعار كبير يلحق بالديريين والإدارة المحلية بقاء دير الزور قاعدة الفرات ومنارته الحضارية خالية حتى اليوم من دار نشر ومن مطبعة حديثة ومن مؤلفات عن المنطقة ومن صحيفة محلية أعتبر فقدانها من أكبر مسببات تخلف دير الزور، إذا دير الزور قلب الفرات النابض وحصن الوطنية فيه عقها أبناؤها ولم ينصفها الكتاب السوريون فلم يخطوا عنها وبقيت مجهولة رغم ما قامت به من نشر الحضارة والوعي الوطني والروح القومية في وادي الفرات، وبرغم كفاحها المستعمر الهجري والإنكليزي في أقسى الظروف".

كما طالب بإقامة المصانع والمعامل على جانبي الطريق بين دير الزور وحلب لتنمية دير الزور وحمل مستوى ولج أبنائها، حيث يقول: "ولن يبعد الزمن الذي تشاهد فيه مختلف المصانع على جوانب الطرق تقوم على تصنيع الحاصلات الزراعية والحيوانية المحلية الوافرة للاستهلاك المحلي الداخلي وللتصدير، مصانع للمعلبات ومعامل للحليب المكثف والمجفف وللجبن وللزبدة ومعامل للزيوت النباتية ومصانع للورق والجلود والنسيج والسجاد والاسمنت ومواد البناء وغير ذلك"، كما طالب في العهود السابقة بتعبيد طريق دير الزور حلب وتزفيتها والعناية بها وتوسعتها لتصبح أوتوستراد وتحقق له ذلك بعد سنين طويلة.

وما فتئ يدعوأهالي دير الزور وينصحهم بتأسيس مشاريع صناعية وتجارية لحمل مستوى معيشتهم والنهوض بمدينتهم حيث يقول: "ولقد دعوت الأهلين مراراً إلى تأسيس صناعات ومزارع جماعية ومداجن وإلى الاستفادة من أسماك الفرات وهي ثروة هامة مع افتقارنا الشديد إلى استغلالها، ودعوات إلى تشجير المنطقة ومكافحة القذارة وأكل البزر في الشوارع ودور السينما والمحلاّت العامة لأنه بصاق متواصل ويسيء إلى الذوق العام ومناف للتهذيب"، وقد حارب البدع والخزعبلات والعادات التي اسهمت في تخلف المدينة ويدعوإلى هجرها والتحرر منها ومثال عليها بدع المآتم وتنطقيد الوفاة بدير الزور حيث يقول: "إن تنطقيد الوفاة في دير الزور قاسية ومبالغ فيها لم تسمع نقداً لهذه العادات واحتجاجاً عليها وقف الرجال في دير الزور منها موقف المتفرج ووقفت السلطة موقف من لا يهمه الأمر، تنطقيد الوفاة عندنا جاهلية مضرة مسرفة مضيعة لأوقاتنا، الوجاهات الرخيصة هي التي ترعاها وتتمسك بها والرجعيون يسيرون وراء مواكب الجنازات في الوقت الذي لا تعهد موكب فهم وأدب، حريٌ بها نبذ التنطقيد المضرة وممارسة تنطقيد عصرية مفيدة".

ويبرر عبد القادر عيّاش انتقاداته الكثيرة لأبناء مدينته بكونه يحبهم ويحرص على مصلحتهم حيث يقول:

عضويته

كان عبد القادر عيّاش عضواً في الكثير من الجمعيات واللجان الاجتماعية والادبية والثقافية ومنها:

1. رئيس المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في الجمهورية العربية المتحدة سنة 1961.
2. مؤسس متحف التنطقيد الشعبية بدير الزور ومالكه.
3. مؤسس فرع جمعية العاديات في دير الزور ورئيسها عام 1957.
4. عضوجمعية البحوث والدراسات.
5. عضولجنة الفنون الشعبية في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في سورية.
6. عضواتحاد الكتاب العرب.
7. عضوجمعية الأبحاث الفهمية بحلب.
8. عضوالجمعية الجغرافية بجامعة دمشق.

نطقوعنه

• المؤرخ فيليب متى من جامعة برنستون:

عزيزي الأستاذ عبد القادر عيّاش رجعت إلى مقري ورأسي محشوبتذكارات ولقاءات مع الأدباء ومع أساتذة ورجال الحكومة، لكن تلك اللقاءة المتواضعة في دمشق مع فرد من بني قومنا في زاوية جغرافية نائية شاذ عن القاعدة، إذ لا يكرس وقته وقوله وماله لنفسه ولذويه، بل يضع نفسه في خدمة أبناء بلدته ووطنه دون تعويض سوى لذة الخدمة والفائدة...، حقاً إذا تلك اللقاءة لم يزل أثرها حياً مستحباً في ذاكرتي وسيبقى كذلك إلى أمد بعيد، فهنيئاً لك في عملك وأنت لا بحاجة إلى تنشيط فيه والأمل في شعبنا لا يزول ما دام فيه أمثالك.

• الأديب فاضل سفان:

معطيات العلامة عبد القادر عيّاش استوعبت جميع مناحي الحياة الإنسانية بالإضافة إلى خصوصيتها المتفردة التي وصلت إلى حد الإعجاز في استقصاء جميع ما يخص وادي الفرات وحاضرته دير الزور على وجه الخصوص، هذا العشق الخالد يستحق منا حتى نقف وقفة إكبار وتقدير لأنها تمس جميع فرد منا وتبارك جميع حبة رمل في وادي الفرات.

• الاستاذ فريد جحا:

لقد رأيت العجب حقاً في دار المحامي عبد القادر عيّاش، هذا الرجل إنسان بكل معنى الحدثة، يحب مدينته، وقد خط عنها مجلدات كثيرة مطبوعة ومخطوطة وقضى أكثر حياته التي قاربت الخمسين في القراءة والبحث والتقصي عن تاريخ وادي الفرات، وأنشأ مخطة جيدة ومتحفاً شعبياً نطق جميع من زاره من مسؤولين وأدباء وفنانين وأجانب إذا فيه أشياء كثيرة تستحق التقدير.

• الأديب المهجري نظير زيتون:

أنت محام وأنت موسوعة تاريخية اقتصادية اجتماعية شعبية للفرات، وأنت بهذه الموسوعة البكر التي لم تطرقها أقلام الكتاب، سفير فكري روحي للفرات ندبته العناية الحكيمة للتنقيب عن تاريخ ضاع في مجاهل التاريخ.

• الباحث عبد الرحمن الحلبي:
  • لم تخلُ الساحة العربية من أناسٍ أنكروا ذواتهم خدمة لوطنهم ومجتمعهم، وقد كان منهم المحامي والباحث التراثي عبد القادر عيّاش.
  • حب الوطن وإنسانه وأنهاره وغدرانه، وسهوله وحيوانه، وطيره وزواحفه، وجباله وباديته، وسمائه بشمسها وقمرها ونجومها ومجرّتها.. هذه المعالم والرموز مرّ بها عيّاش في تضاعيف عطائه النظري، ثم أمسك بأيدينا ليضعنا في عطائه التطبيقي ورحاب المتحف الذي أنشأه في منزله للتنطقيد الشعبية المتوارثة في بلده دير الزور.
  • فهماء الآثار ينقبون بتؤدة متناهية ليستخرجوا من بين ركام الزمن وثيقة ما، ثم يعكفون على دراستها وتحليلها للاستدلال منها على مرجعيتها، وعبد القادر عياش في مجاله "الفلكلوري" كان أشبه بمنقبي الآثار في توثيق ما يحوزه بالصبر والمثابرة والبحث والمتابعة عما خلّفه الزمن الشعبي في ميدان بحثه الماثل حصراً في المنطقة الشرقية من سورية انطلاقاً من المدينة التي شهدت طفولته وصباه وشبابه وكهولته وشيخوخته ووفاته دير الزور.
• الدكتور صالح الأشتر:

لقد سد في منطقة الفرات ثغرة كبيرة لم يسدها غيره.

• الدكتور عمر الدقاق:

رأيت في بحوثه ومتحفه وثقافته نمطاً جديداً، لا يدانيه سوى القلة من الفهماء والمستشرقين، وإن بيته تعبير عن متحف ومخطة سعدت بزيارتها مستمتعاً بنتاج هذا العالم وأطايب بحوثه البكر.

• الدكتور عبد السلام العجيلي:
  • في معرض حديثي عن جهود متصلة لفرد واحد من أبناء وادي الفرات المعاصرين ربط نفسه بعملٍ هام ومضن هوتقصي جوانب الحياة الحاضرة والمنقرضة في هذا الوادي وتدوينها في دراسات متلاحقة تاريخية وأدبية وفلكلورية هذا الفرد هوالأستاذ عبد القادر عيّاش من دير الزور وهي حاضرة وادي الفرات في هذه الأيام أصلاً وإقامةً.
  • هجر لنا الاستاذ عبد القادر عيّاش ذخيرة كبيرة من الكتابات التي يمكن اعتبارها موسوعة تبحث في تاريخ وادي الفرات وجغرافيته وحضارته من مختلف جوانبها وفي مختلف اطوارها، وعدا عن الصفة الموسوعية لهذه الكتابات فإنها تتميز بكونها عملاً منفرداً سد ثغرة في معارفنا عن وادي الفرات لم يتعرض أحد قبله الى سدها.
• الدكتور عدنان الخطيب:

أحب دير الزور حاضرة الفرات حيث رأى النور لأول مرة، وكانت على أرضها مدارج طفولته، وعلى شطآن الفرات مرابع صباه، فهام بها حباً حتى غدا أريج ترابها يغذوه وعبير طرفائها ينشيه، ولما شب وفى دينه لوادي النهر العظيم فوقف جهوده وما ورثه وما جناه من مال على خدمة هذا الوادي، ناشطاً في دراسة تاريخه هاوياً جمع آثار من أقاموا فيه دائباً على البحث والتنقيب عن عادات وتنطقيد المعاصرين والغابرين من أهل الفرات، مدوناً ما يجتمع لديه من أعراف ومفاهيم تتصل بحياتهم الشعبية، فإذا صنفها أخرجها للناس في كتيبات أطلق عليها اسم سلسلة تحقيقات فلكورية من وادي الفرات، وقارئ هذه البحوث يجد فيها لمحات تاريخية عما ورثه أهل الفرات عن أسلافهم من عادات وتنطقيد كما يجد فيها صوراً رائعة ووصفا ممتعاً لحياة الناس في بيوتهم وفي معايشهم وفي مزارعهم وحقولهم الممتدة على شواطئ الفرات الخصب والثروة في جميع من سورية والعراق.

• الشاعر محمد عبد الغني حسن:

• شاعر دير الزور محمد الفراتي:

عهدت الأستاذ عبد القادر عيّاش منذ نعومة أظفاره مثالاً للحركة الدائمة والعمل المتواصل والبذل بسخاء، وهذا يشير على حب الأستاذ عيّاش لوطنه والذي لا يكاد ينازعه فيه منازع.

• الأستاذ تام إسماعيل:
  • كان منزله تعبير عن متحف للتنطقيد الشعبية، هذا إلى جانب مخطة كبيرة غنية بالمراجع.
  • كان عبد القادر عيّاش يدرك ببعد نظره حتى ما نعيشه اليوم ونعتبره حقيقة أبدية، ليس بهذه الصفة، وأن عجلة الزمان تدور وتطوي معها أنماط تفكيرنا وسلوكنا وعاداتنا وتنطقيدنا والأدوات التي نستخدمها في حياتنا اليومية، فلا بد من تسجيل وقائع هذه الحياة بكل تفاصيلها.
• الدكتور محمود رمزي:

يعتبر الاستاذ عبد القادر عيّاش الرائد الأول في ميدان التأريخ والكتابة في وادي الفرات، فهولم يهجر طيلة حياته المعطاء جانباً من الجوانب التي تخص هذا الوادي وسكانه ومدنه واثاره وحضاراته إلا وخصص له جزءاً هاماً من كتاباته وأبحاثه الكثيرة التي أنجزها بدافع حبه للبحث الفهمي ولبلده، ونشر جميع ما من شأنه التعريف بهذا البلد وبسكانه وبحضارته والحمل من شأنه وشأنهم، معينه في ذلك، ثقافة واسعة، وهمة عالية، وروح متابعة لم ينلها في يوم من الأيام كللٌ أوملل.

وفاته

توقفت مسيرة عبد القادر عيّاش الأدبية فيثمانية حزيران عام 1974 بعد حتى أحيا تراثاً مهملاً ومهدداً بالضياع والزوال، لقد عَشِقَ العيّاش رحمه الله منطقة وادي الفرات وكرس حياته من أجلها، ومن أجل مدينته "دير الزور" التي أحبها وسرى حبها في دمه حتى أضحت جزءاً لا يتجزأ من كيانه.

رحل العيّاش وفي قلبه حباً كبيراً لمدينته وأمنيات كبيرة في بناءها وتطورها وحملتها ووصولها وأهلها إلى المكانة التي يستحقون، حيث يقول في كتابه حضارة وادي الفرات:

مراجع

مصادر خارجية