الفن الهليني

عودة للموسوعة

الفن الهليني

هذا الموضوع هوجزء من سلسلة عن:

تاريخ الفن اليوناني

العصر البرونزي اليوناني
Cycladic art - الفن المينوي

Mycenean art

الفن في اليونان القديمة
Archaic Greek art - الفن اليوناني الكلاسيكي

الفن الهلنستي

الفن اليوناني في العصر الروماني


انظر أيضاً: الفن اليوناني البوذي

يونان العصور الوسطى
الفن البيزنطي - الفن المقدوني
اليونان بعد البيزنطيين
الفن في اليونان العثمانية - المدرسة الكريتية

Heptanese School

اليونان المعاصرة
الفن في اليونان الحديثة - مدرسة ميونخ

الفن اليوناني المعاصر

النصر المجنح لساموتراس.

لقد تأخر اضمحلال الحضارة اليونانية من ناحية الفن زمناً طويلاً. ففي هذه الناحية لا يقل ازدهار العصر الهلنستي، في خصوبة الإنتاج وفي الابتكار، عن ازدهار أي عصر آخر في التاريخ. وما من شك في حتى الفنون الصغرى لم يطرأ عليها شيء من الاضمحلال، وأن مهرة الصناع في الخشب والعاج والفضة والمضى انتشروا في جميع أنحاء العالم اليوناني الذي اتسعت رقعته. وفيهِ بلغ الحفر على الجواهر والنقود أعلى درجاته، وكان الملوك الهلنستيون في البلاد الممتدة إلى بكتريا يحلون نقودهم بالكثير من النقوش، ولسنا نبالغ إذا قلنا إذا البترة ذات العشر الدرخمات من نقود هيرون الثاني كانت أجمل ما رأته العين في فن المسكوكات الذي سجله التاريخ. واشتهرت الإسكندرية بمن فيها من صائغي المضى والفضة، الذين لم يكن فنهم يقل جمالاً عن اسلوب شرائعها الذي لا تشوبه قط شائبة، كما اشتهرت بأحجارها الثمينة وأصدافها ذات النقوش البارزة الملونة، وبخزفها الأخضر والأزرق، وبفخارها المغطى بطبقة زجاجية بديعة، وبزجاجها الكثير الألوان ذي النقش الدقيق الجميل. ويتجلى هذا الفن بأجلى مظاهره في مزهرية بورتلاند Portland وهي في أغلب الظن من خلق الإسكندرية، فقد نُقشت عليها صور رشيقة محفورة في طبقة زجاجية ناصعة البياض في لون اللبن الصافي فوق جسم من الزجاج الأزرق. وما أشبه هذه التحفة في الزمن القديم بتحف جوسيا ودجود في الزمن الحديث .

وظلت الموسيقى شائعة بلين جميع طبقات السكان، وتبدلت فيها السلالم والأنغام في اتجاه الرقة والجدة(1)؛ وأدخلت الأنغام الناشزة القصيرة في النغمات المتوافقة؛ وازدادت الآلات والتآليف الموسيقية تعقيداً(2). وكبرت "زمارات بان" القديمة حوالي عام 420 في الإسكندرية حتى صارت مجموعة من الزمارات البرنزية، وحسن تسبيوس حوالي عام 175 هذه الآلة فجعلها أرغناً يدار بالماء والهواء مجتمعين ويجعل في مقدور العازف حتى يُحدث به نغمات من الصوت جد طويلة. ولسنا نعهد عن هجريب هذه الآلة أكثر مما ذكرنا، ولكننا سنرى كيف من الممكن أن تطورت تطوراً سريعاً في أيام الرومان حتى صارت هي أرغن المسيحية وأرغن هذه الأيام(3). وكانت الآلات تجتمع فيتكون منها جوقة العازفين؛ وكانت ألحان من الموسيقى الآلية الخالصة مكونة في بعض الأحيان من خمس حركات تُعزف في ملاهي الإسكندرية وأثينة وسرقوسة(4). ونال عدد من مهرة الموسيقيين شهرة واسعة وأصبحت لهم مكانة اجتماعية تتناسب مع أجورهم العالية. وفي عام 318 خط أرستكسنوس Aristoxenus التاراسي، تلميذ أرسطو، رسالة صغيرة تُدعى قواعد الألحان صارت هي النص القديم الذي يُرجع إليه في النظريات الموسيقية. وكان أرستكسنوس هذا رجلاً جاداً، لم يستسغ كما لم يستسغ معظم الفلاسفة موسيقى زمانهم. ويروي عنه أثينيوس قوله في عبارات سمعتها أجيال كثيرة من بعده: "بعد حتى طغت البربرية على دور التمثيل، وبعد حتى فسدت الموسيقى وقُضي عليها القضاء الأخير، وأصبحنا نحن أقلية صغرى في هذا الزمان، نستعيد في عقولنا، ونحن جالسون بمفردنا، ما كانت عليه الموسيقى في الأيام الخالية"(5).

العمارة

مذبح پرگامون، متحف پرگامون، برلين.

أما عمارة العصر الهلنستي فليس لها سقط في نفوسنا لأن الدهر قد عدا عليها فسواها بالأرض وناصبها العداء بلا تفريق بين بعضها والبعض الأخر. غير أننا نستدل من الأدب ومن آثارها، على حتى فن العمارة اليوناني أنتشر في هذا العصر من بكتريا إلى أسبانيا. ولقد نشأ من التأثير المتبادل بين بلاد اليونان والشرق خليط من الأنماط: فغزت الأروقة المعمدة والعرضة الراكزة داخل آسية، ودخلت الأقواس والعقود والقباء بلاد الغرب. ففي ديلوس نفسها، وهي المركز اليوناني القديم، قامت تيجان العمد المصرية والفارسية. وقد بدا الطراز الدوري جامداً كئيباً في عصر أولع بالرقة والزينة، ولهذا أخذ يختفي من مدينة إثر مدينة، في الوقت الذي أخذ فيه الطراز الكورنثي المزخرف يرقى حتى بلغ ذروته. وكانت النزعة الدنيوية في الفن تجاري في سرعة تقدمها النزعة الدنيوية في نظام الحكم، وفي الشرائع والأخلاق، والآداب، والفلسفة؛ وأخذت العمد المقامة حول البيوت، والمداخل الواسعة، والأسواق، ودور القضاء، وقاعات الجمعيات الوطنية، ودور الخط والتمثيل، ومدارس التدريب الرياضي، والحمامات، أخذت هذه العمد تحل محل المعابد؛ وكانت قصور الملوك والأفراد ميداناً جديداً ظهر فيهِ فن التخطيط والزخرف اليوناني. وصارت مداخل البيوت تزدان بالرسوم، والتماثيل، والنقوش على الجدران، كما أخذت الحدائق الخاصة تحيط بالبيوت الواسعة الفخمة. وأنشئت للملوك بساتين وحدائق، وبحيرات، وسرادقات في حواضر البلاد، وكانت تفتح عادة للجماهير. وتطور فن تخطيط المدن ليجاري فن العمارة، فخططت الشوارع على طراز هپوداموس Hippodamus الرباعي، وكان منها شوارع رئيسية لا يقل عرضها غن ثلاثين قدماً-وهوعرض يتناسب مع الخيل والمركبات التي كانت وسائل النقل في تلك الأيام. وكانت مدينة أزمير تزهوبشوارعها المرصوفة(6)، ولكن لأكبر الظن حتى معظم شوارع المدن الهلنستية كانت أرضاً معبدة تعهد مساوئ التراب والطين.

وكثرت المباني الجميلة كثرة لم يكن لها مثيل من قبل؛ ففي أثينة شيدت في القرن الثاني العمد الكورنثية المقامة في الأولمبيوم ووضع الروماني كوسوتيوس Cossotius الخطة العامة للصرح الرحب العظيم الذي كان أفحم بناء في أثينة-وكان كوسوتيوس بهذا العمل قلباً للوضع المألوف وهواعتماد رومة على الفنانين اليونان. ويصف ليفي هيكل زيوس الأولمبي بأنه لم يرَ بناء غيره يليق لأنقد يكون مسكناً لإله الآلهة(7). ولا تزال ستة عشر عموداً من أعمدته قائمة وهي أجمل النماذج الباقية من الطراز الكورنثي. وفي إلوسيس أتم صلاح أثينة في دور احتضاره، وأتمت عبقرية فليون، هيكل الطقوس الخفية الفخم الذي بدأه بركليز في موضع كان مكاناً مقدساً منذ العصور الميسينية. ولم يبقَ من هذا الهيكل إلا بتر متفرقة، ولكن بعضها يشير على حتى التخطيط والنحت اليونانيين كانا لا يزالان وقتئذ في أوجهما. وقد كشف الفرنسيون في ديلوس عن قواعد هيكل أبلوكما كشفوا عن مدينة كانت في أيامها مزدحمة بالمباني الفخمة المحصصة للأعمال التجارية أولإيواء مائة من الآلهة اليونانية أوالأجنبية. وأقام هيرون الثاني في سرقوسة كثيراً من المباني الضخمة ذات الروعة والجلال، وجدد دار التمثيل التابعة للبلدية وزاد في مساحتها، ولا هبط في هذه الأيام نقرأ اسمه منقوشاً على حجارتها. وزين البطالمة مدينة الإسكندرية بالمباني الشاهقة التي أذاعت اشتهارها بالجمال، ولكن شيئاً من هذه المباني لم يبقَ حتى الآن. وشاد بطليموس الثالث عند إدفومعبداً هوأفحم ما بقي من العمائر من عصر الاحتلال اليوناني، وشاد خلفؤه معبد أيزيس في جزيرة فيلي وجددوا بناءه. وفي أيونيا أقيمت بيوت جديدة للآلهة في ميليطس، وپريينى Priene، ومجنيزيا، وغيرها من المدن؛ وتم في عام 300 ق.م بناء المعبد الثالث لأرتميس في إفسوس، وشاد المهندسان پايونيوس Paeonius، ودفنيس في ديديا بالقرب من ميليطس معبداً أوسع من هذا تكريماً لأبلو(332 ق.م.-41م)؛ ولا تزال صفحات الأعمدة الأيونية الفخمة التي كانت قائمة في هذا المعبد باقية إلى اليوم. وفي برجموم أذاع أومنيز الثالث شهرت عاصمته في طول بلاد اليونان وعرضها بما أنشأه فيها من المباني وخاصة مذبح زيوس الذائع الصيت الذي كشفه الألمان في عام 1878، وأعادوا بناءه بحذق عظيم في متحف برجموم القائم في برلين. وكانت مجموعتان فخمتان من الدرج حول بابين عظيمين لهذا المذبح تؤديان إلى بهورحب ذي عمد؛ وكان حول مائة وثلاثين قدماً من القاعدة إفريز يبلغ في أيامه من الفخامة ما بلغه ضريح الإسكندر في القرن الرابع أوالبارثنون في القرن الخامس. وقصارى القول حتى بلاد اليونان لم تزدن في وقت من الأوقات بمثل ما ازدانت به في تلك الأيام، وأن حماسة مواطنيها ومهارة فنانيهالم تعملا مثل ما عملتاه في ذلك الوقت من تحويل الكثير من مساكن أهلها إلى قصور فخمة ذات روعة وجمال.


النحت

مجموعة لاوكون، متاحف الڤاتيكان، روما.

لم تبلغ التماثيل من الكثرة في عصر من العصور مثل ما بلغته في العصر الهلنستي، فقد كانت الهياكل والقصور، والدور والشوارع، والحدائق والبساتين كلها غاصة بالتماثيل التي تصور جميع ناحية من نواحي الحياة البشرية وكثيراً من مظاهر العالم النباتي والحيواني. وكانت تمثيل نصفية تخلد إلى وقت ما الموتى من الأبطال والمشهورين من الأحياء؛ وانتهى الأمر بأن نحتت من الحجارة تماثيل للمعاني المجردة كالحظ، والسلام، والنميمة، والفرصة السانحة.

وقد خلق يوتكيديز السكيوني Eutychides of Sicyon تلميذ ليسبوس Lysippus لمدينة أنطاكية أنموذجاً ذائع الصيت لتمثال الحظ ليمثل فيه روح المدينة وأملها. وواصل تماخوس Timachus وسفسودوتسوس Cephisodotus ابنا بركستليز تنطقيد النحت الأثيني الظريفة. وفي البلوبونيز طبقت شهرة دمفون المسيني Damphon of Messene الخافقين حين نحت مجموعته الضخمة المكونة من دمتر، وبرسفوني، وأرتميس. غير حتى الكثرة الغالبة من المثالين الجدد كانت تتبع أقرب طريق ينقذها من الموت جوعاً ألا وهوتزيين قصور الملوك والعظماء اليونان الشرقيين. ونشأت في جزيرة رودس في القرن الثالث مدرسة في النحت ذات طابع خاص لا مثيل له في غيرها من المدارس. فلقد كان في الجزيرة مائة تمثال ضخم يكفي الواحد منها على حد قول بلني، لأن ينشر في الآفاق شهرة مدينة. وكان أعظمها كلها تمثال ضخم من البرونز لهليوس Helios إله الشمس صنعه كاريز اللندوسي Chares of Lindus حوالي عام 280. وتقول رواية ضعيفة إذا كاريز هذا قد انتحر حين رأى حتى نفقة التمثال قد زادت كثيراً على ما كان مقدراً لها، وإن لاكيز اللندوسي Laches of Lindus أتم التمثال. ولم يكن هذا التمثال مقاماً إلى جانبه ويعلوإلى ازدياد مائة قدم وخمس أقدام؛ ويوحي هذا الحجم بأن ذوق أهل رودس كان يتجه نحوالمظاهر الفخمة والضخامة، ولكن لعل الرودسيين كانوا يستخدمون منارة للسفن ورمزاً للجزيرة. وإذا جاز لنا حتى نصدق ما اتى في قصيدة ديوان الشعر اليوناني(15) فإن هذا التمثال كان يحمل بيده ضوءاً وأنه كان يرمز إلى الحرية التي تستمتع بها رودس-وتلك سابقة عجيبة لتمثال شهير في أحد الثغور الحديثة . وكان هذا التمثال بلا ريب يُعد إحدى عجائب الدنيا السبع؛ ويقول بلني أنه:

"قد ألقاه على الأرض زلزال بعد ست وخمسين عاماً من إقامته؛ وإنه قل ما يوجد من الرجال من يستطيع تطويق إبهامه بذراعيهِ، وإن أصابع يديه أكبر من أجسام معظم التماثيل، وإنه إذا ما كسرت أطرافه شوهد في داخل الجسم كهوف واسعة مفتوحة. ويُرى في داخله أيضاً صخور ضخمة أراد المثال حتى يثبت بها التمثال في موضعه أثناء اشتغاله بإقامته. وينطق إنه قضى في نحته اثنتي عشرة سنة، وإن نفقاته بلغت ثلاثمائة وزنة-وقد حصلت الجزيرة على هذا المبلغ من آلات الحرب التي هجرها دمتريوس وراءه بعد حصاره الفاشل للجزيرة ".

ويكاد يضارع هذا التمثال في شهرته التاريخية مجموعة أخرى من خلق المدرسة الرودسية تُعهد باسم اللاؤكؤن Laocoon. وقد شاهد بلني هذه المجموعة في قصر الإمبراطور تيتس، وعُثر عليها عام 1506م في حمامات هذا الإمبراطور؛ ولا يكاد يخامرنا أدنى شك في أنها هي المجموعة الأصلية التي نحتها أگساندر Agesander، وپوليدوروس Polydorus، وأثينودوروس Athenodorus من بترتين كبيرتين من الرخام في القرن الثاني أوالثالث قبل الميلاد(18). وقد هز كشفها مشاعر إيطاليا في عهد النهضة وكان لها أعمق الأثر في ميكل أنجلوالذي حاول عبثاً حتى يعيد إلى التمثال الأوسط فيها ذراعه اليمنى الضائعة . وكان لاؤكؤون الذي تسمى المجموعة باسمه كاهناً طروادياً نصح الطرواديين بأن لا يقبلوا الحصان الخشبي حين بعث به اليونان إليهم ونطق لهم، كما يروي فرجيل، "أني أخشى اليونان حتى وهم يحملون إلينا الهدايا Timeo Danaos et Dona Ferentes(19)". وأرادت أثينا التي تحب اليونان حتى تعاقبه على حكمته فأوفدت إليهِ حيتين لتقتلاه. فقبضتا أولاً على ولديهِ، وأبصرهما لاؤكؤون فهجم عليهما لينقذهما، فسقط بين طيات الحيتين، وانتهى الأمر بأن طُحنت أجسامهم جميعاً وماتوا من سم أنياب الحيتين. ولقد أجاز المثالون لأنفسهم ما أجازه فرجيل لنفسهِ (وما أجازه لنفسه سفكليز في فلكتيتس) فعبروا عن الألم بقوة، ولكن النتيجة لا تتفق وما في طبيعة الحجر من دوام. إذا الألم في الأدب وفي الحياة عادةً لا يدوم؛ أما في اللاؤكؤون فأن صرخة الألم قد دامت دواماً غير طبيعي، والناظر إليها لا يتأثر كما يتأثر بحزن دمتر الصامت . على حتى الذي يثير إعجابنا هوبراعة الفكرة وإتقان التطبيق. نعم إذا العضلات قد بولغَ فيها، ولكن أطراف الكاهن الشيخ، وجسمي ولديهِ قد صيغا صياغة مثلت في كثير من الهيبة والتحفظ ولعلنا لوعهدنا السيرة قبل حتى نشاهد المجموعة لتأثرنا بها كما تأثر بلني، الذي ظنها أعظم عمل من أعمال الفن اللدن(20).

وقامت في مراكز يونانية أخرى مدارس زاهرة للنحت في هذا العصر الذي لم يقدره الناس حق قدره؛ غير حتى الإسكندرية قد انقلبت أرضها وتبدلت مبانيها مراراً كثيرة في أثناء تاريخها الطويل، فلم تحتفظ بما أقامه الفنانون اليونان للبطالمة من أعمال؛ وكل ما بقي من الأعمال الجليلة الشأن هوتمثال النيل الوقور المحفوظ في متحف الفاتيكان والذي يسنده ستة عشر طفلاً ترمز إلى الستة عشر قيراطاً التي يعلوها النهر في فيضانه. وقد نحت مثال يوناني من صيدا عدداً من التوابيت لطائفة غير معروفة من الكبراء أحسنها كلها التابوت المسمى خطأ بتابوت الإسكندر والمحفوظ في متحف اسطنبول. ويضارع ما فيه من الحفر ما في إفريز البارثنون وإن قل عنه في الكم؛ فالصور جميلة متقنة التناسب، والنحت قوي ولكنه واضح، والألوان الهادئة التي لا تزال عالقة بالحجارة تدل على العون الذي كان يلقاه النحت اليوناني من فن التصوير. وصب أبلونيوس وتورسكس في ترالس Trallas من أعمال كاريا Caria حوالي 150ق.م. مجموعة ضخمة من البرنز لرودس تُعهد الآن باسم ثور فارنيز. وتتألف هذه المجموعة من غلامين وسيمين يسيطان درسي Dirce الجميلة ويدفعانها إلى قرني ثور وحشي، لأنها أساءت معاملة أمهما أنتيوبي Antiope التي تنظر إليهما راضية مطمئنة اطمئناناً تعافه النفس . وفي برجموم صب المثّالون اليونان من البرنز عدة مجموعات حربية أقامها أتلس أول الأمر في عاصمة ملكه ليخلد بها ذكرى صد غارات الغاليين. وأراد أتلس حتى يعبر عما تشعر به الثقافة اليونانية بأجمعها من فضل أثينة عليها، ولعله أراد أيضاً حتى يذيع شهرته، فأهدى صوراً من هذه المجموعة لتقام على الأكربوليس بأثينة. وقد بقيت بتر صغيرة منها في صورة الغالي المحتضر المحفوظ في متحف الكبتولين، وفي الصورة المسماة خطأ بيتس وأرّيا -وهي صورة غالي يؤثر الموت على الأسر فيقتل زوجته أولاً ثم يثني بنفسه- وفي بتر أخرى أصغر منها منتشرة الآن في مصر وأوربا. ولعل من هذه المجموعة أيضاً صورة الأمزونة الميتة التي لا عيب في تفاصيلها كلها عدا ثدييها الذين بلغا من الكمال حداً لا يتصوره العقل. وتكشف هذه الصورة عن تحفظ في التعبير عن الانفعالات شبيهة بما كان في عصر اليونان الزاهر. فالرجال المغلوبون يقاسون الآلام والأحزان المبرحة، ولكنهم يموتون وهم صابرون؛ وقد أجاز المنتصرون للفنانين حتى يمثلوا فضائل أعدائهم كما يمثلون هزيمتهم. ولسنا نتبين هنا أي مرشد على نقص القدرة على التفكير أودقة ملاحظة أجزاء الجسم، أومهارة التمثيل أوالصبر عليه. ولا يكاد يقل عن هذه المجموعة كمالاً النقش العظيم الذي كان يمتد على طول قاعدة مذبح زيوس وأكربوليس برجموم، والذي يقص مرة أخرى سيرة الحرب التي نشبت بين الآلهة والجبابرة-ويبدوحتى هذا النقش تمثيل متواضع للحرب بين أهل برجموم والغاليين. والنقش هنا شديد الازدحام، ويبدوأحياناً عنيفاً عنفاً مسرحياً، ولكن بعض رسومه تضارع خير ما أنتجه الفن اليوناني. فصورة زيوس التي لا رأس لها منحوتة بقوة لا تقل عن قوة اسكوباس Scopas، والإلهة هكتي Hecate مثال في الرشاقة والجمال بين أهوال الحرب وفظائعها.

وكان هذا العصر غنياً بما فيه من روائع الفن التي لا يعهد أصحابها والتي تكاد تضم صوراً لجميع الآلهة الكبار، ونذكر منها رأس زيوس الفخم الذي عُثر عليه في أهجرولي Atricoli وتمثال لودوفيزي هيرا Lodovisi Hera المحفوظ في متحف ترمي، وقد أحب بهما جيتة في شبابه إعجاباً حمله على حتى ينقل معه نطقبين لهما إلى ألمانيا كأنهما تذكاران حقيقيان أهداهما إليه جوف ويونو, أما أبلوبلفدير الذي كان من قبل موضع الإعجاب فهوفاتر متكلف خال من دلائل الحياة، ولكنه مع ذلك أزكى نار الحماسة في قلب ونحدثان منذ قرنين من الزمام(21). ويختلف أشد الاختلاف عن هذا التمثال الأملس الضعيف تمثال هرقل الفانيزي الذي نقله جليكون Glycon الأثيني عن أصل له يُعزى إلى ليسبوس-وجسمه الضخم كله عضلات، وكله ملل، وكله حنو، ووجهه كله عجب ودهشة-كأن القوة كانت تسأل نفسها ذلك السؤال الذي لم يجب عن أحد قط: ماذا يجب حتىقد يكون هدفها،يا ترى؟ أما أفرديتي فقد أخرج لها ذلك العصر تماثيل لا يقل عنها في عددها إلا عبادها وحدهم؛ وقد بقي عدد من هذه التماثيل معظمها مما نقله الرومان عن أصولها اليونانية. غير حتى تمثال أفرديتي ميلوس المحفوظ في متحف اللوفر والمعروف فيه باسم زهرة ميلويظهر أنه تمثال يوناني أصيل نُحت في القرن الثاني قبل الميلاد. وقد عثر على هذا التمثال في ميلوس عام 1820 بالقرب من بترة من القاعدة نقشت عليه الحروف ساندوس Sandos، وربما كان أجسندر الأنطاكي ومسماه مأخوذ من سرادق الفاتيكان الذي وضع فيه التمثال أولاً وهوالذي نحت هذا التمثال العادي المتواضع.

وليس لوجه التمثال ذلك الجمال الرقيق الذي يزدان به وجه التمثال الموضوعة صورته في الصفحة الأولى من هذا المجلد، ولكن الجسم نفسه ممتلئ بالصحة التيقد يكون الجمال ثمرتها الطبيعية. ولسنا نرى فيهِ ذلك الخصر النحيل الذي لا يتفق مع الجسم الملئ والوركين المكتنزتين... ولم يبلغ هذا الكمال كله تمثالا فينوس الكبتولينية، وفينوس الميديشية . وتمثال فينوس كلبيجي Venus Callpyge أوفينوس ذات الإليتين الجميلتين يثير الغريزة الجنسية قوية، وقد غطيت فيه مفاتنها لكي تكشف عنها، وتلتفت لتبدي إعجابها بردفيها في البحيرة. وأسقط من هذه التماثيل كلها في النفس تمثال نَيْكي Nike أونصر سموثريس الذي عثر في ذلك المكان عام 1863، وهوالآن أروع آيات النحت في متحف اللوفر . وقد مثلت إلهة النصر كأنها تحط وهي طائرة بأقصى سرعتها على مقدم سفينة مسرعة، وتقودها إلى الهجوم. ويخيل إلى الرائي حتى جناحيها العظيمتين يجذبان السفينة ضد النسيم الذي يعبث بأثوابها. وهذا أيضاً تسيطر على التمثال فكرة اليونان عن المرأة، وهي أنها ليست متعة حلوة فحسب، بل أنها فوق ذلك أم قوية. فليس جمالها هوجمال الشباب الضعيف الزائل بل هونداء المرأة الذي يدوم طول الحياة للرجل لكي يسموإلى الأعمال الجليلة؛ وكأنما أراد الفنان حتى يمثل هنا السطور الأخيرة من فوست Faust للشاعر جيته. لعمري حتى حضارة تستطيع حتى تفكر في هذا التمثال وأن تنحته لحضارة أبعد ما تكون عن الموت.

ولم تكن الآلهة أبرز ما يعنى به المثالون الذين ازدان بهم خريف الفن اليوناني؛ لقد كان هؤلاء الفنانون ينظرون إلى أولمبس نظرتهم إلى معين من الموضوعات لا أقل من ذلك ولا أكثر. ولما نضب هذا المعين من كثرة ما أخذ من انتقلوا إلى الأرض نفسها وسرهم حتى يمثلوا ما في الحياة البشرية من حكمة وجمال، وغرابة وسخافات. فنحتوا أوصبوا رؤوساً ذات روعة اهومر، ويوربديز، وسقراط. وصنعوا عدداً من التماثيل الملساء الرقيقة لهرمافروديتى Hermaphrodite يستلفت العين جماها الغامض؛ وهي قائمة في متحف العاديات باسطنبول، أوفي معرض بورجا في رومة، أوفي متحف اللوفر. وكان الأطفال في هذه التماثيل يقفون وقفات طبيعية منشطة، كوقفة الغلام الذي يخرج شوكة من قدمه؛ والغلام الأخر الذي يقاتل إوزة . وأجمل ما في هذا الصنف من التماثيل تمثال الشاب القائم للصلاة والذي يتجلى الإيمان في وجهه، ويعزى هذا التمثال إلى بؤيثس Boëthus تلميذ ليسبوس . وكان المثالون يمضىون إلى الغابات ويصورون جن الغاب كجنية بربريني المحفوظ تمثالها في ميونخ Munich أوالساترات الفرحة كتمثال سلينس السكرى المحفوظ في متحف نابلي. وكانوا يضعون في مواضع متفرقة بين صورهم الوجنتين المتوردتين والحيل الخادعة الماكرة التي يعزوها الأقدمون إلى إله الحب.


التصوير والفسيفساء

فسيفساء الإسكندر، من بيت فون، پومپي، والآن في المتحف الأثري الوطني، ناپولي.

التصوير في العادة آخر فن عظيم ينضج في الحضارة؛ فهوفي المراحل الأولى من مراحل الثقافة يخضع للعمارة الدينية ولعمل التماثيل الدينية، ولا يصبح فناً مستقلاً إلا حين تدعوه الحياة الخاصة والثروة الخاصة إلى زخرفة المنازل أولتخليد ذكرى اسم من الأسماء. ولما حتى أضعفت موت الديمقراطية من معنى الدولة في عقول الناس، عاد الفرد إلى طلب السلوى في منزله، فشاد الأغنياء قصوراً يسكنون فيها، وأدوا أجوراً عالية للفنانين الذين يستطيعون حتى يزينوا فسقية أويجملوا جداراً. فكانت الإسكندرية تتخذ التصوير على الزجاج وسيلة من الوسائل التي تزين بها الجدران؛ وكانت جميع المدن الهلنستية تستخدم لهذا الغرض إطارات متحركة من الخشب؛ وكان الأمراء والكبراء يفضلون عن هذه الإطارات الصور الضخمة المرسومة على ألواح من الرخام يمكن فصلها ووضعها في أي مكان شاءوا. ويصف بوسنياس عدداً لا يُحصى من الصور التي رآه في تجوالهِ ببلاد اليونان، ولكن الدهر لم يبقِ منها إلا على رسوم حائلة من الخشب أوالحجارة، ولهذا لا نجد سبيلاً لفهم حقيقة هذه الصور إلا الحدس والتخمين والاعتماد على الصور الحائلة المتوسطة القدر المنقولة عنها والتي عُثر عليها في بمبياي، وهركولانيم Hercolaneum ورومة.

وظلت بلاد اليونان تضع مصوريها في المستوى العالي الذي تضع فيهِ مثاليها ومهندسيها، بل لعلها كانت تضع الأولين في مستوى أعلى من مستوى الآخرين. وكانت تؤدي إليهم من الأجور مثل ما يؤديه الأمريكيون للمصورين في هذه الأيام، وتروي عن حياتهم قصصاً تدل على حبها وتكريمها لهم. ومنها حتى ثسكليز الإفسوسي، حين لم ينل من الملكة استراتونيكه Stratonice ما كان يرجومن عطاء صورها وهي تعبث مع صائد سمك، وعرض الصورة على الجماهير، ثم ركب البحر لينجومن القتل. ورأت استرتنيس "أن الصورتين قد عبرتا عن ملامحها وملامح الصياد تعبيراً يدعوإلى الإعجاب" فعفت عنه وسمحت له بالعودة(8). ولما استولى أراتس على سكيون أمر بإتلاف جميع صور طغاتها السابقين. وكان ملانثوس Melanthus (وهومصور من رجال القرن الرابع) قد صور أحد هؤلاء الطغاة ومسماه أرخستراتوس Archestratus إلى جانب مركبته الحربية تصويراً حياً واضحاً تأثر به الفنان نيالكس Nealkes فتوسل إلى أراتس حتى يبقي على الصورة، وقبل أراتس راتىه على شريطة حتى يستبدل بصورة أراتس صورة أخرى لا تثير من البغض ما تثيره صورة هذا الرجل(9). ويقول استرابون إذا پروتوجينس Protogenes صور ساتيرة Satyr ، وإلى جانبها صورة حجل وقد بلغت صورة الحجل من الإتقان درجة جعلت أخواته الحية تناديه، ثم محا المصور بعدئذ صورة الطائر حتى يقدر الناس جمال صورة الساتيرة(10). ويقول بلني حتى هذا المصور نفسه وضع أربع طبقات من اللون على صورته الذائعة الصيت صورة ياليسوس Ialysos (الذي يزعم الناس أنه مؤسس المدينة المسماة بهذا الاسم في رودس)، حتى تظل الألوان ناضرة زاهية إذا ما أزال الدهر الطبقة العليا منها. وينطق إذا بروتجنيز قد غضب من عجزه عن حتى يصور الزبد الذي يتساقط من فم كلب ياليسوس تصويراً صادقا، فلم يتمالك نفسه ورمى الصورة بأسفنجة يريد حتى يتلفها. وسقطت الأسفنجة بطبيعة الحال على المكان، وهجرت في ذلك المكان بقعة من اللون شبيهة جميع الشبه بالزبد الخارج من فم كلب يلهث. ولما حتى حاصر دمتريوس پوليورسيتس Demetrius Poliorcetes جزيرة رودس أبى لأن يشعل النار في تلك المدينة لئلا تتلف هذه الصورة. ولم ينبتر بروتوجينس عن العمل أثناء الحصار في مرسمه، وكان هذا المرسم أما خط زحف المقدونيين مباشرة. واستنادىه دمتريوس إليه وسأله:

لـِمَ لـمْ يحتمِ داخل أسوار المدينة كما عمل غيره من المقدونيين،يا ترى؟ فأجابه بروتوجينس بقولهِ: "ذلك بأني أعهد أنك إنما تشن الحرب على أهل رودس لا على الفن". فما كان من الملك إلا حتى عين له حرساً يحمِهِ، وهجر الحصار ليشاهد أعمال الفنان العظيم(11).

وكان المصورون الهلنستيون يعهدون خداع المنظور، وتمثل الأشخاص بارزين في عين الناظر، وسقوط الضوء، وتجمع الأشكال. ومع أنهم لم يستخدموا المناظر الطبيعية إلا لتكون مؤخرة للصورة لتجميلها، وأنهم صوروها حين استخدموها بطريقة خالية من الحياة جارية على العهد (إذا حكمنا عليها مما نقل عنها من الصور في بمبياي)، فإنهم أدركوا على الأقل حتى الطبيعة موجودة، وجعلوا لها مكاناً في الفن في الوقت الذي كان ثيوقريطس يجعل لها مكاناً في الشعر. ولكنهم كانوا شديدي الولع بالإنسان وبأعماله كلها إلى حد غفلوا معه عن الأشجار والأزهار. لقد اقتصر أسلافهم على رسم الآلهة والأغنياء من الآدميين أما الفنانون الهلنستيون فقد افتتنوا بكل ما آدمي وتبينوا حتى الموضع القبيح المنظر قد يصور تصويراً جميلاً أوعلى الأقل يأتي بأجر كبير، فانقلبوا يصورون الحياة البشرية بحماسة كحماسة الهولنديين، وسرهم حتى يصوروا الحلاقين والأساكفة والعاهرات، والخياطات، والحمير، والرجال المشوهين، والحيوانات الغريبة. ثم أضافوا إلى هذه الصور المأخوذة من الحياة المألوفة أوالريفية، صوراً من الحياة الساكنة الجامدة-كالكعك، والبيض، والفاكهة، والخضر، والسمك، والطير، والحيوان المصيد، والخمر، وكل ما يتصل بها من الطقوس القديمة. وكان سوسوس من پرگامون Sosus البرجمومي يسلى معاصريه بأن يمثل لهم أرضاً من الفسيفساء الخادعة لا تزال منتشرة عليها بقايا وليمة(12). لكن المصورين المحافظين قد ساءهم هذا فأخذوا ينددون بهؤلاء الذين يحملون من شأن الأمور العادية ويصفونهم بأنهم يصورون الفحش والأقذار Pornographoi and Rhparographoi وحرم القانون في طيبة تصوير الأمور القبيحة(13).

عرس الألدوبرانديني، نسخة پييتروسانتي بارتولي

وقد أنقذت حمم بركان ڤيزوڤ بعض روائع ذلك العصر الكبيرة من النسيان وإن لم تحفظ لنا هذه الحمم أسماء أصحابها. وقد عثر في أستيا مظلم يظهر أنه صورة ضعيفة منقولة عن أصل هلنستي، وهي معروفة لدينا باسم عرس الألدوبرانديني The Aldobrandini Wedding نسبة إلى الأسرة الإيطالية التي كانت تمتلكها قبل حتى نجد لها مكاناً في متحف الفاتيكان. وفي هذه الصورة تُظهر أفروديتى ممتلئة الجسم شبيهة بصور الرسام الهولندي روبنز Rubens تبعث الشجاعة في قلب العروس الخائفة، على حين ينتظر العريس، وهوفي غير حاجة إلى من يستحثه، على أحر من الجمر إلى جانب الفراش. وأجمل هاتين الشخصيتين الرئيسيتين صورة امرأة رشيقة تسقط نشيداً على مزهر حائل اللون.

وثمة صورة جدار من بمبياي يقول بعض الخبراء، وإن لم يرقَ قولهم إلى مرتبة اليقين، وأنها منقولة عن أصل يوناني رُسِمَ في القرن الثالث. وهي تصور أخيل وإلى جانبهِ پهجرلوس، يسلم، وهوغاضب، پرسيوس لفجور أجمنون. ويبدولأذواقنا ومألوف عاداتنا حتى في صور الآدميين في هذا الرسم من الجحيم أكثر مما فيها من الجمال؛ ذلك أننا قد ألفنا حتى نرى أجسامناً أقل من هذه الأجسام وسيقاناً أطول من تلك السيقان؛ ولكننا يجب حتى نسلم حتى الفنانين الأقدمين كانوا يعهدون الرجال اليونانيين والنساء واليونانيات، أحسن مما نعهدهم نحن أويعهدهم من سيأتون بعدنا. وقد مضى الزمان بنضرة هذه الصورة؛ وما من شيء يستطيع حتى يعيد لها ما كان لها من بهاء ونضارة، كانا بلا ريب موضع إعجاب جمهرة الشعب وملوكه، إلا الخيال القوى القادر على تصوير ما كانت عليه في الأيام الخوالي.

وأسقط من هذه في النفس بتر من الفسيفساء الرومانية منقولة على ما يظهر عن رسوم هلنستية. لقد كانت الفسيفساء من النون القديمة في مصر وأرض الجزيرة، ثم أخذها عنهما اليونان وسموا بها إلى أعلى الدرجات، فكانت الصور تقسم بالخطوط إلى مربعات صغيرة، وكانت المكعبات الرخامية الدقيقة تلون بحيث إذا وضع بعضها إلى جانب البعض الآخر مثلت الصورة تمثيلاً لا يبليه الزمان، ولا تزال بتر من الفسيفساء محتفظة بألوانها تقص علينا السيرة القديمة وإن كانت قد وطأتها أرجل لا يحصى عديدها. وقد عُثر في پومپي على صورة تمثل معركة إسوس، ويرى بعضهم أنها ذات صلة بصورة يونانية من تصوير فلكسينوس (وإن كان هذا مشكوكاً فيهِ). وتتكون هذه الصورة من نحو1.500.000 حجر، لا تزيد مساحة جميع منها على مليمترين مربعين أوثلاثة مليمترات، ويبلغ طول هذه الفسيفساء كلها ست عشرة قدماً، ويبلغ عرضها ثماني أقدام. وقد ألحق بها الزلزال وثوران البركان اللذان نكبت بهما پومپي في عام 79م. ضرراً بليغاً، ولكن ما بقي منها يكفي للدلالة على ما كانت تمتاز به هذه الصورة من براعة وقوة. ففيها يرى الإسكندر وقد اسود جسمه وانتفش شعره من وهج الشمس وقذارة الماء، يوجه الهجوم وهوعلى ظهر جواده بوسفالوس Bucephalus، ولا يبعد إلا بضع أقدام عن مركبة دارا الحربية. وقد ألقى عظيم من عظماء الفرس نفسه بين الملكين، وتلقى في جسمه طعنة من رمح الإسكندر. وينحني دارا من مركبته نحوصديقه المجندل، غير عابئ بما يتعرض له من الخطر (لأن الإسكندر يوجه إليه طعنته الثانية) ووجهه مليء بالقلق والحزن. ويهجم فرسان الفرس لينقذوا مليكهم، ويظل رمح الإسكندر متزناً في الهواء. وأهم ما في هذه الصورة وأبدعه هوتمثيل العواطف الكثيرة المعقدة في وجه الإسكندر؛ ولكن أجمل رأس في هذه المجموعة كلها هورأس جواده. وليس في الفسيفساء كلها ما أعظم من هذه البترة.


السيراميك

Lagynos decorated with musical instruments, 150‑100 BC, Louvre.


الفنون الصغرى

فنون المعادن

Braganza brooch, ca. 250-200 ق.م. المتحف البريطاني.


معرض صور

انظر أيضاً

  • الإسكندر الأكبر
  • الحضارة الهلينية
  • اليونان الهلينية
  • الفترة الهلينية
  • الفن في اليونان القديمة
  • Hellenistic works: Barberini Faun, Laocoön and his Sons, Stoa of Attalos, Venus de Milo, Winged Victory of Samothrace, Boxer of Quirinal, Derveni krater.
  • Bacchic art

الهامش والمصادر

الهامش
المصادر
  • This article draws heavily on the fr:Art hellénistique article in the French-language Wikipedia, which was accessed in the version ofعشرة November 2006.
  • Boardman, John (1989). Greek Art. London: Thames and Hudson. ISBN .
  • Burn, Lucilla (2005). Hellenistic Art: From Alexander The Great To Augustus. Los Angeles: J. Paul Getty Trust Publications. ISBN .
  • Charbonneaux, Jean, Jean Martin and Roland Villard (1973). Hellenistic Greece. Peter Green (trans.). New York: Braziller. ISBN .CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  • Havelock, Christine Mitchell (1968). Hellenistic Art. Greenwich, Connecticut: New York Graphic Society Ltd. ISBN .
  • Holtzmann, Bernard and Alain Pasquier (2002). Histoire de l'art antique: l'art grec. Réunion des musées nationaux. ISBN .
  • Pollitt, Jerome J. (1986). Art in the Hellenistic Age. Cambridge University Press. ISBN .

وصلات خارجية

  • Selection of Hellenistic works في المتحف البريطاني
  • Selection of Hellenistic works at the Louvre
  • Hellenistic Art, Insecula.com


تاريخ النشر: 2020-06-04 17:43:03
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, CS1 maint: multiple names: authors list, Commons category link is locally defined, Hellenistic art, Hellenistic sculpture, الحضارة الهلينية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أردوغان: يمكن إعادة النظر بالعلاقة مع سوريا بعد انتخابات 2023

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:42
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 95%

أردوغان يبحث مع بوتين مشروعا نوويا جديدا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:14
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 89%

محمد صلاح يغادر معسكر المنتخب متوجهاً لدبي.. لهذا السبب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:18:01
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 95%

الأردن وإسرائيل تنويان تحسين بيئة نهر الأردن والبحر الميت

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:15
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 99%

تزامنا مع إعلان مرشدين جديدين.. انتحار شاب من إخوان مصر بتركيا 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:18:04
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 93%

إنقاذ عشرات الفلسطينيين على شواطئ ليبيا واليونان

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:12
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 100%

البنك المركزي المصري يكشف حجم تحويلات المصريين في الخارج

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:16
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 92%

تركيا تعتقل مشتبهاً به على صلة بتفجير اسطنبول في سوريا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:45
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 89%

قطر تدشن فاعلية خاصة للمصريين تخص كأس العالم

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:24
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 88%

أوكرانيا لواشنطن: حان الوقت لتزويدنا بمنظومة باتريوت

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:44
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 86%

وسائل الإعلام: الجمهوريون لن يوقفوا المساعدات لأوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:13
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 85%

 أوكرانيا: حان وقت "باتريوت"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:18
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 97%

ميدالية غير مسبوقة للسعودية ببطولة العالم للتايكوندو

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:23
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 87%

مؤسس FTX: ندمت على التقدم بطلب إفلاس المنصة والسلطات سرعت الانهيار

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:39
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 85%

الكويت يرد بحزم على المفوضية الأوروبية بشأن حالات الإعدام

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:13
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

سعر الدولار في مصر يواصل اختراق مستويات قياسية جديدة مقابل الجنيه

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:47
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 85%

أروع أمثلة الوفاء.. مصرية تتبرع بثلثي كبدها لإنقاذ حياة زوجها 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:18:03
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 97%

وزير الدفاع الأمريكي السابق: ترامب غير مؤهل لتولي منصب الرئيس

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:18
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 99%

اعتراف صادم لمنفذة تفجير اسطنبول: رمقني حاجي وأمرني بتفعيل القنبلة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 12:17:40
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية