أبوحامد الإسفراييني
أبوحامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفرايني (344-406هـ الموافق 956-1016م) انتهت إليه رئاسة الفقه الشافعي في بغداد، وكان يحضر مجلسه أكثر من ثلاثمائة فقيه، له من المؤلفات "التعليقة الكبرى" في الفقه الشافعي. وعلق على مختصر المزني تعاليق وطبق الأرض بالأصحاب ولهُ في الممضى التعليقة الكبرى وكتاب البستان وهوصغير وذكر فيه غرائب وأخذ الفقه عن أبي الحسن بن المرزبان ثم عن أبي القاسم الداركي واتفق أهل عصره على تفضيله وتقديمه في جودة النظر ونطق الخطيب البغدادي في كتابهِ (تاريخ بغداد) إذا أبا حامد وقع بشيء يسير عن عبد الله بن عدي وأبي بكر الإسماعيلي وإبراهيم بن محمد بن عبدل الإسفرايني وغيرهم، وكان ثقة ورأيته غير مرة وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله ابن المُبارَك وهوالمسجد الذي في صدر قطيعة الربيع وسمعت مَنْ يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة متفقه، وكان الناس يقولون لورآه الشافعي لفرح بهِ وحكى الشيخ أبوإسحاق في الطبقات حتى أبا الحسين القدوري الحنفي كان يعظمهُ ويفضلهُ على جميع أحد وأن الوزير أبا القاسم علي بن الحسين حكى لهُ عن القدوري أنهُ نطق: أبوحامد عندي أفقه وأنظر من الشافعي، ونطق الشيخ فقلتُ لهُ هذا القول من القدوري حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد وتعصبه بالحنفية على الشافعي ولا يلتفت إليه فإن أبا حامد ومن هوأفهم منه وأقدم على بعد من تلك الطبقة وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما نطق الشاعر:
نزلوا بمكة في قبائل نوفل | ونزلت بالبيداء أبعد منزل |
وروي عنه أنه كان يقول ما قمت من مجلس النظر قط فندمت على معنى ينبغي حتى يذكر فلم أذكرهُ، وروي أنه قابلهُ بعض الفقهاء في مجلس المناظرة بما لا يليق ثم أتاه في الليل معتذراً إليه فأنشده يقول:
جفاء جرى جهراً لدى الناس وانبسط | وعذر أتى سراً فأكد ما فرط |
ومن افترض حتى يمحوجلي جفائه | خفي اعتذار فهوفي أعظم الغلط |
وكانت ولادته سنة 344هـ في إسفراين، وقدم بغداد في سنة 363هـ، ونطق الخطيب سنة 364هـ، ودرس الفقه بها من سنة سبعين إلى حتى توفي ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال سنة ست وأربعمائة ببغداد، ودفن من الغد في دارهِ ثم نقل إلى مقبرة باب حرب في سنة عشر وأربعمائة، ونطق الخطيب وصليتُ على جنازتهِ في الصحراء وراء جسر أبي الدن وكان الإمام في الصلاة عليه أبا عبد الله بن المهتدي خطيب جامع المنصور وكان يوماً مشهوداً بكثرة الناس وعظم الحزن وشدة البكاء، ونسبته إلى إسفراين بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء المهملة وكسر الياء المثناة من تحتها وبعدها نون وهي بلدة في خراسان بنواحي نيسابور على منتصف الطريق إلى جرجان، والبيت الذي تمثل به الشيخ أبوإسحاق له ثان وهو:
حذراً عليها من منطقة كاشح | ذرب اللسان يقول ما لم أعمل |
.
تعليمه وتفهمه
حدث عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وسمع السنن من الدارقطني.
حدث عنه تلامذته أقضى القضاة أبوالحسن الماوردي والفقيه سليم الرازي، وأبوعلي السنجي، وأبوالحسن المحاملي وآخرون.
أقوال الفهماء
«الأستاذ العلامة شيخ الإسلام أبوحامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفراييني ، شيخ الشافعية ببغداد، ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة».
وقدم بغداد وله عشرون سنة، فتفقه على أبي الحسن بن المرزبان، وأبي القاسم الداركي، وبرع في الممضى، وأربى على المتقدمين، وعظم جاهه عند الملوك.
نطق الشيخ أبوإسحاق في "الطبقات": انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني، وطبق الأرض بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه.
ونطق الشيخ محيي الدين النواوي: تعليقة الشيخ أبي حامد في نحومن خمسين مجلدا، ذكر فيها مذاهب الفهماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، تفقه عليه جماعة منهم: أبوعلي السنجي، وقد تفقه السنجي على القفال أيضا، وهما شيخا طريقتي العراق وخراسان، وعنهما انتشر الممضى.
نطق الخطيب حدثونا عن أبي حامد، وكان ثقة حضرت تدريسه في مسجد ابن المبارك وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة فقيه، وكان الناس يقولون: لورآه الشافعي لفرح به.
نطق الخطيب وحدثني أبوإسحاق الشيرازي نطق: «سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء،يا ترى؟ فنطق: أبوحامد الإسفراييني».
قلت : أبوحيان غير معتمد .
نطق ابن الصلاح: «وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض الفهماء حديث: إذا الله يبعث لهذه الأمة على رأس جميع مائة سنة من يجدد لها دينها فكان الشافعي على رأس المائتين، وابن سريج على رأس الثلاثمائة، وأبوحامد على رأس الأربعمائة»
وروي عن سليم الرازي نطق: كان أبوحامد في أول أمره يحرس في درب وكان يطالع على زيت الحرس وإنه أفتى وهوابن سبع عشرة سنة.
وفاته
نطق الخطيب توفي أبوحامد في شوال سنة ست وأربعمائة وكان يوما مشهودا، ودفن في داره ثم نقل بعد أربع سنين، ودفن بباب حرب رحمه الله.
المصادر
- وفيات الأعيان، لابن خلكان.
مراجع
- ^ سير أعلام النبلاء