بلغاريا العثمانية

عودة للموسوعة

بلغاريا العثمانية


جزء من عن


 •
 •
 •

بلغاريا العصور الوسطى


 •



 •

بلغاريا العثمانية




 •




1893–1945

 •

تاريخ بلغاريا العثمانية يمتد لنحو500 عام، منذ الفتح العثماني للممالك الصغرى الناتجة من انفراط الامبراطورية البلغارية الثانية في أواخر القرن 14، إلى تحرير بلغاريا في 1878. نتيجة الحرب الروسية العثمانية (1877–1878)، خـُلِقت إمارة بلغاريا، الدويلة ذات الحكم الذاتي التابعة للعثمانيين والتي كانت مستقلة وظيفياً. وفي 1885 دخلت المقاطعة الذاتية رومليا الشرقية تحت سيطرة القيصر البلغاري. وقد أعربت بلغاريا الاستقلال في 1908.

التنظيم الاداري

The Ottomans reorganised the Bulgarian territories, dividing them into several ولايات، each ruled by a Sanjakbey or Subasi accountable to the Beylerbey. Significant parts of the conquered land were parcelled out to the Sultan's followers, who held it as benefices or fiefs (small timars, medium ziyamet and large hases) directly from him, or from the Beylerbeys. This category of land could not be sold or inherited, but reverted to the Sultan when the fiefholder died. The lands were organised as private possessions of the Sultan or Ottoman nobility, called "mülk", and also as an economic base for religious foundations, called vakιf, as well as other people. Bulgarians regularly paid multiple types of taxes, including a tithe ("yushur"), a capitation tax (jizyah), a land tax ("ispench"), a levy on commerce, and also various irregularly collected taxes, products and corvees ("avariz").


الديانة

دڤشيرمه (مولود مسيحياً)، سيخدم لاحقاً في الإنشكارية النخبوية. في هذه المنمنمة، الإنكشارية يسيرون على سقط موسيقى يلعبها المختار.

أول الثورات والقوى العظمى

Battle of Nicopolis in the year 1396, was the high mark of Ottoman domination في بلغاريا.
خيمة من الفترة العثمانية من بلغاريا.

الصحوة البلغارية

Millet system was a set of confessional communities في الدولة العثمانية. It referred to the separate legal courts pertaining to "personal law" under which religious communities were allowed to rule themselves under their own system. The Sultan regarded the Ecumenical Patriarch of the Constantinople Patriarchate as the leader of the Orthodox Christian peoples of his empire. After the Ottoman Tanzimat (1839–76) reforms, Nationalism arose in the Empire and the term was used for legally protected religious minority groups, similar to the way other countries use the word nation. New millets were created in 1860 and 1870 for Uniate and Orthodox Bulgarian Christian communities. In this way a separate Bulgarian diocese was established, based on ethnic identity rather than principles of Orthodoxy and territory.


بلغاريا تحت الحكم العثماني 1878 – 1896

رغم حتى أحداث السبعينيات كما عرضنا لها في الفصل السابق إنتهت بإنشاء كنيسة بلغارية منفصلة وإيجاد حكومة ذاتية بلغارية عام 1878، إلا حتى القوميين البلغار إعتبروا هذه النتائج مخيبة للأمال وظلوا يعتبرون حدود بلادهم الحقيقية هي ما حددته معاهدة سان ستيفانووليس مؤتمر برلين. ومع ذلك فلقد تحقق الكثير من الأمال فقد أصبح هناك حكم ذاتي بلغاري على الأقل رغم إستمرار السيادة العثمانية، وهناك عاصمة في صوفيا، وأمير حاكم، ونظام دستوري تضمنه الدول الكبرى، وتنظيم خاص لمنطقة شرق روميليا يستند إلى قانون تشريعي خاص، ويدير شؤنهاه محافظ عام مسيحي يعينه السلطان العثماني وتوافق عليه الدول الكبرى. والحق حتى إنفصال بلغاريا وشرق روميليا عن بعضهما البعض على ذلك النحوكان في عهد مؤتمر برلين أمراً مؤقتاً وأنهما لابد حتى يتوحا في النهاية. أما الجزء الثالث من بلغاريا الكبرى وفق سان ستيفانوألا وهي مقدونيا فقد رجعت للسيادة العثمانية كما سبقت الإشارة.

غير حتى هذا التقدم السياسي الذي حققته بلغاريا صاحبه بعض أوجه القصور وبعض العيوب، فقد أدركت حكومتها أنه حدثا ضعفت السيطرة العثمانية حدثا زاد النفوذ الروسي بشكل حاد مثلما كان حال إمارتي الدانوب (رومانيا) بعد الحرب الروسية-العثمانية 1828. ومن ناحية أخرى كانت بلغاريا أهمية إستراتيجية قصوى بالنسبة لروسيا لقربها من المضايق العثمانية وإستانبول، وكانت روسيا قد عزمت على جعل صوفيا (عاصمة بلغاريا) مركزاً أمامياً يعتمد عليه لمصالحها. ولما كانت الدول الكبرى قد إعترفت بوضع متميز وسيادي لروسيا في بلغاريا الجديدة فقد أصبح بإمكان المسئولين الروس حتى يتصرفوا بحرية نسبية في هذه البلاد كما يحلوا لهم. وكان هؤلاء المسئواون مهتمون حقيقة وبإخلاص بوضع نظام إداري للبلاد متقدم قدر الإمكان، ووضع أساس بلناء علاقة صداقة حقيقة في المستقبل بين بلغاريا وروسيا مثلما كان الحال في إمارتي الدانوب أثناء إدارة كيسليف Kiselev

وفي هذا الخصوص كانت هناك مشكلتان تطلبا إهتمام روسيا بشكل عام,تتعلق الأولى بوضع دستور، والثانية تختص بإنتخاب أمير لحكم البلاد. وكان وضع الدستور له أولوية خاصة وأن مؤتمر برلين قرر حتى الجيش الروسي الذي يحل بلغاريا يفترض أن يرحل بعد تسعة أشهر من التصديق على معاهدة برلين. وللحيلولة دون وقوع فوضى سياسية وإدارية في البلاد قد تتخذها الدولة العثمانية أوبريطانيا وفرنسا ذريعة للتدخل في شؤون بلغاريا الداخلية فقد عزمت روسيا على وضع دستور قبل حتى يحين موعد رحيل جيشها عن البلاد. وعلى هذا وفي نوفمبر 1878 إنتهى المندوب الإمبراطوري اروسي في بلغاريا الأمير دوندكوف-كورساكوف ومساعديه من وضع مشروع الدستور على نفس مبادئ دستوري الصرب ورومانيا.

ثم أوفد المشروع إلى روسيا لمراجعته بفهم وزيري الخارجية والحربية ولجنة خاصة. وكان رأي جيرز N.K. Giers القائم بعمل وزير الخارجية أنه يجب هجريز السلطة الرئيسية في الدولة في الهيئة التطبيقية أي الأمير الحاكم، على حين كان من رأي زميليه ميليوتين Miliutin وزير الحربية حتى نفوذ روسيا في بلغاريا لا بد وأن يعتمد على التأييد الشعبي وليس على حاكم أجنبي يأتي ليحكم البلاد ولم يكن قد تم إختياره بعد، وهذا يعني حتى السلطة المطلقة يجب حتى توضع في هيئة تشريعية وليس في يد الحاكم. كما أثار ميليوتين مسألتين أخرتين الأولى: ألاقد يكون طابع دستور بلغاريا أكثر محافظة من دستوري رومانيا والصرب، بل ينبغي حتىقد يكون نموذجاً يحتذى وليس صورة معكوسة، والثانية: الدستور ينبغي أ،قد يكون أكثر تقدمية من القانون الأساسي الذي وضع لشرق روميليا. فإذا ما تحقق هذا فإن أهالي شرق روميليا قد يتحمسون للدخول في وحدة مع بلغاريا. وبغختصار كان يريد حتى تصبح بلغاريا نموذجاً لدولة تقدمية في البلقان. أما وقد شاءت فكرته فقد أصدر جيرز تعليماته إلى إلى دوندوكوف-كورساكوف لإخبار الجمعية الدستورية البلغارية التي كان يجري تشكيلها بأن الدستور الذي قدمته روسيا هومجرد إقتراح وأن للوفود المعنية "الحرية الكاملة" لإبداء أرائهم بشأنه والتوصل إلى قرارهم الخاص. والحقيقة حتى الحكومة الروسية لم تمارس أية ضغوط على أعضاء الجمعية خلال مناقشة مشروع الدستور.

وفي فبراير إجتمعت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور في تورنوڤوTurnovo وكانت تتكون من 231 عضواً منهم 89 تم إنتخابهم على أساس مندوب وأحد لكل عشرة آلاف رجل ذكر، والآخرون تم إختيارهم من السلك الكنسي ومن موظفي مجالس المدن والأحياء. وعلى هذا أصبح واضحاً وبسرعة أ، الجمعية منقسمة بين مجموعتين متعارضتين: مجموعة كونت حزب المحافظين والخرى كونت الحزب الليبرالي. وكان قوام المحافظين العناصر الأكثر ثروة واتى وغنى والأفضل تعليماً، وكان من بينهم ديميتور گريكوڤ Dimitur P. Grekov، وتيودور إيكونوموف Ikomonov، وقسطنطين ستويلوڤ Stoilov. وكان هؤلاء قبل عام 1878 (أي قبل مؤتمر برلين) يؤيدون إتخاذ سياسة إنتنطقية متطورة تجاهالدولة العثمانية ويقاومون البرامج الثورية لتحقيق الإستقلال. كما كانويعتقدون بضرورة حتى تهيمن الهيئة التطبيقية على أمور البلاد والعباد طالما حتى دولتهم ستصبح دولة دستورية. ولما كانوا يظنون حتى الناخبين غير ناضجين سياسياً بدرجة كافية فقد أدركوا حاكماً قوياً أبوياً يقود رعاياه ويحسن تربيتهم. وأكثر من هذا كانوا يفضلون حتى تكون الهيئة التشريعية من مجلسين، كما كانوا ضد حرية الصحافة. وفي السياسة الخارجية كانوا موالين لروسيا حيث كانت وجهات نظرهم السياسية بشكل عام تتطابق مع وجهة نظر خارجية الروسية.

أما وجهة نظر الليبراليين في الدستور فقد كانت أقرب إلى وجهة نظر وزير الحربية الروسي. وكان معظمهم قد اتىوا من المدن وليس من الريف وشاركوا من قبل في الحركات الثورية، وفي مقدمتهم پيتكوكاراڤيلوڤ Petko Karavelov، وپيتكوشلاڤيكوڤ P.R. Slaveikov، واستفان ستامبولوڤ Stambolov، ودراگان تزانكوڤ Dragan Tasnkov. ولأن كثيراً منهم تفهم في الخراج أوإطلع على أفكار الغرب بطريقة أوبأخرى فقد كانوا أحكثر ديموقراطية ولا يقبلون مساومة وجود حياة برلمانية وحريات مدنية فضلاً عن أنه كان بينهم خطباء مفوهين نجحوا في حتى تسود أفكارهم في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. إلى غير ذلك فإن دستور تورنوفو1879 كان ثيقة ليبرالية غاية في التطرف إذ وضع السلطة الرئيسية في الحكم في الهيئة التشريعية.

ولقد نص الدستور على إنشاء مجلسين: الجمعيةالعمومية وهي هيئة تشريعية تقليدية، والهيئة القومية الكبرى Grand National ويدخل في إختصاصها التعامل مع الأمور غير العادية مثل التنازلات الإقليمية وتعديلات الدستور، وإنتخاب الحاكم الجديد. أما الجمعية العمومية فتتكون من أعضاء يتم إنتاخبهم بواقع مندوب واحد لكل عشرة آلاف إنسان من السكان وعلى أساس حق التصويت العام، ولها حق التشريع ومراقبة الموازنة العامة,وللحاكم حق إصدار مراسيم حكومية أثناء وجودها في إجازة، ولا يمكنه فرض ضرئاب جديدة لأن هذا الإجراء من حق الجمعية العمومية فقط ودون منازع. وللأعضاء التعبير عن أرائهم في جلسات الجمعية في حرية تامة، ولهم حصانة قضائية، ولا تجتمع إلا مرة واحدة سنوياً وبدعوة من الحاكم ولمدة شهرين إبتداء من 15 أكتوبر من جميع عام.

ورغم هذه السلطة التشريعية القوية التي تتمتع بها الجمعية العمومية، إلا حتى الحاكم كانت له صلاحيات كثيرة فهوالذي يدعوها للإنعقاد، وهوالذي يأمر بفض إجتماعتها، وهوالذي يؤجل إنعقاد جلساتها لمدة تزيد على شهرين، وهوالذي يعين وزراء الحكوممة وكل المسئولين في الدولة، والوزارة مسئولون أمامه وأما الجمعية. غير حتى الدستور لم يحدد ما الذي يتعين إتخاذه في حالة نشوب خلاف حول مسألة ما، ذلك حتى إصدار القانون يحتاج توقيع الحاكم والوزراء. ومن ناحية أخرى فالحاكم يتمتع بالسلطة التقليدية التي لحاكم أي دولة، فهوالقائد الأعلى للجيش، وهوالذي يتولى بالعلاقات الخارجية لبلاده.

كماتم تقسيم البلاد إدارياً إلى عدة محافظات Okruzi، وكل محافظة تنقسم إلى ماركز Okolii، وكل مركز إلى مدن أوقرى، وكل مدينة أوقرية إلى نواحي Obshtini، وكل محافظة يديرها محافظ يعينه الأمير الحاكم، ويساعده مجلس ينتخب أعضاؤه إنتخاباً عاماً لمدة ثلاث سنوات، ويختص بتقدير الضرائب وإعداد الموازنة وإدارة الشؤون العقارية والملكيات في المراكز والمحافظة. وأما المراكز فإنها تتبع المحافظات ويديرها نواب للمحافظ وكل منهم مسئول عن الشرطة وإقرار النظام. وأما الناحية وهي أصغر وحدة إدارية فقد أبقى عليها الدستور وعلى وظائفه حيث أنها لعبت دوراً له مغزاه في بلغاريا أثناء الحكم العثماني. ويدير الناحية مجلس منتخب يختار من بين اعضائه العمدة وإثنان مساعدين له يقوم العمدة بإدارة شؤونها ويقوم بدور همزة الوصل مع الإدارات الرئيسية في الحكومة. وبمعنى آخر فقد إحتفظت بلغاريا بمقتضى الدستور بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي بالقياس إلى غيرها من الحكومات البلقانية المجاورة.

وقد نص الدستور أيضاً على إيجاد نظام قضائي، وعلى حماية الحريات المدنية وضمان حرية الحدثة والصحافة والإجتماع والإتصال شأن دساتير بلاد البقان. كما نص على حماية الملكية الخاصة ومنع التفتيش بإذن قانوني، وإعتبار البريد والتلغراف من المسائل السرية لا يجوز التجسس عليها، وحق الشكوى مكفول للجميع. غير حتى تطبيق هذه الضمانات كان يحتاج إلى وقت طويل شأن ما يحدث في جميع مكان.

وبمجرد صدور هذا الدستور الليبرالي كانت المشكلة التالية هي إختيار الأمي رالحاكم ومثلما وقع في اليونان تولت الدول الكبرى تسمية امرشح وكانت قد أتفقت في برلين على ألاقد يكون الأمير المرشح أحد أبناء الأسر الملكية الكبيرة. وعلى هذا وبعد عدة مشاورات تم إختيار ألكسندر من باتنبرگ أمير إمارة هسن Hesse واكن في الثانية والعشرين من عمره ويعمل ليفتنات بالجيش. إلى غير ذلك تلقت بلغاريا شأن جميع من رومانيا واليونان أميرا ألمانيا ليحكمها. وقد بدا حتى إختيار الكسندر كان جيداً بنظره أولية، فقد كانت عمته إمبراطورة روسيا,أي أنه إبن أخت قيصر روسيا. ولما كانت من المفترض حتىقد يكون لروسيا نفوذاً واضحاً في بلغاريا الجديدة فقد كانت تلك العلاقة على جانب كبير من الأهمية. ومن الطريف حتى نذكر حتى هذا المير الصغير لم يكن موضوع حسد القيصر وزوجته على هذا المنصب، فعندما ظهر إسمه كمرشح صرح الكسندر الثاني قيصر روسيا أنه لا يرغب لإبن أخته هذا الوضع الصعب. ورغم أنه غير رأيه فيما بعد، إلا حتى زوجته الإمبراطورة ظلت تعارض بشدة تعريض قريبها للمشكلات التي قد يقابلها في بلغاريا.

ولقد قبل الكسندر عرش بلغاريا لا لشيء إلا أنه لم يكن يأمل كثيراً في الترقي في الجيش الألماني. ورغم روابطه العائلية الملكية العظيمة، إلا حتى أصوله الأرستقراطية وحياته العسكرية زودته بخبرات محدودة لم تكن لتساعده في حكم دولة فلاحين وضع له دستور على درجة عالية من الليبرالية. ومثلما عمل الأمير تشارل ملك رومانيا رأينا الكسندر قد عقد نيته لحكم بلغاريا بطريقة أوبأخرى. وكانت مشكلته أنه وبخلفيته الأرستقراطية لم يكن ليقبل كثيراً القيود الدستورية الموضوعة ولا يقبل أيضاً أفكار الحزب الليبرالي المسيطرة هناك. وعلى هذا ومع أول قرار إتخذه سقط الصدام الذي لم يكن من الممكن تحاشيه، فبدلاً من حتى يختار أحد أعضاء الحزب الليبرالي صاحب الأغلبية لتشكيل الحكومة، أويشكل حكومة إئتلافية كما إقترح عليه البعض، عهد بتشكيل الحكومة إلى بوموف T.S. Burmov وهوإنسان محافظ.وكانهذا معناه أنه أراد حتى يفهم الجميع من اللحظة الأولى أنه يفترض أن يحكم البلاد متجاهلاً الدستور والقوى الليبرالية.

وكان على بلغاريا لكي تدافع عن نفسها وتستعد للتوحد مع شرق روميليا في المستقبل أوضمها حتى تضمن وجود جيش نظامي مزوداً بالأسلحة المناسبة. وتحقيقاً لهذا الغرض لم يكن من الممكن الإستغناء عن مساندة روسيا وتأييدها. وعلى هذا ورغم حتى الأمير الكسندر كان حراً في إختيار وزير الحربية فقد كان من المفهوم أنه لا بد وأن يتشاور مع عمه قيصر روسيا في هذا الإختيار الذي إنتهى بتعيين بارنسوف P.D. Parensov أحد جنرالات الجيش الروسي لكي يقوم بتدريب الجيش البلغاري. ولما كان بارنوسف يتصرف في ضوء توجيهات رئيسه ميليوتين فسرعان ما إختلف مع الأمير (الحاكم) ووقف إلى جانب الليبرالين. ورغم ذلك فلم يكن بإستطاعة الأمير حتى يستغني عن خدماته أوعزله لأنه ضابط روسي عينه قيصر روسيا لهذه المهمة.

ولكي تتعقد الأمور أكثر وأكثر رأينا حتى القنصل العام الروسي دافيدوف A.P.Davydov في صوفيا الذي يتلقى تعليماته من وزارة الخارجية الروسية يقف بكل ثقله خلف الأمير وجماعة المحافظين. وبمعنى آخر كان المسئولان الروسيان الروسميان في بلغاريا (مسئول الجيش والقنصل) يتبعان سياسات على طرفي نقيض، وأصبح من المفهوم حتى الأمير والحزبين الرئيسيين والمواطنين البلغار الذين يتبع جميع منهم سياسات الحزب التابع به قد سقطوا في إضطراب شديد.

والحاصل حتى الصراع بين الأمير ومعه المحافظين من جهة وبين الليبراليين من جهة أخرى أخذ يشتد بوضوح على مدى العامين التاليين. فقد كان خصوم الأمير يتشككون كثيراً في مستشاريه الألمان، وقد أزعجهم إزعاجاً شديداً تفكيره في إدخال ضباط المان في جيش بلغاريا. وبدا الأمر كما لوكان الأمير يعمل للسيطرة على الجيش لإعداد إنقلاب Coup d'etat، وعلى هذا إزداد إقتناعه بأنه يجب إيقاف العمل بالدستور أوالبحث عن وسائل للتحايل عليه. ومن باب الإستعداد للقيام بتغيير في الدستور وجدنا الأمير وعائلته يلتمسون من قيصر روسيا المساندة فيما ينوي الأمير عمله، ولكن دون جدوى. وفجأة وبشكل غير متسقط تم إغتيال القيصر الكسندر الثاني في 1881 وخلفه على العرش إبنه الكسندر الثالث وهوشديد الرجعية، والذي بفضل موقفه أصبح بإمكان حاكم بلغاريا حتى يوقف العمل بالدستور في ظل موافقة روسية رسمية.

ورغم حتى أمير بلغاريا كان يعتقد حتى بإمكانه حكم البلاد حكماً قوياً، إلا أنه سرعان ما قابل معضلة حادة تمثلت في حتى قيصر روسيا (الكسندر الثالث) كان رجلاً اوتوقراطياً يطلب من الجميع إحترامه وطاعته بما فيهم حاكم بلغاريا. وأكثر من هذا أنه كان يعتبر بلغاريا مجرد تابع لروسيا أومجرد إقليم في إمبراطوريته الشاسعة، على حين كان أمير بلغاريا يعتقد أنه يمكنه حتى يتعامل مع القيصر كقريب وكشخص مساوله. وكان هذ يعني حتى صراعاً وحشياً بين الرجلين لم يكن من الممكن تحاشيه، وأكثر من هذا فقد بدا واضحاً حتى الروس البلغار لمقد يكونوا متعاونين في كافة المستويات الوظيفية والإدارية، ولم يقتصر الإضطراب العصبي على مستوى الحكام. وكان أكبر مظهر للصراع قد وقع في الجيش بين صغار الضباط البلغار والعسكريين من أصول بلغارية وبين رؤسائهم اروس وذلك بسبب تخصيص الرتب العسكرية في الجيش البلغاري من رتبة الكابتن فما فوق للوس، مما جعل شباب البلغار الطوح يدركون حتى ترقياتهم في الجيش محدودة ومقيدة. كذلك مقعت مصادمات مماثلة داخل مختلف الأجهزة الإدارية في ابلاد بسبب تصرفات بعض الرسميين الروس التي كانت فوق الإحتمالات.

ونتيجة لكل هذه المواقف تدهورت العلاقات الروسية-البلغارية بشكل حاد، ففي عام 1883 زجد الليبراليون أنفسهم وهم الذين كانوا يقاومون الأمير بقوة قد إقتنعوا بأنهم إستبدلوا بالسيطرة العثمانية سيطرة روسية. ومن هنا ولكي ترهن الأحزاب السياسية المتنافسة على قدرتها في حكم أنفسهم بأنفسهم إصطفت جميعها وراء الأمير لتكوين جبهة متحدة في لقاءة المسئولين الروس. وبادر الأمير من جانبه بإعادة العمل بدستور تورنوفووأصبح حاكماً حقيقياً لدولة بلغاريا، وأصبح هناك ولأول مرة منذ 1879 مظهر للوحدة في البلاد. على حتى هذا النصر الذي أحرزته القوى السياسية في بلغاريا مع الأمير جعل قيصر روسيا يضيق ذرعاً ومن ثم قرر الإطاحة به. كما أصبح واضحاً للأمير الكسندر انه طالما يحكم بلغاريا فإن روسيا يفترض أن تعارض وحدة بلغاريا وشرق روميليا. وآنذاك تطورت الحوادث في الإقليم تطوراً جعل مسألة الوحدة يمكن حتى تثار بطريقة أوبأخرى.

ولما كانت روسيا قد إتفقت على إنشاء بلغاريا بحدودها وفق مؤتمر برلين في 1878 فقد ظلت منطقة شرق روميليا في يد هيئة دولية من الدول الكبرى. ولقد قامت تلك الهيئة بإصدار نظام سياسي للمنطقة في أبريل 1879 وهونفس العام الذي صادقت فيه بلغاريا على دستور تورنوفو. وعلىالعكس من دستور بلغاريا الذي تمت صياغته بعناية إشارة كان النظام السياسي لروميليا المكون من 495 مادة غير قابلة للتطبيق، ذلك حتى أعضاء الهيئة التي أصدرته تصرفوا بشكل فردي ولم يكن هناك تنسيق فيما بينهم، بل إذا الذي وقع حتى جميع دولة من الدول الكبرى أنيط بها إعداد قسم معين في لائحة هذا النظام. إلى غير ذلك صاغ البريطانيون قوانين الإنتخاب. وصاغ الإيطاليون البنود المالية ووكان النمساويون مسئولون عن الجانب التشريعي، وقدم الفرنسيون نظامهم الإداري وتعاون معهم اروس في تنظيم الميليشيا العسكرية. وتم إهمال جميع ما يتعلق بالحاجات المحلية وعادات الناس. ولكي يمكن إدارة شؤون هذا الإقليم وافقت القوى العظمى على قرار السلطان العثماني بتعيين آليكوباشا Aleko المسيحي حاكماً عاماً ومعه أحد الألمان للشؤون المالية، وتعيين بريطاني رئيساً للجندرمة، وفرنسي مسئول عن الميليشيا التي كان ضباطها روس أوبلغار مدربون تحت قيادة روسية. وتم منح الإقليم جمعية عمومية تتكون من 56 عضواً، عشرون منهم بالتعيين والباقي بالإنتخاب. وبهذا أصبحت روميليا الشرقية نمنوذجاً صعباً للدولة . . فمواطنوها قد ينجذبون إلى بلغاريا ذات النظام الدستوري الذي كان يأمله ميليوتين فيما سبق.

كانت المشكلتان اللتان قابلتا آليكوباشا تتعلقان بمصير الأراضي التي كان المسلمون يملكونها في السابق وتخلوا عنها ووضع السلكان المحليون يدهم عليها، وكذا إستمرار حماس أهالي روميليا للتوحد مع بلغاريا. أما المشكلة الأولى فقد تم حلها عن طريق إرهاب الملاك السابقين وترويعهم بالثأر منهم لما بدر منهم أثناء المعارك وبالتالي لا يمكن حتى يعودوا للمطالبة بأراضيهم. أما أولئك الذين عادوا رغم التهديدات فقد وجدوا حتى ضريبة قد فرضت على أراضيهم مقدارها 10% من قيمتها، ومن هنا لم يكن أمامهم إلا بيع أراضيهم للوفاء بالضريبة. أما بيوت العثمانيين وأراضيهم ومقاطعتهم فقد إشتراها فلاحوروميليا. كما تم إنهاء العمل بنظام الملكية والإيجار السابق,وأصبحت أراضي هذا الإقليم مثل أراضي بلغاريا الواقعة على شماله . . ملكيات زراعية صغيرة بشكل أساسي.

أما موضوع وحدة رميليا الشرقية مع بلغاريا فكان على جانب من الخطورة، فمن ناحية كان السكان إجمالاً يرحبون بالوحدة وعلى إستعداد لإتخاذ المراحل لإتمامها، ومن ناحية أخرى كان المندوبون الروس في بلغاريا متحمسون بشكل ملحوظ لتحقيق الوحدة بل وشجعوا الأهالي للعمل من أجل تحقيق هذا الأمل. أما المسئولون الرسميون فقد عملوا من ناحيتهم سواء بموافقة حكومتهم أوعدم موافقتها على إحتضان مختلف الحركات التي تسعى لضم روميليا الشرقية وقاموا بتسليح الأهالي سراً. ورغم حتى معاهدة برلين (1878) حددت حجم الميلشية العسكرية بالبلاد، إلا أنه تم إنشاء أندية رياضية ينخرط فيها الشباب للتدريب على مختلف الرياضيات بحيث يصبح من السهولة بمكان تحويل تلك الأندية إلى وحدات عسكرية عند الضرورة.

ولقد كان هذا التعاون المبدئي بين الروس وأهالي روميليا الشرقية بشأن موضوع الوحدة فوق جميع المشكلات الأساسية التي رأيناها عند تكوين بلغاريا، ذلك حتى بعض الروس في روميليا كانوا يعون للتمتع بمزايا خاصة لهم على حساب الأهالي، وكان صغار الضباط في ميلشيا روميليا من الأهالي يكرهون رؤساؤهم الروس، وقد شاركهم تلك الكراهية كثير من أعضاء الحزب الليبرالي البلغاري الذين إضطروا لمغادرة صوفيا بعد صدور الدستور بتصديق من قيصر روسيا. وفي عام 1884 وكان امير بلغاريا وقيصر روسيا قد أصبحا أعداء عثر آليكوباشا حاكم روميليا الشرقية نفسه موضع كراهية من قيصر روسيا (الكسندر الثالث). وإذا لم يكن بإمكان القيصر حتى يرغم أمير بلغاريا (الكسندر) على التنازل عن عرشه بلغاريا فقد كان بإمكانه إبعاد آليكوباشا الذي السلطان العثماني قد عينه ولمدة خمس سنوات. وعلى هذا ففي 1884 رفضت روساي الموافقة على أعطى ولاية الرجل فترة أخرى وإختارت الدول العظمى گڤريل افندي كروستيڤتش Grvril E.Krustevich الذي كان مقبولاً من روسيا بدرجة كبيرة نظراً لما كان يظهر عليه من ضعف وبالتالي يسهل السيطرة عليه ولم تكن أفكاره القومية الحماسية معروفة آنذاك.

وفي عام 1885 كانت الحركة الوحدوية في روميليا نشطة وقوية من خلال اللجان المحلية التي انتشرت في أنحاء الإقليم حتى إذا كان منتصف ليلة 17-18 سبتمبر 1885 أعرب قادة روميليا تدعمهم الميلشيا عزل حكومتهم وافتحاد مع بلغاريا، ولم يبذل كروستيفتش أية مقاومة لعزله. وعلى الفور قام الثوار في روميليا بدعوة من أمير بلغاريا لتولي رئاسة الدولة الجديدة المتحدة (إتحاد بلغاريا ورميليا الشرقية). غير حتى تلك الدعوة وضعت أمير بلغاريا أمام قرار صعب، فأولاً أنه يفهم حتى رعاياه البلغار يرغبون رغبة عارمة في تحقيق هذه الوحدة، لكن تحقيقها تحت قيادته قد يجعل وضعه في البلاد عرضة للخطر، وإذا إختار ألا يقود الوحدة عمليه حتى يعد نفسه للتخلي عن العرش. ومن ناحية أخرى فهوقد تجاوز حتى أكد لروسيا في أغسطس أنه لنقد يكون طرفاً في أية حركة تجاه الوحدة، وأن تغيير موقفه بعد شهر واحد قد تفتح من حديث باب المسألأة الشرقية برمتها دون ضمان حتى تكون نتيجتها النهائية في صالح بلغاريا.إلى غير ذلك عندما أبلغه أحد مستشاريه بوضوح حتى عليه حتى يختار قيادة الوحدة أوأن يغادر بلغاريا، إختار المغادرة بلا تردد.

وعلى الرغم من حتى مسألة الوحدة لم يكن يتسقطها أحد، إلا حتى طرحها تسبب في أزمة دبلوماسية لأن قيامها كان يعد خرقاً لمعاهدة برلين ومن شأنه بالتالي توريط الدول العظمى. والحال كذلك طفت على السطح مسألة تعويض اليونان والصرب عن الأراضي التي إنتزعت منكل منهما عند الإستقلال. ولقد اتى أقوى رد عمل لخطوة الوحدة من روسيا كما هومتسقط ولكي يعبر قيصرها عن رفضه الكامل لها سحب جميع الضباط الروس من بلغاريا بقصد إقناع البلغار بأنه دون مساعدة روسيا ستكون الوحدة في خطر، وأنه يفترض أن يتخذ خطوات لعزل أمير بلغاريا عن العرش. وبينما كان القيصر يتصرف في الموقف تحت تأثير غضبه الشخصي كان وزير خارجيته ينظر إلى المشكلة من وجهة نظر الضغط الذي يحتمل حتى تقابله عصبة الأباطرة الثلاثة، وإحتمال حتى تنتهز النمسا الفرصة لكي ينضم البوسنة والهرسك، وأن تدخل اليونان والصرب الأراضي المقدونية.

إلى غير ذلك ولكي تحول روسيا دون وقوع إنقلاب مفاجئ وهائل في البلقان دعت لمؤتمر على مستوى سفراء الدول الكبرى إقترحت فيه إعادة الأوضاع في المنطقة إلى ما كانت عليه في السابق. وقد أيدتها في هذا الإقتراح حليفتيها النمسا والمانيا، على حين أيدت بريطانيا قيام الوحدة بعد حتى غيرت سياستها التي كانت قد إتبعتها عام 1878 في مؤتمر برلين (توازن المصالح وتكامل الأراضي العثمانية). ولما كانت بلغاريا المتحدة تقف ضد التوجهات الروسية فكان هذا يعني أنها يفترض أن تكون حاجزاً قوياً أمام النفوذ الروسي في البلقان وليس بالنسبة للقوى العظمى هي نفسها المشكلة التي برزت خلال مختلف مراحل الحركةالقومية الرومانية ولكن مع تبادل المواقف. وكل ما كان هنالك حتى الحكومة العثمانية كانت ترغب في إستخدام القوة لحل الإتحاد، لكن روسيا كانت راغبة عن دعم السلطان العثماني في هذا الشأن.

على حتى الأمور تطورت لصالح بلغاريا نتيجة لإجراء غير موفق أقدم عليه ميلان Milan أمير الصرب الذي رأى حتى الوحدة قد تضر بالتوازن السياسي بين حكومات البلقان وتعطي لبلغاريا ميزة في الصراع الذي ينشأ حول مقدونيا، وحتى يحمي مصالح بلاده بغعلان الحرب على جارته بلغاريا. ونلاحظ أنه لم يوضح أهدافه أمام رعاياه الذين كانوا غير متحمسين كثيراً لهذا الصراع. وعلى الرغم من حتى معظم المراقبين كانوا يتسقطون إنتصار الصرب في الحرب، إلا حتى أمير بلغاريا الكسندر وجيشه الذي أصبح تحت قيادة ضباط صغار حلوا محل الضباط الروس نجحوا في إيقاع الهزيمة بجيش الصرب. وبعد هذا النصر الحاسم إضطرت روسيا للموافقة على الوحدة، وفي 1886 قبلت الدول العظمى حتىقد يكون أمير بلغاريا حاكماً عاماً على روميليا الشرقية لمدة خمس سنوات. ورغم أنه لم تتم تسميته لهذا المنصب بشكل محدد، إلا حتى الدول الكبرى فهمت حتى الوحدة قد تكون دائمة.

إلى غير ذلك وبعد مرور سبع سنوات على توقيع معاهدة برلين (1878) تمت وحدة منطقتين من الثلاثة مناطق التي كانت بلغاريا تطالب بها، فبدأ أمير بلغاريا (الكسندر) في صورة المنتصر، وأخذ يتلقى مديحاً هائلاً لمهاراته الدبلوماسية، وتم تكريمه لإنتصاره على الصرب. غير حتى هذا المجد العظيم كان له ثمنه العظيم أيضاً. فقد شعر قيصر روسيا (الكسندر الثالث) بالإهانة الشديدة لإنتصار قريبه أمير بلغاريا، وأضحى أكثر إقتناعاً بأن هذا الأمير هوالعقبة الوحيدة أمام حسن العلاقات الروسية-البلغارية ومن ثم قرر الإطاحة به. وعلى هذا بدأ ممثلوالقيصر في صوفيا ورجاله يحيكون المؤمرات للخلص من أمير بلغاريا وقد عثر هؤلاء مساندة من بعض كبار السياسيين البلغار الموالين لروسيا ومن بعض ضباط الجيش البلغاري الساخطين الذين ساورهم الإعتقاد بأنهم لن يكافأوا المكافأة المناسبة لدورهم في هزيمة الصرب. كما كان حلفاء روسيا من جهة أخرى لا يتصورون حتى تحصل بلغاريا على مقدونيا دون مساعدة روسيا ومن ثم كانوا على إستعداد للتضحية بامير بلغاريا. وعلى هذا وبعد تخطيط محكم تمكن المتآمرون من القيام بإنقلاب في أغسطس 1886 حيث أرغموا أمير بلغاريا على التنازل عن العرش ورحل عن البلاد.

وبعد نجاح الإنقلاب قام كليمنت الموالي لروسيا بتشكيل حكومة بلغارية جديدة، إلا أنه سرعان ما إتضحت شعبية الأمير المخلوع فقد قامت ثورة مضادة بقيادة استيفان ستامبولوف أحد أبطال إنتفاضة 1876 البارزين وأحد الوزراء السابقين أرغمت حكومة كليمنت على الإستنطقة بعد أيام قليلة من تشكيل الحكومة، وعاد الأمير المخلوع لعرش بلغاريا بعد عشرة أيام من إرغامه على التنازل عن العرش. وكان من بين الجماهير التي إحتشدت لتحيته نائب قنصل روسيا في بلغاريا مما جعل الأمير يعتقد حتى قيصر روسيا قد سامحه وعفا عنه، ومن هنا بادر بإرسال برقية له دون حتى يستشير ستامبولوف (قائد الحركة الشعبية) عبر فيها عن إخلاصه قائلاً: "حيث حتى روسيا أعطتني تاج العرش فأنا على إستعداد تام لإعادته لأصحابه"، فما كان من القيصر الذي لم يوافق على عودة الأمير إلا حتى رد عليه بخشونة وفظاظة قائلاً: "لسوف تقدر جنابكم ما ينبغي حتى تعمله"، إلى غير ذلك لم يكن أمام الكسندر أمير بلغاريا إلا حتى يتنازل عن العرش للمرة الثانية.

ورغم حتى بلغاريا أصبحت بدون أمير يحكمها، إلا أنه كان من بين البلغاريين قائد سياسي عظيم ألا وهوستيفان ستامبولوف الذي قام بتشكيل الحكومة. لكنه قابل مشكلتين أولهما مقاومة الضغط الذي تمارسه روسيا وثانيهما إختيار حاكم جديد. وعلى هذا تمت دعوة الهيئة القومية الكبيرة للتصديق على إختيار الأمير الجديد. لكن روسيا أصرت على إراتى عملية الإختيار بدعوى حتى الفوضى تضرب أطنابها في البلاد وتحول دون إراتى عملية الإنتخاب بشكل سليم. وتحقيقاً لتلك الرغبة أسرع بإيفاد مبعوث خاص وهوالجنرال كولبارز N.V.Kaulbars لشرح وجهة نظر روسيا.

ولم يكترث ستامبولوف بوجهة النظر التي قدمها ذلك المبعوث لكن الغالبية العظمى من القيادات البلغارية كانت تؤيد المبعوث فشعر بكثير من الزهووالفخر وإنطلق يطوف بأنحاء البلاد يحاول إقناع الأهالي بوجهة نظر القيصر، وخطب فبهم متوعداً إياهم بالويل والثبور وعظائم الأمور بتدخل دولي شنيع في شؤون بلغاريا، وسرعان ما تحركت سفينتان حربيتان روسيتان بإتجاه ميناء فارنا على البحر الأسود. غير حتى ستامبولوف لم يستسلم ولم يتنازل عما قرره من حيث إجراء الإنتخابات التي تمت بالعمل وأصبحت الجمعية مستعدة لإتخاذ قرار بشأن تعيين حاكم جديد. وإنتهزت حكومة روسيا الفرصة لتبتر العلاقات الدبلوماسية مع بلغاريا وكان هذا بعد مضي ثمان سنوات فقط من إندفاع روسيا لخوض غمار حرب من أجل سلاف البلقان وتأييد إنشاء بلغاريا الكبرى طبقاً لمقررات مؤتمر سان ستيفانو.

على حتى إختيار أمير حديث لحكم بلغاريا لم يكن أمراًُ سهلاً نظراً لضرورة موافقة الدول العظمى على هذا الإختيار في الوقت الذي إعتزمت فيه روسيا على الإعتراض على أي ترشيح لهذا المنصب. وأكثر من هذا حتى المرشحين الذين قدمتهم الهيئة القومية العامة رفضوا هم أنفسهم قبول المنصب. وفي النهاية وفي أغسطس 1887 وافق فرديناند الكوبورجي of Coburg وهوأمير الماني على المنصب ولوأنه لم ينعم بموافقة الدول العظمى، ومن ثم حفلت السنوات الأولى من حكمه بعدة صعوبات وقلاقل وعدم إستقرار. ولقد كان يعتمد في إدارة الشؤون الداخلية على ستامبولوف الذي كان وراء ترشيحه للحكم والذي كانت حكومته تحظى بتأييد الأهالي الذين إمتعضوا من المؤمرات والحيل التي إستمر حلفاء روسيا وأنصارها في البلاد يدبرونها. وقد بلغت هذه المؤمرات ذروتها بإغتيال وزير المالية في 1891 فأدرك ستامبولوف أنه هوالمستهدف الحقيقي من جميع المتآمرين. ولكي يقضي على مثل هذه المؤمرات ويحتفظ بشعبيته بين ناخبيه حصل على موافقة السلطان العثماني على تأسيس أسقفية بلغارية جديدة في مقدونيا. كما نجح في 1893 في تعديل الدستور بما يسمح بزواج فرديناند من أميرة كاثوليكية فظهرت معضلة جديدة وهي حتى أولادها لا يمكن تعمديهم أرثوذكسياً. وكان هذا الإجراء في حد ذاته يعد تحدياً مباشراً لتزعم روسيا حق الدفاع عن الأرثوذكس فكان علامة على تفوق ستامبولوف ولوأنه طرد من الحكم في 1894 بعد سنة واحدة من هذا الإجراء.

والحاصل حتى فرديناند الكوبورجي كان حاكماً متكبراً وطوحاً ومتسلطاً وكان يحلم بأن تكون بلغاريا قوة مهيمنة في البلقان. ولكن نظراً للصعوبات التي كانت تقابله في بدايات حكمه عهد إلى ستامبولوف بمسئولية إدارة شؤون الحكم إلى حتى استوعب في لحظة معينة المخاطر التي تحوطه فكان عليه إعادة التآلف بين بلغاريا وروسيا مرة أخرى، ذلك أنه بعد مرور سبع سنوات عليه في حكم بلغاريا لم تعترف به اي حكومة من حكمات الدول العظمى كحاكم شرعي للبلاد، وأكثر من هذا حتى توسعه في مقدونيا بدا محالاً بدون مساندة روسيا. وعلى هذا بدا للأمير حتى ستامبولوف يمثل عقبة رئيسية في طريق عودة العلاقات الطبيعية مع روسيا. إلى غير ذلك وفي 1894 عندما هدد ستامبولوف بتقديم إستنطقته بسبب الإختلاف بينه وبين الأمير حول مسألة صغيرة، وكانت إستنطقته مجرد مناورة كان يلجأ إليها من آن لآخر لإخافة الأمير الذي أصبح يعتمد عليه، فاجأه الأمير بقبولها. وفي أكتوبر 1894 توفي قيصر روسيا (الكسندر الثالث) وخلفه نيقولا الثاني فأصبح الطريق ممهداً لتجديد العلاقات الروسية-البلغارية.

وعلى هذا كان على فرديناند حتى يمهد الأرض لعودة العلاقات أولاً، وفي مقدمة المراحل التي كان عليه حتى يقوم بها تحويل إبنه بوريس Boris من الكاثوليكية إلى الأرثوذكسية وكان هذا ضد المستوى التي قام بها ستامبولوف التي إعتبرت وقتها أحد نجاحاته العظمى. وكانت المستوى الثانية ذهاب وفد برئاسة كليمنت الموالي لروسيا إلى العاصمة الروسية لكي يضع إكليلاً من الزهور على قبر الكسندر الثالث حيث إلتقى القيصر الجديد نيقولا الثاني بهذا الوفد، كما تم الإفراج عن السياسيين الموالين لروسيا من السجن. إلى غير ذلك وفي 1896 عادت العلاقات من حديث بين البلدين ومن ثم تمهد الطريق لإعتراف الدول العظمى بفرديناند ليس أميراً لبلغاريا فقط وإنما حاكماً لروميليا الشرقية مما يعني الموافقة رسمياً على الوحدة بين بلغاريا وروميليا الشرقية والتي كانت قد أعربت من طرف بلغاريا فقط في عام 1885 كما سبقت الإشارة.

وبمجرد إعتراف روسيا والدول العظمى الأخرى بفرديناند حاكماً على بلغاريا أصبح بإمكان الأمير حتى يركز جهوده في تنمية بلاده وحل مشكلاتها الداخلية وفي مقدمتها مسألة التوسع القومي. وكانت المشكلة المسيطرة على الحياة السياسية في بلغاريا بعد مؤتمر برلين 1878 هي مصير مقدونيا، وهوالموضوع الذي تجتمع عليه الأمة وتتوحد بشأنه الأحزاب السياسية، ذلك حتى الحدود التي رسمتها معااهدة سان ستيفانوأصبحت تمثل البرنامج القومي لبلغاريا. وكان النضال من أجل تحقيق هذا الهدف قد شكل ملامح تاريخ بلغاريا المستقبلي.


انظر أيضاً

  • Bulgarian Exarchate
  • Ottoman Vardar Macedonia
  • معاهدة سان ستفانو
  • الحرب الروسية الهجرية 1877–1878

الهامش

  1. ^ Hildo Bos and Jim Forest, eds. (1999). For the Peace from Above: an Orthodox Resource Book on War, Peace and Nationalism. Syndesmos.CS1 maint: uses editors parameter (link)

المصادر

  • DEVŞİRME USULÜ - ACEMİ OĞLANLAR OCAĞI MÜESSESESİ - article about devshirme method (in Turkish)
  • "Dervisirme" in "Encyclopaedia of the Orient"
  • website on the Ottoman empire - original German version; here its Janissary page (to be further exploited)
  • Papoulia، B.D.، Ursprung und Wesen der “knabenlese” im Osmanischen Reich. München، 1963 (in German، title means 'origin and nature of the 'boy harvest' in the Ottoman Empire)
تاريخ النشر: 2020-06-04 18:03:07
التصنيفات: CS1 maint: uses editors parameter, الفترة العثمانية في تاريخ بلغاريا, الإسلام في بلغاريا, تاريخ المقاطعات العثمانية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عام / الأرصاد : أمطار من متوسطة إلى غزيرة على منطقة جازان

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:28:08
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

عام / مصرع 23 شخصا جراء إعصار يجتاح ولاية ميسيسيبي الأمريكية

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:28:09
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

6 مليارات دولار لشراء «يونايتد» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

مطالب برلمانية بفتح تحقيق في تضارب المصالح بجماعة في آسفي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 12:15:19
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 35%

3 عقوبات لمخالفي «الاستشارات الصناعية والتعدينية» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:41
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

مطالب بالتحقيق في تفويت صفقة مرافق السوق الأسبوعي لإبن جرير

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 12:15:17
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 44%

سياسي / اهتمامات الصحف الفلسطينية

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:28:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 55%

ترمب ينفي ارتكاب «جناية» أو «جنحة» في قضية «ستورمي دانييلز»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:27
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 91%

هندوراس تقطع علاقاتها بتايوان... وتعترف بـ«الصين الواحدة»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:31
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 94%

“تي جي في” مراكش-أكادير.. إنطلاق مرحلة الدراسات

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 12:15:15
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 38%

عام / مقتل جندي وإصابة آخر بهجوم لتنظيم داعش الإرهابي غربي العراق

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:28:10
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

«التعليم» لموظفيها: 5 محظورات تجنبوها - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:40
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

وفاة 23 شخصا جراء إعصار يجتاح ولاية ميسيسيبي الأمريكية

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:26:06
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

أخفت جثة والدتها في صندوق؛ لقبض معاشها! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:43
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 51%

«واتساب» يكشف مفاجأة لمستخدميه - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:24:44
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

ممثلة أمريكية شهيرة تستمتع بوقتها في مراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 12:15:20
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 36%

البنتاجون: لم نر ما يشير إلى اعتزام روسيا استخدام السلاح النووي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-26 09:26:10
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية