الرحبة، العراق

عودة للموسوعة

الرحبة، العراق

التقسيم الاداري

في 1965، الغاء ناحية الرحبة واحداث ناحية خان الحماد ضمن لواء كربلاء.


الرحبة في خط التاريخ

ياقوت الحموي

نطق ياقوت الحموي : الرحبة قرية بحذاء القادسية على فترة من الكوفة على يسار الحجاج اذا ارادوا مكة ، وقد خربت الان بكثرة طروق العرب ، لانها في ضفة البر ليس بعدها عمارة . نطق السكوني : ومن اراد الغرب دون المغيثة خرج على عيون طف الحجاز فاولها عين الرحبة وهي من القادسية على ثلاثة ايام ، ثم عين خفية . [1]

وتبعد الرحبة اليوم عن مدينة النجف الأشرف ب( 35 ) كيلومترا . وكان طريق الحج البري الذي فتح عام 1936م يمر عليها ، وهي اول نقطة يقف عندها الحاج لفحص جوازات السفر ، وكانت تلك الفترة من الايام المضىية التي انتعش فيها اقتصاد الرحبة ، كما هوالحال بالنسبة لقرية الرهيمة .

واما عيونها فاهمها عين الرحبة وهي مصدر الحياة فيها ، وتبعد عن القرية بنصف كيلومتر خارجا . وهناك عيون اخرى مندرسة تحيط بها اهمها : عين بجاي ، وعين يازي ، وعين الخريبة . [2]

نطق شيخنا محمد حرز الدين في مراقد المعارف : الرحبة من سواد العراق جهة البادية في الجنوب الغربي لمدينة النجف الاشرف ، تبعد عنها قرابة فراسخ في نواحي القادسية اوهي القادسية على خلاف قيل .

وفيها مرقد محمد بن الحسن – قرب عين الرحبة الموجودة في زماننا – معروف مشهور عليه قبة وله مزار تزوره الاعراب ، وكان هذا القبر مندرسا واظهره وشيده السيد محمود الرحباوي .[3] والسيد محمود هذا هوالذي اظهر " عين الرحبة " المطمورة بالرمال لحوادث الدهر بعد الاسلام ، واستنبط ماءها ورمم القصر القديم بجانبها ، واقام في قصر عين الرحبة كدار سكنى له ، وصار مزارا بمائها وارضها .

وفي احدى غارات اعراب ابن مسعود على النجف الاشرف في عصر الشيخ الاكبر جعفر كاشف الغطاء في سنة 1222 هـ ، رجعوا من هذه الغارة بالخيبة والفشل حيث وجدوا النجفيين واهل الفهم محصنين مسلحين بقيادة الفهماء الاعلام ، وصار مرور ابن سعود واعرابه عند عودتهم بالرحبة فراى قبر السيد العلوي محمد بن الحسن المذكور مشيدا عامرا عليه قبة عالية ، فامر السيد محمود الرحباوي بان يهدمه ويقلع القبة التي فوق القبر والسقف ويصيره مكشوفا خرابا ، فعمل السيد ما امر به بنفس الوقت خشية سطوتهم ، ثم عمره السيد محمود ثانية بعد سنوات وهي عمارته القائمة اليوم في زماننا . [4]

غيره

من أبرز المواقع والمدن التي اشتهرت في وادي الفرات الأعلى في العهدين الآرامي والعباسي تقوضت في أواخر القرن السابع عشر للهجرة وقد قامت بلدة الميادين الحالية على أنقاضها في الربع الأخيرة من القرن التاسع عشر للميلاد 0 وتقع شرقي مدينة دير الزور على ضفة الفرات الغربية على بعد خمسة وأربعين كيلومترا وقد أفادت الميادين في بدء نشوئها من آجر أنقاض الرحبة القديمة باستخراجه من سور المدينة القديمة ومن جدران دورها القديمة وحتى من القلعة القديمة الواقعة جنوبي بلدة الميادين على بعد خمسة كيلومترات فوق تل مرتفع قدمن من هضبة محاذية لنهر الفرات تطل على سهل وادي الفرات من يمينه وشماله إلى الآن لم يجر في مسقط الرحبة القديمة تنقيب فهمي ولذلك لا نفهم شيئا عن تاريخها قبل القرن الثالث للهجرة ولا عن مساحتها وخططها القديمة ولم يخط تاريخها محرر ولا مؤرخ لا قديم ولا حديث لا عربي ولا أجنبي.

وفي أيام اليونان والرومان الذين استولوا على هذه الربوع لا نجد شيئا هاما عن مدينة الرحبة لان المدينة كانت قد خرجت في القرن السادس قبل الميلاد لم تذكر الرحبة في المصادر العربية إلا في عهد الأمير التغلبي مالك بن طوق بن عتاب المتوفى سنة 259 هـ - 873 م وهذه المصادر لم تذكر إلا نتفا قليلة عن الرحبة في سياق الأحداث الإسلامية في العصور العباسية وما تلاها من العهود وكذلك فان المصادر العربية لم تذكر إلا نتفا عن أول حاكم لها مالك بن طوق العتابي التغلبي فلا نجد إلا طريقا لبعض الجيوش أوملجأ لبعض القواد والأمراء المغامرين أوإقطاعا يبترها السلطان لبعض الرجال وقد لاقت عبر التاريخ محنا شديدة فنهبت وخربت مرارا كثيرة حتى عفت أثارها وطمست أخبارها ولازمها سوء الطالع حتى حتى لم تجر فيها تنقيبات اثارية فهمية كما جرت في أخواتها المدن الفراتية غربيها وشرقيها كمدينة ماري / تل الحريري / ودورا اوروبوس / صالحية الفرات / والرصافة وبالس / مسكنة / في السنوات الأخيرة برغم مرور كثير من الرحالين الأجانب والاثاريين بها منذ القرن السادس عشر للميلاد إلى اليوم وورود اسمها في مؤلفاتهم ورحلاتهم فضلا عن ذكرها في بعض الموسوعات الأجنبية وبخاصة في الموسوعة الإسلامية التي أصدرها لفيف من المستشرقين باللغة الفرنسية والإنجليزية والألمانية وشرع الأساتذة المصريون إبراهيم زكي خورشيد وأحمد الشنتاوي والدكتور عبد الحميد يونس بنقلها إلى العربية وقد صدرت أجزاء من الترجمة في طبعتين قديمة وحديثة باسم دائرة المعارف الإسلامية.

لقد عز على سكان المنطقة حتى ينسى ذكر الرحبة وذكر مالك بن طوق مجدد بنائها فأطلقوا على قلعة قديمة آشورية اسم رحبة مالك بن طوق أميرها العربي الأول وشاع الاسمان مقترنان إلى يومنا واكتفى السكان العامة والمتفهمون بذلك دون حتى يهتموا بفهم مسقط المدينة القديمة وتاريخها وشانها وامر مدينة مالك بن طوق التي ذاعت لها شهرة بعيدة في حياة مالك وبعده وليس من المعقول حتى تكون رحبة مالك هي القلعة الآشورية القديمة. واكتفى القراء من أبناء المنطقة وغيرهم رواية ياقوت الحموي في كتابه / معجم البلدان / عن سبب بناء الرحبة وربطه بالخليفة العباسي هارون الرشيد حتى رواية ياقوت الحموي هذه عارية عن الصحة وكذلك روايات كثيرة يرويها السكان عن الرحبة.

ليس سكان بلدة الميادين – وريثة رحبة مالك بن طوق ولا سكان منطقة وادي الفرات وحدهم الذي أهملوا فهم تاريخ الرحبة وتحقيق مسقطها وإنما شاركهم في هذا الإهمال الزري جميع من وزارة التربية وجامعة دمشق ووزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية في سورية والسوريون المعنيون بتاريخ الشرق القديم 0 ليست الرحبة بلا تاريخ لقد كان لها شأن خطير في الأحداث العربية في العصر العباسي وفي المملكة الفاطمية ودولة المماليك حتى تاريخها هام فهوتاريخ وادي الفرات الجدير جميع الجدارة باهتمامنا الزائد بجميع نواحيه وشؤونه وأحواله التاريخية والجغرافية وغيرهما 000 نطق البلاذري في كتابه / فتوح البلدان / : / لم يكن لها اثر قديم انا أحدثها مالك بن طوق العتابي التغلبي في خلافة المأمون / وتقول مصادر إسلامية حتى مالك جدد بناء الرحبة حتى / مالك / عندما عين واليا على الجزيرة الفراتية والخابور وأعمال طريق الفرات وكان لابد له من اختيار مكان إقامة له ولرجاله لفتت أطلال مدينة الرحبة القديمة نظره واسترعى انتباهه حسن مسقطها الاستراتيجي والاقتصادي على الطريق الممتدة على ضفة الفرات الغربية بين مدينة الانبار ميناء على ضفة الفرات الشرقية وكانت بقرب من بلدة / الفلوجة / الواقعة على ضفة الفرات الغربية على بعد ستين كيلومترا غربي بغداد وبين بالس ( مسكنة ) ميناء حلب على الفرات شرقي حلب تبعد عنها نحوتسعين كيلومترا على الطريق العامة بين حلب ودير الزور ولإشراف مسقط الرحبة على بادية الشام وبادية السماوة وبادية الجزيرة الفراتية حيث منازل قبيلة تغلب الشهيرة قوم مالك بن طوق واليها نسبته ومن هذه القبيلة بنوحمدان الذين أسسوا دولة لهم في الموصل وأخرى في حلب نطق ابن حوقل في كتابه صورة الأرض : فدخل عليهم في هذا الوقت من بطون قيس عيلان الكثيرة من بني قشير وعقيل وبني نمير وبني كلاب وملكوا غير بلد وإقليم منها كحران وجسر منبج والخانوقة وعرابان وقرقيسيا والرحبة في أيديهم يتحكمون في مرافقها ورسم ابن حوقل مكان الرحبة في مصوره وقد أطنب في خصب السهول المروية في الرحبة والتي على ضفة الفرات الشرقية وإنها ذات رياض وبساتين ينموفيها النخيل وكان سفرجل هذه الناحية مشهورا ( المقدسي ) ذلك حتى الضفة الشرقية كانت تسقى من ماء الفرات ومن ترع الخابور وهي سهول فسيحة بخلاف سهول الضفة الغربية فإنها ضيقة محصورة بين الفرات وهضاب وكلا الضفتان كانت في نطاق الرحبة 0 وكان السهل الذي تقع فيه الرحبة والممتد على ضفة الفرات الغربية خصبا عامرا بالقرى والمدن منها الرحبة والدالية وتعهد بدالية مالك بن طوق وهي مدينة صغيرة في اسفل الرحبة على ضفة الفرات الغربية وكان مسقط الدالية عند مصب ترعة سعيد الخير الأموي في الفرات واحسب حتى مكانها اليوم قرية / القرية / شرقي بلدة الميادين على بعد ثلاثة عشر كيلومترا وكانت ترعة سعيد تخرج من غربي دير الزور وتخترق السهل الممتد بين دير الزور والميادين وتمر من جنوب الرحبة ومن اسفل قلعة الرحبة فكان سهل الرحبة في الشامية يسقى منها ومن الفرات ومن ذلك اتىت وفرة أشجار وخيرات الرحبة فضلا عن مرور طريق الفرات الشهير فيها والذي كان من أبرز مسببات نموالرحبة وازدهارها وشهرتها المستفيضة في العصر العباسي وما تلاها من العصور والعهود وبقيت لها شهرتها حتى بعد خرابها وقيام بلدة الميادين الحالية على أنقاضها وهي ميناء على نهر الفرات تمر بها السفن التي تمخر به 0 وبحسب رأي المقدسي فان الرحبة شيدت في شكل نصف دائري في طرف الصحراء تحميها قلعة حصينة في الجنوب على بعد خمسة كيلومترات على تل وكان يحيط بها خندق وحول تلها آكام كانت لحراسة المدينة ولحراسة موضع هام من الطريق التجاري والنهري الذاهب من مدن الفرات في سورية إلى بغداد والعراق ويرجع بناء هذه القلعة إلى العهد البابلي على حتى فيها بناء آشوريا وفارسيا ورومانيا وإضافات عربية ظاهرة حتى اليوم وما زال خندقها وكانت جانب تلها مرصوفة بالحجارة لا تزال بعض أثارها وقد زارها الرحالة ابن بطوطة وزار قلعة حلب فنطق وهذه القلعة تشبه قلعة رحبة مالك بن طوق التي على الفرات بين الشام والعراق / رحلة ابن بطوطة ج 1 ,ص 40 طبعة مصر 1928 / 0 وكانت هذه القلعة مسكونة منذ نيف ومائة سنة سكنها أجداد بعض سكان بلدة الميادين الحالية ولا يزال يسمون بالقلعيين نسبة إلى هذه القلعة وانتسب بعضهم إلى الرحبة ويؤخذ على سكان الميادين انهم منذ نصف قرن إلى اليوم يهدمون جدران هذه القلعة ليحصوا على الآجر لإدخاله في بناء دورهم في الميادين يحملونه على ظهور حميرهم بعد حتى استنفذوا اجر سور مدينة الرحبة القديمة واجر اساسات دورها القديمة تعمل السلطات المحلية ومديرية الآثار السورية هذه القلعة كما أهملت آثار أخرى في المنطقة 0 وبحسب الاصطخري كانت الرحبة اكبر من قرقيسيا ويسميها نقطة الوسط لناحية الفرات نطق المقدسي في كتابه / احسن التقاسيم في فهم الأنطقيم / وأما المدن الفراتية فأكبرهن رحبة مالك بن طوق ونطق : وناحية الفرات اجلها الرحبة مدينة كبيرة من نحوالبادية ولها حصن وربض وفيها السفرجل الفائق.

ونطق ابن حوقل: ورحبة مالك بن طوق اكبر من قرقيسيا وهي كثيرة الشجر والمياه وقد عداها الاختلال وهي ذات سور صالح ولها نخيل وثمر وسقي كثير من جميع الغلاق 0 وتذكر الروايات العربية حتى هذه المدينة كانت تعهد في وقت من الأوقات باسم / فرضة نعم / الطبري أو/ الفرضة / فحسب / ابن مسكوية / تجارب الأمم / وكان في جوارها دير هو/ دير نعم / / ياقوت / وقد كان بالقرب منها / دير حنظلة / سيأتي ذكره 0 وعهدت بـ / رحبة الشام / لأنها كانت أخر ديار ربيعة وأول بلاد الشام على الفرات حيث يحدها من الشرق ديار العراق واشتهرت باسم رحبة مالك بن طوق الذي جدد بناءها وعني بعمرانها وأمنها واقتصادها وكان له قصر فيها أوقل بلاط وقصده شعراء كبار ومدحوه فيهم أبوتمام والبحتري والعتابي ودعبل وغيرهم 0 وسميت رحبة الفرات أوالرحبة الفراتية لوقوعها على الضفة الغربية لنهر الفرات ولتمييزها عن أماكن أخرى تحمل جميع منها اسم الرحبة في غير جهات الفرات والرحبة منذ تأسيسها قاعدة منطقة الفرات أوطريق الفرات أوناحية الفرات وكان لها حكامها الإداريون وخراجها 0 وكانت مدينة الرحبة أسقفية يعقوبية على أنها أيضا كانت في بعض الفترات نسطورية كما يتبين من ترجمة حياة الجاثليق / ايليا الأول / الذي عين أسقفا لهذه المدينة قبل وفاته بقليل من السادس من شهر مايو1049 م 0 في بعض عهودها كانت تابعة لبغداد وفي عهود أخرى تابعة إلى حلب وطورا تابعة إلى الموصل وأخرى تابعة لدمشق أوالقاهرة أولحمص أوحماه 0 وكانت دوما مركز ناحية كبيرة مشحونة بالسفن والفرسان والعسكر ومطمع أنظار المغامرين والمساومين على أهميتها الاستراتيجية والجغرافية والاقتصادية ولذلك كثرت عليها أيدي الطامعين وجر عليها حسن مسقطها الويلات عاشت وسط القتال تلعق جراحها 0 ولاستفاضة شهرة الرحبة فقد سمى أبومحمد القاسم بن علي الحريري البصري / 446 – 516 / هـ المقامة العاشرة بالمقامة الرحبية نسبة إلى مدينة مالك بن طوق أي حتى الحرير اسلك الرحبة في جملة المدن المشهورة في عصره والتي سمى مقاماته بأسمائها كالمقامة الكوفية والمقامة الاسكندرانية والمقامة البغدادية والمقامة الدمشقية والمقامة المكية والمقامة الحلبية والمقامة البصرية وهذا أول المقامة الرحبية ( حكى الحارث بن همام نطق : هتف داعي الشوق بي إلى رحبة مالك بن طوق 000 ) 0 وقد شرح أبوالعباس احمد بن عبد المؤمن القيسي الشريشي أحد أئمة الأدب واللغة من الأندلسيين الذين عاشوا في كنف دولة الموحدين نطق في شرح لفظة / الرحبة / : والرحبة مدينة شهيرة من عمالة الفرات بناها مالك بن طوق ووليها فنسبت إليه واليها تنسب الثياب الرحبية وتعهد برحبة الشام ومالك كنيته أبوكلثوم ابن مالك بن عتاب وكان جوادا ممدوحا شجاعا أميرا على الجزيرة مسكن قومه بني تغلب 0000 كانت الرحبة مشهورة بثيابها الرحبية القطنية فقد كان القطن يغرس في سهولها التي يرويها الفرات ونهر سعيد الخير على ضفة الفرات الغربية ويرويها الفرات وترع الخابور على ضفة الفرات الشرقية وكانت هذه السيول تنبت من أنواع الفواكه مالا يحصى إليك ما اتى في رحلة ابن بطلان المتطيب الراهب من أهل بغداد وكان خرج من بغداد إلى حلب نطق : ( وكنت خرجت على اسم الله وبركته مستهل شهر رمضان سنة أربعين وأربعمائة / كانون الثاني 1049 مصعدا في نهر عيسى على الانبار أحد الأنهار المتفرعة من الفرات / ووصلت إلى الرحبة بعد تسع عشرة فترة وهي مدينة طيبة وفيها من أنواع الفواكه ما لا يحصى وبها تسعة عشر نوعا من الأعناب وهي متوسطة بين الانبار وحلب وتكريت والموصل وسجار والجزيرة وبينها وبين قصر الرصافة مسيرة أربعة أيام 000) 0 حتى حجي خليفة يحسب من عانا إلى الرحبة ثلاث أيام سفر ومن الرحبة إلى الدير دير الزور يوما واحدا / جهان نامه / والمسافة اليوم بين عانا والرحبة نحومائتي كيلومترا ومثلها بين الرحبة والرقة وبينها وبين حلب 355 كيلومترا وبينها وبين دمشق عبر بادية تدمر 460 كيلومترا.


تاريخ مسقط الرحبة قبل العصور الكلاسيكية

سكن الإنسان ناحية الفرات منذ العصر الحجري وكانت له حضارته البدائية التي كشف التنقيب عنها مؤخرا في قرية بقرص من قرى منطقة الميادين وعهدت المنطقة الإنسان السومري والاكادي والآشوري والآرامي وكانت موجات من الجزيرة العربية تفد إلى وادي الفرات بسبب الجفاف في الجزيرة طلبا للماء والكلأ والمراعي وفي هذه الموجات البشرية كان الآراميون الذين انتشروا في أنحاء وادي الفرات وبلاد ما بين النهرين واسهموا في عمران هذه البلاد ونشروا لغتهم وآدابهم ومكنوا لاستقرارهم وسط أقوام أخرى واستطاعوا حتى يؤسسوا على شواطئ الفرات إمارات وممالك صغيرة آرامية مزدهرة كانت جميع منها ذات حكم ذاتي محلي تحت نفوذ ملوك بابل ثم تحت نفوذ ملوك أشور ومن وادي الفرات انطلق الآراميون إلى بقية أنحاء سورية يؤسسون الممالك الآرامية في حلب وحماه ودمشق وفي بلاد ما بين النهرين.

ومن الإمارات الآرامية على الفرات : بيت أديني أو/ عدن / وهي منطقة الرقة وكانت عاصمتها تل برسيب وامارة زوحي ولاقي بين نهري الخابور والبليخ ومسقطهما منطقة حلبية ومنطقة زلبية حاليا ومملكة رماني بين الفرات وينابيع نهر البليخ وامارات / آرام بيت رحوب / منطقة الرحبة القديمة والميادين حاليا 0 ومدينة الرحبة عريقة في القدم يرتقي تاريخها إلى حوالي القرن العشرين قبل الميلاد وعندما أسس الآراميون إماراتهم في مسقطها استبقوا اللفظة القديمة مع إخضاعها إلى أصول اللغة الآرامية وهي لفظة سامية قديمة وتعني الرحابة والوسع وذكرت بكونها مسقطا لراس أحد ملوك آدوم وسلسلتهم في الإصحاح السادس والثلاثين والعدد 31 – 39 من سفر التكوين، بالتوراة. وبعد حتى يأتي المحرر على ذكر ملوك آدوم اعتبارا من بالغ بن بعور حتى سملة وهوالملك الخامس في هذه السلسلة يقول ( توفي سملة فملك مكانه شارك الأول من رحبوت النهر ) 0 ثم سقطت رحبوت بيد الآراميين عند استيلائهم على المدن السورية في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد وأسسوا فيها مملكة سميت ( آرام بيت رحوب ) 0 حتى حدثة بيت في الآرامية تعني دائما : موضع أومحل أوبيت ونرى هذه الحدثة في اسم رحبوت ورحوبوت وفي الآرامية القديمة ( رحبوتا ) ومعناها الأماكن الرحبة وهي أسماء لمدينة واحدة وهذا الخلاف في التسمية يعود إلى أصول اللغة الآرامية فعند استيلاء الآراميين على هذه المدينة قدموا مبتر / بيت / على رحوب بحسب لغتهم فنطقوا : بيت رحوب عوضا عن رحبوت وقد ذكرت ( آرام بيت رحوب ) مرات كثيرة في التوراة وقد عين مسقطها على نهر الفرات 0 وعهدت بهذا الاسم مدينتان الأولى كانت بين نينوى وكالح من حواضر الآشوريين في الشمال وهي مدينة أسسها أشور أونمرود في ارض أشور والثانية على الفرات وهي التي بنيت على أنقاضها مدينة الأمير مالك بن طوق في العهد العباسي وبنيت على أنقاض هذه بلدة الميادين الحالية مركز منطقة الميادين في محافظة الفرات السورية. كانت هذه الإمارات على الفرات على اتصال دائم مع بعضها البعض ومع الممالك الآرامية الأخرى في سورية وفي بلاد ما بين النهرين بدافع القومية الواحدة والمصلحة المشهجرة والدفاع عن كيانها تجاه أقوام وممالك طامعة بأرضها وبخيراتها وبإخضاعها واستعبادها.

كانت إمارة الرحبة الآرامية تتمتع بمنزلة مرموقة أتاحتها وفرة مياهها وخصوبة أرضها وحسن مسقطها وازدهارها فكانت عضوا فعالا في جسم الإمبراطورية الآرامية بزعامة مملكة دمشق الآرامية وقد أسدت إلى دمشق الآرامية يدا كريمة حيث ساعدتها عسكريا عندما اصطدمت مملكة دمشق بمملكة إسرائيل في أواسط القرن الحادي عشر قبل الميلاد وذلك عندما قرر داوود ملك إسرائيل مهاجمة الآراميين في عقر دارهم فاستنجد ملك دمشق الآرامية إخوانه الآراميين فهبوا لنصرته وألفوا حلفا آراميا قويا وكان لارامي / الرحبة / اليد الطولى في هذا الحلف فقد قدموا إلى هذا الحلف زهاء عشرين ألفا من الجنود المدربة والمسلحة من أبناء الفرات 0 وقد بلغ الآراميون بعد هذا التاريخ أوج عزهم فكانت مملكتهم تسيطر على المنطقة العليا من بلاد ما بين النهرين وهي منطقة آشورية وخضعت لهم بلاد آشورية كان ذلك في أواخر القرن التاسع قبل الميلاد هبت أشور واكتسحت الإمارات الآرامية وغيرها وسيطرت على بلاد ما بين النهرين إلى حدود بابل وقسمتها إلى ولايات صغيرة وفرضت عليها الجزية ولم يبق للآراميين إلا بيت ديني وما لبث الملك الآشوري أشور ناصر بال حتى هاجمها وطوقها فاستسلمت إليه واجبر ملكها / اهين / على دفع الجزية ونقل من سكانها الآراميين ألفين وأربعمائة إلى مدينة كالح على نهر دجلة كما كان شان بعض ملوك أشور في البلاد التي يفتحونها لكي يأمنوا انتفاضات سكانها عليهم ولكن ذلك لم يكن مجديا ولا حائلا دون تصدع الإمبراطورية الآشورية وثورات الشعوب المغلوبة لاستعادة حريتها 0 وزحف الملك الآشوري شلمنا الثالث على هذه الربوع مرتين متعاقبتين في السنتين 858 و857 قبل الميلاد واخضع ما تظل من المدن الآرامية ومن بينها / بيت أديني / و/ بيت رحوب / واخذ منها الجزية فضة ومضىا ونحاسا وانية نحاسية وغلات زراعية واعقب ذلك خرابها 0 لقد شاركت مدينة رحبوت اخوتها المدن الآرامية صعودا وهبوطا فنهضت معها ووقفت إلى جانبها وافلت بأفولها ولم يستطع الزمن حتى يعفي على أسسها بل زادته حقب متعاقبة متفاوتة انتشارا وذيوعا ولقد رجوت من هذه الدراسة المتواضعة بانقد يكون حزمة حطب جزل على نار اسم الرحبة فتزيده اشتعالا وتوهجا وارتفاعا وسناء فيمتد إلى أزمنة أخرى حتى الفرات يتيمني وتهيمني مدنه القديمة والحديثة فاطلب لها جميعا ذيوع الصيت والخلود ومن اجل ذلك اخط محاولاتي الفراتية.


تاريخ الرحبة في العصر العباسي

أن تاريخ الرحبة في العصر العباسي إنما هوتاريخ باعث عمرانها وأول ولاتها الأمير مالك بن طوق العتابي التغلبي وكنيته أبوكلثوم فلا بد لنا من الوقوف عنده بعض الوقت نتعهد شيئا عن أخباره وملامحه ما اسعفتنا المصادر على ندرتها. حتى أخبار هذا الوالي العباسي قليلة جدا وغامضة لا تشفي غليل الراغب بفهم شخصيته ولم يترجم له أحد من المؤرخين والكتاب المعاصرين سواء من العرب أومن غيرهم على أهمية هذه الشخصية والتي تهم أبناء وادي الفرات لان تاريخها جزء من تاريخ وادي الفرات في فترة زاهية تبعث على الفخر والإعجاب بضعة اسطر وردت عنه في ابن خلكان لم يزد عليها صاحب الإعلام 0 عهد الخلفاء العباسيون أهمية منطقة الفرات العسكرية والاقتصادية الكبيرة والجغرافية والسكانية لخصب أراضيها ووفرة مياهها وكثرة مدنها وقراها ومرور طرق كبيرة فيها ولتوسطها بين العراق والشام والحدود البيزنطية ولأنها مجال عشائر عربية ذات حول وطول فأولوها عناية كبيرة واهتماما زائدا فكانوا يولون امرة أنحائها ومدنها كبار ولاتهم وقوادهم ووليها بعض أولياء العهد فمن ولي الرقة المهدي ولي عهد المنصور وعبد الملك بن صالح بن علي من الهاشميين والقائد طاهر بن الحسين وابنه عبد الله بن طاهر وكانت مصر مضافة إليه يولى عليها واليا من قبله وهومقيم في الرقة 0 لقد خبر خلفاء بغداد مالك بن طوق وقدروا كفاءته ونسبه التغلبي وحسبوا حساب قبيلته تغلب الكبيرة ومنزلتها الرفيعة قبل الإسلام وبعده ومنازلها في الجزيرة الفراتية بين الخابور والرقة وفي منطقة البشري في الشامية مما يلي الفرات فاختاروا مالكا واليا على / ناحية الفرات / أو/ طريق الفرات / كما كان يسمى في العصر العباسي وهي المنطقة الممتدة بين عانة وبالس / مسكنة / والتي عهدت مؤخرا بمصطلح / الزور / 0 لم تسعفنا المصادر بمكان ولادة مالك ولا بتاريخ ولادته وكان نشأته وتاريخ تعيينه واليا على الرحبة ولا تاريخ عزله عنها وتعيينه مرة ثانية ولا تواريخ اتصال مادحيه الشعراء به واختلفت الروايات في تاريخ وفاته روى انه توفي في السنة 529 هـ - 873 م وروي انه توفي في السنة 261 هـ - 875 م.

نفيد من رواية البلاذري حتى تعيين مالكا واليا على الرحبة كان في خلافة المأمون / 198 – 218 / 0 حتى الرواية التي رواها ياقوت الحموي في معجمه / معجم البلدان / في مادة الرحبة والتي ملخصها حتى الرشيد اجتاز الفرات بسفينة ومعه مالك بقرب الرحبة فانقلبت السفينة بمن فيها وكان مالك حذر الرشيد من ركوبها وان الرشيد ابتره هذه البقعة ثم عصى مالك على الرشيد فأخضعه وحمل مكبلا بالحديد إلى بغداد وامر الرشيد بضرب عنقه فانشده أبياتا يستعطفه فيها على صبية له صغار فعفى عنه حتى هذه الرواية ملفقة لا أساس لها.

أن الأبيات التي ذكرها ياقوت الحموي على أنها لمالك هي إلى تميم بن جميل السدوسي كما اتى في كتاب / المستجاد في عملات الاجواد / للمحسن التنوخي تحقيق الأستاذ محمد كرد علي رئيس المجمع الفهمي العربي بدمشق مطبوعات المجمع الفهمي العربي العام 1946 – ص 117 – 118 0 وكان تميم هذا هوالذي خرج بشاطئ الفرات والتف حوله كثير من الأعراب فعظم أمره وبعد ذكره فخط الخليفة المعتصم إلى مالك بن طوق حتى يحاربه فهزمه وظفر به فحمله موثقا إلى باب المعتصم ولاتصال حياة تميم بن جميل السدوسي بتاريخ وادي الفرات وبحياة مالك بن طوق اذكر أبياته وقصتها : نطق احمد بن آبي داوود : ( ما رأيت رجلا عاين الموت فما هاله ولا شغله عما كان يجب عليه حتى يعمله إلا تميم بن جميل فانه لما مثل بين يدي المعتصم فاحضر السيف والنطع واوقف بينهما تامله المعتصم وكان جميلا وسيما فاحب حتى يفهم أين لسانه من منظره فنطق تحدث يا تميم فنطق : أما إذا أذنبت يا أمير المؤمنين فأنا أقول : الحمد لله الذي احسن جميع شيء خلقه وبدا خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء معين جبر بك صدع الدين ولم بك شعث المسلمين واوضح بك سبل الحق واخمد بك شهاب الباطل حتى الذنوب تخرس الألسن الفصيحة وتعيي الأفئدة السليمة ولقد عظم الذنب وانبترت الحجة وساء الظن ولم يبق إلا عفوك أوانتقامك وأرجوحتىقد يكون أقربهما مني واولاهما بكرمك ثم فال : أرى الموت بين السيف والنطع كامنا يلاحظني من حيث ما أتلفت واكـــبر ظني انــــك الـيـوم قاتـلي وأي امرئ مما قضى الله يفلت وأي امـرئ يأتي بعــذر وحجــة وسيف المنايا بين عينيه مصلت ومـــا جزعي من أموت وأنني لا فهم حتى المـوت شيء مؤقـت ولــكــن خلفـي صبيـة قد هجرتهم وأكبادهم من حســرة تتـفتت فان عشت عاشوا سالمين بغبطة أذود الردى عنهم وان مت موتوا وكــم قائـــــل لا يبـعــد الله داره واخــــر جذلان يســـر ويـشــمـت فتبسم المعتصم ونطق : يا تميم قد وهبتك للصبية وغفرت لك الصبوة ثم أمر بفك قيوده وخلع عليه. حتى ( مالك) عندما عين واليا على طريق الفرات والجزيرة الفراتية والخابور اتخذ من مسقط الرحبة مركزا لإمارته فجدد بنائها واقام فيها مدة طويلة وكثر سكانها في عهده بالنظر لحسن مسقطها ووقوعها على طريق هامة هي ثانية طرق المملكة العباسية وكانت الطريق الأولى هي التي تمضى من الموصل إلى حلب عبر الجزيرة الفراتية مارة بنصبيين وراس العين تجتاز الفرات عند جسر منبج وتتوجه إلى بزاعة ومنها إلى حلب فضلا عن الطريق المائي وهوالفرات.

وقد كان مالك أميرا جوادا وفصيحا وفارسا شجاعا وشاعرا محبا للشعر يرويه ويشجع الشعراء في الرحبة ومدحوه بقصائد جيدة ومن هؤلاء الشعراء أبوتمام الطائي والبحتري والعتابي ودعبل الخزاعي وابن آبي الشيص وبكر بن النطاح وغيرهم. وكان مالك واليا على الرحبة في عهد المأمون وعهد المعتصم / 218 – 227 / هـ واتى في / فوات الوفيات / لابن شاكر الخطي في مالك ( صاحب الرحبة ) أحد الأشراف والفرسان الاجواد ولي إمرة دمشق للمتوكل كان ينادى على باب داره بالخضراء وكانت دار الإمارة بعد المعرب الإفطار يرحمكم الله نطق: والأبواب مفتحة يدخلها الناس توفي سنة تسع وخمسين ومائتين وهوالذي بنى الرحبة على الفرات واليه تنسب 0 يستفاد من هذه الرواية حتى مالكا عزل عن الرحبة ثم أعيد إليها ولعله عزل عن الرحبة في خلافة المتوكل لشغب قبيلته تغلب عليه في الجزيرة الفراتية وتخاصمها فيما بينها فأتعبت واتعبت المتوكل واجرى الصلح بينها واقر الأمن في الجزيرة الفراتية وكان حازما شديدا بطش بمن خرج عليه من بني قومه ومن غيرهم وطردهم ثم اتىوا مستغفرين فشفع فيهم الشاعر أبوتمام ضيف مالك في الرحبة فعفى عنهم. فنطق أبوتمام من قصيدة يمدح مالكا ويخاطب بني تغلب :

مهلا بني غنم بن تغلب أنكم هدف الأسنة والقنا يتحطم فستذكرون غدا صنائع مـالك حتى جل خطب أوتدوفع مغرم حتى تمضىوا عن مالك أوتجهلوا نعماه فالرحــــــم القريبة تفهم كانت لكم أخلاقه معســــــولة فهجرتمـــــوها وهي ملح علقم فقسا لتزدجروا من يك حازما فليقــــس أحيانا على من يرحم واخافكم كي تغمدوا أسيافكم حتى الدم المعتر يحرســــه الدم ولقد فهمت لدن لججتـــم انه ما بعد ذاك العــرس إلا المآتم.

لأبي تمام عدة قصائد في مالك من عيون الشعر العربي انشدها في مدينة الرحبة وحسب أبنائها فخرا حتى يشرف مدينتهم شاعر كبير كابي تمام وان ينشد فيها قصائده في أميرها وتشارك هي في وحي هذا الشعر ويصدر عنها كما لوكان أبوتمام من أبنائها فان لم يكن من الرحبة ذاتها فهوفراتي من قرية جاسم بمنبج وحسب الرحبة فخارا حتى يزورها أبوتمام ويقيم بين أهلها وينشد شعره أميرها في قصره ويستمعوا هم إليه وما احسبهم إلا قد حرصوا على تقييده في دفاترهم وعلى استظهاره وترويته لأبنائهم وأحفادهم. على حتى الرحبة ليست وحدها التي تفخر بقصائد آبي تمام في أميرها الفارس الشاعر فالفرات كله يفخر بذلك ويزهو. لقد تمنيت لوحتى أديبا أومتأدبا من أبناء الميادين أومن أبناء الفرات يفهم شعر آبي تمام الذي انشده في الرحبة ذلك حتى هذا الشعر جزء من أدب وادي الفرات جدير مع غيره من الأدب الفراتي باهتمام أبناء الفرات ودراستهم.

من قصائد أبي تمام في مالك تائتيه وتقع في اثنين وأربعين بيتا نوه فيها بجود بني عتاب عشيرة مالك واشار إلى الخلاف المستحكم بين مالك وقومه وذكر أياما مشهورة لتغلب واثنى على بطش مالك بمن أساءوا إليه ومطلعها : لوحتى دهرا رد عاد جواب أوكف من شأويه طول عتاب ومنها : لاجود في الأقوام يفهم ما خلا جودا حليـــــفا في بني عتاب متدفقا صقلوا به احســــــابهم حتى الســماحة صيقل الاحساب قوم إذا جلبوا الجياد إلى الوغى أيقنت حتى السوق سوق ضراب يا مالك بن المالكين ولم تــــزل تدعى ليوســـــي نائل وعقاب للجود باب في الأنام ولم تـزل يمناك مفتاحــــــا كذلك الباب يا مالك اســــتودعتني لك منة تظل ذخائرها على الأحقاب يا خاطبا مدحـــــي إليه بجوده ولـقد خطبت قليلة الخطـــــاب هم صيروا تلك البروق صواعقا فيهم وذاك العفوســوط عذاب فاقل أسامة جرمها واصفح لها عنه وهب ما كان للوهـــــــاب لارقة الحضر اللطيف غذتهم وتباعدوا عن فطنة الأعراب فإذا كشـــــــفتهم وجدت لديهم كـــــــــرم النفوس وقلة الآداب أسبل عليهم ستر عفوك مفضلا وانفح لهم من نائل بـــــــذباب وقصد الشاعر البحتري مالكا في السنة 226 هـ وكان البحتري في العشرين من عمره ومدحه بقصيدة جيدة اوحتها شخصية مالك القوية وجوده ومنزلة الرحبة وشهرتها اتى فيها : بالرحبة الخضراء ذات المنهل العذ ب المشارب والجناب المعشب عطن الوفود فمنجد اومتـــــــــــهم أووافد من مشـــرق أومغرب القوا بجانبـــــــها العصي وعولوا فيها على ملك أغر مهذب ملك له في جميع يوم كريهـــــــــــة إقدام ليث واعتزام مجـــــــــرب وتراه في ظلـــــــم الوغى فتخاله قمرا يشد على الرجال بكوكـــب يا مالك بن المالكين الالــــــــى ما للمكارم عنهم من مـــــــــمضى أعطيتني حتى حســبت جزيل ما اعطيتنيه وديعة لم تـــــــــــوهب فشـــــــــبعت من بر لديك ونائل ورويت من أهل لديك ومرحب فلتشـــــــكرنك مذحج ابنة مذحج من ال غـــوث الاكثرين وجندب ومتى تغالب في المكارم والـندى بالتغلـبـيـيـن الأكارم تغلــــــــب وممن وفد على مالك في الرحبة من أئمة الشعر والأدب كلثوم بن عمروالعتابي قريب مالك وقد انس مالك بضيفه الأديب الكبير واكبره وارتاح إلى وجوده وراه أهلا كي يبثه شكواه من خروج عشيرته وكيف تدل عليه وستكبر وتستطيل فيقول له الأديب العتابي ( أيها الأمير : حتى عشيرتك من احسن عشرتك وان عمك من عمك خيره وان قريبك من قرب منك نفعه وان احب الناس إليك أخفهم ثقلا عليك ).

ويغلب على الظن حتى الشاعر دعبل الخزاعي قصد مالكا في الرحبة ومدحه بشعره واجازه مالك ويظهر حتى دعبل استقل عطاء مالك أواستبطأ عطاءه ودعبل حاد المزاج مولع بهاتى الولاة والملوك فهجا مالكا هاتى مقذعا وهجا قومه تغلب وهرب إلى البصرة وعليها اسحق بن العباس وكان ممن هجاهم دعبل فضاقت به البصرة فهرب إلى الأهواز فبعث مالك من يتتبعه ليقتله حتى وجده في قرية من نواحي السوس في الأهواز فضرب ظهره بعكاز لها زج مسموم فمات من غد السنة 246 هـ وكانت ولادته في السنة 148 هـ 0 كان مالك بن طوق يقول باتصال نسب بنسب عمروبن كلثوم التغلبي صاحب المعلقة المشهورة واحد فرسان تغلب وسادتها فهجا دعبل مالكا حتى في هذا الأمر حيث نطق : الناس كلهم يعــــــــدولحاجته ما بين فرح منهم ومهمــــــــوم ومالك ظل مشـــــغولا بنسبته يروم منـــــــها بناء غير مهدوم يبني بيوتا خرابا لا أنيس بها ما بين طوق إلى عمر بن كلثوم ومما هجا به تغلب عشيرة مالك قوله : الهى بني تغلب عن جميع مكرمة قصيدة نطقــها عمروبن كلثوم يرونــــــها مـــــذ كان أولهم يا للرجال لشعر غير مسـؤوم وممن قصد مالك في الرحبة من الشعراء ابن آبي الشيص محمد بن عبد بن رزين الخزاعي اتى يحمل كتاب توصية به إلى مالك من الحسن بن وهب بن سعيد الحارثي أبوعلي المحرر والمتوفي العام 250 هـ و865 م من الشعراء كان معاصرا لأبي تمام له معه أخبار وكان وجيها استخطه الخلفاء ومدحه أبوتمام وهوأخوسليمان / وزير المعتز والمهتدي / ولما توفي رثاه البحتري بأبيات وهذا نص الكتاب الذي حمله ابن آبي الشيص إلى مالك واورده للعلاقة بين مالك والحسن بن وهب ولاتصال الكتاب بحياة مالك : ( كتابي إليك خطته بيدي وفرغت له ذهني فما ظنك بحاجة هذا مسقطها مني أتراني اقصر في الشكر عليها أواقبل العذر فيها )0 وفي العقد الفريد لابن عبد ربه : ( اقبل أعرابي من بني أسد إلى مالك بن طوق فأقام بالرحبة حينا وكان صعلوكا في عباءة صوف وضمة شعر فحدثا أراد الدخول منعه الحجاب وشتمه العبيد وضربه الاشراط فلما كان في بعض الأيام يخرج مالك بن طوق ويريد التنزه حول الرحبة فعارضه الأعرابي فضربوه ومنعوه فلم يثنه ذلك حتى اخذ بعنان فرسه ثم نطق : أيها الأمير إني عائذ بالله من اشراطك هؤلاء فنطق مالك : فدعوا الأعرابي ،يا ترى؟ هل من حاجة يا أعرابي ،يا ترى؟ نطق : نعم اصلح الله الأمير حتى تصغي إلي بسمعك وتنظر إلي بطرفك وتقبل إلي بوجهك نطق : نعم فانشد الأعرابي يقول : ببابك دون الناس أنزلت حاجـــتي وأقبلت أسعى حوله واطوف ويمنعني الحجاب والستر مسبـــل وأنت بعيد والشــروط صفوف يدورون حولي في الجلوس كأنهم ذئاب جياع بينهن خــــــــروف فأما وقد أبصرت وجهك مقبـــــلا فاصرف عنه إنني لضعيــف ومالي من الدنيا سواك ولا لمـــن هجرت ورائي مربع ومصــــيف تخطى أعناق الملوك ورحتلـــــي إليك وقد أخنت علي صــــروف فجئت ابغي اليسر منك فمـــر بي ببابك من ضــرب العبيد صنوف فلا تجعلن لي نحــوبابك عودة فقلبي من ضرب الشروط محوف فاستضحك مالك حتى كاد حتى يسقط عن فرسه ثم نطق لمن حوله : من يعطيه درهما بدرهمين وثوبا بثوبين فسقطت عليه الدراهم والثياب من جميع جانب ثم نطق له : هل بقيت لك حاجة يا أعرابي ،يا ترى؟ نطق أما إليك فلا نطق : فإلى من ،يا ترى؟ نطق : ( إلى الله حتى يبقيك للعرب فإنها لا تزال بخير ما بقيت لها ) 0 جلس مالك بن طوق في قصره في شباك مطل على البرية ومع جلساؤه فاقبل أعرابي تخب به ناقته فنطق إياي أراد ونحوقصد ولعل منه أدبا ينتفع به ثم أمر بإدخاله فلما مثل بين يديه نطق : ما أقدمك يا أعرابي ،يا ترى؟ نطق : سيف الأمير وراتى نائله نطق هل قدمت أمام رغبتك وسيلة ،يا ترى؟ نطق نعم : أربعة أبيات قلتها بظهر البرية فلما رأيت ما بباب الأمير من العيبة والجلال استحقرتها واستصغرتها 0 نطق مالك : فهل لك حتى تنشدنا أبياتك على حتى نجزيك عليها ألف درهم فان كنت ممن احسن ربحنا وإلا فقد نلت مرادك وربحت نطق رضيت – وانشده : وما زلت أخشى الدهر حتى تعلقت يداي بمن لا يتقي الدهر صاحبه فلما راني الدهر تحــت جناحـــــه رأى مـرتقى صعبا منيعا مطالبه راني بحيث النجــم في راس باذخ تظل الرى اكنافه وجوانبــــــــه فتى كسماء الغيث والناس حـــوله إذا قحطوا جادت عليهم سحائبـه فنطق مالك : والله ما قيمتها إلا عشرة آلاف درهم فأمر له بها 0 كان مالك يحب الشعر الجيد ويرويه وكان يقيد ما يستحسن من الشعر في دفاتر يلازمها في مجالسه ينظر فيها من وقت إلى أخر.

حدث عبدون الحراني نطق : دخلت على مالك بن طوق وعنده العتابي وعليه جبة صوف وكساء صوف وفي يده دفتر فحمل رأسه إلي فنطق : قاتله الله ما أشعره قلت من يا أبا عمرو،يا ترى؟ نطق الذي يقول: إذا نحن أثنينا عليك بصالـــح فأنت كما نثني وفوق الذي نثني وان جرت الألفاظ منا بمدحة لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني قلت من هويا أبا عمرونطق : أوما تعهده قلت : لا نطق الذي يقول وانشد أبياتا أخرى ثم تكرر إنشاد الشعر والسؤال عن الشاعر حتى عهد أخر الأمر حتى الشاعر الذي يتغنى مالك بقوله ويلهج بفضله هوأبونواس وكما تجاوز للرحبة حتى أوفدت نجدة كبيرة من الجند إلى ارميي دمشق عند مهاجمة دولة إسرائيل لها في القرن الحادي عشر قبل الميلاد ترسل بعد مرور عشرين قرنا في القرن التاسع عشر للميلاد نجدة إلى بغداد نطق ابن الأثير في كتابه / الكامل / في حوادث السنة 251 هـ : وفي هذه السنة بويع للمعتز بالله وكان بسامرا وكان المستعين خليفة مستقرا ببغداد فاستاء منه جماعة الأتراك فعملوا على استخلاف المعتز بالله وكان محمد بن عبد الله في معية المستعين في بغداد ولما اتصل بمحمد بن عبد الله خبر بيعة المعتز أمر بطع الميرة عن أهل سامرا وخط إلى مالك بن طوق في المسير إلى بغداد هوواهل بيته وجنده وخط إلى آخرين في منع السفن والميرة عن سامرا وامر المستعين بتحصين بغداد وبحفر الخنادق ونصب على الأبواب المنجنيقات والعرادات وشحن الأسوار وجرت اشتباكات بين أنصار المستعين وبين أنصار المعتز بالله ولقيت بغداد والانبار وسامرا بلاء شديدا من ذلك ثم تم الصلح بين الطرفين في السنة 252 هـ 0 وفي السنة 256 هـ بويع الخلافة احمد المعتمد على الله بايعه بخرا سان محمد بن عبد الله بن طاهر وبكور الفرات مالك بن طوق التغلبي وبديار مضر وديار ربيعة وجند قنسرين ابن آبي الساج محمد بن ديواداذ المعروف بالافشين وبمصر احمد بن طولون الهجري هؤلاء هم ولاة أمصار المملكة العباسية لمالك بن طوق 0 لقد ساعدت الظروف وبعد مصر عن مركز الخلافة احمد بن طولون بان يستقل بمصر ويؤسس فيها الدولة الطولونية فيوجد من يؤرخ سيرة حياته ويجمع أخباره وتعاكس الظروف مالك بن طوق في كور الفرات فتتحرك الأحقاد الكامنة في قوم مالك تغلب في أنحاء الجزيرة الفراتية وربوع الفرات وتحارب بعضها بعضا ويتدخل الخليفة المتوكل في النزاع ويصلح بين الأطراف المتنازعة ويمدح أبوتمام المتوكل منوها بفضله بهذا الصلح 0 ولكن المتآمرين بمالك يستمرون في عملهم ضده حتى عزل عن ولاية الرحبة والجزيرة الفراتية قبل موته بنحوثلاث سنوات 0 وخط رجل إلى مالك لما عزل : أصبحت والله فاضحا متعبا أما فاضحا فلكل وال قبلك بحسن سيرتك وأما متعبا فلكل وال بعدك حتى يلحقك وشهد مالك عهود ثمانية خلفاء من بني العباس من المأمون إلى المعتمد 0 نطق ابن الأثير في الكامل جخمسة ص 373 المطبعة المنيرية في حوادث السنة 261 هـ وفيها توفي مالك بن طوق التغلبي بالرحبة وهوبناها واليه تنسب توفي في عهد الخليفة المعتمد 256 – 279 هـ - 870 – 892 م 0 وقد كانت مدة ولاية مالك بن طوق على الرحبة نحوا من أربعين سنة لم يشتهر اسم أحد من ولاة مدن منطقة الفرات بمثل الشهرة التي ذاعت واستمرت حتى اليوم لمالك بن طوق برغم عدم وجود سيرة له وبرغم قلة أخباره وإهمال الترجمة له جميع هذه القرون ولم تشتهر مدينة من مدن هذه المنطقة نظير شهرة مدينة الرحبة التي بقيت تنسب إلى مالك منذ حتى بعث عمرانها وولى إمرتها إلى يومنا هذا اقترن اسم جميع منهما بالآخر اقترانا محكما لم تستطع الحقب الطويلة حتى تعفيه برغم قلة أخبار الرحبة كذلك وإهمال المؤرخين القدامى والمحدثين التاريخ لها والكتابة عنها.

بعد موت مالك خلفه على حكم الرحبة ابنه احمد وفي السنة 269 هـ و882 م هاجم الرحبة محمد بن آبي الساج المعروف بالافشين والذي كان يحكم ولاية الموصل والجزيرة والرقة وحلب فدافع أهلها عنها وقاتلوه فغلبهم وقتل منهم أناسا كثيرين وهرب احمد بن مالك بن طوق إلى الشام 0 وكان ابن آبي الساج وهوهجري ومن قواد المعتصم تارة يتفق مع احمد بن طولون يدعوله على منابر أعماله ويتلقى الأموال منه وتارة ينقلب عليه ويعمل لخليفة بغداد وكان تحالف مع إسحاق بن كنداج على حتى يحكما ديار ربيعة ومصر والشام ثم تنافرا وجرت بينهما عدة مواقع وخاض ابن آبي الساج معارك كثيرة وعاث في هذه البلاد فسادا وتقتيلا وتخريبا 0 آلت الرحبة إلى حمدان بن ناصر الدولة التغلبي ابتره إياها ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان الذي كان واليا على الموصل واليه الجزيرة الفراتية في خلافة المقتدر 295 – 320 هـ 932 م 0 وفي السنة 295 هـ عاثت بنوتميم في جهات حلب وأفسدت فسادا عظيما وحاصروا حلب وكان واليها يدعى ذكا فخط المقتدر إلى الحسين بن حمدان وهومقيم في الرحبة في انجاد ذكا فأسرى من الرحبة حتى أناخ بخناصرة فاسر منهم أربعمائة رجلا وحملهم في غرائر الشعر على جمالهم وانصرف ولم يجتمع بذكا فمات أكثرهم في الحبوس ببغداد إلى حتى سئل فيهم الأغر السلمي فأطلقوا ولم تسكن بنوتميم بعدها 0 ولأبي فراس الحمداني قصيدة يرثي بها أبا المرجى جابر بن ناصر الدولة وقد توفي بالرحبة ومدح الشاعر الصنوبري الحسين بن حمدان لإيقاعه ببني تميم 0 فها هي الرحبة تنجد حلب بعد حتى كانت في عهد واليها مالك بن طوق أنجدت بغداد وبعد حتى كانت أنجدت دمشق في عهد الاراميين0 الرحبة في يد القرامطة في عهد الخليفة العباسي المقتدر سار أبوطاهر سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي صاحب البحرين إلى الكوفة سنة 315 هـ يريد الشام واقتتل مع عسكر الخليفة فهزمهم وسار إلى الانبار واقتتل مع عسكر الخليفة وهزمهم وواقع أهل هيت يوم الأحد لثمان خلون من ذي الحجة السنة 315 هـ وارتحل عنها إلى ناحية رحبة مالك بن طوق وعليها أبوجعفر محمد بن عمرون التغلبي فافتتحها عنوة ونزلها في 30 آذار السنة 928 م وقتل كثيرا من أهلها / ابن مسكوبة : تجارب الأمم / والمسعودي وابن الأثير 0 ومن الرحبة بعث السواري إلى النواحي في الجزيرة الفراتية إلى كفر توثا وراس العين ونصبيين فأسقطوا بالأعراب من تغلب والنمر وغيرهم 0 ووجه بسرية في نحوألفين إلى الرقة وكان نزول السرية عليها يوم الأحد لثمان بقين من جمادى الأولى السنة 316 هـ وبعد قتال ثلاثة أيام وقتل أناس من الفريقين عاد القرامطة إلى الرحبة وبقي فيها أبوطاهر سبعة اشهر يروي في قصد الرملة في فلسطين أومدينة دمشق متخذا من الرحبة مكان انطلاق ولكنه سار عنها في أول شعبان السنة 316 هـ في البر والماء منحدرا في الفرات وعاد إلى البحرين هذا الانحدار يشير على أهمية الرحبة كميناء على الفرات 0 وكانت الرحبة بعد ذلك في عهد الخليفة العباسي الراضي الذي ولي الخلافة في السنة 322 هـ و934 م وتوفي في السنة 329 هـ 940 م من إقطاع آبي بكر محمد من رائق الذي ولاه الراضي ولاية بغداد ولقبه أمير الأمراء وولاه الخراج في جميع بلاده وامر حتى يخطب له على جميع المنابر وقلد الراضي ابن رائق طريق الفرات وديار مضر وحران والرها وما جاورهما وجند قنسرين والعواصم وهوالذي يستوزر وكان ابن رائق قد اختار رجلين لقيادة الجيش أحدهما بدر الخرشني والثاني بجكم الديلمي.

كان في الرحبة من جهة ابن رائق في السنة 330 هـ رجل يدعى مسافر بن الحسن فلما اغتال أبا بكر بن رائق استولى مسافر على الناحية وجبى خراجها فسير ناصر الدولة علي بن خلف بن طياب ومعه عدل حاجب الأمير بجكم حاكم دمشق وهوأمير هجري إلى ديار مصر الشام التي كانت بيد ابن رائق وارسل طياب عدلا في جيش ليخرج / مسافر / عن الرحبة فلما سار إليها فارقها مسافر من غير قتال وملك عدل الحاجب البلد مع طريق افرات وقسما من الخابور / ابن الأثير / في العام 230 هـ 941 – 942 م 0 سار مسافر إلى قرقيسيا واخرج منها أصحاب عدل وملكها وبقي في الخابور ستة اشهر فجبى الأموال العظيمة وقوى وعاد إلى الرحبة فسار إليه الحسين بن حمدان واسره مع ابنه وسمل عدلا وسيرهما إلى بغداد بسبب خيانته فوصلاها في العشرين من شهر شعبان سنة 331 هـ 0 اختلفت على الرحبة أيدي أبناء ناصر الدولة الحمداني وكانوا يتقاتلون عليها فتقع تارة بيد آبي تغلب وأخرى بيد آبي البركات وفي السنة 356 هـ 969 م استولى أبوالبركات على الرحبة ثم استناب بها من يحفظها في طائفة من الجيش وعاد إلى الرقة.

وكان نجا غلام حمدان ونائبه بالرحبة اخذ جميع ماله بها وهرب إلى أصحاب آبي تغلب بحران فسار إليها حمدان من برية تدمر ودخلها وقتل رجال أخيه آبي البركات وسار في أثره حتى أدركه في بلدة عرابان على الخابور وقتله وعاد إلى الرحبة واتى أبوتغلب من حران وكبس أخاه حمدان بالرحبة فهرب واستولى أبوتغلب على الرحبة وحسبن أحوالها وعمر سورها ورجع إلى الموصل في ذي الحجة من العام 360 هـ 0 القرامطة في الرحبة مرة ثانية كان الإخشيديون حكام مصر والشام يحملون إلى القرامطة في الاحساء جميع سنة مالا ليدفعوا أذاهم عن حدود مملكتهم ولما استولى الفاطميون على مصر سيروا أحد قوادهم جعفر بن فلاح بن مروان الكتامي إلى فلسطين ومنها إلى دمشق لقتال الإخشيديين والاستيلاء على ما بأيديهم من المدن ولما استولى جعفر بن فلاح على دمشق انبتر المال عن القرامطة لقد أراد الإخشيديون حتى يستعينوا بالقرامطة لمحاربة الفاطميين في الشام ومصر واستعادتهما فمضى من رجال الإخشيديين محمد بن عصودا وظالم بن مرهوب العقيلي إلى الاحساء وحثا القرامطة على المسير إلى الشام فوافق ذلك منهم رغبة دفينة تجاوز حتى شرعوا بتطبيقها واليوم تهيأ لهم أنصار الإخشيديين والنافرين من الفاطميين الشيعيين فساروا ونزلوا على الكوفة وخطوا إلى الخليفة ببغداد وهم يفهمون مدى خوفه من الفاطميين الذين يريدون تقويض سلطان العباسيين والاستيلاء على بغداد وقد ملكوا دمشق فانفذ إليهم خزائن سلاح وخط لهم بأربعمائة ألف درهم على آبي تغلب عبد الله بن ناصر الدولة ابن حمدان من مال الرحبة وعندما هبط القرامطة على الرحبة أكرمهم أبوتغلب وبعث إلى آبي الحسن بن حمدان ابن آبي سعيد الجنابي المعروف بالاعصم كبيرهم يقول له ( هذا شيء أردت حتى أسير أنا فيه بنفسي ولكني مقيم في هذا الوضع إلى حتى يرد إلي خبرك فان احتجت إلى مسيري سرت إليك ). ونادى في عسكره من أراد السير من الجند الإخشيدية وغيرهم إلى الشام مع الحسن بن أمد فلا اعتراض لنا عليه وقد أذنا له في المسير والمعسكران واحد فخرج إلى القرامطة كثير من الإخشيدية الذين كانوا بمصر وفلسطين ودمشق ممن فر من جوهر الصقلي ومن جعفر بن فلاح 0 وكان جعفر بن فلاح لما اخذ طبرية بعث إلى آبي تغلب ابن حمدان حمدان بداع من النادىة الفاطميين ينطق له أبوطالب التنوخي يقول له : انا سائرون إليك فنقيم لنا الدعوة فلما قدم الداعي على آبي تغلب وهوبالموصل وأدى الرسالة نطق له : هذا ما لا يتم لانا في دهليز بغداد والعساكر منا قريبة ولكن إذا قربت عساكركم من هذه الديار أمكن ما ذكرته فانصرف الداعي بغير شيء.

ثم حتى الحسن بن احمد القرمطي سار عن الرحبة إلى حتى قرب من دمشق فخرج إليهم جعفر فقاتلهم قتالا كبيرا فانهزم أصحاب جعفر ووجد قتيلا وكانت هذه السقطة يوم الخميس لست خلون من ذي القعدة السنة 360 هـ فامتلأت أيدي القرامطة بما احتووا عليه من المال والسلاح ملكوا دمشق وورد الخبر بذلك إلى جوهر القائد في مصر فاستعد لحرب القرامطة الذين كانوا قد عادوا إلى الاحساء بعد حتى دقوا باب القاهرة في ربيع الأول 361 وفي ربيع الثاني 363 0 افتكين القائد الهجري العباسي في الرحبة كان أبومنصور افتكين الهجري الشرابي غلاما لمعز الدولة احمد بن بويه ولم يزل يترقى حتى عظم شانه في بغداد وغلب على عز الدولة باختيار بن معز الدولة بن بويه وسار افتكين إلى الرحبة في نحوأربعمائة رجل بطريقه إلى دمشق لإقامة الخطبة للخليفة العباسي الطائع بن المقتدر بويع له بالخلافة في ذي القعدة 363 هـ أغسطس 974 م وخلع في رجب سنة 381 هـ تشرين الأول السنة 991 م 0 وامد أبوالمعالي بن حمدان افتكين بجيش وتلقاه في منطقة حمص واكرم وفادته ومحرره أهل دمشق لكرههم المغاربة ودخل افتكين دمشق من غير حرب كما ولج بعلبك ونادى للطائع العباسي وقد استدعى افتكين القرامطة من الاحساء لمعاونته على قتال الفاطميين وإخراجهم من الشام ومن مصر فقدموا دمشق في السنة 365 ومعهم كثير من أعوان افتكين الذين شتت المعز البويهي ضمهم مع حتى القرامطة كانوا يقولون بأنهم من ممضى الفاطميين وبأنهم ينشرون الدعوة لهم 0 سار القرامطة وافتكين من دمشق إلى الرملة وانضم إليهم كثير من الإخشيديين وجرت معارك بين الطرفين كانت كفة القرامطة هي الراجحة وتفاقم خطر القرامطة وافتكين في الشام واستعصى أمرهما على الفاطميين ولم يتم القضاء عليهما إلا في عهد العزيز الفاطمي على يد جوهر الصقلي فقد سار جوهر بنفسه على راس جيش عظيم لقتال افتكين والقرامطة سنة 366 هـ وبعد معارك كاد افتكين حتى يقضي فيها على جوهر ويأسر جيشه حقق العزيز بكل الوسائل الفوز يوم الخميس 23 المحرم السنة 368 هـ وفر الحسن القرمطي وقبض على افتكين وارسل إلى العزيز في القاهرة وشفع به جوهر فعفى عنه العزيز وعاش مكرما في مصر حتى توفي في السنة 372 هـ 0 خرجت الرحبة من يد آبي تغلب بن حمدان في السنة 368 هـ - 978 م وخضت لسلطة عضد الدولة البويهي واستولى عليها أبوعلي بن ثمال الخافجي ولاه عليها الحاكم بأمر الله صاحب مصر 0 وفي عهد الخليفة القادر الذي بويع سنة 381 هـ وتوفي سنة 422 استولى على الرحبة بكجور الذي كان واليا على دمشق للعزيز بالله الفاطمي وفي السنة 378 هـ عزله عنها فتوجه إلى الرقة واستولى عليها وعلى الرحبة وجعل الرقة مقره وقتل واستولى سعد الدولة مالك حلب على أمواله بالرقة ومات سعد الدولة بعد ذلك فأوفد أهل الرحبة إلى بهاء الدولة البويهي ببغداد يطلبون إليه حتى ينفذ من يتسلم بلدهم فانفذ إليهم أميرا تسلمها.

انتقلت البلاد إلى حوزة الفاطميين وصار يخطب لهم بالرقة والرحبة إلا حتى سلطانهم كان اسميا والنفوذ إلى رؤساء القبائل المضرية وكان هؤلاء يتطاحنون فقد اغتال عيسى بن خلاط العقيلي السنة 399 على بن ثمال الخفاجي واستولى على الرحبة واقام فيها مدة وقصده بدران بن المقلد العقيلي فأخذها منه فأمر الحاكم بأمر الله الفاطمي نائبه بدمشق لؤلؤ البشاري بالمسير إليه فقصد الرقة أولا وملكها ثم سار إلى الرحبة وملكها وعاد إلى دمشق وعادت الرحبة إلى سلطان الفاطميين.

لقد كان مسقطها يهم الفاطميين لتحكمها بطريق الفرات المؤدي إلى بغداد والفاطميون منذ حتى اتىوا إلى مصر فكروا بالاستيلاء على بغداد والقضاء على الدولة العباسية السنية ونشر ممضىهم الفاطمي في العراق وكانت الرحبة موضع انطلاقهم إلى العراق.

كان بالرحبة رجل من أهلها يعهد بابن محكان ملك البلد واحتاج إلى من يستعين به على رد من يطمع فيه فمحرر صالح بن مرداس الكلابي في الحلة فقدم إليه واقام عنده مدة وتزوج ابنة ابن محكان وضم ابن محكان عانه إليه ولكن أهلها خرجوا عليه فسار ابن محكان وصالح إلى عانه وكان اكثر مقام صالح في الحلة فبعث من اغتال ابن محكان وسار إلى الرحبة فملكها في السنة 415 هـ ثم ملك منبج وبالس ثم ملك حمص وبعلبك وأسس الدولة المرداسية بحلب والتي استمرت إلى السنة 472 ملك من بعلبك إلى عانه وكان يدعوا للفاطميين بمصر بقيت الرحبة بيد أبنائه تنتقل من يد أحدهم إلى الآخر تارة بالقتال فيما بينهم وتارة بالاتفاق كما كان حالها مع الحمدانيين 0 فكانت في السنة 412 هـ إلى معز الدولة أبوعلوان ثمال بن صالح المرادسي وكان البساسيري اتخذ الرحبة مقرا له بموافقة المرداسيين ووضع فيها أمواله وسلاحه فلما اغتال سنة 451 هـ سار الأمير أسد الدولة أبوذؤابة عطية بن صالح من بالس إلى الرحبة فيمن جمعه وحشده ولم يزل نازلا عليها ومضايقا لأهلها ومراسلا لهم إلى حتى سلمت إليه في صفر السنة 450 هـ / ابن القلانسي – والنجوم الزاهرة /.

ولي معز الدولة بن صالح وزارته في السنة 442 هـ رجلا من أهل الرحبة ينطق له أبوالفضل إبراهيم بن عبد الكريم بن الانباري ولقبه الثقة الكافي وكان رجلا حسن السياسة وفي السنة 447 هـ ولى معز الدولة المذكور سديد الدولة أبا القاسم هبة الله بن محمد الرعباني الرحبي / ابن العديم – تاريخ حلب / 0 انتهى أمر المرداسيين على يد الدولة العقيلية في الموصل في عهد خليفة بغداد القادر بن المقتدر بويع بالخلافة في رمضان السنة 381 هـ / تشرين الأول 974 م / 0


الهامش

  1. ^ "الغاء ناحية الرحبة واحداث ناحية خان الحماد". القوانين والتشريعات العراقية.
تاريخ النشر: 2020-06-04 18:03:26
التصنيفات: كربلاء

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

سوق اهراس: الإعدام لقاتل والد زوجته و ابن خالها بالخضارة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 55%

اصابة شخصين في انفجار قارورة غاز داخل شقة ببلدية جيملة بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 64%

بركة يكشف عن مخطط الحكومة لتكثيف محطات تحلية مياه البحر

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:56
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 55%

أمير الشرقية يهنئ القيادة بمناسبة حلول شهر رمضان 

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:31
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

النصر يفاجئ حمدالله والاتحاد

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:27
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 76%

انتشال جثة شاب يشتبه في تعرضه  للقتل ببلدية أولاد يحيى بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:40
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 53%

اجتماع اللجنة الوطنية للأهلة سهرة هذا الجمعة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:45
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

السعودية تعلن غدا السبت أول أيام شهر رمضان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:24:14
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 56%

السعودية تعلن غدا السبت أول أيام شهر رمضان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:24:11
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

نائب أمير الشرقية يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة شهر رمضان 

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 59%

المحكمة العليا: غداً السبت غرة شهر رمضان المبارك

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:27
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

رؤية الهلال في سدير وتمير وغداً اليوم الأول لرمضان

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:28
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

دراستان جديدتان تشيران إلى حماية كبيرة توفرها "المناعة الهجينة" ضد كوفيد-19

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-01 18:23:25
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 73%

تحميل تطبيق المنصة العربية