القرين (رواية دوستويڤسكي)
القرين (بالروسية: Двойник, Dvoynik؛ بالإنگليزية: The Double) هي رواية قصيرة خطها فيودور دوستويڤسكي. وقد نُشرت لأول مرة في 30 يناير 1846 في مذكرات الوطن. وقد عـُدِّلت لاحقاً وأعاد دوستويڤسكي نشرها في 1866.
استعراض إبراهيم العريس
كانت رواية «القرين» (أو«المثل» أو«الشبيه» في بعض الترجمات) ثاني رواية طويلة بعض الشيء يخطها دوستويفسكي، بعد روايته الأولى «الفقراء». يومها، ما إذا صدرت هذه الرواية، حتى استقبلها كثر بازدراء، ونطق البعض إنها تأتي لتؤكد ما كانوا نطقوه من حتى هذا المحرر الجديد الشاب غير موهوب، فيما نطق البعض الآخر ان دوستويفسكي «تراجع فيها عن مستوى واعد كان وصله في الرواية السابقة». وحده بيلنسكي، يومها، من بين النقاد الكبار جميعاً، أثنى على «القرين» قائلاً في خلاصة منطق تقريظي عنها، إنه يرى فيها «من الموهبة الخلاقة ومن عمق الفكر» ما لم يُلحظ مثله في أي عمل سابق لدوستويفسكي أولأي من أبناء جيله، خاتماً كلامه بأن «كتّاباً كثراً سيظهرون خلال حياة دوستويفسكي يعارضونه أوينافسونه، لكنها ستكون مواهب يطويها النسيان بسرعة... أما موهبة دوستويفسكي فستظل متربعة ذروة المجد». ونعهد اليوم ان بيلنسكي كان على حق في ما مضى اليه، حتى وإن كان دوستويفسكي قد خط بعد «القرين» كثيراً من الأعمال التي جعلت هذه الرواية ثانوية الأهمية، على فرادتها. وسيقول دوستويفسكي نفسه عن «القرين» لاحقاً (في «يوميات محرر» - 1877): «أنا لم أُوفّق جميع التوفيق في هذه الرواية، ولكن فكرتها تبدولي واضحة وضوحاً تاماً، بحيث لا أحسب أنني أضفت الى الأدب فكرة أكبر منها خطراً وأعلى شأناً... جميع ما في الأمر أنني لم أوفق في العثور على شكل يضاهي هذه الفكرة». وهنا أيضاً يمكننا حتى نوافق دوستويفسكي على كلامه، لكننا إذا نحن بحّرنا في تاريخ الأدب منذ ذلك الحين سنرَى كم مرة حوكيت فيها هذه الرواية، وكم «شبيهاً» و»مثلاً» و»قريناً» أبدع الكتاب خلال قرن ونصف القرن من بعدها.
خط دوستويفسكي «القرين» اذاً في العام 1845 لينشرها في العام التالي، وكان لا يزال في منتصف العشرينات من عمره... ولا بأس من حتى نشير هنا، ومنذ الآن، الى حتى الرواية حين نشرت لم تحقق سوى فشل ذريع في صفوف القراء العاديين، من الذين لاحظوا للوهلة الأولى حتى «حبكتها غير منطقية يشوبها كثير من الإرتباك». وقد كان على «القرين» حتى تنتظر زمناً طويلاً قبل حتى تستعيد مكانة تستحقها، على رغم جميع الحماسة التي أبداها بيلنسكي. ولعل العامل الرئيس الذي أعاد الاعتبار، لاحقاً، الى الرواية، كان ان القراء، اذ راحوا يقرأون روايات دوستويفسكي التالية تباعاً، بدأوا يكتشفون، بدهشة، حتى «القرين» تحمل مسبقاً وفي أشكال جنينية، عمق التحليل السيكولوجي الذي صار المحرر من متقنيه الكبار، ناهيك بالليونة التعبيرية التي أضحت علامة على أدبه. ومن هنا، انطلاقاً من مثل هذه الملاحظات، أعيد اكتشاف الحبكة والرواية ككل لتحتل مكانتها كما أشرنا. فعمّ تتحدث الحبكة؟
تتحدث، في بساطة تلوح تدريجياً، عن إنسان يدعى غوليادكين، كان في الأصل غير متوازن يعاني من بعض المشكلات النفسية والعقلية، لكنه هنا، حين تبدأ الرواية، نراه يتعرض الى مزيد من الظروف السيئة التي تحوّل عدم توازنه النسبي، الى فقدان تام للعقل أوهذا، على الأقل، ما يقرره الأطباء الذين ينتهي بهم الأمر الى وضعه في مصح عقلي بوصفه مجنوناً حقيقياً. وفي الرواية، منذ صفحاتها الأولى، وحتى سطورها الأخيرة يظل المحرر مرافقاً «بطله» لا يهجره ولوللحظة، وكل همه حتى يرصد جنونه وتطوره. وهذا التطور يصفه دوستويفسكي منذ السطور الأولى حين يستيقظ غوليادكين فيتثاءب ويتمطى قبل حتى يفتح عينيه، لكنه يظل «مستلقياً على فراشه دقيقتين ساكناً لا يتحرك وكأنه لا يفهم فهم اليقين أهواستيقظ حقاً أم هولا يزال نائماً، ولا يفهم فهم اليقين، أكلُّ ما يراه حوله هوجزء من العالم الواقعي، أم هوامتداد الرؤى المضطربة التي رآها في حلم»، وصولاً الى السطور الأخيرة، حين يحاول غوليادكين حتى يحتج على حكم طبيبه القاسي عليه قائلاً: «... أنا لم أصنع شيئاً... يخيل اليّ أن...» فيقاطعه الطبيب: «سيكون لك حق في مسكن بالمجان، مع تدفئة وإضاءة وخدمة، مع ذلك كله لست جديراً به ولا أنت تستحقه»... ويكون الختام: «دوّى جواب الطبيب القاسي في أذني بطلنا دويّ حكم لا رحمة فيه. وأطلق السيد غوليادكين صرخة، وأمسك رأسه بين يديه. واأسفاه! لقد تنبأ بهذا كله منذ زمن طويل...». اذاً، بين مشهد البداية ذاك، ومشهد النهاية هذا، موضوع دوستويفسكي الأحداث التي يعيشها غوليادكين مخضعاً إياه الى رقابة عن كثب... ولا سيما حين يقرر غوليادكين بداية حتى من الأفضل له حتى يستشير طبيباً... واذ يعمل يتناقش مع هذا بعمق وغايته حتى يؤكد لنفسه قبل حتى يؤكد للآخرين حتى وضعه طبيعي. بعد ذلك يتجه البطل الى منزل رفيق عمل له يقيم حفلاً راقصاً... وكان مراده حتى يحيي ابنة زميله التي يقام الحفل من أجلها. فهوبعد جميع شيء يحب هذه الفتاة. لكن المجتمعين بالبيت كانوا قد فهموا بحالته العقلية لذلك يرفضون استقباله رفضاً قاطعاً، ما يزيد من خطورة حاله، فيقرر حتى يتسلل الى البيت ليشارك، على طريقته، في الحفل. كيف،يا ترى؟ عبر اقتراف جميع أنواع التصرفات الغربية، مهيناً هذا، ضارباً ذاك، ساكباً الشراب على الأرض متفوهاً بما لم يكن يتسقطه، هونفسه، من عبارات. وتكون النتيجة حتى يُطرد من البيت ومن الحفل طرداً. وهنا يزداد هذيانه، لتتحول جميع خيالاته الآن الى واقع حي يعيشه. وفي مقدم ذلك التقاؤه بقرينه: أي بالسيد غوليادكين الآخر، الذي يشبهه تماماً ويحمل اسمه ويعيش الى جانبه. والأدهى من هذا ان غوليادكين الآخر، الذي لم تخترعه سوى مخيلة غوليادكين الأصلي، يصبح هوالذي يرتكب جميع الموبقات والتصرفات السيئة، التي يمكن لبطلنا الحقيقي حتى يشعر انه منها براء تماماً. واذ يحس هنا ان غوليادكين الآخر قد «زادها» الى حد لا يطاق، لا يجد مفراً من حتى يدعوه الى المبارزة... اذ صار كابوساً حقيقياً في حياته وشعر بأن الأوان قد حان للتخلص منه كلياً، بعد حتى بات الآخر يرافقه في جميع خطواته. فإذا ولج دكاناً لبيع الحلوى يبدأ الآخر في تناول بتر الكاتوه والتهامها والناس يعتقدون حتى «الأصلي» هوالذي يعمل ذلك... ثم اذ يهرب «الأصلي» راكضاً في الشارع، يجد «الآخر» يتبعه كظله مهدداً متوعداً. وفي نهاية الأمر يحدث ما كان لا بد له حتى يحدث: يصار الى القبض على غوليادكين الحقيقي، ويساق الى المصح العقلي. وحتى هناك، لن يمكنه الإفلات من ذلك الظل الثقيل، اذ يجده في رفقته داخل العربة التي تقله الى المصح... وهنا تحدث المعجزة: يختفي القرين تحت العربة...
لن نطيل هنا في التوقف عند الأحداث المتتالية اذ انها كلها تأتي شبيهة ببعضها البعض، مع فارق أساس يكمن في ان حال غوليادكين الأصلي تتطور من سيء الى أسوأ بين مشهد وآخر، تحت قلم دوستويفسكي الذي راح يرسم صورته في حركة تصاعدية كشفت مبكراً عن نزعة واقعية سيكولوجية وصلت الى الذروة ممزوجة بمشاعر المحرر التي راحت تتراوح بين الشعور بالرهبة والشعور بالشفقة في آن معاً... ولسوف يتوقف النقاد - وفهماء النفس - طويلاً لاحقاً عند إبداع دوستويفسكي في التسلل الى داخل الشخصية ووصف تحولاتها، الى درجة يمكن معها القول ان هذا التسلل كان هوالذي أضفى على «القرين» قيمتها الكبرى.
كما أشرنا كان فيودور دوستويفسكي (1821 - 1881) حين خط «القرين» في بداية شبابه ومساره المهني... لذلك نجده اذ نشرت الرواية وقوبلت بسلبية، يشعر بمرارة شديدة من جراء ذلك. ولقد دفعه هذا، لاحقاً وبعد عودته من سيبيريا الى محاولة إعادة كتابتها، لكن وقته لم يسمح له بإنجاز تلك المحاولة، لذلك حين أعاد نشرها من حديث في العام 1865 عاد ونشرها، كما هي، مع بعض التعديلات الطفيفة، بعد حتى كانت نيته حتى يجعل من غوليادكين واحداً من أنصار الإشتراكية منتمياً الى فكر فورييه والى تنظيم بتراشفسكي المتطرف ليقود الثورة... ما كان من شأنه حتى يضفي على العمل بعض إمارات السيرة الذاتية لأن دوستويفسكي كان هكذا، قبل سيبيريا.
التحويلات
السيرة تحولت إلى مسرحية إنگليزية بنفس العنوان، والتي تحولت لاحقاً إلى فيلم بنفس العنوان في 2013، بطولة جسي آيزنبرگ.
الهامش
Constructs such as ibid. وloc. cit. غير محبذين في مرشد أسلوب الفهم for footnotes, as they are easily broken. Please improve this article by replacing them with named references (quick guide), أوعنوان مختصر. |
نطقب:Mirsky
- ^ Mochulsky, Konstantin (1973) [First published 1967]. . Trans. Minihan, Michael A. Princeton: Princeton University Press. p. 46. ISBN .
- ^ Harden, Evelyn J. "Translator's Introduction." Introduction. The Double: Two Versions. Ann Arbor, MI: Ardis, 1985. Ix-Xxxvi. Print.
وصلات خارجية
- in English
- in the original Russian
- نطقب:Librivox book