حادث 31 مارس (بالهجرية: 31 Mart Vakası أوحادث 31 مارت)، هوتمرد وقع في 1909 من أنصار السلطان عبد الحميد الثاني في اسطنبول ضد الانقلاب العثماني المضاد الذي وقع في مارس.

رأى الاتحاديون ضرورة التخلص من السلطان عبد الحميد وإسقاط حكمه، واتفقت هذه الرغبة مع رغبة الدول الأوروبية الكبرى خاصة بريطانيا التي رأت في ذلك المستوى الأولى لتمزيق الإمبراطورية العثمانية، وشعر اليهود والأرمن أنهم اقتربوا كثيرًا من أهدافهم؛ لذلك كانت أحداث 31 مارس؛ حيث وقع اضطراب كبير في إستانبول اغتال فيه بعض جنود الاتحاد والترقي.

مقدمة

لم تتعرض أي دولة من الدول في العالم إلى ما تعرضت له الدولة العثمانية من تشويه لسمعتها وإساءة لسلاطينها واستهانة بحضارتها وتقليل من شأنها.. رغم أنها عاشت ستة قرون متواصلة وغطت ممتلكاتها مساحات شاسعة وتوزعت على القارات الثلاث: آسيا وأوربا وأفريقيا، وتنوع نسيج سكانها من حيث الدين والممضى والعرق، وتوفر لها من القوة بحيث أصبحت جميع الكيانات السياسية المحيطة بها تهابها وتحسب لها ألف حساب.. وشأنها شأن أي دولة لم يكن بوسعها حتى تعيش إلى الأبد، إلا حتى عدها التنازلي كان بطيئاً جداً، لأنها كانت تتفنن في مواكبة الظروف المحيطة بها، بل كانت تتغيّر وتتطور وفق متطلبات جميع ظرف من هذه الظروف رغم سعي قوى عديدة ظاهرة أوخفية للنيل منها. ومن هذه القوى الخفية اليهود أوبالأحرى يهود الدونمة الذين نجحوا في تدمير الدولة سياسياً بعد حتى عجزت قوى أخرى تدميرها عسكرياً. نجح هؤلاء اليهود وهم يتنكرون بزي الأتراك المسلمين في إثارة الرأي العام غير الهجري من رعايا الدولة ضدها مستخدمة النعرات الطائفية والعنصرية وسلاحها الفتّاك: "سياسية التتريك".. ورب سائل يسأل: وما مصلحة اليهود في ذلك،يا ترى؟ وهل يحق لنا حتى نشير أصبع الاتهام إلى اليهود فيما يلحق بنا من مصائب،يا ترى؟ ولكن بغض النظر عن هذه التساؤلات فان لليهود أكثر من مصلحة في ذلك، وهذه المصالح تكمن في محاولتهم لإقامة كيان سياسي لهم في فلسطين التي كانت جزءاً من الدولة العثمانية وسعيهم الحثيث لإقناع السلطان عبد الحميد الثاني بالموافقة على استيطانهم في أراضي فلسطين، إلا حتى السلطان كان يدرك ما يخطط له اليهود، فوقف بالمرصاد وبكل ما أوتي من قوة بوجه مخططاتهم.. وبقية السيرة معروفة لمعظم القراء..

لا شك في حتى جمعية الاتحاد والترقي هي التي أطاحت بالسلطان عبد الحميد إذ نجحت في البداية في إعلان القانون الأساسي أي الدستور، وتقييد سلطة السلطان. غير حتى هذا الإعلان أصبح له رد عمل عكسي وزاد من محبة الأهالي وتعلقهم بالسلطان عبد الحميد. وقد سعى الأوربيون إلى جانب اليهود إلى إزالة هذا العائق لمخططاتهم وربما (البعبع) في نظرهم وذلك باللجوء إلى أساليب مختلفة، إلى حتى تمكنوا من تحقيق غايتهم بالواقعة المشهورة تحت اسم "واقعة 31 مارس الرومية" والتي تصادف 13 نيسان 1909 حيث أطاحوا بالسلطان الكبير الذي نجح في إدامة (الرجل المريض) على مدى ثلاث وثلاثين سنة.

وبعد وصول الاتحاديين إلى الحكم سعوا إلى التحكم بمقدرات الدولة بشكل كبير، والتحرك ضد رغبات السلطان رغم انه أُبعد عن التدخل في شؤون السلطة التطبيقية. وكان أعضاء مجلس الأعيان من غير المسلمين وعملائهم يخططون لتدمير الدولة، فنراهم يشغلون المجلس بمسائل ثانوية ويهجرون المسائل الحقيقية للبلاد في وقت أصبح جميع أنواع الرذالة مباحا باسم الحرية. وكان الاتحاديون يقومون بأعمال منافية للشرع الشريف. وكان الأهالي واعين بما يجري ويدركون ما يخطط ضد البلاد، ولكنهم كانوا مقيدي الأيدي لا حول لهم ولا قوة فساد التذمر والاستياء بينهم، وولّد هذا حقدا وكراهية عندهم تجاه الاتحاديين. وسادت فوضى عارمة في مركز الدولة وارتكبت جرائم في الأزقة من قبل فاعلين مجهولين. إلى حتى بدأ العصيان ضد الاتحاديين الذين لم يتأخروا في قمعه بالقوة. ورأى الاتحاديون حتى بقاء السلطان عبد الحميد على رأس السلطة رغم تقييد صلاحياته يشكل خطرا كبيرا عليهم، لأنه ما زال يعتبر في نظر الأهالي الخليفة والسلطان وبالتالي رمز الدولة، فعملوا على خلعه ونفيه من استانبول.

والحقيقة إذا جميع هذه الحقائق غير خافية أيضا لمعظم القراء، ولكن ما غير معروف لمعظم القراء والكثير من الباحثين هودور اليهود في جميع هذه الأحداث أوبالأحرى دورهم في جمعية الاتحاد والترقي،يا ترى؟ ورب من يدعي إننا نسعى جزافا إلى زج اليهود في هذه المسألة وتحميلهم مسؤولية ما جرى والمصيبة التي حلّت بالدولة العثمانية الإسلامية. ولكي نبتر الشك باليقين نهجر الإجابة عن هذا السؤال إلى شاهد عّيان أجنبي عاش الأحداث مع أبطالها في وقتها، وهوالسير ج. لوثر السفير الانكليزي في الدولة العثمانية في أواخر عهد السلطان عبد الحميد، ففي تقريره السري الذي أوفده في 29 أيار 1910م إلى وزير الخارجية الانكليزي السير هاردنك كشف النقاب عن كيفية قيام اليهود الدونمة وعملائهم الاتحاديين الماسون بتدمير الدولة العثمانية. ونحاول هنا الإحاطة بما اتى في هذا التقرير الخطير:

"أن إمانويل قراصوEmmanuel Carasso وهومن يهود مدينة سلانيك انتخب عضوا في مجلس المبعوثان (النواب) وكان قد أسس هناك محفلا تابعاً للماسونية الايطالية تحت اسم "مقدونيا ريسورتا"، وكان يتظاهر بأنه يعمل من اجل إخداع جواسيس السلطان عبد الحميد، ولكنه كان يسعى إلى حث أعضاء هجريا الفتاة (وهي الجمعية التي تأسست في باريس ضد حكم عبد الحميد) للانتساب إلى الماسونية، وذلك من اجل زيادة التأثير اليهودي في الدولة العثمانية.

نجح قراصوفي استحصال الموافقة من الحكومة على عقد اجتماعات أعضاء محفله في بيته [متذرعاَ بذريعة من الذرائع]. والمعروف حتى الحركة التي انطلقت من سلانيك مستهدفة السلطان عبد الحميد هي في الأساس يهودية، والشعارات التي حملها الاتحاديون أي : الحرية – المساواة – الأخوة استمدوها من الماسونيين الايطاليين. وبعد شهر تموز من سنة 1908 بمدة قصيرة استقر أعضاء الجمعية بالكامل في استانبول، وأشيع حينها حتى معظم أعضائها الرئيسيين ينتسبون إلى الماسونية.

الانقلاب على السلطان عبد الحميد

كان قراصويلعب دوراً سياسيا وقياديا مهماً، فقد تحكم بفرع الجمعية في البلقان، وغدا اليهود المحليون والأجانب يدعمون الحكومة الجديدة (حكومة الاتحاد والترقي) بحماس شديد حتى نطق احد الأتراك: حتى الجميع تمّ تجنيدهم للتجسس لصالح الجمعية العبرانية/ اليهودية، وان الانقلاب بدا وكأنه تحقق لصالح اليهود أكثر من الأتراك. وشدد السفير الانكليزي على حتى المسلمين يكنون كراهية شديدة نحوالماسونية ويعدونها أسوأ من الإلحاد، ولا يمكن إنكار دور هذا العنصر في 13 نيسان 1909 [حيث عزل السلطان عبد الحميد].

ومما يلفت النظر هنا حتى الصدر الأعظم تام باشا حاول إعادة الأفواج العسكرية الأربعة التي استقدمت من سلانيك إلى استانبول [لقمع العصيان الذي وقع في استانبول ضد الاتحاديين بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد]، إلا انه اخفق بعد حتى حمل منتسبوهذه الأفواج لواء العصيان عليه. وكان على رأس هذه الأفواج الماسوني اليهودي كريبتوأي رسمي بك، وكان ينبغي تقديمه إلى المحاكمة بسبب عصيان الجنود الذين كانوا تحت إمرته وما بدر منهم من تصرفات، ولكن على العكس من ذلك تمّ تكريمه بان عّين مرافقاً للسلطان محمد رشاد. [الأمر الذي يشير على حتى الدولة سقطت بأيدي لاعبين جدد أصبحوا حكام البلاد لا سلطة لرئيس الوزراء عليهم.]

بعد إنزال السلطان عبد الحميد من عرشه استبشرت الصحف اليهودية الصادرة في سلانيك ونشرت منطقات متنوعة عنه وهي تبتهج بسبب تخلص اليهود "من السلطان الذي سحق إسرائيل"، وذلك لان السلطان عبد الحميد رفض مرتين طلب الصهيوني تيودور هرتزل بتزويد اليهود بجواز سفر احمر، وحال دون تحقيق آمالهم وطموحاتهم الصهيونية في فلسطين. وبعد إنزال السلطان عبد الحميد من العرش احتفى المؤتمر الصهيوني التاسع الذي عقد في هامبورك بـ "معجزة الثورة الهجرية " لكونها وليدة النجاح اليهودي.

وهيمن اليهود أوممن ينتسبون إلى المحفل الماسوني على الوظائف الحساسة في الدولة العثمانية منهم اليهودي جاويد بك الذي كان نائباً في مجلس المبعوثان عن سلانيك وعّين وزيراً للداخلية، كما حتى الصدر الأعظم/ رئيس الوزراء حلمي باشا قدم طلباً للانتساب إلى الماسونية وان معظم الضباط الذين تولوا المحاكم العسكرية كانوا ماسونيين.

بعد حركة 31 مارس أعربت الإدارة العهدية في الدولة العثمانية لمدة سنتين، وصدر قانون صارم للصحافة من قبل مجلس الأعيان، ونصب احد اليهود وهومن سلانيك مديراً لدائرة الصحافة. وكانت هذه الدائرة من الدوائر المهمة في الدولة، لان الذي يدير هذه الدائرة كان بوسعه إغلاق أي جريدة بذريعة نقد النظام الجديد متهماً إياها بأنها رجعية، ويتمكن في الوقت نفسه من إحالة صاحب امتياز الجريدة أورئيس تحريرها إلى المحكمة العسكرية.

الدولة تقع بأيدي الماسونيين

هيمن الماسونيون على مرافق الدولة الحساسة فعيّن احد يهود بغداد على وكالة التلغراف العثماني، ونصب يهودي من سلانيك مستشاراً لوزارة العدل. وكان رئيس جمعية الاتحاد والترقي في استانبول يهودياً وماسونياً وهومن سلانيك أيضا، كما نصب يهودي وماسوني من سلانيك رئيساً للبلدية وأصبح الماسوني المصري الأمير حليم باشا مساعداً له، كما عّين يهودي وماسوني من نفس المدينة على رأس الهيئة المشرفة على الشرطة والجندرمة والتي حلّت محل تشكيلات الشرطة السابقة.

ومما يلفت النظر هنا حتى الماسونية بدأت بافتتاح فروع لمحافلها في جميع مكان من مقدونيا وممتلكات الدولة الأخرى، فخلال اقل من سنة افتتحت اثني عشر محفلاً في استانبول وحدها.

وكان الاتحاديون يدّعون بان سرية محافلهم ما هي إلا "مكشوفة"، وهذه السرية كانت تساعدهم على مواصلة فعالياتهم والمحافظة على مواقعهم، وكانوا يرون أنهم بانتسابهم إلى الماسونية سيتمكنون من حل المسائل الوطنية الكبيرة لصالح هجريا. وبهذا فإنهم يعدون جزءاً من السياسة العالمية...

التسابق للانتساب إلى الماسونية

بدأ أعضاء جدد بالانتساب إلى المحفل الانجليزي القديم La Turquıe وبهذا كان يتم تصورهم بأنهم انتسبوا إلى منظمة انكليزية، وكانوا يذكرون بان ملك انكلترة يدعم هذا المحفل. وكان الاتحاديون يعرضون على الضباط الشباب في الجيش بالانخراط في المحفل الماسوني وذلك بغية المحافظة على نفوذهم في الجيش. وكان هؤلاء الضباط ينخرطون في "محفل رسنه" الماسوني الذي استمد اسمه من مسقط رأس نيازي المقدوني. أما معظم أعضاء مجلس المبعوثان والأعيان فكانوا ينتسبون إلى محفل القسطنطينية الذي كان يضم طلعت بك وزير الداخلية وجاويد بك وزير المالية. وكان جميع فروع المحافل الماسونية في استانبول وغيرها من الأماكن تتم إدارتها من قبل اليهود حصرا في سلانيك ومقدونيا ومرتبطة بشبكة ماسونية." .

الأحداث

الآثار

وعلى إثر ذلك اتىت قوات موالية للاتحاد والترقي من سلانيك، ونقلت إلى إستانبول، وانضمت إليها بعض العصابات البلغارية والصربية، وادعت هذه القوات أنها اتىت لتنقذ السلطان من عصاة إستانبول، وأراد قادة الجيش الأول الموالي للسلطان عبد الحميد منع هذه القوات من دخول إستانبول والقضاء عليها إلا حتى السلطان رفض ذلك، وأخذ القسم من قائد الجيش الأول بعدم استخدام السلاح ضدهم؛ فدخلت هذه القوات إستانبول بقيادة محمود شوكت باشا وأعربت الأحكام العهدية، وسطوا على قصر السلطان وحاولوا الحصول على فتوى من مفتي الدولة بخلع السلطان لكنه رفض، فحصلوا على فتوى بتهديد السلاح.

واتهم المتآمرون الثائرون السلطان بأنه وراء حادث 31 مارس، وأنه أحرق المصاحف، وأنه حرّض المسلمين على قتال بعضهم بعضًا، وهي انادىءات كاذبة كان هدفها خلع السلطان عبد الحميد، وأعربوا عزله.

ندب الثائرون أربعة موظفين لتبليغ السلطان بقرار العزل، وهم: يهودي وأرمني وألباني وجرجي، إلى غير ذلك أخذ اليهود والأرمن ثأرهم من عبد الحميد الثاني. واعترف الاتحاديون بعد ذلك بأنهم أخطئوا في انتخابهم لهذه الهيئة.

تنازل السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش لأخيه محمد رشاد في (6 ربيع آخر 1327 هـ = 27 إبريل 1909م)، وانتقل مع 38 شخصًا من حاشيته إلى سلانيك بطريقة مهينة ليقيم في المدينة ذات الطابع اليهودي في قصر يمتلكه يهودي بعدما صودرت جميع أملاكه وأمواله، وقضى في قصره بسلانيك سنوات مفجعة تحت رقابة شديدة جدًا، ولم يسمح له حتى بقراءة الصحف.

ذكرى

المصادر

• Şeriatçı bir ayaklanma (A fundamentalist uprising) by Sina Akşin with particular emphasis on British involvement.