عدوان 29 أيار 1945
نضال9 |
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا الموضوع |
عدوان 29 أيار 1945 في تمام الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر يوم 29 أيار 1945، وجه الجنرال روجيه إنذاراً إلى رئيس المجلس النيابي يهدده فيه بانتقام فرنسا من المواطنين السوريين الذين يعتدون على الجنود الفرنسيين، ويطلب إليه حتى تقوم قوات الشرطة والدرك السورية المرابطة حول المجلس بتحية الفهم الفرنسي عند إنزاله في المساء عن دار أركان الحرب الفرنسية اللقاءة للمجلس. وكان عدد قليل من النواب قد جاؤوا لحضور جلسة البرلمان ولما لم يكتمل النصاب طلب رئيس المجلس النيابي سعد الله الجابري من النواب الانصراف، وقد ألغيت جلسة مجلس النواب في تمام الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم نفسه، وكذلك انصرف الوزراء الذين حضروا إلى المجلس.
وعقدت الحكومة الوطنية اجتماعاً سرياً طارئاً في منزل أحد الوزراء لبحث الوضع، بعد حتى طوقت المصفحات الفرنسية دار الحكومة والمجلس النيابي، وكانت حشود من جماهير دمشق قد خرجت إلى الشوارع للإعراب عن غضبها على التصرفات الفرنسية في محاولة لفك الحصار عن المجلس النيابي، فوجدت نفسها في لقاءة القوات الفرنسية.
وقد رفضت حامية مبنى المجلس النيابي (البرلمان) أداء التحية للفهم الفرنسي أثناء إنزاله من على ساريته في دار الأركان الفرنسية الذي يقع في لقاء مبنى المجلس، بعد حتى تلقى قائدهم مفوض الشرطة سعيد القهوجي أمراً بالرفض من رئيس المجلس النيابي سعد الله الجابري، فاتخذ الفرنسيون ذلك ذريعة لمهاجمة حامية البرلمان، مستخدمين قوات السنغال، المزودة بالأسلحة الفتاكة من مدافع هاون ورشاشات كبيرة وصغيرة ودبابات ومصفحات.
في تمام الساعة السادسة وخمسين دقيقة فتح جنود الحامية الفرنسية المرابطون في شارع النصر النار على المواطنين الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية، وفي نفس اللحظة دوى صوت القنابل وطلقات الرصاص وهي تنطلق من دار الأركان الفرنسية تجاه البرلمان، ولم يطل الوقت حتى كانت جميع المراكز الفرنسية في دمشق تشارك في إطلاق الرصاص والقنابل، فيما تقدمت المدرعات الفرنسية لتوجه نيرانها باتجاه مبنى البرلمان بكامل قوتها، بينما استحكم رجال الدرك السوري ورجال الشرطة المولجون بالدفاع عن البرلمان وراء متاريسهم، وشرعوا في مقاومة ضارية لوقف تقدم القوات الفرنسية، معتمدين على أسلحتهم المتواضعة، رافضين الاستسلام لقوات المستعمر، ومدفوعين بحب الوطن والدفاع عن عزته وكرامته، ولم يمر وقتاً طويلاً حتى أخذت ذخيرة المقاومين تنفذ، والخسائر بين صفوفهم تزداد، وهم يقاتلون في لقاءة آلة عسكرية تفوقهم قدرة على نحوكبير، واستمروا بالقتال حتى نفذت ذخيرتهم، عندها اقتحمت القوات الفرنسية مبنى البرلمان لتنفذ أبشع جرائمها الوحشية، بتمزيق أجساد الناجين من المقاومين بالسواطير والحراب، والتمثيل بجثث من استشهدوا، ومن بين المدافعين الذين كان عددهم ثلاثين مقاوماً، استشهد ثمانية وعشرون، وبقي اثنان من عناصر أمن المجلس النيابي، هما شهير الشراباتي (ورد في بعض المراجع باسم شهير الترياقي أوالشراياتي) وإحسان بهاء الدين اللذان استطاعا الفرار والنجاة من الموت المحقق بأعجوبة، بالإضافة إلى الشرطيين إبراهيم الشلاح ومحمد مدور، اللذين تظاهرا بالموت بعد حتى رميا نفسيهما بين القتلى، ليصبحا الشهيدين الحيّين، وليرويا فيما بعد وقائع هذه المجزرة الرهيبة، (كما يذكر أبناء عائلة برنية حتى شقيق الشهيد عبد النبي برنية – محمد برنية - كان موجوداً وتعرض لنفس المعاملة، ولكن الله خط له النجاة وأصبح مختاراً لحي برنية فيما بعد). وقد تم التمثيل بأجساد الشهداء أشنع تمثيل وقد شوهدت بعض الجثث بلا آذان وبعضها مبترة الأيدي وبعضها مفقودة العينين كما شوهدت آثار السواطير على أجسامهم بشكل تقشعر له الأبدان.