أسباب قيام الثورة الفرنسية

عودة للموسوعة

أسباب قيام الثورة الفرنسية

فيلسوف التنوير ڤولتير.

أسباب قيام الثورة الفرنسية يمكن إعزاؤها إلى عدة خيوط متشابكة:

  • ثقافية: فلسفة التنوير أزالت القدسية من سلطة الملك والكنيسة، وروجت لمجتمع حديث مبني على "العقل" بدلاً من التنطقيد.
  • اجتماعية: The emergence of an influential Bourgeoisie which was formally part of the Third Estate (commoners) but had evolved into a caste with its own agenda and aspired to political equality with aristocracy.
  • مالية: ديون فرنسا، التي تفاقمت بسبب ضلوع فرنسا في الحرب الثورية الأمريكية، أدت بلويس السادس عشر إلى فرض ضرائب جديدة وإلى خفض مزايا مجموعات مختلفة.
  • سياسية: قابل لويس السادس عشر معارضة شرسة من provincial parlements which were the spearheads of the privileged classes' resistance to royal reforms.
  • اقتصادية: The deregulation of the grain market, advocated by الفيزيوقراط, resulted in an increase in bread prices. In period of bad harvests, it would lead to famines which would prompt the masses to revolt.

All these factors created a revolutionary atmosphere and a tricky situation for Louis XVI. In order to resolve the crisis, the king summoned the مجلس طبقات الأمة في مايو1789، وما حتى وصلت لطريق مسدود، فإن ممثلي الطبقة الثالثة شكلوا الجمعية الوطنية، ضد رغبات الملك، مؤشرة باندلاع الثورة الفرنسية.

لقد فحصنا فكر فرنسا عشية الثورة-فحصنا فلسفتها، ودينها، وأخلاقها، وسلوكها، وأدبها، وفنها. ولكن هذه كانت أزهاراً هشة نبتت من أرض اقتصادية، ولا قدرة لنا على فهمها إذا لم نلم بجذورها، لا لب إننا لن نفهم حقيقة ذلك الزلزال الأساسي الذي أطاح بـ "النظام القديم" دون ان نفحص جميع جهاز كم أجهزة الاقتصاد الفرنسي، جميع بدوره ولوفي إيجاز، ونرى كيف من الممكن أن عاونت حالته على مجيء هذه القارعة الكبرى.

وعلينا ونحن نعود مرة أخرى إلى تناول الزراعة والصناعة والمالية حتى نتذكر أنها ليست لوحات تجريدية قابضة للصدر بل كائنات بشرية حية حساسة. نبلاء وفلاحون ينظمون إنتاج الطعام؛ وميرون وعمال يصنعون السلع؛ ومخترعون وفهماء يصوغون طرائق وأدوات جديدة؛ ومدن تشغى بالمتاجر والمصانع، وربات بيوت مهمومات وجماهير رعاع متمردة؛ وثغور ومراكب تزخر بالتجار، والملاحين، والبحارة، والرجال المغمرين؛ ومصرفيون يغامرون بالمال ويكسبونه ويخسرونه مثل نكير، وبالحياة مثل لافوازييه؛ ثم تدفق الأفكار والسخط الثوريين وضغطهما خلال هذا الكل الهائج المضطرب، أنها لصورة معقدة رهيبة.


النبلاء والثورة

جاك نكير

كان عدد الفرنسيين 24.670.000 رجل وامرأة وطفل، إلى غير ذلك قدر نكير عدد السكان في 1784(1). فقد تصاعد عددهم من 17.000.000 في 1715 بفضل زيادة إنتاج الطعام وتحسين وسائل حفظ الصحة وانعدام الغزوالأجنبي والحرب الهلية، وحظيت الأمة في مجمعها بازدياد الرخاء خلال القرن الثامن عشر، ولكن أكثر الثراء الطارئ انحصر في الطبقة الوسطى(2).

وكان الفرنسيين ريفيين فيما عدا مليونين من الأنفس، والحياة الزراعية يديرها النظار الملكيون، والمديرون الأقليميون، وكهنة الأبرشيات، والسادة-أي أمراء الإقطاع-الذين قدر عددهم في 1789 بنحو26.000. هؤلاء وأبناؤهم خدموا وطنهم في الحرب بأسلوبهم الأنيق العتيق (وقد أصبحت السيوف الآن حلية أكثر منها سلاحاً). ولم تبق إلا قلة من النبلاء في البلاط، أما السواد الأعظم فعاشوا في ضياعهم. وزعموا أنهم يكسبون دخلولهم بتوفير الإدارة الزراعية، والرقابة البوليسية، والمحاكم، والمدارس، والمستشفيات، والإحسانات. على حتى معظم هذه المهام كانت قد تتلقاها عمال للحكومة المركزية، وكان الملاك من الفلاحين يطورون نظمهم الهادفة إلى الإدارة المحلية، إلى غير ذلك باتت طبقة النبلاء عضواً أثيراً، يأخذ الدم الكثير من الكائن الاجتماعي، ولا يعطيه لقاء ذلك إلا القليل بخلاف الخدمة العسكرية. وحتى هذه الخدمة أثارت شكوى عامة، لأن النبلاء أقنعوا لويس السادس عشر (1781) بأن يحرم من جميع المناصب الكبرى في الجيش والبحرية والحكومة جميع من لا يظاهره أربعة أجيال من الأرستقراطية.

ثم رمى النبلاء فوق هذا بأنهم هجروا مساحات شاسعة من ضياعهم بوراً في الوقت الذي يجوع فيه للخبز الآلاف من سكان المدن. ويصدق على الكثير من بقاع فرنسا هذا الوصف الذي خطه آرثر ينگ عن قطاعي اللوار ونهر شير: "أن الحقول مسرح للإدارة المهلهلة، كما حتى البيوت شاهد على الفقر المدقع. ومع ذلك فإن هذه البلاد كلها قابلة جداً للتحسين لوعهدوا ما ينبغي حتى يصنعوه بها"(3) وكان عدد غير قليل من النبلاء فقراء، بعضهم لتقص كفايتهم، وبعضهم لسوء طالعهم، وبعضهم لإرهاق أرضهم. وقد التمس كثير من هؤلاء المعونة من الملك، وتلقى الكثير منهم منحاً من خزانة الدولة.

أما القنية بمعنى ارتباط الشخص قانوناً ببترة الأرض وخضوعه بصفة دائمة لمالكها في أداء الرسم والخدمات، فكانت قد اختفت من فرنسا إلى حد كبير في 1789، وبقي نحومليون من الأقنان أكثرهم على الأملاك الديرية. فلما حرر لويس السادس عشر الأقنان العاملين على الأراضي الملكية (1779)، يفترض أن برلمان فرانسن-كونتيه (في شرقي فرنسا) تسعة أشهر حتى سجل مرسومه. ورفض الاقتداء بالملك كنيسة لوكسوي ودير فونتين، ومجموع ما لديهما أحد عشر ألف قن، ودير سان-كلود في مديرية الجورا الخالية، وكان لديه عشرون ألف قن، وذلك رغم عدة نداءات انضم فيها إلى فولتير عدد من الكنيسيين(5). على حتى هؤلاء الأقنان اشتروا حريتهم شيئاً فشيئاً، أونالوها بالهروب ثم ألغى لويس السادس عشر في 1779 حق المالك في مطاردة الأقنان الآبقين خارج أملاكهم.

ومع حتى 95% من الفلاحين كانوا أحراراً في 1789، إلا حتى السواد الأعظم منهم ظلوا خاضعين لحق أوأكثر من الحقوق الإقطاعية التي تختلف في الدرجة من إقليم لآخر. وكانت تضم إيجاراً سنوياً (ضوعف في القرن الثامن عشر)، ورسماً نظير حق التوريث، وأجراً عن استعمال مطحن السيد وأقرانه ومعاصره وبرك سمكه-التي كانت كلها حكراً له. وقد احتفظ بحق مطاردة طرائده حتى داخل محاصيل الفلاح، وسيج مساحات متزايدة من الأرض المشاع التي كان الفلاح يحتطب منها ويطلق فيها ماشيته لترعى. أما السخرة فقد خففت في معظم أراتى فرنسا إلى ضريبة تدفع نقداً، ولكن ظل الفلاح في أوڤرن، وشمپانيا، وأرتوا، واللورين، مطالباً بأن يبذل للإقطاعي المحلي جميع سنة ثلاثة أيام أوأربعة من العمل الذي لا يتقاضى عنه أجراً، وذلك لصيانة الطرق البرية والجسور والطرق المائية(6). ويمكن القول حتى الحقوق الإقطاعية الباقية اقتطعت في جملتها ومتوسطها عشرة في المائة من إنتاج الفلاح أودخله، ثم اقتطعت ضريبة العشور الكنسية نسبة أخرى تتفاوت بين ثمانية وعشرة في المائة. فإذا أضيف إلى هذا الضرائب المدفوعة للدولة، وضرائب السوق والبيع، والرسوم المدفوعة لكاهن الأبرشية نظير مراسم العماد والزواج والدفن، ولم يبق للفلاح إلا نحونصف ثمرات كده.

ولما كانت قيمة المبالغ النقدية التي يتسلمها السادة الإقطاعيون تتناقص بهبوط قيمة العملة، فقد حاولوا حماية دخلهم بزيادة الرسوم، وإحياء رسوم عفا عليها الدهر، وتسييج المزيد من الأرض المشاع. وكانت جباية الرسوم تعهد عادة إلى ملتزمين محترفين كثيراً مالا يعهدون الرحمة في أداء عملهم. فإذا تشكك الفلاح في حق السيد في رسوم معينة قيل له أنها مدرجة في قوائم الضياع أوسجلاتها. فإذا تحدى صحة هذه القوائم حمل الأمر إلى محكمة الإقطاعية أوإلى البرلمان الإقليمي الذي كان سادة الإقطاع يهيمنون عليهم(7). وحين نشر بونسير، بتشجيع طورگوسرا، (1776) كراسة عنوانها "مساوئ الحقوق الإقطاعية" أوصى فيها باختزال هذه الحقوق، لامه برلمان باريس. وانبرى فولتير لخوض المعركة من حديث وقد بلغ الثانية والثمانين. فخط يقول: إذا اقتراح إلغاء الحقوق الإقطاعية يعدل مهاجمة أملاك السادة أعضاء البرلمان أنفسهم، الذين يمتلك معظمهم إقطاعات... أنها قضية الكنيسة، والنبلاء، وأعضاء البرلمان... متضافرين ضد العدوالمشتري-أي الشعب"(8).

على ان هناك ما أمكن حتى ينطق دفاعاً عن الحقوق الإقطاعية فهي من وجهة نظر النبيل رهن عقاري قبله الفلاح بمحض حريته كجزء من الثمن الذي اقتنى به بترة أرض من مالكها الشرعي-الذي كان في كثير من الحالات قد اشتراها بحسن نية مالكها السابق. وكان بعض النبلاء الفقراء يعتمدون في قوتهم على هذه الرسوم. وكان الفلاح يعاني من شر الضرائب، والعشور، ومطالب الحرب وغاراتها أكثر كثيراً مما يعاني من الرسوم الإقطاعية. انصت إلى أعظم وأشرف الاشتراكيين الفرنسيين وهوجان جوريس Jean Jaurès يقول "لولم يكن في المجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر مساوئ غير تلك البقايا التافهة لذلك النظام (الإقطاعي)، لما دعت الحاجة لثورة تشفي هذا الجرح المتقرح، ولكان اختزال الحقوق الإقطاعية تدريجياً وتحرير الفلاحين كفيلاً بإحداث التغيير بطريقة سلمية(9).

وكان أبرز ملامح طبقة النبلاء الفرنسيين اعترافها بالذنب، إذ لم يقتصر الأمر على انضمام الكثير من النبلاء إلى جماعة الفلاسفة في رفض اللاهوت القديم، بل حتى بعضهم كما رأينا سخر من امتيازات طبقتهم التي عفا عليها الزمن(10). وقبل الثورة بسنة عرض ثلاثون نبيلاً حتى يتنازلوا عن امتيازاتهم الإقطاعية المالية(11). وكلنا يعهد مثالية الشاب لافاييت الذي لم يكتف بالقتال دفاعاً عن أمريكا بل حال عودته إلى فرنسا خاض بقوة ذلك الكفاح في سبيل الإصلاح السلمي. وقد ندد بالرق، ورصد جانباً من ثروته ليعتق العبيد في گويانا الفرنسية(12). وفشا الجهر بالمبادئ اللبرالية، والدفاع عن الإصلاح، في شطر من الأرستقراطيين لا سيما حاملات الألقاب مثل النبيلات لا مارك، ودبوفليه، ودبريين، ودلكسمبور. ولعب مئات من الأشراف والأساقفة دوراً نشيطاً في الحملات التي شنت لتحقيق المساواة في الضرائب، والحد من الإسراف الحكومي، وتنظيم أعمال البر، وإنهاء السخرة(13). وبذل بعض الأشراف، كدوقة بوربون، معظم ثروتهم للفقراء(14).

على حتى هذا كله لم يكن إلا حيلة لطيفة فوق الواقع الواضح للعيان، وهوأن طبقة النبلاء الفرنسيين لم تعد تستأهل قوتها. سليم حتى كثيرين منهم حاولوا الاضطلاع بمسئولياتهم التقليدية، غير حتى المفارقة بين التبطل المترف الذي يرتع فيه الإقطاعيون الأثرياء وبين شظف العيش الذي تعانيه الجماهير أشرفت غير مرة على المجاعة، أثارت العداء والاحتقار. وقبل ذلك بزمن مديد أصدر رجل، كان هونفسه نبيلاً عظيماً، حكم الإعدام على طبقته، فلنستمع إلى رينيه-لوي دفواييه، مركيز دارجنسون، وزير الدولة (1744-47) يخط حوالي 1752:

"لا بد من القضاء على سلالة السادة العظام قضاء مبرماً. وأعني بالعظام أصحاب الألقاب والأملاك والعشور والمناصب والوظائف، الذين يتبوأون المقام الرفيع رغم أنهم بلا كفايات وأنهم ليسوا بالضرورة راشدين، فهم لذلك عديموالقيمة في كثير من الأحايين... وإني ألاحظ حتى الناس يحافظون على سلالة من كلاب الصيد الأصيلة، ولكن متى تدهورت السلالة قضوا عليها"(15).

هؤلاء السادة بعينهم، والأغنياء، والمتكبرون، الذين لا وظيفة لهم في الغالب، هم بدأوا الثورة. ذلك أنهم كانوا ينظرون بحسرة إلى العهد الذي تجاوز ريشليو، يوم كان طبقتهم هي السلطة الحاكمة في فرسنا. وحين أكدت البرلمانات حقها في إبطال المراسم الملكية، انضم نبلاء الدم والسيف إلى نبلاء الرداء-وهم القضاة الوراثيون-في محاولة لإخضاع الملك. وهللوا لخطباء البرلمان الذي رددوا صيحة "الحرية" وشجعوا الشعب وكتاب الكراريس على التنديد بسلطة لويس السادس عشر المطلقة. وليس في وسعنا حتى نلومهم على هذا، غير أنهم بإضعافهم سلطة الملك مكنوا 1789 الجمعية التشريعية التي تهيمن عليها الطبقة البرجوازية من حتى تستحوذ على السادة في فرسنا. إلى غير ذلك دق النبلاء أول مسمار في نعشهم.


الفلاحون والثورة

كان أكثر العمل الزراعي المؤدي على الخمسة والخمسين في المائة من أرض فرنسا الذي يمتلكه النبلاء ورجال الدين والملك، يؤديه محصصون يأخذون المواشي والأدوات والبزاز من المالك ويدفعون له نصف المحصول عادة. وكان هؤلاء المحاصصون بوجه عام فقراء معدمين حتى لقد حكم آرثر ينج على هذا النظام بأنه "لعنة البلاد بأسرها وخرابها"(16)، ومرد ذلك ضعف الحوافز أكثر من قسوة الملاك.

أما أغلبية الملاك الفلاحين الذين غرسوا خمسة وأربعين في المائة من الأرض فقد قضي عليهم بالفقر صغر مساحة أراضيهم، الأمر الذي حد من استعمال الآلات الزراعية استعمالاً رابحاً. وتخلفت التكنولوجيا الزراعية في فرنسا عن نظيرتها في إنجلترا. سليم كان هناك مدارس زراعية ومزارع نموذجية، ولكن لم يفد منها غير قلة من المزارعين. ولعل ستين في المائة من الملاك الفلاحين كانوا يملكون أقل من الهكتارات الخمسة (نحوثلاثة عشر فداناً) اللازمة لإعاشة الأسرة، واضطر الرجال للعمل عملة أجراء على المزارع الكبيرة. وقد ارتفعت أجور عملة المزارع اثني عشر في المائة بين 1771 و1789، ولكن الأسعار ارتفعت في الفترة ذاتها خمسة وستين في المائة أوأكثر(17). ومع حتى الإنتاج الزراعي ارتفع خلال حكم لويس السادس عشر، فإن الأجراء من الفلاحين ازدادوا فقراً، وألفوا برولتارياً ريفية كان في فترات العمالة الراكدة بمثابة معمل تفريخ ينتج حشوداً من المتسولين والمتشردين. وقد مضى شامفور إلى أنه "لا جدال في حتى بفرنسا سبعة ملايين رجل يتسولون، واثني عشر يعجزون عن التصدق"(18).

خبز فرنسي

ولعل فقر الفلاحين قد بالغ الرحالة في وصفه لأن أول ما استرعى ملاحظتهم كان الأحوال الظاهرة؛ فهم لم يروا العملة والسلع المخبأة هرباً من عين مقدر الضريبة. وتتضارب التقديرات المعاصرة لهذه الفترة. فقد عثر آرثر ينج مناطق يعمها الفقر والتوحش والقذارة كما في بريتاني، ومناطق فيها الثراء والكبرياء كما في بيارن(19). ويمكن القول عموماً حتى الفقر في ريف فرنسا عام 1789 لم يكن مدقعاً كما كان في إيرلندة، ولا أسوأ منه في أوربا الشرقية أوفي بعض الأحيان الفقيرة المزدحمة في المدن "الغنية" في وقتنا الحاضر، ولكنه كان أسوأ منه في إنجلترا أوفي وادي بوالمعطاء أبداً. وتشير أحدث الدراسات إلى أنه "كان هناك أزمة زراعية في نهاية النظام القديم"(20). فإذا اتى القحط والمجاعة، كما وقع في 1788-89 بلغت معاناة الفلاحين لا سيما في جنوبي فرنسا مبلغاً لم ينج فيه نصف السكان من التضور جوعاً إلا بفضل الصداقات التي وزعتها الحكومة والكهنة.

وكان على الفلاح حتى يدفع ما يفرض عليه أداؤه للدولة والكنيسة والنبلاء. وسقطت ضريبة التاي-أي ضريبة الأرض-كلها تقريباً على كاهله. وكان يقدم جميع الرجال اللازمين لمشاة الجيش أوجلهم. وقد تحمل عبء احتكار الحكومة للملح. وكان الفضل لجهده في صيانة الطرق والجسور والقنوات. ولعله كان مؤدياً العشور برضى أكثر-فهورجل "يخاف الله" والعشور تجبى جباية رحيمة، وندر حتى اقتضته عشر دخله بالضبط(21)، ولكنه رأى أكثرها يهجر الأبرشية ليعول أسقفاً في بلد ناء، أوكنسياً عاطلاً في البلاط، بل حتى فهمانياً اقتنى حصة في العشور المستقبلة. وقد خفف لويس السادس عشر عبء الضريبة المباشرة على الفلاح، ولكن الضرائب غير المباشرة زيدت في كثير من الأنطقيم(22).

فهل كان فقر الفلاح سبب الثورة،يا ترى؟ لقد كان فقره عاملاً درامياً في مركب من مسببات عدة. كان أفقر الفقراء أعجز من حتى يثوروا؛ في استطاعتهم حتى يحملوا أصواتهم طلباً للغوث، ولكنهم لا يملكون الوسيلة ولا الهمة لتنظيم الثورة، إلى حتى استنفرهم المزارعون الأكثر ثراء وعملاء الطبقة الوسطى، وانتفاضات رعاع باريس. على انه حين وهنت قوى الدولة نتيجة تطور الشعب الفكري، وحين سرت عدوى الأفكار الراديكالية إلى الجيش سرياناً خطراً، وحين لم تعد السلطات المحلية قادرة على الاعتماد على التأييد الحربي يأتيها من فرساي-عندها أصبح الفلاحون قوة ثورية، فتجمعوا، وتبادلوا الشكاوي والعهود، وتسلحوا، وهاجموا القصور الريفية، وأحرقوا بيوت الإقطاعيين المتغطرسين، ودمروا السجلات الإقطاعية التي استشهدوا بها على صحة الحقوق الإقطاعية، هذا العمل المباشر، الذي هدد بتدمير تام لأملاك الإقطاعيين، هوالذي روع النبلاء فنزلوا عن امتيازاتهم الإقطاعية (4 أغسطس 1789). ووضعوا بذلك نهاية شرعية للنظام القديم.


الصناعة والثورة

في موضوع الصناعة على الأخص تغيم الصورة السابقة للثورة وتتعقد(1). فالصناعة لبيئية-صناعة الرجال والنساء والأبناء في البيت-كانت تخدم التجار الذين يوفرون المادة ويشترون الناتج(2)، والطوائف الحرفية-المفهمون، وعمال اليومية، والصبية-كانت تنتج السلع اليدوية لتلبية الاحتياجات المحلية بنوع خاص. وقد عمرت هذه الطوائف حتى الثورة، ولكن في 1789 كان قد أوهنها غايوالوهن نمو(3) المشروعات الحرة الرأسمالية-وهي شركات كان لها لأن تجمع رأس المال من أي مصدر، وأن تستأجر أي إنسان. وأن تبتكر وتطبق أساليب جديدة في الإنتاج والتوزيع، وأن تتنافس مع أي إنسان، وأن تبيع في أي مكان. وكانت هذه المؤسسات عادة صغيرة ولكنها أخذت تتكاثر، فكان في مرسيليا وحدها عام 1789 ثمانية وثلاثون مصنعاً للصابون، وثمانية وأربعون للقبعات، وثمانية للزجاج، واثنا عشر لتكرير السكر وعشر مدابغ(23). أما في المنسوجات، والبناء، والتعدين، وتصنيع المعادن، فقد اتسعت الرأسمالية وغدت مشروعات واسعة النطاق، وكان جميع هذا عادة بفضل شركات المحاصة.

وكانت فرنسا بطيئة في الأخذ بآلات النسيج التي كانت آنئذ تفتتح الثورة الصناعية في إنجلترا، ولكن مصانع نسيج كبيرة كانت تدور دواليبها في آبفيل، وأميان، ورامس، وباريس، ولوفييه، وأورليان، وازدهرت صناعة الحرير في ليون. وكانت صناعات المعمار تقيم تلك العمائر الضخمة ذات الشقق، التي ما زالت تضفي على المدن الفرنسية ملامحها المميزة. وكانت صناعة السفن تشغل آلاف العمال في نانت، وبوردو، ومرسيليا، أما التعدين فكان أكثر الصناعات الفرنسية تقدماً. وقد احتفظت الدولة بجميع الحقوق في التربة السفلية، وأجرت المناجم لأصحاب الامتياز، وفرضت قانون أمن للمعدّنين(24)، وحفرت الشركات مداخل للمناجم وصل عمقها إلى ثلاثمائة قدم، وركبت أجهزة غالية للتهوية، والصرف، والنقل، وخلقت أصحاب الملايين. وكان لشركة انزان (1790) أربعة آلاف عامل، وستمائة حصان، واثنتا عشرة آلة بخاري، وكانت تستخرج 310.000 طن من الفحم في العام. وقد وفر استخراج الحديد وغيره من المعادن المادة لصناعة معدنية متسعة. وفي 1787 جمعت شركة كرزور المساهمة رأسمال قدره عشرة ملايين جنيه لاستخدام أحدث الآلات في إنتاج المصنوعات الحديدية، وكانت الآلات البخارية تشغل المنافيخ، والمطارق، والمثاقب، ومكنت السكك الحديدية الجواد الواحد من حتى يجر ما كان يحتاج جره من قبل إلى خمسة جياد.

وقد ابتكر الفرنسيون بعض الاختراعات المذهلة في هذه السنين. ففي 1776 رفه المركيز جوفروا عن الجماهير المحتشدة على نهر دوب بمنظر قارب تحركه آلة بخارية، وذلك قبل حتى يبحر زورق فلتون "كليرمونت" التجارية في نهر هدسن ذهاباً وإياباً. بل أدهش من هذا كانت المراحل الأولى في غزوالفضاء. ففي 1766 أثبت هنري كافندش حتى للهيدروجين كثافة أقل من الهواء، واستنتج جوزف بلاك حتى كيساً يملأ بالهيدروجين يستطيع الصعود إلى الجو. وعكف جوزيف وإتيان مونگولفييه على تجاربهما على هدى المبدأ القائل بأن الهواء تقل كثافته إذا سخن؛ وفيخمسة يونيو1783، في انونيه قرب ليون، ملأ بالوناً بالهواء المسخن، فارتفع إلى علوألف وستمائة قدم، ثم هبط بعد عشر دقائق حين برد هواؤه. وصعد بالون مملوء بالهيدروجين صممه جاك-ألكسندر شارل من باريس في 27 أغسطس 1783 على مشهد من 300.000 متفرج يهتفون له، فلما هبط على بعد خمسة عشر ميلاً مزقه حشد من القرويين إرباً زاعمين أنه عدومغير من الجو(25). وفي 15 أكتوبر قام جان-فرانسوا بيلاتر دروزييه بأول طيران مدون للإنسان، مستخدماً بالوناً كبالون مونجولفييه به هواء مسخن، واستمر صعوده أربع دقائق. وفيسبعة يناير 1785 طار الفرنسي فرانسوا بلانشار، والفيزيائي الأمريكي جون جفريز، في بالون من إنجلترا إلى فرنسا. وبدأ الناس يتحدثون عن الطيران إلى أمريكا(26).

وزكت مدن فرنسا خلال هذا العهد الحاسم بعد حتى غذتها الصناعة والتجارة. فكانت ليون تشغى بالحوانيت والمصانع والمشروعات. وذهل آرثر ينگ لفخامة بوردو. وأصبحت باريس الآن مركزاً تجارياً أكثر منه سياسياً، فكانت بمثابة القلب لمجمع اقتصادي يهيمن على نصف عاصمة فرنسا، ومن ثم على نصف اقتصادها. وكان يسكنها عام 1789 نحو600.000 نسمة(27). ولم تكن وقتها مدينة ذات جمال رائع، وقد وصف فولتير الكثير منها بأنه جدير بالقوط والفندال(28). ونطق بريستلي الذي زارها في 1774: "لا أستطيع الزعم بأنه قد راعني شيء منها غير اتساع العمائر العامة وبهائها، وفي لقاء هذا ساءني كثيراً ضيق أكثر الشوارع وقذارتها ونتنها"(29). ومثل هذا الوصف خطه ينج:

أن تسعة أعشار الشوارع قذر، وكلها خلومن أرصفة المشاة. والمشي-الذي تجده في لندن غاية في الإمتاع والنظافة بحيث تمارسه السيدات يومياً-هوهنا كد وعناء للرجل، وضرب من المحال على المرأة الأنيقة الثياب.. وعربات الركوب كثيرة، وأسوأ من ذلك كثيراً ذلك العدد الضخم من "الكبريلات" التي يجرها حصان واحد ويسوقها الفتيان العصريون ومقلدوهم. بسرعة فائقة... تجعل الشوارع بالغة الخطر... وقد لطخني أنا نفسي رشاش الوحل غير مرة"(30).

وأخذت طبقة من العمال الكادحين "پرولتاريا: تتشكل في المدن كبيرها وصغيرها، رجال ونساء، وأطفال لقاء أجر بأدوات ومواد ليست ملكاً لهم. ولا يتوافر لدينا إحصاء عنهم، ولكن قدر عددهم في باريس عام 1789 بـ 75.000 أسرة، أو300.000 فرد(31). وكان هناك أعداد كبيرة بهذه النسبة في آبفيل، وليون، ومرسيليا. وكانت ساعات العمل طويلة والأجور ضئيلة، لأن حكماً أصدره برلمان باريس (12 نوفمبر 1778) حظر على العمال تنظيم أنفسهم. وقد ارتفعت الأجور ما بين عامي 1741 و1789 اثنين وعشرين في المائة، وارتفعت الأسعار خمسة وستين في المائة(32)، ويبدوحتى حال العمال تدهور في عهد لويس السادس عشر(33)، فلما قل الطلب، أواشتدت المنافسة الأجنبية (كما وقع في 1786)، طردت أعداد كبيرة من العمال فأصبحوا كلا على البر والإحسان. وكادت آلاف الأسر تموت جوعاً عندما ارتفع ثمن الخبز، الذي كان قوام نصف طعام الجماهير الباريسية(34). وكان ثلاثون ألف إنسان يتلقون الإغاثة العامة في ليون عام 1787، واشتد فقر ثلثي سكان رامس في 1788 عقب أحد الفيضانات، وفي باريس عام 1791 قيدت مائة ألف أسرة على أنها معوزة(35). وخط مرسييه حوالي 1785 يقول "أن عامة الشعب في باريس ضعاف الأبدان صفر الوجوه صغار الأجسام معوق النمووكأنهم طبقة تفردت عن سائر الطبقات في الدولة(36).

وألف العمال الاتحادات وأضربوا في تحد لأوامر الحظر ففي 1774 توقفوا عن العمل لارتفاع تكاليف المعيشة بأسرع من الأجور. ودفع الإحباط الكثير من العمال إلى الرحيل عن ليون قاصدين مدناً أخرى، بل مهاجرين إلى سويسرا أوإيطاليا، ولكنهم أوقفوا على الحدود وأعيدوا إلى موطنهم قسراً. وثار العمال، واستولوا على ممحرر البلدية، وأقاموا دكتاتورية قصيرة الأجل من البرولتاريا على الكومون. فاستدعت الحومة الجيش الذي أخمد التمرد، ثم شنق اثنان من زعماء العمال، وعاد المضربون وأرباب العمل على السواء(37).

وفي 1786 عادوا إلى الإضراب، مؤكدين أنهم عاجزون عن إعالة أسرهم حتى بمواصلة العمل ثماني عشرة ساعة في اليوم، شاكين من أنهم يعاملون "بأقسى مما تعامل به الحيوانات المنزلية، فحتى هذه تعطى من الطعام ما يكفي لحفظها سليمة قوية"(38). ووافقت سلطات المدينة على منحهم علاوة، ولكنها حظرت أي اجتماع يضم أكثر من أربعة أشخاص. واضطلعت كتيبة مدفعية يتطبيق هذا الخطر، وأطلق الجند الرصاص على المضربين فقتلوا عدة أشخاص، وعاد المضربون إلى العمل وسحبت العلاوة منهم بعد ذلك(39).

وقد نشبت حوادث الشغب احتجاجاً على ازدياد تكاليف المعيشة، متفرقة طوال النصف الثاني من القرن الثامن عشر. فسقطت منها ستة في نورمنديه بين عامي 1752، و1768؛ وفي 1768 سيطر القائمون بالشغب مماثلة على روان، ونهبوا مخازن الغلال الحكومية، وسلبوا المتاجر، وسقطت أحداث مماثلة في رامس عام 1770، وفي بواتيه عام 1772، وفي ديجون وفرساي وباريس ويونتوار عام 1775، وفي اكس-أن-بروفانس عام 1785، ثم في باريس عامي 1788، 1789(40).

فأي دور إذن لعبه فقر البرولتاريا، أوفقر المدن عموماً، في إحداث الثورة،يا ترى؟ لقد كان في ظاهر سبباً مباشراً، فالعجز في الخبز وما ترتب عليه من شغب في باريس في 1788-89 حمل حمى الشعب إلى درجة كان فيها أفراده على استعداد للمغامرة بحياتهم في تحدي الجيش والهجوم على الباستيل على حتى الجوع والغضب يستطيعان إعطاء القوة المحركة، ولكنهما لا يعطيان القيادة، ومن المحتمل حتى جوادث الشغب كان يمكن تهدئتها بخفض ثمن الخبز لولك توجه القيادة من الطبقات الأعلى المتمردين للاستيلاء على الباستيل والزحف على فرساي. ثم حتى الجماهير لم يكن لديها إلى ذلك الحين أي فكرة عن قلب الحكومة، أوخلع الملك، أوإقامة جمهورية. وكانت طبقة البرولتاريا تتحدث عن المساواة الطبيعية حديثاً يملؤه الأمل، ولكنها لم تحلم بالاستيلاء على الدولة. لقد طالبت بتنظيم الدولة للاقتصاد-بينما عارضته البورجوازية-أوعلى الأقل بتحديد ثمن الخبز، ولكن هذا كان عودة للنظام القديم، لا تقدماً نحواقتصاد تهيمن عليه الطبقة العاملة. سليم. أنه حين جد الجد كان رعاع باريس المدافعون بالجوع والمحرضون من الخطباء والعملاء هم الذين استولوا على الباستيل ومنعوا بذلك الملك من استخدام الجيش ضد الجمعية الوطنية، ولكن حين أعادت الجمعية تنظيم فرنسا كان ذلك بإرشاد البورجوازيين وتحقيقاً لأهدافهم.


البورجوازية والثورة

كان الملمح البارز للحياة الاقتصادية الفرنسية في القرن الثامن عشر هوصعود طبقة التجار ورجال الأعمال. وكانت قد بدأت تزكوأيام لويس الرابع عشر وكولبير، وأفادت أعظم فائدة من الطرق والقنوات الممتازة التي يسرت التجارة، وأثرت على الاتجار مع المستعمرات، وارتفعت إلى مكان مرموق في الوظائف الإدارية (حتى 1781)، وهيمنت على مالية الدولة.

ولكن أزعجتها إلى حد التمرد تلك المكوس التي فرضت لصالح الإقطاعيين أوالحكومة على الطرق والترع، وذلك الفحص المضيع للوقت للشحنات عند جميع محطة للمكوس وكان هناك ثلاثون إلى أربعين من هذه المكوس يجب حتى يدفعها المركب الذي يحمل بضاعة من جنوبي فرنسا إلى باريس(41). وطالب رجال الأعمال بحرية التجارة داخل الحدود، ولكنهم لمقد يكونوا واثقين من رغبته في هذه الحرية بين الأمم.

ومع ذلك دعم خفض التعريفات التجارة الخارجية وملأ خزائن طبقة التجار. وتضاعفت التجارة تقريباً بين عامي 1763 و1787، ونيفت على بليون فرنك في 1780(42). واكتظت مدن الثغور الفرنسية بالتجار، والشاحنين، والملاحين، والمتاجر، ومعامل التحرير، ومصانع التقطير، وفي تلك المدن كانت طبقة التجار ورجال الأعمال هي الغالبة قبل حتى تكرس الثورة تفوقها القومي بزمان.

واتى شطر من الثروة التجارية من قنص العبيد الأفارقة أوشرائهم ونقلهم إلى أمريكا وبيعهم هناك ليعملوا على المزارع الكبيرة، وهوما كانت عليه الحال في إنجلترا. ففي 1788 شحن تجار الرقيق الفرنسيون 29.506 زنجياً إلى سان-دومنج (هايتي) وحدها"(43). وكان المستثمرون الفرنسيون يمتلكون معظم الأرض والصناعات هناك وفي جواد لوب والمارتنيك. وفي سان-دومنج كان ثلاثون ألفاً من البيض يستخدمون 480.000 عبد(44).وفي 1789 صرحت غرفة بوردوالتجارية بالآتي: "أن فرنسا بحاجة إلى مستعمراتها لصيانة تجارتها، ومن ثم بحاجة إلى عبيد حتى تصبح التجارة مجزية في هذا الجزء من العالم، على الأقل إلى حتى يعثر على وسيلة أخرى"(45).

واحتاجت المشروعات الصناعية والاستعمارية وغيرها إلى رأس المال، وولدت سلالة متكاثرة من المصرفيين، وعرضت شركات المحاصة السندات، وطرحت الحكومة أسهم القروض، وتطورت المضاربة في بيع وشراء السندات المالية، واستأجر المضاربون صحفيين لبث الشائعات المقصود بها حمل أسعار الأسهم أوخفضها(46). وحظي بعض المصرفيون بثقة شخصية تفوق الثقة في الحكومة، ومن ثم استطاعوا حتى يقترضوا بفائدة منخفضة، ويقوضوا الحكومة بفائدة اعلى، ويزيدوا ثروتهم بإمساك دفاترهم لا أكثر-ما دام حكمهم صائباً وما دامت الدولة تدفع ديونها.

وتعاظم ثراء الملتزمين العامين (وهم الماليون الذين كانوا يشترون حق جباية الضرائب غير المباشرة بتقديمهم قرضاً للحكومة) واشتد كره الناس لهم، وذلك لأن الضرائب غير المباشرة، كضرائب البيوع عموماً، كانت أفدح ما تكون على من يضطرون لإنفاق الكثير من دخلهم على ضروريات الحياة اليومية. وكان بعض هؤلاء الملتزمين مثل هلفتيوس ولا فوازييه، رجالاً ذوي نزاهة نسبية وروح وطنية، أسخياء في مساهمتهم في البر والآداب والفنون(47). وتبينت الحكومة مساوئ نظام الالتزام هذا، وخفضت عدد الملتزمين من ستين إلى أربعين في 1780، ولكن عداء الشعب لهم استمر. وقد ألغت الثورة النظام، وكان رأس لافوازييه أحد الرءوس التي تهاوت في هذه العملية.

Hôtel de la gabelle (House of the Salt Tax) in Bernay, Eure, Upper Normandy, built in 1750 by Bréant and Ange-Jacques Gabriel.

ولما كان نظام الضرائب قد لعب دوراً قيادياً بين مسببات الثورة، فلا بد لنا من حتى نذكر القارئ مرة أخرى الضرائب التي كان الفرنسيون يدفعونها. (1) كانت التاي ضريبة على الأرض والأملاك الشخصية. وقد أعفى الأشراف منها لما يؤدونه من خدمة حربية، وأعفى الأكليروس لأنهم يحفظون النظام الاجتماعي ويصلون من اجل الدولة، وأعفى القضاة وكبار الإداريين، وموظفوالجامعات، وسقط جميع الضريبة تقريباً على كاهل ملاك الأرض من الطبقة الثالثة-ومن ثم على الفلاحين في المقام الأول. (2)ضريبة الرءوس وكانت تفرض على جميع رأس في الأسرة، ولم يعف منها غير الأكليروس (3)الضريبة العشرينية وكانت ضريبة على الملكية كلها عقارية أة شخصية، ولكن النبلاء تهربوا من شطر كبير منها ومن ضريبة الرءوس باستخدام النفوذ الخاص، أواستخدام المحامين ليعثروا على ثغرات في القانون، وتفادى الأكليروس الضريبة العشرينية بعطاء اختياري دوري للدولة (4)كانت جميع مدينة تدفع ضريبة للحكومة وتفرضها على مواطنيها. (5)فرضت الضرائب غير المباشرة بهذه الوسائل: (أ) مكوس النقل. (ب) مكوس الاستيراد والتصدير. (جـ) رسوم الإنتاج على الأنبذة والمسكرات والصابون والجلد والحديد وورق اللعب الخ. (د) الاحتكارات الحكومية لبيع التبغ والملح، فكان على جميع فرد حتى يشتري جميع عام حداً أدنى مقرراً من الملح من الحكومة بالثمن الذي تحدده، وكان دائماً أعلى من ثمن السوق. وكانت ضريبة الملح (الجابل) هذه من أكبر مسببات شقاء الفلاح (6)كان الفلاح يدفع ضريبة لينجومن السخرة. وبلغت جملة ما يدفعه الفرد من الطبقة الثالثة في المتوسط من الضرائب اثنين وأربعين إلى ثلاثة وأربعين في المائة من دخله(48).

فإذا أخذنا التجار وأصحاب المصانع ورجال المال والمخترعين والمهندسين والفهماء وصغار البيروقراطين والخطة وأصحاب الحوانيت والكيميائيين والفنانين والخطية والمفهمين والمؤلفين والفيزيائيين والمحامين والقضاء من غير ذوي الألقاب-إذ أخذنا هؤلاء جملة باعتبارهم المؤلفين للطبقة البورجوازية، أمكننا حتى نفهم كيف من الممكن أن أنها في 1789 كانت قد أصبحت أغنى وأنشط شطر من الأمة. ولعلها كانت تملك من الأرض الريفية قدر ما تهملك طبقة النبلاء(49)، وكان في استطاعتها اكتساب النبالة بمجرد شراء إقطاعة نبيلة أووظيفة من وظائف "السكرتيرين" الكثيرة للملك. وبينا خسرت الطبقة النبيلة النفر والمال بعمل البطالة والإسراف والتحلل البيولوجي، وخسر الأكليروس والأرض الصلبة بصعود الفهم والفلسفة، والحياة والناموس الأبيقوريين الحضريين، ازدادت الطبقات الوسطى مالاً وقوة بفضل تطور الصناعة والتكنولوجيا والتجارة والمالية، فملأت بغلاتها أووارداتها الحوانيت (البوتيكات) التي أدهش بهاؤها الزائري الأجانب الذين ألموا بباريس أولون أورامس أوبوردو(50). وبينما كانت الحروب تفقر الحكومة كانت تغني الطبقة البورجوازية التي قدمت النقل والمواد. وقد انحصرت أكثر الثروة المتعاظمة في المدن؛ وهربت من الفلاحين والعمال وظهرت أوضح ما تكون في التجار والماليين. فكان أربعون تاجراً فرنسياً يملكون في 1789 ثروة جملتها ستون مليون جنيه(51)، وجمع مصرفي واحد هوباري-مونمارتل مائه مليون(52).

أما السبب الأساسي في الثورة فهوتلك المفارقة بين الواقع الاقتصادي والنظم السياسية، وبين أهمية الطبقة البورجوازية في إنتاج الثروة وتملكها وبين إقصائها عن القوة السياسية. وكانت الطبقة الوسطى الراقية على وعي بقدراتها وحساسة للاستخفاف بها. وأحفظها انغلاق طبقة النبلاء الاجتماعي ووقاحتها-كما وقع لامرأة ألمعية هي مدام رولان حين دعيت للمكث حتى تتناول العشاء في بيت أرستقراطي، ثم وجدت الطعام يقدم لها في جناح الخدم(53). ولم يكن بالطبقات الوسطى رغبة في الإطاحة بالملكية، ولكنها تطلعت إلى الهيمنة عليها. ولم يكن بها رغبة قط في الديموقراطية، ولكنها أرادت حكومة دستورية، يمكن حتى يحشد فيه ذكاء جميع الطبقات للتأثير في التشريع والإدارة والسياسة. وقد طالبت بالتحرر من هيمنة الدولة أوالطوائف النقابية على الصناعة أوالتجارة، ولكنها لم تكره الإعانات المالية الحكومية، أوالتأييد من الفلاحين وجماهير المدن لتحقيق أهدافها. وكان لب الثورة الفرنسية هوإطاحة البورجوازية بالنبلاء والأكليروس، وهي بورجوازية استخدمت سخط الفلاحين للقضاء على الإقطاعية، وسخط جماهير المدن لشل جيوش الملك. فلما عقد اللواء للجمعية التأسيسية بعد عامين من الثورة، ألغت نظام الإقطاع، وصادرت أملاك الكنيسة، وأجازت تنظيم التجار، ولكنها حظرت جميع تنظيمات العمال أوتجمعاتهم (14 يونيو1791)(54).


احتشاد القوى

كانت هذه القوى الثورية كلها خاضعة لتأثير الأفكار، وقد استخدمتها قناعاً للرغبات ومؤججاً لها. وكان يوجد بالإضافة إلى الدعوة لتي نشرها الفلاسفة الفزيوقراطيين شيوعيون مبعثرون واصلوا ووسعوا الاشتراكية التي فصلها في الجيل الماضي موريللي، ومابلي، ولنجيه(56). فسبق بريسودفارفيل بكتابه "مباحث فلسفية حول حق الملكية" (1780) كتاب بيير برودون "ليست الملكية إلا لصوصية"، إذ زعم حتى الملكية الخاصة إنما هي سرقة للممتلكات العامة، فليس هناك "حق مقدس... يبيح أكل طعام عشرين رجلاً بينماقد يكون نصيب الرجل الواحد غير كاف "والقوانين" مؤامرة الأقوياء على الضعفاء، والأغنياء على الفقراء"(57). وقد اعتذر بريسوفيما بعد عن خطه الأولى باعتبارها فورات طالب، وأصبح من زعماء الجيروند، وأعدم بالجليوتين لاعتداله (1793).

وفي 1789 قبيل الاستيلاء عنوة على الباستيل، أصدر فرانسوا بواسيل "كتاب "تعليم النوع الإنساني بالسؤال والجواب"، بتر الشوط كله إلى الشيوعية، فزعم حتى جميع الشرور مردها الطبقة المرتزقة، القاتلة للبشر، والمعادية للمجتمع، التي ظلت إلى الآن تحكم الناس وتذلهم وتدمرهم"(58). ولقد استرق الأقوياء الضعفاء، ووضعوا القوانين ليحكموا. واخترعت الملكية، والزواج، والدين، لإضفاء الشرعية على الغصب، والعنف والخداع، وكانت النتيجة حتى قلة قليلة هي التي تملك الأرض، بينما تكابد الأغلبية الجوع والبرد. وما الزواج إلا ملكية خاصة في النساء، وليس لإنسان حق في أكثر مما يحتاج إليه، وكل ما زاد على ذلك يجب حتى يوزع على جميع إنسان حسب حاجته. وعلى العاطلين الأغنياء حتى يعملوا أويجوعوا. ويجب حتى تحول الأديرة إلى مدارس(59).

أما أطراف هؤلاء الراديكاليين وأبعدهم أثراً فهم فرانسوا-أميل ببايف. فبعد حتى أعان النبلاء والأكليروس في تأكيدهم للحقوق الإقطاعية ضد الفلاحين(60)، أوفد إلى أكاديمية آراس (21 مارس 1787) اقتراحاً بأن تقدم جائزة لأفضل منطق يخط في هذا الموضوع "إذا أخذنا في الاعتبار مجموع الفهم التي حصلناها الآن، فماذاقد يكون حال شعب بلغت غرائزهم الاجتماعية حالة تستوجب حتى تسود بينهم المساواة الكاملة... التيقد يكون فيها جميع شيء مشهجراً بينهم"(61). غير حتى الأكاديمية لم تستجب لاقتراحه، فبين جراكوس بابيف (كما سمى نفسه فيما بعد) في رسالة بتاريخثمانية يوليو1787 أم جميع الناس متساوون بالطبيعة، وأن جميع الأمور مشهجرة في الحالة الطبيعية، أما جميع التاريخ التالي لهذه الحالة فهوانحطاط وخداع. وقد جمع خلال الثورة أتباعاً كثيرين، وكان على وشك تزعم تمرد على حكومة الإدارة، ولكن عملاءها قبضوا عليه فحكم عليه بالإعدام (1797).

ثم هل كان البناءون الأحرار (الماسون) عاملاً في الثورة،يا ترى؟ لقد تجاوز ذكر صعود هذه الجمعية السرية في إنجلترا (1717) وأول ظهورها في فرنسا (1734)، وقد انتشرت سريعاً في أوربا البروتستانتية، وأيدها فردريك الثاني في ألمانيا، وجوستاف الثالث في السويد. وحظر البابا حدثنت الثاني عشر (1738) على السلطات الكنسية أوالفهمانية الانضمام إلى الماسون أومساعدتهم، ولكن برلمان باريس رفض تسجيل هذا الأمر البابوي، فجرده بذلك من مفعوله القانوني في فرنسا. وفي 1789 كان هناك 629 محفلاً ماسونياً في باريس، جميع منها يضم عادة خمسين عضواً إلى مائة(62)، وبين هؤلاء كثير من النبلاء، وبعض الكهنة، وأخوة لويس السادس عشر، وأكثر زعماء حركة التنوير(63)، وفي 1760 أسس هلفتيوس محفل العلوم، وفي 1770 وسعة الفلكي لالاند إلى "محفل الأخوات التسع" (ربات الفنون). هنا التقى برتولييه، وفرانكلين، وكوندروسيه، وشامفور، وجروز، وأدمون، ثم سييس، وبريسو، وديمولان، ودانتون(64). وكان الماسون من الناحية النظرية يستبعدون من عضويتهم جميع "فاسق كافر" وكل "ملحد غبي"(65)، وكان على جميع عضوحتى يعلن إيمانه بـ "مهندس الكون الأعظم" ولم تشترط في العضوعقيدة دينية غير هذه، وبذلك قصر الماسون بوجه عام لاهوتهم على الربوبية. ويبدوأنهم كانوا أصحاب نفوذ في الحركة التي قامت لطرد اليسوعيين من فرنسا(66). وكان هدفهم المعلن حتى ينشئوا جماعة إخوان دولية سرية يترابطون فيها بالاجتماع والطقوس ويتعهدون بتبادل العون وبالتسامح الديني والإصلاح السياسي. وفي عهد لويس السادس عشر دخلوا ميدان السياسة بنشاط، وأصبح عدد من الأعضاء الأرستقراطيين زعماء متحررين في الجمعية الوطنية-لافاييت، وميرابوالأب والإبن، والفيكونت دنواي، ودوق لارشفوكو-ليانكور ودوق أورليان(67).

وأخيراً اتىت الأندية ذات الطابع السياسي الواضح. وقد نظمت أول الأمر على غرار الأندية الإنجليزية-لتناول الطعام، والسمر، والقراءة-ثم أصبحت حوالي عام 1784 مراكز للدعوة شبه الثورة. نطق معاصر إنهم في هذه الأندية "يبدون آراءهم بصوت عال ودون قيد في حقوق الإنسان، ومزايا الحرية، والشرور الكبرى الناجمة عن عدم المساواة في ظروف الحياة"(68). وبعد تجمع مجلس الطبقات كون المندوبون عن إقليم بريتاني "نادي برتن"، ولم يلبث النادي حتى وسع عضويته فضمت غير البرنتيين كميرابوالإبن، وسييس، وبروبسبير. وفي أكتوبر 1789 نقل مقره إلى باريس، وأصبح "جمعية اليعاقبة". إلى غير ذلك تضافرت عشرات القوى المتنوعة لأحداث الثورة الفرنسية، وهوما يحدث في معظم الأحداث البالغة الأهمية في التاريخ. وكان من العوامل الأساسية نموالطبقات الوسطى عدداً وتعليماً وطموحاً وثراء وسلطاناً اقتصادياً، ومطالبتها بوضع سياسي واجتماعي يتناسب وإسهامها في حياة الأمة ومالية الدولة، وخشيتها من حتى تجعل الخزانة سنداتها الحكومية عديمة القيمة بإعلانها الإفلاس. ومما لحق بهذا العامل واستخدامه مساعداً ومهدداً فقر ملايين الفلاحين الذين يستصرخون طلباً للتخفيف من الرسوم والشرائب والعشور، ورخاء عدة ملايين من الفلاحين لهم من القوة ما يكفي لتحدي الإقطاعيين وجباة الضرائب والأساقفة وأفواج الجند، والسخط المنظم الذي استشعرته جماهير المدن التي عانت من التلاعب في إمدادات الخبز، ومن تخلف الأجور عن الأسعار في التصاعد التاريخي للتضخم.


مونتسكيوومبدأه السياسي فصل السلطات.
روسواتخذ موقفاً في كتابه ، لصالح الديمقراطية المباشرة.

أضف إلى هذا أشتاتاً متشابكة من العوامل المساعدة: إسراف البلاط المكلف، وعجز الحكومة وفسادها، وإضعاف الملكية نتيجة لصراعها الطويل مع البرلمانات وطبقة النبلاء، وانعدام المؤسسات السياسية التي يمكن عن طريقها التعبير عن المظالم على نحوقانوني وبناء، ومستويات الإدارة الرفيعة التي يتسقطها مواطنون شحذت عقولهم المدارس والخط والصالونات والفهم والفلسفة وحركة التنوير أكثر من أي شعب من الشعوب المعاصرة. هذا فضلاً عن انهيار الرقابة على المطبوعات أيام لويس السادس عشر، وبث أفكار الإصلاح أوالأفكار الثورية على يد فولتير، وروسو، وديدرو، ودالامبير، ودولباخ وهلفتيوس، ومورليه، ومورلي، ومابلي، ولنجيه، ميرابوالأب، وطورجو، وكوندورسيه، وبومارشيه، وميرابوالإبن، ومئات غير هؤلاء من الكتاب الذين لم يكن لهم قط نظير من قبل عدداً وألمعية وقوة، والذين تغلغلت دعوتهم في جميع طبقة باستثناء طبقة الفلاحين-في ثكنات الجيش، وصوامع الرهبان، وقصور الأشراف، وحجرات الانتظار الملكية. يضاف إلى هذا كله ذلك التقلص المدمر الذي أصاب الإيمان في صدق كنيسة كانت قد ساندت الأوضاع الراهنة وحق الملوك الإلهي، وبشرت بفضائل الطاعة والاستسلام، وكدست قدراً هائلاً من الثروة المحسودة في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة حتى تعثر فيه على وسيلة لتمويل واجباتها المتسعة. ثن انتشار الإيمان بـ "قانون طبيعي" يحتاج عدالة إنسانية لكل عاقل دون نظر للمولد أواللون أوالعقيدة أوالطبقة، وبـ "حالة طبيعية" معطاءة جميع الناس فيها متساوون، فضلاء أحرار، سقطوا منها نتيجة لنموالملكية الخاصة، والحرب، والقانون الذي يزجه لخدمة الطبقة المميزة، أضف إلى هذا ظهور وتكاثر المحامين والخطباء المستعدين للدفاع عن الوضع الراهن أومهاجمته، ولإثارة مشاعر الشعب وتنظيمها، وتكاثر كتاب النشرات وضراوتهم، والنشاط السري للأندية السياسية، وطموح الدوق أورليان إلى التربع على عرش فرنسا مكان ابن عمه.

ثم أجمع هذه العوامل كلها معاً في حكم ملك لطيف خير ضعيف متردد حيره تشابك الصراعات من حوله، والدوافع المتضاربة في داخله، واهجرها تعمل عملها في شعب أشد وعياً بمظالمه، وأحر عاطفة وأقبل للإثارة وأخصب خيالاً من أي شعب آخر تقريباً وعاه التاريخ، ثم لا يلزم لضم هذه القوى وتأجيجها لتحدث انفجاراً ممزقاً إلا حادث يمس الجماهير، ويتغلغل تغلغلاً أعمق من الفكر في أقوى غرائز البشر. وربما كانت هذه هي وظيفة قحط عام 1788 ومجاعته، وشتاء 1788-89 القاسي. لقد تنبأ المركيز دجيريدان في 1781 بأن "الجوع وحده سيولد هذه الثورة الكبرى"(69). وقد وصل الجوع إلى الريف، وإلى لندن، وإلى باريس، وأنشب في الجماهير أظافره في ضراوة تكفي للتغلب على التنطقيد، والاحترام، والخوف، ولتوفير مطية لتحقيق أهداف وأفكار رجال ينعمون بالغذاء الطيب. إلى غير ذلك تحطمت سدود القانون والعهد والتدين، واندلع لهيب الثورة.


الهامش

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)


تاريخ النشر: 2020-06-04 18:24:41
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, Articles containing non-English-language text, الثورة الفرنسية, Causes of events, Ferme générale

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«الزراعة»: بدء موسم حصاد البنجر فى مشروع غرب المنيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:07
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

50 ألف كيلو لحوم أضاحي و60 عجل بلدي للأكثر احتياجا بقرى الدقهلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:13
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

لجنة العفو الرئاسي: خروج مجموعة جديدة من المحكوم عليهم اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:02
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

ضبط مستريح فى قنا جمع 10 ملايين جنيه من مواطنين بزعم توظيفها

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:20:49
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

محافظ القليوبية يقود جولة مفاجئة لإزالة مبنى مخالف بمدينة الخانكة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:14
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

استقرار أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم بالأسواق اليوم الخميس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:19
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 69%

محافظ أسيوط يناقش سبل تعظيم الاستفادة من الإعلانات والمزادات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

جدول امتحانات الثانوية العامة 2022 لشعب أدبي وعلمي علوم ورياضيات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:05
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 68%

جريمة أم شائعة؟.. حقيقة خطف الفتيات بـ «شكة دبوس»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:03
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

دكتور

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:08
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

تطورات أزمة نوال الزغبي ودار الأوبرا.. من المخطىء؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:20
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 52%

«توفيق»: تسجيل 133 ألف منتج للتواصل مع التجار والوكلاء حول العالم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:06
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

مساعد وزير التموين: مصر تحتل المرتبة الأولى في جذب الاستثمار

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:05
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

«الداخلية» تكشف حقيقة اختطاف ابنة شقيق الفنانة بدرية طلبة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:15
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 64%

العقوبة القانونية المتوقعة على الشاب الراقص داخل مسجد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 61%

حبس 10 متهمين بنشر أخبار كاذبة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:16
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 65%

حبس شاب 6 أشهر وغرامة 10 آلاف جنيه بتهمة التنمر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:15
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

«الداخلية» تضبط صاحب فيديو الرقص داخل مسجد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-16 12:21:01
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

تحميل تطبيق المنصة العربية