هوعبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم النبي محمد ، حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير ، ولد ببني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين ، وكان النبي محمد دائم النادىء لابن عباس فنادى حتى يملأ الله جوفه فهما وأن يجعله صالحا. وكان النبي محمد يدنيه منه وهوطفل ويربّت على كتفه وهويقول: " اللهم فقهه في الدين وفهمه التأويل".

توفي رسول الله محمد وعمر ابن عباس لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة، وقد روي له 1660 حديثا. كان عبد الله بن عباس مقدما عند عثمان بن عفان، وأبوبكر الصديق(م) ، ثم جعله علي بن أبي طالب () واليا على البصرة وكان عمره يوم وفاة النبي محمد 14 عاماً .

إستمراره في طلب الفهم

بعد عهد النبي محمد، وتابع لجمع وتفهم تدريس محمد من الصحابة محمد نطقب:Istr, خصيصا لأولئك الذين عهدوه أطول. ونطق إنه تشاور الصحابة متعددة للتأكد من الروايات، وسيمضى الى ما يصل الى ثلاثين الصحابة للتحقق من مسألة واحدة. سمعت ذات مرة حتى أحدا من الصحابة يعهد حديثا غير معروف له.

ابن عباس لم يكن فقط يسعى لطلب الفهم ولكن بسبب الشعور بالواجب تجاه الأمة، نطق انه من التلاميذ في سعيه نحوالفهم وكان يبحث عن عامة الفهماء في مجتمعه وبيئته. والتفت إلى التدريس وأصبح منزله بمثابة جامعة بالمعنى الكامل للحدثة , مع تبجيله وسعة فهمه حيث هوالمفهم فقط .

ووصف واحدا من أصحابه مشهدا نموذجيا أمام منزله :

رأيت الناس تتلاقى على الطرق المؤدية إلى بيته حتى كان هناك بالكاد أي غرفة أمام منزله. مضىت إليه لأبلغه عن حشود الناس على باب بيته، فنطق : 'آتنى ببعض الماء للوضوء وقام وإغتسل وتوضأ ثم جلس إلى نفسه، ونطق : اخرج وأدعهم وقل : من أراد حتى يسأل عن القرآن وحروفه (نطقه) فإسمح له بالدخول '

عملت هذا ودخل الناس حتى امتلأ المنزل. وحدثا سئل، كان عبد الله قادرا على توضيح جميع الأمور وحتى تقديم معلومات إضافية ثم طلب من (طلابه) ونطق : 'افسحوا الطريق لإخوانكم. ثم نطق لي : اخرجوا وقولوا : من أراد حتى يسأل عن القرآن وتفسيره، فإسمحوا له بالدخول ومرة أخرى إمتلأ البيت وأوضح عبد الله وقدم المزيد من المعلومات أكثر ما طلب منه رحمه الله رحمة واسعة.

عقد دروسا حول موضوع واحد جميع يوم، وزكز على قضايا مثل التفسير ،والفقه ، والحلال والحرام ، الغزوات والشعر و التاريخ العربي قبل الإسلام وقوانين الميراث، اللغة العربية وأصول اللغة.

لغزارة فهم ابن عباس ، لقب بالبحر إذ أنه لم يتعود حتى يسكت عن أمر سُئل عنه، فإن كان الأمر في القرآن أبلغ به، وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله أبلغ به، فإن كان من سيرة أحد الصحابة أبلغ به، فإن لم يكن في شيء من هؤلاء قدم رأيه فيه، ومن شدة اتقانه فقد قرأ سورة البقرة وفسرها آية آية وحرفا حرفا. لشدة ايمانه أنه لما سقط في عينه الماء أراد حتى يتعالج منه فقيل له: إنك تمكث كذا وكذا يوما لا تصلي إلا مضطجعا فكره ذلك.

وقد نطق : سلوني عن التفسير فإن ربي وهب لي لسانا سؤولا وقلبا عقولا.

من أقوال الناس في الصحابي ابن عباس

• كان عمر بن الخطاب يحرص على مشورته في جميع أمر كبير، وكان يلقبه بفتى الكهول. وكان إذا ذكره نطق: ذاكم كهل الفتيان.
• يصفه سعد بن أبي وقاص بهذه الحدثات:

" ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا أكبر لبّا، ولا أكثر فهما، ولا أوسع حلما من ابن عباس..

ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات، وحوله أهل بدر من المهاجرين والأنصار فيتحدث ابن عباس، ولا يجاوز عمر قوله"..

• نطق طاووس: أدركت سبعين شيخا من أصحاب محمد فهجرتهم وأنبترت إلى هذا الفتى، يقصد ابن عباس، فاستغنيت به عنهم.
• ونطق مسروق: إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس، فإن هوتحدث قلت أفصح الناس، فإن هووقع قلت أبلغ الناس.
• نطق ابن عمر: ابن عباس أفهم الناس بما أنزل على محمد.
• نطق عطاء بن أبي رباح: ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس، ولا أعظم جفنة ولا أكثر فهما، أصحاب القرآن في ناحية، وأصحاب الفقه في ناحية، وأصحاب الشعر في ناحية، يوردهم في واد رحب.
• نطق مجاهد: كنت إذا رأيت ابن عباس يفسر القرآن أبصرت على وجهه نورا.

يقول عن نفسه:" ان كنت لأسأل عن الأمر الواحد، ثلاثين من أصحاب رسول الله.

ويعطينا صورة لحرصه على إدراكه الحقيقة والفهم فيقول:" لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لفتى من الأنصار: هلمّ فلنسأل أصحاب رسول الله ، فانهم اليوم كثير. فنطق: يا عجبا لك يا بن عباس!! أترى الناس يفتقرون إليك، وفيهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترى؟،يا ترى؟ فهجر ذلك، وأقبلت أنا أسأل أصحاب رسول الله.. فان كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتي إليه وهوقائل في الظهيرة، فأتوسّد ردائي على بابه، يسفي الريح عليّ من التراب، حتى ينتهي من مقيله، ويخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله ما اتى بك..؟،يا ترى؟ هلا أوفدت اليّ فآتيك.،يا ترى؟ فأقول لا، أنت أحق بأن أسعى إليك، فأسأله عن الحديث وأتفهم منه"..!!

سئل ابن عباس يوما:" أنّى أصبت هذا الفهم"..،يا ترى؟ فأجاب:" بلسان سؤول.. وقلب عقول"..

فبلسانه المتسائل دوما، وبعقله الفاحص أبدا، ثم بتواضعه ودماثة خلقه، صار ابن عباس" حبر هذه الأمة..

كان تنوّع ثقافته، وشمول معهدته ما يبهر الألباب.. فهوالحبر الحاذق الفطن في جميع فهم.. في تفسير القرآن وتأويله وفي الفقه.. وفي التاريخ.. وفي لغة العرب وآدابهم، ومن ثمّ فقد كان مقصد الباحثين عن الفهم، يأتيه الناس أفواجا من أقطار الإسلام، ليسمعوا منه، وليتفقهوا عليه..

حدّث أحد أصحابه ومعاصريه فنطق: " لقد رأيت من ابن عباس مجلسا، لوحتى جميع قريش فخرت به، لكان لها به الفخر.. رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر حتى يجيء ولا حتى يمضى..

فدخلت عليه فأبلغته بمكانهم على بابه، فنطق لي: ضع لي وضوءا، فتوضأ وجلس ونطق: أخرج إليهم، فادع من يريد حتى يسأل عن القرآن وتأويله..فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سالوا عن شيء الا اخبرهم وزاد..

ثم نطق لهم: اخوانكم.. فخرجوا ليفسحوا لغيرهم.

ثم نطق لي: أخرج فادع من يريد حتى يسأل عن الحلال والحرام..

فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوا عن شيء الا أبلغهم وزادهم..

ثم نطق: اخوانكم.. فخرجوا..

ثم نطق لي: ادع من يريد حتى يسأل عن الفرائض، فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أبلغهم وزادهم..

ثم نطق لي: ادع من يريد حتى يسال عن العربية، والشعر..

فآذنتهم فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أبلغهم وزادهم"!!

وكان ابن عباس يمتلك إلى جانب ذاكرته القوية، بل الخارقة، ذكاء نافذا، وفطنة بالغة..

كانت حجته كضوء الشمس ألقا، ووضوحا، وبهجة.. وهوفي حواره ومنطقه، لا يهجر خصمه مفعما بالاقتناع وحسب، بل ومفعما بالغبطة من روعة المنطق وفطنة الحوار..

مع غزارة فهمه، ونفاذ حجته، لم يكن يرى في الحوار والمناقشة معركة ذكاء، يزهوفيها بفهمه، ثم بفوزه على خصمه.. بل كان يراها سبيلا قويما لرؤية الصواب ومعهدته.. لطالما روّع الخوارج بمنطقه الصارم العادل..

بعث به الامام عليّ بن أبي طالب ذات يوم إلى طائفة كبيرة منهم فدار بينه وبينهم محادثة رائع وجّه فيه الحديث وساق الحجة بشكل يبهر الألباب..

ومن ذلك الحوار الطويل نكتفي بهذه الفقرة..

سألهم ابن عباس: " ماذا تنقمون من عليّ..؟"

نطقوا: " ننقم منه ثلاثا:

أولاهنّ: أنه حكّم الرجال في دين الله، والله يقول ان الحكم الا لله..

والثانية: أنه قاتل، ثم لم يأخذ من مقاتليه سبيا ولا غنائم، فلئن كانوا كفارا، فقد حلّت أموالهم، وان كانوا مؤمنين فقد حرّمت عليه دماؤهم..!!

والثالثة: رضي عند التحكيم حتى يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، استجابة لأعدائه، فان لم يكن أمير المؤمنين، فهوأمير الكافرين.."

وأخذ ابن عباس يفنّد أهواءهم فنطق: " أما قولكم: انه حكّم الرجال في دين الله، فأيّ بأس..؟

إن الله يقول: ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)، فنبؤني بالله: أتحكيم الرجال في حقن دماء المسلمين أحق وأولى، أم تحكيمهم في أرنب ثمنها درهم.؟

تلعثم زعماؤهم تحت وطأة هذا المنطق الساخر والحاسم، واستأنف حبر الأمة حديثه: "وأما قولكم: انه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فهل كنتم تريدون حتى يأخذ عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين سبيا، ويأخذ أسلابها غنائم..؟؟

وهنا كست وجوههم صفرة الخجل، وأخذوا يوارون وجوههم بأيديهم، وانتقل ابن عباس إلى الثالثة:

" وأما قولكم: انه رضي حتى يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، حتى يتم التحكيم، فاسمعوا ما عمله الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، إذ راح يملي الكتاب الذي يقوم بينه وبين قريش، فنطق للمحرر: اخط. هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فنطق مبعوث قريش: والله لوكنا نفهم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك. فاخط: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، فنطق لهم الرسول: والله اني لرسول الله وان كذبتم، ثم نطق لمحرر الصحيفة: أخط ما يشاءون: أخط: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله".

استمرّ الحوار بين ابن عباس والخوارج على هذا النسق الباهر المعجز، وما كاد ينتهي النقاش بينهم حتى نهض منهم عشرون ألفا، معلنين أقتناعهم، ومعلنين خروجهم من خصومة الامام عليّ. لم يكن ابن عباس يمتلك هذه الثروة الكبرى من الفهم فحسب. بل كان يمتلك معها ثروة أكبر، من أخلاق الفهم وأخلاق الفهماء.

فهوفي جوده وسخائه أمام وعالم..

انه ليفيض على الناس من ماله، بنفس السماح الذي يفيض به عليهم من فهمه.

ولقد كان معاصروه يتحدثون عنه فيقولون: "ما رأينا بيتا أكثر طعاما، ولا شرابا، ولا فاكهة، ولا فهما من بيت ابن عباس".

وهوطاهر القلب، نقيّ النفس، لا يحمل لأحد ضغنا ولا غلا.

وهوايته التي لا يشبع منها، هي تمنّيه الخير لكل من يعهد ومن لا يعهد من الناس.

فيقول عن نفسه: "اني لآتي على الآية من كتاب الله فأود لوحتى الناس جميعا فهموا مثل الذي أفهم.

واني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضي بالعدل، ويحكم بالقسط، فأفرح به وأدعوله. ومالي عنده قضيّة.

واني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضا فأفرح به، ومالي بتلك الأرض سائمة."

وهوعابد قانت أوّأب، يقوم من الليل، ويصوم من الأيام، ولا تخطئ العين مجرى الدموع تحت خديّه، إذ كان كثير البكاء حدثا صلى، وحدثا قرأ القرآن، فاذا بلغ في قراءته بعض آيات الزجر والوعيد، وذكر الموت، والبعث علا نشيجه ونحيبه. وهوإلى جانب هذا شجاع، أمين، حصيف.. ولقد كان له في الخلاف بين عليّ ومعاوية آراء تدلّ على امتداد فطنته، وسعة حيلته.

وهويؤثر السلام على الحرب، والرفق على العنف. والمنطق على القسر، عندما همّ الحسين بالخروج إلى العراق ليقاتل زيادا، ويزيد، تعلق ابن عباس به واستمات في محاولة منعه. فلما بلغه فيما بعد نبأ استشهاده، أقضّه الحزن عليه، ولزم داره.

في جميع خلاف ينشب بين مسلم ومسلم، لم تكن تجد ابن عباس الا حاملا راية السلم، والتفاهم واللين، سليم أنه خاض المعركة مع الامام عليّ ضد معاوية. ولكنه عمل ذلك لأن المعركة في بدايتها كانت تمثل رنادى لازما لحركة انشقاق رهيبة، تهدد وحدة الدين ووحدة المسلمين.

ابن عباس في الفتنة الكبرى

حدث اول انقسام بين ال ابي طالب وال العباس بعد مقتل علي وانقسامات جيشه وانتهاء الامر للامويين فعاد عبد الله بن عباس من البصرة لمكة مع اتهامات في ذمته المالية واعتزل السياسة فلم ياخد موقفا من ثورة الحسين بن علي ضد يزيد والتزم الحياد في حرب عبد الله بن الزبير مع الامويين برغم سيطرة ابن الزبير على الحجاز ولذلك غضب عليه ابن الزبير فنفاه للطائف وهناك مات.

وفاته

توفي حَبر هذه الأمة الصحابي عبد الله بن عباس سنة 68 هـ بالطائف، وقد هبط في قبره وتولى دفنه علي بن عبد الله ومحمد بن الحنفية، والعباس بن محمد بن عبد الله بن العباس وصفوان، وكريب.

الأمويون يكافئون نسله

وبعد فوز الاموين مجددا ضد ابن الزبير وتقديرا لحياد عبد الله بن عباس في الحرب أكرم عبد الملك بن مروان ال العباس واغدق عليهم بالعطايا والاقطاعيات

أبرز ابناء ابن عباس كان كان اسمه علي السجاد أعطاه الأمويين مدينة كاملة اقطاع له اسمها الحميمة مشهورة بمزارعها واعتدال جوها وكان علي بن عبد الله بن العباس يحظي بمكانة خاصة لدى عبد الملك بن مروان ومن بعده ابنه الوليد إلى حتى وقع حادث كان سبب في تقلب الخليفة الوليد ضده وهوزواج علي السجاد من طليقته فامر الوليد بضربه واجبره على تطليقها وفرض عليه الاقامة الجبرية في الحميمة وفيها مات.

وبعد موت علي السجاد ورثه ابنه محمد وكان في نفسه شيء ضد الأمويين بسبب الطريقة المهينة التي عومل بها والده في آخر حياته فجمع أولاده وقرر حتى ينضم مجدداً في السر لأبناء عمومته العلويين فعاد إليهم معتذرا وبايعهم على العمل لاسقاط الحكم الأموي.

اعتمد محمد وأولاده على منهج ذكي واستراتيجية جديدة في العمل السري ضد الامويين يعتمد على حتى تكون الدعوة سرية وبدون قائد بعد حتى بدأ العوام يضيقون بالحكم الاموي بسبب طول فترة حكمهم وازدياد التعاطف مع الهاشميين. فاتفقوا مع أبناء عمومتهم العلويين بزعامة إنسان من ذرية الحسن يدعي محمد بن عبدالله ولقبه النفس الزكية واتفقوا على مبايعته سرا بالامامة على حتى تكون الدعوة للناس بدون اعلان اسمه ويكون شعار الدعوة السرية "البيعة للرضا من آل محمد" وتم تطوير تكتيكات جديدة لتداول الرسائل ونشر الدعوة بسرية.

للاستزادة

• [منتديات التاريخ http://www.eltareekh.com]

الهامش