حرب البشرات

عودة للموسوعة

حرب البشرات

المناطق التي اندلعت فيها ثورة البشرات

حرب البشرات (بالإسبانية: Guerra de las Alpujarras) أوثورة المورسكيين أوثورة البشرات (بالإسبانية: Rebelión de las Alpujarras) ـ (1568ـ1571) هوثورة على تاج قشتالة قام بها مسملوغرناطة الذين أجبروا على التنصر بعد سقوط مملكة غرناطة.

الخلفية التاريخية

سقوط غرناطة وثورات المسلمين 1499–1501

التنصير الإجباري تحت إشراف فرانشسكوخيمينيث دة سيسنيروس كان واحداً من الأسباب الرئيسية للتمردات.

ظل الكثير من المورسكيين يعيشون في الأندلس رغم سقوط مملكة غرناطة ـ آخر معاقلهم في الأندلس ـ سنة 1492، وكان هؤلاء المورسكيون ـ الذين لقبوا المدخر/المدجن (بالإسبانية: Mudéjares) ـ يتمتعون بقدر من الحرية الدينية، رغم تعرضهم لبعض التمييز القانوني.

رغم حتى معاهدة غرناطة نصت على التسامح مع المسلمين بعد تسليم غرناطة للقشتاليين، إلا حتى الملكة إيزابلا الأولى أصدرت سنة 1499 مرسومًا يقضي بإجبار جميع مسلمي إسبانيا على التنصر وإلا طردوا من إسبانيا، كما أمرت بإحراق الكثير من الخط العربية في ساحة البيازين بغرناطة. وقد أدى ذلك إلى اندلاع ثورة في غرناطة (1499 ـ 1501) اعتُبرت انتهاكًا من جانب المسلمين لمعاهدة غرناطة، مما أدى إلى إكراههم على الاختيار بين التنصر والطرد. وفي سنة 1502 ألغت إيزابيلا جميع التعهدات الرسمية التي تقضي بالتسامح مع المسلمين في جميع أراتى مملكة قشتالة، رغم حتى مملكة أراگون ظلت تتسامح بشكل ما مع مسلميها، وهوما ألغاه الملك كارلوس الخامس بدوره عقب ثورة الإخوة (بالإسبانية: Rebelión de las Germanías التي اندلعت سنة 1526.

وقد أدى ذلك إلى انقضاء الإسلام رسميًا من إسبانيا، ليُعهد المسلمون الذين تحولوا إلى الكاثوليكية باسم المورسكيين. وقد ظل الكثير من المورسكيين يتحدثون اللغتين العربية والأمازيغية ويرتدون ثياب المسلمين، وظل مسيحيوإسبانيا ينظرون بريبة إلى هؤلاء المورسكيين ويعتبرونهم مسلمين في السر ومسيحيين غير مخلصين.

أسباب التمرد الثاني

أسرة مسلمة تسير في الريف الاسباني، بريشة كريستوف ڤايدتس، 1529.


التهديد العثماني

في منتصف القرن السادس عشر الميلادي ظهرت دولة الخلافة العثمانية كقوة إسلامية ضاربة في منطقة حوض البحر المتوسط، ونشبت عدة صدامات عسكرية بين الدولة العثمانية وإسبانيا، وقد خشي فيليب الثاني ملك إسبانيا من دعم المورسكيين لغزوعثماني محتمل لإسبانيا، وهوما خطط له العثمانيون بالعمل ـ مساندةً للمورسكيين ـ ولكن البعض أقنع السلطان سليم الثاني باحتلال قبرص بدلًا من إسبانيا لمسقطها الاستراتيجي.

رد عمل التاج الإسباني

في سنة 1567 أصدر الملك فيليپ الثاني مرسومًا قضى بإنهاء جميع أشكال التسامح مع الثقافة المورسكية، فحظر استخدام اللغتين العربية والأمازيغية (البربرية)، ومنع ارتداء الملابس المورسكية، وأجبر المورسكيين على التسمي بأسماء مسيحية، وأمر بتدمير جميع الخط والوثائق المدونة باللغة العربية، وبتعليم جميع الأطفال المورسكيين على أيدي قساوسة كاثوليك. ويرى البعض حتى فيليب الثاني أصدر هذا المرسوم بنية دفع المورسكيين للثورة ليتخذ ذلك ذريعة لإبادتهم أوطردهم، أوأنه كان يريد ضمان ولاء المورسكيين بمجهم دمجًا كاملًا في المجتمع الإسباني.


الثورة

تسببت سياسة فيليب الجديدة المتشددة في اندلاع ثورة مسلحة في المناطق التي كانت في الماضي جزءًا من مملكة غرناطة. خطط للثورة فرج بن فرج ـ الذي ترجع أصوله إلى بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين ـ ومحمد بن عبو(واسمه الإسباني دييگولوپيث)، وجمعا القوات وطلبا المدد من ملوك شمال إفريقيا.

مبايعة ابن أمية ملكاً على العرب في تمرد البشرات، حسب نقش رواية "منفيوالبشرات" (1859) التي خطها مانوِل فرنانديث إ گونثاليث.

وفي ليلة عيد الميلاد من سنة 1568 اجتمع سرًا في وادي الإقليم (بالإسبانية: Vale de Lecrin) جماعة من منفيي ومورسكيي غرناطة والبشرات وغيرهما، وتبرأوا من المسيحية، وبايعوا ابن أمية ـ ومسماه المسيحي فرناندودي بالور (بالإسبانية: Fernando de Valor) ـ قائدًا لهم ووريثًا لعرش الدولة الأموية في الأندلس. وبدأ العصيان المسلح على شكل حرب عصابات بدعم عسكري ومالي من الجزائر. ولكن ابن أمية اغتيل سنة 1569 وخلفه محمد ابن عبو.

أوفد فيليب الثاني قوات عسكرية كبيرة قوامها جنود إسبان وإيطاليون لقمع الثورة على رأسها أخوه غير الشقيق جون النمساوي، وكان من بين مقاتلي هذه الحملة الإنكا گارثيلاسودي لا ڤـِگا، الذي نُصب قائدًا فيما بعد مكافأة له على دوره في قمع هذه الثورة. ورغم حتى الثوار ـ الذين تزايد عددهم باضطراد من أربعة آلاف رجل سنة 1569 إلى 25 ألف رجل في العام التالي (بينهم جنود من البربر والأتراك) ـ رغم أنهم حققوا بعض الفوزات، إلا أنهم سرعان ما خسروا ما كسبوه وقُتل قائدهم ابن عبوبيد بعض أتباعه في مؤامرة دبرها الإسبان في أحد كهوف البشرات في 13 مارس 1571، ثم خمدت الثورة سنة 1571.


حاول مركيز بلش-مالقة إثبات تفوّقه على منافسة مركيز مندخار فور تسلّمه قيادة المنطقة الشرقية فتوغل بجنوده سريعاً في جبل البشرات واحتل ممر رباحة الاستراتيجي لبتر الإمدادات عن الثوار. لكنّ مركيز بلش-مالقة لم يحفظ المداخل فطوّق الثوار الممر وعزلوا الجنود ونشبت معارك متبترة مُنيت قوات المركيز فيها بخسائر كبيرة اضطرتها إلى الإنسحاب وإعادة التمركز في بلدة برجة الواقعة على الجنوب الشرقي من جبل الثلج (نيڤادا). وتقدم الثوار إلى البلدة فحاصروها لكن جنود المركيز تمكّنوا من صدهم وألحقوا بهم الخسائر فكبس المركيز على الثوار مستغلاً تراجعهم. ولم ينتبه المركيز إلى امتداد الثورة إلى البلدات الواقعة على نهر المنصورة إلا بعد فوات الأوان فارتدّ إلى مدينة عدرة الواقعة على الساحل جنوبي برجة وبعث يطلب مدّه بالجنود من الجهة الوحيدة المفتوحة أمامه وهي البحر. وذاعت أنباء فوزات الثوار فتحمّس الأندلسيون في المناطق المحيطة بمدينة الحامة وقاموا على القوات القشتالية فانسحبت من أرياف المنطقة ومعها المليشيات القشتالية وتحصنت وراء أسوار المدن. وعمّت بعدها الانتفاضة الجنوب، وبدأ الأندلسيون مناوشات عسكرية حول بعض أبرز مدن مملكة غرناطة مثل مالقة وبلش-مالقة ومطريل Motril والمنكب Almunecar.

جسر الطبلات
الطريق إلى وادي پوكيرا

وفاجأ تسارع الأحداث دون خوان فبعث إلى فليب الثاني يستعجله إمداده بقوات إضافية فأصدر أوامره إلى القائد الأعلى ريكويسنس بوقف مسير جيش من الجنود المحترفين إلى إيطاليا لتعزيز القوات الإسبانية تحسّباً من هجوم العثمانيين، والتوجه على الفور إلى الجنوب لقمع الثورة في جبال الحامة. واشتبكت قوات ريكويسنس مع الثوار وارغمتها على التراجع، ثم هاجم مدينة فرجالة Frigiliana التي كانت وقتها من أقوى معاقل الثوار. وحاول ريكويسنس اقتحام المدينة مرات عدّة فمُني بخسائر كبيرة أجبرته على ضرب الحصار حولها. وخرج الثوار الأندلسيون من المدينة إلى القوات القشتالية لكسر الطوق عنها فدارت معركة عنيفة انضمت خلالها مليشيات مالقة إلى قوات ريكويسنس فقلبت الميزان وانكسر الثوار فاقتحمت القوات المشهجرة المدينة. وفي التاريخ الإسباني حتى قوات ريكويسنس والمليشيات فقدت في المعارك التي دارت على مشارف فرجالة نحو600 إنسان لكنها تمكنت من اغتال ألفين إلى ثلاثة آلاف أندلسي في حين تمكّن نحوألفي أندلسي من الانسحاب والالتحاق بمعكسر ابن أميّة. واشهجرت الأندلسيات إلى جانب الرجال في محاولة منع القوات القشتالية من دخول فرجالة لكن المؤلف الأميركي برسكوت يقول إذا جماعات من النساء الأندلسيات فضّلن بعد اقتحام المدينة الانتحار برمي أنفسهن من على الأسوار والشواهق تخلّصاً من الاغتصاب والسبي الذين كان ينتظرهن.

ورد الثوار على سقوط فرجالة في منتصف سنة 1569 بهجوم شنّه نحوخمسة آلاف ثائر على مدينة سيرون Seron التي كانت احدى المدن التي بقيت بيد القشتاليين في وادي نهر المنصورة الواقع شمال مدينة المرية. وأخفق الثوار في أخذ المدينة نتيجة المقاومة العنيفة التي أبدتها الحامية بقيادة ميرونس Mirones، فضرب عليها الثوار الحصار في 18 يونيومن السنة ذاتها وبتروا طرق تموينها. وكان دون خوان خط إلى فيليب الثاني يقترح عليه نفي سكان مدينة غرناطة بموافقة دي ديثا عندما وصلت إليه أنباء حصار سيرون فأمر قائداً عسكرياً يُدعى ألونصوكربخال بالتوجه لحمل الحصار. لكن فيليب كان سمع بالحصار أيضاً فأمر مركيز بلش مالقة بتولي مهمة انقاذ الحامية. ولا نعهد سير الأحداث بعد ذلك، إلا حتى رواية إسبانية تقول إذا المدينة استسلمت فدخل الثوار وقتلوا جميع من تخطّى الثانية عشرة من العمر وأسروا النساء والأطفال.

لقاءة الثورة الأندلسية

دون خوان دى أوستريا، بريشة خوان پانتوخا دلا كروز.

انتقم دون خوان لسقوط سيرون بنفي معظم سكان مدينة غرناطة وامتد هذا الانتقام إلى المسؤول الوحيد الذي أبدى بعض التعاطف مع الغرناطيين فجرّد دون خوان مركيز مندخار من معظم صلاحياته بعد موافقة فيليب الثاني. وصغر شأن المركيز بعد ذلك وضعفت نفسه ومات قبل نهاية السنة. وكان دون خوان يعتقد حتى قيادة القوات القشتالية ستؤول إليه إلا حتى فيليب أصر على موقفه السابق وأسند هذه المهمة إلى مركيز بلش مالقة. وهنا استاء دون خوان من هذه المستوى وبدأ حملة لعزله فخط إلى فيليب الثاني يذكّره باخفاقاته العسكرية وضمّ إلى صفه ريكويسنس الذي أوصى في كتاب إلى الملك فيليب بعزل مركيز بلش مالقة فاستجاب وأمر بما اقترحاه. وفيما انشغل دون خوان بإزالة العقبة الأخيرة التي وقفت بينه وبين قيادة الجيش، نقل الثوار عملياتهم إلى الجبال الغربيّة. واسند بن أميّة قيادتهم إلى أخيه الغالب، وانحسرت سلطة جنود فيليب الثاني في الجنوب، وفقدوا السيطرة على أغلب الأرياف.

وإزاء هذه التطورات اقترح دون خوان على أخيه خطة شاملة للقضاء على الثورة شرط إمداده بالقوات، فوافق فيليب الثاني وعهد إلى دون خوان إعادة تنظيم الجيش في انتظار وصول التعزيزات. وتولّى دون خوان قيادة المنطقة الشرقية مؤقتاً، فيما تسلّم دوق سيسه مهمة حراسة الطرق والممرات المؤدية إلى غرناطة من جبل البشرات. وفيما كان دون خوان يعيد تنظيم قواته تمرّد قسم من حامية غرناطة، إذ هبط هؤلاء في ضيافة القشتاليين بعد تهجير الأندلسيين من المدينة لكنهم لم يجدوا معاملة مماثلة فعمّ الاستياء وتطاولوا على مستضيفيهم محتجّين على نوع الطعام المقدّم لهم والخدمات القليلة الممنوحة لهم. وأثار احتجاجهم استياء القشتاليين فشكوا الجنود الى السلطة وتوقفوا عن خدمة جنود الحامية فأعرب هؤلاء العصيان. وبعد التحقيق في الأسباب طرد دون خوان 37 ضابطاً من أصل 45 وأعاد السيطرة على الجنود واتخذ غرناطة مقراً عاماً، وبدأ الجنود وقوات المليشيات يتدفقون على غرناطة من المدن القشتالية القريبة، وبات المسرح معداً لشن الهجوم الأخير قبل حتى يحل الشتاء بثلوجه ويمنع حركة الجنود، الأمر الذي كان سيؤدي الى تأجيل الحملة ضد الثوار حتى الربيع.

ونحونهاية عام 1569 استغل الأندلسيون تباطؤ حركة الجيش بسبب الشتاء وبتروا بعض خطوط التموين مع الشمال فاضطر دون خوان إلى تحريك قواته وشن سلسلة من العمليات العسكرية لإعادة فتح هذه الخطوط لكن استمرار بقائها مفتوحة اقتضى اقتحام مركز كان الأندلسيون يستخدمونه للإغارة على تلك الخطوط. إلى غير ذلك قاد دون خوان جيشاً من الجنود والمليشيات وحاصر مدينة گاليرا Galera الواقعة إلى الشمال الشرقي من بسطة في التاسع عشر من كانون الثاني (يناير) عام 1570. واستمر هذا الحصار نحوالشهر جرت خلاله مفاوضات لتسليم المدينة لقاء عهود بترها دون خوان على نفسه بالإبقاء على أرواح أهلها وأملاكهم لكن ما حتى دخلها حتى ”أمر بقتل جميع سكان المدينة المقدّر عددهم بحوالي ثلاثة آلاف بعد اغتصاب نسائها. ووصلت أعمال القتل والإغتصاب إلى قدر فظيع من الوحشية أرهق الجنود فتفرقوا في جميع الاتجاهات صباح اليوم التالي عندما وصلت مجموعات من الأندلسيين لنجدة أهل المدينة. وحاول دون خوان إعادة تنظيم جنوده وقوات المليشيات إلا أنه أخفق في ذلك مرات عدّة وكاد يهلك خلال محاولاته تلك.“

وبقي دون خوان في گاليرا حتى مطلع فبراير 1570 قاد بعدها نحوثلاثة آلاف راجل و200 فارس وكتائب من حملة البنادق ورماة المدفعية وبدأ هجوماً مزدوجاً على مدينة سيرون التي كان الثوار أخذوها في يوليوالسابق. وعهد دون خوان الى ريكويسنس قيادة الهجوم الأول وإلى تابعه كيخادا قيادة الثاني وارتقى تلاً مشرفاً راقب منه سير العمليات. واخترق الهجومان خطوط الدفاع الأندلسية فاحتمى قسم من الأهالي في المساكن الحصينة فيما انسحب آخرون إلى الجبال.

ودخل قسم من المشاة بقيادة لوپه ده فيگيروا Lope de Figueroa الجزء المُخلى من المدينة وبدأ نهب المساكن، إلا حتى الأندلسيين كانوا طيّروا الدخان إشارة إلى طلب النجدة فهبط إلى المدينة آلاف الأندلسيين يتقدمهم قائد نعهده باسم "الحبقي" المسؤول عن تلك المنطقة فتراجعت قوات دون خوان في جميع الاتجاهات. أما المشاة في المدينة فأعمتهم المفاجأة فأسقطوا ما سلبوه واحتموا في مساكن المدينة. وهنا أطبق الثوار عليهم وأحرقوا بعض المنازل التي احتموا بها. وعندما هدأت المعركة التي سقطت في السابع عشر من شباط عام 1570وتوقف الأندلسيون عن مطاردة القوات القشتالية أحصى دون خوان نحو600 قتيل فوقهم المشاة الذين قتلوا أواحترقوا في سيرون. وأصيب كيخادا في تلك المعركة بطلقة في كتفه الأيسر ومات متأثراً بجرحه، كما أصابت طلقة خوذة دون خوان لكنها لم تكن مؤثّرة. معركة ليبانت البحرية وبدء مفاوضات إنهاء الثورة.

بعد يومين من الحادثة الأخيرة اتضحت لدون خوان ضرورة الحصول على إمدادات إضافية فخط الى فيليب الثاني يصف له الوضع ويطلب إرسال القوات بسرعة. وتضمّن ردّ فيليب على الرسالة الوعد بإرسال ألفي جندي آخر لكن الردّ تضمّن طلباً لم يتسقطه دون خوان هوإنهاء الحرب مع الأندلسيين بأقصى سرعة ممكنة، وفتح باب المفاوضات على الفور.

ويعود سبب هذا الطلب المفاجىء إلى تطورات حاسمة كان إيقاع خطواتها يتسارع في الجانب الآخر من أوروبة. ففي مطلع عام 1570 بدأت الأساطيل العثمانية تقترب من جزيرة قبرص التي سيطر عليها البنادقة مستغلة انشغال جيوش فيليب الثاني في قمع الثورة الأندلسية. وفي بداية شباط (فبراير) عام 1570وجّه العثمانيون إنذاراً نهائياً إلى البندقية بتسليم قبرص التي كانت تُستخدم قاعدة لاعتراض السفن العثمانية والعربية والإغارة على بعض المدن مثل الإسكندرية. ولجأت البندقية إلى البابا بيوس الخامس فعرض على فيليب الثاني إنشاء تحالف ضد العثمانيين يستهدف اسطولهم الكبير الذي بدأ يهدد أغلب شواطىء البحر الابيض المتوسط. واقتضت خطة البابا تشكيل قوة بحرية كبيرة من أساطيل البندقية المتحالفة مع أساطيل دول أوروبية أخرى يقودها فيليب الثاني بنفسه، على حتى تتولى البابوية تمويل هذه الحملة من الضرائب التي أقر البابا بعضها على سائر أهل الكاثوليكية، ومن محصلة بيع صكوك الغفران. ولم يكن فيليب غادر قشتالة يوماً واحداً منذ استلم عرش البلاد، ولم يكن يعتزم مغادرتها آنذاك فاقترح على البابا تسليم قيادة الحملة إلى دون خوان فور إخماد الثورة الأندلسية في الجنوب. لكن دون خوان لم يكن حتى تلك الفترة في وضع يمكّنه من إنهاء الثورة التي استفحلت وعمّت قسماً كبيراً من مملكة غرناطة. وبات الوقت على غاية كبيرة من الأهمية، وانتقلت الثورة الأندلسية من دورها المحلي المحصور بمملكة غرناطة إلى دور عالمي أعاق قيادة الإسبان واحدة من أبرز معارك القرن السادس عشر.

وأمام هذا الوضع وجّه فيليب الثاني دون خوان لفتح المفاوضات مع الأندلسيين وبدأ مفاوضات مع البابا أطالها متعمداً لإعطاء دون خوان الفرصة لانهاء الثورة الأندلسية. وبدأ دون خوان مفاوضاته باجتماعات عدّة عقدها مع الفارس الحبقي. ودعم فيليب الثاني سير المفاوضات فأصدر إرادة ملكية منحت جميع الأندلسيين عفواً شاملاً لكنها توعّدت بإعدام جميع الرجال والشبان الذين تفوق أعمارهم الرابعة عشرة إذا لم يستسلموا خلال 20 يوماً من صدور الإرادة. ولا نعهد طبيعة المفاوضات بين دون خوان والحبقي، إلا أنه يمكن ربطها بما وقع بعد ذلك إذ انسحبت قوات الحبقي من سيرون ثم من تجلة Tijola وبرشانة Purchena فنقل دون خوان مقر قيادته إلى البذّول Padules القريبة من وجر أندرش Lujar de Andarax في الثاني من أيار (مايو) ٠٧٥١، وبسط سيطرته الكاملة على سائر المدن والقرى في وادي نهر المنصورة ونشر قواته في أغلب المناطق الواقعة إلى الشرق من جبل البشرات. وبدأت كتائب دون خوان تجوب الارياف للقضاء على جيوب المقاومة، وضمت العمليات إتلاف الحقول والمزارع وإحراق بيوت الفلاحين الأندلسيين فتحوّلت المنطقة إلى خراب كي لا تقدم مسببات الحياة لأي مخلوق، ”وكانت هذه هي طبيعة إجراءات المصالحة التي استخدمتها الحكومة للقضاء على الثوار.“

وفيما عاثت قوات دون خوان في منطقتها فساداً، قاد دوق سيسة جيشاً من عشرة آلاف راجل و200 فارس للقضاء على الثورة في المناطق الشمالية من جبل البشرات، إلا حتى قوات إبن أميّة تصدت للجيش بإغارات كثيفة وفرّت أعداد من الجنود فانسحب دوق سيسة إلى الساحل ثم التحق بمعسكر دون خوان في البذّول. وهنا بعث دون خوان إلى الحبقي يطلب بدء جولة جديدة من المفاوضات الكاملة فوافق وبدأت هذه المرة في الثالث عشر من أيار في قرية تدعى فندون اندرش Fondón de Andarax بحضور الحبقي وعدد من الزعماء الأندلسيين.

واشترط الوفد الأندلسي لوقف القتال إصدار عفوعام حديث والغاء مرسوم الأول من كانون الثاني عام 1567 فطلب دون خوان حتى يأتيه الوفد بما يثبت موافقة ابن أميّة على الشروط، فيما عهد إلى أمين سره خوان دي سوتوJuan de Soto الإشراف على صياغة بنود الاتفاق الجديد. وفي التاسع عشر من أيار عاد الوفد إلى معسكر دون خوان بموافقة ابن أميّة فصادق الحبقي على الاتفاق ممثلاً عن الجانب الأندلسي. وبعد انتهاء المراسم انسحب الوفد الأندلسي باستثناء الحبقي الذي بقي في المعسكر ضيفاً على دون خوان وحضر مأدبة عشاء دُعي إليها القادة والأعيان بمن فيهم رئيس أساقفة وادي آش Guadix.

ولما انتهى إلى فهم ابن أميّة بقاء الحبقي في معسكر دون خوان ثارت شكوكه، وتحوّلت الشكوك إلى إنكار بعدما عهد حتى اتفاق العفوعن الأندلسيين يتضمن بنداً يقضي بإبعاد جميع سكان البشرات عن أماكن اقامتهم على حتى يتكفّل الملك برعايتهم في مناطق سكناهم الجديدة. وهنا بعث ابن أميّة إلى دون خوان ينفي موافقته على هذا البند. ولما أجابه دون خوان حتى البند موجود في الاتفاق الذي صادق عليه الحبقي ثار ابن أميّة واتهم الحبقي بتجاوز صلاحياته. ولما سمع الحبقي بما وقع خرج من معسكر دون خوان إلى سكناه في بلدة برشل Berchules الجبليّة المطلة على مناظر خلابة في الجنوب، فبعث ابن أميّة جماعته إليه فساقوه الى محل اقامته في مسينه Mecina Bombaron الواقعة إلى الشرق من برشل حيث أعدموه ولفوا جثته بالقش ورموها في واد عميق. ولما استفقد دون خوان الحبقي وعهد بمقتله بعث هرنان بال دي بلاثيوس إلى معسكر ابن أميّة يعرض الصلح فرد عليه: ”لا أمنع قومي من عمل ما يشاؤون لكن ابلغ سيدك انني لن أسلك سبيلهم ما بقي عليّ كساء يستر ظهري. وإن لم يصمد أحد من البشرات فأنا صامد وحدي مفضّلاً حتى أعيش مسلماً وأموت مسلماً على حتى أنعم بكل ما يمكن ان يقدمه إليّ فيليب الثاني.“ وحين عاد هرنان إلى دون خوان بقرار ابن أميّة بدأ الأخير في إعداد جنوده للقضاء على الثورة، وانتظر موافقة فيليب على إرسال إمدادات عسكرية جديدة لشن الحملة النهائية على الأندلسيين في مملكة غرناطة.


نتائج الثورة

بعد نجاح الإسبان في قمع الثورة، نُقل جميع سكان البشرات تقريبًا إلى قشتالة وغرب الأندلس، وأخليت حوالي 270 قرية من سكانها المسلمين ووُطن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني بينما تُرك البعض الآخر خاويًا على عروشه. وقد ترتب على هذا التغير الديموغرافي تدير صناعة الحرير لقرون تالية.

كما أمر فيليب الثاني بتشتيت ضم 80 ألفًا من مورسكيي غرناطة في أنحاء متفرقة من مملكته لتفتيت وحدة المجتمع الموريسكي وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي، إلا حتى العكس هوما حدث، إذ كان لمورسكيي غرناطة المهجرين تأثير كبير في المورسكيين الذين سبقوهم بالتوطن الإجباري في المناطق التي نُقلوا إليها، والذين كانوا على وشك الاندماج عمليًا في تلك المجتمعات.

The Libro de apeos, kept in the Bubión town hall.

في ليل الأربعاء 22 يونيو1569 دبّت في غرناطة حركة غير عادية إذ تدفقت قوات قشتالية كبيرة على المدينة تحت جنح الظلام وأغلقت أبواب المدينة وضربت حصاراً حول الأحياء الأندلسية. وصباح يوم الخميس الموافق للتاسع من محرّم سنة 977 هجرية بعث دون خوان المنادين إلى رباض البيّازين فأمروا جميع الأندلسيين الغرناطيين ممن تراوح أعمارهم بين العاشرة والستين الاتجاه فوراً إلى أقرب الكنائس إليهم وحذروا بإنزال أشد العقاب بالمخالفين.

وعمّ الخوف البيازين فهرع أعيان الأندلسيين إلى دون خوان للاستفسار عن سبب النداء وأكدوا ولاءهم لفيليب الثاني والتزامهم الحياد واعتراف الحاكم العسكري بهم ”أندلسيي السلم“. وطمأن دون خوان الوفد وشرح حتى هدف جمع الرجال هوتعدادهم، وطلب إليهم ضمان تأمين امتثال الأندلسيين للأمر فعملوا ما أشار به. لكن ما حتى ولج الرجال والفتيان الكنائس حتى أغلق الجنود أبوابها وضربوا عليها الحراسات وأبعدوا الأمهات والزوجات اللواتي جئن الكنائس يتوسلن ويبكين من الخوف على أولادهن وأزقابلن وآبائهن.

وفجر يوم الجمعة أمرت القوات القشتالية الأندلسيين بالخروج من الكنائس والاصطفاف في صورة أرتال تحرّكت تحت حراسة مُشددة إلى المستشفى الملكي. وكان دون خوان كتم سبب جمع الرجال الأندلسيين حتى تلك اللحظة إلا حتى حادثاً سقط في الطريق أثار خوف الأندلسيين وكشف المصير الذي ينتظرهم إذ لطم أحد الجنود شاباً غرناطياً ليحضّه على الإسراع فاغتاظ الشاب وضرب الجندي بحجر فاندفع الجنود إليه وقطّعوه بسيوفهم على مرأى الأندلسيين، ثم أوثقوهم كلهم بعد ذلك.

وأمضى دون خوان النهار يفرز الأندلسيين فاختار منهم نحوألفين من الفهماء والحرفيين والعالمين في فنون الصناعة والزراعة والبناء، وقسّم الباقي إلى جماعات حُددت لكل منها وجهة مُخصصة لها في قشتالة. وعندها فقط عهد نحو35.000 غرناطي حتى دون خوان كان ينفّذ مرسوماً أصدره الملك فيليب الثاني بتغريب أهل مدينة غرناطة آخذاً بتوصية جميع من دون خوان وبدرودي ديثا. وبعد الانتهاء من تغريب الرجال باستثناء من أمر دون خوان استبقاءهم، انتزع القشاتلة الأطفال من أمهاتهم، وجرى توزيعهم بإشراف الكنيسة على بيوت القشتاليين لإنشائهم نشأة كاثوليكية. وسمح دون خوان للنساء البقاء في غرناطة ريثما يبعن أملاكهن، لكن لا نجد في المصادر التاريخية الإسبانية أي معلومات عما حصل لمعظمهن بعد ذلك.

واتبع فيليب الثاني تغريب أهل مدينة غرناطة بتغريب قسم كبير من سكان مملكة غرناطة بموجب مرسوم خاص أصدره في الثامن والعشرين من تشرين الاول (اكتوبر) عام 1570. وأشرف دون خوان هذه المرة أيضاً على أعمال الترحيل التي جرت وفق نظام الترحيل الأول، إلا حتى عدد المُغربين كان كبيراً مما اضطره إلى الاستعانة بقوات ريكويسنس ودوق سيسه خوفاً من انفلات الأمور. وفي الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) بدأت أول مجموعة من المُغرّبين الاتجاه إلى منافيها في قشتالة وتبعتها مجموعات أخرى في الاسبوعين اللاحقين.

ثم توالت أعمال التغريب مع استمرار استسلام الأندلسيين ونزولهم أولاً بأول من ملاجئهم في الجبال. ولم ينته دون خوان من مهمته حتى كان عدد الذين غرّبهم في هذه المرّة الثانية نحو50.000 أندلسي. وانتهى معظم أطفال الأندلسيين المُغرّبين نهاية أطفال مدينة غرناطة فتوزّعتهم الكنيسة والقشاتلة وانبترت عنهم أخبار آبائهم وأمهاتهم اللواتي لا نعهد أيضاً ما وقع لهنّ بعد نفي أزقابلن وأولادهن إلى الشمال.

ولم يكن هذا مصير الجميع فعندما بدأت الثورة الأندلسية الكبرى كانت غالبية أندلسية تسكن المدن والقرى الواقعة شمال المرية وشرقها مثل طريلة Turrilas وطربال Tarbal ونجار Níjar وأنوش Inox ومجقار Mojácar والقرون Llegaron والمنتزه Mantanza ووبرة Huebro ولقينة Lucainena وغيرها. وعندما اشتدت المعارك احتمت النساء والأطفال في حصن أنوش Peñón de Inox في انتظار فرصة للعبور إلى المغرب لكن جماعات من المرتزقة الأوروبيين والقشاتلة والأرغونيين سمعوا بوجودهم فنزلوا عليهم وسبوا نحوثلاثة آلاف امرأة وطفل.

وعادت السلطة بعد تغريب معظم سكان مملكة غرناطة الأندلسيين فنفت جزءاً كبيراً من سكان المرية حتى تقلّص عدد سكانها عام 1571 إلى نحوسبعة آلاف فقط. وسعت السلطات إلى محاولة إعمار تلك المناطق بالمهاجرين القشاتلة وغيرهم إلا انها لم تجد إلا عدداً قليلاً، ولم تستعد هذه المناطق بعض حياتها السابقة إلا بعد نحو100 عام من نفي سكانها الأندلسيين.

ونجد في التاريخ حالات لا تحصى من انزال العقوبات الجماعية والتجريم بالإرتباط لكنّ الإسبان عملوا ذلك بمجموعة من القوانين والمراسيم الملكية القراقوشية العجيبة. ففي الرابع والعشرين من شباط 1571 صدرت مجموعة أوامر معروفة باسم ”مجموعة القوانين المحلية الخاصة بمملكة غرناطة“ Ordenanzas de Granada قُدم لها بالآتي: »لا يجب أخذ الموريسكيين الذين لم يشاركوا في العصيان بجريرة العاصين، وعلينا ألا نرغب في ايذائهم. لكن لن يستطيع هؤلاء من اليوم استغلال أراضيهم لأن محاولة فصل الأبرياء عن المذنبين مهمة بلا نهاية. وسنعمل بالتأكيد على تعويضهم في المستقبل، لكن أملاكهم ستُصادر في الوقت الراهن مثلهم في ذلك مثل الموريسكيين الثائرين«22. ولم يُعوض أندلسيوالسلام عن مصادرة أملاكهم التي مضىت لتغطية نفقات الحرب المُقدّرة بنحو100 مليون دولار بعملة أميركا اليوم، ومع ذلك نرى في موقف القشتاليين من هذا القانون استهجاناً صارخاً فاعتبروا ما اتى فيه تسامحاً عن الأندلسيين لا يسوّغه العقل.

وسعت القوانين والمراسيم التي اصدرتها الحكومة بعد إنهاء الثورة إلى منع عودة الأندلسيين إلى أرضهم وأعادت تشديد القيود المفروضة عليهم. ومن تلك المراسيم مرسوم شرير صدر في السادس من تشرين الاول (اكتوبر) عام 1572 حرّم على الأندلسيين التخاطب بالعربية أوالكتابة بها، وحدد عقوبة المخالفة الأولى للمرسوم بالسجن مع التكبيل بالحديد مدة 30 يوماً، وضعفي المدة في المخالفة الثانية، والخدمة أربع سنوات في القواديس مع 100 جلدة طالما المخالفة الثالثة. واتى في المرسوم حتى العثور على وثيقة عربية أوصفحة مكتوبة بالعربية سيعرّض صاحبها للخدمة في القواديس (نوع من السفن السائدة آنذاك) أربع سنوات بعد توقيع 100 جلدة بحقه. وألغى المرسوم أي قيمة قانونية لأي وثيقة أوصك مكتوب بالعربية، وحدد عقوبة جميع المسؤولين عن مثل تلك الوثائق أوالصكوك بمئتي جلدة والعمل سخرة في القواديس ست سنوات. وتضمن المرسوم عدداً كبيراً من الممنوعات والمحظورات إلا حتى أعظم العقوبات كانت بحق الأندلسيين الذين يهجرون المناطق السكنية المحددة لهم بعد نفيهم. إذ اتى في المرسوم حتى عقوبة القبض على أي أندلسي يراوح سنه بين العاشرة والسابعة عشرة في أي مكان دون عشرة فراسخ (نحو٥٥ كيلومتراً) من غرناطة سيعرّضه إلى عقوبة الشغل في القواديس بقية أيام حياته. وإذا كان عمره فوق ذلك ستكون عقوبته الإعدام. وألزم المرسوم الأندلسيين بضرورة إبلاغ السلطات بفرار أي أندلسي من المنطقة الجديدة المحددة لسكناه. وإذا تخلّفت أي أسرة عن تقديم مثل هذا البلاغ إلى السلطات فإن عقوبة أفرادها ستكون السجن مدة شهر واحد والجلد بغض النظر عن نوع صلة الأندلسي الفار بهذه الأسرة.

توزّع الأندلسيين بعد الثورة الكبرى

Typical Alpujarran village. It has expanded slightly since Moorish times, but retains original features—narrow streets, flat roofs, "bowler-hat" chimneys. The church is in the place of the former mosque.

يوجد موقف قريب من الإجماع لدى الكتّاب الذين ألفوا في أحوال الأندلسيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر على اقتراح تقديرات تضع عدد الأندلسيين بين ملايين عدة وأقل من 300 ألف شخص، إلا أنني أميل شخصياً إلى الأخذ بتقديرات الاقتصاديين الذين تناولوا هذا الموضوع الكارثي والغني والمثير في آن مقارنة بمؤرخين محدثين اعتمدوا مجموعة من الوثائق القشتالية غير المشهورة بدقتها يقترب عمرها من قرنين ونصف القرن. وعلى رغم تراكمية القيود التي فرضتها السلطات القشتالية على الأندلسيين، وتضافر جهود السلطة والكنيسة ومعظم القشاتلة في مراقبتهم واضطهادهم لم تكن مملكة فيليب الثاني، كما لم تكن مملكة أبيه كارلوس الخامس من قبله، مثال التنظيم والدقة فسادتها الفوضى والرشوة والفساد والتعثّر مثلها مثل غيرها. ووجد الأندلسيون سهلاً الحصول في بعض الحالات على الوثيقة التي يريدونها إذا كان لديهم المال لدفع الثمن. ولا ننتقص من نضال الأندلسيين واستماتتهم دفاعاً عن أهلهم ودينهم وعروبتهم إذا خلصنا من متابعة المتوافر من المعلومات عن الثورة الأندلسية الكبرى إلى الاستنتاج بوجود حالات واضحة من غياب الانضباط والنظام في صفوف القوات القشتالية، لذا لم يكن اجتياز الأندلسيين إلى العدوة محالاً في جميع الأوقات، ولم تتوقف حركة الأندلسيين عبر مضيق جبل طارق قبل تسليم غرناطة ولا بعدها. وعلينا الافتراض حتى تهريب الناس في تلك الفترة جرى في الصورة التي يجري عليها في أيامنا هذه، وكان للكثيرين نشاطاً مجزياً لا يمكن السيطرة عليه بسهولة لأن جماعات من السلطة كانت تستفيد من هذا النشاط وتحمي أصحابه. وما ينطبق على الأندلسيين في مملكة غرناطة ينطبق على الأندلسيين في قشتالة وأرغون. وعلينا الافتراض حتى هؤلاء كانوا يستطيعون دائماً اجتياز الحدود إلى جنوب فرنسا ومنها إلى إيطاليا فالعدوة وغيرها، أوالحصول على الأوراق الرسمية المدفوعة الأجر أوالمزوّرة التي تسمح لهم بمغادرة البلاد.

ونعهد من وثائق كثيرة حتى السلطات لم تحظر دائماً تنقّل الأندلسيين بين غرناطة وأرغون وقشتالة، ولم تكن تستطيع حتى تعمل شيئاً مثل هذا أصلا بالنظر إلى اشتغال الأندلسيين بالنقل خصوصاً على البغال والعربات الصغيرة، لذا لا يُستبعد نشوء عمليات هجرة داخلية محدودة في اتجاه أرغون بين الوقت والآخر تبعاً للظروف. وهناك سببان مهمان يمكن حتى يفسّرا جانباً من التباين الملفت في تقديرات عدد الأندلسيين في أي فترة من مراحل وجودهم في إسبانيا سنتناولهما بشيء من التفصيل في فصل ”تغريب الأندلسيين“. وحسبنا الإشارة هنا إلى أنهما يخصّان عدد الأندلسيين الذين سلبتهم السلطات حريتهم فصاروا عبيداً فخرجوا من دائرة الاحصاءات والتقديرات الرسمية ذات الغاية الضرائبية، وعدد الأندلسيين الذين تمكّنوا من الهجرة إلى الممالك الإسبانية في العالم الجديد بوسائل شتّى بينها تزوير الوثائق والأنساب وتستّر النبلاء والتجار الكبار على الأندلسيين. ويمكن الافتراض ان هؤلاء عملوا في حالات كثيرة بأجور تقل عن الأجور التي كان القشاتلة يتقاضونها نظراً إلى الأوضاع السلبية الخاصة التي كانوا يعيشونها. واشرنا في غير مكان إلى ان التقديرات الخاصة بعدد الأندلسيين في مملكة غرناطة بعد الثورة الأندلسية الأولى راوحت بين 200 ألف و500 ألف إنسان حتى بعد إخضاع هذه التقديرات إلى المعاملات المُساقة أعلاه (هجرة وتهريب واستعباد وغيره). وربما تعدّى عدد الأندلسيين الذين غرّبهم فيليب الثاني خلال الحرب الأندلسية الكبرى وبعدها 900 ألف شخص، يُضاف إليهم نحو20 ألف أندلسي وأندلسية استشهدوا في المعارك. ولا نعهد عدد الجرحى والسقمى والطاعنين في السن وغيرهم ممن لم تستطع السلطات ترحيلهم من مدينة غرناطة أومن مدن الجنوب وبلداته وقراه، ولا نعهد عدد النساء اللواتي بقين في مملكة غرناطة بعد نفي رجالهم وسبي أطفالهم لكن بعض التقديرات يشير إلى حتى عدد الأندلسيين الذين بقوا في مملكة غرناطة حتى بعد إتمام التغريب المزدوج يراوح بين 60 ألف إنسان و150 ألف شخص. ويبدوحتى الرقم الأدنى كبيراً بالنظر إلى اصرار السلطات على منع قيام ثورة أخرى في الجنوب مهما كان الثمن، وموافقة فيليب الثاني على انتنطق 50000 قشتالي لأخذ الأماكن التي أجلي الأندلسيون عنها.

لكن يجب الأخذ في الاعتبار طبيعة الانتاج الزراعي والصناعي وطرائقه في الجنوب التي حتّمت بقاء أعداد كافية من الأندلسيين لضمان استمراره. وأحد مسببات ذلك حتى القشاتلة تجنّبوا الأعمال اليدوية وافتقر عدد كبير ممن انتقلوا إلى الجنوب إلى المهارات اللازمة للتعامل مع ظروف تختلف عن تلك التي عهدوها سابقاً. وتطلّب العامل القشتالي الماهر أجراً يتناسب وخبرته وقشتاليته أيضاً مما كان سيحمل تكاليف الانتاج وسيقلص الأرباح التي كان يجنيها النبلاء والملاك الكبّار الذين وجدوا في الأندلسيين عمالة رخيصة قليلة الشكوى وكبيرة الانتاج. إلى غير ذلك نجد لدى استعراض الوضع الإقتصادي في غرناطة بعد الثورة الكبرى حتى اقتصاد المملكة تأثر كثيراً بتغريب الأندلسيين وقتلهم، إلا ان هذا التأثر لم يقترب من حد كارثي أوحتى الانهيار، وربما كان أحد أبرز مسببات ذلك بقاء العدد المُشار إليه في مناطق الإنتاج.

وبينما استمر عدد الأندلسيين في مملكة أرغون ينموفي العموم نمواً طبيعياً من إجمالي قُدّر في بداية القرن السادس عشر بحوالى 235000 إنسان ليصل إلى رقم محتمل هو400000 ألف، فإن عدد الأندلسيين الذين كانوا يعيشون في قشتالة في تلك الفترة ذاتها قُدّر بنحو200 ألف شخص، وربما وصل الى 400 ألف إنسان عام 1569 على اساس احتساب زيادة سنوية في عدد السكان بنسبة واحد في المئة ليتضاعف العدد مرتين جميع 70 سنة. وربما كان العدد يقترب من نصف مليون إذا أخذنا في الاعتبار سببين: الأول اشتهار الأندلسيين بكثرة الإنجاب وقلة الإنفاق، وهوموقف طبيعي لمن يعيش الأوضاع التي عهدها الأندلسيون، والثاني انضمام نحو90 ألف منفي إلى العدد الأصلي. ومع الاعتراف بوجود هامش كبير من الخطأ في هذه التقديرات، من الممكن كان ممكناً تقدير عدد الأندلسيين في جميع من أرغون وقشتالة ومملكة غرناطة بنحومليون إنسان على الأقل حتى بعد إخماد الثورة الأندلسية الكبرى على يد دون خوان النمسوي.


الأندلسيون في أرگون بعد الثورة الكبرى

لم يشهجر الأندلسيون بصفة مباشرة في الثورة الأندلسية الأولى ولا في الثورة الأندلسية الكبرى، ولم تنسحب عليهم بنود المراسيم التي أصدرها فيليب الثاني قبيل اندلاع الثورة أوخلالها وبعدها. ومدّ الأندلسيون الأرغونيون إخوانهم في غرناطة دائماً بالمتطوعين والمال والسلاح وأظهروا تعاطفاً معهم وغضباً على السلطة بسبب معاناتهم، لكن أي مشاركة مكشوفة كانت ستعرض مصالح الأندلسيين الأرغونيين إلى مخاطر عظيمة تهزّ مجتمعهم من أساساته.وشاع في المجتمعات الإسبانية في مملكة أرغون خلال الثورة الأندلسية الكبرى حتى الأندلسيين الأرغونيين بدأوا استعدادات واسعة النطاق لتنظيم انتفاضة مماثلة، ودخلوا فترة جمع الأسلحة والتدرّب على القتال، فسارع كثيرون من المسيحيين في أرغون إلى خطب ودّ الأندلسيين، وكان السعيد منهم وقتها من كان له صديق أندلسي.

ووراء هذه المخاوف ما يسوّغها إذ على الرغم من قلة عدد الأندلسيين الأرغونيين في المدن الأرغونية الرئيسية، باستثناء بلنسية ومرسيّة. وكانت الكثافة الأندلسية عالية في الأرياف، وربما اقتصر الوجود النصراني في قرى كثيرة على القسيس وخادمه فقط.ويبدوحتى جماعات من الأندلسيين الأرغونيين ظلت تحتفظ بأسلحة نارية. وحدث مرات عدّة حتى اتى عمّال محاكم التحقيق إلى قرية أندلسية فخرج إليهم الرجال بالسلاح والنساء بالعصي فانهزموا. ووعت السلطات الأرغونية حقيقة قوة الأندلسيين في تلك المملكة فعملت على عزل ما وقع في الجنوب عن الأندلسيين في أرغون وأبقت الأخبار سراً. أما السلطة في مدريد فقصرت المناطق التي نفت إليها الأندلسيين الغرناطيين على القشتالتين القديمة والجديدة وجليقية، وحظرت اختلاطهم أواتصالهم مع غيرهم من الأندلسيين من خلال فرض الإقامة الجبرية عليهم بموجب مرسوم فيليب الثاني، واخضاعهم إلى مراقبة دائمة من جانب السلطات والكنيسة والقشتاليين الذين حلّوا بينهم.


تصفية الثورة الأندلسية الكبرى

بدأت قوات دون خوان والمليشيات أعمالاً عسكرية محدودة استهدفت القرى الأندلسية المنعزلة عاد بعدها الجنود يحملون رؤوس القتلى الأندلسيين أوقضبانهم لاثبات موتهم. وبعدما تحسنت الروح المعنوية لتلك القوات وازدادت جرأتهم قاد دون خوان حملة ضد أججر Ugijar، الواقعة جنوب الطرف الشرقي من جبل شلير، على محورين، إلا حتى اندفاعة دوق سيسه كانت أقوى فاجتاح البلدة قبل انضمام دون خوان إليه. ووزع الأخير القوات والمليشيات بعد ذلك على أربعة جيوش فكان هوعلى رأس جيش من نحوخمسة آلاف جندي نظامي بمهمة إخضاع المناطق الواقعة شمال غرناطة، فيما تولّى ريكويسنس قيادة جيش آخر ينطلق من غرناطة لدخول جبل البشرات من الشمال. وفي الوقت نفسه تولّى دوق سيسه قيادة نحوأربعة آلاف من المجندين لقمع الثورة وسط الجبال، وتسلّم دوق أركوش قيادة الجيش الغربي لقمع الثورة في جبال رندة والاتجاه بعد ذلك إلى الثوار الذين احتموا في قمم الجبال العالية القريبة منها.

وفي بداية سبتمبر 1570 أمر فيليب الثاني ببدء الحملة فانطلقت الجيوش الأربعة إلى قطاعاتها المحددة رافعة شعاراً مشهوراً أطلقه دون خوان هو: ”لا رحمة ولا هوادة.“. وتصدى الأندلسيون للقوات القشتالية على المحاور الأربعة في الفترة الأوليّة لكنهم بدأوا التراجع بسرعة والالتاتى إلى المرتفعات. وعمل الجنود على حرق الغرس والشجر وإتلاف المحاصيل فقلّت الأرزاق والماء، وانشغلت مجموعات الثوار بمقاومة القوات جميع في قطاعها فانبترت الاتصالات وانفقد التنسيق بينها. وبعدما أتمّ دون خوان اخضاع المناطق في قطاعه لاحق الأندلسيين في الكهوف والمغاور العالية. وكان الجنود يحاصرون المغاور ويشعلون الأغصان الخضراء في المداخل فربما اختنق المحاصرون وربما خرجوا فتلقفهم رصاص البنادق. ولا نعهد الكثير عن تفاصيل الحملتين اللتين قادهما ريكويسنس ودوق سيسه، لكن دوق أركوش ولج قطاعه في منتصف أيلول تقريباً وتوغل في جبال غربيّة الأندلس حتى اصطدم بتجمع كبير للثوار قرب قلعة اللوز في الجبل الأحمر Sierra Bermeja ودارت معركة عنيفة انتهت بفوز قوات الدوق وفقد الثوار توازنهم واختلت صفوفهم وتبعثرت جهودهم فانسحبوا في الجملة إلى أعالي الجبال.

ودبّ الخلاف في صفوف قادة الأندلسيين بعد تلك الهزائم وانقسمت الآراء وربما اعتبر بعضهم موقف ابن أميّة سبباً في نكبتهم فقاموا عليه وقتلوه وسلّموا زمام أمرهم إلى زعيم آخر نعهده باسم عبدالله بن أبيه أوAbén Aboo بالقشتالية. وحاول عبدالله إعادة تنظيم قواته فلم يُتح له الوقت فهرب مع جماعته وحُوصر مع نفر منهم في كهف قرب بلدة برشل. وتمكن عبدالله من الفرار بعد ذلك لكن 70 أندلسياً ظلوا في الكهف وماتوا اختناقاً بالدخان من بينهم زوجة عبدالله وابنتاه. وبحلول منتصف تشرين الأول (اكتوبر) كانت الجيوش الإسبانية الأربعة أنهت مهمتها العسكرية وبدأت ملاحقة الأندلسيين بلا استثناء أينما وجدوا. وتسابق الجنود والمليشيات على اصطياد الأندلسيين وكان أجر جميع من أحضر منهم رأس أندلسي أوقضيبه 20 دوقة.

وفي التاسع عشر من تشرين الأول أسبغ فيليب الثاني الشرعية على عمليات الانتقام الواسعة النطاق في الجنوب فأتاح لجنوده السبي والنهب بمرسوم ملكي وحمل رواتبهم. وحان بعد توقف القتال وقت استرداد نفقات الحملات فأصدر الملك فيليب الثاني في الثامن والعشرين من الشهر ذاته مرسوماًًً آخر وجّه فيه بترحيل الأندلسيين المدنيين من الجنوب إلى قشتالة ومصادرة جميع ممتلكاتهم. ورحل دون خوان في اليوم التالي بعدما عيّن دوق أركوش حاكماً عسكريا في غرناطة وأوكل إليه مهمة إنهاء الوجود الأندلسي في الجنوب، وكر إلى مدريد حيث استقبله الإسبان استقبال الأبطال الفاتحين.

وبعد تلك المذبحة المروّعة قدّمت السلطات آلاف الأندلسيين إلى المحكمة العليا التي رأسها بدرودي ديثا فأعدمت قسماً وسجنت قسماً آخر وحرمت آخرين الحريّة فصاروا عبيداً في قشتالة وانتقلت جماعات منهم إلى العالم الجديد. وبحثت السلطات عن آخر زعماء مملكة غرناطة دهراً لكنها لم تجده. وفي آذار (مارس) 1571 كشف أحد اتباع عبدالله للسلطات مكان زعيمه، طمعاً بالسلامة كما يبدو، وانطلق الجنود إليه لكن أحد جماعته استعجلهم فبادر بقتله. وخرج المنادون إلى سكان غرناطة القشاتلة يهنئون بقتل الزعيم الأندلسي فاحتشدوا على بوابتها واتى الجنود بجثمان عبدالله ابن أبيه موثوقاً إلى إطار خشبي على ظهر بغل فطافوا به المدينة ثم بتروا رأسه. وتكاثر القشاتلة على الجثمان فشوهوه وحرقوه. أما رأس الزعيم عبدالله فوضع في قفص عُلق على باب البشرات في مدينة غرناطة وكُتب عليه: ”هذا رأس الخائن عبدالله ابن ابيه. ليمتنع الجميع عن إنزاله تحت عقوبة الإعدام.“

وبنهاية الثورة كان معظم الأندلسيين الذين عاشوا في الجنوب مغرّبين أوسجناء أوعبيداً أوأسرى و”صُبغت تلك الأشهر بنهر أحمر قان من الدماء. كان شعار دون خوان: لا رحمة لا هوادة، فذُبح الرجال والنساء والأطفال بأمره وأمام ناظريه، وتحوّلت قرى البشرات الى مسلخ بشري. أما القائد الاعلى ريكويسنس فتمكّن من اخماد آخر جذوات الثورة قبل الخامس من تشرين الثاني 1570 ورتب سلسلة منظمة من الذبح الجماعي والتدمير الكامل وإحراق القرى عن آخرها وخنق الناس بالدخان في الكهوف حيث لاذوا. وتم أخيراً اخضاع الموريسكيين لكن على حساب إسبانيا المسيحية وسمعتها ومستقبلها«.19 وأضحت غرناطة بعد ذلك »مسرحاً للاعدامات شبه اليومية. فبعد أسر الثائرين التعساء كانوا يُجبرون على المثول أمام محكمة دي ديثا، فيصدر عليهم الحكم على الفور بالخدمة في القواديس أوالشنق، أوبنهاية أكثر إرهاباً عن طريق تقطيع أجسادهم بكماّشات ُتحمّى حتى يصبح لونها كالجمر.“

واحتمت جماعات من الأندلسيين بالمرتفعات والمناطق الوعرة التي لم تستطع القوات القشتالية الوصول إليها، وبدأت شنّ هجمات متفرقة على مراكز القوات القشتالية حتى نهاية شهر أيار (مايو) من 1571. وأمر الحاكم العسكري الجديد بتشييد 84 منبراً عسكرياً بينها 29 منبراً في جبل البشرات ووادي القرن Lecrin، كما شدّد الحراسات على مداخل المدن. ولم تشأ السلطات استمرار الوجود العسكري خلال الشتاء فعرضت على بقايا الثوار وعيالهم الاستسلام لقاء تأمين أنفسهم وعيالهم فقبل كثيرون العرض. وبانتصاف عام 1571 انطفأت شعلة الثورة التي استشهد فيها نحو20.000 أندلسي وأندلسية، وربما كان عدد جرحاها ثلاثة أضعاف هذا الرقم على الأقل، فيما طاولت الإعدامات والاستعباد والشغل في السفن الإسبانية في أعالي البحار عشرات الألوف.


انظر أيضاً

  • ثورة المدخر Revolta mudèjar
  • تمرد إسپادرون Rebelión de Espadán
  • طرد المورسكو
  • ثورة الإخوة Revolt of the Brotherhoods
  • حروب المقاومة الأندلسية

المصادر

  1. ^ الثورة الأندلسية الكبرى على الأمبراطورية الأسبانية، منتديات كورة
  • ويكيبيديا
  • Kaplan, Benjamin J., Religious Conflict and the Practice of Toleration in Early Modern Europe, Harvard University Press, 2007, pp. 310-311.
  • Zagorin, Perez, Rebels and rulers, 1500-1660, Cambridge ; New York : Cambridge University Press, 1982, pp. 13-15.
تاريخ النشر: 2020-06-04 18:47:15
التصنيفات: نزاعات 1568, تأسيسات 1571, انحلالات 1571, تمردات اسبانية, تمردات القرن 16, ثورات القرن 16, تاريخ إسلامي, تاريخ الأندلس, 1568 في اسبانيا, 1569 في اسبانيا, 1570 في اسبانيا, 1571 في اسبانيا, ثورات عقد 1560, ثورات عقد 1570

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

محمد عبد المنصف يعلن اعتزاله كرة القدم بعد لقاء الزمالك.. رسميا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:42
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 45%

950 ألف حادثة سير في ألمانيا في أول خمسة شهور في 2022

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:23:01
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

جمهور الزمالك يكرم محمد عبد المنصف وشيكابالا يهديه "قميصه".. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:46
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 37%

الذهبي.. 6 بطولات تزين مشوار أحمد سيد زيزو مع الزمالك "إنفوجراف"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:39
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 41%

17 لقبا تزين مشوار شيكابالا مع الزمالك.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:41
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 37%

الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم منشآت مدنية في أغرا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:23:30
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

تليسكوب جيمس ويب يلتقط صورا للشفق القطبى لكوكب المشترى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:47
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 38%

10 أندية فى قائمة الضحايا المفضلين لـ محمد صلاح.. مان يونايتد يتصدر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:36
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 38%

شيكابالا يحتفل بلقب الدورى مع ابنه آدم.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:44
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 49%

خدمة وشوشة: "أنا وخطيبتى لم نتجاوز تجاربنا العاطفية السابقة"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:48
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 40%

لافروف: روسيا وسوريا تعدان حزمة من الوثائق الثنائية لتوقيعها

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:23:26
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 64%

موسكو تتهم الأمم المتحدة مجددًا بعرقلة إرسال خبراء نوويين إل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:23:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

مجلس القضاء الأعلى بلبنان يتبنى مطالب القضاة ويؤيد الاعتكاف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

الكاظمي: القوات العراقية لن تنجر إلى الصراعات السياسية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:23:05
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

شيكابالا يرقص فرحاً بدرع الدورى.. فيديو وصور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:22:37
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 39%

واشنطن: سجل أوكرانيا النووي كان ناصعا قبل استيلاء روسيا على

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-24 00:23:14
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

تحميل تطبيق المنصة العربية